المحاضرات

أمور ينبغي الإتيان بها في ليلة القدر

09

يناير | 2024
93

أمور ينبغي الإتيان بها في ليلة القدر

إحياء ليلة القدر الثالثة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

محاضرات

شهر رمضان المبارك

إلقاء: الشيخ عبد الله الدقاق

عنوان المحاضرة: أمور ينبغي الإتيان بها في ليلة القدر

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم هو خطابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ * وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ * لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ * تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ * سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

نبارك لكم هذه الليلة العظيمة هذه الليلة المباركة ﴿إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ هذه الليلة ليلة القدر أخذ لفظ القدر من التقدير أي إنها ليلة تقرير المصير فيها يفرق كل أمر حكيم.

في هذه الليلة تقدر مقادير السنة يهبك الله تبارك تعالى بقدر ما اقبلت عليه، لذلك في هذه الليلة ينبغي الإتيان بعدة أمور:

أول شيء الاستغفار والتوبة إلى الله تبارك وتعالى.

ثاني شيء الدعاء لولي نعمتنا إمام زماننا <عجل الله تعالى فرجه الشريف>.

ثالث شيء الدعاء لمن له فضل علينا.

ثم بعد هذه الثلاثة أشياء تأتي الأدعية بالأمور الجسيمة والمأثورة.

أما الأمر الأول التوبة إلى الله طلب المغفرة:

بعض الناس يقول: ربما أنا لا أقبل على الله ليلة القدر فما هو السبب؟!

اجلس للدعاء تجد من على يميني ومن على شمالي يبكي يتهجد تسيل دموعه على خديه ولكني كالحجر لا اقبل على الله، فما هو السبب؟!

من أهم الأسباب أنك ترى نفسك شيئاً، الإنسان إذا نظر إلى نفسه ورأى أنه شيء يعتد به في هذه الحالة قد لا يتوجه إلى الله عزّ وجل.

لكن إذا نظر إلى نفسه أنه ليس بشيء وأنه فقيرٌ مسكينٌ مستكين تماماً كالفقير والمسكين الذي ليس لديه أي شيء من حطام هذه الدنيا فاذا رأى الغنام تشبث وانقطع إليه هذا هو حال المؤمن في علاقته بالله تبارك وتعالى.

بعض الناس يقول: هذا كثيرين من الإخوة يأتي يأتي المكتب عنده مشكلة، يقول لي: شيخنا أنا ما يوم من الأيام أذيت أحد.. ما يوم من ظلمت أحد.. لماذا يظلموني؟! لماذا يؤذوني؟!

يا أخي! يا حبيبي! أنت الآن كم عمرك؟! عشر سنوات؟! عشرين سنة؟! ثلاثين سنة؟! خمسين؟! ستين سنة؟! هل تستذكر جميع مفاصل حياتك؟!

أنت الآن حينما تقول: أنا ما يوم ظلمت أحد! ما يوم أذيت أحد! هل عندك ذاكرة خمسين سنة؟! هل أنت تستذكر مفاصل الحياة عشرين سنة حتى تدعي هذه الدعوة؟!

في يوم من الأيام أحد الرؤساء اكتشف أن هذا موظف يعمل عنده متأذي منه هو وزوجته متأذي منه، يا أخي! لماذا أنت متأذي؟

قال: أنت يوم من الأيام وعدتني وعد وظليت أنا وزوجتي وأولادي على هذا الوعد وادمرت حياتنا، أنت نسيت الوعد ما حققته.

إذاً الإنسان في مسيرة حياته هذه المسيرة مليئة بالنسيان، أنت يوم من الأيام قد يكون أذيت زوجيتك وأنت ما تدري! أذيت ابنك بكلمة وأنت ملتفت! أذيت زميلة! أذيت جارك! أذيت طالب عندك! أذيت أبوك وأمك وأنت ما تدعي!

