طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
شیخ الدقاق

016 -طالب العلم ونظم الأمور

طلب العلم و المسيرة العلمية و العملية

  • الكتاب: طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

جاء في الوصية المباركة الخالدة لأمير المؤمنين "عليه أفضل صلوات المصلين" للحسنين بل إلينا جميعا قال "عليه السلام" (أوصيكما وجميع ولدي ومن بلغه كتابي لتقوى الله ونظم أمركم) صدق مولانا أمير المؤمنين "سلام الله عليه".

هذه المحاضرة تحت عنوان طالب العلم ونظم الأمور

أول وصية أوصى بها الإمام علي "سلام الله عليه" تقوى الله "عز وجل" وقد تكلمنا فيما سبق فيما يرتبط بالعبادة وتقوى الله فنخصص هذه المحاضرة لنظم الأمور، ما أحوج طالب العلم لنظم الأمور.

كل إنسان له ثلاثة أبعاد البعد الأول بعد عقلي والبعد الثاني بعد روحي ومعنوي والبعد الثالث بعد بدني وجسمي، العقل له احتياجات ومتطلبات والنفس والروح لها أيضا متطلبات والبدن أيضا له متطلبات، إذا أهملت أي واحد من هذه الثلاثة ينعكس على الآخر أو لا يقول الأطباء إنما العقل السليم هو في الجسم السليم البدن له احتياجات يحتاج إلى النوم يحتاج إلى الاستحمام يحتاج إلى التخلية يحتاج إلى أمور كثيرة في بدنك كما أن لروحك ونفسك حق عليك وكذلك أيضا بعقلك حق عليك البعض قد يتوهم أنه ما دام أنت طالب علم عقل فقط أو عقل وروح من دون بدن.

أستاذنا الشيخ مكارم شيرازي "حفظه الله" أيام العزوبية كان يسكن مع الشيخ سماحة آية الله الشيخ علي المشكيني "رحمه الله" احد أساتذة الأخلاق الكبار كليهما كانوا في غرفة، يعطونهم الراتب الشهرية الشيخ المشكيني يذهب ويشتري كتاب وشيخ ناصر مكارم يذهب ويشتري كباب، مثلا الشيخ ناصر مكارم "حفظه الله" ينام على سرير ما ينام على الأرض كان يعتني بصحته كان يعتني بهذه النعمة ولذلك إلى يومنا هذا يقول أنا أعيش ؟؟؟؟ الآن شيخ مكارم فوق الثمانين من عمره لكن يقول أنا أتمتع أنا أعيش مثل الشباب أكل اللحم حتى روحيته في الدرس روحية شبابية، إذن البدن يحتاج إلى عناية لكن أحيانا الإنسان يفرط في العناية بالبدن دائما يهتم بمظهره وبلباسه وبدنه بحيث يؤمن الجانب العقلي والجانب النفسي هذا غير مطلوب وأما أن تعتني بالبدن بالإضافة إلى الاعتناء بالنفس والعقل هذا مطلوب، الغرض من هذه المحاضرة طالب العلم ونظم الأمور.

أنا أعرف أيام ما كنا في أحد الطلبة حتى يوم استحمامه موقت ولذلك صار من المحصلين حتى التوقيت الذي يستحم فيه موقته بحيث ما يشغل وقته، هناك وقت للمطالعة هناك وقت للدراسة هناك وقت للنوم هناك وقت للاستحمام الطالب الناجح هو الطالب الذي يستطيع أن ينظم أموره، يعطي الجانب العلمي وقته الجانب الروحي وقته، الجانب البدني أيضا يعطيه وقته، مثلا الجانب التعليمي تكون الدروس موجودة في الصباح، العصر لمراجعة ما أخذه في الليل للتحضير للدروس التي سيأخذها في الغد والمباحثات يقسمها بين العصر والليل وأما الجانب الروحي أول الصباح يفتتحه بدعاء الصباح وبالأوراد والأدعية والزيارات التي ذكرناها فيما سبق وإذا وفق أن ينام الليل مبكر ويستيقظ قبيل الفجر بساعة أو نصف ساعة، هذه مسألة تعود.

في أحد الأيام زرنا أحد المراجع ناقشنا معه في مسألة بعد فترة أردنا أن نخرج رأينا عنده ساعة قال أنا لا أعرف لهذه الساعة أريد أن توقتوها إلي أردنا أن نوقتها قال وقتوها قبل ساعة من أذان الفجر يتكلم ببساطة كأن شيء طبيعي كان الأذان ساعة 3 وقتناها ساعة 2 أمر طبيعي هذا حصل عليه من صغره نظم أموره وبرمج حياته المعنوية بالإضافة إلى حياته العلمية.

كذلك الجانب المادي للإنسان يحتاج أيضا إلى تنظيم، حتى الرياضة البدنية لها اثر في حياة الطالب إذا واحد يومية يعمل رياضة يحرك الدورة الدموية هناك تمارين خاصة لتحريك الدورة الدموية كثير لها تأثير، لها تأثير حتى على التحصيل العلمي.

