علوم القران
شیخ الدقاق

021 - أعجام القرآن ونقطه

علوم القرآن

  • الكتاب: علوم القرآن الكريم
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    200

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم وأكرمنا بنور الفهم اللهم افتح علينا أبواب رحمتك وانشر علينا خزائن علمك برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
لا زلنا نتكلم في النقطة الخامسة من النقاط الخمسة عشر إذا تتذكرون قلنا إن المباحث التي سنبحثها إن شاء الله في علوم القرآن تدور حول خمس عشر نقطة أخذنا النقاط الأربعة النقطة الأولى بحوث تمهيدية في علوم القرآن النقطة الثانية نزول القرآن النقطة الثالثة فواتح السور النقطة الرابعة المكي والمدني من القرآن الكريم هذه النقاط بأجمعها قد أكملناها ووصلنا إلى النقطة الخامسة التي تكلمنا فيها عن جمع القرآن قلنا في هذه النقطة الخامسة سنتناول عشر نقاط النقطة الأولى كتّاب الوحي النقطة الثانية كيفية جمع القرآن النقطة الثالثة مصاحف الصحابة هذه النقاط الثلاث قد أخذناها وأتممناها قلنا أن النقطة الرابعة هي الخط القرآني والنقطة الخامسة هي أعجام القرآن ونقطه.
الدرس الماضي شرعنا في النقطة الرابعة وهي الخط القرآني وقدمنا بمقدمة عن أمنية النبي "صلى الله عليه وآله" وعن الأمية التي كانت سائدة في جزيرة العرب وقلنا أنه لا يوجد في آثار العرب ما يدل على معرفتهم بالكتابة قبيل الإسلام إلا القليل القليل ونظيف أنه بعض العرب الذين رحلوا إلى الشام والعراق رحلة الشتاء والصيف كانت لديهم تجارة أو سفر وبالتالي اقتبسوا من تلك الأمم المتحضرة بعض الأمور منها الكتابة والخط إذن بعض أهل مكة رجع من الشام أو العراق وهو يعرف الكتابة.
كان هناك خطان سائدان الخط الأول هو الخط النبطي أو الخط السرياني إذن هناك خطان الخط النبطي والخط السرياني هذان الخطان ضلا معروفين عند العرب تكلمنا عن الخط السرياني الذي هو عبارة عن الخط المسند هذا الخط المسند أو الخط السرياني تخلف عنه الخط الكوفي وأما الخط النبطي تخلف عنه الخط النسخي إذن الخط الكوفي يسمى بالخط المسند وأصله هو الخط السرياني أخذه من السريان وأما الخط النسخي فأصله الخط النبطي هذا الخط السرياني أو الخط الكوفي أيضا كان يسمى بالخط الحيري نسبة إلى الحيرة لم تعرف أن النعمان بن المنذر كان آخر ملوك الحيرة، الحيرة هي مدينة عربية قديمة كانت بجوار الكوفة المعروفة اليوم هذه المدينة يقال لها الحيرة طبعا الحيرة كان يحكمها المنابرة وطبعا الحيرة هي حضرية وليست بدوية وأيضا الغساسنة كانت بيئتهم حضرية بينما مكة كانت بيئتهم بدوية.
عن الخط السرياني انحدر الخط الكوفي الذي سمي أيضا بالخط الحيري نسبة إلى الحيرة لماذا سمي بالخط الحيري؟ لأن تحول الخط من السريانية إلى الكوفي حصل في هذه المدينة فسمي أيضا بالخط الحيري ثم بعد ذلك بما أن المدنية والحضارة قد انتقلت إلى الكوفة سمي هذا الخط بالخط الكوفي وضل هذا الخط متداولا إلى فترة طويلة إذن الخط الكوفي كان موجود في العراق في الكوفة والحيرة.
أما الخط النبطي أو النسخ هذا تعلمته العرب من حوران أثناء تجارتهم في الشام وبالتالي نعرف أن أهل مكة أخذوا الخط الكوفي من العراق تعلموه من العراق وأما خط النسخ فقد تعلموه من الشام.
كان العرب في الجزيرة العربية وفي مكة يكتبون بكلى الخطين الخط الذي أخذوه من الشام وهو النسخ والخط الذي أخذوه من العراق وهو الخط الكوفي لكن كانوا يستخدمون خط النسخ في المراسلات والكتابات العادية بينما كانوا يستخدمون الخط الكوفي في الكتابات ذات الشأن مثل القرآن الكريم والحديث الشريف.
إذن إلى هنا عرفنا أن الخط الكوفي أصله من الخط السيرياني والدليل على ذلك أنهم كتبوا في القرآن لفظة الكتب بدل الكتاب ولفظة الرحمن بدل الرحمان يعني من دون ألف وهذه قاعدة عامة ومضطردة في الخط السرياني في الخط السرياني يحذفون الألفات الممدودة في أثناء الكلمة ولذلك تجدون في القرآن هذا متداول لفظة الرحمن والكتاب إلى آخره هذه أصلها من الخط الكوفي وأصل الخط الكوفي من الخط السرياني طبعا إلى يومنا هذا الكتابة السريانية لا يوجد فيها نقاط.
بقي الخطان النسخ والكوفي معروفين عند المسلمين وقلنا بالأمس أن القرآن أول ما كتب كتب بخط النسخ ثم بعد ذلك كتب بالخط الكوفي مدة قرنين وزيادة ثم بعد ذلك كتب بخط النسخ مرة أخرى حينما نبذ أبن مقلة في مفتتح القرن الرابع الهجري أدخل تحسينات فائقة على خط النسخ فأصبحت المصاحف تكتب بخط النسخ.
طبعا الخط النسخ تطور بشكل كبير بينما ظل الخط الكوفي يتدهور إلى أن هجر تماماً وبما أن الخط الكوفي لم يتطور والخط النسخ قد تطور وأصبح جميلا فقد أصبحت المصاحف تكتب بخط النسخ، هذا تمام الكلام في النقطة الرابعة التي تكلمنا فيها عن الخط القرآني.
نتكلم الآن في النقطة الخامسة عن اعجام القرآن ونقطه نريد أن نتكلم عن اعجام القرآن ونقطه، في البداية نسأل ما معنى الأعجام وما معنى التنقيط؟
جاء في كتب اللغة يمكن مراجعتها مثل أقرب الموارد وغيره أعجم الكتاب خلاف أعربه أعجم الكتاب نقطه أي أزال عجمته وإبهامه بوضع النقط والحركات أعجم هذه الهمزة الموجودة في أعجم هذه الهمزة للسلب أعجم يعني أزال العجمة سلب العجمة والمراد من العجمة الإبهام والغموض حينما أقول أعجمت الكتاب هذه الهمزة للسلب يعني سلبت عجمة الكتاب سلبت إبهام وغموض الكتاب طبعا كان في ذلك الوقت غموض المصحف في عدم التنقيط فإذا نقط يقال أعجم المصحف أيضا نقط الحرف نقطا أي أعجمه وجعل له نقطا شكل الكتاب أي قيده بعلامات الإعراب إذن مما ذكرنا ماذا نستفيد، نستفيد أن الإعجام هو سلب الإبهام وسلب الإبهام على نحويين إما أن يكون بالاعراب وإما أن يكون بنقط الحروف المتشابهة كالباء والتاء والثاء هذه الباء والتاء والثاء والياء حروف متشابهة فإذا نقطناها أزلنا العجمة إذن إزالة العجمة وسلب الإبهام أعم من أن يكون بالإعراب أو يكون بنقط الحروف المتشابهة لإزالة اللبس بينها طبعا أيضا نستفيد أن النقط خاص بإزالة الإبهام بواسطة النقطة في الحروف المتشابهة أما الشكل والتشكيل فهو خاص بعلامات الأعراب مثل الضمة والفتحة والكسرة.
إذا اتضح معنى الاعجام والتنقيط وهو عبارة عن سلب الإعجام والإبهام إما بالإعراب وإما بتنقيط المصحف وإما بتشكيل المصحف من هنا نسأل من هو أول من نقط المصحف ومن هو أول من شكل المصحف ومن هو أول من زين المصحف إلى آخره نذكر لكم خمس مراحل مر بها المصحف الشريف ذكرنا لكم أن المصاحف العثمانية كانت فيها الكثير من الأخطاء الإملائية ولم يكن فيها نقط ولم يكن فيها تشكيلات ولا علامات نافزة يحدثنا التاريخ أن أول من نقط المصحف، التنقيط له عدة معاني من معاني التنقيط هو تشكيل المصحف يعني جعل الفتحة والكسرة والضمة هذه العلامات المائزة يقال لها أيضا تنقيط للمصحف فليس المراد هنا من تنقيط المصحف هو عبارة عن جعل النقطة أحيانا يقال تنقيط المصحف ويراد به جعل النقط وأحيانا يقال تنقيط المصحف ويراد به جعل العلامات المائزة.
المرحلة الأولى هي مرحلة جعل العلامات المائزة فمرادنا من تنقيط المصحف هنا عبارة تشكيل المصحف يعني جعل علامة للفتح وللضم وللكسر اختلف في الشخص الذي أول شخص كان قد نقط المصحف لكن أكثر الكتب التاريخية تشير إلى أن أول من نقط المصحف هو أبو الأسود الدوئلي صاحب أمير المؤمنين طبعا بحثه اليوم يثلج لأن أكثر الأوائل الذين كان لهم الدور في خدمة المصحف الشريف سنجدهم شيعة.
طبعا أول من نقط المصحف هو أبو الأسود الدوئلي من هو أبو الأسود الدوئلي؟ ننقل لكم بعض النقولات عن كتاب الكنى والألقاب للمحدث القمي "رحمة الله عليه" يقول أبو الأسود الدوئلي اسمه ظالم بن ظالم أو الظالم بن عمر هو أحد الفضلاء الفصحاء من الطبقة الأولى من شعراء الإسلام وشيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "سلام الله عليه".
قال بن خلكان وكان نازلاً في بني قشير في البصرة فكانوا يرجمونه بالليل لمحبته لعلي "عليه السلام" وتوفي "رحمه الله" سنة 69 للهجرة إذن أول من نقط المصحف ليس بمعنى جعل له نقط وإنما بمعنى جعل له رموز تشير إلى الحركات الضمة والفتحة والكسرة طبعا أبو الأسود الدوئلي لم يضع الضمة والفتحة والكسرة سيأتي أن الذي وضعها هو الخليل بن أحمد الفراهيدي.
أبو الأسود الدوئلي للفتحة جعل نقطة من فوق الحرف وللكسرة جعل نقطة أسفل الحرف وللضمة جعل نقطة وسط الحرف وكان يكتب هذه العلامات بلون آخر باللون الأحمر كان القرآن يكتب بالحبر الأسود وكان يكتب هذه العلامات باللون الأحمر بلون فارق ولهذه قصة طبعا زياد بن أبيه أمر أبو الأسود الدوئلي أن ينقط المصحف لكن أبا أبو الأسود الدوئلي إلى أن سمع القصة المعروفة التي ذكرناها فيما سبق سمع قارئ يقرأ القرآن وهو يقول إن الله بريء من المشركين ورسولهِ يعني جر لفظة رسولهِ فبالتالي يصير الله "عز وجل" كما هو بريء من المشركين بريء من الرسول لا أن الرسول هو الذي بريء من المشركين طبعا فغضب ورجع إلى زياد بن أبيه وأراد أن يكتب القرآن فبعث له كاتب لم يرضه بعث له كاتب آخر فكتب.
طبعا بعض المصادر تشير إلى أن نفس زياد بن أبيه هو الذي تعمد أن يجعل القارئ يقرأ الآية هكذا أمام أبو الأسود الدوئلي، هناك بحوث في هذه القضية لا حاجة للإطالة فيها الدليل على ذلك نذكر لكم ستة مصادر تنص على أن أول من نقط المصحف بمعنى جعل علامات فارقة هو أبو الأسود الدوئلي.
النص الأول ننقله عن أبن النديم في الفهرست صفحة 66 في أخبار النحويين وأسماء كتبهم قال أبن النديم وقد اختلف الناس في السبب الذي دعا أبا الأسود الدوئلي إلى ما رسمه من النحو فقال أبو عبيدة أخذ النحو عن علي بن أبي طالب أبو الأسود طبعا أبو الأسود معروف هو واضح علم النحو بأمر أمير المؤمنين "سلام الله عليه" وكان لا يخرج شيئا أخذه عن علي كرم الله وجه إلى أحد حتى بعث إليه زياد أن أعمل شيئا يكون للناس إماما ويعرف به كتاب الله فاستعفاه من ذلك لم يقبل يعني أبو الأسود حتى سمع أبو الأسود قارئا يقرأ إن الله بريء من المشركين ورسولهِ بالكسر فقال ما ظننت أن أمر الناس آل إلى هذا فرجع إلى زياد فقال أفعل ما أمر به الأمير فيبلغني كاتبا لقنا يفعل ما أقول يتلقن مني، فأتى بكاتب من عبد القيس فلم يرض يعني بعث له زياد كاتب من عبد القيس لم يرتضه أبو الأسود فأتى بآخر كاتب آخر فقال أبو العباس المبرد أحسبه منه فقال أبو الأسود إذا رأيتني فتحت فمي بالحرف فنقط فوقه على أعلاه ـ يعني اجعل النقطة فوق الحرف ـ وإن ضممت فمي فأنقط نقطة بين يدي الحرف وإن كسرت فجعل النقطة من تحت الحرف فهذا نقط أبي الأسود، هذا المصدر الأول.
المصدر الثاني السيوطي في الإتقان الجزء الثاني صفحة 171 يقول اختلف في نقط المصحف وشكله ويقال أول من فعل ذلك أبو الأسود الدوئلي بأمر عبد الملك بن مروان وقيل الحسن البصري ويحيى بن يعمر وقيل نصر بن عاصم وأول من وضع الهمزة والتشديد والروم والإشمام الخليل سنتطرق إليها هذه الأمور.
المصدر الثالث أبو هلال العسكري في الأوائل الجزء الأول صفحة 130 يقول أبو الأسود الدوئلي أول من نقط المصحف.
المصدر الرابع الدكتور جواد علي، طبعا نقله عنه المحقق التستري في قاموس الرجال الجزء 5 صفحة 583 هذا ما نقله الدكتور جواد علي موجود في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام الجزء 8 صفحة 190 يقول أغلب روايات أهل الأخبار أن الخط العربي الأول لم يكن مشكلا وأن الشكل إنما وجد في الإسلام وكان موجده أبو الأسود الدوئلي فاستعمل النقط بدل الحركات يعني جعل نقط ثم أبدل الخليل بن أحمد الفراهيدي النقط برموز أخرى، المصدر الخامس هذا الذي ينقل عنه المحقق التستري في قاموس الرجال الجزء 5 صفحة 583 عن الحموي يقول الحموي والأكثر على أنه يعني يقصد أبو الأسود أول من وضع العربية ونقط المصحف.
المصدر السادس ما في الإصابة حرف الضاد القسم الأول في ترجمة أبو الأسود عن المبرد قال أول من وضع العربية ونقط المصاحف أبو الأسود وقد سئل أبو الأسود عمن نهج له الطريق فقال تلقيته عن علي بن أبي طالب "سلام الله عليه" كلهم يعودون إلى المنبر من أراد الإطلاع هذه البحوث الشيقة موجودة في كتاب بحوث في تاريخ القرآن وعلومه للسيد أبو الفضل مير محمدي الزرندي صفحة 158 و159 إذن أول من نقط المصحف عرفنا لماذا المراد أول من نقط المصحف لأنه جعل نقط جعل للحركات رموزه كانت عبارة عن نقط تغاير خط المصحف إذن هذه المرحلة الأولى مرحلة تنقيط المصحف بمعنى جعل علامات فارقة ومميزة هذه المرحلة الأولى.
المرحلة الثانية أيضا تنقيط المصحف بمعنى جعل النقط على الحروف هذه المرحلة الثانية قام بها تلميذا أبي الأسود الدوئلي الأول هو يحيى بن يعمر العدواني البصري والتلميذ الآخر لأبي الأسود وليحيى هو نصر بن عاصم الليثي هذان التلميذان الجليلان لأبي الأسود الدوئلي هم أيضا من شيعة أمير المؤمنين "سلام الله عليه" هما اللذان قاما بجعل النقط على الحروف في المصحف أيام الحجاج بن يوسف الثقفي.
يحيى بن يعمر العدواني ننقل له ترجمته أيضا من كتاب الكنى والألقاب وقاموس الرجال يقول يحيى بن يعمر العدواني البصري أحد قراء البصرة كان عالما بالقرآن الكريم والنحو ولغات العرب قال أبن خلكان إنه كان من الشيعة الأول طبعا تعرفون ابن خلكان لماذا سمي بابن خلكان لأنه كان دائما معتمد بأبي كان أبي كان أبي كان أبي قيل له خل كان أترك كان فسمي أبن خل كان له كتاب وفيات الأعياد في التاريخ، إنه كان من الشيعة الأول يعني يقصد يحيى بن يعمر القائلين بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص لذي فضل من غيرهم وكذا قال الحموي في بلدانه توفي سنة 129 هجرية.
الثاني نصر بن عاصم الليثي طبعا يحيى بن يعمر درس عند أبي الأسود ودرس أيضا عند نصر بن عاصم هو أحد قراء البصرة نصر بن عاصم أخذ عن أبي الأسود الدوئلي ويحيى بن يعمر الظاهر هو أيضا دارس عند يحيى بن يعمر وأخذ عنه أبو عمر بن العلاء توفي سنة 89 للهجرة، يذكرون أن أخذ عنه مع أنه توفي سنة 89 ويحيى بن يعمر توفي سنة 129 يكفي أنهما تلميذا أبي الأسود الدوئلي طبعا ما هو الدليل على أنهما أول من نقط المصحف؟ كيف تقول أنه أول من نقط المصحف أبو الأسود وتقول أيضا أول من نقط المصحف هو يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم؟ الجواب أول من نقط المصحف بمعنى ميز الحركات هو أبو الأسود الدوئلي وأول من نقط المصحف بمعنى جعل النقاط على الحروف هو هذان الجليلان يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم الدليل على ذلك نذكر لكم بعض المصادر:
المصدر الأول الدكتور جواب علي في المفصل في تاريخ العرب الجزء 8 صفحة 187 قال الذي عليه الجمهور أن الإعجاب كان من عمل نصر بن عاصم فلما كثر الخطأ في قراءة القرآن بسبب عدم تمييزهم بين الحروف المتشابهة وتفشي وباء الجهل بعدم التبيين في القراءة بين المتشاكلة فزع الحجاج إلى كتابه وسألهم أن يضعوا لهذه الأحرف المتشابهة علامات تميزها بعضها من بعض فيقال إن مصر بن عاصم قام بذلك فوضع النقط أفردا وأزواجا.
المصدر الثاني أبن خلكان كما ينقل عنه جورج زيدان في وفيات الأعيان الجزء 6 صفحة 175 يقول كان لابن سيرين مصحف منقوط نقطه يحيى بن يعمر ويكفي أنه في القدم أقدم واحد فيكون أول واحد.
المصدر الثالث هذا تاريخ التمدن الإسلامي لجورج زيدان الجزء 3 صفحة 61 بعد أن نقل قصة الحجاج ونصر بن عاصم يقول في الظاهر أن النقط المذكورة هي من قبيل الإعجام لتمييز الحروف المتشابهة ولكن نصرا لم ينقط إلا بضعة حروف مما يكثر.
المصدر الرابع أيضا عن وفيات الأعيان لابن خلكان الجزء الثاني صفحة 32 في ترجمة الحجاج ينقل يقول حكا أبو أحمد العسكري أن الناس غبروا يقرؤون بمصحف عثمان نيفاً وأربعين سنة، النيف يعني واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة في هذه الحدود يعني ما يزيد على الأربعين بقليل ـ إلى أيام عبد الملك بن مروان ثم كثر التصحيف وانتشر بالعراق ـ التصحيف مشابهة كلمة بكلمة يعني يسقط حرف أو تسقط تزيد نقطة ـ ففزع الحجاج بن يوسف إلى كتابه وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المتشابهة إلى آخر ما ذكر هنا إذن المرحلة الثانية هي مرحلة تنقيط المصحف بمعنى جعل نقط على الحروف هذه هي المرحلة الثانية.
المرحلة الثالثة هي مرحلة الخليل بن أحمد الفراهيدي هذا أيضا من شيعة أمير المؤمنين وأول من كتب في اللغة له كتاب العين معروف وهو أيضا مبتكر علم العروب ننقل لكم هذه الترجمة من خلاصة العلامة الحلي يقول الخليل بن أحمد أفضل الناس في الأدب وقوله حجة فيه وهو مخترع علم العروب وفضله أشهر من أن يذكر وكان إمامي المذهب.
الخليل بن أحمد الفراهيدي قام بتبديل النقط الإعرابية بعلامات أخرى وهي الفتحة والضمة والكسرة إذن أول من وضع الفتحة والكسرة والضمة هو الخليل بن أحمد الفراهيدي يشهد لذلك نذكر لكم ثلاثة مقاطع:
المقطع الأول من كتاب المفصل في تاريخ العرب الجزء 8 صفحة 190 يقول إن الخليل بن أحمد أبدل النقط برموز أخرى هي الفتحة والكسرة والضمة وصرح في موضع آخر بأن الشكل الحاضر من وضع الخليل يمكن مراجعة الكتاب.
المصدر الثاني الإتقان للسيوطي الجزء 2 صفحة 171 يقول السيوطي كان الشكل في المصدر الأول نقطا فالفتحة على أول الحرف والضمة على آخره والكسرة تحت أوله وعليه مشى الداني والذي اشتهر الآن الضبط بالحركات المأخوذة من الحروف وهو الذي أخرجه الخليل وهو أكثر وأوضح وعليه العمل قال في موضع آخر أول من وضع الهمزة والتشديد والروم والإشمام الخليل.
المصدر الثالث تاريخ القرآن مكتوب بالفارسي صفحة 154 للدكتور راميار يقول العلامات الإعرابية الفتحة والكسرة والضمة من آثار الخليل إلى هنا تمت المرحلة الثالثة في القرآن وهي عبارة عن إبدال النقط التي وضعها أبو الأسود الدوئلي بحركات إعرابية هذه هي المرحلة الثالثة.
