المحاضرات
07
نوفمبر | 2024خصائص أمة حزب الله وتحولات المنطقة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.
خصائص أمة حزب الله وتحولات المنطقة
قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم وخطابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ آمنا بالله صدق العلي العظيم.
السلام عليكم إخوتي وأحبتي في الله ورحمة الله وبركاته.
الحديث عن: «خصائص أمة حزب، وسماحة السيد الشهيد حسن نصر الله، وآخر تحولات المنطقة»، هذا الخط هذا التيار أسس دعائمه أبو الفتوح السيد روح الله الموسوي الخميني رضوان الله عليه، بلور أفكاره نظرياً وأرسى دعائمه عملياً.
هذا الفكر، هذا الخط، هذا التيار يمتلك رؤية ومنهج ويسير على خط واضح، ويمتلك خصائص، هذه الخصائص تميزت بها الثورة الإسلامية في إيران وامتثلها حزب لبنان، وأصبحت من معالم أمة حزب الله في كل مكان ومحور المقاومة يذكرها بكل بيان، والخصائص كثيرة اقتصر على أهمها، وهي ثلاثة:
الخصيصة الأولى التوكل على الله تبارك وتعالى، مدرسة الإمام الراحل مدرسة التكليف، تدرس النتائج تعمل على تحقيق النتائج، ولكن عينها على الله تبارك وتعالى، هذه النظرية تسمى بنظرية التكليف.
ولتوضيحها أكثر نذكر خاطر في التاريخ السياسي المعاصر حدثني سماحة آية الله المجاهد الشيخ محسن الآراكي حفظه الله، وكنا في مؤتمر في سوريا الحبيبة، وفيه أطياف مختلفة من محور المقاومة، نقل هذه القضية عن الدكتور عصام العطار، والدكتور عصام العطار كان المرشد العام للإخوان المسلمين في سوريا، وعمر ونيف على التسعين وقارب المئة وتوفي مؤخراً في ألمانيا.
يقول: نشأت ثورة وحركة الدكتور محمد مصدق لتأمين النفط في إيران، يقول: فجئت إلى طهران، وقلت للدكتور مصدق: على ما تعولون في نصركم؟
فقال: على الشعب، ودارت الأيام وتدخلت أمريكا وبريطانيا واقتيد الدكتور مصدق إلى المعتقل وانتهت حركة الدكتور مصدق.
دارت الأيام فرجع الإمام الخميني رضوان الله عليه مظفراً منتصراً قادماً من باريس إلى طهران، يقول الدكتور عصام: فجئت إلى طهران، والتقيت بالإمام الخميني، وقلت له: على ما تعولون في نصركم واستمرار نصركم، هل تعولون على الشعب؟
فقال: لا، نحن نعول على الله تبارك وتعالى.
يقول الدكتور عصام: حينما قال لي: نحن نعول على الله تبارك وتعالى، ونعمل بما نستطيع، أدركت أن هذه الثورة، ثورة منتصرة ومستمرة.
الإمام الراحل عجيب غريب قيل له: أنت قمت بثورة، ومن المعلوم أن علماء الدين يقومون بالثورة، ويبذلون الدماء ويقطف الثمرة الآخرون، فإذا أنتم أسقطتم الشاة لن تحكموا بل سيأتي غيركم.
فقال الإمام الخميني: تكليفي الشرعي الآن أن أسقط الشاه، وليأتي بعد الشاه يزيد بن معاوية آنذاك سيتغير تكليفي الشرعي، أنا الآن تكليفي الشرعي أن أسقط نظام الشاه، وليأتي يزيد بن معاوية آنذاك يتغير تكليفي، وأسقط يزيد بن معاوية.
قيل له: نحن لم نجرب علماء الدين في حكم الأمة وعلماء الدين مكانهم المساجد والمدارس الدينية ولا يفقهون شيئاً في السياسة.
فقال: أنتم قد جربتم العسكريين، والعسكر مكانهم الثكنات العسكرية، فإذا جربتم العسكريين، فلتجربونا نحن علماء الدين ولو مرة واحدة.
على هذا الطريق نظرية التكليف، والتوكل على سارت أمة حزب الله لبنان، حينما اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان عام ألف وتسعمائة واثنين وثمانين ميلادية، ووصلت على مشارف بيروت، كان البعض آنذاك يقول ومن العلماء كان يقول: «العين لا تقاوم المخرز» كيف تواجهون إسرائيل الدولة النووية وأنتم حفاة؟!
هكذا كانوا يقولون بالنسبة إلى الإمام الراحل هذا معمم جالس في المسجد الأعظم ويلبس مداساً مخروقاً كيف؟ يقلع الشاة شرطي الخليج، فقال بعض المؤمنين: يقلعه بقدرة الله تبارك وتعالى، وهكذا كان بالنسبة للإمام الراحل، وهكذا كان بالنسبة لأمة حزب الله لبنان.
اجتمع تسعة من الأوائل انطلقوا من لبنان إلى طهران، ذهبوا إلى الإمام الراحل، وكان من ضمنهم الشهيد السعيد السيد حسن نصر الله أعلى الله في الخلد مقامه، والشهيد السعيد السيد عباس الموسوي رفع الله درجته وأعلى الله في الخلد مقامه التقوا بالإمام الخميني، فقال: ارجعوا وحولوا جنوب لبنان إلى مقبرة للغزاة والإسرائليين وهكذا كان.
إذا أول خصيصة من خصائص أمة حزب الله ومحور المقاومة والشهيد السعيد السيد حسن نصر الله والشهيد السعيد السيد هاشم صفي الدين وهذه الكوكبة من الشهداء هي العمل بالتكليف الشرعي، كل واحد منهم يضع عينه بعين الله، ويطلب اللطف من ولي الله وعناية صاحب العصر والزمان الإمام المهدي بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف.
إذا الخصيصة الأولى لأمة حزب الله ومحور المقاومة نظرية التكليف، والاتكال على الله تبارك وتعالى.
الخصيصة الثانية الثقة بالشعب والناس.
نحن أول ما نعول على الله لا على غيره، ثم بعد تعويلنا على الله نثق بأمتنا وشعبنا المسلم والغيور، نحن لا نعول على الناس والشعب والأمة نعول على الله، وفي نفس الوقت نثق بالأمة الإسلامية هذه الأمة أمة ولادة أمة خلاقة.
وهكذا كان الإمام الخميني رضوان الله عليه كان يثق بالناس يحترم الناس، حينما رجع مظفراً من باريس ونزل إلى طهران واستقبله الشعب الإيراني العظيم بقي عشرة أيام ولم تنتصر الثورة، سميت بعشرة الفجر المباركة.
في ذلك الوقت وخصوصاً في اليوم العاشر أمر نظام الشاه بنزول الحرس الملكي الخاص الذي خصص لقمع الانتفاضات والثورات والحركات هذا الفيلق مؤلف من دبابات قتالية وأشبه بالجيش الأحمر أو الحرس الأحمر في الاتحاد السوفيتي السابق المعد لقمع الثورات والتحركات والانتفاضة.
في ذلك الوقت الإمام الخميني رضوان الله عليه أراد أن يخرج الشعب الإيراني إلى فوهات المدافع والدبابات، جاءه مجلس قيادة الثورة، سيدنا الإمام ستحصل مذابح، سيحصل حمام من دم، جاءه المرحوم آية الله الطالقاني يريد ثني الإمام عن هذه الخطوة لأن نظام الشاه قد فرض حظر التجول، وقال كل من يخرج إلى الشارع فإن الدبابات ستطلق عليه النار.
الإمام الخميني حينما رأى إصرار مجلس قيادة والعلماء الثوريين، قال لابنه السيد احمد الخميني رضوان الله عليه قال له: أخرج من الغرفة ودعني أخلو بنفسي في تلك الغرفة.
يقولون: بقي الإمام الراحل مدة نصف ساعة، وخرج مسطراً هذا البيان التاريخي الذي دون ملاحم البطولات قائلاً: «أيها الشعب الإيراني العظيم يا من سطرتم ملاحم البطولة أخرجوا بصدوركم العارية أمام فوهات المدافع والدبابات» فخرج الشعب الإيراني الغيور على دينه، الفيلق موجود رتل الدبابات موجود.
أول ما تقدم إمرأة حاملة صورة الإمام الخميني رضوان الله عليه خاطبت أول دبابة، قالت: أما تخجل أما تستحي على وجهك؟! تخرج دبابتك في وجه ابن رسول الله ابن الحسين، ماذا فعل لك هذا المرجع؟! هذا السيد ابن رسول الله؟! كيف تلقى الله عزّ وجل وأنت تواجه هذا العالم وهذا المرجع ابن الرسول؟!
فتأثر صاحب الدبابة الأولى فاستدار وضرب الدبابة التي بعده فسقط ذلك الفيلق، وانتصرت الثورة الإسلام في إيران.
عثر في وثائق السافات جهاز استخبارات الشاه أنه في تلك اللحظة قرر العسكريون القبض على الإمام وجميع قادة الثورة وقتلهم وإخماد الثورة.
يقول الإمام القائد ولي أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي دام ظلّه : لو لم يخرج الإمام الخميني جماهير الشعب الإيراني في ذلك الوقت أمام الدبابات لبقي محمد رضا شاة يحكم إلى يومنا هذا.
القائد المحنك هو الذي يتخذ القرار المناسب في الزمان المناسب في المكان المناسب، وهذه بصيرة أعطاها الله لروح الله ولأبناء روح الله، ومن أبرزهم أمة حزب الله.
وهكذا سار على هذا المنهج سماحة السيد حسن نصر الله، تقرأ رسالته إلى أبناء المقاومة الإسلامية في حرب تموز عام ألفين وستة حرب الثلاثة وثلاثين يوم، إنه يفديهم بنفسه، رسالة ملؤها الشوق إلى المقاتلين والمجاهدين والثقة بهم وببأسهم.
بعض القيادات حينما تتكلم عن الشعب أو عن الأمة مجرد شعارات، لكنها لا تؤمن داخلياً، ولا تثق بقدرات شعبها، ولكن قيادات أمة حزب الله، قيادات محور المقاومة، تؤمن بشعبها، مثالها مثال ذلك الشيخ الكبير الذي أكل بلحاً ورطباً، ثم جعل النواة داخل الأرض، وسكب عليها الماء، فقيل له: ماذا تصنع؟
قال: أريد أن تنبت النخلة، ثم نأكل من بلحها ورطبها.
فقيل له: إنك لطويل الأمل، أنت كبير في السن ستموت ولن تدرك ثمرة هذه النخلة.
فقال: لقد زرعوا فأكلنا فنزرع ليأكلوا، لقد زرعوا فحصدنا فنزرع ليحصدون.
وها نحن نرى زرع سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشهيد السعيد السيد حسن نصر الله أعلى الله في الخلد مقامه إذ خرج تلك الكوادر، استشهد في سن أربعة وستين سنة، الآن الناس تتقاعد في سن الستين، السيد الشهيد تولى أمانة هذا الحزب في سنة ألف وتسعمائة واثنين وتسعين ميلادية، بعد استشهاد أستاذه السيد عباس الموسوي، من سنة ألف وتسعمائة واثنين وتسعين إلى يومنا هذا ألفين وأربعة وعشرين يعني اثنين وثلاثين سنة، أكثر من ثلاثة عقود في الأمانة العامة، وأكثر من أربعة عقود لأن حزب الله لبنان قد تأسس في عام ألف واثنين وثمانين، ونحن الآن ألفين وأربعة وعشرين يعني اثنين وأربعين سنة من تأسيس حزب الله لبنان، بنوا الكوادر، بنوا الطاقات، هؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، إنهم أبناء روح الله، إنهم أبناء نصر الله إنهم أبناء صفي الدين.
الخصيصة الثالثة والأخيرة لأمة حزب الله ومحور المقاومة الثقة بالقرار بعد تهذيب النفس واستكمال الإجراءات.
بعض القادة إذا قرر قراراً يتردد، يتراجع، أو قد يتخذ قراراً من دون دراسة موضوعية متكاملة، أو قد يدرس الشيء دراسة مادية وميدانية متكاملة، ولكن لا يوجد تهذيب للنفس.
نحن أبناء روح الله، نحن أبناء نصر الله «يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة».
الإمام القائد الخامنئي في الكثير من المواطن الضرورية والحساسة يأتي إلى جمكران ويتوسل بولي الله الأعظم الإمام محمد بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف .
لذلك قادة أمة حزب الله، قادة محور المقاومة، قادة هذا التيار أولاً يجرون دراسة موضوعية كاملة وشاملة لأي خطوة، فهم فعليون لا انفعاليون، القائد الحقيقي هو القائد الذي يصنع الحدث لا أنه ينفعل بالحدث، القائد المثالي هو الذي يصنع التاريخ فيأتي المؤرخ لكي يدون ذلك التاريخ، هؤلاء صناع الأحداث.
ثورة الإمام الخميني غيرت حركة عجلة التاريخ السياسي المعاصر، انعطاف مهم جداً في التاريخ السياسي المعاصر، وأيضا قيام حزب لبنان غير المعادلة، خصوصاً بعد حرب تموز عام ـلفين وستة، الشهيد السعيد السيد حسن نصر الله كان بين المباني ويرى تهاوي المباني على اليمين والشمال ومن الأمام ومن الخلف، وإسرائيل تقصف الضاحية الجنوبية، وإذا برسالة الإمام القائد الخامنئي تصله، وتقول له: إن صبرتم وثبتم فسيتحول حزب الله إلى قوة إقليمية في المنطقة، قبل حرب تموز كان حزب الله لبنان فصيل مقاوم يسعى لتحرير الأراضي اللبنانية وتحرير فلسطين المحتلة، بعد حرب تموز ألفين وستة تحول حزب الله لبنان إلى أكبر قوة إقليمية في المنطقة.
وإن شاء الله بعد حرب غزة ولبنان عام من سبعة أكتوبر ألفين وثلاثة وعشرين، ونحن نعيش في عام ألفين وأربعة وعشرين في أواخر أكتوبر إن شاء الله سيتحول حزب الله لبنان إلى قوة عالمية لا تقهر.
وإن شاء الله دماء الشهيد السعيد السيد حسن نصر الله، ودماء الشهيد السعيد السيد هاشم صفي الدين، ستروي حقول هذه المدرسة الكبيرة.
في الختام أقول:
كان سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة الشهيد السيد حسن نصر الله شخصية عالمية معروفة ومألوفة، وبعد استشهاده سيتحول إلى مدرسة عالمية كبرى وعظمى على مرّ الأجيال تخرج المجاهدين والاستشهاديين والمقاومين، وإن شاء الله تسهم دماءه الزكية في التمهيد وتهيئة الأرضية لظهور ولي الله الأعظم الإمام محمد بن الحسن القائم المهدي روحي وأرواح العالمين له الفداء.
أقول قولي هذا وأستميحكم عذراً، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
تعليق