اقتصادنا الميسر
شیخ الدقاق

017 - الإطار العام للاقتصاد الإسلامي

اقتصادنا الميسر

  • الكتاب: اقتصادنا الميسر
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    100

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

البحث السابع عشر الإطار العام للاقتصاد الإسلامي

هذا البحث من أروع البحوث في كتاب اقتصادنا الميسر إذ أنه يسلط الضوء على الفكر الإسلامي فيما يتعلق بالاقتصاد الإسلامي.

الإطار الديني للاقتصاد الإسلامي

الأنظمة المختلفة كالرأسمالية والإشتراكية والشيوعية وغيرها من الأنظمة العالمية تتسم بأنها تفصل الاقتصاد في مذهبها عن بقية الأمور وخصوصا الدين بخلاف الاقتصاد الإسلامي فإن الاقتصاد الإسلامي يتميز ويمتاز بأن الاقتصادي الإسلامي لا يمكن فصله عن الدين لأن الدين هو الاطار الشامل لحياة الإنسان فكل إنسان لديه أربعة علاقات أولا علاقته بربه ثانيا علاقته بنفسه ثالثا علاقته بأخيه الإنسان رابعا علاقته بالكون والطبيعة والدين يرسم معالم جميع هذه العلاقات الأربع ومنها علاقة الإنسان بأخيه الإنسان وعلاقة الإنسان بالطبيعة والكون الذي يعيش فيه إذن معالم الحياة الاقتصادية والمعيشة للفرد والمجتمع لابد أن ينظر إليها الدين الإسلامي هذا الإطار وهو كون الدين مشرفا على الحياة  الاقتصادية يجعل النظام الاقتصادي الإسلامي قادرا على النجاح لأن الاقتصاد الإسلامي ليس معزولا عن الدين بل تحت إشراف الدين وبالتالي سيحقق الاقتصاد الإسلامي مصالح الفرد والمجتمع وسيحقق المصالح الاقتصادية والطبيعية والاجتماعية للإنسان لأن هذه المصالح لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق الدين أما كيف تتحقق هذا الآن مجرد شعار كيف ندعي أن الدين هو الوحيد الذي يمكن أن يحقق مصالح الإنسان؟

الجواب قبل أن نجيب نقدم مقدمة في تنوع مصالح الإنسان، مصالح الإنسان في حياته المعيشية على نحويين:

النحو الأول المصالح الطبيعية

النحو الثاني المصالح الاجتماعية

سؤال ما الفرق بين المصالح الطبيعية والمصالح الاجتماعية؟ الجواب المراد بالمصالح الطبيعية المصالح التي تقدمها الطبيعة للإنسان كاستخراج العقاقير من أعشاب الطبيعة فإن الكثير من الأدوية والعقاقير الطبية إنما تستخرج من الأعشاب الموجودة في الصحاري والبراري والغابات والمزارع وغير ذلك إذن من مصلحة الإنسان أن يظفر بالدواء والعقار الموجود في الثروات الطبيعية فالدواء والعقار وغير ذلك مما هو موجود في عالم النبات والحيوان والطبيعية يقال له إنه مصلحة من المصالح الطبيعية فالإنسان بوصفه كائنا طبيعيا هو عرضة للأمراض والمضار ومهاجمة الفيروسات سواء عاش لوحده منفردا أم عاش مع أخيه ضمن الاجتماع الإنساني وبالتالي من مصلحة كل فرد كما من مصلحة كل مجتمع أن يستخرج العقاقير الطبية من الطبيعة وليس المثال مختصا بالعقار الطبي بل هذه الثروات الموجودة في الطبيعة من خشب وحديد إلى آخره إذن هناك مصالح طبيعية والمراد بها المنافع التي تقدمها الطبيعة للإنسان أفرادا وجماعات فالإنسان كفرد والإنسان كمجتمع هو بحاجة إلى هذه المنافع والمصالح،‌هذا النوع الأول المصالح الطبيعية.

