دروس في علم الدراية-اکرم برکات
شیخ الدقاق

004 - شروط افادة التواتر للعلم

دروس في علم الدراية- أكرم بركات

  • الكتاب: دروس في علم الدراية
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

شروط إفادة التواتر العلم

كان الكلام في الفصل الثاني وهو تقسيم الخبر إلى قسمين خبر متواتر وخبر واحد وصلنا إلى هذه النقطة شروط إفادة التواتر العلم إذ أننا عرفنا الخبر المتواتر بأنه إخبار جماعة كثيرين يمتنع تواطئهم على الكذب ويمتنع اتفاق خطئهم في فهم الحادثة المذكورة بحيث يوجب هذا الإخبار العلم فما هي الشروط المعتبرة في التواتر حتى يحصل العلم، يذكر الشيخ أكرم بركات حفظه الله ثلاثة شروط هذه الشروط كلما تحققت كلما حصل التواتر بشكل أسرع.

الشرط الأول أن لا يسبق التواتر حصول شبهة أو تقليد لدى السامع فلو كانت هناك شبهة عن اجتهاد أو عن تقليد لدى السامع فإنه لا يقبل التواتر فأهل السنة نتيجة تراكم سنوات من رفض ولاية علي بن أبي طالب “عليه السلام” لا يقبلون حديث الغدير بسرعة ولا يقبلون حديث الثقلين يقولون كتاب الله وسنتي مع أن المشهور كتاب الله وعترتي والسر في ذلك أنه قبل أن يسمع الخبر المتواتر حديث الثقلين تكرر في ذهنه وفي سمعه حديث كتاب الله وسنتي إذن الشرط الأول لكي يفيد التواتر يعني الكثرة العددية حصول العلم يشترط أن لا تكون هناك شبهة وإلا إذا في شبهة حتى البديهية ما يقبلها فلا يحصل العلم نتيجة وجود الشبهة.

الشرط الثاني أن لا يكون السامع عالما بمدلول الخبر علما ضروريا بديهيا فإذا العلم واضح عنده بالضرورة ما يحتاج إلى التواتر الآن هو رأى فلان قتل فلان أنت تأتي بخمسين مائة شاهد يشهدون إن فلان مقتول وأن فلان هو القاتل هذا التواتر ما يفيد العلم لأنه يعلم بالخبر بالضرورة والبداهة بالوجدان والوجدان لا يحتاج إلى برهان إذن الشرط الثاني في حصول العلم من التواتر أن لا يكون السامع عالما مسبقا بمدلول الخبر بالضرورة والبداهة.

الشرط الثالث أن يكون الخبر المخبر به بالتواتر من الأخبار الحسية لا الأخبار الحدسية الاجتهادية الاستنباطية فإذا أخبره بخبر عقلي كقاعدة حدوث العالم هذا ما يفيده علم بديهي لأن هذا يحتاج إلى نظر ويحتاج إلى بحث إذ أن القدر المتيقن من حجية خبر الواحد والخبر المتواتر هو خصوص الخبر الحسي فلا يشمل الخبر الحدسي.

كيفية حصول العلم بالتواتر

اختلف القائلون بتحقيق التواتر للعلم إلى ثلاثة أقوال:

