تحقیق المباني الرجالیة
شیخ الدقاق

140 - المصطلح الخامس "أسند عنه"

تحقيق مباني الرجالية

  • الكتاب: تحقیق مباني الرجالیة
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    500

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
المصطلح الخامس اسند عنه
إذا تتبعنا كلمات المتقدمين من الرجاليين لم نحصل على هذه العبارة إلا في كلمات خصوص كتاب رجال الشيخ الطوسي "أعلى الله مقامه الشريف" فقد جاءت هذه الكلمة بكثرة في أصحاب الإمام الصادق “عليه السلام” وبقلة قليلة في أصحاب بعض الأئمة غيره كأصحاب الإمام الباقر والكاظم والرضا والهادي “عليهم السلام” وبالدقة قد تكرر ذكر الشيخ الطوسي لهذا المصطلح في مورد واحد أصحاب الإمام الباقر وفي أصحاب الإمام الصادق ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين موردا أصحاب الإمام الكاظم موردين أصحاب الإمام الرضا سبعة موارد أصحاب الإمام الهادي مورد واحد إذن ذكرت هذه الكلمة اسند عنه في رجال الشيخ الطوسي فيما ينوف على ثلاثمائة وأربعين من الرجال لكن أكثرهم من أصحاب الإمام الصادق “عليه السلام” ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين موردا وقد وقع الكلام والخلاف الكثير أولا في كيفية قراءة هذه الكلمة ثانيا في معناها وما يستفاد منها ثالثا في دلالتها على الجرح والتعديل وخلاصة النتيجة أن هذه الكلمة مجملة في قراءتها ومعناها وإلى الآن لم نصل إلى معنى راجح وبالتالي لا تدل على التوثيق أو التضعيف وما ذكر من وجوه كثيرة إنما هو مجرد احتمالات لا شاهد عليها ولا يوجد دليل قاطع يدل على هذه الاحتمالات المختلفة فيكون الأمر مجملا ومبهما بالنسبة إلينا فلا تترتب ثمرة على بحث مصطلح أسند عنه.
وأما التفصيل فهذه الكلمة فيها ثلاثة احتمالات في قراءتها وتترتب على احتمالات القراءة الثلاثة عدة أقوال يعني تقرأ هذه الكلمة بثلاثة وجوه وفي كل وجه قد تنبثق أقوال:
الاحتمال الأول الفعل المضارع المبني للمعلوم فتصير اسندوا عنه.
الوجه الثاني الفعل الماضي المبني للمعلوم اسند عنه.
الوجه الثالث الفعل الماضي المبني للمجهول اسند عنه.
فيقع الكلام في هذه الوجوه الثلاثة ومحتملاتها والأقوال فيها.
الوجه الأول الفعل المضارع المبني للمعلوم اسندوا عنه فيبدوا أنه على هذا الوجه لا يوجد إلا معنى واحد وهو أن الشيخ الطوسي “رضوان الله عليه” يخبر أنه قد روى عن الراوي الذي ذكر كلمة اسندوا عنه في حقه بسند من الشيخ الطوسي إلى هذا الراوي حيث إن هؤلاء الرواة جميعا لم يتمكن الشيخ الطوسي من الرواية عنهم إلا مع الواسطة والإسناد فيكون الشيخ الطوسي في الحقيقة قد صرح بأن رواياته عن هؤلاء الرواة مسندة وليست مرسلة بينه وبينهم وأنت خبير أن هذا الاحتمال لا يمكن الالتزام به لأن الشيخ الطوسي قد روى واسند عن آلاف الرواة ولم يذكر في حقهم اسندوا عنهم فكيف خصص خصوص ما ينيف على ثلاثمائة وأربعين بهذه العبارة هذا معلوم بطلان بالبداهة فإن أصحاب الكتب وحدهم من الرواة الذين للشيخ الطوسي طريق إليهم في الفهرست قد بلغوا حدود التسعمائة راوي هذا أصحاب الكتب فضلا عن المئات ممن للشيخ الطوسي طرق إليهم ولم يذكر كتبهم فيصح أن الشيخ الطوسي قد روى عن هؤلاء بالأسانيد المتصلة إليهم وبالتالي إن اقتصار الشيخ الطوسي على ذكر هذه العبارة في خصوص ما ينيف على ثلاثمائة وأربعين راو وفي خصوص أصحاب الإمام الصادق بنحو من الكثرة الكاثرة يكشف أن هناك نكتة معينة خفيت علينا ومن جهة أخرى نحن لم نتحقق من أن هؤلاء الثلاثمائة وأربعين يوجد للشيخ الطوسي طريق مسند إلى جميع هؤلاء فالعديد من هؤلاء لم نعثر للشيخ الطوسي طريقا إليهم في مشيخة التهذيب والاستبصار والفهرست وإن كان هذا لا يعني بالضرورة أن الشيخ الطوسي لا يمتلك طريق إليهم لأنه لازم أعم لان الشيخ يذكر من له طريق ممن روى عنه في خصوص التهذيبين ونقل الرواية من كتابه فالشيخ الطوسي لم يذكر كل من له إليه طريق وإنما اقتصر في المشيخة على الطرق إلى المشاهير من أصحاب الكتب التي أخذ الرواية من كتبهم كما أنه في الفهرست لم يدعي بلوغ الغاية فهذا إنما يفيد مجرد الشك والاحتمال لا الجزم واليقين والخلاصة الوجه الأول إنما هو مجرد احتمال لا دليل عليه بل هناك احتمالات تخالفه وتوجب الشك في ثبوت الوجه الأول هذا تمام الكلام في الوجه الأول الفعل المضارع المبني للمعلوم اسندوا عنه.
