تحقیق المباني الرجالیة
شیخ الدقاق

138 - النقطة الأولى في استعراض لفظ غلام في اللغة

تحقيق مباني الرجالية

  • الكتاب: تحقیق مباني الرجالیة
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    500

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
الثالث من المصطلحات غلام فقد تكرر إطلاق كلمة غلام في الرجال في تراجم عديدة تارة تأتي كلمة غلام مفردة وتارة تأتي بصورة الجمع غلمان وتارة تأتي مضافة إلى غيرها وتارة تأتي مجردة من دون إضافة إلى كلمة أخرى من هنا قد وقع الكلام بين المحققين في معنى غلام والمقصود منها عند الإطلاق وهل استعملت لفظة غلام بالمعنى اللغوي أم أن إطلاق لفظة غلام عند علماء الرجال تحمل معنى ومصطلحا خاصا بها وقد نشأ خلاف بين غير واحد من المحققين حولها مع اتفاقهم بأجمعهم على أن لفظة غلام ليست من ألفاظ المدح أو الذم فلا توجد ثمرة من ناحية الجرح والتعديل ولكن توجد ثمرة من ناحية اتصال السند أو انقطاعه فإذا حملنا لفظة غلام على معنى التلميذ أو المصاحب أو الملازم فإن هذا يفيد اتصال الغلام بأستاذه مما يقطع الانقطاع إذن لابد من معرفة معنى غلام اللغوي والعرفي من خلال تتبع موارد استعمال لفظة غلام فيقع البحث في نقاط:
النقطة الأولى استعراض إطلاق لفظة غلام في اللغة والآثار إذا رجعنا إلى كلمات اللغويين نجد أن الأصل في معنى غلام هو الذكر في سن المراهقة والقرب من سن الشباب فقد عبر غير واحد من اللغويين بأن الشاب هو الطار الشارب يعني شاربه طري وقد يطلق الغلام على الذكر من حيث الولادة إلى المشيب بل الموت وصرح بعضهم إن هذا الإطلاق على سبيل المجاز في غير الشاب هذه خلاصة كلمات اللغويين وهناك جوانب فيها خلاف بينهم فتراجع كلماتهم، كتاب العين الجزء الرابع صفحة 422 للخليل بن احمد الفراهيدي لسان العرب لابن منظور الجزء 12 صفحة 440 مفردات الراغب الأصفهاني صفحة 612 مجمع البحرين للطريحي الجزء 6 صفحة 127، هذا تمام الكلام في بيان معنى غلام في اللغة.
وأما أطلاقات لفظة غلام في الروايات والآثار فيمكن أن نستقرأ هذه اللفظة في مختلف كتب الروايات والنقتصر على كتاب الكافي للكليني "رحمه الله" فمن موارد استعمالها ما ذكره الكليني في الرواية عن الكلب النسابة قال دخلت المدينة ولست أعرف شيئا من هذا الأمر هذا الأمر في الروايات يقصد به مبدأ الإمامة ولاية أهل البيت "عليهم السلام" فأتيت المسجد فإذا جماعة من قريش فقلت اخبروني عن عالم أهل هذا البيت فقالوا عبد الله بن الحسن فأتيت منزله فاستأذنت فخرج إلي رجل ضمنت أنه غلام له فقلت له استأذن لي على مولاك فدخل ثم خرج فقال لي ادخل الكافي الجزء الأول صفحة 348 الحديث السادس.
ونظير هذه الرواية في الكافي الجزء الأول صفحة 463 الحديث السادس وكذلك صفحة 473 الحديث الثالث وأيضا صفحة 491 الحديث 15 وأيضا صفحة 493 الحديث 2 صفحة 495 الحديث السادس وغيرها كثير جدا في الكافي وغيره.
طبعا هذه الرواية عبد الله بن الحسن يراد به النفس الزكية والد إبراهيم ومحمد اللذين دعيا الإمامة وقتلا ويراد عبد الله المحض والظاهر بجميع من هذا المورد أن الغلام هنا أطلق بمعنى العبد الرق أو الخادم على أقل تقدير حتى لو لم يكن شابا ولا يخفى أن هذا المصطلح وهذا الاستعمال شائع في الاستعمالات العرفية أن يطلق الغلام على العبد حتى لو كان كبير السن وقد استعمل الغلام بمعنى العبد بصراحة في موارد كثيرة كما في التعبير عن قمبر مولا أمير المؤمنين "عليه أفضل صلوات المصلين" فقد صرح بالغلام يراجع الكافي الجزء الثاني صفحة 59 الحديث العاشر ونظيره في المعنى الكافي الجزء الثاني صفحة 265 الحديث 20 الكافي الجزء الثاني صفحة 324 الحديث 5 الجزء الخامس صفحة 212 الحديث 2 الجزء الخامس صفحة 302 الحديث الأول والخلاصة إذا تتبعنا الموارد الكثيرة في الروايات ولا داعي لسرد الكثير من الروايات يظهر أنها تطلق على المولود الذكر وكذلك تطلق على المولى الرق وتطلق أيضا على الخادم الملازم لمخدومه.
النقطة الثانية تشخيص مراد الرجالي من إطلاق كلمة غلام إذا استقرانا موارد كلمة غلام في كلمات الرجاليين يمكن أن نصل إلى عدة نتائج وإلى معاني مختلفة للفظ غلام لذلك سنذكر موارد مختلفة وسيتضح أن المعاني تختلف باختلاف الموارد.
المورد الأول ما في ترجمة احمد بن عبد الله البجلي الملقب بسمكة أنه كان من غلمان احمد بن محمد بن خالد البرقي ومن من تأدب عليه فهرست النجاشي صفحة 97 الرقم 242 ويظهر من هذا المورد أن التأدب عليه غير كونه من غلمانه.
المورد الثاني ما ورد في ترجمة جماعة أنهم من غلمان العياشي فيفهم من ذلك أنهم من خواص العياشي من خواص تلامذته وهم:
أحمد بن يعقوب السنائي رجال الشيخ الطوسي صفحة 407 رقم الترجمة 5928.
الثاني إبراهيم الحبوبي رجال الطوسي صفحة 407 رقم الترجمة 5930.
الثالث احمد الصفار رجال الطوسي صفحة 407 رقم الترجمة 5931.
الرابع احمد بن يحيى رجال الطوسي صفحة 407 رقم الترجمة 5932.
الخامس احمد بن محمد بن حسين الازدي رجال الطوسي صفحة 407 رقم الترجمة 5935.
السادس جعفر بن محمد الشاشي رجال الطوسي صفحة 418 رقم الترجمة 6044.
السابع محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي رجال الطوسي صفحة 440 رقم الترجمة 6288.
الثامن محمد بن طاهر بن جمهور رجال الطوسي صفحة 440 رقم الترجمة 6289.
التاسع محمد بن يحيى الضرير المؤذن رجال الطوسي صفحة 440 رقم الترجمة 6291.
العاشر أبو الحسين بن أبي طاهر الطبري رجال الشيخ الطوسي صفحة 452 رقم الترجمة 6418 فهرست الشيخ الطوسي صفحة 522 رقم الترجمة 831.
الحادي عشر حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي فهرست الشيخ الطوسي صفحة 166 رقم الترجمة 259.
هؤلاء احد عشر رجلا من غلمان العياشي ولا يتصور أن يكون المراد عبيد العياشي خصوصا أن فيهم بعض رجاليين الكبار كمحمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي ولعل المراد هو أن يكونوا من خواص تلامذة العياشي.
المورد الثالث ذكروا بعض الرجال أنهم من غلمان أبي سهل النوبختي نذكر اثنين منهم:
الأول محمد بن بشير السوسنجردي فهرست الشيخ الطوسي صفحة 390 رقم الترجمة 598.
الثاني المظفر بن محمد الخراساني أبو الجيش فهرست الشيخ الطوسي صفحة 473 رقم الترجمة 760.
وذكر الشيخ الكشي احمد بن عبد الله الكربي من غلمان يونس رجال الكشي صفحة 566 رقم الترجمة 1071.
وكذلك ذكر النجاشي بكر بن محمد بن حبيب المازني من غلمان إسماعيل بن ميثم فهرست النجاشي صفحة 110 رقم الترجمة 279 وذكر النجاشي في رجاله أن جعفر غلام عبد الله بن بكير رجال الكشي صفحة 10 رقم الترجمة 19 وكذلك ذكر أن فضيل غلام محمد بن راشد رجال الكشي صفحة 110 رقم الترجمة 176 وذكر النجاشي طاهر غلام أبي الجيش فهرست النجاشي صفحة 208 رقم الترجمة 522 وعبد الواحد المقرأ غلام بن مجاهد فهرست النجاشي صفحة 247 رقم الترجمة 651 وعد ابن شهر آشوب عبد العزيز القاضي بن البراج الفقيه المعروف صاحب الجواهر صاحب المهذب في الفقه من غلمان السيد المرتضى معالم العلماء صفحة 80 رقم الترجمة 545 .
ونختم هذا الحديث برواية عن الإمام الرضا "عليه السلام" وقد ذكر العباسي فقال هو من غلمان أبي الحارث يعني يونس بن عبد الرحمن وأبو الحارث من غلمان هشام وهشام من غلمان أبي شاكر وأبو شاكر زنديق المقصود أبو شاكر الديساني رجال الكشي صفحة 278 الرقم 497.
هذا ما يمكن أن يتحصل عليه من مصادرنا الرجالية في مورد استخدام كلمة غلام ولم يصرح في أي مورد منها بالمقصود فلابد من تلمس المعنى وكشفه من خلال القرائن المتوافرة وإذا تتبعنا هذا البحث لا نكاد نجد أحدا من المتقدمين قد علق على معنى كلمة غلام ولعل أول من علق عليها في المقام هو العلامة الحلي في خلاصته في ترجمة بكر بن محمد بن حبيب حيث قال بعد كلام له وهو من غلمان إسماعيل بن ميثم في الأدب خلاصة الأقوال صفحة 81 رقم الترجمة 160 ويظهر من عبارة العلامة أن ظاهر كلمة غلام قد أطلقت بمعنى تلميذ حينما قال من غلمان إسماعيل بن ميثم في الأدب يعني من تلامذته ولا يخفى أن العلامة أول ما يبدأ التراجم يكون ناظرا إلى كلمات النجاشي بل ينقل عين عبارات النجاشي ولكن أحيانا يحصل فيها تغيير فيتغير المعنى إذن لابد من مراجعة فهرست الشيخ النجاشي في هذا المورد لنرى هل يوجد انطباق أو يوجد فرق فنتفاجئ أن عبارة النجاشي هكذا وكان من غلمان إسماعيل بن ميثم وله في الأدب كتاب التصريف فهرست النجاشي صفحة 110 رقم الترجمة 279 فلاحظ كيف تغيرت العبارة فحذف منها ما يغير المعنى تماما وهو قوله وله في الأدب كتاب التصريف لذلك وجدنا غير واحد من المحققين قد أشكلوا على عبارة العلامة الحلي فعلق المحقق الشيخ محمد حفيد الشهيد الثاني على عبارة العلامة بقوله ولا يخفى أن ما في الخلاصة من قوله وهو من غلمان إسماعيل بن ميثم في الأدب غير تام المعنى واحتمال أن يكون من غلمانه لكونه تأدب عليه غير معروف الذكر في الرجال والظاهر أنه مأخوذ من النجاشي والعجلة اقتضت إسقاط (له في الأدب كتاب التصريف) فلا ينبغي الغفلة عن ذلك، منهج المقال الجزء الثالث صفحة 84.
وقال المحقق التفرشي في نقد الرجال وهو المعروف بالدقة والضبط معلقا على كلام العلامة الحلي بقوله وما يخفى من التصحيف والإسقاط، إسقاط له في الأدب كتاب التصريف والتصحيف غلامه في الأدب نقد الرجال الجزء الأول صفحة 296 رقم الترجمة 792 وعلق المحقق الجزائري "أعلى الله مقامه الشريف" بقوله وما يخفى في الخلاصة غير واضح المعنى وكأنه وقع سهوا من القلم والصواب ما في النجاشي حاوي الأقوال لمعرفة الرجال للمحقق الجزائري الجزء الثالث صفحة 321 رقم الترجمة 1923.
وإذا أردنا أن نحقق في كلمات هؤلاء الأعلام المحقق الجزائري والمحقق التفرشي والمحقق الشيخ محمد سبط الشهيد فإن كلامهم يقتضي إنكار مجيء لفظة غلام بمعنى تلميذ أو المتأدب ويؤيد كلامهم أمران:
الأول لا يوجد عين ولا اثر في كتب اللغة لاستعمال لفظة غلام بمعنى تلميذ لا في الاستعمالات اللغوية ولا الاستعمالات العرفية.
الأمر الثاني ما ورد في فهرست النجاشي في ترجمة احمد بن عبد الله البجلي الملقب بسمكة قال وكان إسماعيل بن عبد الله من غلمان احمد بن أبي عبد الله البرقي وممن تأدب عليه وممن كتّبه منتهى المقال الجزء الثاني صفحة 172 رقم الترجمة 482 فهرست النجاشي صفحة 97 رقم الترجمة 242 فإن هذا المورد يشير بوضوح إلى التغاير الأسف في العطف هو الاستئناف عطف المغاير على المغاير فهناك تغاير بين الغلام وبين التأديب وبين تعلم الكتابة فما يستفاد من عبارة النجاشي هو التغاير بين كون الشخص غلاما وبين التأديب وتعلم الكتابة والغريب أن بعض المحققين قد جعل هذا اللفظ شاهدا على استعمال الغلام بمعنى التلميذ مع وضوح الدلالة على العكس فيراجع منتهى المقال لأبي علي الحائري الجزء الثاني صفحة 172 الرقم 482 ومقباس الهداية للمحقق الشيخ عبد الله المامقاني الجزء الثالث صفحة 15 .
لكن بعض المحققين قد ذهبوا إلى أن غلام في الرجال بمعنى التلميذ وأن العلامة الحلي كان يقصد ذلك لا أنه وقع في الاشتباه والالتباس كما نسب إليه فقد قال المحقق أبو علي الحائري في منتهى المقال ما يلي ومجيء الغلام بمعنى المتأدب أي التلميذ في عبائر القوم أكثر كثير فلاحظ ترجمة احمد بن عبد الله الكرخي وترجمة احمد بن إسماعيل بن سمكة وعبد العزيز بن البراج ومحمد بن جعفر بن محمد أبي الفتح الهمداني والمظفر بن محمد الخراساني ومحمد بن بشير وترجمة الكشي وغيرها مما لا يحصى كثرة بل لم أجد إلى الآن استعمال الغلام في كتب الرجال في غير التلميذ ويظهر ذلك من غير كتب الرجال أيضا ففي كشف الغمة في جملة حديث فدعا أبو الحسن "عليه السلام" بعلي بن أبي حمزة البطائني وكان تلميذا لأبي بصير فجعل يوصيه إلى أن قال أن اصحبه منذ حين ثم يتخطاني بحوائجه إلى بعض غلماني وفي تفسير مجمع البيان الغلام للذكر أول ما يبلغ إلى أن قال ثم يستعمل في التلميذ فيقال غلام تغلب، هذا على ما في نسخة مجمع البيان ومنتهى المقال.
ما في رجال السيد بحر العلوم ثعلب ولعله الأصح منتهى المقال الجزء الثاني صفحة 172، إذن هناك دعوى من المحقق أبي علي الحائري من أن أكثر موارد استعمال لفظة غلام في الرجال هي بمعنى التلميذ والتحقيق إن المحقق أبا علي الحائري قد استفاد أن المراد من لفظة غلام هو التلميذ إنما استفاده من خارج العبارة لا من حق الناس حيث لم يصرح أي من اللغويين أن لفظة غلام تستعمل في اللغة أو العرف بمعنى التلميذ ومجرد كون هؤلاء أو بعض هؤلاء تلامذة لا يعني أن كلمة غلام يراد منها ذلك في استعمال الرجالي ولو أردنا التدقيق أكثر فإن تلامذة هؤلاء الأساتذة كثيرون جدا ولم تقل في حقهم لفظة غلام خصوصا أمثال العياشي والبرقي وابن ميثم فإن دارهم كانت مرتعا للشيعة فكيف اختص بعض تلامذتهم بهذه الكلمة وإذا قلنا إن لفظة غلام يراد بها خواص التلامذة وخواص الملازمين فإن هذا لا يضطرب ولا ينعكس إذ لم يثبت أن جميع من قيل في حقهم لفظة غلام أنهم من خواص التلامذة كما أن غيرهم من خواص تلامذة العياشي لم يقل في حقه أنه غلام العياشي وأما الحديث المنقول عن كشف الغمة فهو لا يثبت المطلوب لأن علي بن أبي حمزة البطائني كان قائدا لأبي بصير إذ أن أبا بصير كان مكفوفا وكان أعمى وكان الذي يقوده علي بن أبي حمزة البطائني فكان علي بن أبي حمزة يقوم بخدمة أبي بصير وكان صاحبه الملازم له وذيل الرواية يشير إلى ارتباط الغلامية بقضاء الحوائج فلعله بهذه الجهة قد أطلق عليه أنه غلام.
وأما ما نقله عن مجمع البيان من قوله الغلام للذكر أول ما يبلغ إلى أن قال ثم يستعمل في التلميذ فيقال غلام تغلب أو غلام ثعلب فهو صحيح النسبة لكنه لا يرقى إلى مستوى يجعل الكلمة ظاهرة في التلميذ عند الإطلاق بل لعل كلمة غلام تطلق على تلميذ خاص وهو التلميذ الكثير الملازمة والذي طالت صحبته وخدمته لأستاذه لا باعتبار التلميذ بمجرده وإلا لشاع ذلك لكثرة التلامذة والأساتذة.
والخلاصة كلمة غلام لم نجد لها استعمالا خاصا يمكن الجزم بأنه هذا هو المراد في كلمات الرجاليين وقصة أبي عمر الزاهد تؤيد ما ذكرنا إذ أن ثعلب كان كثير التلامذة ولم يعرف من بينهم غيره فلعل ذلك كان لخصوصية فيه.
إلى هنا انتهينا من بيان كلمات أبي علي الحائري لكننا نجد المحقق الكلباسي قد جرى في سماء المقال مجرى المحقق الحائري وحاول أن يضيف عليه بعض القرائن وقد أضاف مطلبين:
المطلب الأول عبارة المحقق السيد مهدي بحر العلوم حيث قال في ترجمة احمد بن يحيى بن زيد ما نصه احمد بن يحيى بن زيد أبو العباس المعروف بثعلب بالثاء المثلثة وعين المهملة إمام الكوفيين بغدادي حجة ثقة في صناعته فهو صاحب الفصيح أخذ عنه غلامه أبو عمر الزاهد والاخفش الصغير علي بن سليمان وغيرهما وكان معاصرا للمبرد وبقي بعده رجال السيد مهدي بحر العلوم الجزء الثاني من صفحة 5 إلى صفحة 10 ومن الواضح أن السيد مهدي بحر العلوم لم يأتي بهذه العبارة للغرض الذي أراده المحقق الكلباسي وهو استعمال غلام بمعنى التلميذ بل هذه العبارة على الخلاف أدل فهي ظاهرة في أنه عبد من عبيده حينما قال أخذ عنه غلامه يعني هناك مغايرة بين الآخذ وبين الغلام يعني عبده أصبح آخذا عنه يعني تتلمذ عليه فيكون المراد بالغلام العبد أو الخادم واخذ عنه العلم كما تشعر العبارة وكان ثعلب كثير التلامذة والخواص فلماذا لم يعرف أي واحد منهم بالغلامية إلا خصوص أبو عمر الزاهد مما يعني أنها ظاهرة في العبد أو الخادم الخاص، هذا تمام الكلام في المطلب الأول.
المطلب الثاني الذي أضاف المحقق الكلباسي ما نقله عن الطراز للسيد المدني حيث قال ما نصه نعم ذكر في الطراز نقلا التلميذ كقطمير الخادم وغلام الصانع ومتعلم الصنعة وإهمال الدال لغة فيه يعني كون دال مهملة ووزنه فعليل لا تفعيل إذ ليس في كلام العرب تفعيل بالكسر إلا ما كان أصله الفتح ثم اتبع كتنبيت وترغيب والجمع تلاميذ إلى أن قال واشتهر إطلاق التلميذ أو التلاميذ على طلاب العلم لأنهم غلمان مشايخهم والأصل فيه غلمان الصناع يراجع سماء المقال الجزء الثاني صفحة 273 نقلا عن الطراز الأول الجزء السادس صفحة 377.
ولعل هذا الكلام هو أقوى ما قيل في المقام لتأييد مجيء كلمة غلام بمعنى التلميذ في الاطلاقات لكن ظاهر العبارة أن إطلاق الغلام على التلميذ بلحاظ قوى الصحبة والملازمة وكون الغلام تلميذا خاصا كما يشير إليه غلام الصانع حيث يقوم بأعمال الصانع أثناء تعلمه الصنعة لدى الصانع هذا ما كان شائعا بالنسبة لكثير من التلاميذ في تلك الأزمنة حيث كان التلميذ يلازم الأستاذ مدة طويلة في معظم أوقاته وفي حله وترحاله إذا كان من الخواص وهو لا ينفك عن مقام الخدمة للأستاذ والقيام بالكثير من وظائف الأستاذ الوظائف العلمية وغيرها لكن العلمية على وجه خاص بخلاف زماننا هذا صار الأستاذ ما يعرف اسم تلميذه والتلميذ ما يعرف اسم أستاذه هذا الغريب بعضهم اسأله تدرس عند من يقول شيخ ما اعرف اسمه وهذا من الغرائب والعجائب في زمننا.
خلاصة جميع ما تقدم لم يثبت اصطلاح خاص رجالي لمعنى لفظة غلام في مقابل الاصطلاحات اللغوية والعرفية فنرجع إلى الأصل وهو اللغة فيراد بلفظة غلام الذكر خصوصا الذي كان قريبا من الحُلم وقد تطلق لفظة غلام على التلميذ إذا طالت صحبته وملازمته وعشرته لأستاذه والخلاصة إن لفظة غلام سواء حملناها بمعنى التلميذ أو حملناها بمعنى الذكر الذي هو شاب لا تدل على المدح ولا تدل على الذم نعم هذا التعبير يفيد في ثمرة أخرى غير الجرح والتعديل كالحكم على السند بالاتصال وتحديد طبقة الراوي، هذا تمام الكلام في بيان المصطلح الثالث غلام، المصطلح الرابع مولا يأتي عليه الكلام.
وصلى الله على محمد وآله الكرام

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 146 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: تحقیق مباني الرجالیة
  • الجزء

    -

  • 500

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
146 الجلسة