حدیث الاطهار
شیخ الدقاق

018 - علاقة الدعاء بالقضاء والقدر

حديث الأطهار

  • الكتاب: حديث الأطهار
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    100

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

جاء في الحديث الشريف لا يرد القضاء إلا الدعاء وجاء في حديث آخر إن الدعاء يرد القضاء المبرم إبراما.

نتلكم اليوم عن العلاقة بين الدعاء والقضاء والقدر، القرآن الكريم يصرح (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) وفي آية أخرى (إذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).

هذه الآية تدل على القضاء والقدر وأن الله تبارك وتعالى إذا قضى أمرا كان ذلك القضاء نافذا ومبرما من هنا قد يتسائل البعض ويقول لماذا ندعو ما دام الله تبارك وتعالى قد قدر لفلان المرض وقدر للآخر الفقر وقدر لفرد آخر ايضا أن يعيش في جملة من المشاكل فما هو الداعي للدعاء.

هذا البحث اشبه بالبحث العقائدي والفلسفي ولكن لا نريد أن نخوض بشكل دقيق في بحث عقائدي وبحث فلسفي فإنه اشبه بالدرس وإنما نريد أن نتطرق في عجالة إلى العلاقة بين الدعاء والقضاء والقدر بما يتناسب مع المحاضرة البسيطة.

عندنا لوحان اللوح الأول هو اللوح المحفوظ واللوح الثاني هو لوح المحو والاثبات، اللوح المحفوظ هو الذي لا يتغير ولا يتبدل (إنه لقرآن الكريم في كتاب محفوظ لا يمسه إلا المطهرون) إذن هناك لوح يقال له اللوح المحفوظ هذا اللوح المحفوظ لا يتغير ولا يتبدل.

افترض الله "عز وجل" يقدر لفلان أن يعيش خمسين سنة هذه الخمسين سنة إذا كانت في اللوح المحفوظ فإنها لا تتغير ولا تتبدل.

عندنا لوح آخر يقال له لوح المحو والاثبات، لوح المحو والاثبات قابل للتغيير والتبديل كأن يكتب في هذا اللوح فلان يعيش ثلاثين سنة لكن إذا تصدق ووصل رحمه وبر والديه يعيش أربعين سنة وإذا اقترف المعاصي كالزنا والعياذ بالله وما شاكله من المعاصي التي تقصم العمر وتقرب الاجل فإنه يعيش عشرين سنة فإذان هذا اللوح وإن كتب فيه أن هذا الفرد يعيش ثلاثين سنة لكن هذه الثلاثين سنة قابلة للمحو وقابلة للاثبات.

الكثير من الآجال قد تكون مكتوبة في لوح المحو والاثبات فهي قابلة للتغير وأما إذا كتبت في اللوح المحفوظ فإنها لا تتبدل وبالتالي الآية الكريمة التي تقول ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ناظرة إلى الأجل المحتوم الذي لا يتغير ولا يتبدل وهو ذلك الأجل الذي يكتب في لوح المحفوظ وأما الروايات التي تقول إذا تصدق الإنسان ووصل رحمه وبر والديه زاد الله في عمره أو الروايات التي تقول إنه إذا كثر الزنا كثر موت الفجئة ودنت الآجال ناظرة إلى الأجل المخروم الأجل الذي يكتب في لوح المحو والاثبات وشتان بين الأجل المحتوم والأجل المخروم، شتان بين اللوح المحفوظ وبين لوح المحو والاثبات من هنا تكمن أهمية الدعاء إذن الدعاء لا يتنافى مع القضاء والقدر بل يتماشى مع القضاء والقدر لأن الإنسان إذا دعا الله "عز وجل" أن يرزقه السلامة والعافية أن يرزقه البصيرة أن يرزقه الغناء أن يرزقه القرب من الله تبارك وتعالى أن يرزقه طول العمر في خير وعافية فإن الله "عز وجل" يطيل في عمر هذا الإنسان ويغير من لوح المحو والاثبات من هنا ورد أن الدعاء يرد القضاء المبرم ابراما أحيانا قضاء مبرم ومحكم لكن بما أن الدعاء يمتلك قوة هائلة فإنه قد يزلزل ذلك القضاء الموجود في لوح المحو والاثبات إذن الدعاء له أهمية كبيرة، هذا ما ذكرناه الآن يذكر في العقائد وفي علم الكلام الآن نريد أيضا أن نتطرق إلى قانونين مهمين الأول مهم في الفلسفة والعقائد والثاني مهم في هذا البحث الاخلاقي.

القانون الأول هو قانون العلية وقانون التسبيب فإنه لكل معلول علة ولكل مسبب سبب والله "عز وجل" هو علة العلل وسبب الأسباب وقد أودع في جملة من الأشياء اسبابا ميصير الإنسان يريد رزق الله "عز وجل" ولا يعمل جعل العمل سببا من اسباب الرزق، جعل الطبيب سببا من اسباب الشفاء والعلاج، جعل الزواج سببا من اسباب الانجاب والتناسل، يا مسبب الأسباب سبب لنا سببا لن نستطيع له طلبا ولذلك الدعاء الذي يجري على خلاف السنن الكونية وخلاف قوانين الحياة لا يستجاب.

القانون الثاني قانون التوفيق نحن نؤمن أنه لكل مسبب سبب ولكل معلول علة ولكن احيانا الإنسان لا يوفق للوصول إلى العلة مثلا هذا العبد المسكين المستكين يمرض يدور الدنيا بأكملها للعلاج ولا يقف على الطبيب الذي يكون العلاج على يده بينما شخص بمجرد أن يمرض يوفق للحصول على الطبيب الذي يكون العلاج على يده وهكذا ذلك العبد المسكين المستكين يدور الدنيا من أجل العمل ولا يجني إلا الفقر تلو الفقر بينما هذا العبد المؤمن يدعو الله "عز وجل" ويسعى في مناكبها وإذا به يعثر على العمل المناسب الذي يؤمن حياته إذن صحيح في هذه الحياة لابد من الأخذ بالاسباب للوصول إلى المسببات ولكن تحتاج إلى توفيق الإنسان بحاجة إلى توفيق في حياته، إذن الإنسان بحاجة إلى الدعاء لكي يوفق في حياته في مختلف شؤون حياته وهذا عنصر مهم من عناصر الدعاء اللجوء إلى الله "عز وجل".

بالأمس تطرقنا إلى حب الله تبارك وتعالى الغريب في الأدعية أن الإنسان حتى لكي يرزق حب الله "عز وجل" يسأل الله "عز وجل" أن يوفقه لحبه يقول الإمام سلام الله عليه في الدعاء مخاطبا ربه مناجيا الباري "عز وجل" أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربني إليك، هذا المضمون اللجوء إلى الله وطلب التوفيق من الله هذا موجود في الكثير من الأدعية خصوصا المناجات الخمسة عشر المذكورة في ملحقات الصحيفة السجادية مثلا مناجات المريدين تجد في ذيلها أن العبد يسأل الله "عز وجل" أن يوفقه لأن يكون من مريدي الله "عز وجل" مناجات الشاكرين يطلب الإمام عليه السلام من الله "عز وجل" أن يوفقه لكي يكون من الشاكرين، مناجاة المحبين الإمام عليه السلام يسأل الله "عز وجل" أن يجعله من المحبين لله "عز وجل" مناجاة العارفين يسأل الإمام من الله "عز وجل" أن يوفقه لكي يكون من العارفين وهذا معنى عميق ومهم احيانا الإنسان يعتمد على نفسه إلهي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا.

أتذكر عندما كنا زملاء أحد اخوة الأعزاء كان بجوار غرفتي في يوم من الايام قال لي أنا كلما ادرس لا أفهم وأنا أعرف هذا الشخص ذكي وفاضل قلت له تلك رحمة من رحمات الله تبارك وتعالى قال وكيف قلت لأنك ذكي ومجد وربما في يوم من الأيام يعتريك الغرور وتقول إنما وصلت إلى هذا المقام العلمي بفضل جدي واجتهادي وذكائي والطاقات الكامنة بين جوانحي لكن الله "عز وجل" في فترة معينة يضعف تلك القوى فتلجأ إليه فتدرك أن تمام هذه الفيوضات والتوفيقات من الله تبارك وتعالى هذا لطف من الله.

عندنا في بعض الروايات أن المؤمن أحيانا إذا سجد السجدة في صلاة الليل الله "عز وجل" احيانا يلقي ؟؟؟ واسع حتى يريح بدنه أو أحيانا حتى لا يحصل له الغرور ليليا يصلي صلاة الليل ينظر إلى غرف الآخرين لا يصلون فيقول أنا أصلي والآخر لا يصلي هذا معنى عميق ومهم موجود في الأدعية وفي الروايات اللجوء إلى الله "عز وجل" الإنسان المؤمن كله خضوع ودائما يسأل الله التوفيق في كل شيء حتى في الميادين العلمية.

أتذكر في يوم من الأيام كنا بمحظر استاذنا سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري أيده الله فقال أحد الطلبة شيخنا نحن كيف نستطيع أن نصل السيد عبد الأعلى السبزواري "رحمه الله" كتب المهذب ثلاثين مجلد في الفقه السيد الخوئي رحمة الله عليه له دورة في شرح العروة الوثقى نحن الآن سنين ولم نقطف شيئا كيف نصل إلى ما وصل إليه هؤلاء هل نقرأ كل هذه الأشياء؟

فقال الشيخ الداوري حفظه الله أتذكر هذه الكلمة وقعت على اجراس قلبي، قال اطلب من الله هم طلبوا من الله فوصلوا أنت أيضا اطلب من الله، الله "عز وجل" رحمته واسعة ومن أكرم الأكرمين، الله "عز وجل" هو أكرم الأكرمين.

نسأل الله "عز وجل" أن يوفقنا لأمور الدنيا والآخرة وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها إنه على كل شيء قدير وصل الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.           

07

مايو | 2023
  • الكتاب: حديث الأطهار
  • الجزء

    -

  • 100

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
26 الجلسة