-
البث المباشر
دروس الخارج لسماحة الشيخ عبدالله الدقاق حفظه الله
-
المحاضرات
27
يناير | 2024خصائص طالب العالم النموذجي وتحديات الواقع المعاصر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.
فعاليات |
|
المحاضر: الشيخ عبد الله الدقاق |
العنوان: خصائص طالب العلم النموذجي وتحديات الواقع المعاصر
جاء في الرواية الشريفة عن سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد أنه قال: «إذا أراد بعبدٍ خيراً فقهه في الدين وألهمه اليقين» صدق سيدنا ونبينا صلى الله عليه وآله.
أرحب بهذه الوجوه الطيبة والمباركة في مدرسة سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت ـ رحمه الله ـ هذه المدرسة مدرسة الشيخ القديري التي خرجت من العلماء والشهداء في هذا المحفل المصغر أحببت أن أتطرق إلى خصائص طالب العلم النموذجي وتحديات الواقع المعاصر.
طالب العلم وعالم الدين ينبغي أن يتحلى بعدة خصائص أبرزها ثلاثة:
الأول العالم، الثاني التقوى، الثالث الوعي.
أما الخصيصة الأولى العلم فالعلم من أهم الصفات فالذات الإلهية لها عدة صفات ولكن أهم صفات الذات الإلهية العلم بل مرجع بعض الصفات الإلهية كالقدرة إلى العلم لأنه لو لم يكن عالماً لما كان قادراً والعلم أهم صفة في حياة جميع الأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين.
بعض الطلاب يقول: ليس المهم التحصيل العلمي المهم العمل في سبيل الله المهم الجهاد في سبيل الله، هذا غير صحيح، لأنك كيف تشخص أن هذا جهاد أو فساد؟ من لذلك التحصيل العلمي والفضيلة العلمية هذا أمر مطلوب في حياة طالب العلم، إذا كان شخص مجاهد لكن ليس بعالم يقال له هذا مؤمن هذا مؤمن مجاهد ولا يقال له عالم مجاهد.
إذاً التحصيل العلمي والفضيلة العلمية الحوزية وكذلك الدراسة أكاديمية هذا أمر مهم جداً ينبغي لطالب العلم أن يركز على جانب التحصيل العلمي، أن يتقن دراسته جيداً بحيث يصبح من أساتذة الحوزات العلمية والمعاهد المعرفية.
الخصيصة الثانية الورع والتقوى العلم سلاح ذو حدين الطبيب إذا كان بارعاً في الطيب ولكن لا دين له ولا ورع قد يبيع أعضاء الإنسان يبيع كبده قلبه أعضاء الأطفال، طالب العلم إذا صارت عنده فضيلة علمية لكن لا ورع له ولا تقوى فإنه قد يسخر العلم من أجل أعداء الإسلام.
إذا العلم وحده لا يكفي لا بد أن يقترن العلم بالورع والتقوى يقول علي ـ عليه السلام ـ : «العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل».
هاتان الخصيصتان العلم والورع، المعرفة والتقوى، التعبد والتهجد، التعلم والتهجد أمران مهمان جداً، في يوم من الأيام دخل رسول الله أبو القاسم محمد المسجد فرأى جماعتين أحداهما مشغولة بالتعلم والتعليم في حلقة دراسية والأخرى مشغولة بالتعبد والتهجد، فقال: كلاهما إلى خير، ثم قال: بالتعليم بعثت فذهب وجلس إلى الجماعة الذين يتعلمون ويدرسون.
لذلك ورد «نوم العالم أفضل من القائم المجاهد» لأن بالتعليم يمكن أن تعرف أن هذا صيام أو هذا حرام يمكن أن تعرف هذا جهاد أو إفساد.
يقول سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت في حق أستاذه سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الأصفهاني، وينقل عن الشيخ البهجة أستاذنا المعظم آية الله المرحوم الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي قائلاً:
لو نظرنا إلى حياة أستاذنا الشيخ الأصفهاني من أول اليوم إلى آخر اليوم، ونظرنا إلى علمه لقلنا إنه من أول طلوع الفجر والشمس إلى آخر الليل لا شغل له إلا العلم والتحقيق.
ولو نظرنا إلى عبادته لقلنا لا شغل له من أول اليوم وطلوع الشمس إلى آخر اليوم إلا التعبد والتهجد، فهذا يعني أن الشيخ الأصفهاني ـ رحمه الله ـ كل يوم برمجة للعلم والورع، برنامج للعلم والمعرفة وبرنامج آخر للتعبد والتهجد.
أنتم الآن شباب في مقتبل الحياة ضع لك برنامجا للدروس درس تدريس مباحثة مطالعة تحقيق وضع لك أيضاً برنامجاً للعباد والتهجد ومحاسبة النفس وتهذيب النفس هذان أمران مهمان.
طالب العلم في مدرسة أهل البيت ليس هو الشخص الذي عنده مجموعة من المعلومات هذا موجود في الهارد ديسك والكمبيوترات، الكمبيوتر والهارديسك عنده معلومات أكثر مني ومنك، العالم وطالب العلم في مدرسة أهل البيت هو الشخص الذي تتجسد فيه هذه العلوم يعني في سيرته العملية يتجسد العلم الذي درسه هذا هو العالم وليس العالم هو الذي يحفظ مجموع من المصطلحات والمعلومات.
إذا تم هذان الأمران الخصيصة الأولى العلم والمعرفة والخصيصة الثانية الورع والتقوى والتعبد والتهجد يأتي دور الخصيصة الثالثة الوعي جاء في الرواية «العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس» الشخص الذي عنده بصيرة عنده إلمام ودراسة بالواقع هذا لا تزل قدمه يشخص إمام زمانه يشخص ولي أمره ويشخص الأحداث والحوادث.
إخوتي وأحبتي في الله ينبغي أن تضعوا لكم نموذجاً من العلماء والفقهاء يكون أسوة لكم بنظري القاصر والفاتر أنا قدوتي وأسوتي في هذا الزمان هو أبو الفتوح السيد روح الله الموسوي الخميني وخلفه الصالح الإمام السيد علي الحسيني الخامنئي هذان العلمان فلننظر إلى الخصائص الثلاثة في حياتهما، كيف كانت دراستهما؟ وكيف كان تحصيلهما العلمي والحوزوي؟ كيف كان تعبدهما وتهجدهما والورع والتقوى الذي تجلى في محياهما، والأمر الثالث كيف كانت متابعتهما لشؤون العالم الإسلامي بل جميع العالم، هذا كله يحتاج إلى برنامج.
لعل التحصيل العلمي والتحصيل العملي وتهذيب النفس توجد كتب مثلاً منية المريد في آداب المفيد والمستفيد كتبه الشهيد الثاني لآداب التحصيل العلمي، كتاب محاسبة النفس كتبه الشهيد الثاني أيضاً لكيفية تهذيب النفس وأيضاً الكفعمي عنده أيضاً محاسبة النفس.
لكن أحياناً طالب العلم قد لا يجد منهجاً لكيفية معرفة الواقع ودراسة الواقع مثلاً الآن نحن نشهد أحداث غزة إسرائيل المغتصبة تقوم بالعدوان يومياً على أهلنا في غزة إلى الآن ثلثي مباني غزة هدمت بالكامل أكثر من ثلاثين ألف شهيد ومفقود قرابة عشرة آلاف من الأطفال سبعمئة من النساء يعني قرابة الثلثين من النساء والأطفال هذا الواقع الميداني الموجود.
أو ما يجري للمسلمين جميعاً ماذا يجري الآن في البحرين؟ ماذا يجري في لبنان؟ ماذا يجري في أفغانستان؟ ماذا يجري في إيران؟ وكيف نشخص الأحداث بشكل دقيق؟
الجواب: كما أن العلم يؤخذ من أفواه الرجال ولا يؤخذ من بطون الكتب وكما أن طريقة التهذيب والتهجد والتعبد تؤخذ من العلماء والرجال ولا تؤخذ من بطون الكتب وتحتاج إلى مرشد ومعلم ومهذب كذلك السياسة تؤخذ من أصحاب القرار ولا تؤخذ من الإذاعات والتلفزيونات والتحليلات المختلفة.
لأن السياسة فيها فوق الطاولة وفيها تحت الطاولة ومن لا يفهم الأمن لا يفهم السياسة ومن لا يفهم التاريخ لا يفهم السياسة، ومن أين تعرف الأمن؟ من أهل الخبرة والاختصاص وأصحاب القرار، ومن أين تفهم التاريخ؟ من أهل الاختصاص والاعتبار.
لذلك إذا حدثت حادثة تفجير معين اغتيال معين في إيران أو لبنان أو سوريا اليوم إن شاء الله نشيع الشهداء الذين غدر بهم في سوريا الحبيبة نحتسبهم شهداء عند الله عزّ وجل وهنيئا لهم هذا التوفيق.
إذا أردت أن تحلل هذه الأحداث تحليلاً دقيقاً وواقعياً وأن المنطقة إلى أين سائره؟ وما هو مستقبل اليمن في مواجهته مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والدول المتحالفة معهما في البحر الأحمر؟ وما هو مستقبل حزب الله لبنان؟ مع وجود مناوشات بين شمال ما يسمى إسرائيل أي شمال فلسطين المحتلة وبين جنوب لبنان حيث حزب الله لبنان.
وما هو مستقبل الفصائل العراقية؟ وما هو مستقبل محور المقاومة؟ إذ أن إسرائيل أو ما يسمى بإسرائيل هذه الدولة السرطانية هذه الغدة السرطانية محاطة بمحور المقاومة من حدود برية من سوريا حيث هضبة الجولان ومن الشمال حيث الجنوب اللبناني وحزب الله لبنان وأيضاً من أيضاً محاطة من مصر حيث سيناء وأيضاً محاطة من دول خارج الحدود البرية حيث أنصار الله في اليمن والفصائل العراقية في العراق، الدولة المغتصبة إسرائيل الآن محاطة بعدة جبهات تديرها محور المقاومة بقيادة ورئية وريادة الإمام السيد علي الخامنئي ـ أيده الله ـ .
لمعرفة وضع المنطقة بشكل دقيق أنت بحاجة إلى التواصل مع أصحاب القرار لأن أصحاب القرار لديهم معلومات هذه المعلومات لا تنشر في وسائل الإعلام وإنما تنشر بشكل مقتضى ولتوضيح المسألة بشكل أدق الرأي الصحيح عبارة عن معادلة مفادها معلومات صحيحة زائد تحليل صحيح.
فمن لديه معلومات صحيح لكن التحليل خاطئ ستكون النتيجة خاطئة، ومن لديه معلومات خاطئة لكن التحليل صحيح أيضاً ستكون النتيجة خاطئة، ومن لديه معلومات خاطئة والتحليل أيضاً خاطئ ستكون أيضاً النتيجة خاطئة لأن النتيجة تتبع أخس المقدمات. نعم، من حاز على الاثنين الأغرين المعلومات الصحيحة ثانيا التحليل أيضاً صحيح فإن النتيجة ستكون أيضاً صحيحة.
لذلك إذا أردتم معرفة الواقع لابد من الاستماع إلى الأخبار في التلفزيون والإذاعة وقراءة الجرائد هذا لابد منه ولابد من متابعة أمور المسلمين فعن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : «من لم يهتم بشؤون فليس بمسلم» لكن إذا أردت أن تكون متابعتك دقيقة وأردت أن تصل إلى جوهر المسألة لابد من التواصل مع أصحاب القرار.
لذلك إذا حصلت حادثة وقالوا لك: ما هو تحليلك لهذه الحادثة؟ فإذا كانت لديك معلومات دقيقة من أصحاب القرار فإنك ستستطيع أن تحلل الحادثة بشكل دقيق، ولكن إذا لم توجد لديك معلومات دقيقة فحينها قل أنا سأحلل بشكل أولي ولكن التحليل الدقيق والواقعي ينبغي أن يستند إلى معلومات وأنا لا توجد لدي معلومات فلا أستطيع أن أحلل بشكل دقيق وواقعي.
هذه خصائص ثلاثة احرصوا أيها الإخوة والأحبة على فيها لا بد أولاً أن يكون تحصيلك العلمي قوياً ودقيقا، ثانياً أن تكون ورعاً تقياً، ثالثاً أن تكون واعياً أي طالب يتحلى بصفتين سيكون ناجحاً الصبر والبصيرة، الصبر أنت تحتاجه في الخصال الثلاث في العلم تحتاج إلى الصبر «من لم يصبر على ذل من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً» التعبد والتهجد أيضاً يحتاج إلى صبر وأيضاً تحصيل الوعي والخبرة والمعرفة أيضاً تحتاج إلى صواب البصيرة أيضاً أنت تحتاج إلى بصيرة في العلم إلى بصيرة في التعبد والتهجد إلى بصيرة في تحصين الواعي والخبرة بواقع الأمور.
نحن نشكر الله عزّ وجل أن ولدنا في هذا العصر عصر الوعي الإسلامي هذا العصر هو عصر الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ الإمام الخميني حينما جاء غير مجرى التاريخ في العالم المعاصر نقل الإسلام إلى الساحة، كان الإسلام والمسلمين قد غيبوا عن الساحة السياسية والساحة الدولية بمجيء الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ أصبح الإسلام السياسي والإسلام الشيعي يهجم.
الشيعة على مرّ التاريخ كانوا يقتلون في هذا الزمان أصبحوا يقتلون ويقتلون، كنا دائماً في حالة دفاع الآن في حال الدفاع وحالة هجوم، وهذه نعمة.
وأما عهد سلفه الصالح الإمام السيد علي الحسين الخامنئي فقد شهدنا فيه ازدهار إيران إنه يوسف هذا العصر هو الذي بنى إيران الحديثة، النبي يوسف ـ عليه السلام ـ بنى دولة العزيز اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم، المصداق البارز للحفيظ العليم في هذا العصر والإمام ولي أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي ـ حفظه الله ـ .
والإمام الخامنئي رأى رؤية قديمة وموجودة هذه في كتاب إن مع الصبر نصرة يقول: رأيت أن الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ قد ارتحل من الدنيا ومات هذا في حياة الإمام الخميني وشيعت جنازته إلى أن وصلوا إلى جبل وكلما قربت الجنازة من الجبال قل الناس ثم وضعت الجنازة على الجبل يقول أردت أن انظر إليه النظرة الأخيرة على وجه الإمام الخميني، قلت: اكشفوا عن الكفن.
يقول: فكشفوا عن الكفن وإذا بالإمام الخميني ينظر إلي، ويقول: أنت يوسف هذا العصر.
وهذا ما شهدناه الآن حسب الواقع باني دولة مقتدرة لله الحمد لم تقتصر على الداخل الإيراني بل توسعت لدول الإسلام ودول العالم.
نحن شهدنا في عصر السيد القائد ـ أيده الله ـ تدشين محور المقاومة هذا المحور القوي الذي أخذ يتسع أفقيا من فلسطين المحتلة إلى سوريا إلى لبنان الحبيبة إلى العراق إلى اليمن وإلى المزيد إن شاء الله وأخذ يتسع عموديا بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والحملات السيبرانية والتقدم التقني والالكتروني وإن شاء الله هذا كله يسهم في تعجيل ظهور صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى.
فقد دلت الروايات الشريفة على أن راية الخراساني ودولة الخراساني تمهد لظهور ولي الله الأعظم الإمام المهدي ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف.
نحن لا نستطيع التوقيت فقد ورد في الروايات «كذب الوقاتون» لا نستطيع أن نوقت صاحب العصر والزمان سيظهر الآن وفي هذا الوقت ولكن نأمل إن شاء الله أن تكون هذه الأحداث تمهد لظهوره لأن البؤر التي دلت روايات الظهور على اشتعالها الآن مشتعلة العراق حيث عاصمة الإمام المهدي في الكوفة والعراق مشتعل وملتهب، والشام حيث خروج بعض الرايات من هناك، واليمن حيث راية اليماني التي هي أهدى الرايات وخراسان حيث الدولة الموطئة والممهدة لظهور الإمام المهدي عجل الله على فرجه الشريف.
إن شاء الله نعمل على إعداد أنفسنا لأن الإسلام بحاجة إلى جنود الإمام المهدي بحاجة إلى جنود بل نحن بحاجة إلى الإسلام وإلى الإمام المهدي لنا الفخر والشرف أن نعد أنفسنا.
إذا أردنا أن نعد أنفسنا بشكل لائق بحيث يقبلنا الإمام المهدي، يقبلنا الإسلام، فعلينا أن نعمق هذه الخصائص الثلاث: العلم والتقوى والورع كان بودي أن أتحدث معكم أكثر ولكن حتى لا يحرم الجميع من ثواب تشييع شهداء الإسلام هذا اليوم في الحرم الشريف، نكتفي بهذا المقدار.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه غفور رحيم وتواب حليم والحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين.
تعليق