أصول التفسير ـ قديم
شیخ الدقاق

022 -أدلة تواتر القراءات

أصول التفسير- (قديم)

  • الكتاب: دروس في المناهج و الاتجاهات التفسيرية للقرآن
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

الفصل الثاني التأويل

قلنا إن بحثنا في منطق تفسير القرآن يتألف من قسمين القسم الأول أصول التفسير، القسم الثاني قواعد التفسير وقد شرعنا في القسم الأول وهو أصول التفسير وهو يتألف من ثلاثة فصول الفصل الأول التفسير، الفصل الثاني التأويل الفصل الثالث بطون القرآن.

انتهينا في الدرس السابق من الفصل الأول وهو التفسير نشرع اليوم في الفصل الثاني وهو التأويل وهو ليس بفصل طويل وبعد ثلاثة دروس تقريبا سنشرع في الفصل الثالث وهو بطون القرآن.

الفصل الثاني التأويل يتألف من مقدمة وأربع نقاط:

النقطة الأولى مفهوم التأويل

النقطة الثانية جواز التأويل وضوابطه

النقطة  الثالثة النسبة بين التأويل والتفسير

النقطة الرابعة العلم بالتأويل والراسخون في العلم

إذن نشرع في المدخل ومن ثم في النقطة الأولى مفهوم التأويل.

مفهوم التأويل فيها أربع نقاط:

النقطة  الأولى التأويل في اللغة

النقطة الثانية التأويل في القرآن الكريم

النقطة الثالثة التأويل في الحديث الشريف

النقطة الرابعة التأويل في نظريات العلماء

أما التأويل في اللغة ففيه أربعة معاني وأما التأويل في القرآن ففيه خمسة معاني بينما التأويل في الحديث فيه ثلاثة معاني وأما التأويل في القسم الرابع وهو التأويل في نظريات العلماء فسيكون في قسمين القسم الأول نظريات معنى التأويل القسم الثاني نظريات وجود التأويل.

أما القسم الأول نظريات معنى التأويل سنتطرق إلى ست نظريات للعلماء في معنى التأويل وأما القسم الثاني وهو نظريات وجود التأويل فسنتكلم عن نظريتين، هذه خلاصة الكلام وفهرسة لأبحاث النقطة الأولى مفهوم التأويل، إذن نشرع في مدخل الفصل الثاني وهو التأويل.

المدخل وردت مفردة التأويل في القرآن الكريم عدة مرات منها قوله تعالى (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) ثم وردت مفردة التأويل في أحاديث النبي وأهل بيته “عليهم السلام” وبعد ذلك صارت هذه المفردة موردا للبحث عند المفسرين والمؤلفين في علوم القرآن ومن هنا سنبحث مفردة التأويل في أربعة أمور:

الأمر الأول اللغة

الأمر الثاني القرآن

الأمر الثالث الحديث الشريف

الأمر الرابع كلمات المفسرين وعلماء علوم القرآن

وصارت لفظة التأويل معترك الآراء بين العلماء ولا تزال الأبحاث في مفردة التأويل مستمرة إلى يومنا هذا فبحث التأويل بحق من أعقد أبحاث علوم القرآن ومن أعقد أبحاث التفسير وأكثرها أهمية فالتأويل من جهة له ارتباط ببعض الموضوعات المهمة كبحث المحكم والمتشابه والظاهر والباطن ومنهج التفسير الاشاري والباطني وبحث الهرمونطيقية والمراد بالهرمونطيقية لغة فهم النص كيف نفهم النص وبحث الراسخون في العلم واعتاد المفسرون أن يبحثوا معنى التأويل ويجروا بحوثا في التأويل عند تطرقهم إلى تفسير ذيل الآية السابعة من سورة آل عمران وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم فإذا أردت الاطلاع على كلمات المفسرين وباحثي علوم القرآن فعليك بمراجعة تفسير ذيل الآية السابعة من سورة آل عمران فإن فيها مباحث التأويل وهذه نقطة مهمة لطالب العلم أن يعرف موطن البحث.

مثلا إذا أراد أن يبحث في الفقه عن حرمة حلق اللحية فأين يجد المبحث؟ الجواب يراجع كتاب التجارة وأين كتاب التجارة من حلق اللحية فإن حلق اللحية يبحث في المكاسب المحرمة وما يحرم التكسب به فيبحث هل يجوز التكسب بحلق اللحية وهل حلق اللحية حرام أو لا؟ لذلك ينبغي أن يلم الباحث بالفقه بمواطن الأبحاث الفقهية وأين تبحث كذلك ينبغي أن يلم الباحث في التفسير وعلوم القرآن بمواطن البحوث التفسيرية فبحث التأويل عادة ما يتطرق إليه في تفسير الآية السابعة من سورة آل عمران وقد ألفت العديد من الكتب في التأويل وكانت مختصة ببحث التأويل من هذه الكتب كتاب تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة الدينوري المتوفى سنة 276 هجرية وكتاب قانون التأويل لمحمد بن عبد الله بن العربي المتوفى سنة 543 هجرية قمرية وكتاب مناهج طرق التأويل للدكتور محمد كاظم شاكر وهو من المعاصرين وهناك الكثير من الكتب المختصة بالتأويل كما أن بحث التأويل يفرد له فصل أو باب واسع في علوم القرآن يختص بدراسة التأويل، هذا تمام الكلام في بيان مدخل البحث لدراسة التأويل قلنا البحث في التأويل يكون في أربع نقاط نشرع في النقطة الأولى مفهوم التأويل وفيها أمور أربعة:

الأمر الأول التأويل في اللغة

الأمر الثاني التأويل في القرآن

الأمر الثالث التأويل في الحديث الشريف

الأمر الرابع التأويل في كلمات ونظريات العلماء

أما الأمر الأول التأويل في اللغة

مادة التأويل مأخوذة من الأول بمعنى الرجوع فلفظ التأويل على وزن تفعيل من الأول بمعنى الرجوع إذن مادة أوَلَ بمعنى رجعة آل الشيء أو أوَلَ الشيء أو إذا قلت أوّل الشيء يعني أرجعه والتأويل يعني الترجيع من باب التفعيل كما ورد في لسان العرب لابن منظور الجزء 11 صفحة 32 ومعجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس الجزء الأول صفحة 159 وقد استخدمت مادة أوّلَ بمعنى الجمع والإصلاح كما في لسان العرب لكن الأكثر على أن الأول بمعنى الرجوع.

قال الراغب الأصفهاني في كتاب مفردات غريب القرآن في مادة أوَلَ قال التأويل من الأول أي الرجوع إلى الأصل وذكر أهل اللغة لمفردة التأويل عدة معاني أو عدة استخدامات نذكر منها أربعة معاني:

المعنى الأول إرجاع الشيء إلى هدفه

المعنى الثاني التأويل بمعنى التفسير

المعنى الثالث التأويل بمعنى السياسة

المعنى الرابع التأويل بمعنى عاقبة الأمر

المعنى الأول التأويل بمعنى إرجاع الشيء إلى هدفه ويتم ذلك بصورتين:

الصورة الأولى أن يكون الهدف هو العلم كقوله تعالى (وما يعلم تأويله إلا الله) والهدف هنا هو العلم بالكتاب.

الصورة الثانية الهدف هو الفعل كقوله تعالى (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله) أي يوم يأتي فعله وليس المراد يوم يأتي علمه وبعبارة أخرى تظهر نتيجة التأويل أحيانا في الأمور العلمية ودفع الشبهات وأحيانا في الأمور الخارجية والعينية وبعبارة أخرى الإرجاع قد يكون أحيانا إلى أمر نظري وعلمي وقد يكون أحيانا إلى أمر خارجي وعيني ويجتمع الأمران في الإرجاع إلى هدف هذا الهدف إما أن يكون علم أو فعل إذن المعنى الأول للتأويل الإرجاع إلى الهدف من علم أو فعل.

المعنى الثاني التأويل بمعنى التفسير فيكون معنى التفسير والتأويل واحدا ومن الواضح أن المراد بالتفسير هو عبارة عن كشف المراد عن ظاهر اللفظ فالتفسير عبارة عن كشف المشكل والتأويل عبارة عن رد احد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر فبما أن التفسير والتأويل واحد أي بمعنى واحد والتفسير هو عبارة عن بيان المعنى الظاهري للفظ فحينئذ يكون التأويل بمعنى مطابقة الاحتمال للمعنى الظاهري للفظ يعني يصير بينهما ترادف التأويل والتفسير مترادفان.

المعنى الثالث للتأويل التأويل بمعنى السياسة فما هو الوجه في استعمال لفظة التأويل بمعنى السياسة ومن الواضح أن التأويل في اللغة بمعنى الرجوع، توجد هنا حيثيتان:

الحيثية الأولى لأن مرجع الرعية إلى راعيها وبما أنه في السياسة تأول أمور الرعية إلى الراعي وترجع أمور الرعية إلى الراعي استخدم التأويل في السياسة أو لعله لأعمال السياسة في الكلام فالكلام المؤول هو الكلام الذي أعملت فيه السياسة إذن يطلق لفظ التأويل على السياسة إما لأول الرعية إلى الراعي وإما لأول السياسة إلى إعمال التأويل والسياسة في الكلام.

يقول الدكتور الذهبي في كتابه التفسير والمفسرون الجزء الأول صفحة 13 التأويل مأخوذ من الأول بمعنى الرجوع وقيل مأخوذ من الإيالة وهي السياسة فكأن المؤول يسوس الكلام ويضعه في موضعه إذن التأويل إن أخذناها من الأول فهو بمعنى الرجوع وإن أخذناها من الإيالة فهي بمعنى السياسة.

المعنى الرابع للتأويل في اللغة العربية التأويل بمعنى عاقبة الأمر كما في مقاييس اللغة الجزء الأول صفحة 160 ومنه تأويل الكلام وهو عاقبة الكلام وما يؤول إليه وما يرجع إليه الكلام هذا تمام الكلام في الأمر الأول معنى التأويل في اللغة العربية أربعة معاني إرجاع الشيء إلى هدفه التفسير، السياسة، عاقبة الأمر، هذا تمام الكلام في الأمر الأول التأويل في اللغة العربية.

الأمر الثاني التأويل في القرآن الكريم

تكرر لفظة ومفردة التأويل في القرآن الكريم سبعة عشر مرة وبمعان مختلفة نشير إلى بعضها ونذكر خمسة منها:

المعنى الأول التفسير وهذا مطابق للغة فيكون التأويل والتفسير بمعنى واحد فقد ذهب المرجع الكبير الشيخ جعفر السبحاني "حفظه الله" إلى تفسير لقوله تعالى وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم وقد ذهب غيره إلى تفسير آخر وهذه التفاسير المختلفة سنسردها في هذه الأقوال.

القول الأول التأويل بمعنى التفسير فقد ذهب بعض المعاصرين إلى أن المراد بالتأويل في قوله تعالى (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) أي لا يعلم تفسيره ومعناه إلا الله والراسخون في العلم.

المعنى الثاني من معاني التأويل في القرآن الكريم بمعنى توجيه المتشابه كما ورد في سورة الكهف في قصة موسى والخضر “عليه السلام” وتوجيه أعمال الخضر العجيبة حينما خرق السفينة وقتل الغلام وهدم الجدار قال الخضر لموسى "عليهما السلام" (سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) يعني سأوجه لك الأمور التي اشتبهت عليك ثم في الأخير بعد أن وضح له قال الخضر لموسى "عليهما السلام" (ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا) فالمراد بالتأويل ليس التفسير وإنما توجيه الأمر الذي اشتبه والتبس وقد ذهب سماحة الشيخ جعفر السبحاني "حفظه الله" إلى أن مفردة التفسير الواردة في هاتين الآيتين بمعنى المصالح والدوافع وأسرار المرموزات أو فلسفة الأحكام أنا سأريك فلسفة ما قمت به هذا يلتقي في هذا المعنى توجيه المتشابه.

والبعض ذهب إلى أن المراد بقوله تعالى (ما يعلم تأويله) ليس التفسير كما في القول الأول وإنما توجيه المتشابه.

المعنى الثالث للتأويل في القرآن الكريم تفسير الرؤيا والمنام تعبير المنام ففي سورة يوسف “عليه السلام” جاءت مفردة التأويل ثمان مرات بمعنى تعبير المنام كقوله تعالى (ويعلمك من تأويل الأحاديث) يعني ويعلمك من تفسير الأحلام وليس المراد تفسير الكلام.

المعنى الرابع للتأويل في القرآن الكريم عاقبة وخاتمة الشيء قال تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) يعني تكون العاقبة والخاتمة حسنة واحتمل نفس هذا المعنى وهو خاتمة الشيء في آية 35 من سورة الإسراء والآية 53 من سورة الأعراف.

المعنى الخامس للتأويل في القرآن الكريم بمعنى تحقق الشيء قال تعالى (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله) يعني يوم يتحقق التأويل ولو دققنا في هذا المعنى تحقق الشيء فإنه يرجع إلى المعنى الرابع عاقبة الشيء وخاتمته ولا تنافي بينهما، هذا تمام الكلام في الأمر الثاني معنى التأويل في القرآن الكريم.

الأمر الثالث معنى التأويل في الأحاديث وقد ورد لفظ التأويل بعدة معاني نقتصر على ذكر ثلاثة منها:

المعنى الأول بمعنى البطن

المعنى الثاني مراد المتكلم ومقصوده

المعنى الثالث مصاديق الآيات

ونذكر هذه المعاني تباعا فإن مفردة التأويل قد وردت في الروايات خصوصا الروايات التفسيرية فقد تكررت فيها مفردة التأويل بعدة معاني مختلفة من بينها هذه المعاني الثلاث.

المعنى الأول التأويل بمعنى البطن

حكي عن الإمام الباقر “عليه السلام” أنه سئل بخصوص الحديث الوارد عن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" ما في القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن فأجاب الإمام الباقر “عليه السلام” (ظهره تنزيله وبطنه تأويله منه ما قد مضى ومنه ما لم يكن يجري كما تجري الشمس والقمر) ففي هذه الرواية عد بطن القرآن من موارد تأويل القرآن أي أن أحد استعمالات مفردة التأويل بمعنى البطن وسيأتي البحث في بطون القرآن في الفصل الثالث وذهب المرحوم سماحة الشيخ محمد هادي معرفة إلى أن تأويل بمعنى بطن في هذا الموضع هو عبارة عن مفهوم عام ينتزع من الآية وهذا المفهوم العام المنتزع والمستخلص من الآية قابل للانطباق على كل زمان لذلك هو يتجدد وهذا ملاك قاعدة الجري والتطبيق أحيانا الإمام يفسر بمعنى المصداق (إنا أعطيناك الكوثر) معنى الكوثر الخير الكثير بعض الروايات تقول هي فاطمة عليها السلام فإن نسل رسول الله منها هذا جري على المفهوم وتطبيق له في مصداقه يعني التفسير ببيان المصداق فاطمة، رواية أخرى تقول (الكوثر نهر في الجنة) فهذا أيضا بيان مصداق جري وتطبيق لمفهوم الخير الكثير فالجري والتطبيق عن طريق انتزاع مفهوم عام من الآية هذا المفهوم العام قابل للانطباق على الزمن الغابر والزمن اللاحق.

هذا المعنى العام هو معنى لازم للآية الكريمة وقابل للانطباق على المصدايق المذكورة في الرواية وعلى مصاديق أخرى على امتداد عمود الزمان لذلك أشارت الرواية إلى أن بعض المصاديق قد مضت وبعض المصاديق ستأتي وتتحقق مثل حركة الشمس والقمر فإن حركة القرآن في معانيه كحركة الشمس والقمر حركة متجددة وإذا رجعنا إلى الروايات سنلاحظ أن الكثير من الروايات قد استخدمت مفردة التأويل بمعنى البطن هذا تمام الكلام في المعنى الأول للتأويل في الروايات الشريفة التأويل بمعنى بطن الآية.

المعنى الثاني للتأويل في الأحاديث الشريفة مراد المتكلم ومقصوده

يحكى عن حذيفة بن اليمان أنه قال في يوم الغدير قال النبي "صلى الله عليه وآله" (من كنت مولاه فهذا علي مولاه ثم سأله شخص من الحاضرين يا رسول الله ما تأويل هذا الكلام يعني ما هو المقصود من هذا الكلام ما هو المراد من هذا الكلام فأجابه "صلى الله عليه وآله" من كنت نبيه فهذا علي أميره) ففي هذا الحديث يسأل السائل عن معنى مولى ويجيبه الرسول بأنه أمير وعبر السائل عن مراد النبي ومقصوده من المولى عبر بالتأويل ما تأويل كلامك من المولى يعني ماذا تقصد من لفظة  المولى فأشار رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أن المراد الأمير.

ويحكى عن الإمام الباقر “عليه السلام” أنه سئل ذات يوم عن علة تسمية  الجمعة فأجاب “عليه السلام” قال (أفلا أخبرك بتأويله الأعظم يعني بالمقصود به الأعظم المراد به الأعظم قال قلت بلى جعلني الله فداك فقال يا جابر سمى الله جمعة جمعة لأن الله "عز وجل" جمع في ذلك اليوم الأولين والآخرين وجميع ما خلق الله من الجن والأنس وكل شيء خلق ربنا والسموات والأرضيين والبحار والجنة والنار وكل شيء خلق الله في الميثاق) ففي هذه الرواية جاء التأويل بمعنى سبب وعلة التسمية والمدلول اللفظي لكلمة الجمعة، هذا تمام الكلام في بيان المعنى الثاني وهو مراد المتكلم ومقصوده.

المعنى الثالث مصاديق الآيات هذا ما يستخدم في الجري والتطبيق التفسير ببيان المصداق لا ببيان المفهوم يعني يوجد مفهوم نجري على هذا المفهوم ونطبقه على مصاديق، مفهوم الخير الكثير نجري عليه ونطبقه على مصداق فاطمة الزهراء على مصداق النهر الواسع والكبير في الجنة.

جاء في تفسير العياشي في رواية أبي بصير عن أبي جعفر “عليه السلام” في قوله تعالى (أطيعوا وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال نزلت في علي بن أبي طالب قلت له إن الناس يقولون لنا فما منعه أن يسمي عليا وأهل بيته في كتابه فقال أبو جعفر “عليه السلام” قولوا لهم إن الله أنزل على رسوله الصلاة ولم يسمي ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو الذي فسر ذلك لهم ونزل عليه الزكاة ولم يسمي لهم من كل أربعين درهما حتى كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأنزل الحج فلم ينزل طوفوا أسبوعا يعني سبعة أشواط، حتى فسر ذلك لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأنزل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم نزلت في علي والحسن والحسين وقال في علي من كنت مولاه فعلي مولاه فقال رسول الله أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي إني سالت الله أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلال ولو سكت رسول الله ولم يبين أهلها يعني مصادقها لادعاها آل عباس وآل عقيل وآل فلان وآل فلان ولكن الله أنزل في كتابه إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فكان علي والحسن والحسين وفاطمة “عليهم السلام” تأويل هذه الآية يعني مصداق هذه الآية فأخذ رسول الله بيد علي وفاطمة والحسن والحسين “عليهم السلام” فأدخلهم تحت الكساء في بيت أم سلمة وقال اللهم إن لكل نبي ثقلا وأهلا فهؤلاء ثقلي وأهلي فقالت أم سلمة ألست من أهلك قال إنك إلى خير ولكن هؤلاء ثقتي وأهلي)، إذن ورد التأويل في الروايات الشريفة بثلاثة معان المعنى الأول البطن المعنى الثاني مراد المتكلم ومقصوده المعنى الثالث المصداق.

إلى هنا ينتهي الكلام في الأمر الثالث التأويل في الأحاديث الشريفة ويقع الكلام في التأويل في نظريات العلماء وهنا نبحث بحثا ثبوتيا وبحثا اثباتيا أما البحث الثبوتي فهو عبارة عن القسم الأول نظريات معنى التأويل وأما البحث الاثباتي فهو عبارة عن القسم الثاني نظريات وجود التأويل أين يوجد التأويل أين يقع التأويل إذن لابد من بحث معنى التأويل وأين وقع التأويل في كلمات ونظريات المفسرين والعلماء في علوم القرآن.

القسم الأول نظريات معنى التأويل

ورد التأويل بست معان في كلمات المفسرين والعلماء في علوم القرآن هذه المعاني الستة ستكون واضحة لأننا درسنا أربع معان لغوية وخمسة معان في القرآن وثلاثة معان في الروايات فإن لفظ التأويل بمعنى التفسير ورد في اللغة وورد أيضا في القرآن الكريم وسيرد الآن في كلمات المفسرين إذن القسم الأول من الأمر الرابع وهو التأويل في كلمات المفسرين المعنى الأول التأويل بمعنى التفسير المعنى الثاني التأويل بمعنى توجيه المتشابه المعنى الثالث التأويل بمعنى إرجاع لفظ الآية من المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح الرابع التأويل بمعنى البطن الخامس التأويل بمعنى التفسير الباطني والرموز والإشارات السادس التأويل بمعنى مراد الكلام هذه خلاصة الأبحاث في القسم الأول معنى التأويل في نظريات العلماء.

القسم الثاني نظريات وجود التأويل النظرية الأولى التأويل بمعنى الوجود العيني الخارجي كما يقول بها أبن تيمية.

النظرية الثانية التأويل بمعنى الحقيقة العينية الخارجية وهذا ما سيقع الكلام فيه في الدرس القادم إذن القسم الأول نظريات معنى التأويل يأتي عليها الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 28 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: دروس في المناهج و الاتجاهات التفسيرية للقرآن
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
28 الجلسة