-
البث المباشر
دروس الخارج لسماحة الشيخ عبدالله الدقاق حفظه الله
-
المحاضرات
09
يناير | 2024الانتظار الإيجابي
•┈┈┈••●◆❁✿❁◆●••┈┈┈•
السلام عليكم أيها الأحبة في الله ورحمة الله وبركاته.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً برحمتك يا ارحم الراحمين، وصلّ اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
جاء في الرواية الشريفة عن سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد: <أفضل أعمال أمتي انتظار فرج الله> صدق سيدنا ونبينا النبي الخاتم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .
نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام ولي الله الأعظم الحجة بن الحسن بمناسبة مولده الشريف، نزف التهاني والتبريكات إلى مراجع الدين وعلماء المسلمين لا سيما ولي أمر المسلمين وإليكم أيها الحفل الكريم، أيها الأحبّة.
الكلام عن مفهوم الانتظار الإيجابي لا السلبي.
ولد الإمام المهدي ـ عج ـ في ليلة الخامس عشر من شعبان من عام مئتين وخمسة وخمسين هجرية قمرية، وهذه الليلة هي ليلة الخامس عشر من شعبان من عام 1444 هـ ق ، إذا هذه الليلة يبلغ عمر الإمام المهدي 1189 سنة، لكنه يخرج شاباً يافعاً في سنّ الأربعين ببركات ربّ العالمين تبارك وتعالى.
عاش في كنف والده خمس سنوات، استشهد الإمام الحسن بن علي العسكري عام 260 هـ .
إذا الإمام المهدي استلم زمام الإمام الفعلية وهو في سنّ خمس سنوات فهو أصغر الأئمة سنّاً في استلام مقاليد الإمامة، ويليه الإمام الجواد الذي استلم الإمام في سنّ ثمان سنوات، ولتعجيل فرج قائم آل محمد، اعملوا قيام، رحم الله من ذكر القائم فقام.
الثانية غفر الله لكم.
الثالثة بأعلى أصواتكم.
الإمام ـ عليه السلام ـ منذ أن ولد أخفاه الإمام الحسن العسكري عن الأنظار واعتنى به، الله عزّ وجل أخفى حمل أمه نرجس ـ صلوات الله وسلامه عليها ـ وحينما استلم الإمامة بدأت الغيبة الصغرى من عام 260 هـ إلى عام 329 هـ ق سنة وفاة ثقة الإسلام الكليني صاحب الكافي على قولٍ، وفي قولٍ 328 توفي الشيخ الكليني. الغيبة انتهت سنة 329 أي مدة الغيبة الصغرى 69 سنة دخل فيها الإمام المهدي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ نظام السفارة عبر النواب الأربعة، وهم:
الأول أبو عمر عثمان بن سعيد العمري.
الثاني ابنه محمد بن عثمان سعيد العمري.
الثالث الحسين بن روح النوبختي.
الرابع علي بن محمد السمري.
وقد كتب له الإمام ـ عليه السلام ـ أنه بقي لك ستة أيام فأعهد عهدك وأوصي وصيتك ولا توصي إلى أحدٍ من بعدك، أما الآن فقد انتهت الغيبة الصغرى، وبدأت الغيبة الكبرى، ألا فمن إدعى الرؤية أو المشاهدة قبل الصحية وخروج السفياني فهو مفترٍ كذاب.
وبدأت الغيبة الكبرى من عام 329 هـ ق إلى عامنا هذا 1444 هـ ق ونحن بانتظار الإمام ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فما هو مفهوم الانتظار الحقيقي والإيجابي؟ دون الانتظار السلبي.
فقد وردت روايات كثيرة تدل على أن صاحب العصر والزمان يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، فكيف نعجل بظهور الإمام؟! وما هو مفهوم الانتظار الصحيح الذي يريده الإمام ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ؟!
توجد بعض المفاهيم الصحيحة للانتظار، وتوجد بعض المفاهيم المغلوطة والخاطئة للانتظار.
من هذه المفاهيم الخاطئة ما ذهب إليه من يعرفون بالحجتية وهذا تيار كان موجود في إيران وإلى اليوم أيضاً بودره موجودة، وقد قوي أيام الشهيد مرتضى مطهري.
جماعة الحجتية يقولون: ينبغي نشر الفساد بالأرض، لأن الإمام متى يظهر؟! إذا الأرض ملئت ظلماً وجوراً، إذاً فلنترك الناس وشهواتهم ونزواتهم لكي تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً حتى يظهر الإمام ويملأها قسطاً وعدلاً.
هذا المفهوم خاطئ يخالف فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل هذا يشير إلى رواية وردت عن رسول الله سيدنا ومولانا أبي القاسم محمد إذ قال: <كيف بكم إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟! قيل: أويكون ذلك يا رسول الله؟! فقال: كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفاً والمعروف منكراً؟! قيل: أويكون ذلك يا رسول الله؟! قال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟!>.
جماعة الحجتية وهذا الاتجاه مصداق للأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، كيف تسعى لانتشار الفساد في الأرض؟! الغاية لا تبرر الوسيلة، غايتك حسنة ظهور الإمام ـ عج ـ لا يمكن أن تسعى للغاية الحسنة بالوسيلة السيئة وهي نشر الفساد والفحشاء في الأرض.
إذا هذا الاتجاه مصداقٌ بارز وواضح لمفهوم الانتظار السلبي الخاطئ.
معنى آخر أن لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر وتجلس على التلّ لانتظار ظهور الإمام ـ عج ـ بحجة أن الإمام ـ عليه السلام ـ قد أوكلت له مهمة رسالية وهو ينتظر الإذن من الله تبارك وتعالى.
هذا المفهوم أيضاً غير صحيح لأن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفريضة الجهاد في سبيل الله مطلقة في زمن الحضور والغيبة معاً، الخطابات الموجهة إلى المكلفين في الشريعة الغراء مطلقة تشمل عصر الحضور والغيبة معاً.
إذاً هذا الاتجاه أيضاً غير صحيح.
الاتجاه الثالث انتظار علامات الظهور، فقد ورد أن علامات ظهور الإمام الحجة ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ على قسمين:
القسم الأول العلامات الحتمية.
القسم الثاني العلامات غير الحتمية.
العلامات الحتمية القدر المتيقن منها علامتان وهما ما وردتا في التوقيع الشريف: <قبل الصيحة وخروج السفياني>، والبعض أضاف إليها ثلاثة علامات فصارت خمسة، العلامات الخمسة هي: <خروج السفياني وهو عثمان بن عنبسة من نسل بني أمية، يخرج من الوادي اليابس في الشام> تعبر بعض الروايات <ذات الأدرع> البعض يطبقها على درعا الآن على الحدود السورية الأردنية.
عثمان بن عنبسة يسيطر على الشام ويقتل حاكم الشام، ثم يخرج بجيشه لقتال الإمام ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .
الإمام المهدي ـ عج ـ أول ما يظهر يظهر في مكة في بيت الله الحرام بين الركن والمقام، ويجتمع معه أصحابه 313 من مختلف أصقاع العالم، ثم يطارد فيخرج الإمام خائفاً مترقباً من مكة إلى المدينة ثم يسير السفياني جيشه إلى الإمام الحجة في المدينة، يخرج الإمام إلى مكة، ثم يخرج جيش السفياني خلفه فيخسف بالبيداء، والبيداء صحراء بين مكة والمدينة، وقريبة من المدينة المنورة.
العلامة الثانية من العلامات الحتمية الخسف بالبيداء، يهلك جيش السفياني وينجو منه اثنان أو ثلاثة يطلقهما الإمام ويرجعان إلى السفياني لإعلامه بما جرى.
العلامة الثالثة الصيحة جبرائيل ـ عليه السلام ـ يصيح في السماء في شهر رمضان ويصرخ صرخه يسمعها جميع أصقاع العالم كلٌ بلغته، والإمام ـ عليه السلام ـ يظهر يوم الجمعة في محرم الحرام.
إذاً بين الصحية وخروج الإمام عدة شهور، فالصحية تكون في شهر رمضان وخروج الإمام ـ عليه السلام ـ يكون في العاشر من محرم يوم الجمعة على بعض الأقوال.
إذاً الصيحة من علامات عام الظهور لأن العلامات على أقسام، هناك علامات ما قبل الظهور بسنوات تتحدث عن أجواء الظهور، وهناك علامات سنة الظهور كالصيحة فالصحية علامة تكون في سنة ظهور المهدي ـ روحي وأرواح العالمين فداه ـ .
كذلك خروج السفياني السفياني يحكم حمل إمرأة يعني تسعة شهور، فالسفياني أيضاً من علامات سنة الظهور ويقتله الإمام ـ عليه السلام ـ يرميه بحربه عند بحرية طبرية الموجودة اليوم في فلسطين المحتلة، فيقضي عليه الإمام ـ عليه السلام ـ وتسقط الشام بيد الإمام ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .
إذاً خروج السفياني من علامات سنة الظهور، الخسف في البيداء من علامات سنة الظهور، الصيحة من علامات سنة الظهور.
العلامة الرابعة خروج اليماني، الرواية تقول: <فإذا ظهر اليماني فأتوه فلو حبواً على الثلج فإن رايته راية هدى، راية اليماني أهدى الرايات> لأن راية اليماني راية مناصرة، وراية الخراساني راية ممهدة وموطئة.
تقول الروايات: تقوم دولة إسلامية في خراسان، تمهد لظهور الإمام المهدي ـ عج ـ فإذا ظهر الإمام المهدي يكون القائد العسكري للإمام المهدي ولجيوشه هو القائد العسكري للخراساني وهو شعيب بن صالح. ولكن الخراساني عند ظهور الإمام لا يدخل مع الإمام في المعركة لأن السفياني يحرك جيشه إلى العراق ويسفك الدماء في الكوفة فيحرك اليماني رايته ويدخل مع الإمام المهدي إلى الكوفة وينصر المهدي ومعه اليماني.
فاليماني قائد عسكري يدخل المعركة مع الإمام، الروايات تثني على شخص اليماني، تقول: <رجلٌ صالح>.
إذاً العلامة الرابعة من علامات الظهور خروج راية اليماني المناصرة التي هي أهدى الرايات، وهذه أيضاً من علامات سنة الظهور.
العلامة الخامسة والأخيرة من العلامات الحتمية هي قتل النفس الزكية وهو السيد محمد من نسل الإمام الحسن الزكي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ يظهر بين الركن والمقام فيقتل هناك، فيظهر المهدي.
الروايات تشير إلى أنه إذا قتل النفس الزكية ظهر المهدي يعني في نفس الشهر أو في نفس الأسبوع.
فإذاً أقرب العلامات هي قتل النفس الزكية، ولكن بعض العلماء عنده تأمل في العلامات الحتمية الخمس ويقول: إنها اثنتان فقط الصيحة وظهور السفياني، بل بعض العلماء يرى أن جميع العلامات الحتمية تتبع لعموم قوله تعالى: <يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده علم الكتاب> يعني قابلة للتغيير وتدخل في لوح المحو والإثبات.
وأما العلامة غير الحتمية فهي كثيرة، منها: أنه تحصل زلزلة في الشام ويسقط سور جامع دمشق، منها أن العرب تخلع أعنتها ويحكم حاكم مصر، وروايات كثيرة يمكن مراجعتها والرجوع إلى كتاب كمال الدين وتمام النعمة لثقة المحدثين المولود بدعاء الإمام الحجة محمد بن علي بن حسين بن بابويه الصدوق، وكتاب الغيبة للنعماني، وكتاب الغيبة للشيخ الطوسي، وغيرها من الكتب التي كتبها الأعلام. ويمكن أن ترجعوا إلى مصدر حديث لا بأس به وهو كتاب منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر الذي كتبه المرحوم سماحة آية الله العظمى الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني بأمر سماحة آية الله العظمى المرجع الأعلى آنذاك السيد حسين البروجردي ـ قده ـ .
المعنى الثاني للانتظار أن تجلس وتراقب السماء وتنتظر حصول العلامات من دون أن تحرك ساكناً، هذا أيضاً معنى خاطئ للانتظار، كون هذه علامات لا يعني سقوط فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فـ يا عبد! منك الحركة ومن الله البركة.
إذاً المعنى الحقيقي للانتظار تفعيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله والعمل بالتكاليف الشرعية المتوجهة إلى الفرد والمجتمع معاً حتى يتعجل ظهور صاحب العصر والزمان.
سؤال: هل نحن ننتظر الإمام أم أن الإمام هو الذي ينتظرنا؟! أفتونا مأجورين؟! هل نحن ننتظر الإمام الحجة أم أن الإمام الحجة هو الذي ينتظرنا؟! هل الإمام يظهر لنا أم أننا نظهر للإمام؟! هل الإمام يخرج لنا أم أننا لا بدّ أن نخرج أولاً للإمام ـ عليه السلام ـ ؟!
الجواب: الاثنان مطلوبان.
البعض يقول: لا معنى لظهور الإمام وخروجه نحن لا بدّ أن نخرج ونظهر للإمام، الإمام هو الذي ينتظرنا فإذا أعددنا العدة فإنه سيظهر هذا غير صحيح، من قال: أن ملاك ظهور الإمام ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ هو إعدادنا أنفسنا لكي يظهر؟! بعض الروايات الإمام ينتظر الإذن من الله تبارك وتعالى.
إذاً نحن ننتظر ظهور الحجة ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .
وهو أيضاً ينظرنا عملية تبادلية تكاملية نحن لو أعددنا العدة لتعجل الفرج، والدليل على ذلك: ما ورد في التوقيع الشريف المنسوب إلى الإمام الحجة ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ولو أن أشياعنا على اجتماع من القلوب لتعجل إليهم الفرج.
إذاً إعداد العدة مطلوب أن نظهر للإمام ـ عليه السلام ـ مطلوب، أن نهيئ الأسباب مطلوب، والإمام ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ينتظر الإذن من الله تبارك وتعالى للخروج.
سؤال: كيف نعد أنفسنا لظهور الإمام الحجة؟ ما هي الأدوات والوسائل التي من خلالها يمكن أن نغير أنفسنا؟ أن نطور أنفسنا؟! أن نسعى في تقدم الفرد والمجتمع والأمة الإسلامية.
الجواب: هناك عدة وسائل أبرزها ثلاثة وهو ما عبرت عنه بمثلث التغيير والإصلاح في الأمة، كلٌ يريد أن يغير عليه أن يأخذ بثلاثة أسباب هذه الأسباب الثلاثة تشكل أضلاع مثلث.
الأمر الأول تخطيط.
الأمر الثاني بناء الكوادر البشرية.
العنصر الثالث توفير الاستثمارات والمال.
هذه أركان ثلاثة كل إنسان يريد يغير وضعه الفردي أو وضعه الاجتماعي أولاً عليه بالتخطيط الاستراتيجي:
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أولٌ وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا في نفسٍ حرةٍ بلغت من العلياء كل مكان
أفضل الدول تقدمت بفضل التخطيط والبرمجة والدراسات، خطة استراتيجية لأربع سنوات على الأقل، خطة تكتيكية لسنتين على الأقل، خطة تشغيلية لسنة على الأقل، وخطة يومية وبرنامج عمل يومي، وفق هذه الرؤية الإنسان يستطيع أن يتقدم وفق دراسة ووفق برنامج.
والمكان بالمكين، الثروة البشرية، اليوم أثمن شيء في الشركات والمؤسسات هو العنصر البشري أثمن شيء، إذا لا بدّ من تدريب الكوادر البشرية، تأهيل الناس لنصرة ولي الله الأعظم ـ أرواحنا لتراب مقدمة الفداء ـ .
الأمر الثالث توفير الأموال.
هذه العناصر الثلاثة موجودة كما يقولون: <انتصر الإسلام بسيف علي، وأموال خديجة، وأخلاق أبي القاسم محمد>.
إذاً لا بدّ من إعداد العدة بالنسبة إلى العناصر الثلاث: التخطيط وتدريب الكوادر في مختلف الأصعدة وتوفير الإمكانات والاستثمارات.
حينها إذا أذن الله لنا سنكون أمة قوية محكمة، وإن شاء الله مؤهلة لظهور ولي الله الأعظم ـ أرواحنا لتراب مقدمة الفداء ـ .
أبارك لكم مجدداً ولادة المهدي بن الحسن، وأعتذر كثيراً على الإطالة والاستطالة خصوصاً في محضر شيخنا الأستاذ المفدى سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، وأستغفر الله لي ولكم إنه غفورٌ رحيم وتواب حليم، والحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.
تعليق