تفسير البيان
شیخ الدقاق

079 - البحث (2) تحليل الاية الثانية إلى الرابعة من سورة الفاتحة

تفسير البيان

  • الكتاب: البيان في تفسير القرآن
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    500

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
البحث الثاني تحليل آية الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين
ويقع الكلام في تحليل وتفسير مفردات الآية الثانية والثالثة والرابعة بعد البسملة من سورة الحمد.
القراءة الحمد لله رب العالمين المشهور هو قراءة الحمد بضم الدال الحمدُ وكسر اللام من كلمة الله الحمد لِلِه هذه هي القراءة المشهورة وتوجد قراءتان شاذتان وهما قراءة الحمد بكسر الدال إتباعاً لها لما بعدها تقول الحمدِ لله بما أن اللام مكسورة في لفظة لله تكسر الدال التي قبلها فتقول الحمدِ لله فيكون كسر الدال في لفظة الحمد إتباعاً لكسر اللام في لفظة الجلالة.
القراءة الثانية بالعكس ضم اللام إتباعا للام لما قبلها تقول الحمدُ لُله فتضم اللام من لفظة الجلالة لُله إتباعا لما قبلها من الدال المضمومة لكن كلتا هاتين القراءتين شاذ، هذا تمام الكلام بالنسبة إلى لفظ الحمد لله.
وأما الآية الرابعة مالك يوم الدين فإن لفظ مالك اختلفت فيه القراءات وذكر السيد الخوئي "رحمه الله" خمس قراءات والمشهور منها اثنتان وهما القراءة الأولى والثانية والقراءات الخمس كما يلي:
القراءة الأولى مالك على وزن فاعل فتقول مالك يوم الدين وهي القراءة المثبتة في المصحف المتداول اليوم.
القراءة الثانية ملك على وزن كتف فتقول ملك يوم الدين وهاتان القراءتان هما المشهورتان مالك وملك.
القراءة الثالثة على زنة فلس أي ملك فتقول ملك يوم الدين.
القراءة الرابعة على وزن فعيل فتقول مليك يوم الدين فتكون لفظة مالك أو ملك صفة مشبهة أو صيغة مبالغة على وزن فعيل مليك.
القراءة الخامسة قرأ أبو حنيفة بصيغة الماضي أي ملك الحمد لله رب العالمين ملك يوم الدين.
هذه القراءات الخمس المشهور منها الأولتان وغير الأوليين من القراءات شاذ لا اعتبار به هذا تمام الكلام في بيان القراءات المختلفة للآية الثانية والآية الرابعة.
وجوه ترجيح القراءتين
قد ذكروا وجهاً لترجيح قراءة مالك على ملك ووجها آخر لترجيح قراءة ملك على مالك فذكروا وجوه لترجيح كل واحدة من القراءتين الأوليين فاعل وفعل من هذه الوجوه نذكر وجهاً لترجيح مالك على ملك ووجها لترجيح ملك على مالك.
الوجه الأول ترجيح مالك فاعل على ملك فعل قالوا إن مفهوم مالك أوسع وأشمل فإذا قيل مالك القوم استفيد منه أنه ملكاً لهم وعليهم بخلاف ما إذا قيل ملك القوم فإنه لا يستفاد منه أنه مالك للقوم فقراءة مالك أرجح من قراءة ملك لأن مفهوم مالك أوسع وأشمل.
الوجه الثاني هو وجه ترجيح قراءة ملك على مالك قالوا إن الزمان لا تضاف إليه مالك غالباً وإنما تضاف إليه كلمة ملك فيقال ملك العصر ولا يقال مالك العصر ويقال ملوك الأعصار المتقدمة ولا يقال مالكو الاعصار المتقدمة فقراءة ملك أرجح من قراءة مالك بلحاظ الزمان.
والتحقيق عدم جدوى الترجيح إذ أن الترجيح في القراءات المعروفة والمشهورة لا محصل له ولا نتيجة صحيحة يمكن أن تصل إليها لأن القراءات المشهورة والمعروفة كالقراءات السبع أو العشر إما أن تكون متواترة وإما لا فإن كانت القراءات المعروفة متواترة كما عليه مذهب بعض أهل العامة وأهل السنة فحينئذ ما دامت هذه القراءات قد تواتر عن النبي "صلى الله عليه وآله" فلا حاجة حينئذ إلى بحث الراجح والمرجوح منها إذ لا معنى للترجيح فيما بينها إذا وصلت جميعها إلينا بالتواتر وإن لم يثبت أنها متواترة كما هو الحق والصحيح على مذهب الإمامية فحينئذ نقول يوجد احتمالان:
الاحتمال الأول أن يوجب الترجيح الجزم بصحة القراءة الراجحة وبطلان القراءة المرجوحة.
الاحتمال الثاني لا يحصل جزم إذن هذه القراءات إما يثبت تواترها وإما لا وإن لم يثبت تواترها إما أن نجزم ببطلان القراءة المرجوحة وإما لا على جميع هذه الشقوق لا يتم الترجيح.
تفصيل ذلك إن قلنا إن القراءات متواترة فحينئذ لا معنى لبحث الراجح والمرجوح منها وإن التزمنا أن هذه القراءات غير متواترة كما هو الصحيح فحينئذ إما أن يوجب الترجيح الجزم ببطلان القراءة المرجوحة ودون ذلك خرط القتاد إثبات أن ترجيح القراءة يؤدي إلى القطع والجزم ببطلان القراءة المرجوحة هذا ليس بصحيح غير تام.
دون إثباته خرط القتاد تعرفون القتاد هو نبت مليء بالأشواك فإذا وضعت يدك على الساق تريد أن تخرط القتاد يعني تريد أن تزيل الأوراق والأشواك فإن يدك تتمزق ولا يزال ذلك الشوك فيقولون إن خرط القتاد أهون من أثبات هذه الدعوى هذه كناية عن صعوبة إثبات هذه الدعوى.
إذن الجزم ببطلان القراءة المرجوحة ليس بتام فإن لم يوجب الترجيح الجزم ببطلان القراءة المطلوبة كما هو الغالب، الغالب في الترجيح لا تجزم ببطلان القراءة المرجوحة ففي هذه الحالة لا فائدة في الترجيح بعد أن ثبت جواز القراءة بكل واحدة من هذه القراءات المشهورة والمعروفة إذ ورد عن الإمام الصادق "عليه السلام" أقرأ كما يقرأ الناس يعني أقرأ القراءات المتعارفة والمتداولة بين الناس والمشهورة بينهم فما دام يجوز القراءة بهذه القراءات حتى لو كانت هذه القراءة بنظرك مرجوحة إلا أنك لا تجزم ببطلانها إذ يجوز القراءة بها في الصلاة، هذا تمام الكلام في بطلان ترجيح قراءة على قراءة بشكل عام في القرآن الكريم.
وهناك وجوه خاص لبطلان ترجيح مالك على ملك أو ملك على مالك وهو أن الملكية إما أن تكون ملكية حقيقية وإما أن تكون ملكية اعتبارية ومن الواضح أن ملكية الله تبارك وتعالى هي ملكية حقيقية إذ أنها تعبر عن حاطة رب العالمين وقيوميته بجميع الموجودات حي قيوم محيط بجميع الموجودات بخلاف الملكية الاعتبارية كملك الناس لأموالهم وبيوتهم وممتلكاتهم فهي ملكية اعتبارية التفرقة بين مالك وملك إنما تتم في خصوص الملكية الاعتبارية دون الملكية الحقيقية لأن المَلك والمراد به الملك يعني السلطة الجدة الملكية الاعتبارية تختلف باختلاف الموارد ففي بعض الموارد الأنسب التعبير بملك وفي الموارد الأخرى الأنسب التعبير بمالك بخلاف الملكية الحقيقة كملكية الله "عز وجل" فإنها ملكية حقيقة تنشأ عن إحاطة الله وقيوميته بجميع الموجودات فهذه الإحاطة هي منشأ صدق مالك وملك ومن هذا يتضح أن نسبة مالك إلى الزمان إذا لم تصح في غير الله "عز وجل" في الملكيات الاعتبارية فلا يلزم من عدم إضافة مالك إلى الزمان في الملكية الاعتبارية عدم صحة مالك إلى الزمان في الملكية الحقيقية لله تبارك وتعالى فالله "عز وجل" مالك للزمان كما هو مالك لغير الزمان.
