المقالات

07

مايو | 2023
288

الثقافة الرسالية

الثقافة الرسالية

الثقافة الرسالية

إن مسيرة كل إنسان في الحياة لابد أن تنطلق من منطلقات، ومن هنا يمكن تصنيف بني الإنسانية إلى صنفين:

الصنف الأول: ينطلق في جميع شؤون حياته من منطلق فردي وشخصي، فهو يُسخّر كافة شؤونه من أجل خدمة مصالحه الشخصية من دون العناية بمصالح الآخرين، إنّه يسخّر ذكاءه، قوّته الجسدية، طاقاته الفكرية، أسرته، محيطه، علاقاته الاجتماعية، ثروته، عمله... كل ذلك إنما يسخّره لخدمة مصالحه الشخصية، فهو يتعامل مع الناس ويتبادل معهم الخدمات والمنافع إلا أنّ منطلقه في تلك المعاملات هو إشباع الرغبات الشخصية والمصالح الذاتية.

الصنف الثاني: ينطلق في كافة شؤون حياته من أجل مصالح الآخرين وهمومهم وآلامهم ناسياً آلامه الشخصية ومُدرجاً لها ضمن آلام الأمة العامة، فهو يُسخّر ذكاءه وطاقاته الفكرية والجسدية وثروته وكافة ما يتعلق به لخدمة مصالح الأمة، إنه يجعل من حياته الشخصية مشروعاً ضخماً تنهل الأمة من نبوغه.

ومن هنا؛ فإنّ كلا الصنفين يبدأ حياته منذ انعقاد النطفة في الرحم؛ إلا أن الصنف الأول تنهى حياته عندما يوضع في قبره ولم يترك في حياة الأمة شيئاً إن لم يترك ما يسيء إليها.

أما الصنف الثاني، فإن جسمه وإن غُيّب تحت الثرى عند الموت إلا أن حياته وآثاره الخيّرة تظل في ضمير الأمة، وتبقى حياته نابضة فيهم.

إن الصنف الأول أقرب إلى الاستبداد والتسلط وظلم الآخرين، وهو بعيد كل البعد عن نيل الشهادة في سبيل الله؛ لأنه لا يفكر إلا في نفسه.

أما الصنف الثاني، فهو رسالي بكل معنى الكلمة، وهو مستعد في كل لحظة لتقديم نفسه في سبيل الله، إنّه الشهيد الحي الذي يمشى على الأرض ويغمر الأمة بعطائه في حياته وبعد مماته؛ لأنّ حياته لا حدود لها لأنها المشروع الكبير الذي لا تزال الأمة تنهل منه في مختلف الظروف. هكذا تصنع الثقافة الرسالية.

1

تعليق

علی جواهری

13

2023 | مايو

سلام علیکم خیلی سایت قشنگ و خوبی دارید، دستشون درد نکنه D: