شرح الزيارة الجامعة
شیخ الدقاق

006 - شرح الزيارة من قوله: السلام على أئمة الهدى

شرح الزيارة الجامعة الكبيرة

  • الكتاب: شرح الزيارة الجامعة الكبيرة
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    100

07

2023 | مايو

بسم الله الرحمن الرحيم

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى اللهم على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.

قال الإمام الهادي في الزيارة الجامعة صلواته وسلامه عليه (السلام على أئمة الهدى ومصابيح الدجى وأعلام التقى وذوي النهى وأولي الحجى وكهف الورى إلى أن يقول وورثة الأنبياء إلى آخر هذا المقطع).

قلنا أن الزيارة الجامعة مؤلفة من عدة مقاطع المقطع الأول في التسليم على الأئمة عليهم السلام هذا المقطع يتألف من خمس تسليمات تكلمنا في الدروس السابقة عن السلام الأول الذي يبدأ به الإمام الهادي عليه السلام الزيارة الجامعة بقوله (السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ومعدن الرحمة إلى آخر المقطع الأول) اليوم إن شاء الله نشرع في المقطع الثاني بمثابة الفصل الثاني من المقطع الأول وهو السلام على الأئمة.

(السلام على أئمة الهدى) تقدم بيان معنى السلام عندما تطرقنا إلى الفصل الأول السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وذكرنا ثلاثة معاني للسلام وأنسبها المعنى الثالث (السلام عليكم) أي اسم الله عليكم، يعني اسم الله وخاصيته وهي السلامة والرحمة عليكم فيكون معنى فقرة السلام على أئمة الهدى أي أن اسم الله ورحمة الله وسلامته على أئمة الهدى صلوات الله وسلامهم عليهم.

الأئمة جمع إمام وهو المقتدى قال تعالى (إني جاعلك للناس إماماً) يعني يأتم بك ويقتدي بك الناس فيتبعونك ويأخذوا عنك، والهدى عبارة عن الهداية والإرشاد والدلالة والبيان، قال الكازراني في مرآة الأنوار صفحة 227 خلاصة معنى الهداية في الاصطلاح الشرعي الدلالة إلى الحقّ والدعاء إليه وإرائة طريقة والإرشاد إليه والأمر به، وأهل البيت هم أئمة الهدى بمعنى أن الهدى يلازمهم ويتبعهم فهم أئمة الهدى يعني اللأئمة مقتدون والهدى مقتدي فالهدى يقتدي بالأئمة عليهم السلام ويدور معهم حيثما داروا وهذا المعنى مستنبط من الآيات والروايات قال الله تعالى مخاطباً نبيه الكريم (وإنك لتهدي إلى صراطٍ مستقيم) وقد جعلهم الله عدل القرآن قال (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) وقد جعلهم الله أعلام الهداية قال تعالى مخاطباً نبيه الكريم (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) في رواية عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال (رسول الله صلى الله عليه وآله هو المنذر ولكل زمان منا هادي يهديه إلى ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وآله ثم الهداة من بعده علي ثم الأوصياء من بعده واحد بعد واحد).

قال عليه السلام (ومصابيح الدجى) مصابيح جمع مصباح وهو في اللغة بمعنى السراج الثاقب المضيء ويكنى بالمصباح عن كل ما يقتدى به فتقول فلان مصباح الهدى مصباح الدين سراج الدين يعني يستنار به ويهتدى بهديه، والدجى جمع دجية بضم الدال والدجية هي الظلمة يقال (ليل دجي وليل داجي) أي ليل مظلم، فالأئمة مصابيح الدجى أي يستنار بهم في الظلمات والمراد بالظلمات ظلمات الشرك والجهل والضلالة فهم نور الإيمان والطاعات ويستنقذ الناس من مرارة الشرك والضلالات.

عن الإمام الرضا عليه السلام قال (الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار فالإمام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادي في غياهب الدجى أي في ظلمات الظلام).

قال عليه السلام (وأعلام التقى) أعلام جمع علم بفتحتين مثل أسباب جمع سبب ومعنى العلم هو العلامة وإن زيداً لتأتم الهداة به وكأنه علمٌ في رأسه نار، هنا العلم الذي فيه نار يعني بمثابة العلامة لأن الناس تأتم به هكذا تقول الخنساء في رثاء أخيها صخر، فالعلم سمي علم من العلامة وأعلام التقى يعني علامات ومنارات للتقى.

التقى مصدر اتقى يتقي وتقى يتقي تقاً وتقاءً والتقوى على وزن نجوى من الإتقاء والإتقاء في اللغة بمعنى التحذر فتقوى الله يعني التحذر من مخالفة الله فالتقوى من الوقاية يعني التقوى من الذنوب أي الوقاية من الذنوب فقال تعالى (وإياي فاتقون) التقوى في القرآن الكريم جاءت بعدة معاني كلها مرجعها إلى الحذر والوقاية.

المعنى الأول للتقوى بمعنى الخشية والهيبة، قال تعالى (وإياي فاتقون أي وإياي فاخشوني)، المعنى الثاني للتقوى بمعنى الطاعة والعبادة قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تقاتة) يعني اعبدوا الله وأطيعوه حق عبادته، المعنى الثالث التقوى بمعنى تنزيه القلوب عن الذنوب ومنه قوله تعالى (ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون) أي ينزه قلبه.

سؤال ما الفرق بين الورع والتقوى؟ الجواب الورع اجتناب الشبهات والتقوى اجتناب المحرمات والموبقات، فالتقوى هي عبارة عن اجتناب المعاصي والذنوب واجتناب المحرمات، التقوى من وقى يقي وقاية ولكي يقي الإنسان نفسه من النار يجتنب المحرمات وأما الورع فهو معنى أسمى وأرفع من التقوى فهو عبارة عن اجتناب الشبهات، قال الإمام العسكري عليه السلام (أورع الناس من اجتنب الشبهات).

وأعلام التقى قال عليه السلام (وذوي النهي) ذوي جمع ذي بمعنى صاحب فـ ذوي بمعنى أصحاب أي أصحاب النهي والنهى جمع نهيه بضم النون بمعنى (وذوي النهى) أي بمعنى أصحاب العقول فإن العقل يسمى بالنهية لأنه ينهى عن القبائح أو لأن صاحب العقل ينتهي إليها عن القبائح يعني ينتهي بواسطة النهية إلى اجتناب القبائح أو ينتهي إلى اختيارته العقلية وللعقل أسماء عديدة وردت في اللغة العربية واستعملت في المحاورات العرفية (الحصاة والحصافة والحجر والحجى والأوربة والمرة والنحيزة والآدب واللب والفطة) فإذا النهية جمعها نهى بمعنى العقل فـ ذوي النهى بمعنى أصحاب العقول لذلك أهل البيت عليهم السلام هم المعنيون لقوله تعالى (إن في ذلك آيات لأولي النهى) أي أصحاب العقول.

ففي حديث عمار فسر أولي النهى في الآية الكريمة بالأئمة من آل محمد عليهم السلام لأنهم قد بلغوا القمة في العقل وكانوا سادة العقلاء.

(وأولي الحجى وكهف الورى) فـ أولي جمع لا واحد له من لفظ فـ أولي ليس لها مفرد ويعوض عن مفرد أولي بـ بدل مفرده ذوي وهي بمعنى صاحب فتقول ذو حجى أي صاحب حجى صاحب عقل، أولي الحجى أي أصحاب، والحجى هو العقل والفطنة كما تقدم في أسماء العقل وقد يقال هذا من باب العطف وذوي النهي أي أصحاب العقول وأولي الحجي أي أصحاب العقول فيصير عطف توكيد وبيان ويصير الغرض من تكرار أن الأئمة هم أصحاب العقول هو التوكيد ومزيد البيان.

ولكن الأصل في العطف هو التأسيس لا التوكيد والإتيان بمطلب جديد وفكرة جديدة ومن هنا قد يقال بوجود مغايرة بين قوله عليه السلام (وذوي النهى) وبين قوله عليه السلام (وأولي الحجى) فيقال إن الفقرة الأولى ذوي النهي لبيان عقل المعاش والأمور الدنيوية والفقرة الثانية أولي الحجي لبيان عقل المعاد والأمور الأخروية كما أفاد سماحة السيد عبد الله شبر في كتابه الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة صفحة 69.

ولكن لا دليل على هذا التفريق لا دليل على أن هذه الفقرة الأولى ذوي النهى ناظرة للأمور الدنيوية وذوي الحجى ناظرة إلى الأمور الأخروية.

فرق ثاني قد يقال أن الأمر الأول ذوي النهى أصحاب العقول أما أولي الحجى أي أصحاب العقول والفطنة فيضاف قيد الفطنة إلى العقول ويدعى أن هذا المعنى وهو الفطنة يستعمل في تعابير اللغة العربية عند إطلاقهم لفظة الحجى فتكون لفظة الحجى دالة على الفطنة ولا تدل على العقل فقط وهذا يحتاج إلى دليل في اللغة العربية.

قال عليه السلام (وكهف الورى) فالكهف هو الملجأ والمعاد ومنه قوله (يا كهفي حين تعييني المذاهب) أي يا ملجأي وملاذي حين تعجزني مسالكي إلى الخلق وتردداتي إليهم، إذا الكهف هو الملجأ والملاذ.

الورى على وزن فتى بمعنى الخلق وكهف الورى أي وملجأ الخلق وأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم هم الملجأ والملاذ لجميع الخلائق في الدين والدنيا والآخرة، أولم يضمن علي بن موسى الرضا عليه السلام الغزال فالإمام ليس ضامن وملجأ لخصوص الإنسان فقط بل لجميع الخلق.

جاء في حديث عبد العزيز بن مسلم عن الإمام الرضا عليه السلام قال (الإمام الأنيس الرفيق والوالد الشفيق والأخ الشقيق والأم البرة بالولد الصغير ومفزع العباد في الداهية النأد) فالإمام عليه السلام عصمة المعتصمين وملجأ الملتجئين لذلك تقول (يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً فاز من ألتجأ إليكم وتمسك بكم) جعلنا الله وإياكم من المتمسكين بأهل البيت عليهم السلام لأنهم ورثة الأنبياء، ولذلك المقطع القادم هم ورثة الأنبياء نتكلم كيف ورثوا الأنبياء وما هي الأمور التي ورثها الأئمة من الأنبياء؟ وما هي الأمور التي سيظهر الإمام المهدي عليه السلام وستكون عنده مما ورثة من الأنبياء من لدن آدم إلى النبي الخاتم أبو القاسم محمد صلى الله عليه وآله.

قال الإمام الهادي وورثة الأنبياء يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

      

 

 

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 10 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: شرح الزيارة الجامعة الكبيرة
  • الجزء

    01

  • 100

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
10 الجلسة