هذه الليلة هي ليلة الاستغفار والإنابة إلى الله لا تصدق روحك! تقول: لا والله أنا ما أذيت أحد! أنا لا ما ظلمت أحد! يأتي يوم القيامة وصحيفة أعمالك مليئة بالمظالم، في صحيفة أعمالك تجد والعياذ بالله مكتوب في اليوم الفلاني أنت تكلمت الكلمة الفلانية فجرحت قلب أمك الرحيم، في اليوم الفلاني أنت وجهك ملامح وجهك ها تغيرت بحيث هذا زميلك أستشعر أن أنت استحقرته أو أن أنت أذيته هذه الساعات ساعة الاستغفار ساعة الإنابة إلى الله.

لذلك أول عمل في هذه الليلة الإنابة إلى الله الرجوع إلى الله التوبة إلى الله تبارك وتعالى حتى تدعو الله بلسان طاهر تقبل على الله بقلب زكي.

هذه الليلة ليلة التوبة ليلة الرجوع إلى الله الله عز وجل في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه هذه الليلة كلما اقبلت على الله اقبل الله عليك.

يسأل الإمام ـ عليه السلام ـ كيف اعرف منزلتي عند الله؟

قال ـ عليه السلام ـ : <اعرف منزلة الله عندك>.

اه أنت في حياتك ما هي منزلة الله عندك في معاملاتك في شؤون حياتك اليومية؟ هل منزلة الله عندك عظيمة بحيث تقلع عن الذنوب؟ كلما كانت منزلة الله عظيمة في قلبك فأنت عظيمٌ عند الله.

إذا الله عزّ وجل يقبل على العبد بقدر ما يقبل العبد عليه.

إذاً أول عمل في هذه الليلة التوبة والاستغفار.

ثاني عمل الدعاء بتعجيل الفرج والدعاء لولي الله الأعظم ـ أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ـ

في الرواية لولا الإمام لساخت الأرض بمن عليها نحن نعيش ببركات صاحب العصر والزمان لا أدري في هذه الليلة أين يتهجد هل يتهجد بجوار بيت الله الحرام؟! أم بجوار قبر جده رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ؟! أم يتهجد بجوار أمير المؤمنين؟! أم يتهجد بجوار سيد الشهداء وعمه العباس؟!

في هذه الليلة اذكر إمام زمانك فاذكروني اذكركم إذا ذكرت إمام زمانك في هذه الليلة وصحائف أعمالنا ترفع إليه إن شاء الله يذكرنا إن شاء الله كلكم كلكم من الذاكرين عند الله والمذكورين عند ولي الله ـ أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ـ .

الأمر الثالث الدعاء لذوي الحقوق

من له حقّ عليه أبواك حيين أو ميتين تدعو لأبيك تدعو لأمك تدعو لزوجتك تدعو لأولادك تدعو لإخوانك تدعو لأستاذك تدعو لكل من له حقّ عليك.

هذه أمور ثلاثة عامة، تبقى أمور أخرى هناك دعاء شخصي وهناك دعاء نوعي.

الدعاء الشخصي يا رب اغفر لي! يا رب أريد سكن! يا رب أريد الجنة! يا رب..! شخصية فردية.

هناك أدعيه يا جماعية أدعية عامة إذا أنت يومياً في أدعيتك دائماً تدعو بهذا الدعاء: <ربّ اغفر لي وارحمهما كما ربياني صغيراً> هذا جيد هذا دعاء شخصي بالرحمة والمغفرة لكن يوجد دعاء يصل إلى الاجتماع العام كهذا الدعاء: <اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله> أيضاً الدعاء الوارد بعد ذلك في دعاء الافتتاح: <اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا وقلة عددنا وكثرة عدونا> إلى آخر الدعاء الشريف.

هذه الليلة ليلة القدر الشريفة من عام ألف وأربعمئة وأربعة وأربعين هجرية قمرية تصادف الجمعة الأخيرة من شهر رمضان وتصادف يوم القدس العالمي الدعاء لإخوتنا وأحبتنا في فلسطين مطلوب، الدعاء لجميع المستضعفين مطلوب، الدعاء على الظالمين ومن كان في موته فرج لنا هذا أيضاً مطلوب، إذا الدعاء لعموم المؤمنين وللدولة الإسلامية هذا مطلوب، الدعاء على الظالمين وعلى المستكبرين هذا أيضاً مطلوب.

يبقى الكلام في كيفية الدعاء موسى ـ عليه السلام ـ لما أراد الخروج من مصر بعد أن لحقّه فرعون وجنوده وغرقوا، أراد أن ينتقل من مصر إلى فلسطين، خرج عبر صحراء سيناء وأراد أن ينقل جثمان يوسف ـ عليه السلام ـ .

رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في يوم من الأيام في بعض أسفاره نزل عند عجوز فأضافته فدعاها إلى ضيافته إذا قدمت المدينة المنورة.

لما قدمت المدينة ضيفها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال لها: يا أمة الله! ما هي حاجتك؟

قالت: يا رسول الله! أريد شاة احلبها وأعيش من خلالها.

فالتفت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: يا أمة الله! هلا كنت كعجوز بني إسرائيل.

قالت: ومن عجوز بني إسرائيل؟

قال يا أمة الله! إن موسى ـ عليه السلام ـ لما أراد أن يخرج من مصر إلى فلسطين وأراد أن يحمل رفات يوسف ـ عليه السلام ـ ، قال لبني إسرائيل: دلوني على عظام يوسف.

قالوا: يا نبي الله! لا تدله إلا عجوز. فذهب إليها موسى ـ عليه السلام ـ قال: يا أمة الله! دليني على عظام يوسف.

قالت: لا أدلك إلا بشرطها وشروطها.

فقال: يا أمة الله! وما هو شرطك؟

قالت: أن تدعو الله أن أكون معك في الجنة في الدرجة التي أنت عليها. فتعجب موسى ـ عليه السلام ـ من طلب عجوز بني إسرائيل.

فأوحى الله إليه يا موسى أجب دعوتها وأقبل شرطها فقبل شرطها فدلته على عظام يوسف ـ عليه السلام ـ فنقل جثمان يوسف إلى فلسطين المحتلة الآن بمنطقة الخليل موجود فيها قبر نبي الله إبراهيم أبو الأنبياء يليه إسحاق يليه يليه يعقوب يليه يوسف ـ عليهم أفضل الصلاة والسلام ـ .

لاحظ عجوز بني إسرائيل ماذا طلب؟

قالت: ما أريد فقط الجنة أريد درجتك في الجنة.

أنت الليلة هذه ليلة القدر تنزل الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر أقل شيء تطلب الجنة أقل شيء بعد تطلب أن تكون وسيلة من وسائل الله للوصول إلى الجنة أن تكون باباً من أبواب الجنة، اطلب من الله أن ترى وجه محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ .

<اللهم إني آمنت بمحمدٍ ـ صلى الله عليه وآله ـ ولم أره فأرني في الجنان وجهه، اللهم بلغ روح محمد عني تحية كثيرةً وسلاماً>.

يا أخي! هذه الليلة ليلة التقدير! ليلة تقرير المصير! ليلة عظيمة! اطلب من الله طلبات عظيمة.

بعد أن تستغفر الله وتتوب إليه وتدعو لإمام زمانك، وتزور نيابة عن المعصومين الأربعة عشر ـ عليهم أفضل صلوات المصلين ـ لأن الزيارة بعظمة اطلب من الله طلبات عظيمة أن يفتح ذهنك على أمور لا تخطر على بالك أن تقاتل بين يديك ولي الله الأعظم الإمام المهدي ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ ، أن تكون من مقوية دولته وسلطانه، أن تكون لك درجة عالية في الجنة، أن توفق لزيارة الأئمة ـ عليهم السلام ـ طوال العام.

اطلب طلبات عظيمة وإن شاء الله تجد أثر الدعوة نسألكم الدعاء.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وأسألكم الدعاء كثيراً لي ولوالدي ولمن وجب له حقّ عليّ وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.