حديث البحرين
شیخ الدقاق

21 - ملامح الخطاب الفاطمي

حديث البحرين

  • الكتاب: حديث البحرين
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    100

07

2023 | مايو

  مصحح

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

جاء في الرواية عن إمامنا الحسين "سلام الله عليه" وهو يخاطب زينب "سلام الله عليها" (أنت بحمد الله عالمة غير معلمة وفاهمة غير مفهمة).

ونحن نعيش أجواء ذكرى زينب "عليها السلام" أحببت أن أتطرق إلى معالم الخطاب الزينبي التاريخ بخس حق أئمتنا وسادتنا وقادتنا في الكثير من المواطن لكن بعض المواطن كانت ظروف استثنائية كواقعة الطف من هنا أجاب علينا التاريخ ببعض اللمحات واللفتات كخطبة زينب "عليها السلام" في الكوفة وفي الشام أحببت أن أتطرق إلى معالم الخطاب الزينبي والإمتيازات التي يتضمنها ذلك الخطاب حينما وجهته إلى يزيد بن معاوية في مجلسه هناك عدة امتيازات وعدة نقاط في هذه الليلة أحببت أن أذكر ثلاث خصائص وثلاثة معالم.

الخصيصة والسمة الأولى الصراحة والوضوح، تجد في خطبة الصديقة "سلام الله عليها" الوضوح التام والصراحة التامة تخاطب يزيد تقول (أمن العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماك وسبوك بنات رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد قد هتكت ستورهن).

تقول في مقام المواجهة السياسية حينما يبلغ السيل الزبا لابد من الوضوح ولابد من الصراحة زينب "عليها السلام" لا تقول نحن دائماً نحتاج إلى الصراحة ولكنها تقول إذا بلغ السيل الزبا لابد من الصراحة ولكن في كل وقت لابد أن تكون واضحاً ليس من الصحيح أن تكون غامضاً وأن تكون مبهماً حينما نقرأ الخطاب الزينبي وخطبة زينب "عليها السلام" هذه السمة نتلمسها بوضوح تجد أن الصديقة سلام الله عليها واضحة في معانيها وواضحة في ألفاظها فهذه هي السمة الأولى والمعلم الأول من معالم الخطاب الزينبي وهي الصراحة والوضوح.

المعلم الثاني الأصالة في الطرح، زينب "عليها السلام" كان بإمكانها أن تتناول بعض المفاهيم وبعض المصطلحات الرائجة آنذاك في عصرها كما هو ديدن الكثيرين بمجرد أن تأتي لحظة جديدة أو يأتي مصطلح جديد كأنما يشكل نوعاً ما امتياز تجد البعض يتقمص تلك الألفاظ وتلك المصطلحات من أجل أن يظهر بسمة تجديدية وبسمة تناصرية لكن زينب "عليها السلام" وهي في مقام المواجهة كان طرحها أصيلاً حتى في المصطلحات، حتى في المصطلحات تجد في خطبتها تركز على المصطلحات القرآنية تخاطب يزيد وهي متحسرة متألمة تقول (ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء)، حتى في المصطلحات حزب الله حزب الشيطان هذه مصطلحات قرآنية تجد الأصالة في خطبتها منذ البداية وحتى النهاية.

تجد الكثير من السياسيين الإسلاميين وغيرهم حينما يريد أن يوجه خطاباً سياسياً تجد الفاظه ومضامين خطابه غير أصيلة يتقمص الكلمات من هنا وهناك ويتقمص المفاهيم والأفكار من هنا وهناك ويمزج بينها ويؤلف خطاباً سياسياً لكن زينب "عليها السلام" تجد في خطابها الأصالة في الطرح.

المعلم الثالث من معالم خطاب زينب "عليها السلام" الإيمان والثبات القائم على رؤية تحليلية، يعني حينما تتأمل في كلمات زينب تجد في الكثير من كلماتها ومواقفها أنها مؤمنة وثابتة على موقفها ليس من باب التقليد وليس من باب جريان العادة وليس لأن الناس كذلك وإنما لأنها وجدت الحق في ذلك حينما تتأمل وتتمعن في كلماتها "سلام الله عليها" تجد أنها تحلل الواقع الموجود وتفرض فكرتها من خلال الثبات ومن خلال الإيمان بما جاء به محمد "صلى الله عليه وآله" وما جاء به الأئمة "سلام الله عليهم" هذه النقطة تجدها في الكثير من كلمات زينب.

تقول وهي مخاطبة يزيد (وهل عيشك إلا فند وأيامك إلا عدد) تجد السمة التحليلية تجد زينب "عليها السلام" تحلل واقع الأمور تقول فشمخت بأنفك يعني بمجرد أن قتل أبا عبد الله الحسين أنت شمخت بأنفك ولكن وهل عيشك إلا فند وأيامك إلا عدد لا تغتر بهذه الأمور (فرتقب يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على القوم الظالمين) ليست هذه الحياة هي التي نعيش فيها يا يزيد توجد حياة أخرى لابد أن تحلل الأمور من هذه الرؤية ومن تحليلها لهذه الوقائع تجد أن زينب "عليها السلام" كانت مؤمنة بمواقفها وثابتة على ذلك ومن هنا تقول مخاطبة يزيد قالت (وإن جرت علي الدواهي مخاطبتك إني لأستصغر قدرك وأستعظم تقديرك) سبحان الله امرأة ومسبية ومقتول أهلها ومحروق خيامها وتقف أمام من سيطر عليها وعلى أهل بيتها وهي تقول إني لاستصغر قدرك واستعظم تقريرك هذا الموقف المبدئي والموقف الإيماني لا يأتي من فراغ يأتي من تحليل للأحداث وربطها بالواقع العقيدي والمبدئي.

نحن في حياتنا اليومية وفي حياتنا السياسية والاجتماعية ما أحوجنا إلى هذه الخصائص الثلاثة تجد شخص يكتب رسالة إلى حاكم أو إلى مسؤول تجدها مليئة بالألفاظ الذي فيها تملق تجدها مليئة بالألفاظ التي حتى من يقرأها يعلم أن من كتبها يذكر هذه الكلمات لمجرد المدح لتحقيق غاية لكن زينب "عليها السلام" حينما سطرت كلماتها وهي تواجه من هو غاضب عليها في ذلك الوقت كانت واضحة وصريحة لم تكن متملقة بخلاف ما نشاهده الكثير من الأطراف حينما يريد أن يصل إلى مطلب معين تجده متملق.

الأمر الثاني تجده يخاطب ذلك المسؤول أو ذلك الحاكم أو فلان لا بما يعتقده لا يخاطبه بخطاب يتضمن الطرح الأصيل يخاطبه باللغة السائدة وبالأفكار والكلمات السائدة وإن كانت غير أصيلة لكن زينب "عليها السلام" وهي في ذلك الظرف الحالك كان خطابها خطاباً أصيلاً.

والأمر الثالث تجد من يكتب الرسائل لا يثبت على مبدئ معين ولا يؤمن حتى بالاشياء التي يكتبها لكن زينب "عليها السلام" لم تقل شيء لم تكن ثابتة عليه ولم تكن مؤمنة به ما أحوجنا إلى هذه الثقافة الزينبية التي نستوحيها من معالم الخطاب الزينبي فلنكن واضحين فليكن طرحنا أصيلاً فليكن ولنكن مؤمنين بما نطرحه من أفكار وما يتفوه به من كلمات.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا جميعاً وأن يعيننا على أنفسنا بما يعين به الصالحين على أنفسهم إنه على كل شيء قدير وبالإجابة حقيق جدير وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

07

مايو | 2023
  • الكتاب: حديث البحرين
  • الجزء

    01

  • 100

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
25 الجلسة