المرحلة الرابعة هي مرحلة خالد بن أبي الهياج، خالد بن أبي الهياج هو أول من زين المصحف وحسنه ويسره ووضع له علامات طبعا خالد بن أبي الهياج ترجمته كما في تاريخ اليعقوبي الجزء الثالث صفحة 30 هذا خالد بن أبي الهياج مشهور بجمال الخط هو صاحب أمير المؤمنين علي "عليه السلام" المتوفي حدود سنة 100 يقال إن سعدا مولى الوليد وحاجب الوليد اختاره لكتابة المصاحف والشعر والأخبار للوليد بن عبد الملك فكان هو الذي خط قبلة المسجد النبوي بالمدينة بالذهب من سورة الشمس إلى آخر القرآن هذه هي المرحلة الرابعة طبعا خالد بن أبي الهياج معروف بجمال الخط طبعا كان يكتب بالخط الكوفي في ذلك الوقت.
المرحلة الخامسة مرحلة أبن مقلة محمد بن علي بن الحسين بن مقلة هذا المتوفي سنة 328 هذا يضرب به المثل بحسن الخط وكتب القرآن الكريم بالخط النسخ الجميل وزينه بالنقط والإعراب وسائر الرموز المعروفة في الخط العربي والخط القرآني واستمر الحال طبعا هناك عدة تطورات لا بأس بالتطرق إليها في هذا البحث بحث إعجام القرآن ونقصه .
إلى هنا أخذنا خمس مراحل في هذه المراحل عرفنا كيف أن هناك أيدي كثيرة تعاقبت على القرآن الكريم حتى وصل إلينا القرآن بهذه الحلة الجميلة، كلما امتد الزمان بالناس ازدادت عنايتهم بالقرآن وتيسر رسم القرآن من طور إلى طور طبعا قلنا إنه أبن مقلة برع كثيرا طبعاً في نهاية القرن الثالث الهجري بلغ الرسم ذروته في الجودة والحسن والناس أصبحوا يتنافسون في اختيار الخطوط الجميلة والعلامات المميزة ابتكروا علامات أخرى من هذه العلامات المبتكرة جعلوا لسكون الحرف رأس خاء هذا موجود في بعض الكتابات القرآنية مكان السكون يكتبون خاء رأس الخاء فقط ومعناها أن الحرف المسكن أخف من الحرف المتحرك في بعض القرآئين أحياناً بدل السكون رأس ميم ما معنى ذلك؟ معناه أن الحرف مسكن فلا تحركه بعض القرآئين مكان التشديد تجعل ثلاث سنايات ؟؟؟ ومعناها شد الحرف شديدا.
تعرفون إن الهمزة منها ما هو همزة وصل ومنها ما هو همزة قطع همزة الوصل توصل لها فجعلوا لهمزة الوصل رأس صاد ومعناه صل هذا الحرف إذن لطفت صناعة رسم الخط لطفا ولطفا وازدادت حسنا طبعا هذه الأمور أنقلها لكم من كتاب تلخيص التمهيد الجزء الأول صفحة 210 ولا بأس أن نذكر لكم بعض المعلومات وإن كان هذا تاريخ لكن يفيد.
طبعا وضع الأعشار والأخماس يعني عشر المصحف خمس المصحف ويرهم العلامات التحزيب والتجزئة هذا فيما بعد حصل يقال إن المأمون العباسي هو الذي أمر بذلك المأمون هو أول من أمر بتحزيب القرآن يعني جعل أحزاب أعشار أخماس ويقال إنه قبل المؤمن الحجاج فعل ذلك ويذكرون ويقولون هكذا إن الحجاج فعل ذلك قال أحمد بن الحسين بعث الحجاج إلى قراء البصرة فجمعهم واختار منهم جمعا، طبعا الحجاج يقال أنه كان أيضا يهتم بالقرآن ومن قراء القرآن لكن كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه فجمعهم يعني قراء البصرة واختار منهم جماعة وقال عدوا حروف القرآن فجعلوا يعدونها أربعة أشهر وإذا هي سبعة وسبعين ألف وأربعمائة وتسعة وثلاثين كلمة وثلاثمائة وثلاثة وعشرين ألف وخمسة عشر حرفاً.
وفي رواية ثلاثة آلاف وأربعين وسبعمائة وأربعين حرفا وينتصف القرآن على الفاء من قوله وليتلطف هذه الفاء في وليتلطف تصير نص القرآن سورة الكهف الآية 19 وعدد آيات القرآن في قول علي "سلام الله عليه" ستة آلاف ومائتين وثمانية عشر آية طبعا اشتهر تحزيب القرآن وتجزئته إلى ثلاثين جزء تسهيلا للقراءة إلى اليوم هذا الموجود ثلاثين جزء.