الوجه الثاني الفعل الماضي المبني للمعلوم اسند عنه وتوجد فيه ستة احتمالات:
الاحتمال الأول البناء للمعلوم وكون الفاعل هو الراوي ومرجع الضمير في عنه إلى الإمام المعصوم “عليه السلام” فهذا يعني اسند الراوي عن الإمام أي أن الراوي قد روى عن الإمام “عليه السلام” مسندا إليه إما دائما وإما غالبا فقد ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام لكونه من أصحاب اللقاء معه وإن كان غير راو عن الإمام غالبا أو دائما إلا مع الواسطة ذهب إلى هذا الاحتمال المحقق الداماد “رضوان الله عليه” في الرواشح السماوية وعد كلامه من الفتوحات العلمية في معرفة منهج الشيخ الطوسي في رجاله كما مال إليه غير واحد من المحققين فيراجع تهذيب المقال للسيد محمد علي الابطحي "رحمة الله عليه" الجزء الأول صفحة 232 ومعجم رجال الحديث الجزء الأول صفحة 99 وتهذيب المقال للابطحي من الكتب القوية بل وجدت دعوى تنسب إليه إلى الابطحي أو غيره أن الكثير مما هو موجود في معجم رجال الحديث قد اخذ من تهذيب المقال وهذه الدورة للأسف غير مطبوعة طبع منها أربعة أجزاء أو خمسة في النجف الأشرف منذ سنين مديدة ولم يطبع بأكمله كما طبع له أيضا شرح الوسائل عموما هذان العلمان الخوئي والابطحي يميلان إلى هذا الرأي اسند عنه يعني اسند الراوي عن المعصوم “عليه السلام”.
قال المحقق الداماد في الراشح الرابعة عشر وهذه الراشحة في أصحاب الرواية واللقاء كلام طويل انقل المهم منه قال قد أورد الشيخ في أصحاب الصادق “عليه السلام” جماعة جمة إنما روايتهم عنه “عليه السلام” بالسماع من أصحابه الموثوق بهم والأخذ من أصولهم المعول عليها ذكر كلا منهم وقال أسند عنه فمنهم من لم يلقه ولم يدرك عصره “عليه السلام” ومنهم من أدركه ولقيه ولكن لم يسمع منه رأسا أو إلا شيئا قليلا واستقصاء ذلك طويل المسافة جدا فان اشتهيت فعليك بمراجعة كتاب الرجال وإحصاء ما فيه من تدبر وتدرب وبصيرة وكذلك في أصحاب الباقر “عليه السلام” عدة من هذا القبيل وعلى هذا السبيل فإذن قد استبان من ذلك كله حق الاستبانة الفرق هنالك بين الأصحاب الرواية بالإسناد عنه وأصحاب الرواية بالسماع منه وأصحاب اللقاء من دون الرواية مطلقا يعني لقي الإمام ولم يروي عنه مطلقا لا بالمباشرة ولا بالإسناد يعني رواية مع الوسائط يعني لقي الإمام ولم يروي عن الإمام مطلقا لم يروي مباشرة ولم يروي عن الإمام مع الواسطة أي الرواية بالإسناد وأصحاب اللقاء من دون الرواية مطلقا إلا أن ذلك المسلك في كتاب الرجال يبتدئ من لدن أصحاب الباقر “عليه السلام” فهذه راشحة جليلة النفع عظيمة الجدوى في هذا العلم فكل منها على ذكراه عسى أن تستجديها في مواضع عديدة الرواشح السماوية الراشحة الرابعة عشر من صفحة 108 إلى صفحة 110.
