أصول التفسير ـ قديم
شیخ الدقاق

020 - اختيار المفسر لنظرية في لغة القرآن

أصول التفسير- (قديم)

  • الكتاب: دروس في المناهج و الاتجاهات التفسيرية للقرآن
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

الأصل الموضوعي السادس عشر للتفسير وهو اختيار المفسر لنظريته في لغة القرآن الكريم.

نزل القرآن الكريم باللغة العربية بلسان عربي مبين ولكنه جاء باصطلاحات خاصة كاصطلاح المؤمن الكافر المنافق العرش الكرسي إلى آخره من الاصطلاحات ومن هنا ينبثق السؤال التالي هل لغة القرآن الكريم هي نفسها لغة العرب المتعارفة وحواراتهم العرفية أم أن لغة القرآن الكريم لغة خاصة فإن القرآن قد جاء بسبك وأسلوب جديد ولا ينبغي أن نحمل الاصطلاحات اللغوية القرآنية على الاصطلاحات المتعارفة بين عامة العرب فمثلا هل لغة القرآن في القصص هي لغة رمزية اشارية تشير إلى حقائق معينة أم أن لغة القرآن في القصص القرآني عبارة عن قصص كاشفة ومبينة للواقع؟

الجواب على هذه الاسئلة له دور أساسي ومحوري في فهم وتفسير القرآن الكريم وليس المراد باللغة الألفاظ والمفردات العربية بل المراد باللغة اسلوب وطريقة الكلام القرآني فهل هو كالأسلوب العادي وقد مشى على لغة ولهجة المحاورات العرفية العادية في لغة العرب أم أن القرآن له سبك وأسلوب خاص به لابد من معرفته إذن الاصل السادس عشر والأخير من الأصول الموضوعية مهم جدا إذ لابد أن يلتفت المفسر إلى أن القرآن هل له لغة وأسلوب وطريقة خاصة به ام له لغة كاللغة والأسلوب المتعارف فلابد أن يحقق بشأن اللغة العربية ويتخذ رأيا ونظرية بالنسبة إلى لغة القرآن الكريم قبل أن يقدم على تفسير القرآن الكريم وهذا البحث بحاجة إلى بحث مستقل ومحاضرات ودروس طويلة في فهم لغة القرآن الكريم وهذا بحث خارج عن موضوع أبحاثنا إذ أننا نبحث أصول وقواعد تفسير القرآن الكريم ولكن لا بأس بالإشارة الاجمالية التي هي أشبه بالتفصيل في ست نقاط وقبل أن نشرع في هذه النقاط الستة وكل نقطة من هذه النقاط الستة قد تتفرع فيها ثلاث إلى عشر نقاط نقدم مقدمة في أقسام الفلسفة إذ قسموا الفلسفة إلى ثلاثة أقسام قديمة وحديثة ومعاصرة والفارق في هذه الأقسام الثلاثة للفلسفة هو الفارق بين موضوعاتها فموضوع الفلسفة القديمة هو الوجود وموضوع الفلسفة الحديثة هو المعرفة وموضوع الفلسفة المعاصرة هو اللغة فالفلسفة القديمة تدرس الوجود سواء الوجود العام وهو وجود سائر الموجودات أو الوجود الخاص وهو وجود الله عز وجل وتدرس قوانين الوجود كقانون العلية والمعلولية وغيرها من المباحث التي يدور محورها حول الوجود وهذا ما يدرس في الفلسفة القديمة والفلسفة في الحوزة العلمية فإن المتداول ثلاث فلسفات وهي الفلسفة المشائية المنسوبة إلى الشيخ الرئيس ابن سينا وقبله ارسطو طاليس والمدرسة الاشراقية وهي المنسوبة إلى شيخ الإشراق السهروردي صاحب حكمة الاشراق وقبله قد تنسب إلى افلاطون استاذ ارسطو ومدرسة الحكمة المتعالية المنسوبة إلى صدر المتألهين الشيرازي صاحب كتاب الاسفار الاربعة فالشيخ محمد ابراهيم الشيرازي والمعروف بملا صدرا هو مبتكر مدرسة الحكمة المتعالية وقد ألفها من أربعة أشياء الفلسفة الاشراقية والفلسفة المشائية وعلم الكلام القديم والعرفان النظري يعني ثلاثة مصادر عقل يتمثل في الحكمة المشائية والحكمة الاشراقية وكشف يتمثل في العرفان النظري ونقل يتمثل في علم الكلام القديم وقد مزج بين هذه الأربعة مزجا توفيقيا فجاء بمدرسة الحكمة المتعالية هذه الأقسام الثلاثة حكمة المشاء حكمة الاشراق الحكمة المتعالية كلها تدرس الوجود فهي من أقسام القسم الأول المدرسة الفلسفية القديمة التي موضوعها الوجود.