القول الأول التواتر يفيد العلم الضروري لا يفيد العلم النظري يعطيك علم بديهي

القول الثاني التواتر يعطيك علم نظري ولا يعطيك علما بديهيا وما الفرق بين العلم البديهي والضروري وبين العلم النظري؟ الجواب العلم البديهي أو الضروري لا يحتاج إلى استدلال مثل العلم الحضوري حضور نفس المعلوم لدى العالم ما يحتاج إلى استدلال أنا اشعر بالألم أنا أتألم داخليا فشعوري بمرضي وألمي هذا علم بديهي لأن نفس المعلوم حاضر لدى العالم نفس الألم حاضر لدى النفس ولكن لو نقل إليك إن فلان مريض يتألم مو معلوم أنه فعلا يتألم أو ما يتعلم يحتاج تبحث تسأله يعاينه الطبيب فهذا علم حصولي حصول صورة المعلوم لدى العالم هذا الفرق بين العلم الحضوري والعلم الحصولي العلم الحضوري عبارة عن حضور نفس المعلوم لدى العالم كحضور نفس الألم لدى المتألم والمريض وأما العلم الحصولي هو عبارة عن حصول صورة المعلوم لدى العالم هذه الصورة قد تطابق الواقع فيكون صوابا وقد لا تطابق الواقع فيكون خطئا الشاهد هنا القول الأول يقول التواتر يفيد العلم الضروري والبديهي القول الثاني يقول التواتر يفيد العلم النظري يحتاج إلى بحث ونظر القول الثالث التفصيل أحيانا التواتر يفيد العلم البديهي مثل القضايا المشاهدة الإخبار إن مكة موجودة وبعض القضايا التواتر يفيد فيها العلم النظري مثل معاجز الأنبياء يحتاج تنظر فيها ثم يعقب المصنف تعقيبا لطيفا ظريفا يقول أساس هذه الاختلافات الثلاثة علم نظري علم ضروري التفصيل هو أن الخبر المتواتر يحتاج إلى مقدمات أو ما يحتاج إن قلنا ما يحتاج فهذا علم ضروري وإن قلنا يحتاج فهذا علم نظري وإن قلنا يحتاج في بعض المقدمات ولا يحتاج في بعض الموارد ففي الموارد التي يحتاج فيها يكون العلم نظري وفي الموارد التي لا يحتاج فيها يكون العلم بديهي وضروري.

وإذا أردنا التحقيق أكثر نقول التواتر فيه مقدمتان صغرى وكبرى الصغرى وجود عدد كبير من المخبرين، الكبرى وكل إخبار فيه كثرة يمتنع تواطئهم عن الكذب يعني وكل إخبار فيه كثرة يكون حجة هذه المقدمة الثانية كبرى القياس موطن الخلاف كبرى القياس كل إخبار فيه كثرة حجة هذه الكبرى هل هي بديهية أو هي نظرية أو في بعض الموارد بديهية وفي موارد أخرى نظرية ثم يشير المصنف إلى نظرية شهيد العصر السيد محمد باقر الصدر "رضوان الله عليه"، الشهيد الصدر جاء بنظرية الأسس المنطقية للاستقراء المشهور في علم المنطق أن الاستقراء التام حجة والاستقراء الناقص ليس بحجة الشهيد الصدر أثبت أن الاستقراء الناقص في بعض الموارد حجة كما أن الاستقراء التام حجة واختلف مع المنطق الأرسطي في كبرى القياسات مثلا تقول الحديد معدن وكل معدن يتمدد بالحرارة النتيجة الحديد يتمدد بالحرارة موطن الخلاف القضية الثانية الكبرى الكلية وكل حديد يتمدد بالحرارة المنطق الأرسطي يقول هذه قضية بديهية أولية الشهيد الصدر يقول هذه ليست قضية أولية بديهية هذه قضية حصلت من الاستقراء الناقص يعني سلطنا الحرارة على هذا المعدن تمدد سلطنا الحرارة على هذا المعدن تمدد على هذا المعدن تمدد إلى أن وصلنا إلى قاعدة كلية وكل معدن يتمدد بالحرارة إذن موطن الخلاف بين المنطق الصوري المنطق الأرسطي نسبة إلى أرسطو طاليس وبين المنطق الاستقرائي منطق الشهيد الصدر موطن الخلاف كبرى القياس هذه الكبرى هل هي قضية أولية بديهية القضايا الأوليات يعني التي أول ما تكون في الذهن ويذعن بها أول ما تقرع الذهن يؤمن بها قضية أولية ولمزيد التفصيل تراجعون الجزء الثالث المنطق الشيخ المظفر لما يتكلم عن مواد الأقيسة أول مادة من اليقينيات يذكر اليقينيات المظنونات إلى آخره اليقينيات يذكر الأوليات هنا الآن موطن بحثنا الخبر المتواتر مؤلف من صغرى وكبرى الصغرى إخبار عدد كبير من المخبرين الكبرى وكل إخبار لمخبرين كثيرين حجة لأنه يمتنع تواطئهم على الكذب هنا وكل إخبار حجة وكل إخبار يمتنع تواطئهم المنطق الأرسطي يقول هذه مقدمة أولية بديهية الشهيد الصدر يقول كلا هذه صارت بديهية من الاستقراء يعني أساس البداهة ليس كونها قضية أولية بل كونها قضية استقرائية.

