المحاضرات

خصائص فكر الإمام الخميني ـ رض ـ ومحور المقاومة

15

ديسمبر | 2024
130

خصائص فكر الإمام الخميني ـ رض ـ ومحور المقاومة

مشاركة سماحة الشيخ عبدالله الدقاق (حفظه الله) في اللقاء الوطني الثالث لجمعية النهوض بالمؤسسات الشعبية للثورة الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 خصائص فكر الإمام الخميني ـ رض ـ ومحور المقاومة

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم وخطابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم ﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

أرحب بالإخوة والأخوات الكريمات ونسأل الله عزّ وجل أن نقضي وقتاً يوجب رضاه ونيل عناية صاحب العصر والزمان روحي وأرواح العالمين له الفداء.

الكلام عن خصائص فكر الإمام الخميني ومحور المقاومة.

هؤلاء الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه واستشهد، ومنهم من لا يزال حي ويجاهد، فما هي أبرز معالم وخصائص فكر الإمام الراحل التي على هديها سارت أمة حزب الله، والتي على أساسها تشكل محور المقاومة الذي أخذ بالإتساع عرضياً من فلسطين إلى سوريا إلى لبنان إلى اليمن إلى العراق ومحوره ومركزه الجمهور الإسلامية في إيران، وأخذ يتسع عمودياً عبر الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والهجمات السيبرانية وإلى مزيد من التقدم والعطاء هؤلاء كلهم هم أبناء روح الله الموسوي الخميني.

فما هي أبرز خصائص ومعالم الإمام الراحل التي على أساسها تشكل حزب الله وعلى أساسها تشكل محور المقاومة اقتصر على بيان ثلاث خصائص وركائز أساسية ومهمة:

الخصيصة الأولى التوكل على الله وأداء التكليف.

نحن أبناء مدرسة التكليف لا تهمنا النتائج، رضوان الله على الإمام الخميني قدس الله نفسه الزكية قالوا له: أنت تواجه الشاه، ثم بعد ذلك يأتي غيرك ويحكم، فقال: أنا تكليفي الشرعي أن أسقط الشاه، فليأتي يزيد بن معاوية آنذاك يتغير تكليفي وأحارب يزيد بن معاوية.

ثقافتنا هي التوكل على الله، وهذه الثقافة أخذناها من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، حينما أراد عمر بن الخطاب أن يتحرك للعراق، وفتح فارس في ذلك الوقت، قالوا له: لا تخرج مع الجند، نخشى أن تقتل، وقيل له: لو خرجت مع الجند لأن عدد المسلمين قليل والإمبراطورية الفارسية جيشها كبير فهلا خرجت يا عمر من المدينة فيلتحق بك الناس ثم تصل إلى العراق فيلتحق بك الناس فتصل إلى حدود الإمبراطورية الفارسية ومعك جيش جرار.

فاستشار عمر بن الخطاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له علي عليه السلام: «أرى أن تبقى في المدينة ولا تخرج، ومنذ متى كنا نعول في نصرنا على كثرتنا وقوة عددنا وعدتنا؟! كنا نقاتل أيام رسول الله صلى الله عليه وآله ونعول على قوة إيماننا».

أمير المؤمنين في بعض الخطب يقول: «فلما رأى الله صدقنا أنزل علينا النصر وأنزل على عدونا الكبت»، الله عزّ وجل يمتحنك يريد أن يرى صدقك في الميدان، وهكذا أثبت رجال الله، رجال المقاومة، رجال أمة حزب الله لبنان.

فبعد استشهاد السيد حسن نصر الله واستشهاد السيد صفي الدين وضرب الأسلحة النوعية وقتل قرابة مئة أو مئتين من كبار القادة، وإلى يومنا هذا لم تستطع إسرائيل أن تتقدم خطوة واحدة برياً في الأراضي اللبنانية، إنها الإرادة الفولاذية المشحونة بالتوكل على الله تبارك وتعالى.

إذاً أول صفة وخصيصة من خصائص فكر الإمام الراحل هي التوكل على الله وأداء التكليف والواجب الشرعي.

الصفة الثانية الإيمان بولاية الفقيه.

