تحقیق المباني الرجالیة
شیخ الدقاق

142 - المصطلح الرابع "النوادر"

تحقيق مباني الرجالية

  • الكتاب: تحقیق مباني الرجالیة
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    500

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.
المصطلح الرابع النوادر
تطرقنا في دراسة المصطلح السادس إلى ثلاثة عناوين من العناوين الأربعة وهي الكتاب والتصنيف والأصل بقي الكلام في العنوان والمصطلح الرابع وهو النوادر وبعد بيان معنى النوادر في اللغة والاصطلاح ستتم المقارنة بين هذه المصطلحات الأربعة بين الكتاب والتصنيف والأصل والنوادر أما النوادر فهي في اللغة بمعنى ما سقط وشذ عادة يراجع كتاب العين للخليل بن احمد الفراهيدي الجزء الثامن صفحة 21 لسان العرب لابن المنظور الجزء الخامس صفحة 199 مجمع البحرين للطريحي الجزء الثالث صفحة 490 وهناك توسع حول المفهوم اللغوي لكلمة النوادر ولا يهمنا التطرق له الآن والذي يعنينا ويهمنا في المقام هو معرفة معنى النوادر في اللغة واصطلاح الرجاليين والنوادر كمصطلح تضاف إلى ثلاثة أمور:
الأمر الأول تطلق كلمة النوادر على عنوان كتاب كنوادر الحكمة لمحمد بن احمد بن يحيى ونوادر احمد بن محمد ابن عيسى الأشعري القمي ونوادر ابن محبوب فإذا أطلق لفظ النوادر على كتاب قد يفهم منه إن هذا الكتاب يتضمن روايات نوادر وثمينة قد لا تجدها في كتاب غيره فيكون إطلاق لفظ النوادر على عنوان الكتاب يفيد المدح أو إطفاء مزية.
الإضافة الثانية أو الإطلاق الثاني أن يطلق لفظ النوادر على باب من الأبواب فإذا راجعنا أصول الكافي وغيره من الكتب الروائية نجد مثلا في نهاية كتاب الصلاة باب النوادر وفي كتاب الصوم أو الحج باب النوادر فأضيف النوادر إلى الباب فحينئذ يراد به الروايات المتفرقة التي لا تجتمع تحت ضابطة معينة فهناك روايات في الصلاة تدور حول الركوع وأخرى تدور حول القيام والسجود والذكر ولكن هناك مجموعة من الروايات تتحدث عن الصلاة ولكن في مواضيع مختلفة فحينئذ تدرج تحت عنوان النوادر ومن الواضح أن إطلاق لفظ النوادر على الباب لا يفيد تضعيف الروايات ولا يفيد مدح الروايات وإضافة مزيد اعتبار لها.
المصطلح الثالث أن تضاف لفظة النوادر إلى الرواية فيقال رواية نادرة أو روايات نادرة ويراد بذلك أنها شاذة انطلاقا من الحديث الشريف خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر وبالتالي يكون لفظ نادر يفيد توهين الرواية وتضعيف الرواية وعدم الاعتماد عليها، هذه زبدة المخض الذي سنبحثها بشكل مطول وخلاصتها إن باب النوادر لا يفيد المدح ولا يفيد القدح وهو يعني أنها روايات متفرقة ليس لها ضابط واحد وأن الرواية النادرة هي الرواية الشاذة فيكون هذا اللفظ موهنا ومضعفا للرواية وربما يوجب عدم الاعتماد عليها وأما إطلاق لفظ النوادر على العنوان فإنه قد يستفاد منه المدح وبحثنا في مصطلح النوادر وهو المصطلح الرابع من بين مصطلحات ثلاثة الكتاب والمصنف والأصل فيفهم من هذا اللفظ النوادر أنه يطلق على العنوان لا على الأبواب ولا على الروايات ومن الواضح أن لفظ النوادر ربما يفهم منه المدح لكنه لا يدل على التوثيق ولا يدل على الاعتبار والاعتماد وإنما يدل على أن المؤلف قد استجود مجموعة من الروايات وهي ثمينة بنظره فأطلق عليه لفظ النوادر هذه خلاصة البحث بالنسبة إلى النقطة الأولى وهي معنى النادر في اللغة والاصطلاح فاتضح أن معنى النوادر في اللغة ما سقط وشذ عادة وأنه في الاصطلاح يراد به الكتاب الذي يجمع فيه مؤلفه عدة روايات قد استجودها وقد لا توجد في غيره هذا بشكل عام وأما بشكل مفصل ومحقق فلابد أن نبدأ بنقل عبارة المحقق الوحيد البهبهاني في مقدمة التعليقة لأنها صارت أصلا يعلق عليه المحققون ويبحثون حوله الوحيد البهبهاني في الأصول والرجال كتاباته أساسية ومعتمدة.
