23 - جوانب من حياة بطلة كربلاء

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم وخطابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون).

نهنئكم جميعا بحلول ذكرى ولادة بطلة كربلاء سيدتنا ومولاتنا زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام وبهذه المناسبة الميمونة الشريفة أحببت أن أتكلم عن بعض المفاهيم التي تتجلى أمام ناظرينا حينما نتحدث عن زينب عليها السلام من تلك المفاهيم مفهوم الصبر.

الصبر كما تعلمون يقسموه علماء الأخلاق إلى ثلاثة أقسام الصبر على طاعة الله والصبر عن معصية  الله والصبر على الرزية والمصيبة.

الصبر على طاعة الله على سبيل المثال الصلاة خصوصا صلاة الصبح مثلا تحتاج إلى أن يروض الإنسان نفسه لكي يستيقظ ويتصبر لكي يؤدي تلك الصلاة المفروضة، الصوم مثلا يحتاج الإنسان إلى قوة نفسانية ومعنوية لكي يتحمل الجوع، أداء مناسك الحج خصوصا في أيام الحر تحتاج إلى ترويض نفساني وتحتاج إلى صبر وهكذا الكثير من الواجبات تحتاج إلى تحمل نفسي وإلى قوة معنوية لا يستطيع الإنسان أن يؤدي تلك الفرائض والطاعات إلا إذا روض نفسه وصبر في مرضاة الله عز وجل هذا هو القسم الأول من أقسام الصبر.

القسم الثاني هو الصبر عن معصية الله ؟؟ يوجد مجلس من المجالس ظريف جميع اخوتي في المجتمع يذهبون إلى ذلك المجلس وهذا المجلس ظريف نفسي تميل إلى الذهاب إلى ذلك المجلس لكن مثلا وجدت أن هذا المجلس فيه فاكهة المجالس وهي الغيبة في كل يوم يضعون أحد الاشخاص على الطاولة لكي يشرحوه حينئذ احتاج إلى صبر نفسي تقول اذهب إلى ذلك المجلس واستأنس ولكن الصبر يقول اصبر عن معصية الله يعني لا تذهب إلى ذلك المجلس حتى لا تعصي الله وهكذا مثلا حينما أمشي في مكان ويعترضني أحد الناس ويشتمني فانفعل أريد أن اشتمه لكن الدين يقول صبر نفسك يقولون الإمام السجاد سلام الله عليه في يوم من الأيام كان يمشي رآه أحدهم فسبه مضى الإمام لحاله مشى ذلك الفرد وسب الإمام ثانية الإمام أيضا مشى استغاب ذلك الفرد ذهب إلى الإمام قابل الإمام وجها لوجه وقال له إياك أعني فقال له الإمام السجاد سلام الله عليه وأنت أعرض أنت ترى أن من واجبك أن تسبني أنا أرى أن من واجبي أن أعرض عنك بلا شك هذا يحتاج إلى قوة نفسانية يحتاج إلى صبر هذا هو النوع الثاني من أنواع الصبر وهكذا النفس لها مشتهيات كثيرة قد أمر على الكثير من المطاعم فيها ما لذ وطاب وأنا أعلم مثلا أن بعض هذه اللحوم محرم نفسي تقول إنها يوم واحد أو ليلة واحدة لا بأس وهكذا ما يفعل في الأعراس إنها ليلة في العمر لا بأس بهذه التجاوزات لكن الدين يقول لابد من توطيد النفس وتصبيرها عن معصية الله يعني عن الوقوع في معصية الله عز وجل.

القسم الثالث والصبر على المصيبة وعلى الرزية يعني قد يفقد الإنسان عزيزا مثلا يفقد أباه أو أبنه أو زوجته أو مثلا تتهدم داره أو يصاب بنكبة مالية كأن يعزل من العمل مثلا يحتاج أيضا إلى تفويض الأمر إلى الله عز وجل وتصبير النفس زينب سلام الله عليها في رحلتها مع الحسين سلام الله عليه في كربلاء جسدت هذه الأقسام الثلاثة من الصبر الصبر على الرزية والصبر على طاعة الله والصبر عن معصية الله عز وجل نأتي بمواقف لهذه العزيزة  الشريفة لنرى كيف أن زينب عليها السلام جسدت جميع أقسام الصبر.

الصبر على الرزية واضح لديكم وكثير من الخطباء يتناولونه صبرت على قتل الحسين وقتل أهلها وسبي النساء واحراق الخيم كلها مصائب لكنها وقفت شامخة ورفعت ذلك الجسد المضرج بالدماء جسد أبي عبد الله الحسين قائلة اللهم تقبل منا هذا القربان فالكلام عن صبر زينب عليها السلام على المصيبة وعلى الرزية لا يحتاج إلى بيان فواضح للعيان لكن نأتي إلى نماذج من صبر زينب عليها السلام على طاعة الله وصبر زينب عليها السلام عن معصية الله.

كلكم يعلم أن زينب عليها السلام لم تترك نافلة الليل حتى في ليلة الحادي عشر من المحرم ليلة الوحشة حينما قتل الحسين واصحابه في اليوم العاشر من المحرم واحرقت الخيام اصبحت ليلة الحادي عشر ليلة الوحشة لكنها صلت صلاة الليل من جلوس أنت تجد الآخرين إذا قام بعمل شاق يستغرق في نومه بحيث حتى الفريضة الواجبة يتركها ولكن زينب عليها السلام صبرت نفسها على طاعة الله حتى على النوافل وفي أحلك الظروف، زينب عليها السلام كانت أقوى من الظروف لم تقهرها الظروف وإنما قهرت الظروف والإنسان المؤمن والقوي والمقتدر هو الذي يحكم الظروف لا أن الظروف هي التي تحكمه هو الذي يتحرك من موقع الفعل ولا يتحرك من موقع ردة الفعل هذا نموذج من صبر زينب عليها السلام على طاعة الله.

نأتي على نموذج آخر من صبر زينب عن معصية الله، تصور لو أن أحدا قتل مثلا أحد أحبائك الأب الإبن ثم جاء بك مقيدا أمام الناس وأخذ يشتم فيك في هذه الحالة ماذا ستكون ردة فعلك؟ الإنسان المؤمن والمتدين مهما تغيرت الظروف يكون متعبدا بالأحكام الشرعية انفعالاته النفسية لا تسيطر عليه المبادئ والقيم الدينية والإسلامية هي التي تسيطر عليه في حالة الشدة وفي حالة الرخاء، زينب عليها السلام حينما ادخلت على ابن زياد قال ابن زياد من تلك المرأة المخدرة قالوا له زينب أبنة علي بن أبي طالب فدنى منها وقال الحمد لله الذي قتلكم وفضحكم وأكذب احدوثتكم وقتل الكذاب بن الكذاب الحسين بن علي ونصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية، ماذا كان موقف زينب عليها السلام وهي امرأة؟ غالبا  النساء تميل إلى عواطفهن والأمور العاطفية تؤثر فيهن، زينب لم تماثل ابن زياد بالشتيمة وإنما اقتصرت على بيان الحقائق ببيان شخصية أبي عبد الله الحسين الزكية الطاهرة وبيان شخصية ابن زياد وابن مرجانة ولم تشتمه أبدا كان لها صبر عن معصية الله يعني كانت لديها قوة نفسانية تعصمها عن الوقوع في محارم الله وارتكاب معصية الله.

أيها الاخوة وأيها الاحبة ما احوجنا إلى هذه الأقسام الثلاثة في شتى شؤون حياتنا قد يصاب المرء لا قدر الله الحياة مملوءة ومحفوفة بالمكاره والآلام قد يصاب برزية معينة كأن يفقد حبيب فيكون الموقف تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وهكذا قد ؟؟؟ أحدهم يريد أن يغضبه أن يوقعه في الحرام قد يريد أن يجري معاملة وتدر عليه الكثير من الأموال لكن فيها معاملة محرمة كأن تكون مثلا معاملة ربوية أو فيها غش أو تستلزم الكذب هنا الإنسان المؤمن لديه صبر عن معصية الله عز وجل وهكذا الإنسان المؤمن لديه قوة معنوية يستطيع من خلالها أن يصبر على طاعة الله عز وجل، نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا جميعا وأن يجعلنا من الصابرين والحائزين على فضيلة الصبر الذين قال فيهم تعالى (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة)، إن شاء الله نكون جميعا من الصابرين في شتى شؤون حياتنا حتى نكون من المبشرين في قوله تعالى (وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.