علوم القران
شیخ الدقاق

025 - ضوابط قبول القراءة وملاك صحة القراءة

علوم القرآن

  • الكتاب: علوم القرآن الكريم
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    200

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم وأكرمنا بنور الفهم اللهم افتح علينا أبواب رحمتك وانشر علينا خزائن علمك برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
انتهينا بحمد لله "عز وجل" من النقطة الثامنة التي تكلمنا فيها عن مميزات قراءة عاصم برواية حفص اليوم إن شاء الله نشرع في النقطة التاسعة وهي عبارة عن ضوابط قبول القراءة وملاك صحة القراءة فما هو الضابط الذي ينبغي أن يتخذ لمعرفة أن هذه القراءة صحيحة أو أن هذه القراءة شاذة غير صحيحة.
أئمة الفن ذكروا لقبول القراءة شروط ثلاثة هذه الشروط الثلاثة التي ذكروها هي كما يلي:
الشرط الأول صحة السند.
الشرط الثاني موافقة الرسم.
الشرط الثالث استقامة وجه القراءة في اللغة العربية.
إذن هذه شروط ثلاثة قد ذكرت لقبول القراءة، الشرط الأول صحة السند يعني أن يكون السند من آخر راوي إلى صاحب القراءة ومن صاحب القراءة إلى الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" هذا السند لابد أن يكون صحيحاً.
والشرط الثاني هو عبارة عن موافقة الرسم يعني تكون قراءة هذا القارئ موافقة بالكتابة التي رسمت وكتبت في المصاحف العثمانية.
وأما الشرط الثالث وهو عبارة عن استقامة وجه هذه القراءة في اللغة العربية فبما أن القرآن عربي فلابد أن تكون القراءة موافقة للغة العربية وإلا إذا كانت القراءة مخالفة للغة العربية لا يمكن أن نلتزم بمثل هكذا قراءة إذن هذه عبارة عن شروط ثلاثة ذكرها أئمة الفن ولعل أفضل من شرح ذلك وكتب فيه هو الإمام أبن الجزري، أبن الجزري كتب في تحقيق هذه الأركان الثلاثة وفصل فيها طبعا من أراد التفصيل فليرجع إلى الكتب المطولة لا أريد أن أطيل من أراد يطلع على ذلك أيضا يمكنه أن يرجع إلى كتاب تلخيص التمهيد الجزء الأول صفحة 338 إذ نقل شرح أبن الجزري لهذه الأمور الثلاثة تحت عنوان تحقيق الأركان الثلاثة.
هذه الشروط أو الأركان الثلاثة هل هي صحيحة طبعا من جاء بعد أبن الجزري وافق ابن الجزري في هذه الشروط الثلاثة لكن نريد أن نتأمل في هذه الشروط الثلاثة هل هي شروط صحيحة أم ليست بصحيحة؟
الجواب هذه الشروط ليست صحيحة ولا يمكن الأخذ بها وبالتالي لابد أن نناقش هذه الوجوه الثلاثة لكن قبل أن نناقش هذه الوجوه بعضهم ذكر إضافات فلا بأس أن نبين هذه الإضافات ثم ندخل في المناقشة.
أما بالنسبة إلى الشرط الأول صحة السند بعضهم اشترط تواتر السند لما تقول صحة السند تشمل الخبر المتواتر وأخبار الآحاد يعني حتى خبر الواحد الأخبار المفيدة للظن لكن بعضهم ذكر تواتر السند بدلا من اشتراط صحة السند لكن المشهور بين العلماء قديما هو اعتبار واشتراط صحة السند.
أما بالنسبة إلى الشرط الثاني موافقة الرسم بعضهم قيد بقيد قال ولو احتمالا يعني نحتمل أن هذه القراءة موافقة للرسم العثماني.
وأما الشرط الثالث استقامة وجهها في العربية فبعضهم أيضاً أضاف قيد قال ولو من وجه يعني ولو يوجد وجه في العربية يصحح هذه القراءة هاتان الإضافتان ولو من وجه ولو احتمالا أضافهما أبن الجزري وبالتالي سنناقش هذه الشروط الثلاثة واحدة واحدة.
أما الشرط الأول ذكروا من الشروط صحة السند بعضهم قال تواتر السند لو قلنا بهذا الشرط تواتر السند إذا قلنا نشترط أن يكون السند متواترا معناه أن السند قطعي إذا كان السند قطعي يعني معناه الرسول "صلى الله عليه وآله" قطعا قد قرأ بهذه القراءة وبالتالي إذا كان الرسول نحن نقطع أنه قد قرأ بهذه القراءة نقول لا يوجد معنى للشرطين الآخرين موافقة الرسم واستقامة هذه الكلمة في اللغة العربية لأننا على يقين من أن الرسول قد قرأ بهذه القراءة والقطع حجة فهذه الأمور توقيفية فإذا قطعنا عن حس أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قرأ بمثل هذه القراءة لا داعي لاشتراط شروط أخرى كشرط موافقة القراءة للرسم العثماني وكشرط استقامة هذه اللفظة في اللغة العربية إذن لو اشترطنا تواتر القراءة لا داعي للشرطين الآخرين والحال أنه من يستطيع أن يثبت أن هذه القراءات متواترة سنبحث إن شاء الله في النقطة العاشرة بحث تواتر القراءات وسنثبت أن القرآن متواتر لكن القراءات غير متواترة وفرق بين تواتر القرآن وتواتر القراءات بعضهم يخلق بين هذين المطلبين هذان مطلبان حقيقتهما متغايرة أن تقول أن القرآن متواتر شيء وأن تقول أن القراءات السبع أو العشر متواترة هذا شيء آخر إذن هذا لو قلنا أن الشرط هو تواتر القراءات.
أما لو قلنا أننا نشترط صحة السند يعني جميع رواة السند عدول من آخر راوي نأخذ منه إلى أن نصل إلى صاحب القراءة ومن صاحب القراءة إلى أن نصل إلى النبي "صلى الله عليه وآله" نقول هذا الشرط لا نستطيع تعقله لا يمكن أن نتعقله لماذا؟ لأمور ثلاثة أصلا لا يمكن أن نثبت صحة هذه الأسانيد لأمور ثلاثة:
الأمر الأول القراء مختلفون في القراءات وكل قارئ له أسلوب خاص ومنهج يختص به عمن سواه نجد أنه في كل آية هناك فنون من القراءات كل قارئ له وجوه ومبتكرات للقراءة وبالتالي هل يمكن أن نلتزم أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قرأ القرآن بكل هذه القراءات المتنوعة هذا لا يمكن أن نلتزم به هناك قراءات متغايرة ومتباينة فلو كان السند صحيح وكان في كلمة واحدة أفرض عشرين قراءة هل يمكن أن نلتزم أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قرأ بجميع هذه القراءات هذا لا يمكن أن نلتزم به وإذا أردت المزيد عليك بمراجعة الكثير من القراءات المختلفة طبعا صاحب تلخيص التمهيد ذكر عدة نماذج صفحة 349 يمكن مراجعتها يمكن أن تراجع الكتب مثل النشر في القراءات العشر وغيرها لتطلع على اختلاف القراءات فمن البعيد جداً أن النبي "صلى الله عليه وآله" قرأ هذه القراءات بل بعض هذه القراءات غريب وشاذ فكيف يصح أن ننسب مثل هذه الغرائب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" هذا ليس إلا جفاء للنبي "صلى الله عليه وآله"، إذن كثير من هذه الأسانيد هي عبارة عن أسانيد تشريفية مصطنعة خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن بعض القراء لم يعرف له سند مثل أبن عامر قارئ الشام لم يعرف له سند إذن هذا الشرط شرط صحة السند لا يمكن الأخذ به لأنه لو افترضنا أن هذه الأسانيد صحيحة نقول نستبعد أن النبي قرأ بها بأجمعها.
الأمر الثاني هذه القراءات لو سلمنا أنها متصلة سنداً بالنبي "صلى الله عليه وآله" وهي صحيحة السند نسأل نقول كيف خفيت تلك القراءات عبر عشرات السنين حتى ظهرت على يد أحد القراء السبعة أو العشرة مثلا الكسائي توفي سنة 198 وله قراءة خاصة وبعض هذه القراءة مستنكر نقول كيف خفيت هذه القراءة على من سبقه مدة قرن ولم تظهر هذه القراءة إلا على يد الكسائي فحتى لو كان السند صحيح نقول لو كان السند صحيح ومتصل بالنبي كيف تخفى هذه القراءة طول هذه الفترة إلى أن يأتي الكسائي.
المناقشة الثالثة هناك الكثير من الاستنكارات على كثير من القراء السبعة ومن القراءات السبع فإذا كانت هذه القراءات السبع كلها مأثورة عن النبي "صلى الله عليه وآله" كيف استنكر على الكثير من هذه القراءات الكثير من أئمة الفن وإذا كانت كلها مأثورة عن النبي "صلى الله عليه وآله" نقول لماذا ذكروا علل وتوجيهات وحجج اجتهادية لتوجيه تلك القراءات إذا كانت جميع هذه القراءات منقولة عن النبي "صلى الله عليه وآله" بسند صحيح نقول ما الداعي لذكر هذه القراءات بأجمعها مع بيان علل ووجوه القراءة إذن هذا الشرط شرط صحة السند لا يمكن الأخذ به للملاحظات الثلاث الذي ذكرناها.
الشرط الثاني هو موافقة الرسم نحن نسأل منكم ماذا تريدون من موافقة الرسم؟ إذ كان مرادكم من موافقة الرسم موافقة رسم المصاحف الأولى يعني مصحف أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وغيرهما نقول هذه المصاحف قد أتلف ولا عين لها ولا أثر هذا الاحتمال الأول.
الاحتمال الثاني يريدون من موافقة الرسم موافقة رسم مصحف عثمان بن عفان الخاص الذي أختص به لأن عثمان جعل له مصحفاً خاصاً به أسماه الإمام أو المصحف الأم وجعل أيضا للمدينة مصحف خاص بها نقول هذا المصحف مصحف عثمان اختص به لنفسه ولم يطلع عليها غيره إذن هذا مصحف عثمان اختص به إن أردت مصحف المدينة أو مصاحف الأمصار المصاحف التي بعث بها إلى الكوفة والبصرة ومكة والمدينة والشام نقول أيضا هذه المصاحف لا عين لها ولا أثر لماذا ليس لها عين وليس لها أثر؟
يقولون الحجاج بن يوسف الثقفي جمع هذه المصاحف بأمر عبد الملك بن مروان في مرسوم سلطاني عام كان هذا عام 74 للهجرة وثم بعد أن جمع المصاحف العثمانية الحجاج أرسل مكانها مصاحف أخر في كل الأمصار بعث الحجاج إلى كل الأمصار مصاحف أخرى وقد حاول بعض الأئمة مثل الإمام مالك العثور على نسخة واحدة منها فلم يحصل إذن ما هو المراد من موافقة المصحف موافقة المصحف أو موافقة الرسم المناقشة الأولى أن المصحف ليس له عين وليس له أثر لا مصحف عثمان ولا مصحف أهل المدينة ولا بقية المصاحف التي الحجاج بن يوسف الثقفي أمر بجمع سائر المصاحف وبعث بمصاحف من الطراز الحديث إلى هذه الأفاق وهناك عدة عبارات تاريخية تبين هذا الأمر.
حكا أبو أحمد العسكري في كتاب التصحيف أن الناس غبروا يقرؤون في مصحف عثمان نيفاً وأربعين سنة إلى أيام عبد الملك بن مروان ثم كثر التصحيف يعني كلمة تكتب بعدة أشكال بعضها بنقط بعضها بغير نقط مثل خليل وجليل هذا تصحيف إما تكتبها حليل أو جليل أو خليل هذا يسمونه تصحيف أنت لا تدري هي جليل أم خليل، ثم كثر التصحيف وانتشر بالعراق ففزع الحجاج بن يوسف إلى كتابه وسألهم أن يضعوا إلى هذه الحروف المتشابهة علامات هذا كتاب التصحيف صفحة 13.
يحدثنا محرز بن ثابت مولا سلمة بن عبد الملك عن أبيه قال كنت في حرس الحجاج بن يوسف فكتب الحجاج المصاحف منقطة ومشكلة ومخمسة ومعشرة على يد نصر بن عاصم الليثي وصاحبه يحيى بن يعمر تلمذ أبي الأسود الدوئلي ثم بعث بها إلى الأمصار وبعث بمصحف إلى المدينة فكره ذلك آل عثمان فقيل لهم أخرجوا مصحف عثمان ليقرأ فقالوا ظناً به يعني خوفاً على المصحف أصيب المصحف يوم مقتل عثمان قال محرز وبلغني أن مصحف عثمان صار إلى خالد بن عمر بن عثمان قال فلما استخلف المهدي العباسي بعث بمصحف إلى المدينة فهو الذي يقرأ فيه اليوم وعزل مصحف الحجاج فهو الصندوق الذي دون المنبر.
أيضا رواية أخرى يذكرها أبن زبالة حدثني مالك بن أنس يعني إمام المالكية المولود سنة 93 والمتوفى 179 هجرية قال أرسل الحجاج إلى أمهات القرى بمصاحف فأرسل المدينة بمصحف منها كبير وهو أول من أرسل بالمصاحف إلى القرى وكان هذا المصحف في صدوق عن يمين الأسطوانة التي عملت علماً لمقام النبي "صلى الله عليه وآله" وكان يفتح في يوم الجمعة والخميس ويقرأ فيه إذا صليت الصبح فبعث المهدي بمصاحف لها أثمان فجعلت في صندوق ونحا عنها مصحف الحجاج فوضعت عن يسار السارية فوضعت لها منابر كانت تقرأ عليها وحمل مصحف الحجاج في صندوقه فجعل عند الاسطوانة التي عن يمين المنبر قال أبن وهب سألت مالك عن مصحف عثمان فقال ذهب هو يروي الشاطبي عن مالك أنه قال أن مصحف عثمان تغيب فلم نجد له خبراً بين الأشياخ هذا يدل على أنه حاول البحث عن مصحف عثمان فلم يجد مصحف عثمان إذن هذه مقاطع تاريخية يمكن مراجعتها في تلخيص التمهيد نقلها عن بعض المصادر صفحة 346، إذن هذه الملاحظة الأولى التي نلاحظها على هذا الشرط الثاني موافقة الرسم أن هذه المصاحف ليس لها عين ولا أثر.
الملاحظة الثانية نقول غالبية القراءات يمكن توثيقها مع ظاهر الرسم خصوصا أن ذلك الرسم كان غير منقط في الرسم العثماني فبالتالي أغلب هذه القراءات يمكن أن توافق الرسم خصوصا إذا أضفنا القيد ولو احتمالا موافقة الرسم ولو من باب الاحتمال هذا القيد ولو احتمالا يجعلنا ندخل الكثير من القراءات مثلا قرأ أبن مقسم خلصوا نجبا نستطيع أن نضعها نجبا هذا محتمل ويمكن أن تكون نجيا ويمكن نحيا إلى آخره الاحتمالات ممكنة وبالتالي هذه القراءات يلزم أن تكون كلها صحيحة وبالتالي كلها قد قالها رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومن البعيد أن الرسول "صلى الله عليه وآله" قد قرأ بجميع هذه القراءات.
أما الشرط الثالث مناقشة موافقة هذه القراءة للغة العربية نقول إذا اشترطنا الموافقة للغة العربية خصوصا إذا أضفنا قيد ولو من وجه يلزم أن تكون هذه القراءات السبع أو العشر أو حتى بعض القراءات الشاذة يمكن أن تقبل لأنه يمكن توجيه الكثير من القراءات بوجه من وجوه اللغة العربية يعني يمكن تحوير هذه القراءات بما يتفق معها في اللغة العربية وبالتالي هذا أشبه شيء بعلاج القضية بعد وقوعها يعني لا نقول هذا شرط وعلى وفقه ينبغي أن تأتي القراءات وإنما نقول توجد قراءات لكي نمضي هذه القراءة لابد أن ننتزع لها وجها المفروض أن نأخذ بالشرط ثم نرى هل أن هذه القراءة موافقة للشرط أم لا الحاصل هو لا نأخذ القراءة ثم نلتمس لها وجها من وجوه اللغة العربية وبالتالي هذا الشرط أيضا لا يمكن الالتزام به لأنه على هذا الوجه يمكن تخريج الكثير من القراءات.
نضرب مثال قرأ أبو حنيفة وعمر بن عبد العزيز قوله "عز وجل" (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ) طبعا الوارد عندنا يخشى اللهَ لفظ الجلالة منصوب والعلماء مرفوع يعني العلماء هم الذين يخشون الله لا أن الله هو الذي يخشى العلماء لكن أبو حنيفة وعمر بن عبد العزيز رفعوا لفظ الجلالة ونصبوا لفظ العلماء يعني صار الله هو الذي يخشى من العلماء لا أن العلماء هم الذين يخشون من الله لكن أيضا يمكن توجيه كلامهم لماذا؟ نفسر الخشية بمعنى الإجلال والتعظيم لا بمعنى الخوف إن الله يخشى من العلماء يعني الله يجل العلماء يعظم العلماء وبالتالي يمكن نقرأ القراءتين إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ وإنما يخشى اللهُ من عباده العلماءَ والحال إن هذه القراءة لا يمكن المساعدة عليها مع أنه يمكن أن نلتمس لها وجهاً في اللغة العربية.
ما شاء الله خصوصا إن لغة العرب يعني منافي اللهجات قراءة أهل الحجاز قراءة البصرة الكوفة بنو تميم هذيل إلى آخره مثلا من الأمثلة قوله "عز وجل" (وهو يطعم ولا يُطعم) قرأ الأعمش والحسن بالعكس وهو يُطعم ولا يطعم كيف؟ قالوا وهو هذا الضمير وهو لا يرجع إلى الله "عز وجل" وإنما يرجع إلى قوله "عز وجل" في السابقة ولياً اتخذوا ولي هذا الولي يُطعَم ولا يُطعِم وهذا الوجه من ناحية اللغة العربية يمكن خصوصا إذا قلنا أنه يكفي الاحتمال يعني احتمال وجود وجه إذن خاتمة المطاف الخلاصة أن هذه الوجوه الثلاثة التي ذكرت لا يمكن الأخذ بها لأن الشرط الأول صحة السند نقول هذا السند لا يمكن الأخذ به لأنه يلزم منه أن تكون غالبية هذه القراءات إذا صح سندها يلزم أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد قرأ بها ومن البعيد جداً أن النبي قد قرأ بهذه القراءات كلها إضافة إلى ذلك نقول نحن لا نملك لآحاد هذه القراءات سندا متصلا إلى النبي "صلى الله عليه وآله" يعني ما عندنا سند متصل نعم هذه قراءة حفص عن عاصم عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي عن النبي "صلى الله عليه وآله" هذه كما سيأتي إن شاء الله النسبة منقلوبة يعني كيف النسبة مقلوبة؟ يعني هذه ليست قراءة حفص وإنما هي قراءة عامة المسلمين ولأن حفص كان يقرأ قراءة عامة المسلمين وقراءة العرف العام آنذاك كانت هي قراءة عامة المسلمين لكون القراءة مشتهرة بين عامة المسلمين كان حفص يأخذ بها ثم بعد ذلك اشتهرت قراءة عامة المسلمين بأنها قراءة حفص كأنما قلبنا النسبة المفروض نقول قراءة عامة المسلمين وبما أن حفص جاء وقرأ بالقراءة المتداولة بين الناس سميت قراءة عامة الناس بقراءة حفص وعامة الناس كانوا يقرؤون بالقراءة الواردة عن أمير المؤمنين "سلام الله عليه" لأن حفص كان يقرأ عن عاصم عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أمير المؤمنين "سلام الله عليه" وقراءة أمير المؤمنين هي القراءة التي كانت متداولة آنذاك وبالتالي إذن قراءة حفص نأخذها ليس من جهة السند وإنما لكونها قراءة عامة المسلمين لكن بقية القراءات لو جئنا بها من جهة السند غاية ما نلاحظ فيها أن هناك شيخ قارئ يروي عن شيخه وهذا الشيخ عن شيخه هذه قراءة آحاد يعني شيخ يأخذ عن شيخ وبالتالي هذه لا نريد أن نقل أنها أسانيد عن حس وإنما أسانيد عن حدس.
يعني أحيانا الشخص ينقل عن شخص والآخر ينقل عن الآخر حادثة حسية عاشوها هنا إذا السند صحيح يؤخذ به لكن أحيانا شخص يدرس عند شخص قد يقبل بعض الآراء وقد يرفض بعض الآراء هنا نقل عن أستاذه بعض الأمور عن حس وبعض الأمور الذي ينقلها رأيه هو الذي وصل إليه يعني أمور اجتهادية حدسية لما جئنا إلى واقع القراء نجد أنه شيخ ينقل عن شيخ هذا الشيخ الناقل عن شيخه ربما يخالف شيخه في القراءة وهذا لا يفيدنا في مقام تصحيح الأسانيد الذي يفيدنا في مقام تصحيح الأسانيد النقل الحسي كما هو في نقل حفص، حفص لم يخالف عاصم وعاصم لم يخالف السلمي والسلمي لم يخالف أمير المؤمنين وأمير المؤمنين لم يخالف النبي "صلى الله عليه وآله" إذن هذا نقل حسي عن حس لا عن حدس واجتهاد وإعمال نظر لكن بقية القراءات نجد الراوي يروي عن فلان لكن في موارد يخالفه إذن هذا ليس إلا من باب نقل شيخ عن شيخ يعني نقل اجتهادات للقراء وليس عبارة عن نقل نقولات قرأ بها النبي "صلى الله عليه وآله" .
وأما الشرط الآخر الرسم موافقة الرسم والشرط الثاني موافقة اللغة العربية قلنا هذان أيضا لا يمكن الأخذ بهما خصوصا إذا أضفنا ولو احتمالا ولو بوجه لأنه مجرد احتمال موافقة الرسم تصير أغلب القراءات موافقة ويمكن أن يلتمس لها وكذلك بالنسبة إلى موافقة اللغة العربية إذن هذه الأمور الثلاثة لا يمكن الأخذ بها.
النتيجة ما دام لا يمكن الأخذ بها فما هو الملاك الصحيح لصحة القراءة وما هو الضابط الذي نختاره لصحة القراءة وتميز صحة القراءة؟
الجواب نحن نعتبر أن القرآن حقيقته واحدة وثابتة ومستقلة عن هذه القراءات ونحن نعتقد أن القرآن متواتر بين المسلمين وبما أن القرآن متواتر بين المسلمين وكان النبي "صلى الله عليه وآله" يسعى لتحفيظ القرآن نقول النص القرآني محفوظ بالكامل وكان بين يدي الأمة عبر الأجيال.
السيد الخوئي "رضوان الله عليه" له كلمة لطيفة في البيان صفحة 173 طبعة النجف يقول تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات لأن الاختلاف في كيفية أداء الكلمة لا ينافي الاتفاق على أصلها يعني نحن نتفق أن أصل هذه الكلمة موجودة لكن كيفية قراءتها كيفية الحركات لا يعني أننا غير متفقين على أن هذه الكلمة موجودة وبالتالي القرآن ونص القرآن تعاهده المسلمون أمة بعد أمة بالنقل المتواتر وخصوصيات القرآن من النظم والترتيب والرسم والقراءة كلها قد نقلت إلينا بكل أمانة وإخلاص عبر العصور إذن القراءة الصحيحة هي القراءة التي تتوافق مع قراءة عامة المسلمين ولذلك إذا رجعنا إلى الروايات الشريفة نجد أن النصوص الواردة في الباب تشير إلى ضابطين من ضوابط ملاك صحة القراءة هذان الضابطان يشيران إلى القراءة العامة القراءة العامة التي كان يقرأ بها الناس نقرأ لكم بعض هذه الروايات ومن خلال هذه النصوص سنلاحظ بشكل جلي أن الأئمة "سلام الله عليهم" أرشدوا الناس إلى قراءة عامة المسلمين مما يعني أن القرآن لا خوف عليه طبعا إذا تلاحظون هذه النصوص تشير إلى حيثيتين ورد في التعبيرين:
التعبير الأول الأمر بالقراءة على ما يقرأه الناس.
الأمر الثاني الأمر بالقراءة كما تعلّمه الناس.
نقرأ لكم بعض هذه النصوص، النص الأول قال محمد بن الوراق هذه أيضا موجودة في تلخيص التمهيد الجزء الأول صفحة 389 يمكن مراجعتها ومراجعة مصادرها قال محمد بن الوراق (عرضت على أبي عبد الله "عليه السلام" كتابا فيه قرآن مختم ومعشر بالذهب وكتب في آخره سورة من ذهب فرأيته إياه فلم يعد فيه شيئا إلا كتابة القرآن بالذهب وقال لا يعجبني أن يكتب القرآن إلا بالسواد كما كتب أول مرة) إذن لاحظ الإمام "سلام الله عليه" أمضى هذه النسخة وبين أن هذه النسخة صحيحة وملاحظته فقط أن هذا القرآن كتب بالذهب.