قال "قدس" وأما النوادر فالظاهر أنه مجتمع فيه الأحاديث لا تضبط في باب لقلته بأن يكون واحدا أو متعددا لكن يكون قليلا جدا وهذا قولهم في الكتب المتداولة نوادر الصلاة نوادر الزكاة وأمثال ذلك وهنا عبارته تدل على النوادر التي تطلق على الباب ثم قال "قدس" وربما يطلق النادر على الشاذ ومن هذا قول المفيد في رسالته في الرد على الصدوق في أن شهر رمضان يصيب ما يصيب الشهور من نقص يعني هناك قول للشيخ الصدوق إن شهر رمضان لا ينقص أبدا دائما ثلاثين يوم فرد عليه الشيخ المفيد في رسالته العددية شهر رمضان كغيره من الشهور قد يكون تسعة وعشرين وقد يكون ثلاثين فهو في معرض النقص، هذا كلام المفيد بنقل الوحيد، إن النوادر هي التي لا عمل عليها مشيرا إلى رواية حذيفة والشيخ في التهذيب قال لا يصح العمل بحديث حذيفة لأن متنها لا يوجد في شيء من الأصول المصنفة بل هو موجود في الشواذ من الأخبار، إذن هنا كلام ناظر إلى قسم الروايات النادرة نسبة الندرة إلى الروايات وهو بمعنى الشذوذ في مقابل الشهرة.
ثم يقول والمراد من الشاذ عند أهل الدراية ما رواه الراوي الثقة مخالفا لما رواه الأكثر وهو مقابل مشهور والشاذ مردود مطلقا عند بعض ومقبول كذلك عند آخر ومنهم من فصل بأن المخالف له إن كان أحفظ واضبط واعدل فمردود هذا النادر والشاذ وإن انعكست يعني لم يكن أحفظ فلا يرد النادر فلا يرد لأن في كل منهما صفة راجحة ومرجوحة فيتعارضان ونقل عن بعض أن النادر ما قل روايته وندر العمل به وادعى أنه الظاهر من كلام الأصحاب ولا يخلو من تأمل منهج المقال الجزء الأول صفحة 121.
هذا كلام الوحيد الذي أصبح محورا لكلمات الأعلام وقد سبقه جده الشيخ محمد تقي المجلسي في كتاب روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه الجزء الأول صفحة 476 إذ قال باب النوادر وهي أخبار متفرقة لا يجمعها باب ولا يمكن لكل منها ذكر باب فتجمع وتسمى باب النوادر كلام مختصر وواضح وصريح هذا في روضة المتقين الجزء الأول صفحة 476 وكان ناظرا إلى نسبة الندرة إلى الأبواب.
وقال في مورد آخر الظاهر أن المراد بالنوادر الأخبار التي لا يجمعها باب وتكون متفرقة وقد تطلق على الأخبار الشاذة روضة المتقين الجزء الثاني صفحة 829 هنا أشار إلى مصطلحين باب النوادر والروايات النادرة الشاذة.
وقال في موضع ثالث باب النوادر أي الأخبار المتفرقة التي يشكل جعل كل خبر منها بابا على حدا ويمكن أن يكون المراد بها الشواذ باعتبار عدم تكررها في الأصول المعتمدة أو عدم عمل المشايخ بها وإن كان الكل صحاحا يجوز العمل بها والأول اظهر هنا، روضة المتقين الجزء الثالث صفحة 463 يعني في مورد الرواية التي شرحها يكون الأول اظهر يعني إطلاق لفظ النوادر على الباب.
