المقالات

07

مايو | 2023
183

في موسم عاشوراء

في موسم عاشوراء

في موسم عاشوراء ..... أمور لابد من التأكيد عليها

في موسم عاشوراء ... أمور لابد من التأكيد عليها

 

تطل علينا ذكرى عاشوراء الحسين(ع) وهناك بعض الملاحظات لابد من الإشارة إليها:

 
1. استشعار حرمة عاشوراء:
المؤمن الحقيقي و الواقعي يخيم عليه جو من الحزن والكآبة إذا أطل عليه هلال شهر محرم، ويستشعر أن هذه الأيام تختلف عن بقية أيام السنة لعظمة ما جرى على سبط رسول الله (ص) وفلذة كبده، تلك المصيبة التي هزت الأركان وأقرحت الجفون ولن تمحى من الذاكرة ما مرت السنون.
استشعار هذه الحرمة كانت من السمات البارزة لدى آبائنا في الزمن الماضي، فتراهم يقفلون التلفاز عن الأطفال في عشرة محرم، ويلبسونهم السواد، ويِعطلون الأفراح ومظاهرها بحيث يستشعر الطفل عظمة هذه العشرة، ويشعر أن ايامها تختلف عن بقية الأيام، لكن للأسف الشديد في هذه الأيام بدأت تضعف هذه الظاهرة شيئا فشيئا- وإن كان البعض لا يزال محافظا عليها-، فترى بعض الآباء يطلقون العنان لأبنائهم لمشاهدة التلفزيون والفضائيات والدخول على شبكة الإنترنت وإقامة السهرات من دون أن يسألوهم عن حضور مجالس العزاء والمواكب الحسينية. إنني لا أقول فلنعد الى الماضي ونترك التلفزيون والراديو ونتجنب سماع الأخبار و نبقى بمعزل عن العالم و ننطوي على أنفسنا للبكاء على الحسين(ع)، و إنما أقول ينبغي أن لا تشغلنا تلك الأمور عن استشعار حرمة عشرة أبي عبد الله الحسين(ع)، فاستشعار حرمة هذه الفاجعة من السمات البارزة في حياة أئمتنا الأطهار، وكانوا يأمرون شيعتهم ويشعرونهم حرمتها، ففي الرواية عن الإمام الرضا(ع) أنه قال: (فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام ، ثم قال(ع): كان أبي (ع) إذا دخل شهر المحرم لا يُرى ضاحكا، و كانت الكآبة تغلب عليه حتى تمضي عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين(ع)) [1]
لاحظ الوصف الدقيق الذي وصف به الإمام الرضا(ع) أباه، فهل نحن كذلك؟ أنت أبصر بنفسك.


 2. حضور المجاس الحسينية والمواكب:
بعض الشباب في هذه الأيام عزف عن حضور المجالس الحسينية، والأسباب كثيرة؛ فبعضهم يقول إنني أحب حضور المواكب الحسينية وأما المجالس فمزاجي لا يتحملها، وبعضهم يقول إن بعض الخطباء لا يؤدي الدور المناسب، ولذلك فمن الأفضل أن أجلس في البيت لكي أستمع إلى بعض الفضائيات التي تبث خطب الشيخ الوائلي(رحمه الله) وغيره من الخطباء المعروفين، أو أستمع الى الراديو أو بعض الاشرطة التي تحوي خطب الخطباء الكبار لكي أستفيد، هكذا يدعي بعضهم.

وعلى كل حال؛ صحيح أنه في بعض المجالس المقامة لا تجد الخطيب يؤدي الغرض المطلوب، إلا أن في حضور هذه المجالس عدة فوائد:

منها ملاقاة الأهل والجيران وأهل المنطقة، مما يترتب على ذلك العديد من الفوائد الاجتماعية.

ومنها أنك حينما تستمع إلى الشريط تستقبل فقط، ولا تقوم بالأخذ والرد والمناقشة، إلا أن في حضور المأتم يوجد أخذ وردّ، فبإمكانك المناقشة والنقد.

ومنها - وهو أهمها - أن الوارد في الروايات إقامة المجالس الحسينية، ومن يحضر المأتم يصدق عليه أنه أقام المأتم على الحسين(ع) وبكى عليه، فينال ثواب ذلك المجلس، ففي الرواية عن الإمام الصادق(ع): (من أنشد في الحسين بيتا من شعر، فبكى وأبكى عشره، فله ولهم الجنة) [2]
لاحظ الرواية، فإنها قد جعلت الجنة جزاء من بكى وأبكى بواسطة بيت شعر على الحسين(ع)، إنها تحث على الإنشاد في الحسين وذكر مصيبته.


3. فضل البكاء على الحسين(ع):
دأَب آباؤنا على البكاء على الحسين (ع)، ومن خصال الموالي الحقيقي البكاء على سيد الشهداء، إلا أن هذه الظاهرة بدأت تتلاشى، واقتصرت على كبار السن في بعض المناطق حتى أن البكاء بدأ ينحسر شيئا فشئيا كلما ارتحل واحد من كبار السن في تلك المناطق، ومن المؤسف أن البعض يُعلل امتناعه عن البكاء بأنه رجل وليس امرأة، وليس من شيم الرجال البكاء؛ بل وجدنا البعض يعيب البعض الآخر إذا بكى. والحال أن الروايات تأمر بالبكاء على الحسين(ع)، وتجعل الجنة ثوابا لمن بكاه، فهذا البكاء ليس حالة عاطفية محضة، وإنما تمتزج الدمعة بالفكرة... إنها بكاء على رزية الحسين، ومواساة لأهل بيت العصمة والطهارة، فقد جاء في الرواية عن إمامنا زين العابدين(ع) أنه قال: (أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين(ع) حتى تسيل على خده، بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا) [3]
لاحظ عظمة تلك الدمعة التي تسيل على خد المؤمن لقتل الحسين(ع)، ولذلك فإن المجتمعات الإيمانية تفتخر بوجود البكائين على الحسين فيها.

جعلنا الله وإياكم ممن واسى رسول الله وأهل بيته في سبطه الحسين(ع)، وحشرنا الله وإياكم في زمرة سيد شباب أهل الجنة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد واله الطاهرين.

المصادر:
[1]  ميزان الحكمة، ج6، ص2630، ح 13012.
 [2] ميزان الحكمة، ج6، ص 2632، ح 13020.
[3]  ميزان الحكمة، ج6، ص 2631، ح 13016.