أطول سورة في القرآن هي سورة البقرة وأقصر السور هي سورة الكوثر وأطول آية في القرآن هي آية الدين الآية 282 من سورة البقرة (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فكتبوه إلى آخر الآية) هذه آية الدين تحتوي على 128 كلمة وهذه 128 كلمة عبارة عن 540 حرفاً أقصر آية في القرآن الكريم آية والفجر حروفها خمسة حروف لفظا وستة رسما يعني في الكتابة تكتب ستة حروف والضحى تحسبها الواو والهمزة واللام والضاد والحاء والمقصورة تصير ستة لكن في اللفظ وضحى كأن الهمزة لم تلفظ فبالتالي خمسة حروف في اللفظ هذه أقصر آية والضحى ثم والفجر.
أطول كلمة في القرآن قوله "عز وجل" (فأسقيناكموه) الآية 22 من سورة الحجر حرفاً لفظاً ورسماً يعني في اللفظ وفي الكتابة تلفظ أحد عشر حرف هذه بعض المعلومات التي لا بأس بها يعني معلومات تفيد في المقام معلومات تاريخية عن القرآن الكريم.
إلى هنا أخذنا القرآن الذي عمل على كتابته لحد الآن لم نتكلم عن القرآن المطبوع وإنما تكلمنا عن القرآن المخطوط وأول من تنوق في كتابة المصاحف وأول من أجاد خط المصاحف هو خالد بن أبي الهياج المتوفي سنة 100 للهجرة ثم قلنا بعد ذلك برع أبن مقلة محمد بن علي بن الحسين بن مقلة المولود سنة 272 للهجرة والمتوفي سنة 328 للهجرة إذن حل في أواخر القرن الثالث الهجري وبداية القرن الرابع الهجري الخط النسخ مكان خط الكوفي على يد أبن مقلة طبعا خالد بن أبي الهياج قلنا لكم أنه مولى الوليد وحاجبه سعد أختاره لكتابة المصاحف والشعر والأخبار للوليد وهو الذي خط قبلة المصحف النبوي بالمدينة بالذهب من سورة الشمس إلى آخره ويقال إنه عمر بن عبد العزيز طلب منه أن يكتب له مصحفا على هذا المثال فكتب له مصحفا تنوق فيه وعمر بن عبد العزيز قلب المصحف واستحسنه لكن استكثر من ثمنه فرده.
يقول أبن النديم في الفهرست صفحة 46 رأيت مصحفاً بخط خالد بن أبي الهياج صاحب علي "عليه السلام" وكان في مجموعة خطوط أثرية عند محمد بن الحسين المعروف بابن أبي بعرة ثم صار إلى أبي عبد الله بن حاني تطور الخط إلى أيام بن مقلة طبعا يقال إن أبن مقلة أول من كتب خط الثلث والنسخ طبعا النسخ كان معروف يعني من طوره لكن أول من كتب خط الثلث وأول من هندسة الحروف لأنه كان بارعاً في علم الهندسة وضع هذه القواعد والأصول إذن الباحثون يتفقون في أن الفضل الأكبر في تطوير وتحسين الخط هو لابن مقلة.
في القرن السابع الهجري بلغ خط النسخ ذروته في الجودة على يد الخطاط المستعصمي ياقوت بن عبد الله الموصلي المتوفي سنة 689 يقال إنه كتب سبعة مصاحف بخطه الرائع الذي كان يجيزه إجازة تامة وبالتالي المصاحف أخذت تكتب على أسلوب خط ياقوت الموصلي من القرب السابع إلى القرن الحادي عشر.
في المفتتح القرن الثاني عشر اهتم الأتراك العثمانيون بالخط العربي الإسلامي خصوصا في أيام السلطان سليم وخصوصا بعد أن فتح السلطان سليم مصر وزال حكم المماليك عن مصر فالخط العربي أخذ يتطور على أيدي الخطاطين الفرس الذين استخدمهم العثمانيون في إمبراطوريتهم يقال إن السلطان سليم جمع جميع الخطاطين والرسامين والفنانين إلى عاصمته وبالتالي أضافوا للخط العربي أنواع جديدة مثل الخط الرقعي الخط الديواني الخط الطبرائي الخط الاسلامبولي من الخطاطين العثمانيين الذين ضاع صيتهم الحافظ عثمان المتوفي سنة 1110 والسيد عبد الله أفندي المتوفي سنة 1144 هجرية والأستاذ راسم المتوفي سنة 1169 هجرية وأيضا أبو بكر ممتاز بيك مصطفى أفندي هذا أبو بكر ممتاز بيك مصطفى أفندي هو الذي اخترع خط الرقعة طبعا خط الرقعة كما تعلمون أسهل الخطوط العربية وابسط الخطوط العربية في الاستعمال يقال أنه وضع قواعد خط الرقعة وكتب به لأول مرة في عهد السلطان عبد المجيد خان سنة 1280 كما ينقل كتاب الخط العربي الإسلامي صفحة 123.
