المحاضرات
09
يناير | 2024العلاقة العاطفية في الارتباط مع الإمام صاحب العصر والزمان (عج)
•┈┈┈••●◆❁✿❁◆●••┈┈┈•
السلام عليكم أيها الأحبة في الله ورحمة الله وبركاته.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً برحمتك يا ارحم الراحمين، وصلّ اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة ميلاد إمام زماننا الإمام المنتظر محمد بن الحسن القائم المهدي، ونبعث باقة من التحيات والورود إلى علماء الدين ومراجع المسلمين لاسيما ولي أمر المسلمين وإلى جميع المسلمين والمؤمنين في العالم خصوصاً هذه الورود الزاهرة والوجوه الطيبية التي شرفت محفلنا هذا.
جاء في الرواية الشريفة عن سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد <لو لم يبقى من الدنيا إلا يومٌ واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج لرجلٌ من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً>.
هذا النصّ أورده الكنجي الشافعي في كتابه البيان في أحوال صاحب العصر والزمان، وقد ورد هذا المضمون في روايات العامة والخاصة.
الروايات في أحوال الإمام المهدي ـ عج ـ كثيرة ومتظافرة، وقد كتب المرجع الديني سماحة آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي ـ ره ـ كتاباً بأمر المرجع الديني الأعلى آنذاك سماحة آية الله العظمى السيد حسين البروجردي ـ ره ـ فجاء كتاب منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر، وقد جمع المرحوم الشيخ لطف الله الصافي الروايات من العامة والخاصة الدالة على ولادة الإمام المهدي وأنه قد رؤي بلمح العين.
من هذه الروايات ما رواه عن أحمد بن إسحاق وفد الأئمة سمي بوفد الأئمة لأنه وفد على أربعة من الأئمة أدركهم ودخل عليهم، وهم الإمام محمد الجواد، والإمام علي الهادي، والإمام الحسن العسكري، والإمام محمد بن الحسن المهدي ـ عجل الله فرجه الشريف ـ .
أحمد بن إسحاق في يوم من الأيام دخل على الإمام العسكري ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فأعطاه مالا،ً وقال له: إذا قدمت إلى قم فابني مسجداً، فبنى المسجد المعروف الآن مسجد الإمام الحسن العسكري، هذا بني بأمر الإمام الحسن العسكري ـ سلام الله عليه ـ لذلك هو أقدم المساجد في قم وهو محور الاعتكاف في مدينة قم المقدسة.
أحمد بن إسحاق يقول: دخلت على الإمام الحسن العسكري، فقلت له: جعلت فداك. فإن كان كونٌ فمن من بعدك؟! يقول: فأخذ بيدي، وقال: لولا قربك منا لما خصصناك بهذا، فاكتمه. يقول: فأخذني إلى حجرةٍ ففتحها، فوجدت صبياً ساجداً لله، فقال: هذا حجة الله عليك، هذا ولدي محمد بن الحسن المهدي.
روايات كثيرة تدل على أن الإمام العسكري ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ خصّ بعض خاصته ورأوا الإمام ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .
الإمام ولد في 15 من شعبان سنة مئتين وخمسة وخمسين هجرية قمرية، واستشهد الإمام العسكري صلوات الله وسلامه عليه سنة 260 هـ فبدأت إمامة الإمام المهدي وعمره خمس سنوات.
إذاً أقصر الأئمة عمراً عند التصدي للإمام هو الإمام المهدي، ومن بعده الإمام محمد الجواد تصدى للإمامة وعمره خمس سنوات، وأطول الأئمة إمامةً هو الإمام المهدي ـ عج ـ إمامته مستمرة من سنة مئتين وستين للهجرة النبوية، سنة شهادة الإمام الحسن العسكري إلى عامنا هذا 1444 هـ ق.
وأما الأئمة الذين توفاهم الله فأطولهم في فترة الإمامة هو الإمام الكاظم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ أكثر الأئمة سجناً وإمامة ونسلاً وأولاداً هو الإمام موسى بن جعفر باب الحوائج، رزقنا الله وإياكم زيارتهم وأنالنا شفاعتهم.
العنوان المقترح للمحاضرة والكلمة من قبل إدارة الحوزة العلاقة العاطفية في الارتباط بالإمام صاحب العصر والزمان الإمام المهدي ـ عج ـ
هناك ارتباط عقائدي، وهناك ارتباط فقهي، وهناك ارتباط أخلاقي.
