المحاضرات

04 - حسن الخلق

29

أكتوبر | 2024
116

04 - حسن الخلق

محاضرات أخلاقية التي تبث على قناة الولاية الفضائية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 حسن الخلق

ما المقصود بحسن الخلق؟

المقصود بحسن الخلق الفضائل والمحاسن التي قد تكشف عن أمر نفساني حسن، فمثلاً: الكرم، مثلاً: الشجاعة، الكرم، هذه صفة في الخارج، هذه منقبة، هذه فضيلة، هذه الفضيلة قد تكشف عن حسن السريرة الداخلية، قد تكشف عن نفس إنسانية تحب الخير، فالمراد بالأخلاق الحسنة أي الصفات والمحاسن والفضائل والمناقب التي تكشف عن نفس إنسانية راقية.

تشمل جميع الأخلاق الحسنة في مقابل الأخلاق السيئة، لأن الخلق ينقسم إلى قسمين: خلق سيء، وخلق حسن، محاسن ومساوئ، مناقب ومثالب، فضائل ومساوئ، فهناك أخلاق حسنة تكشف عن المحاسن والمناقب والفضائل، وهناك أخلاق سيئة تكشف عن المساوئ والرذائل والنفس الخبيثة.

إذا منشأها النفس هذه النفس تولد صفات إما صفات حسنة فتكون الأخلاق حسنة، إما صفات سيئة فتكون هذه الأخلاق سيئة.

قال الشاعر:

ملكنا فكان الحلم منا سجية

ولما ملكتم سال بالدم أبطح

فحسبكم هذا التفاوت بيننا

وكل إناء بالذي فيه ينضح

في إحدى البلدان أقيل أحد الأشخاص من عمله، حينما أقيل من عمله، اضطر أن يعمل هنا وهناك حتى أصبح من التجار وتحسن وضعه المالي، لكن سمع أن أحد أصحابه في العمل السابق ومن مذهب آخر، ومن طائفة إسلامية كريمة أخرى قد انتقل إلى دار جديدة، لكنه لم يملك المال الكافي لتأسيس داره، فما كان من هذا الرجل إلا أن استأجر سيارة كبيرة ووضع فيها ثلاجة وغسالة وسائر أثاث البيت وإمكانات البيت وارسلها هدية لصاحبه القديم في العمل.

وصلت السيارة إلى تلك الدار طرق الباب خرج تفاجأ بهذه الإمكانات، قال: أنا لم اشتري ثلاجة ولا غسالة ولم اشتري لوازم المنزل. فقيل له: إن فاعل خير قد ارسلها لك.

فقال لهم: ومن هو ذاك؟

فقالوا له: هو فلان.

قال: أنا لا أستطيع أن أخذ هذه الأغراض.

فاتصل صاحب السيارة إلى صاحب الخير، فقال له: يا فلان بحق الصداقة التي كانت بيننا في العمل السابق هذه الهدية مني.

فقال: لا أستطيع.

فقال له: ولم؟

قال: هل تعرف سبب إخراجك من العمل؟

قال: لا.

قال: أنا سبب إخراجك من العمل، أنا وشيت عليك فأخرجوك من العمل، فكيف أستطيع أن أخذ هذه الهدية؟

فقال له: خذها كل يعمل بأصله، كل يعمل بأصله، ولذلك يقولون: اعمل الخير فإن كان في أهله فقد وقع في محله، وإن لم يكن في أهله فأنت من أهله، لذلك الخلق إما مقابلة الإحسان بالإحسان، وإما مقابلة الإساءة بالإحسان.

الدعاء يقول: «يا من أظهر الجميل وستر القبيح» أنت الآن ترى الجميل والله عزّ وجل مطلع على القبيح وعلام الغيوب، وجاء في الدعاء «وادم لي ما به سترتني»، نسأل الله الستر.