شروط إفادة التواتر العلم

قد يتساءل البعض حينما يلاحظ أخبارا قد تحقق بها كل ما يعتبر في التواتر ومع ذلك يعني تحقق ما يعتبر في التواتر وهو الكثرة العددية فإنها لم تفد العلم عند سامعها ـ هذا لا يفيده تواتر العلم ـ فما هو السر في ذلك وللجواب عن هذا السؤال ذكروا شروطا ليفيد التواتر يعني لكي يفيد التواتر العلم لا لكي يتحقق أصل التواتر أصل التواتر يتحقق بالكثرة العددية وهي الشرط الأول أن لا يسبق المتواتر حصول شبهة أو تقليد للسامع يعني لا يسبق الخبر المتواتر وجود شبهة ووجود تقليد للسامع يوجب نفي مدلول الخبر ومثاله الأول إن أهل السنة لا يحصل لهم العلم من تواتر النص على الإمام علي “عليه السلام” بالإمامة للشبهة عند علمائهم والتقليد من عوامهم علمائهم عندهم شبهة وقد يكون ما معلوم عندهم شبهة والثاني عوامهم يقلدون العلماء تقليد أعمى.

الثاني إن غير المسلمين لا يؤمنون بمعاجز نبينا المتواترة لذلك السبب نفس الشيء إن شبهة عند العلماء المشركين غير المسلمين وأما تقليد من العوام إلى العلماء، طبعا يوجد اتجاه آخر لا شبهة ولا تقليد أنا هذا الاتجاه وجدته في أوروبا لما ذهبت إلى بريطانيا البروتستانت الحاد ما يعنيه يسمعك لا يهمه إذا تسأله تتكلم معه في جانب مادي يلتفت إليك تتكلم معه في جانب معنوي معرفي يرى أن هذا من ترف القول ويسمع إليك وما يعرض عنك لكن يدخل من الأذن اليمنى ويخرج من الأذن اليسرى غير معني ما يهتم مثل أحيانا امرأة مشغولة بشؤون الأولاد والطبخ والعائلة ولها اهتمامات خاصة كما أن الرجل له اهتمامات خاصة أنت تأتي إلى امرأة عجوز وتتكلم معها في تشقيقات الذرة هي في عالم آخر وأنت في عالم آخر فهذا لا أنه توجد شبهة ولا أنه يوجد تقليد ولكن لا يوجد توجه والتفات.

الثاني أن لا يكون السامع عالما بمدلول الخبر ضرورة يعني لو قال هكذا أن لا يكون السامع عالما بالضرورة بمدلول الخبر يعني لا يعلم بالخبر بداهة أما إذا علم بالخبر بالبداهة أو الضرورة بعد ما يفيده تصير كناقل التمر إلى الهجر وبالتالي يلزم أحد محذورين إما تحصيل الحاصل هو الخبر عنده رآه يقتله هذا الخبر المتواتر تحصيل للحاصل وإما يلزم اجتماع المثلين يعني اجتماع علمين على معلوم واحد وهذا محال اجتماع المثلين اجتماع علمين على معلوم واحد لذلك يقول وذلك لأن الخبر المتواتر إن أفادت علما لكان هذا العلم إما عين العلم الحاصل قبل ذلك يعني قبل ورود الخبر المتواتر يعني العلم المعلوم عنده بالبداهة فهو يعني العلم الحاصل من التواتر تحصيل حاصل يعني تحصيل للعلم الحاصل والموجود مسبقا عند هذا المخاطب كان عند العلم بالبداهة فيأتي العلم الحاصل من التواتر يحصل الحاصل وهو محال تحصيل الحاصل لا يقال محال يقال لغو تحصيل الحاصل يقال لغو وليس محال وأما غير ذلك يعني هذا ليس عين العلم الحاصل يعني علم آخر فصار عندنا علمين العلم الأول العلم بالبداهة العلم الثاني علم بالتواتر يجتمعان على معلوم واحد أن فلان قتل فلان صار اجتماع المثلين العلم الأول يماثل العلم الثاني على معلوم واحد هذا محال.

قال وإما غير ذلك من العلم فهو من اجتماع المثلين يعني اجتماع علمين على معلوم واحد وهو محال أيضا اجتماع المثلين محال وقد ذكروا قيد ضرورة يعني بداهة لأن العلم الضروري يستحيل أن يتقوى بغيره بخلاف العلم النظري فإنه قد يتقوى بسماع الخبر فيكون له أثر حينئذ يعني فيكون له يعني للتواتر أثر حينئذ يعني حينئذ يكون العلم نظريا.

الشرط الثالث أن يكون المخبر عنه بخبر المتواتر محسوسا بإحدى الحواس الخمس وهي الباصرة، السامعة، الشامة، الذائقة اللامسة فإذا كان مستنده ـ مستند الخبر ـ العقل كحدوث العالم أن العالم حادث هذا شيء عقلي يعني يوجد محدث ويوجد مُحدث لم يفد العلم يعني لم يفيد التواتر العلم لأن القدر المتيقن من حجية خبر المتواتر هو الأخبار الحسية لا الحدسية.

كيفية حصول العلم بالتواتر

اختلف القائلون بحصول العلم بالخبر المتواتر في كيفية حصول هذا العلم على أقوال أهمها القول الأول إنه علم ضروري ونسب هذا القول إلى الأكثر.

القول الثاني إنه علم نظري وقاله أبو الحسين البصري والغزالي وغيرهما.

القول الثالث التفصيل بين المتواتران فمنها ما يحصل العلم بها ضرورة كالمشاهدات الأمور المشاهدة شاهدت مكة شاهدت هذا الحرم وضروريات الدين مثل وجوب الصلاة ووجوب الصوم ووجوب الحج ووجود مكة وأمثال ذلك ومنها من المتواترات ما هو مسبوق بالنظر كالعلم بمعجزات النبي والمسائل العلمية التي لابد من حصول التتبع فيها من جهة ملاحظة الكتب وملاقات أهل العلم وهكذا وأساس الخلاف بينهم بين هذه الأقوال الثلاثة هو أن الخبر المتواتر هل يحتاج إلى بعض المقدمات التي تجعله نظريا كالعلم بعدم تعمدهم الكذب أم أنه لا يحتاج إليها إلى هذه المقدمات أصلا وأبدا فيكفي حصولها في نفس الأمر يعني نفس الأمر بمعنى الواقع يعني لو حصلت في الواقع حتى لو لم نعلم بها فهي بديهية أم أنه في بعضها بعض المقدمات يحتاج إلى مثل هذه المقدمات دون بعضها الآخر هذا القول الثالث بالتفصيل ومن هنا نتجت الأقوال الثلاثة القول البديهية القول الثاني نظرية القول الثالث تفصيل بعضها بديهي وبعضها نظري.

نظرية الشهيد الصدر "رحمه الله"

