قواعد تفسير القرآن
شیخ الدقاق

012 - القواعد المشتركة بين قواعد التفسير وقواعد علم اللغة

قواعد تفسير القرآن

  • الكتاب: منطق تفسیر القرآن
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    200

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
لا زلنا نتكلم في القواعد المشتركة بين قواعد التفسير والعلوم الاخرى أخذنا عدة علوم تشترك مع قواعد التفسير في قواعد تبحث في كل منهما وانتهينا بحمد لله "عز وجل" من القسم الرابع من أقسام العلوم المشتركة وهو القواعد المشتركة بين التفسير وعلم اللغة اليوم ندرس القسم السادس القواعد المشتركة بين قواعد التفسير وقواعد علم اللغة.
القسم الرابع كان المشترك بين قواعد التفسير وعلم اللغة أي فقه اللغة القسم الخامس القواعد المشتركة بين التفسير وبين قواعد علم اللغة لأن أي نص في أي لغة له لسان خاص وهناك قواعد لفهم ذلك النص الخاص إذن القسم الخامس يدرس القواعد المشتركة بين قواعد التفسير وفهم اللغة فقه اللغة علم اللغة أما القسم الخامس يدرس القواعد المشتركة بين قواعد التفسير وقواعد علم اللغة العربية فلمعرفة أي لغة أو أي نص لابد من معرفة مفتاح فهم النص فلكي نفهم القرآن الكريم ونفسره يلزم أن نتعرف على لغة القرآن الكريم وخصائصها ومميزات لسان القرآن وعلى ضوء هذه المعرفة يمكن تقديم التفسير الأفضل والأمثل ومفردة اللسان تطلق في اللغة العربية على عدة معان نذكر جملة منها.
المعنى الأول اللسان هو عضلة متحركة داخل الفم تشكل أهم وسيلة للنطق هذا أبرز مصداق ومثال للسان.
المعنى الثاني اللسان هو الكلام الخاص للشعب أو الجماعة مثل اللغة العربية الفارسية الانكليزية.
المعنى الثالث اللسان هو اللغة والمراد باللغة إحدى قدرات ذهن الإنسان لإيجاد الارتباط وانتقال للخطاب أي يكون هناك ارتباط بين اللفظ والمعنى بحيث الهيئة اللفظية تنقل ذهن الإنسان إلى المعنى الموضوع لهذه الهيئة.
المعنى الرابع اللسان يراد به اللغة والمراد باللغة مجموعة من التراكيب والنظم المرتبطة بعضها مع البعض الآخر وقيمة كل علامة يتبع وضعها التركيبي، المعنى الرابع نفس المعنى الثالث يطلق اللسان على اللغة لكن المائز هنا في تعريف اللغة وللغة وظائف وصف الحقائق تبيين العلة والمعلول الفعل الكلامي تصوير الأحاسيس الداخلية للإنسان نقل التجارة نقل ثقافة الماضيين، الربط المستمر بين الحاضر والمستقبل إلى آخره وما يهمنا في بحثنا هنا أن المقصود من اللغة هنا في بحثنا هو أسلوب بيان المطالب وخصائص وعناصر لغة القرآن الكريم فإذا قلنا نحن ندرس لغة القرآن أي أسلوب القرآن وخصائص الخطاب القرآني وهذا يفيدنا في تفسير القرآن في ترجمة القرآن ومن هنا نذكر عدة خصائص للخطاب القرآني.
الخصيصة الأولى واقعية لغة القرآن فالقضايا التي طرحها القرآن على صعيد التاريخ والأقوام والقصص ليست من قبيل الأساطير والأحاديث الخرافية بل هي من قبيل الأمور الواقعية فكلما يطرح في القرآن فهو واقعي ولا مجال للأساطير والأمور الخيالية في القرآن الكريم، قال تعالى (إن هذا لهو القصص الحق) والقصص من اقتفاء الأثر وقالت لأخته قصيه، أم موسى قالت لأخته ـ أخت موسى ـ قصيه يعني اقتفي اثره إلى أين يذهب هذا الصندوق الذي كان فيه موسى والقي في اليم، هذا تمام الكلام في الخصيصة الأولى واقعية لغة القرآن الكريم هذا مهم للمفسر والمترجم أن يرتكز في ذهنه أن كل كلمة قرآنية هي لغة واقعية وليست لغة خيالية أو وهمية أو من قبيل الأساطير.