وكان الشهيد الشيخ مرتضى البروجردي مقرر بحث الإمام الخوئي تحت عنوان «مستند العروة الوثقى» هو كان مرشح للمرجعية، وسماحة آية الله السيد محمد رضا السيستاني صهره لابنته، متزوج بنت الشهيد، كان المؤمنون إذا جاؤوا يقبلون جبهته، فكان يبكي، فقيل له: لم البكاء؟

فيقول: أنا عبدٌ مذنب، وأنتم تحسنون الظن بي، وتقبلون جبهتي، لأنكم تنظرون إلي أنني مؤمن، فإذا قبلتم جبهتي أتوجه إلى الله وأقول: «إلهي اعفو عني بركة حسن ظنهم بي»، وأنا أقول الله عزّ وجل إن شاء الله يتجاوز عن سيئاته وقبيح أعمال ببركة حسن ظنك بي.

فادعو لي بحسن العاقبة والخاتمة، وإن شاء الله يكون هذا البرنامج يدخل السرور على قلب صاحب العصر والزمان، وأن يكون راضٍ عنا ويدعو لنا ببركة هذه الليلة، ليلة الجمعة، والله عزّ وجل يثيب الإنسان على قدر إخلاصه لا على قدر كمية عمله، ومن هنا كانت ضربة علي لعمرو يوم الخندق تعدل عمل الثقلين إلى يوم القيامة، لأنه أنى لنا أن نأتى بإخلاص كإخلاص علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه ثبتنا الله وإياك على ولايته والبراءة من أعدائه.

ما هو أبرز موارد التحلي بحسن الخلق؟

يوجد قسمان:

القسم الأول مقابلة الإحسان بالإحسان، قال تعالى: «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان»، ويوجد قسم ثاني أرقى منه مقابلة الإساءة بالإحسان.

مروان بن الحكم، الوزغ بن الوزغ، أشار على والي المدينة أن يقتل الحسين بن علي، وقال له: إن فاتك الثعلب لن تجد إلا غبارا، ادع الحسين بن علي إلى بيعة يزيد الآن، فإن أبى فاضرب عنقه.

وواجهه الحسين بن علي أأنت تقتلني يا ابن الزرقاء أم هو؟

ثم قال مقولته المشهورة: «إن أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومهبط الملائكة، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق شارب للخمر، قاتل للنفس المحترمة، ومثلي لا يبايع مثله» لم يقل وأنا لا أبايع يزيد، قال: ومثلي الذي هو من أهل بيت النبوة لا يبايع مثله شارب الخمر.

هذا مروان بن الحكم لقبه النبي الوزغ بن الوزغ، دارت الأيام قتل الحسين عليه السلام يزيد حكم ثلاث سنوات: أول سنة قتل الحسين عليه السلام، ثاني رمى الكعبة بالمنجنيق، ثالث سنة أباح المدينة في واقعة الحرة، حينما أباح المدينة ـ حتى حملت الكثير من العفيفات من اغتصاب واعتداء جنود وأزلام يزيد ـ خاف مروان بن الحكم على أهله، أين يؤمن عياله؟ لم يجد إلا علي بن الحسين السجاد زين العابدين، فأواهم الإمام السجاد، فهنا الإمام السجاد قابل الإساءة بالإحسان، وهو القائل «لو ائتمنني الشمر على السيف الذي قتل به أبي لأرجعته إليه» إذاً هنا مقابلة الإساءة بالإحسان.

وهذا خلق نبيل تخلق به أنبياء الله تبارك وتعالى والأئمة الصالحون والعلماء العاملون رضوان الله عليهم أجمعين.

رسول الله في يوم من الأيام كان جالساً بين أصحابه في المسجد، فجاء أعرابي وتل النبي من عبائته، حتى احتز كتفه، وقال: يا محمد هذه بعيري فاحمل عليها مما آتاك الله، فإنه مال الله وليس بمالك، فاشتاظ المسلمون غيظاً، وقاموا، فهدأهم النبي وأطرق برأسه، وقال: صحيح المال مال الله، والخلق عيال الله، ثم يقاد منك يا أعرابي، يقاد من القود أي القصاص، أنت الآن حززت كتفي أنا أمرهم يجرونك من عبائتك ويحزون كتفك مثل ما حزيت كتفي.

