علوم القران
شیخ الدقاق

027 - معنى القراءة والقراءات

علوم القرآن

  • الكتاب: علوم القرآن الكريم
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    200

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم وأكرمنا بنور الفهم اللهم افتح علينا أبواب رحمتك وانشر علينا خزائن علمك برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
نتكلم في هذه الليلة حول النقطة السادسة وهي القراءات فما هو معنى القراءة والقراءات؟
القراءة تعني وجهاً من محتملات النص القرآني، النص القرآني له عدة وجوه الوجه الواحد للنص يقال له قراءة مثلاً مالك يوم الدين أو ملك يوم الدين مالك يقال له وجه وملك أيضا وجه آخر إذن المراد من القراءة القراءة المحتملة من محتملات النص القرآني.
قلنا فيما سبق أنه وقع خلاف بين الصحابة في قراءة القرآن نظراً لاختلاف المصاحف فمصحف أبي بن كعب يختلف عن مصحف عبد الله بن مسعود ويختلفان عن بقية المصاحف إذن كان الخلاف سابقاً استند إلى المصاحف يعني كان الخلاف في القراءة قد استند إلى الاختلاف في مصاحف الصحابة لكن بعد أن وحد عثمان المصحف نشأ خلاف آخر واختلفت قراءة القرآن نظراً لعدة أسباب من أبرزها أن تلك المصاحف لم تكن منقطة ولم تكن مشكّلة وبالتالي نفس النص القرآني المكتوب كان يحتمل عدة وجوه إذن الخلاف على نحويين الخلاف فيما قبل المصحف العثماني كان يستند إلى اختلاف نفس مصاحف الصحابة بينما الخلاف بعد توحيد المصاحف في الغالب منشأه الاختلاف في توجيه قراءة النص الذي كتبه عثمان طبعا ليس المراد كتبه عثمان يعني هو بنفسه وإنما المراد أن هذا الأمر وقع في القرآن الذي كتب في عهد عثمان بالتالي نريد أن نتكلم حول عدة نقاط في هذه النقطة السادسة القراءات القرآنية طبعاً بقية النقاط العشر كلها حول القراءات النقطة السادسة القراءات النقطة السابعة أضواء على القراء نتناول فيها شخصيات القراء النقطة الثامنة تواتر القراءات هل هذا صحيح أم لا النقطة التاسعة ضوابط قبول القراءة وملاك صحة القراءة النقطة العاشرة مميزات قراءة عاصم برواية حفص وهي القراءة المتداولة اليوم الموجودة في مصاحفنا المصحف الموجود اليوم مصحف أهل الكوفة المصحف الكوفي وليس المراد عين المصحف الذي كان في الكوفة وإنما المراد قراءة أهل الكوفة قراءة عاصم التي يرويها عن حفص.
إذن الخمس نقاط المتبقية كلها حول القراءات الآن بعد أن عرفنا معنى القراءة نسأل السؤال التالي ما هي الأسباب التي أدت إلى اختلاف القراءات أي ما هي عوامل نشوء القراءات؟ نذكر لكم ثمانية عوامل هذه العوامل أغلبها مذكور في تلخيص التمهيد الجزء الأول صفحة 234 هو ذكر ستة ولكن هنا وهناك يمكن أن تجعل ثمانية.
العامل الأول لنشوء الاختلاف في القراءة بدائة الخط كان الخط عند العرب في تلك المرحلة في مرحلته البدائية وبالتالي لم تستحكم أصول وقواعد وفنون كتابة ذلك الخط والكلمة الواحدة كانت قد تكتب بعدة إشكال وكانت الكلمة الواحدة تكتب على غير قياس النص بها أحياناً مثلاً النون الأخيرة النون التي تكتب في آخر الكلمة كانت أحياناً تكتب بشكل لا يفترق عن الراء هكذا الواو أحيانا تكتب بشكل لا يختلف عن الياء الميم الأخيرة أحيانا تكتب على شكل واو الدال أحيانا تكتب على شكل الكاف الكوفية العين التي تكتب في الوسط أحيانا يكتبونها كالهاء وبالتالي يحصل الخلاف مثلا في سورة قريش قوله "عز وجل" (لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف) بعضهم كتب إيلافهم بعضهم حذف الياء كتب الافهم من دون ياء وبالتالي بعضهم قرأها وفق الرسم يعني وفق الخط بدون ياء قرأها إلافهم وبعضهم لا أضاف الياء فصارت إيلافهم فكان هذا منشأ من مناشئ اختلاف القراءات.
طبعا هناك أمثلة كثيرة أنا لا أريد أن أطيل الدرس يمكن مراجعة هذه الأمثلة الكثيرة في كتاب تلخيص التمهيد أو نفس كتاب التمهيد الذي هو أوسع من تلخيصه لكن أذكر مثال أو مثالين فقط على كل أمر إذن العامل الأول لنشوء الاختلاف في القراءة هو بداءة الخط، الخط كان بدائي بشكل ضعيف مثلا قوله "عز وجل" (لنسفعن في الناصية) حذفوا النون جعلوا التنوين ولم يكتبوا نوناً (وليكنن من الصابرين) الآية 32 من سورة يوسف كتبوها بالتنوين مع حذف النون مثلا إذن حذفوا النون وجعلوا التنوين تنوين على ألف بداءة الخط كان لها إسهام في اختلاف القراءة هذا العامل الأول.
العامل الثاني الخلو عن النقط قلنا إنه القرآن الكريم كتب بدون نقط في أيام عثمان حتى جاء يحيى بن يعمر وصاحبه تلميذه أبو الأسود الدوئلي ووضعوا النقط إذن كان الحرف المعجم مثل الجيم والخاء يكتب كالحرف المهمل الحاء وبالتالي لا نفرق بين الحرف المعجم والحرف المهمل مثلا كيف نفرق بين السين والشين كيف نفرق بين العين والغين كيف نفرق بين الراء والزاي كيف نفرق بين الباء والتاء والثاء والياء كيف نفرق بين الفاء والقاف كيف نفرق بين الجيم والحاء والخاء كيف نفرق بين الدال والذال كلها حروف متشابهة كيف نفرق بين الصاد والضاد كيف نفرق بين الطاء والظاء بالتالي كان على القارئ نفسه أن يميز بحسب القرائن الموجودة أنها باء أو ياء.
طبعا كما تعلمون عثمان بعث مع كل مصحف بعث إلى الأمصار بقارئ لكن كما تعلمون ما كتب قر وما حفظ فر يحفظون من الحافظ الأول لكن إذا انتقل من حافظ إلى حافظ ومن حافظ إلى حافظ قد يتحقق الاختلاف إذا لم يكتب ذلك ولم يرسم في المصحف الشريف من هذه الخلافات الكسائي قرأ الآية المباركة هكذا (إن جاءكم فاسق بنبأ) قرأها الكسائي فثبتوا بينما الموجود عندنا فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة.
وكذلك قرأ أبن عامر والكوفيين ننشزها وقرأ الباقون ننشرها قرأ أبن عامر حفص ويكفر عنكم قرأ الباقون نكفر قرأ أبن سميقة فليوم ننحيك ببدنك وقرأ الباقون فليوم ننجيك ببدنك إذن هذا الخلاف ناشئ من خلو المصحف من النقط هذا العامل الثاني.
العامل الثالث التجريد من الشكل كما تعلمون كانت الكلمة العربية تكتب عارية عن علائم الحركات القياسية في وزنها وإعرابها قلنا أول من نقط المصحف هو أبو الأسود الدوئلي وضع نقاط للتفريق بين الفتحة والضمة والكسرة ثم جاء من بعده الخليل بن أحمد واصطلح الفتحة والضمة والكسرة والشدة هذه العلامات الإعرابية لم تكن موجودة وبالتالي ربما يحتار القارئ في وزن الكلمة وفي حركة الكلمة خصوصا إذا كانت الكلمة تحتمل عدة وجوه.
مثلا قرأ حمزة والكسائي بفعل الأمر قال قال اعلمْ أن الله على كل شيء قدير، لفظة اعلم قرأها بصيغة الأمر بينما الباقون قرؤوها بصيغة المتكلم قالوا قال أعلمُ أن الله على كل شيء قدير، فرق المعنى يختلف بين قوله قال أعلمْ وقال أعلموا أن الله على كل شيء قدير.
ايضا نافع قرأ هذه الآية هكذا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم بصيغة النهي لا تسأل، نهي لا تسأل عن أصحاب الجحيم بينما الباقون قرؤوها بصيغة المضارع المجهول هكذا ولا تُسأل عن أصحاب الجحيم.
إذن هناك عدة موارد كان موطن الخلاف فيها التجريد من الشك يقول السيد الخوئي "رضوان الله عليه" في تفسير التبيان الصفحة 86 من طبعة النجف الأشرف يقول إن القراءات لم يتضح كونها رواية سنتكلم إن شاء الله أنها لا تستند إلى روايات أصلاً فلعلها اجتهادات من القراء وتؤيد هذا الاحتمال تصريحات بعض الأعلام بذلك اجتهادات بل إذا لاحظنا السبب الذي من أجله اختلف القراء في قراءتهم ما هو السبب؟ هذا موطن الشاهد وهو خلو المصاحف المرسلة إلى الجهات من النقط والشكل فإنه يقوى هذا الاحتمال يعني يقوى احتمال أنها اجتهادات شخصية، هذا العامل الثالث التجريد من الشكل.
العامل الرابع إسقاط الألفات قلنا لكم أن القرآن الكريم أول ما كتب كتب بالنسخ ثم كتب بالخط الكوفي قرابة قرنين من الزمان الخط الكوفي كان منحدرا من الخط السرياني والخط السرياني ليس فيه نقط والخط السرياني كانوا لا يكتبون الألفات الممدودة في ثنايا الكلام كانوا لا يكتبون فيه تلك الألفات إذا توسطت الكلمة وبما أن المسلمين قد كتبوا القرآن بالخط الكوفي بالتالي اسقطوا تلك الألفات رحمان تكتب هكذا رحمن الكتاب تكتب الكتب ويجعلون فوقها شخطة إشارة إلى الألف هذا أوجب الخلاف مثلاً قوله "عز وجل" (وما يخدعون إلا أنفسهم) في هذه وما يخدعون ما يدريك ربما بين الخاء والداء يوجد ألف لذلك قرأ نافع وأبو عمر وأبن كثير قرؤوها هكذا وما يخادعون إلا أنفسهم لأنه يحتمل من لفظة يخدعون أنها يخادعون.
وهكذا هناك الكثير من الكلمات التي يمكن أن يتصور فيها ذلك مثلاً قوله "عز وجل" (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) قرأ أبو جعفر والبصريون وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة بلا ألف قرؤوها لكن الباقون قرؤوها وإذ واعدنا وهكذا قوله "عز وجل" (بل الدار كعلمهم في الآخرة) قرأ أبو عمر وأبن كثير بل أدرك في قوله "عز وجل" (في غيابة الجب) في سورة يوسف قرأ نافع في غيابات الجب إذن سقوط الألف من الكتابة وفقا للكتابة السريانية كما في الخط الكوفي أوجب حصول الخلاف في القراءة.
العامل الخامس من العوامل التي أسهمت في نشوء القراءات والاختلاف تأثير اللهجة، بلا شك ولا ريب كل أمة لها لهجات تختلف حسب تعدد القبائل والأفخاذ المنشعبة منها والقبائل العربية أيضا كانت تختلف مع بعضها البعض في اللهجة في التعبير في الأداء من هذه الاختلافات كلمة نستعين الفراء قال نستعين قال هي مفتوحة في لغة قيس وأسد يعني يقولون نستعين يفتحون النون وغيرهم يعني غير لغة قيس وأسد يقولونها بكسر النون يعني نِستعين يكسرون النون هذا يمكن مراجعة كتاب سيبويه الجزء الثاني صفحة 257 وهكذا كلمات كثيرة وقع الخلاف فيها مثلا قولهم معكم بعضهم يقول معْكم يسكن العين وبعضهم يفتح العين معَكم إذن اختلاف اللهجات، طبعاً اختلاف اللهجات في أشياء كثيرة أحيانا في التقديم والتأخير مثل صاعقة وصواعق هذا مذهب أهل الحجاز طبعا القرآن نزل بكلام أهل الحجاز يعني أهل مكة والمدينة هذه الحجاز لكن مثلا بنو تميم لهم بعض الألفاظ تغاير كلمات أهل الحجاز مثلا هلم، هلم أهل الحجاز عندهم لفظة واحدة للمفرد والمثنى والجمع ولذلك في القرآن قال قل هلم شهدائكم استخدمها ما قال هلموا قال هلم بينما بنو تميم لا عندهم هلمي هلما هلممن إلى آخره القرآن طبعا نزل بلغة أهل الحجاز التقديم والتأخير أهل الحجاز يقولون صاعقة وصواعق لكن بنو تميم يقولون صاقعة وصواقع منها الاختلافات في الإثبات والحذف بعضهم يثبتون حرف وبعضهم يحذفونه مثل استحيت وبعضهم يقول استحييت يزيد ياء.
الاختلاف في تبديل حرف صحيح معتل بعضهم يقول أما زيد بعضهم يقول أيما زيد يضيف ياء حرف علة هناك عدة اختلافات حتى في التذكير والتأنيث بعضهم يقول هذه البقر وبعضهم يقول هذا البقر هذه النخيل بعضهم يقول هذا النخيل اختلاف في الإدغام وعدم الإدغام بعضهم يقول مهتدون وبعضهم يقول مهدون الدال يشددها يدغم التاء بالهاء لا يقول مهتدون مهدون إذن هناك اختلافات كثيرة عند العرب لهجات مختلفة حتى هذه إبدال القاف كاف مثلا قل هو الله أحد، كل هو الله احد بعض العرب يبدلون القاف إلى كاف، كان الاختلاف اللهجات تأثير كبير في سوء القراءات.
السبب السادس تحكيم الرأي والاجتهاد طبعا هذا تحكيم الرأي والاجتهاد من أكبر العوامل تأثيراً في اختيارات القراء كل قارئ كان عنده رأي يعتمد عليه في القراءة التي يختارها وبالتالي بعضهم أصبح مستبدا بآرائه حتى لو خالفها أهل التحقيق ولو خالفه الجمهور وتنقل عدة نقولات في مثل هذا الأمر يقال أن أبن شنبوذ استبد بما كان يراه صحيحا حتى لو كان على خلاف المرسوم العثماني يعني المكتوب بالكتابة التي كتبت في أيام عثمان ولذلك عقد مجلس لاستتابته بحضرة الوزير أبن مقلة فأغلظ في الكلام عليهم هذا ابن شنبوذ لدرجة أن الوزير أبن مقلة أمر بضربه سياطا الجأته إلى أن يعلن التوبة وهو مقور وهكذا أنعقد مجلس لأبي بكر بن مقسم الذي كان يختار من القراءات ما يراه صحيحا في العربية حتى لو خالف النقل أو رسم المصحف إذن تحكيم الرأي والاجتهاد كان له دور جداً كبير في اختلاف القراءات ولذلك كتبت كتب خاصة بتوجه القراءات وذكر علل القراءات خصوصا الشاذة ذكر فيها العلل والحجج التي أدت إلى هذه القراءة مثل كتاب الحجة لأبي علي الفارسي كتاب المحتسب لابن جني كتاب إملاء ما من به الرحمن لأبي البقاء كتاب الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب هذا هو العامل السادس الذي أسهم في نشوء القراءات.
العامل السابع الذي أسهم في نشوء القراءات اختلاف نفس مصاحف الأمصار قلنا لكم فيما سبق أنه بعض القرآئين عجل بها ولم تطابق مع بعضها البعض بعض المصاحف ونفس المصاحف مصحف المدينة ومصحف مكة ومصحف الشام والبصرة والكوفة كان بينها خلاف وكان كل أهل مصر يلتزمون بالقراءة على وفق مصحفهم وبالتالي أصبحت القراءات مختلفة بالاستناد إلى نفس اختلاف مصاحف الأنصار يعني ما فر منه عثمان وهو اختلاف النص في القراءة قراءة مصحف عبد الله بن مسعود وقراءة مصحف أبي وغيره وقع فيه لكن بشكل طفيف لكن على كل حال نشأت خلافات مستندة إلى نفس هذه المصاحف.
يقال أن نافع وأبن عامر نافع طبعا صاحب مصحف المدينة أبن عامر مصحف الشام قرؤوا هكذا قوله "عز وجل" سارعوا إلى مغفرة من ربكم من دون واو لأن مصحف المدينة ومصحف الشام كانا خلوا من الواو بينما الباقي قرأ بالواو وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وهكذا قرأ أبن عامر مقرئ الشام قوله "عز وجل" جاؤوا بالبينات وبالزبر أضاف الباء لأن مصحف الشام كان فيه باء أما البقية قرؤوا جاءوا بالبيات والزبر إذن هذا هو العامل السابع لنشوء القراءات وهو اختلاف نفس مصاحف الأمصار.
العامل الثامن الذي نذكره في نشوء الاختلاف هو عبارة عن توهمهم جواز القراءة على سبعة أحرف تناولنا هذا المقطع توجد بعض النصوص تقول إن القرآن نزل على سبعة أحرف بعض المفسرين فسّر الأحرف السبعة بأنها القراءات السبعة وبالتالي أجاز أن يقرأ القرآن على قراءات سبعة فكان لتفسير هذه الأحرف السبعة بأنها لهجات سبع أو أنها قراءات سبع أثر كبير في نشوء هذه القراءات هذا تمام الكلام في النقطة الأولى وهي البحث فيها عن أسباب نشوء القراءات.
النقطة الثانية نتكلم فيها عن أنواع اختلافات القراءات ما هي أنواع التي يختلف فيها نذكر لكم الأحرف السبعة بأنها قراءات سبع بالتالي بعضهم نجده قد جعل طبيعة الاختلافات سبعة فنوع أنواع الاختلاف إلى سبعة أنواع توجد هناك عدة محاولات أذكر لكم ثلاث محاولات كلهم يذكرون سبع أنواع للخلاف المحاولة الأولى لابن قتيبة المحاولة الثانية لابن الجزري والمحاولة الثالثة لأبي الفضل الرازي نذكرهم واحد واحد لأنهم كلهم مذكورين في كتاب تلخيص التمهيد ابتداء من صفحة 299 الجزء الأول صفحة 298 و299 إلى آخره.
أبن قتيبة حينما تدبر وجوه الخلاف في القراءات وجدها سبعة أوجه:
الوجه الأول الاختلاف في إعراب الكلمة أو في حركة بناء الكلمة بما لا يزيد الكلمة عن صورتها في الكتاب ولا يغير معناها مثلا قوله "عز وجل" (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم بعضهم رفع اطهر وبعضهم نصب أطهر) يعني هن أطهر لكم وهن أطهر لكم هذه الاختلاف في الحركة الضمة أو الفتحة أطهرُ ، أطهرَ هذا اختلاف في أعراب الكلمة لكن مثلا هن أطهرُ لكم، هن أطهرُ إذا قيل إنها خبر تصير هن مبتدأ وأطهر خبر هن أطهرُ أو تستطيع أن تقدر فعل اقصد هؤلاء بناتي هن أقصد أطهر لكم هذا يمكن أن يقال كتوجيه قرأت بالضمة وقرأت بالفتحة لكن هذا اختلاف القراءة بالضمة والفتحة ما يغير صورة الكلمة في الكتاب الكريم ولا يغير معناها هذا الصنف الأول.
أيضا قوله "عز وجل" وهل نجازي إلا الكفور أو وهل يجازي إلا الكفور هذا ما يغير هذا النوع الأول النوع الثاني أن يكون الاختلاف في إعراب الكلمة وحركات بناء الكلمة بما يغير معناها لكن لا يزيل الكلمة عن صورتها في الكتاب مثل قوله "عز وجل" (ربنا باعد بين أسفارنا) قرأ يعقوب ربنا باعد فعل ماضي لاحظوا إذا قرأناها باعد أو باعد المعنى يتغير ربنا باعد بين أسفارنا دعاء ربنا باعد بين أسفارنا أخبار عن أن الله "عز وجل" باعد بين الأسفار إذن هذا الاختلاف في الإعراب أو حركة البناء يغير المعنى لكن لا يغير الكلمة صورة الكلمة في الكتاب تبقى واحدة باعد أو باعد تصير واحدة لا يوجد حرف زائد.
النوع الثالث أن يكون الاختلاف في حروف الكلمة دون إعراب الكلمة بما يغير معناها ولا يزيل صورتها وشكلها مثل قوله "عز وجل" (وانظر إلى العظام كيف ننشزها) قرأ بعضهم ننشرها لاحظوا الخلاف في الحرف ننشرها أو ننشزها إما راء وإما زاي لكن المعنى يتغير بين ننشزها وبين ننشرها لكن صورة الكلمة وبنية الكلمة وشكلها واحد وهكذا قوله "عز وجل" حتى إذا فزع عن قلوبهم أو فرغ عن قلوبهم الفرق في الراء والزاي أيضا المعنى يتغير من الفزع والفراغ المعنى يختلف لكن شكل الكلمة واحد هذا النوع الثالث.
النوع الرابع أن يكون الاختلاف في الكلمة بما يغير صورة الكلمة في الكتاب ولا يغير معناها مثل قوله "عز وجل" كالعهن المنفوش أو كالصوف المنفوش لاحظ الاختلاف في الكلمة كلمة العهن تختلف عن صورة وعن كلمة الصوف لكن المعنى واحد العهن هو نفس الصوف إذن المعنى لا يتغير لكن صورة الكلمة وشكل الكلمة يتغير مثلا قوله "عز وجل" إن كانت إلا صيحة واحدة بعضهم قرأ زقية واحدة صورة الكلمة تختلف لكن معنى الكلمة واحد.
النوع الخامس أن يكون الاختلاف في الكلمة بما يزيل صورة الكلمة ومعنى الكلمة يعني المعنى يختلف والشكل يختلف مثل طلحن منضود وطلعن منضود فرق بين الطلح والطلح في المعنى وفي اللفظ.
النوع السادس أن يكون الاختلاف بالتقديم والتأخير مثل قوله "عز وجل" وجاءت سكرة الموت بالحق قرى بعضهم وجاءت سكرة الحق بالموت قدم وأخر كلمة الموت والسكرة إما أن تقول وجاءت سكرة الموت بالحق أو تقول جاءت سكرة الحق بالموت.
النوع السابع أن يكون الاختلاف في الزيادة والنقصان مثل قوله "عز وجل" وما عملته أيديهم قرأت وعملت أيديهم حذفت الهاء القراءة الأولى فيها هاء وما عملته أيديهم بينما القراءة الثانية ما فيها هاء وما عملت أيديهم قوله "عز وجل" فإن الله هو الغني الحميد القراءة الأخرى فإن الله الغني الحميد ما في لفظة هو مثلا قوله "عز وجل" إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة بعضهم قال إن هذا أخي له تسعة وتسعون نعجة أنثى مثلا جنات تجري تحتها الأنهار بعضها قال جنات تجري من تحتها الأنهار هذا خلاف الزيادة والنقصان هذا ما ذكره أبن قتيبة طبعا الإمام بدر الدين الزركشي ذكر هذا في البرهان يمكن مراجعته في الجزء الأول صفحة 336 القرطبي أيضا في تفسيره ذكر ذلك تفسير القرطبي الجزء الأول صفحة 45 هذه المحاولة الأولى.
المحاولة الثانية لابن الجزري على كل حال هذه ليست إلا محاولات جمع لاختلاف القراءات وفهرستها وتصنيفها أبن الجزري يقول إني تتبعت القراءات صحيحها وشاذها وضعيفها ومنكرها فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف:
الاختلاف الأول إما في الحركات بلا تغير في المعنى والصورة نحو يحسب قرأت على وجهين قرأ نافع وأبن كثير وأبن عمر والكسائي بكسر السين يعني يحسِب قرأ الباقون بالفتح يحسَب مثلا البخل، البخل قرنت بأربعة أوجه قرأ حمزة والكسائي بفتحتين يعني البخل قرأ الباقون بضم الباء وسكون الخاء يعني البخل الذي نحن عادة نتلفظ به، هاتان القراءتان مشهورتان.
في لغة ثالثة فتح الباء وإسكان الخاء يعني بخل الباء مفتوحة والخاء مسكنة وتوجد لغة رابعة بضم الباء والخاء يعني بخل.
النوع الثاني اختلاف في الحركات بتغير في المعنى فقط يعني الصورة لا تتغير فقط المعنى مثل فتلقى آدم من ربه كلمات، ابن كثير قرأ بنصب آدم ورفع كلمات يعني تتلقى آدم من ربه كلمات الباقون لا رفعوا آدم ونصبوا كلمات تصير هكذا فتلقى آدم من ربه كلمات هنا صار تغير بالحركات شكل الكلمة ما تغير كلمات شكلها واحد لكن تغير الحركة أكثر في المعنى من الذي يتلقى هل آدم أم الكلمات أو مثلا وادكر بعد أمة وادكر بعد أمه يفرق الشكل واحد أمة واحد لكن في المعنى يتغير.
النوع الثالث وإما الاختلاف يكون في الحروف بتغير المعنى لا الصورة المعنى فقط يتغير إذا تغيرت الحروف أما الصورة واحدة مثل تبلو وتتلو لاحظ الصورة والشكل واحد تبلو تتلو لكن المعنى يتغير ننجيك ننحيك.
الاختلاف الرابع عكس ذلك يعني يكون الاختلاف يكون في الحروف لكن بتغير الصورة لا المعنى الصورة تتغير فقط مثل بصطة ومرة بسطة يعني مرة بالصاد ومرة بالسين الصراط بالصاد السراط بالسين لذلك بعض علمائنا يفتون بجواز القراءة بالسين وبالصاد صراط وسراط طبعا بعضهم يستشكل إذن هنا المعنى واحد لا يتغير الصورة والشكل يتغير.
النوع الخامس الاختلاف في الحروف بحيث يتغير المعنى والصورة مثل أشد منكم أشد منهم منكم ومنهم مختلفان في المعنى ومختلفان في الصورة قوله "عز وجل" يأتل ويتألأ بعضهم قرأها يأتل وبعضهم قرأها يتألأ خلاف في المعنى وفي الصورة.
النوع السادس الاختلاف في التقديم والتأخير مثلا سيقتلون ويقتلون أو فيقتلون ويقتلون تستطيع أن تغيرها موجود هذا قراءتين، قوله "عز وجل" وجاءت سكرة الحق بالموت وجاءت سكرة الموت بالحق هذا في التقديم والتأخير.
النوع السابع الاختلاف في الزيادة والنقصان مثل وأوصى ووصى إضافة همزة بعضهم قرأ ووصى بعضهم قرأ وأوصى هذه محاولة أبن الجزري يمكن مراجعة محاولة أبن الجزري.
عندنا المحاولة الثالثة محاولة الإمام أبي الفضل الرازي أيضا حاول يحصر أوجه القراءة في سبعة وجوه يقول إن الكلام لا يخرج اختلافه عن سبعة أوجه:
الأول اختلاف الأسماء من الإفراد والتثنية والجمع مثل برسالاتي وبكلامي يمكن أن تقرأ برسالتي.
الاختلاف في التذكير والتأنيث مثلا فنادته الملائكة هذه يمكن أن تقرأ فناداه الملائكة تذكير وتأنيث فنادته الملائكة تأنيث فناداه الملائكة تذكير الاختلاف في المبالغة قوله "عز وجل" في كل ساحر عليم قرأ الكسائي بكل سحار ساحر أسم فاعل سحار على وزن فعال صيغة مبالغة إذن هذا الاختلاف الأول نوع الأول اختلاف الأسماء في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث والمبالغة وغيرها.
الاختلاف الثاني في اختلاف تصريف الأفعال وما يسند إلى الفعل من نحو الماضي والمضارع والأمر والمذكر المؤنث المتكلم المخاطب مثل ربنا باعد بين أسفارنا هذا فعل أمر وربنا باعدَ بين أسفارنا فعل ماضي.
الوجه الثالث وجوه الإعراب اختلفوا في وجوه الإعراب مثلا قوله "عز وجل" وأرجلكم قرأ نافع وأبن عامر وحفص والكسائي بالنصب وأرجلكم، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم الباقون قرؤوا بالخفض وأرجلكم يعني بعضهم قرأها بالفتح أرجلكم بعضهم قراها بالكسر وأرجلِكم طبعا لها ثمرة هذه في الاستنباط الفقهي.
الرابع الزيادة والنقص تكلمنا مثلا تجري تحتها الأنهار قرأ أبن كثير تجري من تحتها الأنهار إضافة من.
النوع الخامس التقديم والتأخير مثلا قوله "عز وجل" وقاتلوا وقتلوا آية 195 من آل عمران قرأ حمزة والكسائي وقتلوا وقاتلوا.
السادس القلب والإبدال في كلمة بأخرى أو حرف بآخر كلمة بأخرى مثل قوله "عز وجل" فاسعوا إلى ذكر الله الجمعة الآية 9 قرأ ابن الخطاب وأبن شهاب فانظر إلى ذكر الله كذلك كالعهن المنفوش قرأت كالصوف المنفوش أحيانا استبدال حرف بآخر مثل كيف ننشزها قرأت كيف ننشرها.
النوع السابع اختلاف اللغات من فتح وإمالة وترقيق وتضخيم وتحقيق وتسهيل وإدغام وإظهار إلى آخره هذا أمثلته جدا كثيرة يمكن مراجعة الكثير من هذه الأمثلة بالرجوع إلى كتب القراءات طبعا هناك كتب صنفت حول القراءات العشر مثل كتاب النشر في القراءات العشر أو في القراءات السبع أيضا توجد كتب اختصت بالقراءات السبع وسنتحدث عن ذلك إن شاء الله إذن هذا تمام الكلام في النقطة الثانية وهي تكلمنا فيها عن أنواع اختلاف القراءات.
نتكلم عن النقطة الثالثة النقطة الثالثة نتكلم عن طبقات القراء هل للقراء طبقات أم لا هناك طبقات خمس للقراء ذكرها المختصون أنا أقرأ لكم وأذكر لكم هذه الطبقات الخمس ثم بعد ذلك إن شاء الله فيما بعد نتطرق إلى القراء السبعة والعشرة.
الطبقة الأولى أنقل لكم هذا من كتاب القرآن في الإسلام للسيد محمد حسين الطباطبائي صاحب الميزان صفحة 143 الطبقة الأولى من القراء هم قراء الصحابة الذين اشتغلوا بالتعليم والتعلم في حياة الرسول "صلى الله عليه وآله" جماعة منهم كما هو معروف قد جمع القرآن من هؤلاء القراء الإمام علي "سلام الله عليه" عثمان بن عفان أبي بن كعب زيد بن ثابت عبد الله بن مسعود أبو موسى الأشعري هذه هي الطبقة الأولى التفتوا إلى الطبقات الخمس طبعا فيما بعد اشتهرت الطبقة الثالثة طبعا القراء السبعة أو العشرة هم من الطبقة الثالثة طبعا ما هو المراد من طبقة؟ يعني زمن وعصر الآن لما نقول الإمام علي وعثمان وأبي بن كعب وزيد يعني زمن هؤلاء الآن الطبقة الثانية هم عبارة عن تلامذة الطبقة الأولى طبعا من التابعين الطبقة الأولى من صحابة الرسول الطبقة الثانية من التابعين الذين لم يصحبوا الرسول ولكن تبعوا أصحاب الرسول من التابعين والمعروفين الذين كانت لهم حلقات درس في مكة والمدينة والكوفة والبصرة والشام هذه المدن التي أرسل إليها المصحف الآن كل مدينة نذكر لكم قرائها المعروفين.
في مكة عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رياح وطاووس ومجاهد وعكرمة وأبن أبي مليكة وغيرهم.
في المدينة أبن المسيب عروة سالم عمر بن عبد العزيز سليمان بن يسار عطاء بن يسار معاذ القاري عبد الله بن الأعرج أبن شهاب الزهري مسلم بن جندب زيد بن أسلم.
الكوفة علقمة الأسود مسروق عبيدة عمر بن شرحبيل حارث بن القيس ربيع بن خيثم عمر بن ميمون أبو عبد الرحمن السلمي زر بن حبيش عبيد بن نفلة سعيد بن جبير النخعي الشعبي.
في البصرة أبو عالية أبو الرجاء نصر بن العاصم يحيى بن يعمر الحسن البصري أبن سيرين قتادة.
في الشام المغيرة بن أبي شهاب هذا من أصحاب عثمان، خليفة بن سعد هذا من أصحاب أبي الدرداء.
الطبقة الثالثة في الطبقة الثالثة أخذ منهم القراء السبعة أو العشرة هذه الطبقة الثالثة تقريبا تنطبق على النصف الأول من القرن الثاني هم جماعة من مشاهير القراء في مكة عبد الله بن كثير أحد القراء السبعة حميد بن قيس الأعرج محمد بن أبي محيصين في المدينة أبو جعفر يزيد بن القعقاع في الكوفة يحيى بن وئاب عاصم بن أبي نجود، أسماء كثيرة يمكن مراجعتها.
في البصرة عبد الله بن أبي إسحاق وعيسى بن عمر في الشام عبد الله بن عامر وعطية بن قيس الكلابي.
الطبقة الرابعة هم تلامذة الطبقة الثالثة ويرون عنهم طبعا القراء من الطبقة الثالثة، الطبقة الرابعة تلامذة الطبقة الثالثة مثل أبن عياش وحفص وخلف.
أما الطبقة الخامسة هي طبقة أهل البحث والتأليف كما يقال أول من ألف في القراءة هم مثل أبو أبيد قاسم بن سلام وأحمد بن جبير الكوفي ثم إسماعيل بن إسحاق المالكي ثم أبو جعفر بن جرير الطبري مجاهد اتسعت بعد ذلك دائرة البحوث والتحقيقات إلى أن وصلنا عن الداني والشافري، هذه الطبقات الخمس يرجى أن يركز على الأسماء، إن شاء الله سنتطرق في اللقاء القادم إلى القراء السبعة أو العشرة الذين أكثرهم موجودون في الطبقة الثالثة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

07

مايو | 2023
  • الكتاب: علوم القرآن الكريم
  • الجزء

    -

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
27 الجلسة