-
البث المباشر
دروس الخارج لسماحة الشيخ عبدالله الدقاق حفظه الله
-
المحاضرات
30
ديسمبر | 2024خصائص الشيخ المجاهد نمر النمر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.
العنوان: خصائص الشهيد المجاهد نمر النمر
قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم وخطابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلًا" آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.
نلتقي في الذكرى التاسعة لشهادة سماحة الشيخ الشهيد نمر باقر النمر رضوان الله عليه لنؤبّن رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ويهمنا في هذا الملتقى أن نذكر بعض الخصائص التي تحلّى بها الشهيد الشيخ النمر رضوان الله عليه.
الخصيصة الأولى: صدق اللهجة وصدق الموقف، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"، كان الشهيد صادق اللهجة، صادقاً في كلامه، صادقاً في موقفه، شديداً في ذات الله، من كان في ذلك الزمان يجرؤ أن يتكلم على نايف آل سعود أو سلطان آل سعود؟! نايف كان وزيرًا للداخلية وسلطان كان وزيرًا للدفاع، وكانت المملكة مقتسمة، من كان يجرؤ في ذلك الوقت أن يتكلم عليهما؟! إنه الشيخ النمر رضوان الله عليه كان صادق اللهجة، شديداً في ذات الله رضوان الله عليه.
الخصيصة الثانية: الغيرة على الدين والبلد.
حينما رأى قوات الاحتلال السعودي تدخل البحرين عبر الجسر بين البحرين والجزيرة العربية، ورأى كيف نكلوا بأهلنا في البحرين الحبيبة، نهضت غيرته، ونهض معها، وطالب بظلامة أهلنا في البحرين، إنه شهيد البحرين بحق، إنه شهيد الإسلام بحق، أخذته الغيرة والحمية.
وما أحوجنا إلى مثل هذه الغيرة في أيامنا هذه، وإسرائيل تحتل قرابة ثلث الأراضي السورية، وتصل إلى قرابة عشرين كيلومترًا من دمشق، تسيطر على المرتفعات الاستراتيجية كجبل الشيخ وجبل قاسيون، وتسيطر على منابع الماء والأراضي الزراعية. فثلث البلاد لإسرائيل وأمريكا تسيطر على منابر النفط والغاز في سوريا الحبيبة.
سوريا الآن فيها أربعة جيوش: جيش أمريكي، جيش روسي، جيش تركي، جيش إسرائيلي، هذه أربعة جيوش رسمية نظامية. أما الميليشيات المسلحة والفصائل المسلحة، فما نعيشه اليوم في عالمنا العربي والإسلامي مؤلم جدًا، ما يجري في غزة وفلسطين، ما يجري في لبنان الجريح، ما يجري في سوريا، إن لم يقف الغيارى، فسيتمدد إلى العراق والأردن ومصر، ومخطط كبير رسمته الولايات المتحدة الأمريكية، وما إسرائيل إلا أداة من أدوات الولايات المتحدة الأمريكية لتمرير مخططها في المنطقة.
الخصيصة الثالثة: الثبات في الموقف.
حاولوا معه وهو في السجن ولم يتنازل، ذهبوا إلى أهله كي يعتذر ويُعفى من عقوبة الإعدام، فأمر أهله أن يتنحوا جانبًا، وأن لا يتدخلوا في الموضوع، كان معروفًا لثقته بالله تبارك وتعالى.
الخصيصة الرابعة: البذل والتضحية، في حياته ومماته كان مثالًا حيًا للتضحية، حينما سمع أن إحدى الحوزات تعاني من ضعف مالي، فما كان منه إلا أن باع بيته وتبرع بثمن بيته لرواتب طلاب الحوزة العلمية، رجل صاحب سخاء وعطاء، والبذل في النهاية هو أسمى غاية الجود.
الخصيصة الخامسة والأخيرة: قوة الإرادة وصلابة الموقف، وهذا يحتاج إلى وقفة مهمة.
حينما غزا جنكيز خان همدان، قال لهم: ائتوني بأعقلكم. فجيء له برجل القصير أقرع. فقال جنكيز خان المغولي: أيها الرجل القصير الأقرع، إما أن الله قد سلطني عليكم، فاخضعوا لأمر الله، وإما أني قد تسلطت عليكم بقوتي، فاخضعوا لمنطق القوة.
فقال الرجل القصير الأقرع: لا هذا ولا ذاك، ولكن كنا ضعفاء النفوس، ولو كنا أقوياء النفوس لما تسلطت علينا.
إذن، الهزيمة الخارجية هي انعكاس للهزيمة الداخلية، ضعف الإرادة والهزيمة النفسية تؤدي إلى الهزيمة الخارجية، والعكس بالعكس قوة الإرادة الداخلية والنفسية تقود إلى قوة الموقف الخارجي.
ومثال على ذلك، حينما غزانا نابليون الفرنسي روسيا دخل الأراضي الروسية، وانفرش له الناس يمينًا ويسارًا، وجاء بجيشه الفرنسي الجرار، لكن في أثناء الطريق، التفت نابليون إلى مزرعة وفيها مزارع يحرث الأرض، وهذا الحارث لا يعبأ بنابليون.
قال: احضروه. فأتوا به.
فقال نابليون للمزارع: أتعرِفني من أنا؟ فقال المزارع: ولا يهمني أن أعرف من أنت، زرعي ومزرعتي أهم عندي من معرفتي بشخصك.
فقال نابليون: أنا نابليون الفرنسي، جئت لاحتلال بلدك روسيا.
فقال المزارع: ما أنت إلا وغد حقير قد جئت احتلال بلد.
فغضب نابليون وقال: سأسمنك بسمة ستظل تتذكرني بها طول عمرك، ثم أحموا الحديدة وضرب بها كف ذلك المزارع وفيها اسم نابليون. فكيف كانت ردة فعل ذلك الحارث والمزارع؟
عمد إلى منجل وقطع يده ورمى بها وجه نابليون، وقال: يد خائنة لا يشرفني حملها.
فقال نابليون مقولته المشهورة: من هنا تبدأ الهزيمة.
المسألة هي مسألة صراع إرادات، قوة الإرادة الداخلية تؤدي إلى قوة المواجهة الخارجية، وما أحوج الأمة إلى الاستنهاض، حيث إن إسرائيل وأمريكا تعيث في بلادنا فسادًا في غزة وفلسطين، في الضفة الغربية، وفي لبنان، وفي سوريا، وتخطط للعراق والأردن ومصر.
ولكن مهلاً، مهلاً، لسان حالنا هو هذا الشعر الذي يكشف عن قوة الإرادة وصلابة الموقف:
"أنا من تراب وماء خذوا حذركم أيها السائلة خطاكم على جثتي نازلة وصمتي سخاء، لأن التراب صميم البقاء، وإن الخطى زائلة. ولكن إذا ما حبستم بصدر الهواء، سلوا الأرض عن مبدأ الزلزلة، سلوا عن جنوني ضمير الشتاء. أنا الغيمة المثقلة إذا أجهشت بالبكاء، فإن الصواعق في دمعها مرسلة. نعم إنني أنحني فاشهدوا ذلة الباسلة."
"نعم إنني أنحني فاشهدوا ذلة الباسلة، فلا تنحني الشمس إلا لتبلغ قلب السماء، ولا تنحني السنبلة إذا لم تكن مثقلة، ولكنها ساعة الانحناء تواري بذور البقاء، فتخفي برحم الثرا ثورة مقبلة".
وهذا ما سيحصل. المقاومة ستتحقق في سوريا الحبيبة، المقاومة الأبية ستنهض في لبنان العزيز والمقتدر، وحيثما وجد المحتل الآثم ستوجد المقاومة، ما دامت لدينا شهداء أبطال كالشهيد النمر، الذين علمونا قوة الإرادة والمواجهة.
أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم إنه غفور رحيم وتواب حليم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
تعليق