ثم يقاد منك يا أعرابي، فقال: لا، فقال النبي: ولم، فقال الأعرابي: لأنك لا تقابل الإساءة بالإساءة، أنت من عالم آخر يا رسول الله، أنت من وادٍ آخر يا رسول الله، هكذا كان النبي صلى الله عليه وآله.

لذلك يوم فتح مكة ودخل مكة مظفراً منتصراً، وفيها مشركوا قريش الذين واجهوه كأبي سفيان وغيره، فقال لهم: ماذا تظنون إني فاعل بكم؟

قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم.

فقال: أقول فيكم ما قاله أخي يوسف لإخوته لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء.

هكذا كانت أخلاق محمد صلى الله عليه وآله.

قال تعالى: «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان» فدلت هذه الآية الكريمة على القسم الأول من الأخلاق الحسنة وهي مقابلة الإحسان بالإحسان، وأما الثاني وهو مقابلة الإساءة بالإحسان، قال تعالى: «والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين».

وقد طبقها أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، يقال إن الإمام السجاد عليه السلام كان قد دعا جماعة إلى مأدبة في بيته، وكان عنده أحد العبيد يشوي بأسياخ، فانزلق السيخ وأصاب صبياً للإمام السجاد عليه السلام فقتله، فنظر الإمام السجاد عليه السلام إلى ذلك العبد.

فقال العبد: «والكاظمين الغيظ».

قال الإمام السجاد: «كظمت غيظي».

فقال العبد: «والعافين عن الناس».

فقال: «عفوت عنك».

ثم قال: «والله يحب المحسنين».

فقال: «اذهب فأنت حر لوجه الله»، الله اعلم حيث يجعل رسالته.

هذه أخلاق القرآن الصامت، وهذه أخلاق القرآن الناطق، وهم أهل البيت عليهم السلام الذين عاينوا زغب جبرائيل والوحي، وتمثل القرآن في حياتهم، وقد سئلت عائشة عن رسول وأخلاق رسول الله، فقالت: «كان خلقه القرآن»، فهذا القرآن الصامت، يقول علي عليه السلام : «وأنا القرآن الناطق» أي تجلت تعاليم القرآن في محيا وسلوك النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام.

ما هو المقصود بالعلم في الأخلاق الإسلامية؟ وما ضرورة اكتسابها؟

العلم هو عبارة عن حضور صورة الشيء لدى العقل، مثلاً: أقول لك هل علمت بما حصل اليوم في لبنان؟

تقول: لا اعلم، يعني لا يوجد عندك تصور ذهني للأحداث الجارية على أهلنا في لبنان، فالمراد بالعلم في علم المنطق كما عرفها الشيخ محمد رضا المظفر رحمه الله قال: «العلم هو حضور صورة الشيء لدى العقل» يعني إدراك الأشياء، تصور الأشياء، هذا هو المراد بالعلم، أنت تعلم بوقت البرنامج يعني عندك تصور متى يبدأ البرنامج، ومتى ينتهي البرنامج.

الله عزّ وجل خلق الإنسان وميزه من سائر العجماوات والحيوانات بالعقل هذا العقل له خصائص ومميزات من أهمها إدراك وتصور الأشياء، هذه القوة المدركة هذه الصور الذهنية التي تنطبع في ذهن الإنسان وتحضر لدى العقل يقال لها: علم.

العلم على قسمين:

هناك علم فطري وهناك علم اكتسابي.