رحمة الله على الإمام الخميني الذي يقول: «حافظوا على ولاية الفقيه حتى لا يصاب هذا البلد بمكروه»، وحينما قدم الدستور الإسلامي إلى الإمام الخميني علق قائلاً: «أفضل مادة فيه هي المادة التي تنص على ولاية الفقيه».

والشهيد السعيد السيد حسن نصر الله كان يقول: «سرّ انتصاراتنا في حزب الله لبنان هو تمسكنا بقيادة الولي الفقيه».

والتمسك بالقيادة هذا مبدأ عسكري عام، يوجد كتاب اسمه «فن الحرب» سون تزو، وهو قائد عسكري صيني قبل ميلاد السيد المسيح بخمسة قرون، في هذا الكتاب كتب أصول الحرب ذكر تسعة أصول للحرب، إلى يومنا هذا جميع كليات الأركان العسكرية في العالم تعتمد هذه الأصول التسعة، وقد كتب كتابه في ثلاثة عشر فصلاً.

من هذه الأصول أول ما يتعرض يقول: «وحدة القيادة» إذا أردت أن تنتصر لابد أن تكون القيادة واحدة وليست متعددة، وسر انتصار محور المقاومة وحدة القيادة المتمثلة في ولي أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي دام ظلّه.

أمة تتمسك بقادتها وفقهائها من جهة، وتقدم الدماء والشهداء من جهة أخرى هي أمة منتصرة.

الخصيصة الثالثة والأخيرة والتي اختم بها من خصائص أمة حزب الله ومحور المقاومة وفكر الإمام الراحل الإيمان بالناس والشعب، الإيمان بالجمهور، السيد الإمام يقول: «المعيار هو قول الشعب»، هناك مقولة يركز عليها الإمام القائد الخامنئي: «نحن نستطيع» الذي يقاتل إذا جاء بإرادة منهزمة، يقول: «نحن لا نستطيع» هذه الهزيمة الداخلية تسبق الهزيمة الخارجية.

واختم لكم بهذه الخاطرة من التاريخ السياسي المعاصر التي تؤكد على قوة الإرادة:

غزا نابليون الفرنسي روسيا، ودخل بجيشه الجرار إلى روسيا، وانفرش الناس له صماتين على اليمين واليسار يحيونه، ولكن لفت انتباهه وجود حارث ومزارع مشغول بحرفه وزرعه في مزرعته ولم يلتفت إلى نابليون.

فقال نابليون: احضروه، فاحضروا هذا المزارع.

فقال نابليون للمزارع الروسي: أتعرف من أنا؟

فقال له المزارع: لا أعرفك ولا يهمني أن أعرفك زرعي أهم عندي من معرفتك.

فقال له نابليون: أنا نابليون الفرنسي جئت لاحتلال بلدك روسيا.

فقال المزارع: ما أنت إلا وغدٌ حقير جاء للاحتلال بلدي.

فغضب نابليون وقال: لاسمنك بسمه ستظل تتذكرني طوال حياتك، احموا الحديدة، فجاؤوا بحديدة ضربوا بها على كف ذلك المزارع، وفيها اسم نابليون، فماذا صنع ذلك المزارع؟

عمد إلى منجل وقطع كفه وألقى بها بوجه نابليون، وقال: يد خائنة لا يشرفني حملها.

فقال نابليون مقولته المشهورة: «من هنا تبدأ الهزيمة» أي أن الهزيمة الخارجية للجيش تبدأ من الهزيمة الداخلية للإرادة، فكلما قويت الإرادة كلما قوي الانتصار خارجياً، الانتصار يبدأ بالانتصار الداخلي والإرادة الداخلية وينتهي بالانتصار الخارجي، والهزيمة تبدأ بالهزيمة الداخلية، ثم تنتهي إلى الهزيمة الخارجية.

وأمة حزب الله لبنان، أمة محور المقاومة، أمة حزب الله التي أرسى دعائمها الإمام الخميني والإمام الخامني هي أمة تمتلك إرادة فولاذية منجبة للشهداء، وسننتصر إن شاء الله، وسنصلي جميعاً في القدس إن شاء الله تعالى، وإن شاء الله ستكون جميع دماء الشهداء تعبد الطريق لظهور ولي الله الأعظم محمد بن الحسن القائم المهدي روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه غفور رحيم وتواب حليم، والحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين