اقتصادنا الميسر
شیخ الدقاق

016 - هدف الانتاج

اقتصادنا الميسر

  • الكتاب: اقتصادنا الميسر
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    100

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

البحث السادس عشر هدف الإنتاج

تتفق جميع الأنظمة الاقتصادية على مبدأ تنمية الإنتاج لكنها تختلف في الهدف والغاية المتوخاة من تنمية الإنتاج فما هو الهدف الأساسي والرئيسي من تنمية الإنتاج واستثمار خيرات الطبيعة؟

الاقتصاد الرأسمالي يعتبر تنمية الثروة بحد ذاته هدفا أصليا وغاية أساسية فكلما كبر رأس المال كلما زادت الوفرة فالاقتصاد الرأسمالي يسعى إلى تنمية رأس المال حتى يحرك الاقتصاد وبالتالي دائما الاقتصادي الرأسمالي يسعى إلى تنمية الثروة بوضعها الكلي وبشكل منفصل عن توزيع الثروة حصل توزيع أو لم يحصل توزيع لابد أن يكبر رأس المال فالهدف هو ازدياد مجموعة الثروة بغض النظر عن أن هذه الثروة وزعت على أفراد المجتمع أو لم توزع أما الاقتصاد الإسلامي فهو يختلف مع الرأسمالية الإسلام لا يرى أن تنمية الثروة بحد ذاته هدف كلا الإسلام يرى أن تنمية الثروة من أجل سد الحاجات فتنمية الثروة لا ينفصل عن توزيع الثروة بينما الرأسمالية ترى إن تنمية الثروة مطلوبة من دون النظر إلى توزيع الثروة وبالتالي لابد أن ندرس نقطتين:

الأول مفهوم الإسلام عن الثروة

الثاني ربط تنمية الإنتاج بالتوزيع

أما الأمر الأول يذكر السيد الشهيد الصدر "رحمه الله" طائفتين من الروايات يعني مجموعتين من الروايات وقبل أن نقرأ الروايات نقدم هذه المقدمة المهمة في علم الأخلاق.

في علم الأخلاق يقسم الأخلاقيون الدنيا إلى قسمين دنيا محمودة ودنيا مذمومة ما الدنيا المحمودة فهي الدنيا التي تكون قنطرة إلى الآخرة الدنيا التي لا تطلب لذاتها بل تطلب للآخرة فهي دنيا محمودة فعندنا مقدمة وهي الدنيا وعندنا ذو المقدمة وهو الآخرة.

القسم الثاني الدنيا المذمومة هو طلب الدنيا للدنيا لا للآخرة أطلب الدنيا لذاتها هذه دنيا مذمومة، هذان المفهومان وردا في قصة وهي أن أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلين زار أحد أصحابه وكانت داره كبيرة وواسعة فقال يا فلان ما أحوجك إليها في الآخرة ولست بحاجة إليها في الدنيا نعم نعم الدار الواسعة تقرأ بها الضيف وتغيث بها الملهوف في هذه الرواية يعني طلب الدار الواسعة لذات الوسع والدنيا أمر مذموم طلب السعة في الآخرة أفضل من الدنيا ولكن طلب السعة لأغراض أخروية إعالة الضيف إغاثة الملهوف هذه دنيا محمودة لذلك نجد بعض الروايات تذم الدنيا وتذم المال فهي ناظرة إلى الدنيا المذمومة طلب المال للمال ونجد طائفة ثانية من الروايات تنعت المال وتنعت الثروة من أجل الآخرة فهي ناظرة إلى الدنيا المحمودة.

صفحة 107 أولا مفهوم الإسلام عن الثروة يمكن تقسيم النصوص التي تحدد نظرة الإسلام إلى الثروة إلى قسمين:

القسم الأول تمثله النصوص التالية وهي ناظرة إلى الدنيا المحمودة الدنيا التي هي قنطرة وجسر إلى الآخرة يقول علي "عليه السلام" (الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر فخذوا من ممركم إلى مقركم)، القسم الأول تمثله النصوص التالية:

الأول قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" (نعم العون على تقوى الله الغنى) إذن الغنى مقدمة وعون لتقوى الله هذه دنيا محمودة غنا محمود.

الثاني وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" أيضا (اللهم بارك لنا في الخبز ولا تفرق بيننا وبينه ولولا الخبز لما صلينا ولا صمنا ولا أدينا فرائض ربنا) إذن مقدمة لعبادة الله الخبز دنيا محمودة إذا كان مقدمة للتقوى على الصلاة والصيام.

