المحاضرات

أبرز خصائص شخصية الإمام الخميني (رضوان الله عليه)

25

سبتمبر | 2023
177

أبرز خصائص شخصية الإمام الخميني (رضوان الله عليه)

محاضرة سماحة الشيخ عبدالله الدقاق في جمع من العلماء الأعلام والطلاب الكرام من منطقة بلتستان من باكستان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

محاضرة دينية

 

المحاضر: الشيخ عبد الله الدقاق

العنوان: أبرز خصائص الإمام الخميني (رض)

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم وخطابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

أرحب بهذه الوجوه الطيبة العلماء الأعلام والطلاب الكرام من منطقة بلتستان من باكستان زاد الله في توفيقكم ونفع الله المؤمنين بعلمكم وجدكم وجهادكم.

نجتمع في هذه الليلة لإحياء الذكرى الرابعة والثلاثين لرحيل أبي الفتوح الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ وبهذه المناسبة نلتقي مع رجل صدق مع الله ووهب كل وجوده لله فأجرى الله عزّ وجل ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ونفع به الأمة، فما هي أبرز خصائص الإمام الخميني؟

الإمام الخميني كما يقول بعضهم: <هو فوق الفقهاء ودون الأئمة> رجل عظيم نموذج متميز ينبغي أن يتخذ نموذجاً بارزاً لجميع العلماء والثوار والأحرار في العالم فما هي أبرز خصائص الإمام الخميني؟

نحن في الباكستان أو في البحرين أو في العراق أو في مختلف البلدان إذا أردنا أن نقود الأمة واتخذنا الإمام الخميني أسوة لنا وقدوة لنا فينبغي أن نعرف أهم خصائص الإمام الخميني، فما هي أبرز وأهم سمات الإمام الخميني؟

الخصيصة الأولى الفراسة وبعد النظر، أي أن الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ كان يمتلك عقلاً استراتيجياً ينظر إلى البعيد.

في يوم من الأيام جاء سماحة الشيخ محمد جواد مغنية ـ رضوان الله عليه ـ وعنده عريضة ودار على فقهاء ومراجع النجف الأشرف يريد أن يبني جامعاً ومسجداً للشيعة في لبنان فذهب إلى هذا العالم وهذا المرجع وأعطاه تبرعات لكن حينما جاء إلى الإمام الخميني، قال: <نه اول شاه>، قال: أنا الآن لا ادفع أول أسقط الشاة.

قال البعض: لعل هذا الرجل عنده عقدة نفسية من شاه إيران ما دخل شاه إيران ببناء جامع ومسجد للشيعة، دارت الأيام وإذا بالإمام الخميني يسقط الشاة ويؤسس الجمهورية الإسلامية ويدعم شيعة لبنان بعشرات الجوامع والمساجد، قال: هذا الرجل نظر بعيد أنا كان أفقي ونظري مسجد وإذا وسعنا جامع هذا نظره بعيد.

اضرب لكم مثال آخر:

في يوم من الأيام جاء المرحوم السيد علي الشاهرودي نجل المرجع الكبير السيد محمود الشاهرودي كانوا المراجع الكبار آنذاك السيد الخوئي، السيد محسن الحكيم، السيد محمود الشاهرودي، السيد علي التبريزي، في ذلك الوقت في النجف ثم الإمام الخميني حل ضيفاً على النجف الأشرف.

في ذلك الوقت أخذ صدام بتهجير الإيرانيين من العراق والنجف عمليات هجرة جاء السيد علي الشاهرودي إلى السيد أبو القاسم الخوئي ـ رضوان الله عليه ـ قال له: نحن نريد نعمل عريضة هذه العريضة اعتراض من المراجع إلى الرئاسة العراقية ونسلم هذه العريضة إلى خير الله طلفاح وخير الله طلفاح يصير خال صدام حسين، صدام حسين آنذاك كان نائب رئيس الجمهورية.

فيقول: هذه العريضة يوقعون عليها المراجع ثم تسلم إلى خير الله طلفاح، خير الله طلفاح يسلمها إلى صدام حسين، صدام حسين يسلمها إلى الرئيس العراقي آنذاك محمد حسن البكا.