الارتباط العقائدي أن تدرك أن الإمام مفترض الطاعة، وأن أصول الخمسة: التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد يوم القيامة، وأن الإمامة هي الأصل الثالث من أصول الدين، وأن الأئمة من بعد النبي اثنا عشر وآخرهم القائم المهدي، وتعتقد بأنه إمام زمانك وأنه واجب الطاعة، وفي زمن الغيبة تطيع نائبه العام وهو المرجع الجامع لشرائط الفتوى، وفي عصر الغيبة الصغرى كان للإمام ثلاث نواب واستمرت الغيبة الصغرى تسعة وستين سنة، بدأت الغيبة الصغرى من إمامة الإمام الحجة سنة مئتين وستين هجرية وانتهت الغيبة الصغرى سنة ثلاثمئة وتسعة وعشرين هجرية قمرية، سنة وفاة المرحوم ثقة الإسلام الكليني على قولٍ. لأن الكليني قيل: أنه توفي سنة ثلاثمئة وثمانية وعشرين، وقيل: توفي سنة ثلاثمئة وتسعة وعشرين على الأشهر.
فسنة وفاة الشيخ الكليني هي سنة نهاية الغيبة الصغرى، في هذه الغيبة الصغرى اتخذ الإمام أربعة نواب خاصين:
الأول أبو عمر عثمان بن سعيد العمري.
الثاني ولده محمد بن عثمان بن سعيد العمري.
الثالث الحسين بن روح النوبختي.
الرابع علي بن محمد السمري.
وقبل وفاة السمري الإمام كتب له التوقيع الشريف أما بعد فاعهد عهدك وأوصي وصيتك، ولا توصي إلى أحدٍ من بعدك، لك ستة أيام، بعد وفاتك. أما بعد يقول الإمام: فقد انتهت الغيبة الصغرى وبدأت الغيبة الكبرى.
وابتدأت الغيبة الكبرى من سنة ثلاثمئة وتسعة وعشرين هجرية إلى يومنا هذا.
موضوع الكلمة العلاقة العاطفية في الارتباط بصاحب العصر والزمان.
هناك ارتباط عقائدي وعلاقة عقائدية، أنت تدرك أنه إمام مفترض الطاعة، وهناك ارتباط فقهي، يعني هناك واجبات تجب عليك تجاه إمام زمانك كـدفع الخمس أنه فيه سهم الإمام ـ عليه السلام ـ أو أن الإمام هو وارث من لا وارث له هكذا تدرس في كتاب الخمس، وأن الأراضي الخراجية أو المفتوحة عنوة هي ملكٌ للإمام صاحب العصر والزمان وسائر المباحث الفقهية التي ترتبط بالإمام المهدي ـ عج ـ هذا ارتباط فقهي.
وهناك ارتباط أخلاقي يغذي البعد العاطفي بحيث ترتبط عاطفياً بإمام زمانك، فما هي الأمور التي توثق العلاقة بين الموالي وصاحب العصر والزمان؟ وما هي الأدوات التي تقوي الارتباط العاطفي مع صاحب العصر والزمان؟
نتطرق إلى عدة أمور من شأنها أن تغذي الارتباط العاطفي مع إمام زمانك الإمام المهدي بن الحسن ـ عج ـ :
الأمر الأول المواظبة على الأدعية والزيارات المأثورة الواردة بشأن صاحب العصر والزمان.
الدعاء الأول دعاء العهد، يومياً تواظب على قراءة دعاء العهد بعد صلاة الصبح <اللهم ربّ العرش الكريم> إلى أن تقول: <اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتماً مقضيا فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني، شاهراً سيفي، مجرداً قناتي، ملبياً دعوة الداعي في الحاضر والبادي>.
من يواظب على قراءة دعاء العهد موجود في الروايات أربعين صباحاً جعله الله من أنصار صاحب العصر والزمان.
الدعاء الثاني المواظبة على الزيارة التي وردت بعد كل صلاة صبح <اللهم بلغ مولاي صاحب العصر والزمان عن جميع المؤمنين والمؤمنات> إلى آخر هذه الزيارة، وكان شيخنا الأستاذ سماحة آية الله العظمى الشيخ حسين وحيد الخراساني ـ حفظه الله ـ لا يبدأ بحث الخارج في الأصول إلا بعد أن يقرأ القارئ هذه الزيارة <اللهم بلغ مولاي صاحب العصر والزمان عن جميع المؤمنين والمؤمنات، وعني وعن ولدي> إلى آخره هذه الزيارة.
الدعاء الثالث دعاء الندبة <أين استقرت بك النوى؟! أو أي أرضٍ تقلك أو ثرى!>.
الدعاء الرابع زيارة آل ياسين <سلامٌ على آل ياسين> إلى أن تقول: <السلام عليك حين تقوم، السلام عليك حين تقعد>.
الدعاء الخامس ما يزار به وهناك أعمال أوردها الشيخ المحدث عباس القمي في بداية مفاتيح الجنان في الارتباط بصاحب العصر والزمان.
إذاً الأمر الأول المواظبة على الأدعية والزيارات المأثورة والخاصة بصاحب العصر والزمان.
الأمر الثاني دوام الدعاء له، يعني لا تقتصر على خصوص الأدعية المأثورة، تعود نفسك دائماً تدعو للإمام المهدي، خصلة تعلمتها من أستاذنا سماحة آية الله الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي ـ ره ـ لا يبدأ أي فعالية من فعالياته إلا بدعاء الفرج، قبل أن يدرس، قبل أن يحاضر، قبل أن يلقي، يقرأ دعاء الفرج:
<اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة، ولياً وحافظا، وقائداً وناصرا، ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا>.
هذا خلق من أخلاق العلماء، كان السيد الخوئي ـ ره ـ لا يبدأ الدرس إلا بعد قراءة سورة الفاتحة، أولاً يقرأ سورة الفاتحة وهو على المنبر ثم يدرس، لدوام التوفيق في الدرس.
كان أستاذنا الميرزا جواد التبريزي ـ ره ـ لا يبدأ الدرس إلا بعد صلاة ركعتين، يأتي إلى المسجد الأعظم يصلي ركعتين ثم يدرس.
أستاذنا الشيخ مصباح اليزدي كان لا يدرس ولا يلقي محاضرة ولا يبدأ فعالية إلا بدعاء الفرج، أولاً يبدأ بدعاء الفرج.
في كل لحظة تكون دائم الذكر لإمامك، إذا تدعو <اللهم عجل لوليك الفرج، والعافية والنصر، واجعلنا من أنصاره وأعوانه والمستشهدين بين يديه>.
الأمر الثالث الزيارة نيابة عنه، والدعاء له بالخصوص.
سؤال:..
إن شاء الله كلكم وفقتم لزيارة واحد من الأئمة على الأقل زيارة الإمام الرضا.
أسأل نفسك إذا تزور الإمام الرضا أو تزور أمير المؤمنين أو تزور الحسين سيد الشهداء ما هو أول دعاء تدعو به؟! كل واحد يعرف نفسه <بل الإنسان على نفسه بصرة ولو ألقى معاذيره> أنت بعد تشيك نفسك، أول ما تروح ماذا تدعو؟!
إذا أنت مفلس! إلهي ارزقني بجاه الإمام الرضا!
إذا هذا أعزب! ها إلهي زوجني بجاه الإمام الرضا!
إذا مديون! اللهم أقضي ديني بجاه الإمام الرضا!
كان أحد المراجع يقول: أنت إذا زرت الحسين وجئت بقائمة من المطالب، واحد اثنين ثلاثة أربعة، أنت لم تأتي لزيارة الحسين! أنت جئت لنفسك.
إذا أنت تزور الإمام وعندك ليست بالمطالب وقائمة بالمطالب! هذا مطلوب وابتغوا إليه الوسيلة، هذا جيد، ولكن لا تنسى أن أساس الزيارة أنه إمام مفترض الطاعة وتستحب زيارته، أنت أسأل نفسك! كم مرة زرت؟! كم مرة عند الإمام الرضا أو الإمام الحسين دعوت بدعاء الفرج، وطلبت بتعجيل الفرج؟!
المفروض أول مطلب وأول سؤال وأول حاجة تطلبها تعجيل الفرج.
أولم تسمعوا بالدعاء المخزون؟!
يقول الإمام الرضا ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ أن تقول ثلاثاً صباحاً وثلاثة مساء: <اللهم اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد> ثم يقول الإمام الرضا، قال أبي الكاظم: <هذا الدعاء المخزون> يعني هذا اختزنه الله، هذا فيه أسرار توجب حفظك.