والتحقيق
إن النوادر تارة تطلق اسما لكتاب وهذا كثير في كلمات الرجاليين وأخرى تطلق وصفا لباب في كتاب وهذا شائع في كتب الحديث والرواية فإن أبواب النوادر لا تخلو منها موسعة حديثية في العادة وثالثة تطلق صفة لأخبار بعينها وقد تطلق على عنوان كتاب ككتاب نوادر الحكمة لمحمد بن احمد بن يحيى بن عمران ومن الواضح أن كلام الوحيد البهبهاني “رحمه الله” إنما هو عن خصوص قسمين وهما باب النوادر والروايات الشاذة وهكذا تطرق جده التقي المجلسي إلى هذين المصطلحين باب النوادر الروايات المتفرقة التي لا يمكن إدراج عمل لكل واحدة باب والروايات النادرة الشاذة وإلا فإن في كتب النوادر ما هو جليل في بابه ويتضمن روايات صحيحة وعليها العمل عند الإمامية مثل نوادر أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي ونوادر الحكمة لمحمد بن احمد بن يحيى بن عمران الأشعري الموصوف بدبة شبيب وشبيب فام كان بقم له دبة ذات بيوت أي عنده مكان ذا بيوت يعني فيه غرف كثيرة حجر كثيرة يعطي ما شأت من السمن أي شيء تطلب من الدهن والسمن يعطيك إياه فكني كتاب نوادر الحكمة بدبة شبيب يعني يعطيك ما شئت من الروايات كيف ذاك ما شئت من الدسم والدهن والزيت يعطيك إياه هذا الكتاب فيه أبواب كثيرة يعطيك ما شئت من الروايات وهذا قد وصفت نوادر من اجل بيان مزيد فضله وعظمته وعظمة كاتبه ونوادر احمد بن إدريس القمي الذي قال عنه الشيخ الطوسي كتاب كثير الفوائد الفهرست صفحة 64 الرقم 81 ونوادر احمد بن الحسن أو ابن الحسين بن سعيد القرشي الذي قال عنه الشيخ له كتاب النوادر ومن جملة أصحابنا من عده من جملة الأصول الفهرست صفحة 64 الرقم 80 إلى غيرها من كتب النوادر التي تعد من أمهات كتب الحديث عند الشيعة الإمامية.
يبقى الكلام بعد بيان هذه المصطلحات الثلاثة في تشخيص المقصود من عنوان النوادر الذي يوضع عنوانا لكتاب ولا يبعد أن يكون مراد أصحابها أنهم قد بلغوا الغاية في جمع الروايات والأحاديث حتى اجتمع لهم ما لم يجتمع لغيرهم كما لعله ينطبق على كتاب نوادر الحكمة الذي اسماه القميين دبة شبيب فهرست النجاشي صفحة 349 فهذه إشارة إلى أن كتاب نوادر الحكمة يحتوي كل ما يحتاجونه من الأحاديث كما أن دبة شبيب تحوي كل ما يحتاجونه من السمن ولكن الجزم بأن كل من كتب كتاب النوادر يعني أنه اجتمع عنده ما لم يجتمع لغيره تحتاج إلى ضرس قاطع خصوصا مع كثرة كتب النوادر فهذا مجرد استظهار أو استحسان وهو أن من عنون كتابه بعنوان النوادر بمعنى أنه استطرف هذه الروايات أو استجودها ورأى أنها نادرة وقد اجتمعت عنده ولربما لا تجدها في كتاب غيره هذا مجرد توجيه ويحتاج إلى دليل وضرس قاطع.