هذا وقد ذكر المحقق الداماد هذا الكلام بعد أن صرح بأن الشيخ الطوسي "رحمه الله" بنا ذكر الرجال في أصحاب الأئمة على أصحاب اللقاء لا مجرد السماع يعني من لقي الإمام “عليه السلام” وإن لم يسمع منه وأن الراوي يذكر في أصحابهم لمجرد لقاءه لأحدهم ولو لم يسمع منه الحديث أو يروه عنه مباشرة وقد رد بعض المحققين هذا الاحتمال بالضعف الشديد وهو المحقق الأبطحي تهذيب المقال الجزء الأول صفحة 232 السيد الخوئي معجم رجال الحديث الجزء الأول صفحة 99 وأن الشيخ صرح في جامعة ممن قيلت الكلمة في حقهم أنه قد روى عن الإمام مباشرة وذلك في مثل محمد بن مسلم وجابر الجعفي ومحمد بن قيس منصور بن حازم وغيرهم ممن لهم روايات واضحة بالمباشرة عن الإمام “عليه السلام” وقال في حقهم اسند عنه ولكن لو تأملنا في إشكال السيد الابطحي والسيد الخوئي فإنه يصلح للنقض فيما لو وجدنا موارد كثيرة ممن قال في حقهم الشيخ الطوسي اسند عنه وقد رووا بالمباشرة عن المعصوم “عليه السلام” أما إذا كان في مورد أو موردين فلا يمكن النقض بهما على كلام المحقق الداماد لأن المحقق الداماد لم يدعي أن الضابطة التي جاء بها دائمة وإنما قال غالبا ولا يمكن النقض على الأمر الغالب بمورد أو موردين نادرين أو قليلين فعبارة الميرداماد قد صرحت بأن الأمر مبني على الغالب فلا يصلح لنقضه إثبات الموجبة الجزئية ولكن توجد عدة ملاحظات على كلام المحقق الداماد نقتصر على ذكر أربعة منها.
الملاحظة الأولى الكثير من الرواة من أصحابهم “عليهم السلام” يروون عن بعضهم بلا واسطة وعن البعض الآخر معها إما دائما وإما غالبا فما هو الوجه في تخصيص هذه العبارة بالعدد القليل أكثر الرواة عن الأئمة يرون عن الأئمة مباشرة في بعض الموارد وعن الأئمة مع الواسطة والإسناد في موارد أخرى أكثر رواة الأئمة هكذا فلماذا خصص الشيخ الطوسي لفظ اسند عنه بحوالي ما ينيف عن ثلاثة وأربعين راو والحال إن أكثر الرواة كما يوجد عندهم إسناد يوجد عندهم رواية بالمباشرة فما هو وجه هذا التخصيص هذا يدل على نكتة وليس مجرد الإسناد مع الواسطة هذا الجواب الأول الملاحظة الأولى نقضية.
ومصاديق ما ندعيه كثيرة لا يحتاج إلى ذكر موارد الكثير من الرواة إذا تراجع رواياتهم بعضها يروي عن الإمام مباشرة وبعضها يروي بغير خرج من ذلك موارد نادرة مثل زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم الطائفي في الغالب يروون مباشرة يمكن زرارة لعله روايتين رواهما عن محمد بن مسلم عن الإمام الصادق أو الباقر وإلا أكثر روايات زرارة مباشرة وليس فيها إسناد ولكن بقية الرواة غير زرارة ومحمد بن مسلم فأكثرهم تارة يروي بالواسطة تارة يروي بدون واسطة.
الملاحظة الثانية إن بعض من قيلت في حقه تندر روايته مع الواسطة فهو يروي غالبا بدون واسطة فهذا ينافي التفسير المذكور ومن أمثلة ذلك محمد بن مسلم الطائفي والحارث بن المغيرة وغيرهما ممن ذكرهم الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الصادق من رجاله وقال في حقه اسند عنه والحال إن أغلب رواياتهم عن الإمام مباشرة من دون إسناد.
الملاحظة الثالثة مقتضى تقسيم الشيخ لمن يعدهم في رجاله في بداية الكتاب أن من روى مع المعاصرة فإنه يذكره في الأصحاب يعني في القسم الأول يعني الأبواب الاثني عشر المتقدمة وأن من عاصر ولم يروي أو تأخر زمانه فإنه يذكر في طبقة من لم يروي يعني في الباب الثالث عشر وعليه فمقتضى هذا التقسيم عد من لم يروي إلا مع الواسطة في الباب المختص بمن لم يروي يعني الباب الثالث عشر ولا مبرر حينئذ لعدهم في أصحاب الإمام الصادق “عليه السلام” لأنهم يرون مع الواسطة إذا يرون مع الواسطة يعني لم يروا عن الإمام مباشرة فالمفروض يعدون في باب من لم يروا عن الإمام الصادق يعني من لم يروا عن الإمام الصادق مباشرة لأنه روى مع الإسناد والحال إن الشيخ الطوسي قد ذكرهم في باب من روى عن الإمام الصادق “عليه السلام” فذكر الشيخ الطوسي لثلاثمائة وثلاثة وثلاثين راو في أصحاب الإمام الصادق الذين رووا عنه مباشرة ينفي أن نحمل أسند عنه عن الرواية عن الإمام “عليه السلام” مع الواسطة.
الملاحظة الرابعة لو كان مبنى الشيخ على ما ذكر من هذا الوجه فلا معنى لعد معظم من عدهم في طبقة لم يروي عن احدهم في هذا الباب لأنهم جميعا في الغالب أو الأعم الأغلب كما رووا مع الواسطة رووا بدون واسطة يعني رووا مباشرة فكان يجب عدهم في أصحاب الأئمة “عليهم السلام” مع النص على أنهم اسندوا عن الأئمة فلا معنى لتقسيم الكتاب إلى باب من رووا وباب من لم يروي بناء على هذا التفسير المفترض في كل الرواة يذكرون في أصحاب الأئمة وإذا رووا عن الأئمة بعض الروايات مع الإسناد ومع وجود الواسطة أن يذيل في ترجمتهم اسند عنه ويمكن الإتيان بملاحظات أخر والعمدة أن هذا الكلام إنما هو مجرد احتمال ولا دليل عليه بقطع النظر عن كل هذه المناقشات إذن الاحتمال الأول للوجه الثاني لا يمكن المساعدة عليه فهو غير تام.
الاحتمال الثاني اسند عنه يحتمل فيه أن الراوي قد سمع الحديث من الإمام مباشرة على سبيل الاستناد والاعتماد اسند عنه يعني اعتمد على الإمام واستند على الإمام وروى عنه مباشرة هذا مخالف الوجه الأول الوجه الأول يقول روى مع الواسطة الوجه الثاني اسند عنه أي أن الراوي روى عن الإمام مباشرة على سبيل الاعتماد والاستناد كما تقول أنت معتمدي ومستندي ذكر هذا الاحتمال المحقق الوحيد البهبهاني في الفوائد على سبيل الاحتمال يراجع منهج المقال الجزء الأول صفحة 113 وهذا الاحتمال كسابقه قراءة وإرجاعا للضميرين اسند عنه فيكون المسند هو الراوي ويكون ضمير الجر عنه يرجع إلى الإمام “عليه السلام” الذي ذكر في أصحابه.
وفيه أولا أنه خلاف ظاهر العبارة جدا ظاهر العبارة اسند عنه مع الواسطة تحملها على الرواية مباشرة فهذا خلاف ظاهر العبارة ولا قرينة عليه وتفسير اسند بمعنى استند لا شاهد عليه بل يمكن عده من الأخطاء الواضحة .
وثانيا إن الظاهر في معضم الرواة عن الأئمة عموما والإمام الصادق خصوصا أن روايتهم عنه “عليه السلام” كانت على سبيل الاستناد والاعتماد فما هو الوجه لتخصيص خصوص هذا العدد في أصحاب الإمام الصادق وقليل من أصحاب غيره هذا ويحتمل في عبارة المحقق الوحيد أن يكون مراده بناء الكلمة للمجهول وأن الرواة عن الراوي قد استندوا إليه في روايتهم عنه وسيأتي التعرض لذلك إذن الاحتمال الثاني لا يمكن المساعدة عليه فهو مجرد احتمال لا دليل عليه.
الاحتمال الثالث وهو أهم احتمال وصار نظرا للأعلى، إن المراد إن ابن عقدة الزيدي في كتابه الذي خصصه لأصحاب الإمام الصادق “عليه السلام” أربعة آلاف راوي روى عن الإمام الصادق قد اسند عن الراوي أسند عنه يعني اسند ابن عقدة عن الراوي في كتابه الذي خصصه لأصحاب الإمام الصادق “عليه السلام” بمعنى أن ابن عقدة قد روى عن الراوي بسند متصل وقد ذهب إلى هذا الاحتمال السيد الصدر الكاظمي في شرحه على وجيزة الشيخ البهائي وذكر أنه لم يذهب إليه احد قبله مع وجوده احتمالا في كلام بعض من تقدمه نهاية الدراية صفحة 400.
السيد الصدر في نهاية الدراية ذكر عدة مقدمات ثم بعد ذلك طرح مبناه نقرأ كلامه، كلامه طويل من صفحة 401 إلى 402 أولا نقرأ المقدمات قال السيد الصدر "رحمه الله" في نهاية الدراية ولكن الأظهر عندي في معناه وجه لم اعثر على التنبيه له من احد غيري وبيانه موقوف على تقديم أمور الأول إن هذه اللفظة إنما توجد في خصوص كتاب رجال الشيخ دون سائر كتب الشيخ وغيره من أصحابنا وإنها في خصوص باب رجال الصادق “عليه السلام” من كتاب رجال الشيخ دون سائر أبواب رجال باقي المعصومين “عليهم السلام”.
الأمر الثاني إن رجال الصادق “عليه السلام” في كتاب رجال الشيخ ثلاثة آلاف وخمسون رجلا ومن ذكرت هذه اللفظة في ذيل ترجمتهم منهم خمسة وثلاثمائة ولا غير.
الأمر الثالث قال الشيخ في أول كتاب الرجال ولم أجد لأصحابنا كتابا جامعا في هذا المعنى إلا مختصرات قد ذكر كل إنسان منهم طرق إلا ما ذكره ابن عقدة من رجال الصادق “عليه السلام” فإنه بلغ الغاية في ذلك ولم يذكر رجال باقي الأئمة “عليهم السلام” وأنا اذكر ما ذكره وأورد بعد ذلك ما لم يذكره انتهى إلى أن يقول السيد الصدر عنده كلام ثم نأخذ المهم حينما يقول فأقول الظاهر أن الشيخ نظر إلى الحديث الذي أخرجه ابن عقدة في ترجمة من رواه عن الصادق “عليه السلام” فإذا وجده مسندا من ابن عقدة عن ذلك الرجل قال في ترجمته اسند عنه يعني ابن عقدة عنه أي عن صاحب الترجمة فيعلم أن ابن عقدة يروي عن ذلك الرجل بإسناد متصل وإن لم يجد الحديث الذي أخرجه ابن عقدة في الترجمة مسندا بأن وجده مرسلا أو مرفوعا أو مقطوعا أو موقوفا أو نحو ذلك لم يذكر حينئذ شيء من ذلك لعدم الفائدة فتدبر وخذ بمجامع الكلام فإنه من مواهب الملك العلام وقد أغفله الأعلام وحينئذ فهو أجنبي عن ما نحن فيه، نهاية الدراية صفحة 402.
ولابد من التعليق على ما أفاده "قدس" أما الأمر الأول من عدم العثور على العبارة في غير كتب الشيخ وغير كتاب الرجال فهو صحيح وإن ذكرت هذه العبارة في خلاصة الأقوال للعلامة الحلي لكن الظاهر أن العلامة الحلي نقلها من كتاب الشيخ الطوسي ولا يوجد لهذه الكلمة عين ولا اثر في كتب المتقدمين غير كتاب رجال الشيخ الطوسي ولا توجد حتى في فهرسته ولكن ما ذكره من أن الشيخ لم يذكر هذه الكلمة في غير أصحاب الإمام الصادق “عليه السلام” فهو غير تام فقد تقدم أنه ذكرها في بعض أصحاب الإمام الباقر وأصحاب الإمام الكاظم وأصحاب الإمام الهادي “عليهم السلام” وبهذا يتضح عدم الفائدة في التطرق إلى الأمور الثلاثة الأخرى لأنها قد بنيت على زعمه من أن العبارة قيلت في غير أصحاب الإمام الصادق أيضا وعمدة المناقشة إنما ذكره إنما هو مجرد احتمال لا دليل عليه ومن البعيد جدا أن ابن عقدة لم يكن لديه طريق مسند ومتصل إلا إذا خصوص هذا العدد القليل الذي ذكره ابن عقدة ذاكر أربعة آلاف رجل ليس لديه طريق مسند إلا إلى خصوص هذا النفر القليل من أصحاب الإمام الصادق حتى ينحصر الإسناد بهم وقد تتبع بعض المحققين أسانيد ابن عقدة المتصلة إلى جملة من الرواة الذين لم يذكر الشيخ في حقهم عبارة اسند عنه مما يعد نقضا على هذا التفسير ومن هؤلاء عباد بن تغلب احمد بن عبد العزيز الحسن بن حذيفة صفوان بن مهران عبد الله بن أبي يعفور وغيرهم فقد اسند عنهم ابن عقدة الزيدي ولم يذكر الشيخ الطوسي في حقهم لفظة اسند عنه فيراجع ما كتبه المحقق السيد محمد رضا الجلالي في مجلة تراثنا العدد 3 صفحة 113.
الاحتمال الرابع إن الراوي اختص بالإمام الذي ذكر في أصحابه وإن أدرك غيره من الأئمة حتى ولو كان قد روى عنهم بندرة أسند عن الإمام الصادق يعني أختص بالإمام الصادق وإن أدرك الإمام الباقر أو الإمام الكاظم لكن أختص بالرواية عن الإمام الصادق دون الإمام الباقر أو الكاظم أو الرضا “عليهم السلام” وهذا الاحتمال مبني على كون الضمير في الفعل يرجع إلى الراوي والمجرور إلى الإمام “عليه السلام” ذكر هذا الاحتمال المحقق الابطحي في كتابه تهذيب المقال ولم ينسبه إلى أحد تهذيب المقال الجزء الأول صفحة 233 وهذا الاحتمال واضح الضعف ويكفي في رده أنه مجرد احتمال لا دليل عليه ولا توجد أي قرينة تدل عليه بل إن التتبع لا يؤيده ولا يساعده.
الاحتمال الخامس إن الإمام “عليه السلام” قد اسند وروى عن الراوي الذي ذكرت العبارة فيه فينقلب مرجع الضميرين وينعكس مع الاحتمال السابق الاحتمال السابق اسند عنه يعني اسند الراوي عن المعصوم هذا الاحتمال الخامس بالعكس اسند المعصوم عن الراوي وهذا احتمال عجيب غريب ولم نجد من قال به وقد اقتصر المحقق الابطحي في تهذيب المقال على ذكره بوصفه احتمالا في معرض المناقشة فيه يعني مجرد تشقيق مجرد ذكر احتمال وشق تهذيب المقال الجزء الأول صفحة 233 هذا إنصافا خلاف ظاهر العبارة وليس من المعتاد أن المعصوم يروي عن غير المعصوم نعم عندنا بالنسبة إلى الإمام السجاد "صلوات الله وسلامه عليه" حينما طعن العامة في روايته عن النبي "صلى الله عليه وآله" لأنه لم يدرك النبي فكيف يروي عنه مباشرة روى بعض الروايات عن جابر بن عبد الله الأنصاري لكي يكون حديثه مسندا الإمام السجاد عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي "صلى الله عليه وآله" وفي الغالب الأئمة يرون عن بعضهم ولا يرون عن غير المعصوم إذن الاحتمال الخامس بعيد جدا وإنما هو مجرد احتمال ولا يوجد عليه أي قرينة أو دليل فلا يمكن المساعدة عليه.
الاحتمال السادس والأخير من الوجه الثاني إن الراوي اسند عن الإمام “عليه السلام” بمعنى أن الراوي جمع مروياته عن الإمام في كتاب باسم المسند الآن موجود مسند فلان مسند فلان يعني مسند أحمد بن حنبل ما أسنده احمد بن حنبل إلى النبي "صلى الله عليه وآله" وحيث إن الراوي يروي عن الإمام “عليه السلام” ثم يسند إلى من فوق الإمام من آبائه إلى النبي "صلى الله عليه وآله" ويجمع هذا النمط من الروايات في كتاب خاص يسني هذا الكتاب والمدون الذي دونه باسم المسند وهذا الاحتمال انفرد به المحقق المعاصر السيد محمد رضا الجلالي وقد كتب مقالا بحثا طويلا في مجلة تراثنا العدد 3 صفحة 118 وعمدة ما ذكر في هذا المقام أن هذا القول يعتمد على أركان أربعة:
الركن الأول إن الفعل مبني للمعلوم وفاعله ضمير يعود إلى الراوي.
اثنين إن الضمير المجرور بعن يعود إلى الإمام “عليه السلام” يعني اسند الراوي عنه.
ثلاثة إن الراوي يروي أحاديثه مسندة إلى الرسول الأعظم.
أربعة إن الراوي صنف كتابا مسندا جمع فيه هذه الأحاديث التي يرويها عن الإمام “عليه السلام” الذي هو من أصحابه بهذا الأسلوب.
وإذا أردنا أن نلاحظ هذا القول فإن الركن الأول والثاني ينسجمان مع غير واحد من الاحتمالات السابقة بحيث يكون فاعل اسند هو الراوي والضمير في عنه الإمام “عليه السلام” اسند الراوي عن الإمام “عليه السلام” ولكن لا معين لهذين الاحتمالين بل أقصى ما يمكن أن يقال إن هذه القرائن محتملة بشكل معتد به ولكن لا دليل على تعين هذه القراءة.
أما الركن الثالث أن الراوي يروي أحاديثه مسندة إلى الرسول الأعظم فقد استشكل نفس السيد الجلالي على هذا الركن بأن هناك رجالا كثيرين نسبيا قد رووا بهذا الأسلوب ولم يذكر الشيخ الطوسي فيهم هذه العبارة مثل إسماعيل بن مسلم السكوني والحسن بن علي بن فضال وسليمان بن جعفر الجعفري وطلحة بن زيد وعبد السلام بن صالح وغيرهم يراجع ما كتبه السيد محمد رضا الجلالي في مجلة تراثنا العدد 3 صفحة 122 وحيث إن السيد الجلالي قد سلم بهذا الإشكال فقد حاول رفعه وابتكر الركن الرابع القائل بأن مجرد الرواية بهذا الأسلوب لا تكفي لتوصيف الراوي بالعبارة المذكورة اسند عنه بل لابد أن يكون الراوي قد صنف كتابا باسم المسند جمع فيه رواياته التي هي من هذا القبيل ومن هنا صار بصدد الاستقراء وقد أكثر من التتبع فلم يعثر على من صرح الرجاليون بتصنيفه المسند سوى رجل واحد وهو موسى بن إبراهيم المروزي الذي يروي مسند الإمام الكاظم “عليه السلام” طبعا الآن العطاردي له عدة كتب مسند الإمام الجواد مسند الإمام الكاظم أيضا الشهيد القبنجي له مسند الإمام علي عشرة أجزاء طبعا المراد الروايات التي أسندت إلى الإمام علي وليس المراد ما نحن بصدده ما نحن بصدده مسند المروزي يعني ما أسنده المروزي إلى النبي "صلى الله عليه وآله".
ولو تتبعنا كتب الرجال والرواية لوجدنا أن ما يرويه هؤلاء على غير هذه الطريقة المذكورة كثير وملفت للنظر مما يعني أن هؤلاء الذين ينيفون على ثلاثمائة وأربعين رجلا ليسوا متميزين بهذا الأمر كما أننا لا نفهم ما يقصده هذا المحقق الفاضل المعاصر من كلامه عندما عد الكتاب أو النسخة أو غيرهما مسندا قد روى فيه الراوي عن الإمام “عليه السلام” باعتباره راويا عن آبائه عن الرسول ولا ندري ماذا سيفعل هذا المحقق الكبير بالعدد الكبير وهم أكثر من قيلت فيهم هذه العبارة الذين لم يذكر احد من الرجاليين أن لهم كتاب باسم المسند إذا نراجع ما ينيف على ثلاثمائة وأربعين راوي أكثرهم ما عندهم كتاب مسند وقد حاول السيد الجلالي الدفاع عن نظريته بأن كتبهم أو مسانيدهم كانت صغيرة جدا ولذلك أهملها الأصحاب وهذا الكلام لا يمكن أن يقبل ويكفي في وهنه أنه مجرد حدس ولعله قريب من الخيال ولا ندري متى كان الأصحاب يستهينون بما يروي عن أئمتهم بمجرد أنه صغير الحجم أو قلة الروايات وكيف أهمل هذا العدد الكبير من الكتب والمصنفين مع أن الشيخ الطوسي والنجاشي قد أجهدا نفسيهما في جمع الكتب وذكرها في الفهرستين ولم نرى عينا وأثرا لما ذكره المحقق لمسانيد هؤلاء الذين ادعى أن لهم مسانيد صغيره لم تصل إلينا عموما الخلاصة هذا مجرد احتمال لا دليل عليه إذن الاحتمالات الستة للوجه الثاني اسند عنه غير تامة.
إلى هنا لم يتم الوجه الأول ومعناه واحد ولم يتم الوجه الثاني باحتمالاته الستة يقع الكلام في الوجه الثالث الوجه الثالث الفعل الماضي المبني للمجهول اسند عنه وفيه احتمالات ثلاثة:
الاحتمال الأول أن الحديث قد روي عن الراوي مسندا أي أن الرواة اسندوا الحديث عنه وهذا الاحتمال ذكره الشيخ محمد تقي المجلسي في شرحه على من لا يحضره الفقيه روضة المتقين الجزء الرابع صفحة 89 ويراجع منهج المقال الجزء الأول وبنا التقي المجلسي على هذا القول بتحصيل من قيلت في حقه لأنه يظهر منها كون الرجل معتمدا لدى الأصحاب فإذا الرواة اسندوا الحديث عن هذا الراوي فهذا يعني أن الرواة قد اعتمدوا عليه هذا أول احتمال تظهر فيه ثمرة رجالية وفيه أنه مجرد احتمال لا يظهر شيء يؤيده فلا يمكن حمل الكلام عليه بلا قرينة وثانيا إن الكثير ممن قيلت في حقهم هذه الكلمة لم نعثر لهم على رواية واحدة في كتبهم الحديثية أو على الأقل هم قليلو الرواية فكيف يقال أنه معتمد الأصحاب.
ثالثا إن الكثير ممن شاع إسناد الأصحاب عنهم هم كثيرون لم تذكر في حقهم هذه العبارة فيبقى الرأي التقي المجلسي مجرد احتمال لا يوجد ما يؤيده ولا يمكن المساعدة عليه.
الاحتمالي الثاني إن الحديث قد سمع من الراوي فيكون ضمير عنه عائدا إلى الراوي والفعل ماضي مبني للمجهول اسند عنه يعني عن الراوي يعني سمع من الراوي ذكر هذا الاحتمال السيد مهدي بحر العلوم في رجاله، رجال السيد بحر العلوم الجزء الثالث صفحة 284 الاحتمال الأول أيضا يمكن مراجعته في بهجة الآمال الجزء الأول صفحة 155 ورجال الخاقاني صفحة 122 والاحتمال الثاني الذي ذكره السيد بحر العلوم على نحو الاحتمال يبقى أنه مجرد احتمال وعبارة اسند عنه لا تدل عليه لإحدى الدلالات العرفية إذ إن حمل الإسناد على السماع ليس متعارفا فيما هو رائج من مصطلحات علم الرجال والدراية ولم يتضح لنا كيف أن التتبع يفضي إلى تعيين أو تأييد هذا الاحتمال اسند عنه يعني سمع منه وقد تقدم أن جملة كبيرة من هؤلاء لم نعثر لهم على روايات في مصادرنا وجملة أخرى تقدمت الإشارة إلى بعضهم وكانوا من أصحاب الكتب بل من مشاهير أصحاب الكتب ولم يذكر فيهم لفظة اسند عنه إذن الاحتمال الثاني للوجه الثاني لا يمكن المساعدة عليه.
الاحتمال الثالث والأخير للوجه الثالث إن المراد هو أن من قيلت في حقه هو الذي بدأ به في السند وهو يروي عن غيره اسند عنه المراد أنه قد روي عنه وأن الاعتماد عليه من دون ملاحظة من يروي هو عنه ذكر هذا الاحتمال السيد الابطحي في تهذيب المقال الجزء الأول صفحة 234 ولم ينسبه إلى أحد ولم يرتضه والمناقشة فيه واضحة أولا هذا مجرد احتمال لا ظهور فيه ولا قرينة تدل عليه ثانيا هذا ينافي جهالة بل تضعيف جماعة من هؤلاء وبعضهم قد ضعفهما الشيخ الطوسي بنفسه مثل محمد بن عبد الملك الأنصاري والحسن بن صالح وقال الشيخ في حقهم اسند عنه.
وثالثا لو صح هذا الاحتمال لكان الأبرز مما ينبغي أن يقال في حقهم ذلك هم أصحاب الإجماع وكبار الأجلاء مع أن الغالب في حق من قيلت في حقهم عبارة اسند عنه على العكس إذ لم تذكر هذه العبارة في حق بعض الأجلاء كمحمد بن مسلم وغيره وأكثر من قيلت فيهم فهم إما من عموم الرواة أو من مجاهيل الرواة إذن الاحتمال الثالث لا يمكن المساعدة عليه.
خاتمة المطاف كل ما قيل من وجوه واحتمالات في تفسير معنى اسند عنه أو أسند عنه إنما هو مجرد احتمال ولا توجد أدلة أو قرائن تدل على تعيين احتمال معين فلا نجزم بصحة احتمالا منها وبالتالي تبقى كلمة اسند عنه غامضة المعنى لدينا ولعل الله يقيض من يكشف الالتباس الذي أحاط بهذا المصطلح الرجالي وبالتالي هذه العبارة المذكورة لا يمكن البناء عليها إيجابا أو سلبا في بيان أحوال الرجال هذا تمام الكلام في بيان مصطلح اسند عنه، المصطلح السادس الكتاب والتصنيف والأصل والنوادر يأتي عليه الكلام.
وصلى الله على محمد وآله الكرام

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 146 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: تحقیق مباني الرجالیة
  • الجزء

    -

  • 500

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
146 الجلسة