طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
شیخ الدقاق

015 -طالب العلم واجتناب اللغو والعبث

طلب العلم و المسيرة العلمية و العملية

  • الكتاب: طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم وخطابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم (وإذا مروا باللغو مروا كراما) وجاء في آية أخرى (وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه) آمنا بالله صدق الله مولانا العلي العظيم.

عنوان هذه المحاضرة طالب العلم واجتناب اللغو والعبث

ما المراد باللغو؟

اللغو هو العبث والكلام العبثي الذي لا طائل ولا فائدة من وراءه، فأحيانا الإنسان قد يتحدث بأحاديث لا ترجع إلى محصل عنده شهوة الكلام يحب أن يتكلم ومن هنا ورد (من كثر كلامه كثر خطأه) ويقول أهل المعرفة من حام حول الحمى أوشك أن يقع يعني افترض بئر وهذا البئر حوله حمى سور إذا تدور حول هذا السور أنت لست في البئر لكن ربما يدور رأسك وتقع في ذلك البئر كذلك الكلام، الكلام فيه ما هو محرم وفيه ما هو واجب وفيه ما هو مستحب وفيه ما هو يدور في دائرة المباح والمكروه وقد يكون عبثا وإذا أول الإنسان في اللغو ربما يقع في المحرم ومن هنا اجتناب اللغو أمر محبب لأنه من حام حول الحمى أوشك أن يقع نحن نذكر بعض المصاديق التي قد يقع فيها طالب العلم أنا اذكر لكم مصداقين لأن عادة يقع فيها طالب العلم إلا من عصم الله من خلال التجربة.

المصداق الأول للدخول في اللغو والكلام الزائد الذي لا طائل من وراءه كثرة النقاش حول الاعلمية وأن فلان أعلم وفلان ليس بعالم فلان أعلم من فلان وفلان علامة زمانه وفلان ما عنده شيء وقد يقع الإنسان في محاذي.

أتذكر أوائل مجيئنا للحوزة العلمية حضرنا أحد المجالس فحضر أحد العلماء المعروفين في ذلك المجلس أحد زملائنا تقدم إليه قال له مولانا أيهما أعلم السيد الإمام الخميني أم السيد أبو القاسم الخوئي أم السيد الشهيد السيد محمد باقر الصدر "رضوان الله عليهم"؟ فقال ذلك العالم لا ثمرة من هذا السؤال أنت الآن لا تريد أن تقلدهم توفوا "رحمة الله عليهم" لا فائدة من هذا السؤال قال وإن أنا أريد أعرف وأطلع فقال فلان أعلم لأنه أنت إذا تسأل تلامذة السيد الشهيد يقول لك السيد الشهيد أعلم إذا تسأل تلامذة السيد الخوئي يقولون السيد الخوئي أعلم تسأل تلامذة السيد الإمام يقولون السيد الإمام أعلم وفقا لاختلاف الضوابط واختلاف الاطمئنان.

أتذكر هذا حصل له موضوع أسبوع يطنطن فيه أن فلان أعلم وأنا سألت فلان في ذلك المجلس يعني سبحان الله أحيانا الواحد يحصل على موضوع حتى يشكل له مجالس ماذا تستفيد من هذا الكلام؟ يا أخوة التقليد مسألة خاضعة للاطمئنان الشخصي، شخص اطمئن من خلال الشهادات أن السيد الإمام الخميني أعلم قلده شخص اطمئن من خلال شهادات أهل الخبرة أن السيد الخوئي أعلم قلده، شخص اطمئن أن السيد الشهيد أعلم قلده لماذا تثار تلك الكلمات التي علمائنا "رضوان الله عليهم" بعيدون عنها حتى إن البعض كان يريد أن يعمل فتنة بين السيد الشهيد وبين السيد الخوئي كيف السيد الشهيد الصدر يطرح مرجعيته في مقابل أستاذه السيد الخوئي.