السيد الخوئي قال للسيد علي الشاهرودي يصير عم سيد محمود الهاشمي الشاهرودي، السيد محمود الهاشمي يصير زوج بنت السيد علي الشاهرودي ـ رحمة الله عليهم ـ .

السيد الخوئي قال للسيد علي الشاهرودي: أنا توقيعي محرز ولكن لا أريد أن يكون توقيعي في بداية التوقيعات، اذهب إلى المراجع أنا توقيعي مضمون، وبعد ذلك أنا أوقع رقم اثنين ثلاثة أربعة لكن توقيعي مضمون.

يقول السيد علي الشاهرودي: ذهبت إلى الإمام الخميني، قلت له سيدنا هذه عريضة نريدك توقع، قال: نه، أنا لا أوقع.

كيف ما توقع سيدنا؟ النظام العراقي يهجر الإيرانيين.

قال: هذا تنزيل للمرجعية، كيف يعني؟ مجموعة المراجع يتوسطون عد خال صدام وخال صدام يتوسط عند رئيس الجمهورية أنا أرسل برقية أخاطب الرئيس مباشرة، المرجعية فوق الرئاسة.

يقول السيد علي الشاهرودي: لم أستطع أن أقنع الإمام الخميني، فذهبت إلى السيد الخوئي قلت له: سيدنا مرجع مرجعين وقعوا تفضل وقع.

قال: نه أنا لا أوقع.

قال: كيف ما توقع؟!

قال: أنا لا أوقع.

قال: أنت مو رجال؟ ما عندك كلمة رجل؟ أنت أعطيتني كلمة أن توقع لم لا توقع؟

قال السيد الخوئي: أنا في كل يوم رجل.

فقال السيد علي الشاهرودي ـ رحمة الله عليه ـ للسيد الخوئي هذا ليس منك هذا من روح الله الموسوي الخميني هذا من تأثير الخميني.

قال: بله بله.

قال: أنت مرجع لست مقلداً أنت مرجع كيف تقلد الخميني؟!

فقال السيد الخوئي: بله بله من در اين مسأله مقلدم مقلد روح الله الموسوى الخميني هستم.

كان ينظر بنور الله <اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله كما ورد في الرواية>.

يوم من الأيام التقيت أحد الإخوة العراقيين هذا رأى جميع المراجع عاش معاهم عاش مع مراجع العلماء رأى الكثير حتى صدام حسين رآه رأى الجميع.

قلت له: أنا ساذكر لك اسم المرجع واذكر لي أبرز صفة فيه بحيث أنت إذا جلست مع هذا المرجع هذه الصفة واضحة يعني مثلاً الإمام الخميني فيه عدة صفات: فقيه، أصولي، فيلسوف، عارف، شاعر، سياسي، لو سألك سائل ما هي أبرز صفة الإمام الخميني هذا مهم.

قلت له: أنا سأذكر اسم المرجع واذكر لي أبرز صفة فيه وأهم صفة وسمة واضحة.

قلت له: السيد أبو القاسم الخوئي.

قال: العلم، الفقاهة.

قلت له: السيد عبد الأعلى السبزواري.

قال: العرفان دائماً هو يسرح في عالمه وفي ذكره.

قلت له: السيد الشهيد محمد باقر الصدر.

قال: ثوري، تجلس معه ثورة.

فقلت له: السيد الإمام روح الله الموسوي الخميني.

السيد الإمام فقيه كـ الخوئي وعارف كالسبزواري وثوري كالشهيد الصدر، فماذا تتوقع أن يقول في حقّ الإمام الخميني؟! قال: الفراسة.

قلت: يعني ماذا الفراسة؟

قال: يعني يلقفها وهي طايرة ما تضحك عليه، يعني لا تستطيع أن تخدعه رجل عنده ذكاء ونباهة عنده حاسة الشم، يقرأ ما بين السطور هذه من أهم مميزات القائد، هذه من أهم مميزات القائد.