نعم من المسلم أن كتب النوادر لا تنطبق عليها ما ذكره الوحيد البهبهاني وغيره من صفة الندرة والشذوذ المخرج لها عن العمل فإن هذا ينطبق على نسبة الندرة إلى الروايات وهذا أيضا لا يمكن قبوله بالنسبة إلى باب النوادر ونسبة الندرة إلى الأبواب لأنه إذا استقرينا وتتبعنا كتب الروايات مثل الكافي للكليني والفقيه للصدوق والتهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي فإننا سنلاحظ أن المحمدين الثلاثة لا يرون من باب النوادر في كتبهم الأربعة أنه باب الشواذ من الأخبار بذل الذي يظهر من المراجعة أنها تطلق على صنف من الأخبار لا تدخل تحت ضابطة الأبواب التي تقدم فهي متفرقة المضامين وهذا لا يخرجها عن الاعتبار ولا يقلل من قيمتها العلمية والاثباتية نعم وصف الحديث بالندرة والشذوذ لا يبعد أن يراد منه ما ذكره الوحيد البهبهاني “رحمه الله” من أنه يفيد التوهين والضعف وعدم الاعتماد هذا تمام الكلام في بيان المصطلح الرابع النوادر واتضح أنه في اللغة بمعنى ما سقط وشذ عادة وفي الاصطلاح يراد بندرة الرواية شذوذها وبندرة الباب أن المضامين متفرقة وبكتاب النوادر أن فيه روايات ربما لا توجد في غيره ونختم الكلام حول مصطلحي الأصول والنوادر بعبارتين:
الأولى للمحقق الشيخ علي كني والأخرى للمحقق آقا بزرك الطهراني “رحمه الله” وهاتان العبارتان سنستفيد منهما بعض الأشياء في مقام المقارنة بين مصطلح الأصول والنوادر والفارق بينهما.
العبارة الأولى للمحقق الشيخ علي كني قال في توضيح المقال من صفحة 230 إلى 231 لأن إطلاق الكتاب في أمثال ذلك من النجاشي والأصل من الشيخ وفي نقل آخر عن الوجيزة كذلك فيفهم من هذه العبارة أن لفظ الأصل يطلقه الشيخ وفي هذه الموارد النجاشي يطلق عليها لفظ الكتاب المتحصل من كلامه أن النجاشي لم يطلق كلمة أصل إلا على القليل ولعلها لم تتجاوز المورد الواحد وإن كل مورد عبر عنه الشيخ الطوسي بالأصل وتعرض له النجاشي فقد عبر عنه بالكتاب ولم يعبر عنه بالأصل ولكن هذا الكلام ليس صحيحا على إطلاقه فإن الشيخ النجاشي قد عبر بالأصل في مواضع عديدة فيراجع فهرست النجاشي صفحة 25، 51، 103، 104، 106، 226،227، 286، 355، 425.
نعم الصحيح ما ذكره بنحو الغالب أي أن الشيخ الطوسي “رحمه الله” كثيرا ما يعبر بالأصل إلا أن الشيخ النجاشي غالبا ما يعبر عن الأصول التي ذكرها الشيخ الطوسي بأنها كتاب وهذا ما نبه عليه المحقق آقا بزرك الطهراني كما سيأتي في الكلام الثاني وهذا المقدار من الاختلاف بين تعبير الشيخ الطوسي بالأصل وتعبير الشيخ النجاشي بالكتاب لا يدل على وجود التباين بينهما نعم هذا ملفت للنظر إذا التفتنا إلى غاية الشيخ الطوسي من التمييز التام بين الأصول وغيرها وهذا ما لم يلاحظه النجاشي الذي ألفه كتابه لهدف آخر وهو مجرد إثبات كثرة التأليفات عند الشيعة الإمامية.
العبارة الثانية ما أفاده المحقق الشيخ آقا بزرك الطهراني “رحمه الله” حيث قال النوادر عنوان عام لنوع من مؤلفات الأصحاب في القرون الأربعة الأولى للهجرة كان يجمع فيها الأحاديث غير المشهورة أو التي تشتمل على أحكام غير متداولة أو استثنائية ومستدركة لغيرها مورد عددا منها تقل عن المأتي كتاب استخرجناها من الكتب الرجالية الأربعة للكشي والنجاشي والطوسي وهي وإن كان أكثرها مفقودة العين لكن محتوياتها موجودة في المجموعات الحديثية والمعرفة بها وبمؤلفيها تفيدنا لتاريخ التشريع وهي ككتب الأصول الأربعمائة التي ذكرنا 117 منها إلى آخر كلامه "رضوان الله عليه" وكلامه طويل ومفيد الذريعة إلى تصانيف الشيعة الجزء 24 صفحة 315 و316.