الثالث وقال الإمام الصادق "عليه السلام" (إن نعم العون على الآخرة الدنيا) الدنيا مقدمة والآخرة مقدمة.

الرابع وقال الصادق "عليه السلام" (لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال يكف به وجهه يعني ما يبذل وجهه أمام الناس ويسأل الناس يصير عزيز، ويقضي به دينه ويصل به رحمه) فهذه دنيا جمع المال هذا دنيا محمودة تؤدي إلى صلة الرحم والكفاف في العيش.

القسم الثاني تمثله النصوص التالية هذه الدنيا المذمومة طلب المال للمال طلب الدنيا للدنيا الأول قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" (من أحب دنياه أضر بآخره ليس المراد دنياه التي توصل إلى الآخرة إذا أحب دنياه التي توصله إلى الآخرة لم تتضرر آخرته، من أحب دنياه يعني من دون الآخرة ؟؟؟ بآخرته لذلك ورد ضرتان لا تجتمعان الدنيا والآخرة).

الرواية الثانية وقال الإمام علي "عليه السلام" (إن من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا).

الرواية الثالثة وقال الإمام الصادق "عليه السلام" (رأس كل خطيئة حب الدنيا)، رواية عن الإمام علي (حب الدنيا رأس كل خطيئة) ليس المراد الدنيا التي توصله إلى الآخرة تنحب أو لا تنحب تنحب الدنيا التي توصل إلى الآخرة هل المطلوب الزهد فيها لا المطلوب الرغبة فيها، إذن الرواية الثانية إن من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا يعني الدنيا المذمومة بمعزل عن الآخرة لا الدنيا المعينة على الآخرة.

الرواية الثالثة (رأس كل خطيئة حب الدنيا) يعني بمعزل عن الآخرة.

الرواية الرابعة وقال الصادق "عليه السلام" (أبعد ما يكون العبد من الله إذا لم يهمه إلا بطنه وفرجه) بعض الروايات تقول (أضر به أسفلاه البطن وما تحت البطن) إذن هناك تفاوت بين هذين القسمين من الروايات فالدنيا والثروة نعم العون على طاعة الله في القسم الأول بينما رأس كل خطيئة القسم الثاني إذن القسم الأول ناظر إلى الدنيا المحمودة والقسم الثاني ناظر إلى الدنيا المذمومة.

الخلاصة الثروة بما هي هي مطلوبة في الرأسمالية وليست مطلوبة في الإسلام نعم الثروة لا بما هي هي بل بما هي توجب الخيرات مطلوبة لذلك ورد عندنا (قام الإسلام على ثلاث سيف علي ومال خديجة وأخلاق محمد "صلى الله عليه وآله") إذن الثروة أموال خديجة كان لها تأثير في تبليغ الدين.

النقطة الثانية ربط تنمية الإنتاج بالتوزيع الإسلام يرفض فكرة الرأسمالية أن الإنتاج مطلوب بمعزل عن التوزيع لان الإسلام لا يهتم بنمو الثروة بمعزل عن المجتمع وتلبية رغبات واحتياجات المجتمع فإذن الإسلام يرغب في تنمية الإنتاج بمقدار ما يزيد في التأثير الإيجابي في الحياة الاجتماعية ومعيشة الناس وأما تنمية الثروة بمعزل عن رفاهية الناس والحياة الطيبة للناس فليس بمطلوب لذلك نجد هذه الرواية عن النبي "صلى الله عليه وآله" (إن الدنانير الصفر والدراهم البيض مهلكاكم كما أهلك من كان قبلكم).

لمن ننتج الاقتصاد الرأسمالي يربط بين الإنتاج والطلب وبالتالي لا ينتج إلا إذا وجد طلب فإذا زاد الطلب أنتج ويكون الإنتاج سعره مرتفعا وأما إذا لم يوجد طلب فلا ينتج رغبة في رفع سعر الإنتاج لذلك دائما المشاريع الرأسمالية الاستثمارية تلحظ الربح وكلما زاد الطلب قلت هذه المشاريع إذا قل الطلب إذا زاد الطلب يزيد الإنتاج لأنه يؤدي إلى ارتفاع الثمن من دون نظر هذه حاجة استهلاكية ضرورية أو هذه حاجة كمالية وبالتالي لو كانت هناك حاجة أساسية مثل الخبز ولا يوجد عليها طلب كثير فإن الرأسماليين لن يعتنوا بتكثير الخبازين ولكن لو صار طلب على أمر كمالي مثل الكعك زواج كثير وكلهم يريدون كعكة كبيرة فإنهم سينتجوا الكثير من الكعك لأن هناك طلب على الكعك والمكسرات وبالتالي سينتج الكماليات كالكعك ويهملوا الضروريات كالخبز هذه نظرة رأسمالية الإنتاج يدور مدار الطلب وعدمه الإسلام الإنتاج يدور مدار الحاجة وعدمه هناك حاجة إلى طلب كمالي الكعك أنتج وهناك حاجة إلى طلب ضروري كالخبز أنتج سواء كثر الطلب أو قل الطلب وبالتالي يدور إنتاج الرأسماليين مدار القوة الشرائية فإذا توجد قوة شرائية للكعك والمكسرات والكماليات فإن المخابز ستخبز وستصنع الكعك وستهمل الخبز بينما ما دام لا يوجد طلب كثير على الخبز أو افترض هناك طلب على الخبز لكن ثمنه بخس دراهم معدودة فإن هذا لن يشكل أولوية للاقتصاد الرأسمالي فالإنتاج في الاقتصاد الرأسمالي يدور مدار القوة الشرائية والقوة الشرائية موجودة في قلة تسيطر على ثروات البلاد.

الآن أكثر البلدان حتى هنا في الأسواق الخيرات متوفرة أنواع وأشكال لكن أكثر الناس ليست لديها قدرة شرائية نعم هناك قلة خاصة عندها قدرة شرائية فتجد بعض المتاجر المهم عنده الزبائن الذين لديهم قدرة شرائية فيأتي بالبضائع التي يمكن أن يشتريها أرباب رؤوس الأموال وهناك دكاكين أو سوبر ماركتات لا المهم عندها احتياج عموم الناس.

تلخيص الموفق الإسلامي من الإنتاج في ثلاث نقاط:

أولا يحتم الإسلام على الإنتاج أن يوفر إشباع الحاجات الضرورية لجميع أفراد المجتمع إذن لابد أن يتوفر مستوى الكفاية لجميع أفراد المجتمع.

النقطة الثانية يحتم الإسلام على الإنتاج أن لا يوديه إلى الإسراء في رواية عن النبي "صلى الله عليه وآله" (اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم) أو لم تسمعوا بما حصل في حضارة سبأ وغيرها من الحضارات بعض الحضارات من كثرة الخيرات وصلوا إلى درجة من الاستهتار إلى هذا الحد وهو أنهم كانوا يتطهرون من التغوط بالخبز ويأخذون الخبز ويزيلون عذرة الغائط بالخبز حتى تراكم الخبز وأصبح جبلا، جبل من الخبز المملوء بالعذرة فابتلاهم الله بالقحط والجوع واضطروا لأكل الخبز مع إدامه الخبز وما فيه من الغائط الذي جعلوه إداما لهم أحيانا الإنسان يطغى (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى).

ثالثا يسمح الإسلام للدولة بالتدخل في الإنتاج لكي تضمن الحد الأدنى من إنتاج السلع الضرورية، السلع الضرورية لابد أن تتوفر ما يصير احتكار إذا يصير احتكار وجب على حاكم المسلمين أن يجبر المحتكرين أن يخرجوا السلع ويبيعوها إذن لابد لضمان سير الإنتاج من إشراف وتوجيه الدولة.

الخلاصة الاقتصاد الرأسمالي يعتبر تنمية الثروة هدفا بحد ذاته وينظر إليها بشكل مستقل عن طريقة التوزيع اثنين الاقتصاد الإسلامي ينظر إلى تنمية الثروة والتوزيع نظرة موحدة من أجل ضمان مستوى الكفاية لجميع أفراد المجتمع الثالث في الاقتصادي الرأسمالي تتحكم القوة الشرائية في توجيه الإنتاج من ناحية كمية الإنتاج ونوعية الإنتاج، الرابع أما الاقتصاد الإسلامي فإنه يوجه الإنتاج لتوفير الحاجات الضرورية لجميع أفراد المجتمع بغض النظر عن القوة الشرائية عنده قدرة شرائية أو ما عنده قدرة شرائية المفروض هذه الحاجات تتوفر ويمنع من إنتاج ما يزيد على حاجة المجتمع الاستهلاكية لأنه نوعا من الإسراف المحرم شرعا، البحث السابع عشر الإطار العام للاقتصاد الإسلامي هذا الدرس الأخير يأتي.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 17 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: اقتصادنا الميسر
  • الجزء

    -

  • 100

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
17 الجلسة