وفيما كان الأقوال تدور على رحاها ما سبق أحدث الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر "رحمه الله" تطورا ملحوظا في نظرية التواتر وكيفية حصول العلم به ـ بالتواتر ـ فأفاد أن الخبر المتواتر يعتمد على مقدمتين الشهيد الصدر أدخل حساب الاحتمالات في حجية الإجماع وهذا في الأخبار الحدسية وأدخل التواتر في حجية التواتر وهذا في الأخبار الحسية كلاهما يفيد العلم التواتر يفيد العلم الإجماع يفيد العلم كلاهما فيه كثرة لكن الكثرة في التواتر كثرة للأخبار الحسية روايات الكثرة في الإجماع كثرة في الاخبارات الحدسية وهي فتاوى الفقهاء فأفاد إن الخبر المتواتر يعتمد على مقدمتين الأولى تواجد عدد كبير من المخبرين الثانية إن كل عدد من هذا القبيل يمتنع تواطئهم عن الكذب يعني وإذا امتنع تواطئهم على الكذب فهذه الكثرة من الإخبارات حجة قولهم حجة يفيد العلم وقد لاحظ السيد الشهيد الصدر بعد تدقيق النظر في المقدمة الثانية أنها ليست من القضايا العقلية الأولية يعني كما يقول به المنطق الأرسطي لنتدرج بذلك لأنها قضايا عقلية أولية تندرج تحت القضايا الضرورية البديهية بل اليقين الحاصل من إخبار هذا العدد الكبير يعتمد على الاستقراء يعني الاستقراء الناقص وليس التام، الاستقراء التام مسلّم أنه حجة حتى في المنطق الأرسطي يقول الاستقراء الناقص الذي هو ظني إذا بلغ كثرة كاثرة يصل العقل إلى مرتبة لا يعتني بالاحتمال المخالف فيحصل اطمئنان يعني يحصل العلم العادي لا العلم الدقي العلم الدقي درجة مائة في المائة قطع يقين العلم العادي تسعة وتسعين فاصلة تسعة يعني الاطمئنان المتاخم للقطع والعلم.

بيان ذلك إن كل خبر يشكل قرينة  احتمالية على الصدق وفي نفس الوقت فإن كذبه محتمل لإمكان وجود مصلحة تدعو المخبر إلى الكذب فإذا تكرر الخبر في عدة طرق وأسانيد فإن احتمال صدقه يزيد وفي المقابل يتضاءل احتمال كذبه وعلى هذا فقد يتكاثر ورود الخبر من جهات متعددة إذا أن يتضاءل احتمال الكذب إلى درجة زواله من النفس لشدة ضئالته وحينئذ إذا زال الاحتمال المخالف من النفس يحصل العلم بصدق الخبر المتواتر.

أقسام الخبر المتواتر

قسّم الخبر إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول التواتر اللفظي يعني كلهم ينقلون نفس النص ونفس اللفظ هذا أقوى درجات التواتر.

القسم الثاني التواتر المعنوي يعني نص اللفظ مختلف لكن كلهم يتفقون على معنى يعني لو كلهم اخبروا إن كنعان قتلوه لكن من الذي قتل كنعان واحد قال قحطان وواحد قال عبد الرحمن وواحد قال طلحان فهنا في المدلول المطابقي اختلفوا لكن في المدلول الالتزامي اتفقوا إن هذا مقتول فهذا يقال له تواتر معنوي.

القسم الثالث التواتر الإجمالي لا يتفقون لا في المدلول المطابقي ولا في المدلول الالتزامي ولا في المدلول التضمني لأن التواتر المعنوي إما يشتركون في المدلول التضمني أو المدلول الالتزامي ما يتفقون، هذه أقسام الخبر المتواتر.

نأتي إلى أقسام الخبر الواحد خبر الواحد بسيط أحد لحاظين إما نقسم خبر الواحد من حيث عدد الرواة فنقول إذا الراوي واحد فقط يسمونه السند الغريب إذا الراوي اثنين فصاعدا يسمونه السند العزيز يعني نادر أو السند القوي لأن الثاني يقوي الأول يعني في كل طبقة اثنين وإما أكثر من اثنين بعضهم قال ثلاثة وبعضهم قال على الأقل أربعة لكن لا يصل إلى درجة التواتر فهذا هو الخبر المستفيض.