القسم الثاني المدرسة الحديثة وهي تدرس المعرفة وتدرس نظرية المعرفة فكيف يتعرف الإنسان على الأشياء يقولون توجد أربعة أسباب أو خمسة السبب الأول النقل من آيات وروايات فهي معرفة نقلية السبب الثاني العقل سواء مدرسة مشائية أو اشراقية أو حكمة متعالية فيقال معرفة عقلية.

الثالث الكشف العرفاني والشهودي فهي معرفة عرفانية شهودية.

القسم الرابع العلم والتجربة فهي معرفة تجريبية علمية، إذن هناك أربعة أسباب للحصول على المعرفة إما النقل أو العقل أو القلب أو التجربة فقالوا توجد معرفة خامسة وهي المعرفة التلفيقية فبعض الأمور ندركها من خلال النقل من آيات وروايات وبعض الأمور ندركها من خلال العقل وبعض الأمور ندركها من خلال القلب والكشف الشهودي وبعض الأمور ندركها من خلال العلم والتجربة المختبرية فهي معرفة تلفيقية تلفق بين الأسباب الاربعة النقل والعقل والكشف والتجربة هذا تمام الكلام في أسباب المعرفة ونظرية المعرفة.

الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر قسم كتابه فلسفتنا إلى قسمين القسم الأول في نظرية المعرفة، القسم الثاني في دراسة الوجود يعني القسم الأول في الفلسفة الحديثة وهي نظرية المعرفة القسم الثاني في الوجود أي الفلسفة الحديثة فقال الغربيون لقد ولا زمن الفلسفة وجاء عصر العلم والتجربة أي ولت الفلسفة القديمة التي تدرس الوجود وجاء زمن العلم أي التجربة فقالوا إن العلم لا يحصل إلا من خلال التجربة وأي معطى معرفي غير التجربة كالنقل أو العقل أو الكشف فهو ليس بمعطا علمي ولا يقيني فقالوا نحن نعيش عصر العلم والتجربة وكل ما ليس بتجربة من عقل أو نقل أو كشف شهودي فلا يمثل قيمة معرفية ولا يمثل قيمة علمية هذه نظرية المعرفة أو الفلسفة الحديثة.

في القرن العشرين أو نهاية القرن التاسع عشر الميلادي جاءت الفلسفة المعاصرة وهي التي تدرس اللسان واللغة يعني تدرس أساليب اللغة في ايصال المعاني كيف يدل اللفظ على المعنى لكي نعرف دلالة اللفظ على المعنى هل نحتاج إلى المعرفة التاريخية بذهن الكاتب او لا نحتاج إلى معرفة ذهنية الكاتب هل يكفي معرفة معاني المفردات ومعاني الكلمات اللغوية من دون معرفة ذهنية وحضارة الكاتب أو لابد من معرفة هذا الكاتب وذهنيته والظروف التي عاش بها توجد نظريات.