إلى هنا قد تكلمنا عن القرآن المخطوط الآن نتكلم عن القرآن المطبوع وللأسف الشديد القرآن أول ما طبع طبع في أوربا ثم بعد فترة طويلة طبع في الدول الإسلامية طبعا أول دولة إسلامية طبع فيها القرآن أيضا غير عربية أول دولة إسلامية طبع فيها القرآن إيران طبعا أول ما طبع المصحف الشريف أيضا طباعته مرة بأطوار لكن نذكر هذه التواريخ هذه كلها موجودة في تلخيص التمهيد.
طبعا أول مرة طبع القرآن في البندقية في حدود سنة 950 هجرية يعني سنة 1530 ميلادية لكن السلطات الكنسية هناك أصدرت أمراً بإعدام القرآن حال ظهوره ثم قام هلن كمان بطبع القرآن في مدينة هامبورك بألمانيا سنة 1104 هجرية يعني سنة 1694 ميلادية ثم تلاه مراكي بطبعه في بادو سنة 1108 هجرية يعني سنة 1698 ميلادية.
مولاي عثمان قام بطبع القرآن طبعة إسلامية خالصة في مدينة سانبيترزبورك في روسية سنة 1200 هجرية يعني 1787 ميلادية ظهر مثل هذه الطبعة أيضاً في غازان.
أيضا قام فلوجل بطبعته الخاصة بالقرآن في مدينة لينزبورغ سنة 1252 هجرية يعني 1834 ميلادية طبعا يقال إن الأوربيين قد تلقوا هذه النسخة بحماسة منقطع النظير بسبب إملائها السهل لكن هذه الطبعات الأوربية لم تنجح في عالم الإسلامي إذن القرآن أول ما طبع، طبع في البندقية حدود سنة 950 هجرية 1530 ميلادية أول دولة إسلامية قامت بطبع القرآن هي إيران كما ينقل الدكتور صبحي الصالح في كتابه مباحث في علوم القرآن صفحة 99 طبعة القرآن طبعتين حجريتين جميلتين ومنقحتين في حجم كبير.
الطبعة الحجرية تعرفونها الكتب في كتب قديمة طول تقريبا طويلة ويكتب فيها الكتاب بالخط تراه إذا تفتحه كتابة بالمثلث كتابة بشكل مزهرية كتابة بشكل مربع في الحواشي والأطراف أيضا كانت الهند معروفة بالطباعة الحجرية طبعا مع ترجمة موضوعة تحت كل سطر من القرآن ومفهرستين بعدة فهارس هاتين الطبعتين وإحدى منهم طبعت في طهران سنة 1243 هجرية يعني 1828 ميلادية والأخرى طبعت في تبريز سنة 1248 هجرية يعني سنة 1833 ميلادية في هذا العهد أيضا ظهرت في الهند عدة طبعات إذن أولاً إيران ثم الهند ثم عنيت الآستانة يعني تركية العثمانية ابتداء من سنة 1294 هجرية يعني 1877 ميلادية طبعت القرآن عدة طبعات أنيقة ومتقنة.
روسية الملكية قامت بطبع قرآن بخط الكوفي قديم في حجم كبير سنة 1323 هجرية يعني سنة 1905 ميلادية أيضا مصر قامت بطبعة ممتازة للمصحف الشريف سنة 1342 هجرية أي سنة 1923 ميلادية تحت إشراف مشيخة الأزهر وبإقرار لجنة عينتها وزارة الأوقاف العالم الإسلامي قد تلقى هذه الطبعة بالقبول وجرت عليها سائر الطبعات.
أيضا في العراق طبع القرآن في سنة 1370 هجرية الموافق 1950 ميلادية طبعة بارزة أنيقة للقرآن وهكذا إلى يومنا هذا ما أكثر الطبعات طباعة في السعودية طباعة في سوريا طباعة في لبنان إلى أن وصلنا القرآن بهذا الحلة اللطيفة الجديدة.
نسأل الله "عز وجل" أن يجعلنا من حملة القرآن فإن أشراف أمة الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" هم حملة القرآن، هذا تمام الكلام في النقطة الخامسة إعجام القرآن ونقطه إلى هنا تطرقنا إلى خمس نقاط جمع القرآن كتّاب الوحي مصاحف الصحابة الخط القرآن إعجام القرآن ونقطه غداً نشرع في النقطة السادسة القراءات نتكلم عن القراءات القرآنية، القراءات السبع، القراءات العشر، كيفية تكون القراءات إلى آخره غداً إن شاء الله نشرع في النقطة السادسة القراءات القرآنية.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

07

مايو | 2023
  • الكتاب: علوم القرآن الكريم
  • الجزء

    -

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
27 الجلسة