-
البث المباشر
دروس الخارج لسماحة الشيخ عبدالله الدقاق حفظه الله
-
المحاضرات
30
ديسمبر | 2024التفقه في الدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.
العنوان: التفقه في الدين
أرحب بالإخوة والأخوات القادمين من استراليا من سيدني في مدينة قم المقدسة، حيث الحوزة العلمية، ونسأل الله لكم التوفيق في الدنيا والآخرة.
جاء في الرواية الشريفة عن سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد أنه قال: "إذا أراد الله بعبد خيرًا، فقّهه في الدين وألهمه اليقين".
وجاء في رواية أخرى: "إذا أراد الله بعبد خيرًا، قذف في قلبه حب الحسين عليه السلام".
وجاء في رواية ثالثة: "إذا أراد الله بعبد خيرًا، يُصير حوائج الناس إليه".
هذه ثلاث روايات مهمة سنتطرق إليها وسنذكر ما نحتاجه في استراليا وفي دول المهجر.
الرواية الأولى تقول: "إذا أراد الله بعبد خيرًا، فقّهه في الدين"، أي جعله فاهمًا للدين. الفقه في اللغة يعني أن يكون فهمًا لدين الله عز وجل، ومتيقنًا، يعني أن الله عز وجل يعطيه اليقين في العقيدة.
الرواية الثانية: "إذا أراد الله بعبد خيرًا، قذف في قلبه حب الحسين عليه السلام"، أي يُوفق لزيارة الحسين، لخدمة الحسين في الحسينية، في الموكب، في مراسم العزاء.
وسأذكر لكم خاطر طريفة حصلت لي:
في إحدى السنوات سافرت إلى الهند للتبليغ، فذهبنا إلى منطقة وقرية بعيدة ونائية. أثناء توقفنا عند جسر، رأيت أحد الهنود يصطاد السمك بصنارة. هناك في الهند الكثير من عبدة الأصنام والهندوس، ولكن هذا الشخص ما إن رآني حتى جاء واحتضنني، فقال لي: "شيخنا، أنا أعمل طول السنة وأجمع الأموال، وبعد ذلك أذهب لزيارة النبي والأئمة بأجمعهم، ثم أئمة العراق، والإمام الرضا في مشهد، وختمت بزيارة السيدة زينب بسوريا".
وفي إحدى السنوات ذهبت إلى الحج، فرأينا رجلاً في الطابق العلوي من البيت الحرام يقابل الكعبة ويبكي بحرقة، وذلك الرجل كان من العراق الذين عاشوا في لندن وعنده جامعة، وكان يقول: "أنا إذا سنويًا لا أذهب إلى الحج، أخشى على نفسي من الانحراف".
الرواية الثالثة تقول: "إذا أراد بعبد خيرًا، صير حوائج الناس إليه"، أي أن جميع الناس يلجأون إليه في قضاء حوائجهم.
ماذا نستفيد من هذه الروايات الثلاث؟ وماذا نتعلم؟
أولاً، ضرورة تعلم الأمور والعلوم الدينية التي نحتاجها على الأقل في حياتنا اليومية كالصلاة والصوم وما شابه ذلك.
ثانيًا، المواظبة على مجالس الحسين وخدمة الحسين، والتأثير في الشعائر الحسينية.
ثالثًا، نسعى في قضاء حوائج بعضنا البعض.
سؤال: ما هو أسرع طريق لدخول الجنة؟
الجواب: خدمة الناس، هذا الطريق يدخل مباشرة وبسرعة، في الرواية: "خصلتان ليس فوقهما من البر شيء: الإيمان بالله والنفع لعباد الله". إذاً، أولاً تسعى لتقوية عقيدتك وإيمانك بالله وتتعلم، وثانيًا تسعى لقضاء حوائج إخوانك وستدخل الجنة.
كان أستاذنا المرجع الكبير الشيخ محمد فاضل اللنكراني يقول، وهو تلميذ الإمام الخميني والسيد البروجردي: "لقد درست الإسلام خمسون سنة، ووصلت إلى هذه النتيجة: إن سألتني أريد أن أدخل الجنة، ماذا أعمل؟ أقول: صلِّ والتزم بالواجبات، ولا أقول كل المستحبات، ائتي بها. المهم بالواجبات، والتزم بشيء واحد: إذا دعاك أخوك لحاجته، فاذهب لقضاء حاجته وستدخل الجنة. وإذا سألوك يوم القيامة، من قال لك هذا الكلام؟ قل لهم: الشيخ فاضل اللنكراني قال ذلك".
في الختام، اشكروا الله عز وجل أن وفقكم للمجيء إلى هنا، واشكروا والديكم، لأن بر الوالدين له تأثير كبير على التوفيق في حياتكم. وعليكم ببر الوالدين، ففيه توفيقات في الدنيا والآخرة.
ولي أمر المسلمين السيد علي الحسيني الخامنئي يقول: "سر توفيقي في الحياة برّي بوالدي". يقول: "أنا كنت أدرس في قم، ووالدي في مشهد، ومرض والدي بمرض في عينيه، فأصيب بالعمى، يقول: ذهبت للدراسة في النجف الأشرف، فأمرني والدي أن أرجع. ثم جئت إلى قم، فلما مرض قال لي: تعال معي إلى طهران للعلاج، وكنت شديد التعلق بالدراسة، ولا أريد الخروج من قم. فسألت أحد أصدقائي وقلت له: أنا دنياي وآخرتي قم، فكيف أخرج من قم؟!
فقال لي: إن الله الذي جعل دنياك وآخرتك في قم، أليس بقادر على نقل دنياك وآخرتك إلى طهران ومساعدة أبيك؟".
يقول: "فتركت الدراسة في قم وذهبت إلى طهران، وعالجت والدي، حتى أصبح يرى بعينيه، فرجع والدي إلى مشهد ورجعت إلى قم. وبعدها رأيت التوفيق في حياتي، وانفتحت لي الأبواب".
في الختام، أوصيكم بثلاثة أشياء مهمة: أولاً، بر الوالدين. ثانيًا، صلة الأرحام والأقارب والتواصل معهم. ثالثًا، دوام الصدقة، فإن الصدقة تدفع البلاء.
وفي الختام، لا تنسوا الدعاء لإمام زمانكم الإمام المهدي، والتوسل به.
إذا ذهبتم إلى حرَم الإمام الرضا أو المعصومة أو الحسين، أول ما تدعونه للامام المهدي إمام زمانكم، فإنه ببركة الدعاء له، فإن الله سيبارك لكم في بقية الطلبات والحوائج التي تطلبونها.
اكتفي بهذا ولا أطيل عليكم لكي أتيح لكم الفرصة للأسئلة، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
تعليق