لا بأس بهذه الخاطرة عن الإمام القائد الخامنئي قل منهم من قضى نحبه الإمام الخميني ومنهم من ينتظر الإمام القائد الخامنئي وما بدلوا تبديلا.

حدثني أحدهم يقول: أيام الأزمة في سوريا، يقول: أنا كنت في جلسة مع السيد القائد الخامنئي ـ حفظه الله ـ ومجموعة من القادة، يقول: كلهم يائسون، بعضهم قال: يسقط بشار الأسد ويسقط نظام الأسد، بعضهم قال: يسقط بشار لكن النظام لا يسقط كلهم يائسون.

يقول: عدا الإمام الخامنئي قال: نه اسد نه نظام، لا يسقط النظام السوري ولا بشار الأسد، ثم أخذ يشرح فاقتنع الجميع ثم عقب هذا باللهجة العراقية، قال: هكذا القائد إذا الكل ما يفتهم هو فقط يفتهم، قال: وإلا لعاد شو الفرق بيني أنا والقائد؟! يقول: القائد هكذا إذا الكل لا يفهم فقط هو الذي يفهم وإلا إذا الكل فهم ما الفارق بين القائد وبين المقودين؟ القائد ينبغي أن تكون عنده نباهة يقرأ ما بين السطور، وهكذا تميز الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني عنده نظرة بعيدة نظرة عميقة نظرة استراتيجية.

أي قائد يريد أن يقود بلتستان، باكستان، البحرين، لبنان، العراق ينبغي أن يكون عنده عقل استراتيجي أن تكون عنده نظرة بعيدة هذه الخصيصة الأولى للإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ .

الخصيصة الثانية التعبد والتهجد.

الإمام الخميني جاور أمير المؤمنين أربعة عشر سنة لم يترك زيارة أمير المؤمنين ليلة واحدة، ليلياً يذهب إلى الحرم الشريف بنفسه ويزور أمير المؤمنين بالزيارة الجامعة الكبيرة، حتى في تلك الليلة التي حظر فيها التجول ممنوع الخروج.

جاء إليه ابنه الشهيد السيد مصطفى الخميني قال: أبى أمير المؤمنين يفرق بين القريب والبعيد؟

قال: لا.

قال: إذا أبى لا تذهب هذه الليلة إلى الحرم الشريف وإنما إصعد على سطح الدار وقابل القبة الشريفة وزر أمير المؤمنين بالزيارة الجامعة الكبيرة.

فالتفت الإمام الخميني إلى ابنه الشهيد السيد مصطفى الخميني، وقال: بني لا تحرمني من إيمان العجائز.

كان من أهل التعبد والتهجد.

حدثني أحدهم يقول: أول سنة بعد انتصار الثورة لما انتصرت الثورة وكان الإمام الخميني في صفائية في بيت صهره الشيخ إشراقي، يقول: ذهبنا لزيارة الإمام الخميني كان شهر رمضان، ذهبنا بعد الإفطار بساعة دخلناه وإذا الإمام الخميني يصلي ويتهجد ويتعبد هذا وقت فطور إفطار.

يقول: قلت في نفسي لعله لا يصوم لكبر سنه بعض المراجع الآن لا يستطيع أن يصوم لكبر سنه فلعله ينتظر العشاء الآن يصلي ثم يتعشى.

يقول: فسألتهم هل يصوم الإمام الخميني؟

فقال: إنه ليلياً لا يفطر إلا بعد أن يتهجد ويؤدي جميع النوافل الليلية يعني يصلي المغرب والعشاء ويتعبد ويتهجد، قال: الآن هو يتهجد وبعد التهجد يذهب إلى الإفطار هكذا هكذا أهل الله بتعبدهم وتهجدهم، في الرواية هكذا <من أخلص لله أربعين صباحاً أجرى الله ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه>.