وقد تضمن كلام المحقق الطهراني عدة أمور مهمة فيحسن مراجعتها خصوصا ما ذكره من الفارق بين التعبير بين النوادر والكتاب مما يكشف عن شدة تتبعه وإذا رجعنا إلى ما ذكره المحقق الشيخ الكني من الفرق في التعبير بين النجاشي والطوسي بالنسبة للكتاب والأصل والنوادر فإنه يثبت ويؤكد صحة ما اشتهر من أن الكتاب هو الأعم مطلقا بين هذه المصطلحات وإذا أردنا التدقيق أكثر سنجد بين هذه المصطلحات الأربعة أن النسبة بين الكتاب والمصطلحات الثلاثة الأخر المصنف الأصل النوادر هي نسبة العموم والخصوص المطلق والإطلاق من جهة الكتاب فكل نوادر وأصل ومصنف هو كتاب وبعض النوادر كتب وبعض الأصول كتب وبعض المصنفات كتب إذن عنوان الكتاب يطلق على المصطلحات الثلاثة.
بعبارة أدق كل أصل كتاب وكل نوادر هي كتاب وكل مصنف كتاب ولكن بعض الكتب أصول وبعض الكتب نوادر وبعض الكتب مصنفات إذن النسبة بين الكتاب والمصطلحات الثلاثة هي نسبة العموم والخصوص المطلق فالكتاب أعم والأصل والنوادر والمصنف أخص وأما النسبة بين الثلاثة مع بعضها البعض هي نسبة العموم والخصوص من وجه يعني بين النوادر والأصول بين الأصول والمصنفات العموم والخصوص من وجه بلحاظ إطلاق كلمات الرجاليين فمثلا تجد أنه قد يطلق على الأصل مصنف ولكن في موارد قليلة فيما إذا بوب كاتب الأصل رواياته فإنه يقال هذا مصنف والحال إنه أصل من الأصول.
قال المحقق الوحيد البهبهاني “رحمه الله” أعلم إن الكتاب مستعمل في كلامهم في معناه المتعارف وهو أعم مطلقا من الأصل والنوادر فإنه يطلق على الأصل كثيرا منها ما سيجيء في ترجمة احمد بن الحسين بن المفلس واحمد بن محمد بن سلمة واحمد بن محمد بن عمار واحمد بن ميثم وإسحاق بن جرير والحسين بن أبي العلاء وبشار بن يسار وبشر بن سلمة والحسن بن رباط وغيرهم منهج المقال الجزء الأول صفحة 116.
ثم إنه ذكر أن الكتاب أطلق في مقابل الأصل في موردين هما هشام بن الحكم ومعاوية بن حكيم أما الأول وهو هشام بن الحكم فهو إشارة إلى ما ذكره الشيخ الطوسي في ترجمته من الفهرست حيث قال له أصل أخبرنا به ثم ذكر الشيخ الطوسي طريقه إليه إلى أن قال وله من المصنفات كتب كثيرة فهرست الشيخ الطوسي صفحة 494 رقم الترجمة 783 حينما عطف وله من المصنفات كتب كثيرة على قوله له أصل فهذا ظاهر في المغايرة بين الأصل والمصنفات لكن من الواضح أن الشيخ الطوسي أطلق الأصل مقابل المصنفات وأما الكتب فهي تستخدم بمعناه العام الذي ينطبق على الأصل والمصنف والنوادر.
الأمر الثاني هو إشارة إلى ما ذكره النجاشي في ترجمته قائلا سمعت شيوخنا يقولون روى معاوية بن حكيم أربعة وعشرين أصلا لم يروي غيرها وله كتب منها إلى آخره فهرست النجاشي صفحة 412 رقم الترجمة 1098 فقد يفهم أن الكتاب مقابل للأصول لأنه عطف وله كتب في مقابل أربعة وعشرين أصلا ولكن هذا لا يعني إبراز التباين بين الأصول وبين الكتب وإنما أراد الإشارة إلى أن الموارد الأربعة وعشرين إنما هي من الكتب التي يعبر عنها أصول لا أنها أصول في المقابل الكتب.
