اقتصادنا الميسر
شیخ الدقاق

015 -شكل الانتاج و طريقة التوزيع

اقتصادنا الميسر

  • الكتاب: اقتصادنا الميسر
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    100

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

البحث الخامس عشر شكل الإنتاج وطريقة التوزيع

الناس في حياتهم الاجتماعية يمارسون عمليتين مختلفتين منذ أن خلق الله آدم “عليه السلام” وإلى يومنا هذا وإلى يوم يبعثون وهما الإنتاج والتوزيع عملية إنتاج وعملية توزيع في عملية الإنتاج يبذل الإنسان جهدا في الزراعة في الصناعة في النجارة ويستخدم مختلف الآلات منها ما هو بدائي كالمحراث ومنها ما هو صناعي ومنها ما هو معقد والغرض واحد وهو استخراج خيرات الطبيعة لكي يشبع حاجاته الإنسانية والحاجات على نحويين حاجات ضرورية وحاجات كمالية حتى الطعام هناك ما هو ضروري لكي تعيش وتبقى على رمق الحياة وهناك ما هو كمالي للترفيه عن النفس والتوسعة على العيال إذن عملية الإنتاج وجدت منذ أن وجد الإنسان لاستخراج خيرات الطبيعة كذلك عملية التوزيع كانت موجودة وهي الطريقة التي يضعها الناس لاقتسام الثروة التي يحصلون عليها في عملية الإنتاج هم يتفقون مثلا سابقا كانوا يستخرجون اللؤلؤ ثم يبيعونه ثم يقتسمون الناتج إما يكون هذا إلى النوخذة والزعيم وهو يعطيهم أو يقسمونه بينهم بالسوية أو وفقا للحاجة إذن يوجد أمران موجودان قدم التاريخ وهما الإنتاج والتوزيع ولا شك ولا ريب أن عملية الإنتاج في تطور مستمر بناء البيوت منذ الزمن القديم مثل بناء البيوت والعمارات في يومنا هذا وناطحات السحاب إذن عمليات الإنتاج في تطور مستمر نظرا لاتساع خبرة الإنسان واختراع الإنسان للآلات المختلفة التي تمكنه من تحسين نوعية الإنتاج وبالتالي زادت كمية الإنتاج وفقا لتطور آلات الإنتاج هذا بالنسبة إلى الركن الأول الإنتاج وأدواته ووسائله كذلك بالنسبة إلى طريقة التوزيع النظم الاقتصادية تطورت في طريقة توزيع الثروة ولم تثبت طريقة توزيع الثروة على شكل واحد طوال التاريخ بل اتخذت أشكالا متعددة باختلاف المراحل التاريخية مثلا بعض الحكام يقول تركة الملك يأخذها الملك ويحرم الباقي من التركة بل إلى يومنا هذا في المجتمعات الإسلامية والعادية الآن في العراق كثير منهم يحرم خواته من الإرث يقول الإرث للذكور والإناث ليس لهن من نصيب.

من هنا يتجه هذا السؤال هل توجد صلة وعلاقة بين طريقة الإنتاج من جهة وطريقة التوزيع من جهة أخرى أو لا؟ وبعبارة أخرى هل تتغير وتختلف طريقة توزيع الثروة باختلاف طريقة الإنتاج وتطور وسائل الإنتاج وأدوات الإنتاج أم لا؟

جوابان ومسلكان المسلك الأول للماركسية وهي تقول نعم المسلك الثاني الإسلام يقول كلا فالماركسية ربطت طريقة توزيع الثروة بطريقة الإنتاج فكلما تطورت وسائل الإنتاج كلما تطورت وسائل توزيع الثروة والإسلام يقول لا توجد علاقة بين تطور الإنتاج وتوزيع الثروة لأن توزيع الثروة يخضع لإشباع الحاجات الإنسانية وبالتالي طريقة توزيع الثروة وفق العدل لا تتغير منذ أن خلق الله آدم إلى يومنا هذا تطور وسائل الإنتاج يسهم في زيادة الثروة لكنه لا يسهم في تغيير طريقة توزيع الثروة ما دام التوزيع عادلا بخلاف الماركسية الماركسية تقول يوجد ناسب طردي بين تطور الإنتاج وتطور التوزيع والماركسية تقول حركة المجتمع حركة تصاعدية هو في تطور دائم ومستمر وبالتالي كلما تطورت وسائل الإنتاج وأدوات الإنتاج كلما تطور التوزيع وفقا لتطور أدوات الإنتاج، إذن تعتقد الماركسية أن كل تطور في عمليات الإنتاج وأشكاله يرافقه تطور حتمي في جميع العلاقات الاجتماعية ومنها طريقة توزيع الثروة المنتجة، لماذا التغير حتمي؟