في يوم من الأيام كنت اعرف واحد ممن عنده فراسة وبصيرة دائماً يعني لما يتكلم ينظر إلى الأشياء نظرة عميقة، قلت لصاحبي كنا في سفر قلت له: هذا رجل عنده بصيرة لكن هو إنسان عادي من أين جاءته البصيرة؟

قال: أنا في الطريق راقبته ولاحظت تصرفاته وجدته يغض النظر عن النساء وعن المحارم بمجرد يرى مرأة ينزل رأسه، في الروايات <من غضّ بصره عن أعراض الناس وعن النساء أعطاه الله الفراسة>، قال: هذا لعل الله أعطاه الفراسة بركة غضّ النظر وغضّ البصر عن المحرمات.

الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ أعطاه الله الفراسة وتميز بعدة أمور توجب الفراسة منها التعبد والتهجد والتنفل والتبتل.

الخصيصة الثالثة من خصائص الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ الشجاعة وعدم الخوف.

السيد الإمام عنده شجاعة منقطعة النظر، يقول: لا اعرف طعم الخوف، يقول: أنا ما حسيت بالخوف، طعم الخوف ما حسيت فيه، يقول: في أحداث خمسة عشر خرداد اليوم يصادف خمسة عشر خرداد ثورة خمسة عشر خرداد ثورة أهالي قم.

يقول: جاء السافاك نظام أجهزة استخبارات الشاة أخذوني بسيارة دفعوا السيارة ولم يشغلوها حتى لا يستيقظ الجيران دفع من هذه المنطقة بقربنا خاك فرج إلى أن مضوا عن البيوت شغلوا السيارة وتحركوا من قم إلى طهران، يقول: في الطريق من قم إلى طهران انعطفت السيارة إلى داخل الصحراء أحسست أنهم سينهون أمري يعني سيقتلوني.

يقول: فنظرت إلى قلبي فلم يتغير أبداً، يعني حتى دقات قلبه وهو يحس أنه سيقتلونه أبداً ما تغيرت.

في طريقه من فرنسا إلى إيران والنظام هدد بإسقاط الطائرة حتى أن أحد التجار دفع تأمين الطائرة بالكامل، السيد الإمام كان في الطائرة وفي الطابق العلوي والصحفيين في الطابق السفلي، في الطائرة صلى وتهجد ثم نام بكل اطمئنان، وهبطت الطائرة بسلام في مطار مهر آباد بطهران، هذه السكينة هذا الهدوء هذا الاطمئنان هذا اطمئنان.

يقال إن أحد الخبراء ممن لديهم خبرة بعلم الناس في أوروبا جاؤوا له بشريط الإمام الخميني وهو يلقي في حسينية جمران وشريط آخر الإمام الخميني يبكي على الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ فقالوا له هذا العالم النفساني: كيف نواجه هذا الرجل؟

فقال: لن تستطيعوا مواجهته.

فقالوا له: كيف؟

قال: هذا الرجل أولاً عنده اطمئنان عميق داخلياً استقرار وهدوء.

وثانياً يستمد حركته من الشهداء ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ويستمد حركته من الإمام الحسين هذا يبكي على رجل قتل قبل ألف وأربعمئة سنة هذا جده أبو الأحرار وأبو الثوار إنكم لن تستطيعوا مواجهة هذا الرجل.

الآن هذه صفات ثلاث أي قائد يحتاج إلى هذه الصفات الثلاث:

أولاً أن تكون لديه فراسة وعقل استراتيجي.

ثانياً أن يكون لديه تعبد تهجم واتصال بالله تبارك وتعالى حتى تكون الحركة إلهية.

ثالثاً أن يكون شجاعاً مقداماً لا يخاف.

يقول الإمام الخامنئي يقول:

في يوم من أيام كنا في اجتماع خاص مع الإمام الخميني السيد الخامنئي والشيخ الرفسنجاني، يقول: ثم انصرفنا ثم نادانا الإمام الخميني قال: تعالا، فسألنا سؤال، قال: هل تخافا من أمريكا؟ أنت هل تخاف من أمريكا؟

يقول فقلت: لا.

ثم قال للشيخ الرفسنجاني: هل تخاف من أمريكا؟

قال لا.

قال: داخليا أنت من الداخل فعلا لا تخاف أو على اللسان.

