معجم رجال الحديث
شیخ الدقاق

021 - المقدمة الخامسة: النظر في صحة أسانيد الكافي

معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة

  • الكتاب: معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

المقدمة الخامسة نظرة في روايات الكتب الأربعة

سؤال ما الفارق بين المقدمة الأولى والمقدمة الخامسة التين ذكرهما المحقق المدقق السيد الخوئي “رحمه الله” في مقدمة معجم رجال الحديث فقد طرح المقدمة الأولى من دون أن يشر إنها مقدمة أولى بخلاف المقدمة الخامسة فقد نص على أنها مقدمة خامسة.

والجواب إن المقدمة الأولى قد بحثت دعوى قطعية صدور روايات الكتب الأربعة بينما المقدمة الخامسة قد بحثت دعوى صحة روايات الكتب الأربعة ففرق بين دعوى قطعية الصدور وبين دعوى قطعية الصحة فالمقدمة الأولى تبحث أن روايات الكتب الأربعة قطعا قد صدرت عن الأئمة المعصومين "عليهم أفضل صلوات المصلين" وهي ما بدأ بها السيد الخوئي “رحمه الله” مقدمته في معجم رجال الحديث فبعد أن ذكر الحاجة إلى علم الرجال وانتهى من هذه المقدمة تطرق إلى هذا العنوان روايات الكتب الأربعة ليست قطعية الصدور هذه هي المقدمة الأولى.

وأما المقدمة الخامسة فهي تبحث عن دعوى صحة يعني حجية روايات الكتب الأربعة فنحن وإن لم نقطع بصدورها عن المعصومين "عليهم أفضل صلوات المصلين" إلا أننا نقطع بحجيتها وصحتها من هنا بحث هذه المقدمة في ثلاثة فصول:

الفصل الأول النظر في صحة روايات الكافي.

الفصل الثاني النظر في صحة روايات من لا يحضره الفقيه.

الفصل الثالث النظر في صحة روايات التهذيبيين.

وأكثر هذه المباحث قد تم التطرق إليها في المقدمة الأولى نعم قد زاد المحقق الخوئي بعض ما يرتبط بنفي دعوى صحة جميع روايات الكتب الأربعة.

أما بالنسبة إلى الأمر الأول من النظر في صحة روايات الكافي وهو التمسك بمدرك هذه الدعوى ودليلها وأهم دليل يستدل به على صحة هذه الدعوى التمسك بديباجة ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني إذ قال في ديباجة كتابه والعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين "عليهم السلام" وقد كتب كتاب الكافي في عشرين سنة إجابة لسؤال السيد الذي طلب منه أن يكتب كتاب واف كاف يجمع فيه فنون الدين ويكتفي به المتعلم ومن يريد العمل بالآراء الصحيحة عن الصادقين "عليهم السلام" فيقال إن صاحب الكافي قد صرح بأن روايات كتابه قد ذكرها لمن يريد العمل بالآثار الصحيحة فهذا يدل أن جميع روايات الكافي صحيحة السند إذن النقطة الأولى مدرك المسألة النقطة الثانية وجه الاستدلال ووجه الاستدلال أن السائل سأل الكليني تأليف كتاب جامع لفنون علم الدين لمن يريد العمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين "عليهم السلام" والكليني قد أجاب دعوته فألف الكافي المؤلف من أصول الكافي والمطبوع الآن في مجلدين وفروع الكافي مطبوع الآن في خمسة مجلدات من المجلد الثالث إلى السابع وروضة الكافي جلد واحد فالمجموع ثمانية أجزاء ستة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديث وروايات الكافي أكثر من مجموع الصحاح الستة عند أهل السنة إذا حذفنا الروايات المتكررة الموجودة في الصحاح الستة ويبدو من خلال التأمل في ديباجة الكافي أن الكليني قد كتب المقدمة والديباجة بعد إتمام التأليف يعني بعد عشرين سنة لأنه قال وقد يسر الله تأليف ما سألت بل نكاد نقطع بأنه قد كتب الديباجة بعد إتمام الكتاب إذ قال ووسعنا قليلا كتاب الحجة فإخباره عن عمله في كتاب الكافي يكشف عن أن الديباجة قد كتبها بعد إتمام كتاب الكافي هذا تمام الكلام في النقطة الثانية وجه الاستدلال.

النقطة الثالثة مناقشة السيد الخوئي نأخذها بعد أن نقرأ الأمر الأول والثاني مدرك المسألة ووجه الاستدلال بها المقدمة الخامسة النظر في صحة روايات الكافي ومن لا يحضره الفقيه والتهذيبيين مناقشة الأدلة القائمة على صحة جميعها يعني جميع ما في الكتب الأربعة صحيح الكافي ومن لا يحضره الفقيه وتهذيب الأحكام والاستبصار إبطال هذه الأدلة وتفنيدها واثبات عدم صحة جميع روايات الكتب الأربعة ولزوم النظر في سند كل رواية منها وفحصها حينما نقول ليس جميعها صحيح هذا لا يعني أنه لا يوجد فيها صحيح نحن ننفي العموم من قال أن كل ما في الكافي أو كل ما في الكتب الأربعة صحيح بل لابد من النظر إلى كل رواية رواية وأكثر روايات الكتب الأربعة من الروايات المعتبرة.

نظرة في روايات الكتب الأربعة إن إبطال ما قيل من أن روايات الكتب الأربعة كلها صحيحة وهي دعوى الاخبارين بعضهم قال بقطعية صدورها وبعضهم قال بقطعية صحتها يقع في فصول ثلاثة الفصل الأول النظر في صحة روايات الكافي لماذا جعلها ثلاثة لماذا لم يجعلها أربعة بحيث افرد لتهذيب الأحكام فصل وللاستبصار فيما اختلف من الأخبار فصل لماذا جعل الفصول ثلاثة ولم يجعلها أربعة الجواب لأن الاستبصار بضعة من التهذيب كتاب التهذيب للشيخ الطوسي موسع فيه الأخبار المتعارضة والأخبار غير المتعارضة ثم الشيخ الطوسي ركز على الأخبار المتعارضة ووسع فيها فكتب كتاب الاستبصار فيما اختلف من الأخبار.

الفصل الأول النظر في صحة روايات الكافي وقد ذكر غير واحد من الأعلام أن روايات الكافي كلها صحيحة ولا مجال لرمي شيء منها بضعف سندها وسمعت شيخنا الأستاذ الشيخ محمد حسين النائيني "قدس" في مجلس بحثه يقول إن المناقشة في إسناد روايات الكافي حرفة العاجز يعني يريد أن يقول كل هذه الروايات معتبرة فلا داعي لإتعاب النفس وبذل الجهد في ملاحظة أسانيدها هذا لا يعني أنه بعض الأسانيد مثلا مرسلة أو بعض الأسانيد فيها ضعيف هو يقول هذا الكتاب كله معتبر فلا داعي للبحث في أسانيده هذا عمل من لا عمل له طبعا السيد الخوئي أكثر شيء درس عند النائيني درس دورتين أصوليتين عند المحقق النائيني ودرس دورة كاملة عند المحقق الأصفهاني وعند بعض الأعلام الأخر كالعراقي وشيخ الشريعة الأصفهاني وغير ذلك والسيد الخوئي يعد امتداد لمدرسة الميرزا النائيني "قدس" الميرزا النائيني يتميز بأنه عرفي قوي في الهدم وقوي في البناء قوي في المناقشة وقوي في تشييد المبنى بعضهم يقال قوي في الهدم وضعيف في البناء كما ينسب إلى المحقق العراقي قوي في الهدم يعني قوي في المناقشة والنقض إذا نقض العراقي نقضه قوي لكن إذا جاء بمبنى هذا المبنى تجده غير عرفي ولكن النائيني قوي في الهدم وقوي في البناء وقد سمعت في مجلس الدرس من شيخنا الأستاذ المعظم الشيخ حسين الوحيد الخراساني وقد نقل عن الميرزا الكفائي الذي كان احد طلاب الميرزا النائيني يقول حظرت آخر درس للميرزا النائيني ثم انشغل بعد ذلك بأحداث المشروطة حركة المشروطة السياسية وكان المنظر للمشروطة الميرزا النائيني وكتب كتابا تنبيه الأمة وتنزيه الملة كتب عن المجلس النيابي الحركة الدستورية وأن مشروعية الملك مشروطة بالمجلس النيابي وإرادة الأمة فهي ليس ملكية مطلقة وإنما ملكية دستورية مقيدة بالدستور والقوانين والمجلس النيابي وإرادة الأمة وانقطع عن الدرس اثنتا عشرة سنة يقول الميرزا الكفائي ثم حضرت الدرس الأول بعد أثنى عشر سنة فوجدت أن مستوى الميرزا النائيني لم يتغير خلال اثني عشر سنة وكأنما الدرس الأخير قبل أثنى عشر سنة جاء بعده الدرس الأول بعد أثنى عشر سنة من دون تغير في المستوى العلمي فالعالم وإن انقطع لكنه لا ينقطع عن المطالعة والبحث.

وقد استدل غير واحد على هذا القول صحة جميع أحاديث الكافي بما ذكره محمد بن يعقوب في خطبة كتابه هذه النقطة الأولى مدرك المسألة التمسك بديباجة الكليني في الكافي قال ثقة الإسلامي الكليني أما بعد فقد فهمت ما شكوت إلى أن يقول وذكرت أن أمورا قد أشكلت عليك لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها وأنك تعلم أن اختلاف الرواية فيها لاختلاف عللها وأسبابها وأنك لا تجد بحضرتك من تذاكره وتفاوضه ممن تثق بعلمه فيها وقلت أنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين الشاهد هنا والعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين "عليهم السلام" والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدي فرض الله "عز وجل" وسنة نبيه “صلى الله عليه وآله” وقلت لو كان ذلك رجوت أن يكون ذلك سببا يتدارك الله تعالى بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملتنا ويقبل بهم إلى مراشدهم إلى أن يقول وقد يسر الله وله الحمد تأليف ما سألت وأرجوا أن يكون بحيث توخيت فمهما كان فيه من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة إذ كانت واجبة لإخواننا وأهل ملتنا مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكل من اقتبس منه وعمل بما فيه في دهرنا هذا وغابره إلى انقضاء الدنيا.

كان نيته أن يعمل به إلى غابر الدنيا والظاهر يعمل به إلى غابر الدنيا وفي غابره إلى انقضاء الدنيا إذا الرب "جل وعز" واحد والرسول محمد خاتم النبيين "صلوات الله وسلامه وآله" واحد والشريعة واحدة وحلال محمد حلال وحرامه حرام إلى يوم القيامة ووسعنا قليلا كتاب الحجة وإن لم نكمله على استحقاقه لأنا كرهنا أن نبخس حظوظه كلها الكافي الجزء الأول من صفحة 5 إلى 9 المقدمة، هذا تمام الكلام في بيان مدرك المسألة التمسك بلفظ والعمل بالآثار الصحيحة الواردة في مقدمة الكافي.

النقطة الثانية وجه الاستدلال قال ووجه الاستدلال أن السائل إنما سأل محمد بن يعقوب تأليف كتاب جامع لفنون علم الدين بالآثار الصحيحة عن الصادقين "عليهم السلام" ومحمد بن يعقوب قد لبى دعوته فألف له كتاب الكافي فالرواية لكل شيء مفتاح ومفتاح العلم السؤال كتاب الكافي ألف بناء على سؤال وطلب وكتاب من لا يحضره الفقيه أيضا ألف بناء على طلب وسؤال فلو لم يسأل السيدان الشيخ الكليني والشيخ الصدوق لما وصل إلينا كتاب الكافي ولما كتب إلينا كتاب من لا يحضره الفقيه.

إذا تلاحظون أكثر كتب أهل السنة كتبت بناء على طلب السلاطين مثلا أول كتاب في الحديث والفقه هو موطأ الإمام مالك كتبه مالك بن انس بطلب من المنصور الدوانيقي وهكذا كتاب الجامع لأحكام القرآن تفسير القرطبي كان قاضي القضاة كتبه بناء على طلب السلطان ولكن كتب علمائنا كانت بناء على طلب طلابهم وأهل العلم.