هناك مدركات فطرية كتوحيد الله تبارك وتعالى، وهناك مدركات اكتسابية تحصل بالتعليم والتعلم، لذلك يقسمون العلم إلى قسمين: علم رسمي صوري وعلم غير رسمي غير صوري، العلم الرسمي هذا يزداد بكثرة التعليم والتعلم، يحتاج إلى دراسة، يعني اكتسابي يعني كلما قرأت أكثر ازدادت ثقافتك، كلما درست أكثر زاد سقفك العلمي.

وهناك علم غير اكتسابي وهو الذي ورد في الرواية الشريفة ليس العلم بكثرة التعليم والتعلم إنما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء.

يحدثنا التاريخ أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام : إني سأبعثك إلى اليمن فاذهب واقض بينهم، فقلت: يا رسول الله كيف أقضي بينهم وأنا لا اعلم؟

يقول: فوضع كفه على صدري، ودعا لي، وقال: «اللهم ثبت».

يقول علي عليه السلام : فمنذ وضع كفه على صدري لم احتر في مسألة قط.

وهكذا يحدثنا التاريخ والروايات الشريفة كما في تفسير البرهان للسيد هاشم التبلاني البحراني رضوان الله عليه، وهو من أعلام بلدنا البحرين، وله مقام مشهود ومهيب في البحرين، وهو من أحفاد الشريف المرتضى علم الهدى، ذكر رواية عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير سورة البسملة، وهشام بن الحكم يسأل الإمام الصادق عليه السلام عن تفسير سورة البسملة، فعلمه الإمام الصادق عليه السلام وقال له: أفهمت يا هشام؟! قال: نعم، ثم قال الصادق عليه السلام : «اللهم ثبته»، فيقول هشام بن الحكم: ومنذ أن قمت من مقامي ذاك لم أحتر في جواب هذه المسائل.

فالعلم فيه ما هو اكتسابي وفيه ما هو موهبة من رب العالمين، لذلك يقول الشاعر:

شكوت إلى وكيع ـ ووكيع قاضي من القضاة وعالم ـ  

شكوت إلى وكيع سوء حفظ فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال بأن العلم نور ونور الله لا يؤتى عاصي

جاء في الوصية الخالدة لأمير المؤمنين عليه السلام إلى ولديه الحسن والحسين: «أوصيكما وأهلي وجميع ولدي ومن بلغه كتابي هذا بتقوى الله ونظم أمركم وأن لا تبغي الدنيا وإن بغتكما» إلى أن يقول: «وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً».

وهناك مبادئ أخلاقية اتفقت جميع الأمم يعني منذ أن خلق الله آدم عليه السلام إلى يومنا هذا، هناك أصول وقواعد أخلاقية اتفق عليها الجميع، وأطبق عليها جميع العقلاء، بحيث الذي يخالفها يكون شاذ، مثل: حسن الأمانة وقبح الخيانة، مثل: حسن الصدق هو قبح الكذب، مثل: حسن العدل وقبح الظلم.

وما يجري لإخوتنا وأحبتنا في فلسطين المحتلة ولبنان الجريح ظلم فاحش من الكيان الصهيوني الإسرائيلي، ولابد أن تنهض الأمة الإسلامية لنصرة إخوتنا وأحبتنا في فلسطين ولبنان، حتى قال بعضهم وهو سني: «الآن مليونا مسلم في لبنان يدافعون عن شرف وماء وجه ملياري مسلم» أي أن أمة حزب الله لبنان في جنوب لبنان يواجهون دبابات الاحتلال الإسرائيلي لإسناد غزة من جهة، وللدفاع عن لبنان من جهة أخرى، ولإيلام الكيان الصهيوني الغاشم من جهة ثالثة، وهم يدافعون عن عزة وكيان الإسلام والمسلمين، لذلك ينبغي للأمة أن تدافع عن المظلوم وأن تقف في وجه الظالم، وتقول: كلمة الحق.

إن محور المقاومة اليوم بريادة الجمهورية الإسلامية في إيران، وقيادة مختلف قوى المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق إنما يدافعون عن شرف الأمة الإسلامية، بل عن شرف الإنسانية جمعاء.

حتى الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية، ويقول: أنا أقاتل أوكرانيا، ولا أقاتل أوكرانيا فقط، أنا أقاتل الحضارة غربية التي تبيح المثلية، والتي جاءت بأمور لو سادت فإنها تريد أن تمسخ الفطرة الإنسانية، لذلك هو يعتقل المثليين ويودعهم السجن.

هذا مشروع خطير هذا بعد حضاري خطير يتمثل فيما يقوم به الشيطان الأكبر «الولايات المتحدة الأمريكية» والتي تستعمل أداتها إسرائيل، لذلك يقول الرئيس: «لو لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها» لأنه يريد أن يتحكم فيما يسمى بالشرق الأوسط، ويريدون ربط أمن المنطقة اقتصاديات، المنطقة المنطقة بامن وسياسة واقتصاد إسرائيل وذلك لن يكون ما دامت الأمة شرفاء وأمتنا أمة منجبة للشهداء وإن شاء الله سنريق ماء وجه إسرائيل وستنتصر المقاومة.

السؤال: ما هي الموانع التي تمنع طالب العلم من الاستفادة من ثمرات العلم؟ وكيف يمكن رفعها؟

هناك عدة موانع تمنع الإنسان من الحصول على العلم:

المانع الأول العناد، قال تعالى: «وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم» يعني نفوسهم متيقنة لكنهم عاندوا وجحدوا.

الأمر الثاني حب الدنيا، في الرواية «حب الدنيا رأس كل خطيئة».

والأمر الثالث الاعتداد بالنفس، يقول الإمام أبو الفتوح السيد روح الله الموسوي الخميني أعلى الله في الخلد مقامه أن منشأ جميع الشرور أن يرى الإنسان نفسه شيئاً، لذلك يقول: أنت أهنتني، أنت أذيتني، أنت لم تعطني حقي، كل هذه الاعتراضات منشأها أن ارى نفسي، لكن إذا أنا لا أرى نفسي شيئاً، أنا لا شيء كالعدم، حتى الكاف زائدة، حينئذ لن اعترض عليك، ولا على غيرك، بل سأكتفي بإصلاح عيوب نفسي.

سؤال حول سلب التوفيقات.

إن كان والدك ووالدتك على قيد الحياة فعليك ببرهما، فإن بر الوالدين من موجبات السعادة في الدنيا والآخرة، إذا أبوك وأمك موجودين يومياً قبل يدهم واجعلها على جبهتك، وما يخرجون من الدنيا إلا وهما راضين عنك، وإذا توفاهم الله دائما اذهب عند قبريهما، واقرأ الفاتحة وادعو لهما، فإن روحهما ستحضر وستجد التوفيق هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني عليك بصلة الرحم، صلة الرحم أيضاً من موجبات التوفيق في الحياة.

الأمر الثالث عليك بكثرة الصدقة، فإن الصدقة تدفع البلاء.

الأمر الرابع إذا تكالبت عليك المشاكل والمحن اذبح ذبيحة وأهدها إلى أربعة عشر سيد من نسل موسى بن جعفر، وهذا من المجربات، إذا شخص عنده حاجة ويذبح ذبيحة ويطعم أربعة عشر من نسل موسى بن جعفر، إما يعمل لهم عزيمة ويدعوهم، أو يوزع عليهم اللحم، فإن هذا الفداء هو إن الله يحب إراقة الدماء، فإذا ذبحت الذبيحة وتصدقت بها على الفقراء أو أكرمت بها نسل رسول الله صلى الله عليه وآله ففي هذه الحالة الله عزّ وجل سيفتح عليك بفتحه المبين.

هذه تقريباً أهم الأشياء.

أيضاً تأمل إذا كان لبعض الإخوان مظالم معينة، مثلاً: ديون لم تؤدها، حقوق لم تؤدها، فعليك برد هذه المظالم، وإن شاء الله تفتح لك الآفاق، وإذا أيضاً لم تحصل على شيء فعليك بزيارة قبر الحسين بن علي صلوات الله وسلامه عليه فإن الله قد جعل الشفاء في تربته، والأئمة من ذريته، واستجابة الدعاء تحت قبته، فقد مرض الإمام الهادي عليه السلام وهو بسامراء فبعث أصحابه، وقال له: اذهب وادع لي تحت قبة جدي الحسين، هذا الإمام العاشر الإمام المعصوم فعليك بزيارة الحسين تفلح، وهذا من أكبر مفاتيح الفلاح.

جواب الشق الثاني من سؤال الأخ حتى لا يضع حق أحد، هو سأل بالنسبة إلى الشهيد يحيى السنوار، هل يصح إطلاق لفظ الشهيد عليه أو لا يصح؟

الشهيد تارة نتكلم عن المصطلح الفقهي والمراد بالشهيد هو الذي يقتل في المعركة بحيث لا يدركه المسلمون وبه رمق، يعني إذا أدركوه وبه رمق ما يصدق عليه عنوان الشهيد، الشهيد هو الذي لا يغسل ولا يكفن، «لا غسلوه ولا لفوه في كفن يوم الطفوف ولا مدوا عليه ردا».

الشهيد في المصطلح الفقهي: هو المسلم الذي يقتل في ساحة المعركة، ولا يدركه المسلمون وبه رمق، إذا أدركوه وبه رمق هذا يغسل ويكفن.

يطلق عليه اسم شهيد؟

لا يطلق عليه اسم شهيد بالمصطلح الفقهي يعني بمعنى لا تشمله أحكام الشهيد، الشهيد له أحكام أنه لا يغسل لا يكفن هذا المصطلح الفقهي الخاص.

وهناك مصطلح إسلامي عام وهو ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله «من قتل دون ماله فهو شهيد، من قتل دون عرضه فهو شهيد» هذا يصدق على الكثيرين، ومنهم الشهيد يحيى السنوار «فقد قتل دون ماله، دون عرضه، دون أهله، دون بلده» هذا يصدق عليه أنه شهيد.

ثم ما يدريك أنت عن معتقده، أنت تعرف المعتقد الظاهر، والكثير من الإخوة في فلسطين قد استبصروا ولم يروا من الصلاح أن يعلنوا استبصارهم، وهذا موجود في فلسطين المحتلة وفي الكثير من البلدان، فأنت من أين تعرف عقيدته الواقعية؟! أنه شيعي أو غير شيعي؟! أنت تعرف أنه مسلم يتشهد الشهادتين «أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله» ومن تشهد بالشهادتين جرت عليه أحكام الإسلام، فإذا قتل دون ماله أو دون عرضه فهو شهيد.

وأيضاً الآية الكريمة «ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله»، والشهيد يحيى السنوار خرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله، سجن عشرين سنة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ثم قاتل الاحتلال وهو من أشد الموالين لمحور المقاومة وللجمهورية الإسلامية في إيران.

لذلك هؤلاء يمكن أن نطلق عليهم أنهم شهداء، وأكثر نحن مصطلحاتنا الشهيد ما نقصد المصطلح الفقهي الخاص، واحد مثلاً مات في الغربة، ويقولون: شهيد، ليس المراد الشهادة بالمصطلح الفقهي.

شكرا لكم وأنا أشكر الأخ الذي جاء بالمداخلة لأن قيمة الإنسان بما يعرف.

وقيمة كل امرئ ما كان يعرفه

والجاهلون لأهل العلم أعداء

ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم

على الهدى لمن استهدى إدلاء

وقيمة كل امرئ ما كان يتقنه

والجاهلون لأهل العلم أعداء

ففز بعلم تعش حياً به أبداً

الناس موتى وأهل العلم أحياء