قال: لا من الداخل أنا أيضاً لا أخاف.

قال: إذا اذهبا إذا في هذه الحالة الحمد لله الشعب الإيراني بخير.

أحياناً شخص يقول: أنا لا أخاف لكن في داخله يرجف هذه الشجاعة نعمة وموهبة من الله تبارك وتعالى والإمام الخميني ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ تميز بالشجاعة.

الخصيصة الرابعة تنظيم الوقت والدقة في المواعيد وإدارة الأمور.

كان الإمام الخميني يدرس في مسجد سلماسي في الساعة الثالثة ظهراً، الطلبة يعدلون ساعاتهم إذا الإمام الخميني فتح الباب يفتح الباب الساعة الثالثة بالضبط ما يفتحها الساعة ثلاث ودقيقة أو الساعة ثلاث إلا دقيقة، بالضبط لا توجد دقيقة قبل ولا دقيقة بعد ثلاث بالضبط دقيق جداً.

يقول أحدهم: ذهبت إلى الإمام الخميني أريد مساعدة محتاج، قال: تعالى غداً الساعة الفلانية وأنا إن شاء الله أعطيك حاجتك.

في اليوم الثاني استشهد الشهيد السيد مصطفى الخميني وتجمع الناس في منزل الإمام الخميني لمواساته وتعزيته، يقول: ما إن جاءت الساعة التي حددها الإمام الخميني وإذا به ينظر إلي من بين كل الجموع ينظر إلي، يقول: أنا تعجبت فجئت إليه.

قلت له: عفواً سيدنا ما الأمر؟

قال: ألم أقل لك تأتيني غداً الساعة كذا.

قال سيدنا: أنت الآن مفجوع بابنك.

قال: ولكني وعدتك وما دام وعدتهم فأنا طبق الموعد.

دقيق في المواعيد هذا الوقت للرياضة، هذا الوقت للدراسة، هذا الوقت للتعبد والتهجد، هذا الوقت لخدمة الناس، هذا الوقت للعائلة، يقول: اخرجوا ادخلوا العائلة تأتي الزوجة والأولاد والأحفاد دقيق جداً، وما أحوج القائد إلى الدقة ونظم الأمور.

الخصيصة الخامسة واختم بها أحب رقم خمسة تيمناً بأهل الكساء الخمسة وخامس أهل العباء الإمام الحسين ـ صلوات الله سلامه عليه ـ .

الخصيصة الخامسة الإيمان والأمل.

وهذا ما أشار له قائد الثورة الإسلامية ولي أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي بالأمس بالأمس في مصلى طهران الإمام القائد الخامنئي إلى خصيصة الإيمان والأمل.

يقول الشهيد مطهري: رجل مؤمن إيمانه عميق ولكن حينما ذهب إلى فرنسا ورجع انبهر وتعجب من إيمان الإمام الخميني، وذكر أربعة أمور في الايمان قال الإمام الخميني مؤمن بأربعة أمور والإمام القائد الخامنئي أمس في كلمته في مصلى طهران في الذكرى الرابعة والثلاثين لرحيل الإمام الخميني ذكرها مذكراً الشعب بها، ونحن نذكرها تيمناً.

الإيمان الأول الايمان بالإسلام والثقة بالمبدأ.

بعضهم يدرس في الحوزة العلمية ويدرس الإسلام لكن ما يعتقد بأن الإسلام حاكم، قد يكون علماني يلبس عمامة لكن ما يعتقد أن الإسلام هو الذي يحكم الحياة.

يقول الإمام الخميني: كان مؤمناً بالاسلام عند إيمان بهذا المبدأ وبهذا الفكر، يعني يؤمن بالإسلام المحمدي الأصيل في مقابل الإسلام الأمريكي هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني يقول الإيمان بالطريق يعني كان مؤمناً بالطريق الذي سلكه.

بعض الأوقات قالوا للإمام الخميني: من يتحمل دمّ هؤلاء الشهداء الذين سقطوا، مثلاً: ميدان جاله الآن ميدان آزادى في يوم واحد أربعة آلاف شهيد، في انتفاضة خمسة عشر خرداد إلى الآن غير معلوم، كم ألف قتل الشهر في ذلك اليوم؟؟

الإمام الخميني كان يطالب بالاصلاحات بعد خمسة عشر خرداد رفع الشعار <شاه بايد برود> يجب أن يرحل الشعب بعد انتفاضة خمسة عشر خرداد وبعد هذه الدماء، كان البعض يقول: هذه الدماء في عنق من؟ من سيقف يوم القيامة ويتحمل هذه الدماء؟

وتأذى في الحوزة داخل الحوزة العلمية آنذاك، وهذا ذكره في رسالته الأخيرة في رجب رسالته إلى العلماء الإمام الخميني ذكر أكد في هذه الرسالة على الفقه الجواهري، وقال: إن أباكم العجوز كم تأذى من المعممين في الحوزة العلمية، يقول: لدرجة أن ابني الصغير مصطفى ذهب لكي يشرب الماء في المدرسة الفيضية، فقالوا: اغسلوا هذا الكوب لأن أباه نجس إنه يدرس الفلسفة والعرفان والابن يتبع بعد أشرف الأبوين بما أنهم نجسوا وكفروا أباه هكذا كان الإمام الخميني عانى معاناة وصبر وصبر وانتج هذه النتيجة، كان مؤمناً بطريقه، كان عنده إرادة فولاذية.

إقرأ في كتاب تاريخ إيران السياسي المعاصر للدكتور المدني يذكر أن المرحوم السيد الطالقاني آية الله الطالقاني أول إمام جمعة في طهران كتب رسالة بالحبر السري إلى الإمام الخميني وصلت هذه الرسالة من طهران إلى النجف الأشرف، الإمام الخميني فتح هذه الرسالة مكتوب في الرسالة ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى هذه الآية وردت في أهل الكهف.

السيد الطالقاني أعطى هذه الرسالة لأحد أفراد مجاهدي خلق المنافقين في ذلك الوقت كانت حركة إسلامية مواجهة للشاة أراد السيد الطلقاني أن يقول للإمام الخميني ادعم هؤلاء من مصلحتنا دعم هؤلاء في مقابل الشاة، لاحظ دقة الإمام الخميني قال: أنا لا ادعمكم إلا إذا اطلعت على فكركم، فاحضروا كتابين من أهم كتبكم واحضروا شخصين من حزبكم يشرح لي آرائكم واعتقاداتكم، فإذا تبين لي صحة اعتقاداتكم سأدعمكم.

جاء الاثنان جاؤوا بالكتابين بعد الجلسات قال الإمام الخميني: أنتم لا تؤمنون بالمعاد الذي نحن نؤمن به والمراجع يؤمنون به هذه حركتكم لا تؤمن به وأنا لن ادعمكم.

ثم ارسل له الشهيد مرتضى مطهري: ادعم هؤلاء.

فقال الإمام الخميني: لو ذهبت إلى الصحراء وبقيت لوحدي لما دعمتهم.

رجل صاحب مبدأ لا يتغير وفق المصالح السياسية رجل عنده مبادئ، إذاً الإيمان الثاني الإيمان بالطريق الطريق الذي سلكه طريق الشهداء طريق القيام آمن به وطبقه عملياً.

الإيمان الثالث الإيمان بالشعب، قال مقولته المشهورة: <ميزان رأي ملت است> الميزان رأي الشعب البعض قد يتصور أن الإمام الخميني يجامل، قال: جمهورية إسلامية أتى بلفظ الجمهور تحت الضغط.

لا، الإمام الخميني من ناحية فقهية يؤمن برأي الشعب، كيف من ناحية فقهية؟

يقولون بالفارسية: <مقبوليت مشروعية را ميره> يعني مقبولية تولد المشروعية يعني الولي الفقيه الآن عندنا فقهاء كثيرين كلهم يصيرون ولي فقيه؟ لا، الذي يكون مقبولاً من بين الناس هو الذي يصبح الولي الفقيه، لاحظ دقة الإمام الخميني في المباني الفقهية، ماذا قال حينما نزل في مطار مهر آباد وذهب إلى بهشت زهراء ماذا قال؟

قال: من ميگم آن آقا غير قانونى اونها مجرمن وبايد محاكمه بشن، من دولت تعيين ميكنن من مشت به اونها ميزن من .. قالوا: تكبير وكبروا.