الخصيصة الثانية وجود العناصر الفنية في لغة القرآن فالبعض قد يعتبر أن لغة القرآن باجمعها عرفية فإذا كانت عرفية في العرف يسهل استبدال كلمة مكان كلمة لأن هذه محاورات عرفية وخطابات عادية فيمكن إيجاد التغيرات واستبدال كلمة مكان كلمة ولكن إذا بنينا على أن لغة القرآن لغة فنية فيها ذوق بلاغي فيها فن أدبي فإن كل كلمة سيكون لها أثرها الفني ولا يمكن استبدالها.
العنصر الثالث الاصطلاحات الخاصة في لغة القرآن الكريم فلغة القرآن بنفسها هي لغة القوم وهي لغة العرب ولغة قريش ولغة أهل الحجاز وقد تشكلت لغة القرآن على أساس العرف لكن كما أن القرآن جاء في سياق العرف العام لكن اختص القرآن بعرف يخصه وأسلوب يخصه لأنه جاء على نحو التحدي فلكي يحصل التحدي لابد من اتباع أسلوب القوم فجرى على العرف العام ولكي يحصل الامتياز والتعجيز في التحدي لابد من الإتيان بأسلوب خاص ضمن ذلك الأسلوب العام فالقرآن الكريم كما أنه عرفي من جهة وجاء على نحو المحاورات العرفية وأتبع أسلوب العرف العام من جهة أخرى نجده قد جاء بأسلوب خاص واصطلاحات خاصة مثلا لفظ الإيمان في اللغة العربية بمعنى الهدوء والطمأنينة لكنه استخدم في القرآن الكريم بمعنى الاعتقاد بالله واليوم الآخر وهكذا لفظ الزكاة في اللغة العربية بمعنى الطهارة والنمو لكن القرآن استخدمه في الحق المالي الخاص المتمثل في زكاة الأنعام أو الغلاة أو الفطرة وهكذا مفردة الكافر بمعنى الستر تقول فلان الكافر يعني الجاحد الذي يجحد النعمة الذي استترت عنه معرفة النعم ولكن أطلق في القرآن الكريم على منكر أصول الدين كمنكر الألوهية والنبوة إذن الخصيصة الثالثة وجود اصطلاحات خاصة في لغة القرآن الكريم.
الخصيصة الرابعة الأخذ بنظر الاعتبار المفردات الأساسية والمركزية والمحورية فالقرآن الكريم استعمل المفردات الموجودة في العرف العام لكن ضمن العرف العام هناك كلمات اصطلاحات أساسية تتفرع عليها اصطلاحات أخرى هناك كلمات مركزية ومحورية تتفرع عليها اصطلاحات أخرى وهذا ما يبحث في الوضع التعيني والوضع التعيني والحقيقة الشرعية والحقيقة المتشرعية فهناك معنى أساسي وهو المعنى الأول الصلاة بمعنى الدعاء ثم نقل المعنى الصلاة من الدعاء إلى الصلاة بالكيفية الخاصة فالمعنى الأساسي هو الدعاء المعنى المركزي والمحوري هو الدعاء وتفرع عليه الكيفية الخاصة من ركوع وسجود وهكذا بالنسبة إلى الزكاة المعنى الأساسي الطهارة والنمو والمعنى الذي تفرع عليه العبادة المخصوصة.
يوجد عالم وبروفسور ترجم القرآن إلى اللغة اليابانية اسمه ايزوت سو هو أستاذ في جامعة مك جيل الكندية كتب كتابا مفصلا هذا الكتاب المفصل تحت عنوان الله والإنسان في القرآن وهذا الكتاب ترجم إلى اللغة العربية ترجمه الدكتور هلال محمد الجهاد وترجم إلى الفارسية وقد ترجمه أحمد آرام هذا البروفسور ايزوت سو اهتم كثيرا بالكلمات الأساسية والكلمات المركزية والمحورية وقبل من العلماء القدامى هناك من أهتم كالراغب الأصفهاني مفردات غريب القرآن وأبو منصور الثعالبي النيشابوري في كتابه فقه اللغة كما أن علماء الأصول اهتموا بهذه الحيثية حينما بحثوا النقل إما بالوضع التعييني أو الوضع التعيني ثبوت الحقيقة الشرعية لو قلنا أن الشارع الله والرسول هو الذي وضع المصطلح أو الحقيقة المتشرعية لو قلنا إن المتشرعة وهم الفقهاء هم الذين وضعوا المصطلحات الخاصة بالفقه والأمثلة كثيرة لهذه المفردات منها مفردة الكفر التي اصلها بمعنى الستر مفردة الإيمان التي اصلها بمعنى الطمأنينة إلى آخره.
الكلمات المركزية والمقصود من الكلمات المركزية الكلمات الأساسية الخاصة التي تمثل وتحدد مجال ومساحة تصورية للمعنى بحيث يكون المعنى مستقلا نسبيا ومميزا ويقع هذا المعنى ضمن معنا جامعا لأكبر عدد من الكلمات مثل كلمة الإيمان ومشتقاتها.
كلمة الإيمان لها مشتقات ايجابية ولها مشتقات سلبية فحينما نبحث الإيمان بالله نجد دوائر للإيمان الإيجابي ودوائر للإيمان السلبي نذكر ثلاثة لدوائر الإيمان السلبي وثلاثة لدوائر الإيمان الايجابي.
أما الايمان الإيجابي التصديق الإسلام الشكر هذه المفردات تتفرع على الإيمان تشكر الله على نعمة الإيمان تسلم إذا آمنت تصدق بالنبي إذا آمنت وهناك مفردات سلبية الإيمان السلبي يقود إلى التكذيب يقود إلى العصيان يقود إلى الكفر يقود إلى الشرك إذن هناك لفظة مركزية وهي الإيمان لفظة أساسية وهي الإيمان تتفرع عليها مفاهيم وألفاظ إيجابية وألفاظ تدل على مفاهيم سلبية.
الكلمات المحورية
في كل سورة من سور القرآن الكريم توجد كلمة أو كلمات محورية وهي تربط آيات وموضوعات السورة المتنوعة ببعضها البعض هذا ما يبحث في كيفية اشتقاق اسم السورة كيف تعرف أسم السورة هذا بحث يبحث في علوم القرآن، أسم السورة أحيانا يخضع لأهم حدث في السورة مثل سورة البقرة وأحيانا يخضع لوجود كلمة في السورة مثل الحمد، الناس، الفلق أول وآخر القرآن هذا كله بناء على مفردات هذه المفردات هي المفردات المحورية يعني محور السورة حول الحمد محور السورة حول الفلق محور السورة حول الناس وأحيانا تسمى السورة بلحاظ الغرض منها فمثلا سورة الحمد يقال لها سورة الفاتحة لأنها تقع في الافتتاح ـ افتتاح المصحف ـ فإذن إلى هنا أخذنا ثلاثة أمور تؤدي إلى انتخاب اسم الصورة.
الأمر الأول الحدث البارز في السورة مثل البقرة وذبح البقرة أو الانعام
الأمر الثاني الغرض من هذه السورة ما هو، تبحث ما هو الغرض من هذه السورة
والأمر الثالث هو أبرز عنوان لانتخاب السورة انتقاء الكلمات المحورية (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) سميت سورة الدهر وسميت أيضا سورة الإنسان وعادة هذه الكلمات إما أن تكون في بداية السورة أو نهاية السورة وفي الغالب تكون في بداية السورة، بسم الله الرحمن الرحيم (تبارك الذي بيده الملك) سورة تبارك أو سورة الملك وهذا بحث مهم في علوم القرآن هذه التفافات مهمة إذا المفسر أو المترجم يلتفت إلى الكلمات المحورية يعني الكلمات التي تتمحور السورة حولها.