تأتي نظرية اشلاير ماخر الألماني تأتي نظرية هيدكر تأتي نظريات كثيرة كلها ناظرة إلى اللسانيات فالفلسفة المعاصرة والمتداولة اليوم حينما يقولون اشكاليات النص القرآني تجد اشكاليات نصر حامد أبو زيد وأركون والجابر وبرهان غليون وغيرها هذه كلها ناظرة إلى الفلسفة المعاصرة إلى اللسانيات بعض مباحث علم الأصول في مباحث الألفاظ قد تفيد في فهم المدرسة الفلسفية المعاصرة إذا تمت هذه المقدمة نقول بحث اليوم وهو ومعرفة المفسر للغة القرآن يندرج تحت الفلسفة المعاصرة فأنت لا تدرس وجود القرآن ولا تدرس أن القرآن يمثل معرفة نقلية وإنما تدرس الفاظ القرآن كيف تدل على معانيها وما هو اسلوبها فهذا يندرج تحت عنوان الفلسفة المعاصرة وهو بحث قديم جديد من هنا نبحث ضرورة اختيار المفسر لمبناه ولنظريته في لغة القرآن الكريم التي جاء بها ولابد أن يعرف لغة القرآن قبل أن يشرع في تفاصيل تفسيره للقرآن الكريم وهذا ما سنبحثه في ست نقاط:

النقطة الأولى السابقة التاريخية لبحث لغة القرآن الكريم.

هذا البحث قديم جديد فقد عنى الأدباء منذ القدم إلى الحديث حول لغة القرآن الكريم وكان بحث لغة القرآن الكريم محل عناية واهتمام اللغويين والأدباء والبلاغيين وقد تركوا آثارا كثيرة مثلا الشريف الرضي صاحب نهج البلاغة لديه كتاب حول المجازات في القرآن الكريم إلى أن نصل إلى العصر الحديث التي سادت فيه الفلسفة المعاصرة التي اهتمت باللغة فنجد أن علم اللغة الجديد قد بدأ على يد عالم اللغة السويسري افريدينالف سوسير المتوفى سنة 1913 ميلادية وقد كتبت كتب عديدة بخصوص لغة القرآن الكريم مثل كتاب الله والإنسان في القرآن تأليف العالم الياباني أيزود سو كتاب تحليل لغة القرآن وطرق فهمه للدكتور محمد باقر سعيدي روشن، كتاب لغة القرآن تأليف مقصود فراست خواه، كتاب لغة القرآن أبو الفضل ساجدي، كتاب أصول واتجاهات التفسير للدكتور محمد كاظم شاكر، هذه كلها كتب بالفارسية ومن الملفت للانتباه أن ما هو موجود من اشكالات في الساحة الفكرية العربية تجده موجودا بشكل مسبق في الساحة الإيرانية فتجد الإشكالات في الساحة العربية موجودة في الساحة الإيرانية قبل خمسين سنة أو عشرين سنة ثم بعد ذلك تسري إلى الساحة العربية من هنا بحث بعض الكتّاب العرب بحث لغة القرآن وتوسعوا عن مفهوم اللغة التي ذكرت في الفلسفة المعاصرة فرجعوا إلى القدم وتناولوا الحديث الشريف المروي عن النبي صلى الله عليه وآله (إن القرآن نزل على سبعة أحرف) فما المراد بالسبعة أحرف هل هي سبع لهجات أو سبع لغات فطرحوا هل القرآن نزل بلغة قريش أو لغة الحجاز أو تميم أو كعب بن قريش أو كعب بن خزاعة أو مضر أو نزل بسبع لغات أو نزل لكل لغات العرب ثم استنتجوا نتائج كثيرة وأكثرها خالية عن الدليل المعتبر إلى أن نأتي إلى الأبحاث المعاصرة وقد طرحوا ثلاثة اتجاهات وفقا للنظر إلى التوراة والإنجيل المحرفين فإن فيهما الكثير من الأساطير والقصص فقالوا هناك ثلاثة اتجاهات الاتجاه الأول عدم اعتبار لغة الكتب الدينية لما فيها من الخرافات.

الاتجاه الثاني رمزية اللغة الدينية فهي تأتي إلى ذكر قصص وترمز إلى رموز وتعطي اشارات وبرقيات.

الاتجاه الثالث اتجاه الوظيفة الذراعية فقالوا نحن نتذرع إلى وظيفة الكلمات لا إلى معنى الكلمات فالمهم أن هذه الكلمات تؤدي أي وظيفة بغض النظر عن معنى هذه الكلمات وهذه الاتجاهات الثلاثة سنذكرها في النقطة السادسة بل لعله في النقطة السابعة، النقطة السابعة سنأتي إلى ذكر الاتجاهات الحديثة في لغة الدين.

في ختام هذه السابقة التاريخية نشير إلى ملاحظة وهي أن لغة القرآن تارة نلحظها من ناحية اللفظ كعلم النحو والصرف والبلاغة فينبثق هنا علم اللغة وتارة نلحظها من ناحية المعاني والكلمات فينبثق عنوان فلسفة الدين وهذان البحثان يدرسان في الجامعات الحديثة يعني لما درس في جامعة طهران أعطونا مقرر فلسفة الدين وهذا غير بحث الفلسفة المعاصرة فالجامعات توجد فيها أبحاث الفلسفة المعاصرة كبحث فلسفة الدين لكن في الحوزة العلمية ربما نادرا تجد بعض هذه الأبحاث كبحث فلسفة الدين الناظر إلى معاني المفردات اللغوية أو بحث علم اللغة الناظر إلى ألفاظ كلمات القرآن الكريم، هذا تمام الكلام في النقطة الأولى وهي السابقة التاريخية لبحث لغة القرآن الكريم واتضح أن البحث في لغة القرآن قديم جديد وأن المعاصرين قد ابتكروا نظريات جديدة في لغة الدين وفقاً لمجريات الأمور التي جرت في أوروبا من مواجهة الكنيسة في القرون الوسطى، هذا تمام الكلام في النقطة الأولى وهي السابقة التاريخية لبحث لغة القرآن.

النقطة الثانية مفهوم لغة القرآن فما هو معنى اللغة وما هو معنى اللسان واللسانيات الذي هو موضوع الفلسفة المعاصرة فلابد أن نبحث معنى اللسان في اللغة العربية والاصطلاح والقرآن أما بالنسبة إلى اللغة فإن اللسان يطلق في اللغة على العضو المتحرك داخل الفم وهو قطعة اللسان التي تعتبر أداة للكلام والنطق.

وقد يطلق اللسان على لغة القول أو الجماعة هذا بالنسبة إلى اللسان في اللغة فهو إما بمعنى قطعة اللحم التي تتحرك في الفم أو بمعنى لغة القوم وأما معنى اللسان في الاصطلاح فيراد باللسان الاتصال والارتباط تقول لا يوجد بيني وبين الجماعة لسان أي لا يوجد بيني وبين الجماعة اتصال وارتباط أو خطاب فالمراد باللسان أصل القول وقاعدة القول فهو ينتزع منه شخصية المتكلم فالمراد والمقصود باللسان نقل المراد والمقصود الذي فيه جنبة انتزاعية غير شخصية وهو يعبر عن أصل القول وقاعدته وأما الكلام والتكلم والنطق فهو مظهر استخدام هذه القوة ومورد استخدام هذه القوة عند الحديث وفهم الجمل، هذا تمام الكلام في معنى اللسان في الاصطلاح ويراد به قوة الارتباط والاتصال.

وأما الأمر الثالث وهو اللسان في القرآن الكريم فقد ورد في عدة آيات بعدة معاني:

المورد الأول ورد اللسان بمعنى التكلم والتحدث كما في قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا) القصص آية 34.

المورد الثاني استعملت مفردة اللسان بمعنى اللغة كقوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) سورة ابراهيم آية 4 أي بلغة قومه.

المورد الثالث استعمل اللسان بمعنى أداة ووسيلة النطق كقوله تعالى (ولسانا وشفتين) أي أن الله منّ على الإنسان بأداء ووسيلة للنطق وهي اللسان، هذا بالنسبة إلى مفردة اللسان، أحيانا القرآن الكريم يعبر عن اللسان بكلمة أخرى كمفردة البيان قال تعالى الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، سورة الرحمن آية 4 يعني علمه النطق إشارة إلى اللسان يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان جزء 19 صفحة 95 البيان توضيح الشيء والغرض منه هو اظهار الاشياء الباطنية.

نرجع إلى كلمات علماء اللغة المعاصرين في أوروبا  يقول عالم اللغة المعروف سوسير اللغة هي مجموعة التراكيب والنظم من العلامات المرتبطة بعضها مع البعض الآخر وقيمة كل علامة يتبع وضعها التركيبي.

الخلاصة

ليس المقصود بلغة القرآن الفاظ القرآن من الناحية الهيكلية واللفظية أو معنى الفاظ القرآن فقط بل المقصود بلغة القرآن طريقة القرآن في الطرح أي اسلوب القرآن في بيان معانيه فهل القرآن ابتكر طريقة خاصة واسلوبا جديدا في طرح أفكاره أم أن القرآن سار على اللغة العربية المتعارفة والسائدة آنذاك فكيف نصنف لغة القرآن هل هي لغة أدبية أو لغة علمية أو اسلوب علمي متأدب أو اسلوب رمزي وما شاكل ذلك وبعبارة أخرى المراد بحقيقة لغة القرآن كيفية ايجاد البناء والربط الدلالي بين المفردات والجمل والعبائر في كل النص عند المخاطبة، هذا تمام الكلام في النقطة الثانية وهي مفهوم لغة القرآن في اللغة والاصطلاح والاستعمال القرآني.

النقطة الثالثة أقسام اللغات

قسمت لغة الخطاب إلى أقسام عديدة أطلقت عليها تسميات خاصة ونحن سنذكر أحد عشر قسما لهذه الأقسام وقد تتداخل هذه الأقسام الأحد عشر وقد تزيد أو تنقص تبعا للاستقراء أو قد تتداخل فيما بينها وإنما سنذكر الأقسام الأحد عشر لا بمعنى أنها متباينة وتندرج تحت مقسم واحد وإنما نشير إلى الاصطلاحات التي أطلقت على اللغات المختلفة لنرى أن لغة القرآن أي واحد من هذه الأقسام الأحد عشر أو قد ينطبق عليها كذا عنوان من هذه العناوين والأقسام الأحد عشر فإن هذه الأقسام متداخلة والغرض بيان ما ذكر كقسم في العلوم وليس الغرض أن هذه الأقسام هي أقسام في الواقع تحت مقسم واحد إذ يشترط في الأقسام أن لا تكون متداخلة هذا بالنسبة إلى الأقسام الواقعية لكن بالنسبة إلى الأقسام التي تذكر في العلوم فقد تتداخل لأنها تختلف باختلاف اصطلاحات العلماء من هنا نذكر هذه الأقسام وفي الختام نريد أن نرى هل هذه الأقسام الأحد عشر تنطبق على لغة القرآن أو لا وسيتضح أن جميع هذه الأقسام الأحد عشر تنطبق أو قد تنطبق على لغة القرآن عدى القسم السادس وهو لغة الأسطورة فإن الأسطورة تشير إلى الحكاية الخرافية كطائر العنقاء وما شاكل ذلك والقرآن واقعي ليس فيه خرافات واساطير بل نفى ذلك حينما قال اساطير الأولين إذن هذه الأقسام الأحد عشر أو الاصطلاحات الأحد عشر للغة كلها تنطبق يعني عشرة عناوين تنطبق على لغة القرآن لا توجد مانعة جمع بين الأقسام العشرة إلا خصوص قسم لغة الأسطورة وهو القسم السادس وهي الأقسام الأحد عشر كما يلي أو الاصطلاحات الأحد عشر أقسام اللغات لعل العنوان في النقطة الثالثة أن نقول اصطلاحات لغة القرآن.

المصطلح الأول لغة الإخبار والإنشاء فالمراد باللغة الاسلوب المؤلف إما من أسلوب خبري أو أسلوب انشائي والخبر هو الكلام الذي يحتمل الصدق والكذب بخلاف الإنشاء الذي لا يحتمل الصدق أو الكذب كالأمر أو النهي ومن الواضح أن هذا ينطبق على القرآن ففيه اساليب انشائية وفيه اساليب خبرية.

المصطلح الثاني لغة الحقيقة والمجاز فاللغة الحقيقية أو المجازية تنطبق على القرآن الكريم فالأسلوب الحقيقي أو الاستعمال الحقيقي هو عبارة عن استعمال اللفظ في المعنى الذي وضع له في اللغة والاستعمال المجازي هو عبارة عن استعمال اللفظ في غير المعنى الذي وضع له في اللغة أي في غير المعنى الحقيقي بواسطة وجود قرينة تدل على المعنى المجازي ومن الواضح أن لغة الحقيقة والمجاز تنطبق على القرآن الكريم.

الاصطلاح الثالث لغة الكناية

والمراد بالكناية دلالة اللفظ على المعنى الأصلي ليراد منه لازمه واشتعل الرأس شيبا كناية عن كبر السن أي دلالة اللفظ على المعنى بشكل غير صريح فلم يصرح أنني قد شخته وكبرت وإنما أشار إلى ذلك باشتعال الرأس شيبا ولغة الكناية موجودة في القرآن الكريم.

المصطلح الرابع لغة الرمز أو لغة الاشارة التأويلية فكل علامة أو إشارة تدل على معنا أو مفهوم غير محدد بدقة هي لغة رمزية لغة إشارية ومن الواضح أن القرآن فيه إشارة والقدر المتيقن من هذه الإشارات الحروف المقطعة الموجودة أوائل السور فإنه قد يقال أنها تشير إلى معان لم ندركها أو لا ندركها.

المصطلح السادس لغة الأسطورة

وهذا موجود في التوراة والإنجيل المحرفين وموجود أيضا في التراث الهندي والفارسي مثل اسطورة رستم التي تشير إلى الرجل الشجاع والقوي وهناك اساطير كثيرة في الثقافة الفارسية القديمة والثقافة الهندية والأساطير عند اليونانيين فلغة الأسطورة هي عبارة عن تخيل محض للمتعة وإثارة الانتباه وعادة تكون خالية من أية معلومات دينية أو اخلاقية أو اجتماعية بل تعتمد على تقاليد العامة وحكاياتهم مثل الأساطير القديمة عند الإيرانيين واليونانيين والهنود هذه اللغة ليست موجودة في القرآن الكريم.

المصطلح السابع اللغة العرفية

وهي اللغة المتداولة بين الناس وتكون عادة خالية من المصطلحات العلمية والأدبية المعقدة وعادة تعتمد على المسامحات العرفية والمبالغة العرفية ومن الواضح أن القرآن الكريم قد لاحظ اللغة المتعارفة بين الناس فيصدق عليه قسم أو اصطلاح اللغة العرفية ولكن القرآن الكريم بعيد كل البعد عن المسامحة يعني التسامح والمبالغة وعدم الدقة في التعبير، هذا تمام الكلام في المصطلح السابع اللغة العرفية.

المصطلح الثامن اللغة الأدبية

وهي اللغة التي يشيع فيها استخدام الفنون الأدبية والبلاغية مثل الاكثار من التشبيه والاستعارة والكناية والتصوير فتكون لغة مثيرة وجذابة قائمة على الفن والخيال والأحاسيس والأخيلية وعدم التصريح ومن الواضح أن القرآن الكريم فيه الكثير من الأساليب الأدبية وقد ألف الدكتور محمود البستاني رحمه الله صاحب التفسير البنائي في القرآن الكريم خمسة اجزاء والذي طبعته استان قدس رضوي ألف عدة كتب تشير إلى هذا الجانب منها كتاب القواعد البلاغية في القرآن الكريم فما هي القواعد البلاغية التي استخدمها القرآن الكريم قد أشار إليها وحصرها في كتابه بالإضافة إلى كتاب دراسات فنية في قصص القرآن الكريم دراسات في فهم لغة القرآن الكريم، هذا تمام الكلام في المصطلح الثامن اللغة الأدبية.

المصطلح التاسع اللغة العلمية وهي لغة العلوم التجريبية كلغة الكيمياء والفيزياء والأحياء والرياضيات فهي لغة على أساس تجربة محسوسة ومن خصائص هذه اللغة دقتها وقصر عباراتها وخلوها من الإبهام والمجاز والدلالات الالتزامية فاللغة العلمية عادة ما تستعمل المدلول المطابقي لا المدلول الالتزامي وبتعبير دقيق ومن الواضح أن القرآن الكريم توجد فيه بعض الأساليب والاصطلاحات العلمية التي لا تقبل المجاز كاصطلاحاته في الفقه والأحكام الشرعية فهي ليست اصطلاحات مجازية أو بلاغية قابلة للتأويل.

اللغة العاشرة اللغة المتعددة الأبعاد يعني اللغة التلفيقية مما تقدم تلفيق من الأسلوب العلمي والأسلوب الأدبي والأسلوب العلمي المتأدب فمن الممكن أن يكون في اللغة والأسلوب الواحد عدة أساليب وإفادات كأن نأتي بخبر من الأخبار يفيد في نفس الوقت الحديث عن واقع معينة لكن فيه إشارة جمالية للنفس فهذا يندرج ضمن الخبر والأسلوب الخبري ويندرج ضمن الاسلوب الجمالي والأدبي أو أن نأتي بانشاء معين فيه تأثير في النفس ويحكي عن الواقع كما هو الحال في القضايا القرآنية فيصدق عليه أنه لغة انشاء ويصدق عليه أيضا أنه لغة جمالية وأدبية متميزة ومن الواضح أن القرآن فيه أساليب لغوية متعددة فيصدق عليه مصطلح اللغة المتعددة الأبعاد.

المصطلح الحادي عشر اللغة المتعددة المستويات يعني متعددة البطون فاللغة فيها حقائق ومفاهيم وللوصول إلى معنى هذه الحقائق والمفاهيم قد نحتاج إلى عدة مراحل أو إلى عدة مستويات من الفهم ويحتاج الوصول إلى بعض هذه المستويات جهد فكري وسعي معنوي ومن الواضح أن القرآن له بطون وفي الروايات إشارة إلى أن القرآن توجد له بطون سبعة.

الملاحظة في نهاية هذه المصطلحات الأحد عشر أن القرآن الكريم تنطبق عليه هذه المصطلحات الأحد عشر بأجمعها عدى مصطلح لغة الأساطير فإنه الأساطير تعبر عن مطالب خيالية أو باطلة والقرآن لا باطل فيه بل هو ناظر إلى الواقع وسيتضح في بحث الآراء والنظريات وهو البحث الأخير أن كون لغة القرآن عرفية لا يعني دخول المسامحات العرفية الرائجة بين الناس في لغة القرآن الكريم، هذا تمام الكلام في النقطة الثالثة وهي مصطلحات اللغة أو أقسام اللغة.

النقطة الرابعة وظائف اللغة فما هو الغرض من إيراد الأسلوب واللغة وما هي الوظيفة التي تؤديها لغة القرآن وغيره، يمكن أن تذكر عدة وظائف نقتصر على ذكر خمسة منها والاستقراء مستمر ويمكن أن تذكر عدة وظائف للغة:

الوظيفة الأولى وصف الحقائق والوقائع فاللغة هي ترجمان لحقائق الكون وما يحيط بالإنسان بظاهره وباطنه فاللغة وصف للحقائق التي تدور حول الإنسان.

الوظيفة الثانية بيان الأسباب والمسببات والعلل والمعلولات كلغة الفلسفة فلغة الفلسفة تهيئ الأرضية لذهن الإنسان لاكتشاف علاقة السببية والمسببية والعلية والمعلولية بين الظواهر فهي تدرس في الفلسفة القديمة عندما ندرس الوجود فيكون بحث العلة والمعلول وتدرس في الفلسفة الحديثة عندما ندرس المعرفة العلمية والتجريبية وندرس معطيات التجربة والاسباب والمسببات.

الوظيفة الثالثة الفعل القولي فالإنسان كما يقول الإمام الرضا عليه السلام النطق راحة للنفس يعني النطق والقول فعل من أفعال النفس واللغة وسيلة للارتباط بالآخرين وتحل هذه اللغة والتلفظ محل الأفعال كما في الأوامر والنواهي يعني أفعل أو لا تفعل فمن وظائف اللغة الفعل القولي يعني هذا القول يتجسد في فعل.

الوظيفة الرابعة العاطفة والأحاسيس فاللغة تصور أحاسيس الإنسان الباطنية كالهم والغم والفرح والأمنيات وغير ذلك لذلك ورد في الرواية عن الإمام الصادق إذا غضبت ولم تستطع اخراج غضبك فذهب إلى بئر واصرخ في ذلك البئر فإنك ستخرج هذه الشحنات النفسية والداخلية لأن الإنسان اجتماعي بالطبع وسمي الإنسان إنسانا من أنسه بغيره وقد لاحظت أن الأشخاص المتعزبين الذي جالس بدون زوجته مدة طويلة يحب يتكلم كثيرا لأنه لا يحصل على شخص يتكلم معه الذي عنده زوجة وأولاد هذا انسان طبيعي يتكلم بالمقدار ولكن أنا لاحظت اشخاص كتومين وما يتكلمون بطبيعتهم لكن سنة سنتين ثلاث عايش من دون زوجته لا يوجد أحد معه في البيت هذا تراه ما شاء الله إذا تتصل له أو في اجتماع أو جلسة يتحدث كثيرا لأنه محروم من نعمة الكلام وهذا أيضا لاحظته الآن لما صارت ازمة كرونا وقالوا كل واحد يجلس في بيته ولا يلتقي بأحد تباعد اجتماعي بعضهم التزم وبعضهم لم يلتزم، بعض الذي التزموا الآن صار لهم شهرين ونصف ثلاثة شهور في البيت وما خرجوا سابقا إذا اتصل إليهم انا عندي مسألة شرعية أو معاملة معينة هو يتكلم بالمقدار الواجب بعد ما استطيع أن أواصل معه الحديث ما عنده وقت الآن إذا اتصل له هو المطلب أو الجواب في نصف دقيقة يتكلم عشر دقائق لأن محروم من الكلام هو ما ملتفت إلى نفسه إذن النطق يبرز العواطف والأحاسيس هذه من وظائف النطق.

الوظيفة الخامسة نقل تجارب وثقافة الماضيين فمن الواضح أن الألفاظ تنقل تجارب الماضين.

في ختام النقطة الرابعة نذكر ملاحظة عندما نتأمل في الآيات القرآنية سنعثر على هذه الموارد التي ذكرناها لكن بلغة القرآن الخاصة وهي لغة القرآن عبارة عن لغة الهداية المتمثلة بالموعظة أو ؟؟؟ فلما تتكلم أنت ترتاح لا تقل الله يرتاح ويعبر عن مشاعره أنت ترتاح لما تقرأ الآية تنفس عن نفسك فتجد في الآية الموعظة وما يسلي النفس أو التحذير أو العبرة أو البشارة أو الإنشاء أو الاخبار عن المستقبل الأبحاث التاريخية الإشارات العلمية وغير ذلك من وظائف اللغة العربية ولغة القرآن هذا تمام الكلام في النقطة الرابعة من النقطة السادسة عشر من الأصول الموضوعية للتفسير يبقى الكلام في سبع نقاط الباقية إلى هنا أخذنا أربع نقاط النقطة الأولى السابقة التاريخية للغة.

النقطة الثانية مفهوم اللغة

النقطة الثالثة مصطلحات اللغة واقسامها

النقطة الرابعة وظائف اللغة

النقطة الخامسة الآراء في لغة القرآن

النقطة السادسة الاتجاهات الجديدة للغة الدين في الغرب ونسبتها إلى القرآن الكريم إذن بقيت نقطتان الآراء في لغة القرآن وهي النقطة الخامسة والاتجاهات الجديدة للغة الدين في الغرب وهذه هي النقطة السادسة والأخيرة، هذه نقاط موسعة ولكن مهمة في فهم لغة القرآن.

النقطة الخامسة الآراء في لغة القرآن يأتي عليها الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

 

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 28 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: دروس في المناهج و الاتجاهات التفسيرية للقرآن
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
28 الجلسة