يحدثنا شيخنا الأستاذ سماحة آية الله الشيخ مسلم الداوري "حفظه الله" يقول كان السيد الصدر إذا يدخل مكتب السيد الخوئي أول ما يوصل ينحني ويقبل يد السيد الخوئي وهو مرجع له مقلدون لكن يريد يعلم الطلاب الاحترام موجود رحمة الله على شيخنا الأستاذ الشيخ جواد التبريزي "رحمة الله عليه" لما انسحب الشيخ الوحيد الخراساني عن المرجعية في قضية حصلت في باكستان وتكلم في الدرس وأعلن أنه ينسحب عن المرجعية ذهب الشيخ جواد التبريزي إلى الشيخ الوحيد قال له شيخنا المرجعية تكليف وليست تشريف ما ينظر أنه هذا جاء ينافسه جان يقول هذا أحسن انسحب عن المرجعية يزيدون المقلدين قال له إن المرجعية تكليف هذا الفقيه يرى أن وظيفته وتكليفه الشرعي يفتي الناس نحن للأسف الشديد نحول هذه الأمور إلى مناقشات عقيمة قد يكون فيها حدية قد يكون فيها شدة ولا نحصل نتيجة من خلالها.

مثلا واحد يأتي أيهما أعلم السيد علي السيستاني أم السيد علي الخامنئي، وكل واحد يقول شيء فلان قال في كتابه كذا كذا هناك نظرة جديدة في كذا في هذا الكتاب يا أخي هذه بحوث تخصصية أنت الآن دخلت الحوزة ما تعرف هذه الاصطلاحات اتركها لأهل الاختصاص أنت الآن مقلد إذا اطمئنانك الشخصي قادك إلى أن السيد القائد "حفظه الله" أعلم تقليدك مبرأ للذمة إذا قادك الاطمئنان الشخصي من خلال شهادات أهل الخبرة أن السيد السيستاني أعلم فبها ونعمت تقلد السيد السيستاني أما أن تحدث زوبعة فلان أعلم يعني فلان ما عنده علمية، أنا أذكر لكم قضيتين حصلت للسيدن الجليلين العظيمين.

القضية الأولى بعد وفاة الشيخ الأراكي "رضوان الله عليه" فصار اختلاف في المرجعية من بعده في قم واجتمعوا جماعة المدرسين كذا مرة على أساس يعينون من فيهم شبهة الاعلمية وطالت السالفة وكانت المظاهرات تطلع في قم ويطالبون السيد القائد بطرح الرسالة العملية.

أنا أعرف احد أصحابنا ذهب إلى طهران للسيد القائد من جاليات أخرى قال له سيدنا إذا تطرحون رسالة الأمة الإسلامية بحاجة إلى اجتماع المرجعية والقيادة ولابد تطرحون الرسالة العملية وأخذ يصر على السيد، السيد القائد "حفظه الله" قال له مولانا ماذا تدرسون؟ قال له أنا أدرس كفاية الأصول للآخوند الخراساني قال له نصيحتي لك أن ترجع إلى قم وتدرس الكفاية جيدا واترك هذه المسألة لأهل الخبرة في الحوزة العلمية، هذا يدرس كفاية وليس أنت بعدك تدرس الاجرومية ومؤلف كتاب والله فلان يعلم وفلان لا يعلم.

الحادثة الثانية الآن سقط النظام صدام حسين في العراق وخرج الكثير يدعون الذي يدعي هو مرجع والذي أنه ولي أمر المسلمين، واحد من هؤلاء ذهب إلى مكتب سماحة السيد السيستاني "حفظه الله" التقى بنجله سماحة آية الله السيد محمد رضا السيستاني قال له أنا أعلم من أبيك وأنا جئت للمناظرة، السيد محمد رضا قال له لحظة من فضلك أنا أذهب إلى الوالد واطلب منه ذلك دخل السيد محمد رضا السيستاني وخرج قال الوالد يقول لك ما دمت أعلم فأنت أعلم فلا داعي للمناظرة فالسيد يعتذر عن المناظرة وما دمت ترى أنك أعلم فهذا المقدار كافي.

هذه الأمور أشياء بسيطة أنت لا تدخل بها فلان أعلم فلان غير أعلم وربما تبتلى بجرح أحد العلماء تتكلم على عالم من العلماء وماذا المشكلة الطالب أحيانا يصيبه الفضول لكن العالم الذي ربى نفسه لا يصاب بذلك.