سؤال ما الفرق بين الخبر المتواتر والخبر المستفيض؟

الجواب الخبر المتواتر يفيد اليقين والخبر المستفيض لا يفيد اليقين وإنما يفيد الظن ولكن الظن المتاخم للعلم الظن القريب من العلم والمراد بالعلم ليس القطع الحقيقي مائة في المائة وإنما الاطمئنان والوثوق فإذن قسّم الخبر الواحد والمراد بالخبر الواحد ما يقابل الخبر المتواتر إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول الخبر المستفيض أربعة فما فوق أو ثلاثة فما فوق في كل طبقة

القسم الثاني الخبر العزيز وفي بعضهم يقول الخبر القوي ومن معاني العزيز القوة والندرة

القسم الثالث الخبر الغريب لأنه في كل طبقة واحد فقط

القسم الثاني مقسم الخبر الواحد من ناحية العلم بمضمونه إلى قسمين إما محفوف بالقرينة القطعية وإما غير محفوف بقرينة قطعية إذا محفوف بقرائن قطعية يفيد القطع يصير نتيجته مثل الخبر المتواتر مثلا جاء شخص وأخبر إن فلان مريض فيه سرطان ويموت أنت لاحظته فعلا الرجال منتهي أصفر لا يستطيع يمشي لا يستطيع يتكلم هذا خبر محفوف بالقرينة يفيد القطع واليقين ويوجد خبر غير محفوف بالقرينة قال فلان عنده سرطان وأنت تراه يركض تقول هذا أقوى مني.

أقسام الخبر المتواتر

ينقسم الخبر المتواتر إلى أقسام ثلاثة:

الأول المتواتر اللفظي وهو ما اتحدت فيه ألفاظ المخبرين أي نقله بالجميع بصياغة لفظية واحدة مثاله أدعى البعض أن منه حديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، طبعا إذا هناك خلاف مثلا من أوبا وما تخل بالمعنى هذا ما يطعن بالتواتر اللفظي مثاله ذكرنا الثاني المتواتر المعنوي إذن في المتواتر اللفظي يشترط الاتحاد في المضمون والمدلول المطابقي المتواتر المعنوي وهو ما اختلفت فيه ألفاظ المخبرين لكن كل الصيغ المنقولة تشتمل على معنى مشترك بينها إما بالتضمن أو بالالتزام ما الفرق بين التضمن والالتزام؟ التضمن يعني القيد موجود ضمن اللفظ مصرح به بعتك البيت المدلول المطابقي البيت هذا البيت يتضمن الجدار والباب لكن إذا قال فلان دخل النار أنت تقول إذن احترق الاحتراق ما موجود ضمن النار ولكن لازم هذا الفرق بين التضمن وبين الالتزام التضمن موجود ضمن المدلول المطابقي أما اللازم خارج المدلول المطابقي لذلك في اللفظ يقولون اللفظ الصريح يشمل المدلول المطابقي والتضمني اللفظ غير الصريح يختص باللازم يقول مثال  المعنى المشترك بالتضمن وذاكر مثال إذا أخبر شخص أن زيدا ضرب عمرا وأخبر آخر أن زيدا ضرب بكرا وأخبر ثالث أنه لطم خالدا وهكذا إلى أن بلغت الكثرة حد التواتر فهنا وإن كانت الصياغة مختلفة لكن يوجد معنى مشترك يتضمنه كل منها وهو أن الضرب قد صدر من زيد يعني عندنا جزأين الجزء الأول الضارب متفق عليه الجزء الثاني مضروب مختلف فيه أنا مثلت في الشرح بالعكس القاتل مختلف فيه المقتول متفق عليه فهنا يوجد اتفاق على مدلول تضمني إن فلان هو المقتول.

ومثال المعنى المشترك بالالتزام الأخبار العديدة الواردة في مقام حكاية أفعال الإمام علي “عليه السلام” في الحروب في الروايات  ـ كان إذا قبض على يد الفارس فكأنما قد قبض على أنفاسه ـ فهي وإن كانت مختلفة ـ أنه فلق مرحب نصفين قتل عمر بن ود بضربه على عاتقه وحز رأسه ـ فهي وإن كانت مختلفة إلا أنها تشترك في دلالتها التزاما على شجاعة أمير المؤمنين “عليه السلام”.