المهم البحث عن النسبة بين المصنف والأصل وبيان الفارق بينهما وهذا تعرضنا له حينما تطرقنا إلى مفهوم المصنف والتصنيف ومفهوم الأصل وإذا رجعنا إلى كلمات الرجاليين يظهر أن التصنيف أخص من مطلق الكتاب وأن المصنفات مباينة للأصول في استعمالات الرجاليين خصوصا كلمات الشيخ الطوسي “رحمه الله” إذ جعل الأصول في مقابل المصنفات والظاهر أن المحقق التستري “رحمه الله” قد تنبه إلى هذه النكتة وهي أن المصنف يعمل فيه المصنف قدراته العلمية ويبرز آراءه بخلاف الأصل قاموس الرجال المحقق التستري الجزء الأول صفحة 64.
نعم قد زعم المحقق الوحيد البهبهاني أن المصنف يطلق على الأصل والنوادر أيضا ومثل لذلك بما ورد في ترجمة احمد بن ميثم وهذا غريب من الوحيد وتظهر الغرابة عند النظر إلى عبارة الشيخ الطوسي في الفهرست قال وله مصنفات منها كتاب الدلائل وكتاب المتعة وكتاب النوادر يراجع فهرست الشيخ الطوسي صفحة 62 رقم الترجمة 77 والخلاصة الكتاب أعم من الجميع والنسبة بين الكتاب وبين المصنف والأصل والنوادر هي نسبة العموم والخصوص المطلق فالكتاب يشمل الجميع لكن التصنيف يغاير الأصل في اصطلاحات الرجاليين وأما النسبة بين التصنيف مع النوادر وكذلك بين النوادر والأصل هي العموم من وجه فإن النوادر قد تلتقي مع التصنيف حين تفترق عن الأصل وتلتقي مع الأصل حين تلتقي مع التصنيف ولكن التصنيف والأصل لا يلتقيان على إطلاق الرجاليين بحسب الظاهر من كلماتهم يبقى الكلام في نهاية بحث الأصل في استفادة المدح فإذا قيل له كتاب في حق راو أو له نوادر أو له أصل أو له مصنف فهل هذا يفيد الوثاقة أو الحسن الجواب الصحيح أنها لا تفيد الوثاقة والحسن نعم لو كان هذا الكتاب موردا للاعتماد والقبول الكاشف عن عظمة مؤلفه ففي هذه الحالة فإن ذكر له أصل يفيد الوثاقة لوجود التلازم عرفا وعادة بين الاعتماد على الكتاب والاعتماد على المؤلف وتوثيقه، هذا تمام الكلام في بيان المصطلحات الأربعة وبيان إفادتها للمدح أو الذم واتضح أنها لا تدل على لا على المدح ولا على الذم إلا إذا توفرت قرينة تدل على الاعتماد الأصل ففي هذه الحالة قد يستفاد الاعتماد على الراوي.
في الختام تذييل حول قولهم نسخة قولهم له نسخة كلام تكرر بكثرة في كلام الشيخ النجاشي في الفهرست وجاء بندرة في غير فهرست النجاشي من كتبنا الرجالية أما معنى نسخة في اللغة فإن هذه الكلمة واضحة المعنى فإن النسخة والاستنساخ هو اكتتابك في كتاب عن معارضة يعني تعرض كتاب وتنسخه كتاب العين الجزء الرابع صفحة 201 لسان العرب الجزء الثاني صفحة 61 وغيرهما والنسخة كما في لسان العرب الأصل المستنسخ منه والمتحصل في اللغة واضح نسخة من كتاب كذا يعني نسخت عن كتاب كذا وقد استخدم هذا اللفظ بما له من المعنى العرفي كثيرا في الأدبيات واللغة ومنها استعمالات الرجاليين في هذا المعنى يعني نسخة من كتاب وهذا واضح فيمكن مراجعة فهرست النجاشي صفحة 60 رقم الترجمة 137 صفحة 141 رقم الترجمة 367 صفحة 165 الرقم 437 صفحة 219 الرقم 572 صفحة 355 الرقم 949 وأيضا يمكن مراجعة فهرست الشيخ الطوسي صفحة 48 رقم الترجمة 62 ويمكن مراجعة رجال الكشي صفحة 514 وصفحة 579 وصفحة 600 عبروا بالنسخة والمهم في بحثنا والذي من أجله عقدنا البحث هو استخدام النجاشي للفظ النسخة وهو ما يشاهد بكثرة في فهرست الشيخ النجاشي وكأنه يستخدم لفظ النسخة لنوع من الكتب وهي كتب حديثية تروى مباشرة عن المعصوم "عليه السلام" ويكاد يكون هذا المصطلح منحصرا بالنجاشي من بين علماء الرجال عندنا ويمكن مراجعة فهرست النجاشي في الموارد التالية لكي نرى أنه استخدم لفظ النسخة بهذا المعنى الخاص وهي الكتاب الروائي الذي يروي مباشرة عن المعصوم "عليه السلام" يراجع فهرست النجاشي في الصفحات التالية 9، 23، 47، 51، 101، 107، 117، 128، 141، 151، 152، 180، 190، 224، 228، 229، 273، 278، 286، 304، 310، 355، 356، 358، 366، 367، 369، 370، 417، 423، 431، 443، 460 ومن أراد تفصيل ذلك فليراجع كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة جزء 24 صفحة 148 فإن المحقق آقا بزرك الطهراني قد جمع كل ما عثر عليه في كلام النجاشي وربما في غير كلام النجاشي في هذا المجال مثل ما ذكره الشيخ الطوسي في فهرسته صفحة 89 رقم الترجمة 121 صفحة 371 رقم الترجمة 489 صفحة 388 الرقم 594 صفحة 471 الرقم 756 ومما يلفت النظر أننا إذا رجعنا إلى فهرست الشيخ الطوسي في الموارد التي عبر عنها النجاشي بالنسخة نجد الشيخ الطوسي يعبر عنها بالكتاب كما في ترجمة أصرم بن حوشب وعمر بن جميع ومحمد بن عمر الزيات والمطلب بن زياد يراجع فهرست الشيخ الطوسي صفحة 114 رقم 155 التراجم ذكرناها وقد عبر الشيخ الطوسي عن نسخة جميل بن صالح عند النجاشي بالأصل يعني أكثر الموارد التي عبر عنها النجاشي نسخة عبر عنها الشيخ الطوسي كتاب وفي مورد واحد النجاشي عبر نسخة والشيخ الطوسي عبر أصل يراجع رجال الطوسي صفحة 442 رقم الترجمة 6313 والشيخ الطوسي قد انفرد بذكر لفظ نسخة في مورد واحد فقط وهو ترجمة محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي حيث قال إنه يروي نسخة عن موسى بن إسماعيل وهذا هو كتاب الاشعثيات المعروف رجال الطوسي صفحة 442 رقم الترجمة 6313 ولم نجد في كلمات الرجاليين ما يشير إلى أكثر مما ذكرناه والنتيجة الذي يمكن أن نخلص إليها أن النسخة كتاب روائي لعله يتحلى بالاختصار ولكن لا نستطيع الجزم بذلك وهذا مجرد استحسان أو استظهار والواضح من خصوصيات النسخة إنها تروي الروايات عن المعصوم "عليه السلام" بالمباشرة غالبا كما في أكثر هذه الموارد المتقدمة، هذا تمام الكلام في بيان المصطلح السادس، أربعة مصطلحات الكتاب والأصل والمصنف والنوادر المصطلح السابع قول النجاشي علوا فماذا يريد به النجاشي؟ يأتي عليه الكلام.
وصلى الله على محمد وآله الكرام

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 146 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: تحقیق مباني الرجالیة
  • الجزء

    -

  • 500

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
146 الجلسة