يقول السيد الخوئي والظاهر أنه الكليني كتب الخطبة بعد إتمام الكتاب وقال وقد يسر تأليف ما سألت هذه شهادة من محمد بن يعقوب بأن جميع ما ألفه في كتابه من الآثار الصحيحة عن الصادقين "سلام الله عليهم".

النقطة الثالثة مناقشة السيد الخوئي “رحمه الله” لوجه الاستدلال يقول يوجد شيء صحيح ويوجد شيء ليس بتام أما الصحيح فإن الكليني قد كتب المقدمة بعد أن أتم كتابه يقول السيد الخوئي هذا مقطع به لقوله ووسعنا قليلا كتاب الحجة وأما دعوى أن جميع روايات الكافي صحيحة فهذا ليس بتام لثلاث مناقشات:

المناقشة الأولى فيها مناقشتان المناقشة الأولى حلية والمناقشة الثانية نقضيه أما المناقشة الحلية يقولون إثبات الشيء لا يعني نفي ما عداه فإذا قلت الشيخ منصور جميل فهذا لا يعني أن غيره قبيح وإذا قلت يرتدي اللون البني فهذا لا يعني انه لا يرتدي شيء آخر لونه اسود أو أبيض فإثبات الشيء لا ينفي ما عداه إلا إذا ذكر على وجه الحصر كما لو قلت لا جميل إلا الشيخ منصور، الشيخ منصور لن يلبس إلا البني ففي هذه الحالة يستفاد الحصر وإذا رجعنا إلى ديباجة الكافي فإن الكليني “رحمه الله” قال كتبت كتاب كاف لمن يريد العمل بالآثار الصحيحة ولم يقل لمن يرد العمل إلا بالآثار الصحيحة فديباجة الكليني في الكافي تثبت أن كتاب الكافي يتضمن الأخبار الصحيحة لكنها لا تنفي وقوع أخبار وآثار غير صحيحة في كتاب الكافي نعم لو قال الكليني كتبت كتابا ليس فيه إلا الأعمال وإلا الروايات الصحيحة فحينئذ نستفيد الحصر، هذا تمام الكلام في جواب الحلي من قوله أولا.

وأما الجواب الثاني وهو الجواب النقضي فقد ذكر السيد الخوئي “رحمه الله” اثني عشر موردا روى الكليني هذه الروايات عن غير الصادقين "عليهم السلام" والمراد بالصادقين ليس من يصدق ولا يكذب المراد الأئمة "عليهم السلام" يذكر أثنى عشر رواية رواها الكليني عن غير الأئمة "عليهم السلام" هذا تمام الكلام في مناقشة السيد الخوئي أولا.

والتحقيق إن المناقشة الثانية للسيد الخوئي بالنقد بالموارد الاثني عشر تامة إذ أن الكليني لم يرويها عن الأئمة "عليهم السلام" لكن يمكن أن يقال إن شهادة الكليني بصحة الأخبار والآثار إنما تخص خصوص الروايات التي تنتهي إلى الأئمة "عليهم السلام" ولا تشمل هذه الشهادة الروايات التي لا تنتهي الأئمة "عليهم السلام" كما استظهر شيخنا الأستاذ الداوري "أيده الله" أن شهادة علي بن إبراهيم القمي تشمل خصوص الروايات التي تنتهي إلى الأئمة "عليهم السلام" لأن ما ورد في ديباجة تفسير القمي فيه ثلاثة قيود احدها أنها متصلة الإسناد وأنها تنتهي إلى المعصومين "عليهم أفضل صلوات المصلين" فلا تشمل شهادة علي بن إبراهيم القمي الروايات المرسلة أو المنقطعة حتى تشكل بها وتنقض بها على صحة روايات تفسير القمي فكذلك قد يقال فيما نحن فيه من أن شهادة الكليني تختص يعني شهادة عن العمل بالآثار الصحيحة تختص بخصوص الروايات المسندة والتي تنتهي إلى المعصومين "عليهم السلام".

قد يقال المسندة لا دليل عليها لكن أن تنتهي إلى المعصومين يوجد دليل عليها إذ قال الكليني والعمل بالآثار الصحيحة عن المعصومين هذا تمام الكلام في مناقشة الشق الثاني النقضي من مناقشة السيد الخوئي تحت عنوان أولا.

وأما مناقشة الشق الأول المعنون تحت عنوان أولا من مناقشة السيد الخوئي ففيها نحن نُسلم أن إثبات الشيء لا ينفي ما عداه إلا أن استفادة صحة جميع روايات الكافي لا تتوقف على خصوص الحصر فلا نشترط أن يقول الكليني ولا يعمل إلا بالآثار الصحيحة بل يكفي ظاهر كلام الكليني فنتمسك بظهور اللفظ أو ظهور المقام فإن ظاهر حال الكليني أنه في مقام بيان اعتبار كتابه ولا يناسب لاعتبار كتابه أن يقول كتابي يوجد فيه الآثار الصحيحة وهذا لا يعني يوجد فيه آثار غير صحيحة فإن ظاهر حال الكليني أنه في مقام بيان اعتبار كتابه والمناسب لاعتبار الكتاب أن تكون جميع روايات كتابه صحيحة هذا إذا تمسكنا بظاهر حال الكليني ولكننا قد نتمسك بظاهر ألفاظ الكليني فإنه قد وردت في الديباجة عدة عبارات تفيد أن من يريد الدين والعمل بالدين يعمل بهذه الروايات الصحيحة فهل العمل بالروايات غير الصحيحة من الدين فلنقرأ ما ورد في ديباجة الكليني “رحمه الله” إذ قال وقلت إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين علم وليس وهم علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد هذه الصفات هل تناسب من يرجع إلى كتاب فيه روايات وفيه روايات ضعيفة ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين "عليهم السلام" والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدي فرض الله ”عز وجل" وسنة نبيه فهل من يريد أن يعمل بسنة النبي ويؤدي فرض الله يعمل بكتاب فيه روايات صحيحة وفيه روايات ضعيفة الحق والأنصاف أن الكليني كان ظاهر حاله أنه يريد أن يثبت صحة اعتبار كتابه وأن جميع رواياته صحيحة كما أن هذه الألفاظ تكشف عن أنه يقصد أنه قد أورد في كتابه الروايات الصحيحة، هذا تمام الكلام في مناقشة أولا واتضح أن المناقشة ليست تامة بكلى شقيها.

قال السيد الخوئي “رحمه الله” أقول أما ما ذكر من أن الظاهر أن الخطبة قد كتبها محمد بن يعقوب بعد تأليف كتاب الكافي فغير بعيد بل هو المقطوع به في الجملة بقوله ووسعنا قليلا كتاب الحجة وأما ما ذكر من شهادة محمد بن يعقوب بصحة جميع روايات كتابه وأنها من الآثار الصحيحة عن الصادقين "عليهم السلام" فيرده أولا الشق الأول حلي إثبات الشيء لا يعني فيما عداه واثبات الكليني الصحة لأخبار كتابه لا ينفي وجود غير الصحيح في كتابه.

أولا إن السائل إنما سأل محمد بن يعقوب تأليف كتاب مشتمل على الآثار الصحيحة عن الصادقين "سلام الله عليهم" ولم يشترط عليه أن لا يذكر غير الرواية الصحيحة أو ما صح عن غير الصادقين "عليهم السلام" ومحمد بن يعقوب قد أعطاه ما سأله كيف لم يشترط عليه إذا قال له يكفي أنا أريد يتألف إلي كتاب ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد كيف المسترشد يرجع إلى كتاب في روايات ضعاف هذا غريب عجيب فكتب كتابا مشتملا على الآثار الصحيحة عن الصادقين "عليهم السلام" في جميع فنون الدين وإن اشتمل كتابه على غير الآثار الصحيحة عنهم "عليهم السلام" أو اشتمل على الآثار الصحيحة عن غيرهم عن غير الأئمة أيضا استطرادا وتتميما للفائدة إذ لعل الناظر يستنبط صحة رواية لم تصح عند المؤلف أو لم تثبت صحتها عند الكليني المؤلف “رحمه الله”.

الآن الشق الثاني المناقشة النقضية ويشهد على ما ذكرناه أن محمد بن يعقوب روى كثيرا في الكافي ما ذكرناه يعني هناك بعض روايات الكافي عن غير المعصومين ولربما غير صحيحة يعني محمد بن يعقوب روى كثيرا في الكافي عن غير المعصوم أيضا ولا بأس أن نذكر بعضها أثنى عشر رواية كلهم ما ينتهون إلى الأئمة الأول ما رواه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه هذه مرسلة بعض أصحابه عن هشام بن الحكم قال الأشياء لا تدرك إلا بأمرين فهي مروية عن هشام بن الحكم وليس عن المعصومين "عليهم أفضل صلوات المصلين".

الرواية الثانية ما رواه بسنده عن أبي أيوب النحوي قال بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل ترجع إلى أبي جعفر المنصور ورواه أيضا عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النظر بن سويد تنتهي بالنظر لابن سويد.

الرواية الثالثة ما رواه بسنده عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله “صلى الله عليه وآله” قال لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين "عليه السلام" ارتج الموضع بالبكاء فهذا ينتهي إلى أسيد بن صفوان.

الرابع ما رواه بسنده عن إدريس بن عبد الله الأودي قال لما قتل الحسين "عليه السلام" أراد القوم أن يوطئه الخيل هذه الرواية عن الأودي.

الخامس ما رواه بسنده عن الفضيل قال صنائع المعروف يعني الإحسان إلى الناس وحسن البشر يكسبان المحبة في رواية أخرى أمران يوجبان المحبة التواضع وقضاء حوائج الناس هذه الرواية عن الفضيل.

الرواية السادسة ما رواه بسنده عن ابن مسكان عن أبي حمزة قال المؤمن خلط عمله بالحلم يعني امتزج عمله بالحلم هذه عن أبي حمزة.

الرواية السابعة ما رواه بسنده عن اليمان بن عبيد الله قال رأيت يحيى بن أم الطويل وقف بالكناسة المعروف المقتول بالكناسة زيد الشهيد الذي يقتل بالكناسة هذه الرواية عن يمان بن عبيد الله.

الرواية الثامنة ما رواه بسنده عن إسحاق بن عمار قال ليست التعزية إلا عند القبر الرواية عن إسحاق بن عمار.

الرواية التاسعة ما رواه بسنده عن يونس قال كل زنا سفاح وليس كل سفاح زنا لأن السفاح قد يكون من غير الزنا والعياذ بالله اللواط، السحاق إلى آخره وهو حديث طويل عقد محمد بن يعقوب له بابا مستقلا رواية عن يونس وأيضا روى بسنده عن يونس قال العلة في وضع السهام على ستة لا اقل ولا أكثر سهام الإرث وأيضا قال إنما جعلت المواريث من ستة أسهم وقد جعل لهم أيضا محمد بن يعقوب باب مستقلا.

الرواية العاشرة ما رواه بسنده عن إبراهيم بن أبي البلاد قال أخذني العباس بن موسى الرواية عن عباس بن موسى.

الرواية الحادية عشر ما رواه عن كتاب أبي نعيم الطحان رواه عن شريك عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر عن زيد بن ثابت أنه قال من قضاء الجاهلية أن يورث الرجال دون أن يورث النساء وزيد بن ثابت غير مرضي عند الإمامية الذي أمره عثمان بن عفان بجمع المصحف وكان رئيس الهيئة التي تكتب المصاحف.

الرواية الثانية عشر ما رواه بسنده عن إسماعيل بن جعفر قال اختصما رجلان إلى داود "عليه السلام" في بقرة هذه الرواية تنتهي بداود النبي ولا تنتهي بالمعصومين الأربعة عشر، هذا تمام الكلام في المناقشة الأولى أولا.

المناقشة الثانية لو سلمنا أن محمد بن يعقوب أراد الصحة ونحن نسلم بذلك لم نقبل المناقشة الأولى للسيد الخوئي يقول السيد الخوئي لو سلمنا أن محمد بن يعقوب شهد بصحة جميع روايات كتابه الكافي فهذه الدعوى غير مسموعة لأنه ماذا يقصد بصحة روايات كتابه، يوجد  احتمالان الاحتمال الأول أن تكون جميع روايات كتابه واجدة لشرائط الحجية يعني غير مرسلة غير مقطوعة كل الرجال الواردين فيها ثقات هذا الاحتمال الأول وهذا الاحتمال الأول ليس بتام لأنه من الواضح أن روايات الكافي فيها مرسلات وفي بعض أسانيدها مجاهيل وفي بعض أسانيدها من هو معروف بالكذب والوضع كأبي البختري إذن إن أريد الشق الأول وهو أن تكون روايات الكافي بنفسها واجدة لشرائط الحجية فهذا غير صحيح.

الاحتمال الثاني إن أراد أن روايات الكافي بنفسها غير واجدة لشرائط الحجية لكنها احتفت واعتضدت بقرائن توجب الوثوق بصدورها توجب الاطمئنان بصحتها فهذا أمر ممكن ومعقول لكنه لا يسعنا تصديقه لأن اطمئنان الكليني حجة عليه وليس بحجة علينا ولو وصلتنا هذه الروايات لربما لم توجب لنا الاطمئنان فإذن هذا اجتهاد من الكليني “رحمه الله” أوصله إلى الاطمئنان والقرائن التي أوجبت الصدق بنظر الكليني لو وصلت إلينا لربما لم توجب الاطمئنان بصدقها لدينا فضلا عن اليقين بها إنصافا المناقشة الثانية تامة وهذا الذي ذكرناه من أن نحمل شهادة الكليني على الصحة عند المتقدمين اعتضاد الخبر بالقرائن الموجبة للوثوق والاطمئنان واطمئنانه حجة عليه وليست حجة علينا إذن المناقشة الثانية تامة فلا نلتزم بصحة جميع أحاديث الكافي.

قال السيد الخوئي وثانيا لو سلم أن محمد بن يعقوب شهد بصحة جميع روايات الكافي ونحن نسلم بذلك فهذه الشهادة غير مسموعة فإنه إن أراد بذلك يعني بصحة جميع روايات الكافي أن روايات كتابه في نفسها يعني في حد ذاتها وبقطع النظر عن القرائن الخارجية واجدة لشرائط الحجية يعني تشتمل على شرائط الحجية فهو مقطوع البطلان لأن فيها مرسلات رواية مقطوعة السند وفيها روايات في إسنادها مجاهيل ومن اشتهر بالوضع والكذب كأبي البختري وأمثاله هذا الشق الأول.

الشق الثاني وهو الصحيح وإن أراد بذلك إن تلك الروايات وإن لم تكن في نفسها حجة لأن الشق الأول ينسجم مع معنى الصحة عند المتأخرين أن يكون جميع الرجال الواردين في السند عدولا إمامية الشق الثاني ينسجم مع الصحة عند المتقدمين اعتضاد الخبر بالقرائن الموجبة للوثوق بالصدور وإن أراد بذلك صحة جميع روايات الكافي أن تلك الروايات وإن لم تكن في نفسها حجة إلا أنه دلت القرائن الخارجية على صحتها ولزوم الاعتماد عليها فهو أمر ممكن في نفسه بل راجح لأن كلام الكليني يحمل على معنى الصحة عند المتقدمين لكنه لا يسعنا تصديقه يعني قبوله تصديقه يعني لا يسعنا قبوله وترتيب آثار الصحة على تلك الروايات غير الواجدة لشرائط الحجية فإنها كثيرة جدا ومن البعيد جدا وجود أمارة الصدق في جميع هذه الموارد لماذا من البعيد جدا بل من القريب جدا موجود أمارات الصدق كانت الأصول موجودة عندهم اغلب الأصول موجودة عندهم كيف تقول من البعيد جدا تقيس عصرنا بعصر الكليني الذي توفي في نهاية الغيبة الصغرى توفي سنة 329 وهي سنة وفاة السفير الرابع علي بن محمد السمري وقيل توفي سنة 328 أي قبل انتهاء الغيبة الصغرى بسنة يعني معاصر للإمام العسكري والإمام الحجة يعني كانت الأصول أصل زرارة ومحمد بن مسلم وابن أبي عمير وغيرها كانت موجودة ومتداولة والكليني كان عاصر مدرستين مدرسة الري ومدرسة بغداد والكتب كانت هناك لماذا نقول أنه من البعيد جدا بل من القريب جدا وجود أمارة الصدق في جميع هذه الموارد مضافا إلى أن إخبار محمد بن يعقوب في صحة جميع ما في كتابه حينئذ لا يكون شهادة وإنما هو اجتهاد استنبطه مما اعتقد أنه قرينة على الصدق هذا الكلام صحيح وتام ومن الممكن أنما اعتقده قرينة على الصدق لو كان وصل إلينا لم يحصل لنا ظن بالصدق أيضا فضلا عن اليقين هذا تمام الكلام في المناقشة الثانية.

المناقشة الثالثة نقضيه وهناك روايات في الكافي لا يمكن قبولها مثل وإنه لذكر لك الرواية تقول الذكر هو النبي إذا لذكر لك كيف نرجع الضمير في قوله لك إلى من يرجع وإنه لذكر يعني رسول، رسول لك يعني رسول إلى رسول الله هذه بعض الموارد وذكرها الشيخ الإيرواني في كتابه دروس تمهيدية في القواعد الرجالية عندما بحث روايات الكافي.

وثالثا إنه يوجد في الكافي روايات شاذة لو لم ندعي القطع بعدم صدورها من المعصوم "عليه السلام" فلا شك في الاطمئنان به بعدم صدورها ومع ذلك كيف تصح دعوى القطع بصحة روايات الكافي وأنها صدرت من المعصومين "عليهم السلام" هذا الشق الأول من ثالثه.

الشق الثاني أنه نفس الصدوق ما كان يعتقد لأن الصدوق "رحمة الله عليه" سأل السيد نعمة قال جاءنا الطبيب الرازي ومشى عنا ووضع لنا كتاب من لا يحضره الطبيب نحن ما عندنا طبيب في منطقتنا وضع كتاب من لا يحضره الطبيب أنت الآن فقيه اكتب لنا كتاب من لا يحضره الفقيه فلو كان الصدوق يعتقد بصحة جميع روايات الكافي لقال ولماذا اكتب لكم كتابا جديدا الكافي كاف لشيعتنا وكان مشهور كتاب الكافي لكن الصدوق عمل كتاب آخر يعتقد بصحته وذكر في ديباجة ولم اقصد قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووا بل قصدت إلى ذكر ما أفتي به واحكم بصحته واعتقد أنه حجة فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره وتعالت آلائه هذا يدل على أن الصدوق ما كان يعتقد بصحة روايات الكافي.

قال ومما يؤكد ما ذكرناه من أن جميع روايات الكافي ليست بصحيحة أن شيخ الصدوق "قدس" لم يكن يعتقد صحة جميع ما في الكافي وتقدم هذا الكلام صفحة 10 من هذه النسخة لما بحثنا قطعية صدور الروايات الكتب الأربعة حينما قال وأما الشيخ الصدوق فقد قال في خطبة كتابه إلى أن يقول وأيضا فإن الشيخ الصدوق كتب كتابه من لا يحضره الفقيه إجابة لطلب السيد الشريف أبي عبد الله المعروف بنعمة الله فإنه قد طلب إلى آخره ما ذكره.

وكذلك شيخه محمد بن الحسن بن الوليد على ما تقدم من أن الصدوق يتبع شيخه في التصحيح والتضعيف أتقدم صفحة 59 هذا الكلام حينما تكلمنا عن الوقوع في سند محكوم بالصحة تطرقنا إلى نوادر الحكمة لمحمد بن احمد بن يحيى بن عمران الأشعري صاحب دبة شبيب.

والمتحصل الخلاصة والزبدة أنه لم تثبت صحة جميع روايات الكافي بل لاشك في أن بعضها ضعيفة بل إن بعضها يطمأن بعدم صدورها من المعصوم "عليه السلام" والله اعلم ببواطن الأمور هذا تمام الكلام في الفصل الأول، الفصل الثاني النظر في صحة روايات من لا يحضره الفقيه يأتي عليها الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الكرام

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 24 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
24 الجلسة