الخصيصة الخامسة العناصر العرفية والعقلائية للغة القرآن فلغة القرآن على الرغم من كونها لغة خاصة لكن ليست لغة علمية جافة وخاصة بأهل الاختصاص ففي الوقت الذي نجد لغة القرآن لغة خاص وباسلوب مميز خاص وفي نفس الوقت نجد لغة القرآن لغة عرفية وعقلائية إذ أن لغة القرآن استخدمت أدوات العرف من الخاص والعام والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والحقيقة والمجاز والتشبيهات والأمثلة وبالتالي من يرد أن يترجم القرآن أو يفسره لابد أن يلحظ المحاورات العرفية والأساليب العقلائية مثال ذلك اليهود حينما رأوا مريم عليها السلام جاءت بعيسى المسيح وقد ولدته قالوا لها يا أخت هارون ما كان أبوك أمرء سوء وما كانت أمك بغيا) قالوا يا أخت هارون بعض المترجمين ترجم ترجمة حرفية قال مريم عندها أخ اسمه هارون ثم علق البعض قال هذا اشتباه هارون أخ موسى عليه السلام وهذا في زمن متقدم جدا على عيسى المسيح والحال أن هذا يا أخت هارون هذا مثال عند اليهود يضرب به لغاية الطهارة يعني يا أخت هارون يعني أنت من بيت الطهارة هارون مثال للطهارة أخت هارون مثال للطهارة فليس المراد الاستعمال الحقيقي يعني أنها أخت نسبيا حقيقة لهارون عليه السلام وهكذا ما ملكت أيمانهم يعني أيدك اليمين هي التي تملك هذه كناية عادة الإنسان يعطي باليمين ويتعامل باليمين فيقال لملكية العبد ملك اليمين.
الخصيصة السادسة تطور لغة المبدأ والمنتهى مفردات المبدأ هو اللغة العربية المنتهى لغة القرآن اللغة العربية فيها تطور كذلك القرآن معانيه متجددة متطورة مثلا لفظة المكروه استخدمها القرآن بمعنى ما يشمل المحذور والمحرم قال تعالى (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها) يعني ممنوعا هذا سيء وممنوع ومحرم ولكن استخدمت لفظة المكروه في زمن الإمام الباقر والصادق عليهما السلام بمعنى المباح المرجوح في مقابل المباح الراجح غير الأكيد وهو المستحب فهنا يوجد تطور وتغير في معاني المفردات في اللغة العربية وأيضا في تفسير المعاني القرآنية.
الخصيصة السابعة مستويات وأبعاد لغة القرآن، نقل في الروايات إن للقرآن ظاهر وباطن فإذن هناك مستويات مختلفة في معاني القرآن الكريم وهنا تأتي المباني مثل مبنى الشيخ محمد هادي معرفة إذ يرى أن البطن هو عبارة عن إلغاء الخصوصيات في الآية للخروج من المعنى الجزئي وقيوده إلى المعنى الكلي عند نزع تلك القيود الزمانية والمكانية وبالتالي القرآن له عدة بطون كما في الروايات سبعة بطون أي سبعة مستويات، هذا تمام الكلام في خصائص لسان القرآن ولغة القرآن الخصيصة الأولى لغة القرآن واقعية الخصيصة الثانية لغة القرآن فنية، الخصيصة الثالثة لغة القرآن فيها اصطلاحات خاصة، الخصيصة الرابعة لغة القرآن فيها مفردات أساسية ومركزية ومحورية، الخصيصة الخامسة لغة القرآن عرفية وعقلائية الخصيصة السادسة لغة القرآن متجددة ومتطورة كما أن اللغة العربية متجددة كذلك لغة القرآن غضة طرية متجددة.
النقطة السابعة لغة القرآن لها مستويات مختلفة ولها أبعاد لغوية ومعنوية متعددة، هذا تمام الكلام في القواعد المشتركة بين قواعد التفسير وقواعد علم لغة القرآن الكريم، القسم السادس القواعد المشتركة بين التفسير وعلم المعاني يأتي عليه السلام.
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 21 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: منطق تفسیر القرآن
  • الجزء

    -

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
21 الجلسة