الرواية الثانية عن الإمام محمد بن علي الباقر قال (القرآن واحد نزل من عند واحد ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة) إذن هذا ينص على أن القرآن واحد ولا عبرة بالقراءات المختلفة.
الرواية الثالثة عن الإمام جعفر بن محمد الصادق "سلام الله عليه" يقول (ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد) إذن الإمام ينفي هذه القراءات المتداولة وينص على وجود قراءة واحدة.
الرواية الرابعة قال سالم بن سلمة قرأ رجل على أبي عبد الله "عليه السلام" وأنا استمع حروفاً من القرآن ليس على ما يقرأها الناس يعني كان هناك قراءة عامة عند الناس فقال أبو عبد الله "عليه السلام" (كف عن هذه القراءة أقرأ كما يقرأ الناس) إذن هذه تشير إلى أن هناك قراءة معروفة متداولة.
الرواية الخامسة قال سفيان بن صمت سألت أبا عبد الله "عليه السلام" عن تنزيل القرآن قال (أقرؤوا كما علمتم) يعني هناك قراءة معروفة كان يتعلمها الناس.
الرواية السادسة قال علي بن الحسن حدثني عبد الله بن فرقد والمعلى بن خنيس قالا كنا عند أبي عبد الله ومعنا ربيعة الرأي فذكرنا فضل القرآن فقال أبو عبد الله (إن كان أبن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال ـ لاحظ لا يقرأ على قراءتنا يعني كان هناك قراءة معروفة ومتداولة زمن الأئمة "سلام الله عليهم" كانوا يقرؤون بها إذن الملاك على القراءة المعروفة التي كان يقرأ بها أهل البيت ـ فقال ربيعة ضال؟ فقال "عليه السلام نعم ضال ثم قال أبو عبد الله عليه السلام" أما نحن فنقرأ على قراءة أبي)، الإمام "سلام الله عليه" بين قراءتهم المتعارفة قراءة أبي البعض يستفيد من هذه الرواية أنه يشير إلى القرآن المعروف المتعاهد لماذا؟ لأن القرآن الذي وحده عثمان من الذي كان يمليه؟ كان يمليه أبي بن كعب الأنصاري في البداية كان زيد ثم بعد أن اتسعت الدائرة كان المملي أبي بن كعب بعضهم يستفيد من هذه الرواية أن الإمام يشير إلى القرآن المعروف.
الرواية السابعة يروي الصدوق عن الإمام الصادق "سلام الله عليه" عن آبائه قال (قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" تعلموا القرآن بعربيته وإياكم والنبر فيه)، النبر هو الهمز في رواية ثانية للإمام الصادق "سلام الله عليه" يقول (الهمز زيادة في القرآن إلا الهمزة الأصلي) ويبين.
الخلاصة أئمتنا أمرونا بقراءة القرآن قراءة عربية خالصة وهذه القراءة العربية الخالصة الفصيحة كانت معروفة ومتداولة وهي نفس القراءة التي كان يقرأ بها حفص عن عاصم عن السلمي عن أمير المؤمنين "سلام الله عليه" وأنهم كانوا يقرؤون قراءة عامة الناس وبالتالي نحن نأخذ بهذه القراءة باعتبار أن هذه القراءة هي قراءة عامة الناس إذن خلاصة هذا البحث نوجزه في نقاط خمسة مع إضافة بعض الأمور.
الأمر الأول كيف نثبت أن هذه القراءة صحيحة أم لا، الأمر الأول بمراجعة ثبت المصحف المتواتر خلفا عن سلف نراجعه في ثلاثة حيثيات، الحيثية الأولى مادة الكلمة الحيثية الثانية صورة الكلمة والحيثية الثالثة موضع الكلمة الخاص.
النقطة الثانية إذا احتملنا وجهين أو عدة وجوه للكلمة الواحدة فالمرجح هو قراءة عامة المسلمين هذه القراءة التي كانت محفوظة في الصدور ونقلتها الأمة يدا بيد كابر عن كابر هذه القراءة موجودة في المصاحف القديمة والمصاحف الحديثة.
النقطة الثالثة من الطرق إلى معرفة القراء إجماع القراء المعروفين إذا أجمعوا إذن يمكن إذا لم يجمعوا الأخذ بكلام أكثريتهم.