إلى هنا أتضح أن هناك قراءتان مشهورتان وهما قراءة مالك وملك وأما بقية القراءات شاذة لا يعتنى بها ولا معنى للترجيح بين قراءتين مشهورتين معروفتين لذلك يفتي الفقهاء إذا تراجع كتاب الصلاة في الرسائل العلمية في بحث القراءة يقولون يجوز القراءة بمالك وملك لأن كلتيهما قراءة مشهورة.
ثم يقع الكلام في إشكال وقبل أن نشرع في بيان الإشكال لا بأس بتقديم مقدمة الإضافة إما أن تكون إضافة لفظية وإما أن تكون إضافة معنوية فمثلاً لو قلت غلام زيد فهنا يوجد لفظ مضاف وهو لفظ غلام ويوجد مضاف إليه وهو لفظ زيد فهنا توجد إضافة في الألفاظ إضافة لفظية وتارة تكون الإضافة معنوية وليست لفظية كما لو قلت غلام لزيد غلام مختص بزيد غلام ملك لزيد فهنا الإضافة معنوية يعني هذا الغلام مضاف لزيد يعني منسوب لزيد متعلق بزيد ملك لزيد مختص بزيد ولكن في عالم الألفاظ لا يوجد مضاف ومضاف إليه يوجد مبتدأ وهو غلام ويوجد خبر لزيد يوجد مبتدأ غلام ويوجد خبر مختص بتزيد متعلق بزيد إذن الإضافة إما أن تكون إضافة لفظية وإما أن تكون إضافة معنوية.
هنا يوجد إشكال يقول مفاده هكذا مالك يوم الدين هذه صفة لله "عز وجل" ولفظ الجلالة الله "عز وجل" هذا معرفة أو نكرة؟ معرفة لفظ الجلالة الله معرفة هنا يأتي البحث هل المعرفة كلفظ الله في الآية يصح أن تتبعها بمضاف ومضاف إليه لأنه مالك يوم الدين مالك مضاف يوم الدين مضاف إليه، مضاف ومضاف إليه فهذا الإشكال مفاده هكذا إضافة مالك يوم الدين إضافة لفظية إذ أن لفظ مالك مضاف ويوم الدين مضاف إليه والإضافة اللفظية لا تفيد التعريف فلا يصح أن تقع الجملة مالك يوم الدين وصفا للمعرفة وهو لفظ الجلالة الله "عز وجل" لأن لفظ الجلالة الله معرفة ولا يصح أن تعرف وأن توصف المعرفة بمضاف ومضاف إليه هذا بالنسبة إلى الإضافة اللفظية فيكون المتعين قراءة ملك يوم الدين فيكون لفظ الجلالة معرفة الله الحمد لله وتكون صفة لفظ الجلالة ملك يوم الدين وملك بمعنى سلطان وهو في حكم الجامد وتكون الإضافة إضافة معنوية إذا قلت ملك يوم الدين يعني نسبت ملكية يوم القيامة ويوم الحساب إلى الله تبارك وتعالى.
أعيد وأكرر الإشكال خلاصته هكذا، لفظ الجلالة الحمد لله معرفة هذه المعرفة لا يصح وصفها بالإضافة اللفظية ويصح وصفها بالإضافة المعنوية فإذا قلت الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين يكون لفظ مالك يوم الدين مضاف ومضاف إليه، مالك مضاف ويوم الدين مضاف إليه هذه إضافة لفظية والإضافة اللفظية لا يصح أن تقع وصفا للمعرفة بخلاف ما إذا قلت الحمد لله رب العالمين ملك يوم الدين فإن لفظ ملك يوم الدين فيه إضافة معنوية وليس فيه إضافة لفظية فيصح وصف المعرفة لفظ الجلالة بوصف عبارة عن إضافة معنوية ولا يصح أن يوصف بوصف عبارة عن إضافة لفظية.
وأجاب عن هذا الإشكال الزمخشري صاحب تفسير الكشاف الذي هو من أهم التفاسير البلاغية فمن التفاسير التي تعتني باللغة وخصوصا البلاغة العربية تفسير الكشاف للزمخشري وهو سني معتزلي، أجاب قال لفظ مالك إسم فاعل مالك على وزن فاعل اسم الفاعل يضاف على نحويين تارة اسم الفاعل يكون بمعنى الحال والاستقبال وتارة اسم الفاعل يكون بمعنى الماضي أو الدوام، إذن استعمال اسم الفاعل على نحويين النحو الأول أن يستعمل اسم الفاعل بمعنى الحال الحاضر أو المستقبل فحينئذ تكون الإضافة لفظية وأحيانا يستخدم اسم الفاعل بمعنى الماضي أو بمعنى دوام الشيء فتكون الإضافة معنوية وفي المقام مالك يوم الدين مالك اسم فاعل استخدم وأريد به الدوام فإذا أريد به الدوام تكون الإضافة معنوية ولا تكون الإضافة لفظية فلا يرد الإشكال.
مثال الأول وهو أن تكون الإضافة لفظية إذا كان بمعنى الحال والاستقبال قوله "عز من قائل" (الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا) يعني الله "عز وجل" الآن عوف المستقبل يجعل الملائكة رسل وفطر السماوات والأرضيين فتكون الإضافة لفظية فاطر مضاف السماوات مضاف إليه ومن الثاني وهو أن تكون الإضافة معنوية إذا كان بمعنى الماضي أو أريد به الدوام قوله تعالى (تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول) غافر الذنب قابل التوب يعني دائما يغفر الذنب دائما يقبل التوبة من عباده فتكون الإضافة إضافة معنوية ولا تكون الإضافة لفظية.
والمقام وهو بحثنا في مالك يوم الدين من قبيل الثاني يعني إضافة معنوية بمعنى الدوام مالك يوم الدين يعني بشكل دائم رب العالمين مالك ليوم الجزاء ويوم الحساب فإن مالكية الله "عز وجل" ليوم الدين صفة ثابتة له لا تختص بزمان دون زمان.
النتيجة النهائية يصح أن تكون جملة مالك يوم الدين صفة للمعرفة لفظ الجلالة هذا تمام الكلام في تقرير ما أفاده الزمخشري.
السيد الخوئي "رحمه الله" يناقش مناقشات دقيقة وعميقة وخلاصتها يريد أن يقول تعليلات النحات أوهام بيت العنكبوت وأن المدار في اللغة العربية هو عبارة عن تتبع الكلام العربي في استعمالات العرب واستخراج القواعد العربية من تتبع كلمات العرب من دون إعمال الاستحسانات اللغوية والاستحسانات النحوية.
الآن السيد الخوئي يناقش، السيد الخوئي يقول والتحقيق إن الإضافة مطلقا لا تفيد تعريفا لا الإضافة اللفظية ولا الإضافة المعنوية فالإضافة مطلقا سواء كانت لفظية أو معنوية لا تفيد التعريف نعم الإضافة تفيد التخصيص والتضييق والتعريف إنما يستفاد من عهد خارجي فإذا قلت مالك يوم الدين يعني هذه الملكية اختصت بيوم الدين فضيقنا الملكية المذكورة بخصوص يوم الدين وأما التعريف فإنما استفيد من عهد خارجي وهو معرفتنا بالذات الإلهية وأنها ذات قيومية تحيط بجميع الموجودات ومنها يوم الدين.
دليل هذا الكلام أن الإضافة مطلقا لا تفيد تعريفا وإنما تفيد التخصيص التضييق، يقول السيد الخوئي لا فرق بين قولنا غلام زيد وهذه إضافة لفظية وبين قولنا غلام لزيد وهذه إضافة معنوية فكما أن اللفظ الأول غلام لزيد لا يفيد إلا التخصيص كذلك اللفظ الثاني غلام زيد لا يفيد إلا التخصيص فإذن التخصيص كما يحصل في موارد الإضافة اللفظية كذلك يحصل التخصيص ويتحقق في موارد الإضافة المعنوية.
والفارق بينهما بين الإضافة اللفظية والإضافة المعنوية أن التخصيص في الأولى يعني الإضافة اللفظية غلام زيد هذا التخصيص لم ينشأ من الإضافة بل هذا التخصيص حاصل حتى بدون الإضافة من خلال العهد الخارجي خارجا نحن نعرف أن هذا الغلام لزيد وأن هذا الغلام مختص بزيد فمن العهد الخارجي يكون معلوما أن هذا الغلام من مختصات زيد نعم الإضافة تفيد التخفيف يعني بدل أن تقول غلام لزيد غلام مختص بزيد غلام ملك لزيد تخففها وتقول غلام زيد فالإضافة تفيد التخفيف، تخفف الكلام عوض أن تقول غلام متعين لزيد غلام ملك لزيد غلام مختص لزيد غلام ملك لزيد تقول غلام زيد فالإضافة لم تفيد التخصيص نعم الإضافة لم تفد إلا التخفيف إلا أن هذا لا يوجب أن لا يقع المضاف فيها صفة للمعرفة ما هو المضاف؟ مالك يوم الدين هذه إضافة لفظية هذا لا يوجب أن لا يقع صفة للمعرفة وهي لفظ الجلالة إذ أنه يوجد احتمالان لا ثالث لهما يوجد احتمالان في وقوع المضاف صفة للمعرفة هل المضاف مثل مالك يوم الدين يصح أن يقع وصفا للمعرفة الله رب العالمين المصحح أحد احتمالين:
الاحتمال الأول أن يكون المصحح هو التخصيص إن قلت إن المصحح لوقوع المضاف صفة للمعرفة هو التخصيص فهذا التخصيص موجود في موارد الإضافة اللفظية لكنه لم ينشأ من الإضافة بل نشأ من العهد الخارجي هذا الاحتمال الأول أن يكون المصحح هو التخصيص إن قلت إن المصحح هو التخصيص قلنا إن التخصيص لم يحصل من الإضافة وإنما حصل من العهد الخارجي.
الاحتمال الثاني وإن قلت إن المصحح لوقوع مالك يوم الدين صفة للمعرفة هو العهد الخارجي إن قلت هذا نقول العهد الخارجي مشترك بين الإضافتين يعني الإضافة اللفظية والإضافة المعنوية يعني قلت غلام زيد هذه إضافة لفظية غلام لزيد هذه إضافة معنوية في العهد الخارجي نحن عهدنا أن فلان هو غلام زيد وأنه مختص بزيد إذن لا فرق في عالم الثبوت يعني عالم الإمكان في مقام الثبوت كما أن الإضافة اللفظية يمكن أن تقع صفة للمعرفة كذلك الإضافة المعنوية يمكن أن تقع صفة للمعرفة إذ أن المعرف ليس هو الإضافة وإنما العهد الخارجي فإذن بلحاظ ذات المعنى لا فرق بين موارد الإضافتين اللفظية والإضافة المعنوية إذن في مقام الثبوت يعني الإمكان كما أن الإضافة اللفظية يمكن أن تقع صفة للمعرفة كذلك الإضافة المعنوية يمكن أن تقع صفة للمعرفة خلافا للزمخشري الذي فرق بين الإضافة اللفظية والإضافة المعنوية.
لكن الكلام كل الكلام إنما يقع في مقام الإثبات يعني في عالم الألفاظ عالم الخطاب وبالتالي جميع ما ذكروه بالنسبة إلى عالم الثبوت والإمكان لا يرجع إلى محصل ولا يرجع إلى نتيجة علمية نعم يبقى الكلام في مقام الإثبات وقد أدعي الاتفاق على أن المضاف بالإضافة اللفظية لا يقع صفة لمعرفة إذا كان المضاف من الصفات المشبهة يعني هكذا لو قلت مليك، مليك صفة مشبهة فلو جاءتنا معرفة الحمد لله رب العالمين الله رب العالمين معرفة يقولون هذه المعرفة لا يصح أن تصفها بصفة مشبهة يعني لا يصح أن تقول الحمد لله رب العالمين مليك يوم الدين، مليك على وزن فعيل ويصح بما دون الصفة المشبهة مثل مالك على وزن فاعل أو ملك على وزن فعل أو ملك بصيغة الماضي أو القراءة الأخرى ملك فتصح هذه القراءات الأربع عدى القراءة الرابعة حسب الترتيب الذي ذكره السيد الخوئي على وزن فعيل.