أنا أذكر لك قصة يذكرها كتاب قبسات من حياة الإمام سماحة آية الله الشيخ الأميني إمام جمعة قم يقول في يوم من الأيام صارت فاتحة في قم تأملت في الحضور وجدت السيد الإمام الخميني "رحمه الله" يجلس إلى جانب السيد محمد حسين الطباطبائي صاحب الميزان "رحمه الله" قلت هذه فرصة كل منهما وارد في الفلسفة أريد أن أعرف من هو أقوى في الفلسفة، يقول فحظرت سؤالين جئت جلست إلى جانبهما طرحت السؤال الفلسفي عليهما ولم أتوجه إلى واحد منهما أريد أن أوقع بينهما فتحصل المناظرة والمناقشة وأشخص من هو أقوى يقول طرحت السؤال فسكتا ثم التفت صاحب الميزان إلى السيد الإمام السيد الإمام تبسم لصاحب الميزان وأذن له بالكلام فتكلم صاحب الميزان وأجاب ولم يعلق عليه السيد الإمام الخميني ثم طرحت السؤال الثاني فالتفت السيد الإمام إلى صاحب الميزان فتبسم صاحب الميزان وأذن للإمام الخميني بالكلام فأجاب السيد الإمام ولم يعلق صاحب الميزان يقول الشيخ إبراهيم الاميني فخرجت وقمت وقلت في نفسي هذان العظيمان قد ربيا نفسيهما بحيث لم استطع أن أوقعهما في منازعة أو مناظرة.

(وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وإذا مروا باللغو مروا كراما) أنت من شأنك أن تعرض عن اللغو وليس تتكلم باللغو، رسول الله "صلى الله عليه وآله" في يوم من الأيام كان يمشي وإذا يرى جمعة والناس واقفة وذاك يتكلم فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" (ما هذا؟ قالوا علامة قال "صلى الله عليه وآله" وما العلامة؟ قال هذا خبير بأنساب العرب وتاريخهم وما جرى عليهم فقال "صلى الله عليه وآله" هذا علم لا ينفع من علم ولا يضر من جهل إنما العلم آية محكمة وسنة جارية إلى آخر الرواية الشريفة) بقطع النظر عن المناقشة بعضهم قد يناقش في سندها والوجوه قد تتبسم وهناك مناقشات وبحث طويل هذا تحتاج إلى محاضرة كاملة لكن يا أخي خذ روح هذه القضية أن الطالب لا يدخل في كثير من الأمور التي لا تعنيه.

إمامنا السجاد "صلوات الله وسلامه عليه" في يوم من الأيام كان يمشي رآه رجل شتمه مشى شتمه مشى شتمه مشى فاختاذ ذلك الرجل امسك الإمام من يديه وصاح في وجهه (إياك أعني وإذا بالإمام "عليه السلام" بكل هدوء وسكينة يقول وأعنك أعرض يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا) الإنسان المؤمن لا ينبغي له أن يدخل في مهاترات وأمور صغيرة هذا المؤمن فضلا عن طالب العلم الذي تلبس بعلوم آل بيت محمد "صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين"، هذا المصداق الأول المناقشة حول الاعلمية.

المصداق الثاني أحيانا الطالب يغرق في الكلام عن الشخصيات العلمائية التي لها دور اجتماعي أو سياسي مرموق، يقول فلان واعي سياسي وفلان متخلف، فلان عالم فلان لا ما عنده إلمام بالمسائل فلان قيادة فلان لا ليس قيادة بتسمر الأمة إذا وضعتموه قيادة وقد يقع في غيبة الآخرين وغيبة علماء الأمة أنت لاحظ سيرة علمائنا أنت الآن هل ترى سياسي كالإمام الخميني "قدس".

السيد الإمام في يوم من الأيام تعطل درسه ثلاثة أيام لماذا؟ سمع أن أحد طلابه قد اغتاب أحد المراجع أصابته الحمى ثلاثة أيام تعطل الدرس متأذي كيف هذا طالب من طلابي وينهش لحم ذلك المرجع وذلك العالم، لكن أحيانا الإنسان إذا سيطر عليه الشيطان يألف ذكر الأسماء وللأسف الشديد يصير همه وهناك شبهة وارتكاز أن أنت ما تصير سياسي وما تصير اجتماعي إلا إذا جبت اسم فلان وشرحته إلا اسم فلان وقيمته ما في ملازمة السيد الإمام "رضوان الله عليه" كان من أهل السياسة والاجتماع وكان معروفا بالزهد والورع والتقوى وتجنب الكلام عن الآخرين المشكلة أحيانا الطالب الآن أتى لكي يدرس مثلا الاجرومية دعنا نقيم من هم في الساحة موجودين فلان وعلان لا فلان يصلح لا فلان لا يصلح من أنت؟ الإنسان الصغير دائما ينظر أنت ولا يعرف أنا، دائما يلاحظ الآخرين فلان طويل فلان قصير فلان ذكي فلان غبي فلان مجد لو تسأله وأنت ماذا؟ يسكت، أنت إذا تتناقش احدهم ودائما يذكر فلان وعلان وبعدين تسأله أنت ماذا؟ تشوفه إذا يتكلم عن الطلاب أو أقرانه فلان ذكي فلان مجد فلان لا ضعيف وأنت؟ يسكت لأنه أصلا ما قيم روحه ما صار عنده وقت يقيم روحه هذا وقته كله للأمة، أما أن يقيم روحه ما عنده لكن لاحظ خطاب العظماء، السيد الإمام الخميني "قدس" دائما يقول أنتم لا يقول أنا لاحظ خطاباته اقرأ الكوثر دائما أنتم، أيها الشعب العظيم كذا كذا انتم الذين صنعتم الثورة أنتم لا يقول أنا، تعرف لما يقول أنا ماذا يقول في وصيته الخالدة؟ يقول وأعلموا ومجرد رحيل خادم لم يغير من الواقع شيئا فيوجد الكثير ممن هم أفضل من مثلي وأمثالي هذا الذي يتكلم عن نفسه السيد القائد "حفظه الله" إذا يتكلم يقول الحقير العبد وهذه سنة في الحياة أن الشجرة التي فيها ثمار ما دام فيها ثمار تنحني تتواضع لكن إذا ما فيها ثمار تراها شامخة تناطح الرياح لأن ما فيها ثمرة بخلاف الشجرة التي مشحونة بالثمرة مشحونة بالرمان أو مشحونة بالعنب تزحف فظاهرها الانحناء وإن كان واقعها الارتفاع.

هذا العمر الذي الله "عز وجل" وهبه لك لا تضيعه في مهاترات ولا تضيعه في كلام فارغ استثمر هذا الوقت في تفعيل الطاقات التي أعطاك الله إياها لا تضييع عمرك في كلام فارغ وكلمة من هنا وهناك وربما أنت تتكلم على واحد كلمة فتأثم فتسلب التوفيق تحرم من طلب العلم، هذا الشخص الذي كان سأل أنا أعرفه ما وفق لطلب العلم لأن شغلته ما تذهب حجرته إلا الشاي جاهز ويغتاب الآخرين، حتى أتذكر مرة قال أنت لا تأتي إلى غرفتي تستشكل؟ قلت له صلى على النبي أنا لا أحب أن أتكلم. قال أنت تستشكل قلت له مولانا أنت أول ما تأتي ما شاء الله أسبوع وتصرف أموالك كلها ما عندك اقتصاد منزلي وبالنهاية تقترض من الطلبة فأنا استشكل اشرب من شايك أو الشكر هذا كله أموال الطلبة وثانيا أنا أخشى أتي واسمع الغيبة وأخشى أن أرد عليك وما تتقبل مني فيصير سوء أدب فلماذا أوقع نفسي في هذا الأمر وأنا ما تكلمت معك إلا يوم أنت أجبرتني أن أتكلم.

على كل حال هذا طريق وهذا طريق الذي يدخل في طريق المهاترات ربما ما يوفق وقد ظاهرا يستمر في طلب العلم لكن لرعاية الجانب السيئ الذي يمثل علماء السوء.

سأل المسيح "عليه السلام" (يا روح الله من نجالس؟ قال من يذكركم الله رؤيته ويزيد في علمكم منطقه ويرغبكم في الآخرة عمله) أنت مقياس نفسك لا تذهب وتقيم الآخرين هذا فلان كذا أنت قيم روحك إذا كل شخص يقيم نفسه كان الدنيا بخير أنت قيم روحك هل فعلا الذي يراك يذكر الله هل فعلا منطقك يزيد في علم الناس أو يعمل حزازات هل أنت عملك يرغب في الآخرة أو لا؟ نسأل الله "عز وجل" أن نكون جميعا من العلماء الأتقياء نجلس في الجنة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعلي بن أبي طالب والأئمة من ذريتهما على سرر متقابلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

07

مايو | 2023
  • الكتاب: طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
24 الجلسة