المحاضرات

خصائص الشهيد الشيخ نمر النمر

25

سبتمبر | 2023
137

خصائص الشهيد الشيخ نمر النمر

خصائص الشهيد الشيخ نمر النمر

┈┈┈••❁✿❁◆●••┈┈┈

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي اللعين الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم وخطابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم (من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبة ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

نلتقي في الذكرى السنوية السابعة لشهادة شيخنا الكريم الشيخ نمر باقر النمر ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ تلتقي هذه الذكرى مع ذكرى شهادة فخر الإسلام الخالد الحاج القائد الشهيد قاسم سليماني والشهيد القائد أبو مهدي المهندس وكوكبة من قوافل الشهداء ممن مضوا إلى الله تبارك وتعالى ورسموا خطّ الشهادة في عصرنا الحاضر ورسموا معالم هذا الطريق في زماننا المعاصر.

لقد تميز الشهيد السعيد الشيخ نمر النمر بعدة خصائص:

الخصيصة الأولى الصدق مع الله، فلقد تميز الشيخ نمر النمر بصدق اللهجة يقول سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد (ما أقلت الغبراء بذي لهجة أصدق من أبي ذر) أبو ذر الغفاري كان معروفاً بصدق اللهجة لا تأخذه في الله لومة لائم وهكذا تميز شهيدنا الغالي الشيخ نمر النمر كان لا تأخذه في الله لومة لائم.

أتذكر كان أحد أصدقائي مولع بالمرجع الديني آية الله العظمى الشيخ بهجت ـ رحمه الله ـ كان الشيخ بهجت يمشي في أزقت قم وتمشي معه ثلة من المحبين.

قلت لزميلي ما الذي أعجبك في الشيخ بهجت؟

قال صدقه مع الله حينما انظر إليه أدرك بكل كياني وكل وجداني أنه صادق مع الله.

بعض الأشخاص يتكلم عن الله وفي الله ولكن تحوم حول كلماته الكثير من المصالح يمطط الدين يجعل الدين مطاطي وفقاً لمصالحه ومآربة الخاصة ومصالحة السياسية وفقاً لماله وفقاً لمصالحه يحور الدين ويحور الاتجاه حيثما دار لكن الشيخ نمر باقر النمر لم يكن من هذا الصنف، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) إنه من جملة الصادقين وما أحوجنا إلى الصادقين في عصرنا الحاضر؟!

المثال البارز لصدق اللهجة المثال البارز لصدق مع الله في زماننا الحاضر هو الشهيد القائد الشيخ نمر باقر النمر ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ .

الخصيصة الثانية العزة والكرامة انظروا إلى هذه الكلمات التي كتبت ولكنه حينما قالها كان يعيشها بكل وجدانه يقول (لن تنتهي هذه الحياة بموت الإنسان تبدأ الحياة الحقيقة بموته إما أن نعيش على هذه الأرض أحرار أو نموت في باطنها أبرار) هكذا كان يصرخ الشهيد القائد نمر النمر ـ قدس الله نفسه الزكية ـ خطابه خطاب العزة خطاب الكرامة.

في مكان وفي زمن كان يصعب على الإنسان أن يتفوه بخطاب العزة والكرامة أمام ظالم جبار إنه مصداق بارز لقول النبي الخاتم أبو القاسم محمد (إن من أعظم الجهاد عند الله كلمة حقّ عند سلطان جائر) الشهيد النمر كان يعي ما يقول وكان مدركاً لعاقبته وآثرأن يبقى على خطاب العزة والكرامة وهو في سجنه حتى في آخر اللحظات طلبوا من عائلته طلبوا منه الاعتذار فلم يعتذر.. طلبوا أيضاً من عائلته أن يقدموا اعتذاراً فلم يقبل هو قال أنا المعنى هذا الشيء لا يخصكم المصير مصيري أنا مقبل على الموت لا تعتذروا، آثر أن يرسم معالم الطريق في هذا الزمن الغابر.

إذاً الشهيد نمر باقر النمر شهيد العزة شهيد الكرامة.

أتذكر يوم شهادة تعرفون هناك أناس شجعان وأناس جبناء في اليوم الذي استشهد ذاك اليوم رأيت شخص جبان يخاف من ظله قلت ـ سبحان الله ـ هذا الآن ماذا سيقول عن الشيخ النمر؟! قد يقول إن هذا انتحر أو جازف أو غامر.

ولكني قد رأيت العجب العجاب ذلك الجبان الذي يخاف من ظله قال لي شيخنا مضى عزيزاً رضوان الله عليه آثر أن يبقى عزيزاً وصاحب كرامة إلى آخر نفس من أنفاسه.

إذاً هذا الشهيد أراد أن يرسم معالم العزة معالم الكرامة في زماننا الحاضر.

الخصيصة الثالثة التواضع وهذه صفة واضحة في محياه شديد التواضع كما يوصف أمير المؤمنين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ يصف ضرار بن أبي ضمره (كان فينا كأحدها يجيبنا إذا سألناه) الشيخ نمر النمر كان معروف بالتواضع يعيش مع عموم الناس من دون أي حواجز وما أحوجنا إلى هذه الخصيصة.

الخصيصة الرابعة خدمة الناس، كثير من الناس حينما يصل إلى مواقع قيادية ورئاسية سواء كان سياسياً أو عالم دين أو ناشط اجتماعي مع مرور الزمن تبدأ الحواجز بينه وبين الأمة بينه وبين الجمهور وقد ينغلق في برجه العاجي ولا يستطيع قراءة المشهد السياسي قراءة دقيقة وعميقة.

الشهيد نمر النمر بقي مع جمهوره إلى آخر اللحظات حتى أطلق عليه الرصاص وهو في المظاهرة، الشهيد النمر من النماذج التي واصلت وتواصلت مع جمهورها ولم تنقطع عنه أبداً.

وهذه سمة مهمة في الرواية (خصلتان تجلبان المحبة التواضع وقضاء حوائج الناس) الشهيد النمر مثالٌ بارز لهاتين الخصيصتين: التواضع وقضاء حوائج الناس.

الخصيصة الخامسة التي اختم بها الإيثار والتخطيط للشهادة.

هناك من ينتظر الشهادة وهناك من يسعى للشهادة، هناك من يطلب من الله الشهادة ويطلب من المؤمنين أن يوفق للشهادة وهناك من يخطط في حياته لأن يكون شهيداً في المستقبل هكذا كان الشهيد نمر النمر هكذا كان الشهيد القائد قاسم سليماني هكذا كان الشهيد القائد أبو مهدي المهندس.

هناك كتاب طبع للشهيد الصدر عبارة عن محاضرة للشهيد السعيد محمد باقر الصدر كيف خطط الحسين ـ عليه السلام ـ لشهادته؟

الإمام الحسين لم ينتظر الشهادة تأتي إليه وإنما خطط للوصول إلى الشهادة وهكذا شهيد العصر السيد محمد باقر الصدر خطط للوصول إلى الشهادة كان يقول الشهيد القائد قاسم سليماني إذا أردت أن تعرف الشهيد فمحياه وسماته واضحه من خلال سيره على درب الشهداء تخطيطه في حياته ليصل إلى مقام الشهادة وهكذا وصل إليها الشهيد نمر النمر.

هناك خاطرة وقصة تنقل في عراقنا الجريح في الانتفاضة الشعبانية حينما سقطت أغلب المحافظات في العراق الحبيب وضعف نظام صدام حسين المقبور إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية دعمت نظام صدام حسين فأخذ يقصف الشعب العراقي بالمروحيات وجاء حسين كامل وهو صهر الرئيس السابق وطوق كربلاء واعتقل مجموعة بين النجف وكربلاء وأراد أن يختبرهم ويمتحنهم.

قال من يريد أن يكون مع الرئيس صدام حسين يأتي إلى هنا ومن أراد أن يكون مع الحسين بن علي يأتي إلى هنا.

أحد الموالين والمحبين قال (أنا مع الحسين) فجاء إلى هذه النقطة.

فقبل أن يصل إليها رموه بالرصاص واستشهد ـ رضوان الله عليه ـ .

ثم صرخ حسين كامل بعد من مع الحسين بن علي؟!

وإذا بشخص ثاني يقول أنا أيضاً مع الحسين بن علي فتقدم ورموه بالرصاص قبل أن يصل إلى الشهيد الأول.

هنا حسين كامل استشعر الخطر إذا كل الجماعة يأتون مع الحسين بن علي ويقتلوا وما أحد يروح مع الرئيس المقبور صدام حسين تصبح إهانة فأراد أن ينهي الموضوع فسبهم وقال لهم انصرفوا.

يقول أحدهم رأيت الحسين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وقد جاء على فرس وقال خذوا الشهيد الأول وادفنوه مع أنصاري وأما الشهيد الثاني فضعوه على قربوس فرسي هذا ادفنه معي في قبري.

قيل له يا أبا عبد الله الشهيد الأول كان سباقاً إلى المعروف هو الذي فتح خطّ الشهادة فلما لا يكون الشهيد الأول معك في قبرك وإنما يكون مع أنصارك بينما الشهيد الثاني يكون معك في قبرك؟!

هذا على ما في الرؤية والرؤية ليست حجة ولكن قد يفهم منها بعض الأمور.

فقال أبو عبد الله الحسين ـ عليه السلام ـ (الشهيد الأول حينما مضى إلى شهادته لم يكن على يقين من استشهاده) ما كان يجزم أن حسين كامل يقتله بخلاف الشهيد الثاني (الشهيد الثاني حينما تحرك كان على يقين بأنه سيقتل لذلك أضعه معي في قبري).

الشهيد نمر باقر النمر حينما تحرك كان على يقينٍ من أنه سيقتل وتقدم لأنه يدرك أن لدمه الزاكي سيكون له أثر على امتداد عامود الزمان.

وهذه مشكلة الكثير من الظلمة لا يقرؤون التاريخ من لا يقرأ التاريخ لا يفهم السياسة كل حاكم أوغل في دماء شعبه فإن هذه الدماء قد عجلت في زوال حكمه.

حينما دخل هولاكو العراق وأسقط الدولة العباسية وجاء بالعلماء والأعيان ومن ضمنهم السيد ابن طاووس ـ رضوان الله عليه ـ توجه هولاكو إلى السيد ابن طاووس والعلماء قال (أيهما أفضل الحاكم المسلم الظالم أو الحاكم الكافر العادل؟!) فساد الصمت إلى أن قطع جدار الصمت قول المرحوم السيد ـ رضوان الله عليه ـ قال:

(الحاكم الكافر العادل أفضل من الحاكم المسلم الظالم لأن كفر الحاكم يعود إلى نفسه وعدله يعود إلى غيره وأما إسلام الحاكم الظالم فإسلامه يعود إلى نفسه وظلمه يعود إلى غيره).

القذافي سقط نظامه حينما قصف شعبه بالطائرات وصدام حسين ـ أذله الله ـ وسقط نظامه حينما حارب شعبه وقتل شعبه، وهكذا علي عبد الله صالح سقط نظامه حينما قتل شعبه وأوغل في الدماء.

قد يتصور أن هذا قتل وأنه من الناحية الأمنية قد سيطر هذا غير صحيح مثال حال الشهيد نمر باقر النمر...

أنا من ترابٍ وماء خذوا حذركم أيها السابلة

خطاكم على جثتي نازلة

وصمتي سخاء

لأن التراب صميم البقاء

وإن الخطى زائله

ولكن إذا ما حبستم بصدري الهواء

سلوا الأرض عن مبدأ الزلزلة

سلوا عن جنوني ضمير الشتاء

أنا الغيمة المثقلة

إذا أجهشت في البكاء

فإن الصواعق في دمعها مرسلة

نعم إنني أنحني فاشهدوا ذلتي الباسلة

فلا تنحتني الشمس إلا لتبلغ قلب السماء

ولا تنتحني السنبلة إذا لم تكن مثقلة

ولكنها ساعة الانحناء تواري بذور البقاء

فتخفي برحم الثرى ثورة مقبلة

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته