المحاضرات

ذكريات حول الشهيد السيد علي الموسوي

06

فبراير | 2024
121

ذكريات حول الشهيد السيد علي الموسوي

مشاركة سماحة الشيخ عبد الله الدقاق (حفظه الله) في الذكرى العاشرة لتأبيين الشهيد السيد علي الموسوي ـ ره ـ، وقد ألقى سماحته كلمة تحدث من خلالها عن شخصية الشهيد والذكريات التي جمعتهما معاً

22 رجب 1445

3 فبراير 2024

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

العنوان: ذكريات حول الشهيد السيد علي الموسوي

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم وخطابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

نجتمع جميعاً ومعاً لتأبين فقيدنا الغالي وقد مرت عشر سنوات مرور الكرام على ذكرى رحيل عزيزنا سماحة السيد علي الموسوي الساري ـ رحمة الله عليه ـ تعود ذكرياتي بالسيد السعيد إلى تسعينيات القرن الماضي جئت إلى مدينة قم المقدسة سنة ألف وتسعمائة وثلاثة وتسعين ميلادية ونحن اليوم في ألفين وأربعة وعشرين أي قبل واحد وثلاثين سنة تقريباً.

في بداية التسعينات في ذلك الوقت وتحديداً في عام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين كنا ندرس الجزء الأول من كتاب شرائع الإسلام وكان يحضر معنا أخوه سماحة السيد عقيل الساري ـ حفظه الله ـ وقد جاء للتو بالحوزة العلمية كان يعمل وترك العمل والتحق بسلك الدراسة الحوزية.

شاء الله أن تنبثق انتفاضة التسعينات في البحرين في ديسمبر ألف وتسعمئة وأربعة وتسعين بدايات ألف وتسع مئة وخمسة وتسعين ميلادية حينما أقدم نظام آل خليفة على اعتقال سماحة الشيخ علي سلمان في ديسمبر الفتح تسعمئة وأربعة وتسعين بحجة التحريض على الماراثون في البحرين وانطلقت انتفاضة التسعينات.

في ذلك الوقت فر بعض المجاهدين من البحرين إلى كما هو الحال في انتفاضة وثورة الرابع عشر من فبراير عام ألفين وأحدى عشر ميلادية بعض الاخوة كما فر بدينه في انتفاضة التسعينات أيضاً فر بدينه في ثورة الرابع عشر من فبراير بعد ملاحقة السلطات له.

من هؤلاء فقيدنا العزيز السيد علي الموسوي الساري ـ رحمه الله ـ فر هو وأخوه السيد فاضل وسكنا مع أخيهما السيد عقيل الساري في منطقة يزدان شهر.

هذا السيد كان يتميز بسمات منذ التسعينات كان يتميز بالبسمة الخاطفة من جهة، وبالروح الثورية من جهة أخرى، وبالعمل في صمتٍ من جهة ثالثة.

يبدو على محياه وعلى وجهه المرض فعلى الرغم من سمرة وجهه تعلو الصفرة ووجهه حتى ترى الصفرة في بياض عينيه نتيجة مرض فقر الدم المنجلي الذي كان مصاباً به، والمعروف بمرض السكلار، وهو مرضٌ معروف في البحرين، وسبحان الله أكثر المصابين بهذا المرض أذكياء جداً ومنهم السيد علي الموسوي ـ رحمه الله ـ .

كانت لنا لقاءات وجلسات في مدينة قم المقدسة ومشهد المشرفة أتذكر ما يدلل على همته العالية في ذلك الوقت أقام سماحة السيد محمود الغريفي ـ حفظه الله ـ والذي كان يعنى بالكتابة والطباعة وكانت عنده دورية تحت عنوان "مرآة الكتب" تدون وتؤرخ أهم الإصدارات في مدينة قم المقدسة فعمل للأخوين العزيزين السيد علي والسيد فاضل دورة في التحقيق.

وقد تعجبت كيف حضرا دورة التحقيق ولم يكن هذا توجههما فحضرا وحققا أحدهما كتاباً وطبعه السيد محمود الغريفي هذا كان في انتفاضة التسعينات إلى أن حصل الانفراج في عام ألفين وواحد ورجعنا جميعاً إلى بلدنا الحبيب البحرين، ورأيناه هناك ودار الزمن إلى ما بعد عقد من الزمن من ألفين وواحد عاشت البحرين من ألفين وواحد إلى ألفين واثنين عرساً جماعياً حريات ظاهرية صورية إلى أن انقلب حمد بن عيسى على الدستور وجاء بدستور المنحة لعام ألفين واثنين ميلادية وألغى دستور ألف وتسعمئة وثلاثة وسبعين الذي كتبه المجلس التأسيسي في ذلك العام، وكان مجلساً منتخباً.

انطلقت انتفاضة الرابع عشر من فبراير لعام ألفين وأحدى عشر، وكما يقولون التاريخ يعيد نفسه، تجمع المتظاهرون في دوار اللؤلؤة ميدان الشهداء سالت الدماء اعتقل من اعتقل، قتل من قتل، هجر من هجر، وإذا بي أرى السيد الموسوي مرة ثانية في مدينة قم المقدسة وببسمته المعهودة.

أتذكر في ذلك الوقت كنت أدرس في جامعة طهران تقديم الدكتوراة في الفلسفة، وكان مقيماً في طهران، وإذا جاء إلى قم يتصل.

أتذكر آخر اتصال بيني وبينه كنت في جامعة طهران، وكان يعمل بصمت من دون أي ضوضاء، وكان يتظاهر بالعمل الإعلامي وأنه يعمل في قناة العالم الفضائية، وإلى الآن الكثير من التقارير الخبرية في قناة في قناة العالم الفضائية لو رجعنا إلى الأرشيف سنجد أنه قد كتب تقرير السيد علي الموسوي.

وقد وفقت لرؤيته هناك أيضاً حينما كان عندنا لقاء مباشر وبث مباشر أيام أحداث دوار اللؤلؤة، وكان يتواجد هناك في غرفة الأخبار في دوار اللؤلؤة، لكن هذا كان غطاءً ظاهرياً، وكان يعمل بصمت كما عهدناه، ولم يتكلم معي مرة واحدة عن ذلك العمل.

حتى قلت له مرة: سيدنا أنت ويش شغلتك؟ وش قاعد تسوي؟

قال: يعني نخدم الثورة ونخدم المؤمنين، وكان ظاهر عمله أنه عمل إعلامي لكن كان عنده عمل آخر مع بعض التوجهات وبعض أطراف المعارضة واحتفظ عن التسمية رعاية لهم ولخصوصياتهم، لكنه كان يملك ثقلاً كبيراً ويحمل ملفاً حساساً، حتى قال بعضهم: إنه قد رحل ورحلت معه أسرار عمله، كان يحمل ملفاً مهماً وحساساً ولم يطلع على هذه المعلومات أحدٌ غيره، وحينما دفن ـ رحمه الله ـ دفنت معه أسرار ذلك العمل.

كان يعمل بصمت وهدوء وسكون، اشتاق إلى الجهاد والعمل في سبيل الله.

ذهب إلى العراق أيام غزو داعش لعراقنا الحبيب ذهب إلى هناك إلى حيث يشتاق وفي ساحات العمل والوغى إلى أن مرض في تلك الساحات واختاره الله تبارك وتعالى وعند الله نحتسبه شهيداً.

وهناك تفاصيل لا أريد ذكرها، ذَكرها لي من رافقه في اللحظات الأخيرة إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة، ولعل التاريخ سيخرجها وسيسطرها فيما بعد، فحياته فيها خصوصيات يعرفها بعض من صحبه ويجهلها الكثير ممن رآه ورافقه.

نحتسبه عند الله شهيداً عمل عملاً كبيراً لم تكشف إلى الآن الأمور التي قام بها وبقي مجهولاً لكنه مذكور عند رب العالمين إن شاء الله تعالى (لمثل هذا فليعمل العاملون).

إنه مثال بارز للعمل بصمت إنه نموذج بارز لقوله ـ عليه السلام ـ : «كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم» لم يكن من أهل التظاهر ولم يكن من أهل الثرثرة وكثرة الكلام، كان يعمل بهدوء صمت ولعله لم يعرفه إلا أحد المرافقين المقربين منه وهو موجود الآن، ولكنه أيضاً يجهل الكثير عنه.

نسأل الله عز وجل له علو الدرجات ونحتسبه عند الله شهيدا.