النوع الثاني المصالح الاجتماعية مثل مصلحة الإنسان في مبادلة منتوجه بمنتوج آخر أو مصلحة الإنسان في توفير الضمان الاجتماعي له أو التأمين الصحي في يومنا هذا المعبر عنه بالبيمة فهذه مصلحة اجتماعية وليست مصلحة طبيعية فالإنسان كفرد لا تنبثق هذه الأمور منه لكن كفرد عاش مع فرد آخر بخلاف المصالح الطبيعية المصالح الطبيعية حتى لو هو لوحده يحتاج إلى عقار طبي يحتاج إلى خشبة الطبيعة فهذه مصالح طبيعية يحتاجها الفرد والمجتمع أما المصالح الاجتماعية إذا الإنسان لوحده لا يوجد غيره كيف تتم المبادلة لكي يحصل التبادل في السلع والمنتوجات يحتاج إلى فرد آخر فهذه المبادلة الاجتماعية هذه المبادلة الاقتصادية من المصالح الاجتماعية فالمراد بالمصالح الاجتماعية المصالح التي يحققها النظام الاجتماعي بوصف الإنسان فردا من أبناء المجتمع وبوصف الشخص كائنا من مكونات الاجتماع العام ويرتبط بعلاقات مع الآخرين مثل مبدأ‌ مبادلة المنتوجات والسلع مع الآخرين مثل مبدأ الضمان الاجتماعي في حالات العجز والتعطل مثل مبدأ‌ البيمة عند المرض إذن كل إنسان لديه مصالح طبيعية ومصالح اجتماعية يعني هناك منافع طبيعية وهناك منافع اجتماعية المنافع الطبيعية يأخذها من الطبيعة سواء كان فردا أو كان مجتمعا فهو بحاجة إلى الوقود بحاجة إلى الغاز بحاجة إلى الماء بحاجة إلى الخشب بحاجة إلى الدواء سواء كان فردا أو مجتمعا فهذه مصالح ومنافع اجتماعية وهناك مصالح ومنافع اجتماعية يعني تحصل بسبب الاجتماع الإنساني مثل مبدأ الضمان الاجتماعي عند الفقر وعند العوز من الذي يضمن له الطبيعة؟ أخوه الإنسان هو الذي يضمن له، أو مبدأ البيمة والضمان الصحي يضمن له القانون والدولة وهكذا مبادلة المنتوجات الاقتصادية يسمح له القانون الاقتصادي والنظام الاقتصادي.

سؤال كيف يستطيع الإنسان أن يؤمن كلتا المصلحتين المصلحة الطبيعية والمصلحة الاجتماعية؟ الجواب الحصول فرع المعرفة أولا لابد أن يعرف المصلحة الطبيعية ولابد أن يعرف المصلحة الاجتماعية فإذا لم يتوفر الإنسان على القدرة على معرفة المصلحة الطبيعية والاجتماعية وأساليب إيجادها فإنه لن يحصل على ذلك فمثلا لو لم يتعرف الإنسان على البترول لما استطاع أن يستخرجه من باطن الأرض ولو لم يتعرف على معدن الذهب والفضة والحديد لما استطاع استخراجها من المناجم ولو لم يتعرف على العقار الفلاني في العشب الفلاني لما استطاع أن يستخرجه من ذلك العشب ومن ذلك الكلأ إذن الإنسان لكي يستخرج دواء السل لابد أن يعرف العشب المعين ولابد أن يعرف أسلوب استخراج العقار من ذلك العشب الخاص، لابد أن يملك الدافع الذي يدفعه لاكتشاف العقار واستحضار العقاقير كذلك الحال بالنسبة إلى ضمان المعيشة والمصلحة الاجتماعية لابد أن يعرف أنواع المصالح الاجتماعية، يعرف أن هناك تأمين على العمل وهناك تأمين على الحياة وهناك تأمين على المبنى وهناك تأمين على السيارة فلو لم يعرف أنواع التأمين والبيمة لما أقدم على عمل البيمة وهكذا لابد أن يعرف كيفية مبادلة سلعة بسلعة وطرق التجارة حتى يكون ناجحا في تجارته ومبادلاته الاقتصادية وهكذا ينبغي أن يكون عارفا بمبدأ الضمان الاجتماعي وطرق الضمان الاجتماعي وأنواع الضمان الاجتماعي لابد أن يكون عنده دافع داخلي لكي يقوم بالضمان الاجتماعي وإلا تجد بعض الأشخاص لم لا تعمل لك بيمة الموت من رب العالمين لا حاجة إلى البيمة لم لا تعمل ضمان اجتماعي لا حاجة لي إلى الناس لا أريد هذا الضمان إذن لكي تتحقق كلتا المصلحتين لابد من تحقق أمرين.

سؤال ما هما المصلحتان اللتان نبحثهما؟ الأولى المصالح الطبيعية، الثانية المصالح الاجتماعية، لابد من تحقق أمرين وهما الأول المعرفة يعني معرفة المصالح الاجتماعية ومعرفة المصالح الطبيعية الإنسان عدو ما يجهل إذا لا يعرف المصالح الطبيعية لن يستخرجها إذا لم يعرف المصالح الاجتماعية لن يقدم عليها الدافع الذاتي الآن إذا شخص جائع ويريد يأكل هو في صحراء أولا لابد أن يعرف الأكل هذا يؤكل أو لا يؤكل ربما شيء لا يؤكل أو شيء يسمه يجد فطر سام وفطر غير سام إذن لابد أن يعرف الطعام الصحي والسليم ويفرق بينه وبين الطعام السام ثانيا لابد أن يكون لديه دافع إذا كان شبعان ويأتيه رزقه لن يقدم على أكل الفطر أما إذا كان جائع فإنه سيقدم.

خلاصة البحث

الإنسان لديه مصالح طبيعية ومصالح اجتماعية ولكي يحوز كلا المصلحتين لابد من تحقق أمرين الأول معرفة المصالح ثانيا وجود دافع ذاتي داخلي يحركه نحو الحصول على تلك المصالح.

السؤال الثاني ما هي العلاقة بين المصلحتين والدافع الذاتي هل هي علاقة انسجام أو علاقة اصطدام؟ ولنفصل الجواب في قسمين تبعا لمصلحتين:

المصلحة الأولى المصالح الطبيعية

سؤال ما هي العلاقة بين المصالح الطبيعية وبين الدافع الذاتي للإنسان؟ هل هناك انسجام وتناسب طردي أو تناسب عكسي؟ الجواب يوجد انسجام يعني الإنسان بمجرد أن يجد مصلحة ومنفعة في الطبيعة ذاتيا يقبل عليها سواء كان فردا أو كان مجتمعا والدليل على ذلك إذا سافرت أو ذهبت إلى مكان ووجدت مزرعة أو فاكهة غريبة أو أكل غريب أو أي شيء مما تجود به الطبيعة عليك فإنك من تلقاء نفسك تندفع نحوه فتجد الأب يقول لأبنه توقف يا ولدي هذه مزرعة للناس لا تأكل منها من دون إذنهم إذا تذهب إلى رحلة مع الأولاد تتورط فإن الولد يقدم على قطف الفواكه من الشجرة إذن هناك تناسب طردي بين الثروات الطبيعية والدوافع الذاتية فكلما زادت الثروات كلما زاد الدافع الذاتي نحو التحرك نحوها.

سؤال ما هي العلاقة بين المصالح الاجتماعية والدافع الذاتي؟ يعني توجد عندنا مصالح اجتماعية وتوجد عندنا دوافع ذاتية فهل يوجد تناسب بينهما أو تعارض واصطدام بينهما؟

لو كنت صاحب شركة وصاحب مؤسسة هل أنت مع رفض أجور الموظفين أو مع خفض أجور الموظفين؟ لو كنت صاحب شركة وطالب الموظفون بتأمين صحي وأنت الذي تدفع وليس هم ليس من رواتبهم قالوا هذا حقنا ولابد أن نطالب بحقنا ومن حقوقنا البيمة والضمان نحن لا نسكت عن حقنا وأنت كرئيس ومدير من داخلك هل تندفع نحو إعطائهم أو منعهم، لا تميل فإذن أنت كفرد ترى أن هذه المصلحة الاجتماعية ضد مصالحك أنت كتاجر لا تميل لإعطاء الموظفين ضمانا صحيا أنت كتاجر لا تميل لإعطاء الموظفين ضمانا اجتماعيا هذا يعمل أنت تعطيه راتب مرض أصبح عاجزا أنت تعطيه راتب أو لا؟ بحسب الدافع الذاتي للإنسان لا تدخل الدين الآن والإنسانية نحن نتكلم عن الإنسان بما هو إنسان إذن هناك اصطدام بين المصالح الاجتماعية والدوافع الذاتية للأفراد يعني الإنسان كفرد هو ضد المصالح الاجتماعية نعم هو كمجتمع يسعى لتحقيقها ولكن كفرد لا يقبل بتحقيقها فليحققها غيري فرئيس الشركة والمدير كفرد لا يوجد عنده دافع ذاتي نحو إعطاء التأمين الصحي ولا يوجد عنده دافع ذاتي نحو إعطاء الضمان الاجتماعي وبالتالي كل فرد عنده دافع ذاتي لاستخراج الدواء من الطبيعة يوجد انسجام بين الدافع الذاتي وبين المصالح الطبيعية ويوجد اصطدام بين الدافع الذاتي والمصالح الاجتماعية هنا يأتي الدين ويقول ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، يأتي الدين ويقول أنت تنازل لغيرك من أجل الله، يأتي الدين ويقول الحياة لا تقتصر على حياة الدنيا حتى تمنع الموظفين من الضمان الصحي أو الضمان الاجتماعي بل أعطهم والله عز وجل سيزيد في ثروتك في الدنيا وسيجزي لك العطاء في الآخرة، لماذا الدين هو الوحيد الذي يحل الكثير من المشاكل الاقتصادية التي تعجز عنها الاقتصاديات المادية؟ الجواب يوجد تنافي بين الدوافع الذاتية والمصالح الاجتماعية والاقتصادية والاقتصادات المعزولة عن الدين لا تستطيع حث الفرد وإيجاد الدافع له لكي يحقق المصالح الاجتماعية بخلاف الاقتصادي الإسلامي فإن الدين له دور في إيجاد الدافع الذاتي للفرد لكي يحقق المصالح الاجتماعية للمجتمع، إذن يوجد فرق بين المصالح الطبيعية والمصالح الاجتماعية في خصوص الدوافع الذاتية ففي ما يتعلق بالمصالح الطبيعية للإنسان فإن الله عز وجل زود الإنسان بإمكانات للحصول على المصالح الطبيعية وهي القدرة الفكرية على استخراج المنابع الطبيعية من ظواهر الطبيعة فالإنسان بفكره وعقله يستطيع أن يستخرج المنافع الطبيعية من ظاهر الطبيعة وباطنها، هذه القدرة الذهنية تنمو بشكل متصاعد على مر الزمان يتطور شيء فشيء يكتشف النفط يكتشف الذرة يكتشف المجرة إلى آخره وإلى جانب التصاعد في الفكر يوجد تصاعد في الدوافع الذاتية يعني بالنسبة إلى المصالح الطبيعية يوجد تناسب طردي ويوجد ارتقاء تصاعدي في حيثيتين الأولى الفكر، الثاني الدوافع الذاتية كلما طال عمر الإنسان والبشرية كلما تطور تفكيرها في استخراج المنابع الطبيعية وكلما ازدادت دوافعها الذاتية لاستخراج المنابع الطبيعية هذا فيما يتعلق بالقسم الأول إذن إلى جانب القدرة الفكرية تملك الإنسانية دافعا ذاتيا لاستخراج المصالح الطبيعية إذن المصالح الطبيعية تلتقي مع المصالح والدوافع الذاتية لكل فرد فرد فالحصول على العقاقير ليس مصلحة اجتماعية خالصة وإنما مصلحة كل فرد فرد بمعزل عن المجتمع لذلك يندفع الإنسان سواء كان فردا أو مجتمعا للحصول على العقار.

الآن جائحة كرونا أكثر الناس متى يحصلون عقار لمحاربة هذا الوباء الذي اجتاح العالم يبحثون الآن أكثر من ثلاثة ونصف مصاب وأما الذين ماتوا فكثيرون جدا من كرونا فقط الولايات المتحدة لوحدها أكثر من مائة وعشرين ألف متوفى من جائحة كرونا هذا فقط في الولايات المتحدة الأمريكية والناس تقول متى يبتكرون عقار للسيطرة على وباء كرونا إذن بالنسبة إلى المصالح الطبيعية توجد حركة تصاعدية في الفكر والدوافع الذاتية.

وأما المصالح الاجتماعية فإن الإنسان يمتلك الفكر لتحقيق المصالح الاجتماعية لذلك ابتكر قانون الضمان الاجتماعي ابتكر قانون الضمان الصحي ابتكر قانون التقاعد عن العمل قوانين كثيرة التأمين عن التعطل التأمين على الحياة التأمين على البيت من الحرائق التأمين على السيارة إلى آخره فإذن من ناحية الفكر يوجد تناسب طردي تفكير الإنسان مع مرور الزمن يلبي حاجات المصالح الاجتماعية لكن الإنسانية تفتقد الدافع الذاتي نحو تحقيق المصالح الاجتماعية لأن تطبيق النظام الاجتماعي يتعارض مع المصالح الفردية للأفراد خصوصا أرباب الثروة والسر في ذلك أن المصلحة الاجتماعية لا تتفق في كثير من الأحيان مع الدافع الذاتي والمصالح الشخصية إذن يوجد تناقض فيما بينها مع المصالح الخاصة للأفراد فإذن الدافع الذاتي يدفع الإنسان نحو تأمين المصالح الطبيعية ولكن لا يوجد دافع ذاتي يدفع الإنسان نحو تأمين المصالح الاجتماعية فضمان معيشة العامل حال التعطل يتعارض مع مصلحة الأغنياء وأيضا تأميم الأرض يعني تكون الأرض إلى الأمة، تأميم الأرض تأميم النفط تأميم الغاز تأميم قناة السويس يعني جعل مدخول قناة السويس للأمة المصرية للدولة وليس لشركات انكليزية كانت تتحكم في قناة السويس تأميم الأرض جعل الأرض للأمة هذا يتعارض مع المحتكرين للأرض الإقطاعيين والنبلاء والأشراف الذين يسيطرون على الأرض وهكذا كل مصلحة اجتماعية تتعارض مع المصالح الخاصة للمتنفذين والهوامير، هذا هو الفارق الأساسي بين المصالح الاجتماعية والمصالح الطبيعية فإنه توجد دوافع ذاتية للإنسان نحو المصالح الطبيعية ولكن المصالح الاجتماعية تتنافى مع الدوافع الذاتية للأفراد بل نجد الأفراد وأصحاب النفوذ وأرباب رؤوس الأموال يحولون دون تحقق الكثير من النظم الاجتماعية والقوانين الاجتماعية إذا تعارض مع مصالحهم الخاصة فيميلون للاحتكار يحتكر شركة الاتصالات يحتكر شركة النفط يحتكر الكثير من الشركات، الإسلام يوفق بين المصالح الاجتماعية والدوافع الذاتية إذن الحل يتوقف على التوفيق بين المصالح الاجتماعية والدوافع الذاتية وهذا ما يستطيع أن يقدمه الدين للإنسان لأن الدين هو العقيدة التي تستطيع أن تعوض الإنسان عن لذائذه المؤقتة فتقول له اترك هذه اللذائذ المؤقتة من أجل لذائذ دائمة في الآخرة ازهد في هذه الدنيا وسنعوضك في الآخرة فتجعل الإنسان يضحي بمصالحه الشخصية وبمصالحه الخاصة تمهيدا لحياته الخالدة الأبدية فإذن الدين ينظم الجانب الأول وهو التفكير لأن الدافع الذاتي فرع التفكير قلنا الإنسان يتحرك بوجوده العلمي لا بوجوده الواقعي، بوجوده الذهني الفكري فإذا الإسلام نظم هذا التفكير الفكري ربما يقدم الإنسان على قتل نفسه فيقول له هذا انتحار وهذه شهادة الشهادة افتخار والانتحار بئس الذي ينظم هذا التفكير هو الإسلام.

فالقرآن الكريم هناك آيات كثيرة غرضها تكوين نظرة جديدة للفرد بالنسبة إلى مصالحه وأرباحه ومصالحه الاجتماعية قال تعالى (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فؤلئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب قال تعالى (يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) خلاصة هذه الآيات توجيه الإنسان من إنسان دنيوي إلى إنسان أخروي دائما يلحظ الآخرة.

الآية الثالثة (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) يعني الشهادة ليست موت بل هي حياة، الآية الرابعة (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه بأنهم لا يصيبهم ضمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيض الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح ـ يعني هناك معاناة في الدنيا ولكن هناك اجر في الآخرة ـ إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) بهذه الصورة يربط القرآن الكريم بين الدوافع الذاتية وسبل الخير في الحياة ويطور مصلحة الفرد ويجعلها مصلحة أخروية بدلا من المصلحة الدنيوية الضيقة والخاصة إذن الدين هو المؤثر الأساسي في حل المشكلة الاجتماعية وليس النظام الاقتصادي الدين هو المؤثر في حل المشكلة الاجتماعية لأنه يغير الفكر الذي يؤثر على الدوافع الذاتية والشخصية والمصلحية للأفراد فعن طريق تسخير الدافع الذاتي للإنسان وللفرد لحساب المصلحة العامة للمجتمع.

التدين غريزة فطرية هناك آيات كريمة وروايات شريفة تشير إلى أن الله عز وجل فطر الإنسان على الدين قال تعالى (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون).

هذه الآية تقرر أمور الأمر الأول إن الدين من شؤون الفطرة التي فطر الله الناس عليها ولا تبديل إلى خلق الله.

الأمر الثاني هذا الدين هو الدين الحنيف أي دين التوحيد الخالص وهو وحده الذي يستطيع أن يوحد البشرية.

الأمر الثالث إن الدين الحنيف هو دين الفطرة الإنسانية ويتميز بأنه دين قيم على الحياة يعني له قيومية وريادة وسيادة على الحياة فقيادة الحياة وإمامة الحياة بيد الدين.

الخلاصة

أولا تنشأ المشكلة الاجتماعية من التناقض بين الدوافع الذاتية للأفراد وبين المصالح العامة للمجتمع.

ثانيا وظيفة الدين بوصفه الإطار العام للتنظيم الاجتماعي والاقتصادي في الإسلام هو حل المشكلة الاجتماعية والاقتصادية عن طريق التوفيق بين الدوافع الذاتية والمصالح الخاصة من ناحية والمصالح العامة للمجتمع الإنساني من ناحية أخرى.

هذا تمام الكلام في الدرس السابع عشر والأخير وبه مسك الختام في هذا الكتاب الشريف اقتصادنا الميسر تلخيص سماحة السيد علي حسن مطر لكتاب اقتصادنا للشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر، نختم هذا الكتاب اليوم الأربعاء 24 من شهر ذي القعدة عام 1441 هجرية الموافق 25 تير وهو الشهر الرابع من سنة 1399 هجرية شمسية المصادف الخامس عشر من يوليو وهو الشهر السابع لعام 2020 ميلادية.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 17 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: اقتصادنا الميسر
  • الجزء

    -

  • 100

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
17 الجلسة