الجواب توجد نظريتان توجد نظرية العامل الإنسان وتوجد نظرية العامل الطبيعي هل الذي يؤثر في السياسة والاجتماع أمر طبيعي أو أمر إنساني، الإسلام يرى أن إرادة الإنسان هي التي تؤثر في السياسة والاجتماع في الخير والشر (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) إذن هذا رهن إرادة الإنسان لكن الاشتراكية ترى أن سبب المشكلة السياسية والاقتصادية صراع طبيعي بين طبقة البرجوازيين وطبقة اللبروليتارية يعني تناقضات الطبيعة وتناقضات الطبيعة ليست بيد الإنسان نعم بيد الإنسان أن يقدم أو يؤخر هذه التناقضات الطبيعية فإذا هناك توجد تناقضات طبيعية فالصراع بين الأمور الطبيعية وبين الاضطداد وبين التناقضات صراع حتمي وقهري فوق إرادة الإنسان وهكذا ترى المادية الغربية ترى أن سبب المشكلة السياسية هو عوز الطبيعة فإن ثروات الطبيعة في تضاءل من جهة والنسل الإنساني في تصاعد من جهة أخرى إذن توجد علاقة عكسية كلما زاد النسل البشري كلما حصل العوز في الثروات الطبيعية فالصراع أيضا حتمي لأن عوز الطبيعة ليس بيد الإنسان نعم بيد الإنسان أن يعجل بعوز الطبيعة أو يؤخر عوز الطبيعة يقتصد في النفط والغاز وغير ذلك أو يسرف إذن إلى هنا اتضح أن النظرية الماركسية والنظرية الغربية تريان حتمية الصراع الطبيعي فهما من نظريات العامل الطبيعي الحتمي بخلاف النظرية الإسلامية التي ترى أن أساس الصراع هو الإنسان وإرادة الإنسان فهي تقول بنظرية العامل الإنساني تتفق الماركسية والرأسمالية في أن العامل طبيعي يختلفان في نوع العامل الطبيعي هل هو الصراع الطبقي كما تقول الماركسية أو عوز الطبيعة وكثرة النسل كما تقول المادية الغربية الرأسمالية وبالتالي فإن الصراع بين وسائل الإنتاج من جهة وطريقة التوزيع من جهة أخرى هو صراع حتمي قهري طبيعي وبما أن هذا الصراع حتمي وطبيعي فإن أي تغيير يحصل في وسائل الإنتاج فإنه سينعكس قهرا وحتما على طريقة التوزيع فقالت الماركسية بالحتمية التاريخية فالماركسية ترى أن تناقضات المادة متقدمة تاريخا على الأفكار والآراء خلافا لهيغل الذي يرى إن تناقضات الأفكار متقدمة ويليها تناقضات المادة فهيغل يرى الحتمية الفكرية الحتمية المثالية يعني وجود تناقض في المُثل والأفكار وماركس يرى الحتمية المادية لذلك قال المادية التاريخية يعني الصراع في المادة والتناقض في المادة أسبق تاريخيا من الصراع في الأفكار أولا يحصل صراع في المادة ثم تتولد الأفكار وفقا للصراع في المادة هذه نظرية كارل ماركس، هيغل يقول أولا يحصل صراع في الأفكار والمُثل ثم بعد ذلك تأتي المادة فهيغل يقول بالأسبقية التاريخية لصراع العقول والأفكار وتناقضاتها وماركس يقول بالأسبقية التاريخية لصراع المادة.

يقول والماركسية صفحة 100 تعتقد بأن كل تطور في عمليات الإنتاج وأشكاله، ما هو منشأ التطور؟ تناقضات المادة الاقتصادية لأن كارل ماركس يرجع كل المظاهر إلى الاقتصاد وتناقضات المادة الاقتصادية فهو يرى وجود مظهر تحتاني ومظهر فوقاني والأساس هو المظهر التحتاني الصراع المادي التاريخي للمادة وأما المظهر الفوقاني مثل التحولات السياسية الاجتماعية الأسرية إلى آخره ما هي إلا مظهر وانعكاس إلى الصراع الأساسي الصراع المادي الاقتصادي.

يقول والماركسية تعتقد بأن كل تطور في عمليات الإنتاج وأشكاله يرافقه تطور حتمي لأن الصراع طبيعي صراع ناتج من تناقضات في المادة الطبيعية تطور حتمي في جميع العلاقات الاجتماعية ومن العلاقات الاجتماعية طريقة توزيع الثروة المنتجة وهذا الرأي مبني على نظرية المادية التاريخية يعني إن الصراع المادي أسبق تاريخيا من صراع الأفكار التي تزعم أن آلات الإنتاج هي القاعدة الأساسية للوضع الاجتماعي لأن تطور آلة الإنتاج يؤدي إلى تطور شكل الإنتاج كمية الإنتاج ونوعية الإنتاج وهذا يستدعي طريقة جديدة في توزيع الثروة المنتجة ويؤدي في النهاية إلى تغيير البناء الاجتماعي كله من ناحية الفكر والسياسة والاقتصاد هذا تغير البناء الاجتماعي كله يعني تغيير المظهر الفوقاني إذا تغير المظهر التحتاني فهو صراعات وتناقضات المادة المظهر الفوقاني هو انعكاسات له.

الخلاصة

تستخلص الماركسية من هذه النظرية من المستحيل أن يتحفظ نظام اجتماعي واحد بوجوده على مر الزمن دائما يتغير دائما في تطور لأن النظام الاجتماعي يخضع لتطور أدوات الإنتاج ووسائل الإنتاج عند الماركسيين من المستحيل أن تصلح طريقة واحدة للتوزيع على مر الزمن طريقة توزيع الثروة ينبغي أن تتغير وأن تمر بمراحل وفقا لمراحل تطور أدوات الإنتاج.

النظام الاجتماعي وطرق توزيع الثروة وفقا للأدوات البدائية من محراث ومسحاة يختلف عن طريق توزيع الثروة وفقا للآلة الكهربائية أو البخارية أو الشمسية أو النووية فكلما اختلف شكل الإنتاج كلما اختلف شكل توزيع الثروة والتناسب بينهما طردي فهو تناسب وتطور تصاعدي، الإسلام طريقة التوزيع مستقلة عن شكل الإنتاج أولا الإسلام يرفض الحتمية المزعومة لأنه لا يؤمن بالعامل الحتمي بل يؤمن بالعامل الإنساني ولا يؤمن بالعامل الطبيعي من قال إن منشأ الصراع السياسي والاجتماعي هو الصراع الطبقي كما تقول الماركسية أو عوض الطبيعة كما تقول الرأسمالية (ما أصابكم فمن أنفسكم) أساس الصراع الإنسان، إذن الإسلام لا يؤمن بالحتمية المزعومة بين تطور الإنتاج وتطور توزيع الثروة وتطور النظام الاجتماعي يعتقد الإسلام أنه بالإمكان الاحتفاظ بالنظام الاجتماعي وطريقة توزيع الثروة ويمكن أن يوجد نظام واحد صالح للتطبيق منذ أن خلق الله آدم “عليه السلام” إلى يوم يبعثون وهذا النظام لا يتغير مهما اختلفت أشكال الإنتاج نظرية الإسلام قائمة على أساس الفصل بين مبدأ النظام الاجتماعي ومبدأ أشكال الإنتاج، أشكال الإنتاج لا علاقة لها بالنظام الاجتماعي وطريقة توزيع الثروة وبالتالي يقدم الإسلام نظامه الاجتماعي بما فيه طريقة توزيع الثروة بوصفه نظاما صالحا للإنسانية في كل مراحل الإنسانية وقادرا على إسعاد الإنسان حينما امتلك الحجرة وحينما امتلك الذرة كما كان يسعدها حينما كانت تعمل بالآلات البسيطة المسحات والمحراث كيف هذا؟ الإسلام يقول الحياة الاجتماعية وليدة الحاجة الإنسانية وليست وليدة وسائل الإنتاج ولا بأس أن نشير إلى نظرية مهمة في الاجتماع الإنساني توجد نظريتان:

النظرية الأولى تقول إن الإنسان اجتماعي بالطبع أي أن الله فطره على الاجتماع.

وتوجد نظرية ثانية تقول إن الإنسان أناني بالطبع ولكن لكي يحقق حاجاته ورغباته هو مضطر للاجتماع من ملك استأثر فهذه النظرية تقول الإنسان أناني بالطبع مضطر للاجتماع لا أنه مفطور على الاجتماع مضطر وهذه النظرية يراها صاحب الميزان السيد محمد حسين الطباطبائي "رضوان الله عليه" يعني يقول الإنسان هو أناني يريد كل شيء إلى نفسه يحب نفسه لا يريد أن يعطي شيء لغيره لكن لكي يأتي بحاجات نفسه مضطر أن يختلط بغيره حتى يحقق رغباته النفسية.

أتذكر في مجلس الدرس كان أستاذنا سماحة آية الله المجاهد الشيخ عيسى أحمد قاسم يخالف هذه النظرية ويقول الإنسان اجتماعي بالفطرة وضرب مثالا وقال لو افترضنا أن إنسانا عاش في جزيرة ولا يوجد فيها أحد وكل شيء قد أمن له من ماء وشراب وأكل وطعام ومسكن وكل شيء أفترى هذا الإنسان إذا عاش لوحده يشعر بالسعادة مع أن جميع حاجاته الأنانية موفرة أم أنه بحاجة إلى الاجتماع مع غيره.

كان أستاذنا آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم "حفظه الله" يقول الإنسان لا يستطيع أن يعيش هكذا ولعلي أؤيد كلامه بدليلين الأمر الأول السجن الانفرادي الإنسان إذا انسجن مع غيره ربما يتسلى مع غيره لكن إذا سجن لوحده ربما يفقد قدرة النطق على الكلام ربما يصاب بالجنون والأمر الثاني ما شهدناه في جائحة كرونا لو افترضنا إنسان جلس في بيته حتى لا يصاب بفايروس كرونا وكل شيء متوفر عنده من طعام وشراب و... مع مرور مدة معتد بها لا يستطيع البقاء لوحده الآن أكثر الشعوب تظاهرت ضد الحكومات أفتحوا الإغلاق وليس الدافع اقتصادي فقط الدافع اجتماعي.

إذن الضمان الاجتماعي والحياة الاجتماعية وليدة حاجات إنسانية وليست وليدة حاجات أنانية حاجة إنسانية وبالتالي من قال إن الحياة الاجتماعية تابعة إلى تطور وسائل الإنتاج الحياة الاجتماعية مرهونة بحاجة الإنسان الذي فطر على الاجتماع وهذا سبب أساسي وفارق رئيسي بين الإسلام والماركسية في نظرتهما للعلاقات الاجتماعية وطريقة توزيع الثروة فالماركسية ترى أن طريقة توزيع الثروة والحياة الاجتماعية تابعة لشكل الإنتاج وتطور شكل الإنتاج يؤدي إلى تطور الحياة الاجتماعية، إذن الحياة الاجتماعية للإنسان في الفكر الماركسي وليدة القوى المنتجة لأن آلات الإنتاج هي القاعدة الأساسية والرئيسية في تاريخ الإنساني كله بحسب النظرة الماركسية فإذا تغير شكل القوى المنتجة تغير شكل الحياة الاجتماعية ويولد نظام اجتماعي جديد كلما تطورت وسائل الإنتاج أما الإسلام فلا يرى أن الحياة الاجتماعية تابعة لوسائل الإنتاج وأدوات الإنتاج بل الحياة الاجتماعية نابعة من حاجات الإنسان نفسه لذلك الآن مثلا أنت ترى البحراني متعود على الاجتماع عنده علاقة مع أسرته مع جيرانه يأتي إلى إيران صعب عليه لأن في إيران العلاقات بين الجيران والعلاقات تختلف كثير منهم ما يتحمل الغربة بعضهم ما شاء الله الخيرات موجودة عنده ما يتحمل الغربة لأنه عنده حاجات إنسانية يعني وجود أبيه أمه أخوه أخته هذا يسد حاجات إنسانية عنده وبالتالي من الذي يحرك التاريخ هل عوز الطبيعية كما تقول الرأسمالية أو الصراع الطبقي كما تقول الماركسية أو أن الذي يحرك التاريخ هو الإنسان نفسه الإنسان يصنع تاريخ نفسه بنفسه فالإنسان هو القوى المحركة للتاريخ وهو يحرك عجلة التاريخ وليس وسائل الإنتاج الإنسان هو الذي يتحكم في وسائل الإنتاج فضلا عن الحياة الاجتماعية فقد خلق الإنسان على حب ذاته والسعي لأجل إشباع حاجاته ورغباته واستخدام كل ما حوله من أجل توفير          السعادة لنفسه.

لاحظ صفحة 102 وقد وجد الإنسان نفسه مضطرا إلى الارتباط بالآخرين والتعاون معهم هذه العبارات تفيد نظرية صاحب الميزان يعني الإنسان أناني بالطبع اجتماعي بالاضطرار والانطرار، العبارة مؤلفة من جزأين الجزء الأول فقد خلق الإنسان مفطورا على حب ذاته يحب ذاته أناني الجزء الثاني وقد وجد الإنسان نفسه مضطرا إلى الارتباط بالآخرين والتعاون معهم ليتمكن من إشباع حاجاته على نحو أفضل يعني هو أناني بالطبع اجتماعي بالاضطرار فنشأت العلاقات الاجتماعية على أساس تلك الحاجات هذه النظرية لا نقبلها وفاقا لشيخنا الأستاذ صح الإنسان مفطور على الأنانية لكن الذي يدعوه إلى الاجتماع ليس هو اضطراره وإنما حاجة نفسية موجودة عنده لو توفرت له كل الأمور هو بحاجة نفسية، إذن الحياة الاجتماعية وليدة الحاجات الإنسانية والنظام الاجتماعي هو الذي يشكل وينظم الحياة الاجتماعية وفقا للحاجات الإنسانية.

الواقع التاريخي للإسلام يكذب رأي الماركسية منذ أن بعث نبي الإسلام محمد "صلى الله عليه وآله" إلى يومنا هذا مجتمع مكة والمدينة مجتمع زراعي لما جاء النبي غيره إلى مجتمع صناعي؟ بقي كما هو إما يصيدون في البراري أو يزرعون في الأراضي النبي ما غير وسائل الإنتاج النبي غير الفكر الذي يمسك بوسائل الإنتاج وهنا نذكر لكم نقطتين مهمتين:

النقطة الأولى قاعدتان فلسفيتان اجتماعيتان القاعدة الأولى إن الإنسان يتحرك بوجوده الذهني لا بوجوده الواقعي فلو كان خلفي جدار في الواقع وتوهمت وتصورت أن خلفي أسد مفترس فإنني سأفر ولن أواصل الدرس معكم ولو كان خلفي أسد في الواقع وتوهمت أنه جدار فإنني لن أتزحزح في مكاني فالإنسان يتحرك بوجوده الذهني لا بوجوده الواقعي هو ماذا يتصور؟ هذه قاعدة فلسفية.

القاعدة الثانية فلسفية أيضا يقولون ليس المهم ما هو موجود في ذهنك في الحركة الاجتماعية وإنما المهم كيف يتلقى الطرف الآخر ما تطرحه من أفكار فلربما تطرح فكرة عميقة ودقيقة وتعد من الأفكار الأبكار في الفلسفة ولكن المستمع إذا استمع إليها قد يكفر برب العالمين ربما تطرح كلاما فيه احترام لكن الطرف الآخر بحسب ثقافته يتصور أن هذه إهانة وبالتالي الإنسان اللبق اجتماعيا الذي يعرف يتحرك ويتعاطى مع الناس يستطيع أن يقيس ردات الفعل بميزان زنبركي فنان يعرف كيف يتعامل مع المجتمع رسول أبو القاسم محمد "صلى الله عليه وآله" أولا غيّر المفاهيم الذهنية في المجتمع القرشي والمدني فنقل هذا المجتمع البدائي من دون أن يغير وسائل الإنتاج من محراث ومسحات نقل فكرة من وئد البنات والنهب والسلب إلى أرقى الأمم أوصله إلى أرقى الأمم وذلك من خلال إتقانه للتعامل مع العرب فكان في كلامه في سلوكه يتقن المعاملة معهم وبالتالي أسس رسول الله "صلى الله عليه وآله" مجتمعا جديدا هذا المجتمع الجديد لم يكن بسبب تغير وسائل الإنتاج وأدوات الإنتاج كما تقول الماركسية النبي "صلى الله عليه وآله" لم يغير وسائل الإنتاج وإنما غيّر وسائل التفكير حينما ارتقى بعقولهم صاروا من أرقى الأمم هذا الذي تشير إليه الرواية إنما بعث الله الأنبياء لكي يثيروا في الناس دفائن عقولهم بالتالي الإسلام ينكر الصلة بين وسائل الإنتاج وبين طريقة توزيع الثروة والنظام الاجتماعي والواقع التاريخي للإسلام يدلل على ذلك بعد أن كانت أمة يقتل بعضها بعضا ويغير بعضهم على بعض ويسود الظلم أدى إلى سيادة العدالة وإلى الفتوحات الإسلامية لأن النبي "صلى الله عليه وآله" غير أذهان الناس وقال (الناس سواسية كأسنان المشط وقال كلكم لآدم وآدم من تراب) وقال (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) وحينما جاءه شخص وقد هابه فقال له "صلى الله عليه وآله" (هون عليك إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل الثريد).

بينما نجد الماركسية لها أقوال في كل قرن مثلا في القرن الثامن عشر كانت تقول لا يجهلن سوى الأبله أن طبقات الدنيا يجب أن تضل فقيرة وإلا فإنها لن تكون مجتهدة إذا استغنت ما تكون مجتهدة فلتكن فقيرة ويقول في القرن التاسع عشر وليس للذي يولد في عالم تم امتلاكه حق في الغذاء ما له حق في الغذاء، إذا تعذر عليه الظفر بوسائل عيشه عن طريق عمله أو أهله بينما يقول الإسلام معلنا التضامن الاجتماعي من ترك ضياعا فعلي ضياعه نرتب له الضيعة ـ الأرض ـ ومن ترك دينا فعلي دينه ويقول أمير المؤمنين "عليه أفضل صلوات المصلين" (ما جاع فقير إلا بما متع به غني) فوعي الإسلام لقضايا العدالة الاجتماعية للتوزيع نابع من الوعي الفكري وليس نابع من تطور وسائل الإنتاج وبالتالي الانقلاب الإسلامي في العلاقات الاجتماعية وطريقة توزيع الثروة لم يكن مرتبطا بالوضع الاقتصادي الماركسية تربط الظواهر بالوضع الاقتصادي ليس للوضع الاقتصادي أثر رئيسي في هذا وإنما الأثر الرئيسي هو الفكر الإسلامي هناك أسس فكرية وروحية هي التي أعطت الناس الحياة الحقيقية.

الخلاصة تعتقد الماركسية بأن كل شكل من أشكال الإنتاج يفرض طريقة خاصة من طرق التوزيع، الثاني أما الإسلام فهو يرى أن طريقة التوزيع تفرضها حاجات الإنسان ولا علاقة لذلك بشكل الإنتاج، الثالث الواقع التاريخي للإسلام دليل قاطع على بطلان رأي الماركسية في تبعية الوضع الاقتصادي لآلات الإنتاج.

البحث السادس عشر هدف الإنتاج يأتي عليه الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 17 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: اقتصادنا الميسر
  • الجزء

    -

  • 100

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
17 الجلسة