وعليه يحمل ما ورد في القرآن من ذلك كما في المقام، ما هو المقام؟ استعمال اسم فاعل مالك إذن الخلاصة ثبوتا يعني في عالم الإمكان يمكن وصف المعرفة بالإضافة اللفظية كما يمكن وصف المعرفة بالإضافة المعنوية إثباتا هكذا ذكروا قالوا المعرفة لا يصح أن توصف بالمضاف بالإضافة اللفظية ولا يقع المضاف بالإضافة اللفظية صفة لمعرفة إذا كان المضاف من الصفات المشبهة وأما غير الصفات المشبهة كاسم الفاعل والمصدر فقد نقل سيبويه عن يونس والخليل بن احمد الفراهيدي وقوعه يعني وقوع غير الصفات المشبهة صفة للمعرفة في كلام العرب كثيرا ومحل كلامنا المقام هو أسم الفاعل مقامنا هو استعمال غير الصفة المشبهة.
ثم في الختام يعرج على صاحب الكشاف يقول قول الزمخشري في الكشاف إن اسم الفاعل هنا مالك يوم الدين بمعنى الاستمرار هذا واضح البطلان فإن إحاطة الله "عز وجل" بجميع الموجودات ومالكيته لها وإن كانت مستمرة وفيها استمرارية إلا أن كلمة مالك في الآية تعلقت بيوم الدين أضيفت إلى يوم الدين ويوم الدين من الواضح أنه في الزمن المستقبل فهو متأخر في الوجود فلابد أن يكون أسم الفاعل مالك المضاف إلى يوم الدين بمعنى الاستقبال فلا يتم كلام الزمخشري من أن مالك يوم الدين بمعنى الاستمرار وإنما مالك يوم الدين بلحاظ يوم الحساب القادم ويوم الجزاء الجائي في المستقبل هذه الملاحظة الأولى.
الملاحظة الثانية إن التفرقة التي ذكرها بعضهم في اسم الفاعل المضاف بينما إذا كان بمعنى الماضي فيصح وقوعه صفة للمعرفة وبين غيره يعني غير الماضي فلا يصح وقوعه صفة للمعرفة والعلة في ذلك يقول لأن حدوث الشيء يوجب تعينه هذه أمور فلسفية ما دخلها في اللغة هذا مطلب فلسفي ماذا يقولون في الفلسفة الماهية ما لم تتشخص لا تتعين فتعين الماهية خارجا يعني تشخصها خارجا ما دخل هذا المطلب الفلسفي في الأمور اللغوية.
يقولون حدوث الشيء يوجب تعيّنه هذه الدعوى تفرقة بينت الفساد واضحة الفساد لأن حدوث الشيء لا يوجب في الغالب العلم به ما أكثر الأشياء التي تحدث أنت تعرف أنها صارت؟ ما أكثر الزلازل والبراكين وقضايا كثيرة تحصل في العالم أنت شخصا لا تعلم بذلك فحدوث الشيء لا يستلزم في الغالب العلم به وإذا كانت العبرة بالعلم الشخصي لا العلم النوعي يعني أن يعلم شخص هذا الإنسان وليس النوع الإنساني المدار إذا كان المدار على العلم الشخصي فلا فرق بين تعلق علم الشخص بالماضي أم بغيره.
إلى هنا تمت المناقشة المهم من كل هذه المناقشات هذه العبارة الأخيرة التي تعبر عن قولهم تعليلات النحاة أوهن من بيت العنكبوت قال والحاصل إن المتبع في الكلام العربي هو القواعد المتخذة من استعمالات العرب الفصحى ولا اعتماد على الوجوه الاستحسانية الواهية التي يذكرها النحويون، هذا تمام الكلام في بيان القراءات للآيات الثلاث، اللغة يأتي عليها الكلام.
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 84 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: البيان في تفسير القرآن
  • الجزء

    -

  • 500

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
84 الجلسة