يعني يريد أن يقول هكذا:

هذه الحكومة غير قانونية أنا سأضرب هذه الحكومة بلطمة على فمها، هذه الحكومة غير قانونية، أنا سأعين الحكومة، أنا لأن الأمة والشعب يقبلني ساعين هذه الحكومة.

إذاً الإمام الخميني ينطلق من مبنى فقهي وهو أن الناس وحضور الناس وحضور الشعب يعطي المشروعية يعني الفقيه عنده شأنية الولاية، متى تصير ولايته فعلية؟ حينما يقبله الناس، وهذا يستفاد من قول أمير المؤمنين عليه السلام: <لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر> يعني حينما إنهال عليه الناس بعد مقتل عثمان، يقول: الآن صار مشروعية قانونية وإلا الإمام إمام معصوم مفترض الطاعة سواء الناس بايعوه أو لا، لكن من ناحية سياسية كيف يحكم؟ كيف تكون حكومته فعلية؟ أمير المؤمنين ما مارس الحكومة الفعلية في أيام الأول والثاني والثالث حكومته صارت بعد مقتل عثمان بن عفان حينما الناس بايعوه.

هذا مبحث فقهي أن الفقيه له ولاية شأنية وولايته تصبح فعلية ببيعة الناس فالسيد الإمام كان يؤمن برأي الناس.

 

الأمر الرابع والأخير الإيمان بالله والثقة بوعده.

نحن نقرأ كثيراً الآيات الكريمة ﴿وَلَیَنصُرَنَّ اللهُ مَن یَنصُرُه، ﴿إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ، نقرأ قوله تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ.

الإمام الخميني آمن بهذا الوعد القرآني، آمن بهذا الوعد الإلهي لذلك كان دائماً متفائلاً، دائماً متفائل ونظر بعيد.

نختم بهذه الخاطرة:

صحيفة الواشنطن الأمريكية تذكر هذه القضية حينما شيع الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ تقول:

حينما هجر الإمام الخميني إلى تركيا قبل أربعة عشر عاماً جاءه مراسل وصحفي، وقال له: أين أنصارك يا خميني؟

فقال له الإمام الخميني: أنصاري لا يزالون في المهد يرضعون الحليب، بعد أربعة عشر سنة الإمام الخميني جاء وحكم عشر سنوات، كم المجموع؟ أربعة وعشرين سنة من التهجير أربعة عشر سنة والحكم عشر سنوات صار عمر الذين يرضعون الحليب كم صار عمرهم عند وفاة الإمام الخميني؟ أربعة وعشرين سنة.

تقول صحيفة واشنطن بوست:

واليوم قد شيع الخميني من كان آنذاك يرضع الحليب.

لاحظ كيف نظرته البعيدة أنصاري لا يزالون في المهد يرضعون الحليب وفعلاً أكبر جنازة في التاريخ عشرة مليون نسمة يشيعون الإمام الخميني ـ أعلى الله مقامه الشريف ـ .

نسأل الله عزّ وجل علو الرحمة وعلو الدرجات لإمامنا الخميني العظيم.

نسأل الله عزّ وجل العزة ورفعة الشأن لخلفه الصالح الإمام القائد الخامنئي.

نسأل الله لكم جميعاً السير على هدي الإمامين الهمامين الخميني والخامنئي.

نسأل الله عزّ وجل أن يعجل في فرج ولي الأمر وصاحب العصر والزمان الإمام محمد بن الحسن القائم المهدي ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ .

أسأل الله لكم خير الدنيا والآخرة بحق محمد وعترته الطاهرة.

أقول قولي هذا واستميحكم عذراً على الإطالة والاستطالة، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.