النقطة الرابعة إذا تكافئ الاحتمالان أو استوت القراءتان فأيهما المرجح؟ طبعا المرجح الأوفق في اللغة العربية والأفصح لأن القرآن جاء بالكلام الأفصح فإذا دار الأمر بين الأفصح والفصيح أخذ بالأفصح.
والنقطة الخامسة إذا قام دليل قطعي على إتباع قراءة فإذن الدليل القطعي يجعل هذه القراءة هي المعمول بها دون غيرها باعتبار أن القطع يكذب ما سواه إذن الملاك في أخذ القراءة الأخذ بالقراءة العامة المتداولة بين المسلمين وقد بينا أن القراءة العامة والمتداولة بين المسلمين هي قراءة حفص عن عاصم عن السلمي عن أمير المؤمنين "سلام الله عليه".
وإذا أردنا المزيد من هذه الأمور التي بعض النقاط التي تفيدنا في معرفة أن هذه القراءة هل هي موافقة للقراءة العامة أم لا هناك ضوابط ثلاثة:
الأمر الأول موافقة القراءة مع الثبت المعروف بين عامة المسلمين في المادة والصورة وموضعها الخاص.
والأمر الثاني موافقة القراءة مع الأفصح في اللغة العربية والأكثر تفشياً فيها.
والأمر الثالث أن لا يعارض هذه القراءة دليل قطعي وهذا الدليل القطعي إما أن يكون برهان عقلي أم سنة متواترة رواية صحيحة الإسناد مقبولة مشهورة إلى هنا عرفنا الضابط وبالتالي نحن لا نقول بما قال به أهل السنة من أن هذه القراءات متواترة وبجميعها يؤخذ وإنما نقول نحن نأخذ بما نطمئن أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قرأ به نحن نأخذ بالقراءة التي تدور حولها القرائن بحيث نثق ونطمئن بأن النبي "صلى الله عليه وآله" وأئمة أهل البيت قد أخذوا بها وهم قد أخذوا بقراءة عامة المسلمين وأمضوها وقراءة عامة المسلمين قد وصلتنا عن طريق حفص عن عاصم عن السلمي عن أمير المؤمنين عن النبي "صلى الله عليه وآله" هذا تقريبا خلاصة الكلام في النقطة التاسعة ضوابط قبول القراءة وملاك صحة القراءة إذن ملاك صحتها في كونها قراءة عامة المسلمين التي أخذوها عن النبي "صلى الله عليه وآله".
طبعا اليوم لا نواجه مشكلة لأن القرآن المتداول هو بقراءة حفص عن عاصم عن السلمي عن الإمام علي عن النبي "صلى الله عليه وآله" وهو القرآن الذي قرأته عامة المسلمين ومن اللطيف أن البعض قد قارن بين هذه النسخة وبين بعض القرآئين القديمة المصاحف القديمة فوجدها متطابقة هذا من فضل الله "عز وجل" يبقى الكلام في النقطة العاشرة نقطة تواتر القراءات، يأتي عليها الكلام إن شاء الله "عز وجل".
كنا قد جعلناها النقطة الثامنة تواتر القراءات الآن جعلناها النقطة الأخيرة العاشرة من النقطة الخامسة لأننا في النقطة الخامسة الآن جمع القرآن قلنا سندرس عشر نقاط درسنا تسع وبقية العاشرة النقطة الأولى كتاب الوحي النقطة الثانية كيفية جمع القرآن النقطة الثالثة مصاحف الصحابة النقطة الرابعة الخط القرآني النقطة الخامسة إعجام القرآن ونقطه النقطة السادسة قراءات النقطة السابعة أضواء على القراء النقطة الثامنة مميزات قراءة عاصم برواية حفص النقطة التاسعة ضوابط قبول القراءة وملاك صحتها يبقى الكلام في النقطة العاشرة وهي تواتر القراءات فهل هذه القراءات السبع أو العشر متواترة أم لا طبعا بعضهم نقل الإجماع وأدعى أنهم قد اجمعوا على تواتر القراءات السبع أو القراءات العشر طبعا قراءات الأربعة عشر لم يدعي أحد أنها متواتر بل بعضهم قال إن القراءات الأربعة الأخرى شاذة لكن القراءات السبع أو العشر بعضهم ادعى تواترها فهل هي متواترة أم لا يأتي عليها الكلام.
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

07

مايو | 2023
  • الكتاب: علوم القرآن الكريم
  • الجزء

    -

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
27 الجلسة