سؤال: أنت إذا يومياً تواصل على الدعاء المخزون، يومية بعد صلاة الصبح في السجدة تقول: <اللهم اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد>، في الليل بعد صلاة المغربين: <اللهم اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد> أنت الآن درعت نفسك فهل درعت إمام زمانك؟! المفروض قبل أن تدعو لنفسك أن تدعو لإمام زمانك ثلاثة مرات: <اللهم اجعل الإمام المهدي في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد، اللهم اجعل الإمام المهدي في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد، اللهم اجعل الإمام المهدي في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد>.
دوام الدعاء للإمام المهدي، هذا بغير الأدعية المأثورة، يوثق العلاقة العاطفية بينك وبين الإمام المهدي.
الأمر الثالث الزيارة نيابة عنه، أنت كم مرة زرت الأئمة؟! تزور عنك، ونيابة عن والديك، ونيابة عن من قلدك الدعاء والزيارة، هل مرة أنت نويت زيارة عن الإمام المهدي أم لا؟!
كان أستاذنا الشيخ الوحيد الخراساني ـ أيده الله ـ يقول: ـ والدرس درس أصولي ولكن يعلمنا هذا ـ ، يقول: <عظم ثواب الزيارة بعظم الزائر والقائم، فإذا زرت عن نفسك فثوابها بمقدار نفسك، وإذا زرت نيابة عن النبي محمد ـ ص وآله ـ أو زيارة عن الإمام علي أو الإمام الحسين أو عن الإمام المهدي فثوابها بمقدار القائل> ثم قال: <عودوا أنفسكم أن تزوروا نيابة عن المعصومين الأربعة عشر>.
طبعاً إذا أنت زاير الإمام الرضا تنوي نيابة عن المعصومين الثلاثة عشر، لأن الرابع عشر يكون المزور الإمام الرضا، في هذه الحالة الله عزّ وجل يضاف لك أجر الزيارة وثواب الزيارة، علم نفسك عندما تزور أي إمام من أئمتك أن تنوي النيابة عن المعصومين الثلاثة عشر وتزور المعصوم الرابع عشر. إذا لم تنوي النيابة لا أقل تزور وتهدي ثواب الزيارة إلى الإمام المهدي هذا يوثق العلاقة.
الأمر الرابع دوام قراءة الكتب المتعلقة بالإمام المهدي، عندنا كتب كثيرة، مثل: كتاب كمال الدين وتمام النعمة للمرحوم الصدوق، كتاب الغيبة للشيخ الطوسي، كتاب الغيبة للنعماني، ما كتبه المفيد حول الإمام المهدي، وغيرها من كتب المتأخرين.
سئل سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت ـ ره ـ إذا أردنا أن نهذب أنفسنا وليس لدينا أستاذ فما هي نصيحتك؟
أجاب في بعض الأجوبة واظبوا على قراءة صفحة يومياً من كتاب الجهاد من وسائل الشيعة للحرّ العاملي، وأجاب في استفتاء آخر واظبوا يومياً على قراءة صفحة من كتاب معراج السعادة للمرحوم الشيخ أحمد النراقي.
وروح هذا الجواب في أن النفس مجبولة على النسيان والغفلة، فإذا تركت النفس وحالها غفلت عن تهذيب نفسها فتحتاج إلى مذكر، كذلك النفس قد تغفل عن إمام زمانها وأنه ولي نعمتها فتحتاج إلى دوام التذكير.
لذلك الطالب ينبغي أن يخصص له كتاب أخلاقي يومياً يقرأ منه نصف صفحة أو صفحة، هذا إلى آخر عمره، إلى آخر عمره، لا تستهن بدرس الأخلاق.
في يوم من الأيام أراد سماحة آية الله العظمى المحقق المدقق الشيخ آقا ضياء الدين العراقي أستاذ الفحول: السيد الخوئي، السيد محسن الحكيم. أحد الأعلام الثلاثة البارزين في علم الأصول: النائيني والأصفهاني والعراقي، أراد أن يغير درسه لساعة، يعني يأخره ساعة.
فاستشار خلص طلابه وعمدة بحثه، منهم: السيد محسن الحكيم صاحب المستمسك وكان فقيهاً متضلعاً، السيد محسن الحكيم تلميذ النائيني والعراقي.
الشيخ ضياء الدين العراقي، قال للسيد محسن الحكيم: سيدنا هناك اقتراح أن أؤخر الدرس ساعة، إذا أخرنا ساعة تحضر أم لا؟
قال: لا احضر.
قال: لماذا؟
قال: لأنه يتعارض مع درس الأخلاق، وأنا من سنين مواظب على درس الأخلاق وهذا درس أساسي عندي.