الثالث المتواتر الإجمالي ويكون فيما إذا وجد جملة كبيرة من الأخبار وهي مختلفة يعني مختلفة في المدلول المطابقي والتضمني والإلتزامي لكن يعلم يقينا أن بعضها قد صدر واقعا مثاله الأخبار الواردة في حجية خبر الواحد يعني ما ليس بمتواتر فهي كثيرة ومختلفة من حيث الشرائط المعتبرة ولكن يعلن يقينا أن بعضها قد صدر من المعصوم بعضها مثلا ترى حجية خبر العدل بعضها حجية خبر الثقة بعضها حجية أي خبر لذا نأخذ بالقدر المتيقن الذي تتفق عليه هذه الأخبار وهو مثلا خبر العدل الإمامي الضابط أولا عدل ثانيا شيعي إمامي أثنى عشري ثالثا عنده ضب رابعا الذي عدله اثنان خامسا والذي ليس خبره مخالفا للكتاب والسنة فنقول هذا المعنى مقطوع الصدور يعني قطعا هذا مراد أنه راوي عادل إمامي ضابط روايته لا تخالف الكتاب والسنة هذا مقطوع الصدور ويسمى هذا بالتواتر الإجمالي وقد قيل إن أول من اصطلح على هذا بالتواتر الإجمالي هو الآخوند الخراساني صاحب الكفاية قدس الشيخ الآخوند في الكفاية صفحة 302.

خبر الواحد ليس المراد الخبر الذي في شخص واحد كلا يعني في مقابل الخبر المتواتر، تعريفه هو كل خبر لم يبلغ حد التواتر مهما كثرت رواته.

أقسام خبر الواحد من حيث عدد الرواة:

القسم الأول المستفيض وهو لغة مأخوذ من فاض السيل أي كثر وسال فيقال استفاض الحديث أي شاع في الناس وانتشر، اصطلاحا هو الخبر الذي كثر رواته في كل طبقة أما الحد الأدنى لهذه الكثرة فقد اختلف فيه على قولين:

الأول أربعة أفراد ونسب ذلك إلى الأكثر

الثاني ثلاثة أفراد لذلك فما رواه في كل طبقة ثلاثة رواة فقط يعد مستفيضا عند البعض وغير مستفيض عند الأكثر والصحيح عدم التحديد بعدد معين وإنما الصحيح أنه أكثر من العزيز ولا يصل إلى درجة التواتر فيصير المستفيض بين العزيز والمتواتر.

الثاني العزيز وهو لغة يأتي بمعنى أولا القوي ثانيا القليل الوجود يعني نادر الوجود اصطلاحا ما لا يرويه أقل من اثنين عن اثنين فالحد الأدنى لرواته في كل طبقة هو اثنان وجه التسمية سمي عزيزا لقلة وجوده فيتناسب مع المعنى اللغوي الثاني الندرة قلة الوجود، الوجه الثاني أو لكونه قويا لأن راويه أكثر من واحد فيناسب المعنى الأول يعني الراوي الثاني يقوي الراوي الأول هذا يناسب الوجه الأول هنا القوي.

الثالث الغريب وهو من فرد بروايته فرد واحد سواء في جميع الطبقات أو في بعض الطبقات وسواء في أول السند أو في وسطه أو في آخره هذا تمام الكلام في أقسام خبر الواحد بلحاظ عدد الرواة لذلك في كل طبقة ذكروا عدد حتى في الاستفاضة لأن أساس التقسيم عدد الرواة.

الثاني أقسام خبر الواحد من حيث العلم بمضمونه القسم الأول الخبر المحفوف بالقرينة القطعية ومثاله إخبار شخص عن مرضه للطبيب مع دلالة لونه ونبضه وضعف بدنه على ذلك هذا يفيد الاطمئنان والعلم.

القسم الثاني الخبر غير المحفوف بالقرينة القطعية وهو ما عدى الأول يعني غير محفوف فلا يفيد العلم واليقين، هذا تمام الكلام في الفصل الثاني والفصل الثاني مهم جدا وله ثمرة عملية تقسيم الخبر إلى متواتر وإلى خبر واحد، الفصل الثالث أصول الحديث الأربعة يعني أقسام الحديث الأربعة وهي الصحيح الموثق الحسن الضعيف يأتي عليه الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 13 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: دروس في علم الدراية
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
13 الجلسة