الله أكبر فقيه بمستوى المرجعية، قال: إذا صار تعارض بين درس المحقق العراقي في الفقه والأصول، وبين درس الأخلاق أقدم درس الأخلاق.
فتراجع المحقق العراقي، وقال: نبقي الدرس على ما هو عليه، ما نغير ساعة الدرس، ولا نخسرك يا سيد محسن، وتواصل حضور درس الأخلاق.
للآسف الشديد أحياناً يكون عزوف عن درس الأخلاق، هذا درس التفسير والأخلاق يكون سهل بالمطالعة. لا، لا بدّ أن نحضر درس الفقه والأصول فقه. لا هذا غير صحيح.
لا بدّ من تذكير النفس بالمباحث الأخلاقية، ولا بدّ من تذكير النفس بصاحب العصر والزمان ولي نعمتنا، أنت تقول في زيارة آل ياسين: <السلام عليك حين تقوم، السلام عليك حين تقعد> إلى آخره.
بعد الأمر الخامس والأخير الذي نختم به، دوام التفكر في حاله، مثلاً: إذا حضرت مجالس الحسين، تتفكر كيف حال صاحب العصر والزمان؟! إذا جاء العيد والتقيت بوالديك وعائلتك وعمت الفرحة تتفكر في صاحب العصر والزمان كيف يحي العيد؟! <أين استقرت به النوى؟! بل أي أرضٍ تقله أو ثرى؟!>.
هذا دوام التفكر، دوام التأمل، يوجد علاقة عاطفية قوية بين المحبّ والمحبوب وإلا مجرد دعوى الحبّ لا فائدة فيها.
جاء في الحديث القدسي: <يا موسى! كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام عني، أليس كل حبيب يأنس بمحبوبه؟!>.
أنت الآن إذا تدعي أنك تحب صاحب العصر والزمان، لكن لا تدعو بالأدعية المأثورة أولاً، ولا تخصه ثانياً، ولا تزور نيابة عنه ثالثاً، ولا تواظب على قراءة ومطالعة الكتب التي تتطرق إلى أحواله رابعاً، وبعد.. لا تتفكر في حاله، ولا تديم التفكر في حاله خامساً، إذاً كيف ترتبط عاطفياً بإمام زمانك؟!
أنا لاحظت أستاذنا آية الله الشيخ مصباح اليزدي شديد التعلق بإمام الزمان ودائم المواظبة على دعاء الفرج، نحن لو عودنا أنفسنا في كل صلاة، في كل زيارة، في كل درس، في كل محاضرة، أن نبدأ بدعاء الفرج <اللهم كن لوليك>. لو عودنا أنفسنا دبر كل صلاة أن ندعو لإمام زماننا <اللهم عجل لوليك الفرج، اللهم اجعل الإمام المهدي في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد> لتجعل الأمر، وارتبط عاطفياً.
وللآسف الشديد في بعض الدول توجد ثقافة سلبية، فإذا قلت: إن شاء الله يظهر صاحب الزمان. يقولون: لا، لا، لا يظهر أول ما يظهر يقتلنا!! وكأنما الإمام ـ عليه السلام ـ يظهر فيه وهو مظهر لاسم الله المنتقم فقط. يعني ليس مظهراً لاسم الرحمن الرحيم، ينظرون للإمام المهدي على أنه مظهر المنتقم فيخافون.
أو بعضهم يقول: لا يطلع الآن، عندي بحوث ودراسات لازم اكتبها بعدها يطلع، تطلع هذه الكتب والبحوث والدراسات زائدة لا فائدة فيها، وما قيمتها إذا إمام زمانك لا يرتضيها؟!
وبعض الدول يوجد فيها ثقافة إيجابية مثل إيران، شايد اين جمعه بيايد! يعني شايد! يعني يمكن أن يظهر هذه الجمعة، يعلمون الناس على التفاؤل وانتظار صاحب العصر والزمان لأنه يظهر يوم الجمعة، يقول: يمكن هذه الجمعة يظهر، وإذا ما ظهر هذه الجمعة، ينظر للجمعة الجاية، يضل المحبّ دائما الترقب مثل الأم الحنون الذي سافر ولدها، هي دائماً تعيش مع ولدها وتترقب مجيئه، ينبغي أن تكون هذه هي الحالة مع صاحب العصر والزمان.
وخلاصة المحاضرة في كلمة واحدة:
إن أردت أن توثق الارتباط العاطفي بصاحب العصر والزمان فقم بأعمال تذكرك به وتكون دائم الذكر له، مثلاً: الصدقة نيابة عنه، أن تهب جميع الأعمال له، تدرس تهب ثواب درسك لصاحب العصر والزمان، تحاضر توهب ثواب محاضرتك لصاحب العصر والزمان، تدعو نيابة عن صاحب العصر والزمان، تزور نيابة عن صاحب العصر والزمان.
أنت تتوقع يعني صاحب العصر والزمان ينساك؟! فاذكروني اذكركم.
نختم بهذه الخاطرة:
الشيخ النخودكي ـ ره ـ كان خطيباً مصقعاً مؤثراً إذا يتكلم بكلمة تدخل القلوب بلا استئذان، وكان يقرأ ويصعد المنبر عند المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد حسين البروجردي ـ ره ـ .
التفت السيد البروجردي إلى حاله غريبه في الشيخ النخودكي كيف يأثر كلامه؟! والتفت إلى أن هذه الحالة غير طبيعية وأن فيها كرامة!!
السيد البروجردي التفت إلى الشيخ النخودكي، قال له: شيخنا ما هو السرّ في محاضراتك؟! إذا تصعد المنبر الكل يتأثر.
فقال: أنا ألقي كـسائر الخطباء!
فقال له السيد البروجردي: توجد خصوصية في خطاباتك، هذا التأثير الموجود في خطاباتك له بعد تكويني، أنت قمت بعملٍ أوجب تحقق هذا التأثير، فما هو؟!
فقال الشيخ النخودكي: سيدنا بما أنك أصررت سأعطيك الجواب.
قال: كنت في زيارة سيد ومولاي الإمام الهادي والعسكري في سامراء ـ رزقنا الله وإياكم الوصول والزيارة ـ .
يقول: ومن أخلاق العرب أنك إذا أقسمت على أحدٍ بأمه أو بأبيه فأجابك، يقول: فبت أربعين ليلة، وآنذاك كان الحرم يغلق في الليل، وكان تحت الأوقاف السنية، يقول: فأعطيت مالاً لسادن الحرم وحارسه فسمح لي.
يقول: بتّ أربعين ليلة عند ضريح الإمام الهادي والعسكري وضريح السيدة حكيمة عمة الإمام المهدي والعسكري، وضريح السيدة نرجس.
يقول: أربعين ليلة استغيث بالإمام المهدي، وقلت: أقسم عليك بأمك وأبيك، أريد أن أراك، بحقّ أمك وأبيك عليك أريد أن أراك.
يقول: في اليوم الأربعين، جائني رجلٌ أعشى نوره بصري بحيث لم أستطع النظر إليه.
فقال لي: ما حاجتك؟! أقسمت عليّ بأمي وأبي؟! ما هي حاجتك؟!
قلت له: جعلت فداك ليس لدي حاجة أريد أن أراك فقط وأدعو لك واطمئن على أحوالك.
فقال له: والآن أنا اطلب منك، اذكر حاجتك! اطلب ما تريد!
يقول: فقلت له: والله العظيم لم أقسم عليك بأمك وأبيك لحاجة في نفسي، وإنما أردت أن أراك حبّاً لك وليس لدي طلبٌ خاص.
يقول: فقال لي: ما دمتم لم تطلب طلباً سأعطيك شيئاً، إذا صعدت أي منبرٍ فإن كلامك سيؤثر في الحاضرين ويدخل القلوب بلا استئذان.
إخوتي وأحبتي في الله، إن رأيت إنساناً ناجحاً في تدريسه، في محاضراته، في مشاريعه، فابحث عن سرّ نجاحه، حتماً عنده سرّ نجاح. قد يكون سرّ نجاحه تعلقه بالإمام المهدي! قد يكون سرّ نجاحه تعلقه بالإمام الحسين! قد يكون سرّ نجاحه تعلقه بالإمام الرضا! قد يكون سرّ نجاحه دعاء والديه له، أو برّه لوالديه.
من أهم وأفضل أسرار النجاح دوام الارتباط بإمام العصر وولي نعمتنا الإمام محمد بن الحسن المهدي ـ عج ـ .
أبارك لكم مجدداً ولادة الإمام المهدي ـ عج ـ ونسأل الله عزّ وجل أن يوفقنا لنصرته والقتال بين يديه والشهادة بين يديه، إنه تعالى على كل شيء قدير وبالإجابة حقيقٌ جدير وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.
تعليق