مثلا السيد الإمام "رضوان الله عليه" لشدة نظمه كان يدرّس الساعة ثلاثة العصر في مسجد ؟؟؟ إذا يفتح الباب الطلاب يعدلون ساعاتهم  عند فتح الباب من دقته في ذلك الأمور ومن دقته في المواعيد حتى أنه يوم من الأيام أحد الطلبة سأله حاجة أحد إخوانه المؤمنين السيد الإمام واعده قال له بكرى الساعة كذا تأتي إلي وسوف أعطيك مبلغ توصله إليه، يقول ذلك الشخص أنا أتيت على رأس الوقت المحدد رأيت هناك صراخ ونياحة دخلت عرفت أن السيد مصطفى الخميني قد استشهد والناس يأتون يعزون الإمام الخميني يقول قلت في نفسي ما هذه الساعة، ساعة المطالبة يقول أنا دخلت المجلس جلست وسكت وما قلت للسيد الإمام يقول ما إن حان ذلك الموعد وإذا بالسيد الإمام ينظر إلي أنا استغربت دنيت منه نعم سيدنا خير إن شاء الله أراك تنظر إلي قال له أنا ما مواعدك أن تأتي في هذه الساعة لقضاء حاجة أخينا فلان؟ قلت بلي سيدنا لكن أنت ليس في ساعة مناسبة قال لا دخل وأخذ المبلغ وأعطاه إليه وقال له أوصله له.

طالب العلم الذي يعود نفسه على نظم الأمور يكون منظما في كل شيء حتى في حياته أول ما يتزوج يكون منظم الخروج من العزوبة إلى الحياة الزوجية لا يربك حياته العلمية بالعكس ينظم حياته العلمية أكثر لأنه اعتاد النظم في أموره العلمية والعبادية والمادية.

نريد أن نعقب بهذا التعقيب، من اعتاد نظم الأمور سينعكس النظم حتى على ذهنيته وتفكيره فالذهنية ذهنيتان هذا أحرى أن نسميه طالب العلم والذهنية الميدانية والعقلية العملية، هناك ذهنيتان الذهنية الأولى ذهنية خدماتية والذهنية الثانية ذهنية المشاريع، عقلية المؤسسات أضرب لك مثال.

كلامنا في طالب العلم إذا وفق للخيرات وكان من أهل الصلاح اشترط يوم من الأيام الله يبارك فيكم كلكم وتصبحون كلكم من العلماء الأعلام والمراجع العظام وتأتيكم الأموال الشرعية تأتيكم الحقوق الشرعية تصبح مرجع أو تصبح وكيل على العموم الإنسان ما يتمنى أن يبتلى بمسؤولية لكن مع مرور الزمن ما يشوف روحه إلا في المسؤولية افترض صرت وكيل وجاءتك الأموال ما شاء الله هنا عندنا ذهنيتان، هناك ذهنية خدماتية يعني لتصريف الشؤون يأتيك واحد يقول أنا فقير تعطيه مبلغ، يأتيك واحد أريد أن أتزوج تعطيه مبلغ، يأتيك واحد يقول والله أنا محتاج بيت تعطيه مبلغ، هذه ذهنية خدماتية ومطلوبة في الشريعة (قضاء حاجة المؤمن أحب إلي من صيام شهر واعتكافه) لكن الذهنية المؤسساتية وذهنية المشاريع أكثر وقعا وأكثر فائدة.

قد الآن يأتي إليك وتعطيه فلوس يشتري بها بيت بكرى ينتقل من هذه البلدة ويبيع البيت ويمكن يذهب بالفلوس في البورصة أو الأسهم وينكسر وراحت الأموال، أو هذا الفقير أنت تعطيه هذا المبلغ يذهب ويصرفه وبعدين يأتي مرة ثانية لكن لاحظ الذي ذهنيته ذهنية مؤسسات ومشاريع هذه الأموال يبني بها مساكن للطلاب ويوقفها للطلاب، ذهب الطالب أتى الثاني سكن فيه، هذه ذهنية مؤسساتية ذهنية مشاريع أحيانا الإنسان ما تقول أن المبلغ لا يتوفر، أحيانا المبلغ يتوفر لكن من يقرض المبلغ لأنه لم يتأمل ولم يعود نفسه على المؤسسات وعلى المشاريع لا يلتفت إلى مثل هذه الأمور أو مثلا الذي عنده ذهنية مؤسساتية يحاول أن يؤسس له مؤسسة فيها استثمارات تدر أرباحها على الفقراء والمساكين والمحتاجين، الذي يعود نفسه نظم الأمور بالتالي حتى تفكيره يصير منظم إذا صار عالم من كبار العلماء وجاءته الأموال إذا يريد يصرف المال لا يلحظ الجانب الخدماتي فقط يلحظ جنبة المشاريع كيف يؤسس مشروع هذا المشروع ؟؟؟ الخدمات هذه نقطة جدا مهمة ينبغي أن الطالب من هذه اللحظة من أول خطوة يرتب ذهنه لا يقول أنا وين ووين أنا بعيد لا يا أخي الصغير يكبر.

أتذكر دخلنا على أحد أساتذتنا قال إن شاء الله كذا كذا نحن صغار قال الصغير يكبر فهل هيأ نفسه لذلك الموقف لما يصير كبير هل هيأ نفسه أو لا، إن شاء الله يا أخوة تفكرون في هذا الأمر بشكل جلي وبشكل جدي ولذلك يعني في أشياء اختبارات أنا إذا أردت أن اختبر واحد أي لغة مثلا هو أول اخذ اللغة العربية أو الانكليزية، العربية أو الفارسية أعطيه ربطة أفلوس وأقول له احسبهم بسرعة أنت سوف ترى اللغة التي تجري بسرعة هي اللغة التي أخذها أولا، ترى إذا هو يقول فلافة ومتعود من صغره يقول فلافة بالفاء هذا لحظة إذا يحسب تطلع يعني في أشياء من خلال التجربة بأمور العفوية في الأمور العفوية أو إذا الإنسان خدر أو أغمي عليه المعلومات التي في منطقة اللاشعور تخرج ولذلك كان جاسوس روسي سنين في الولايات المتحدة لم يعرفوه يوم من الأيام قام يهلوس يتكلم بالمنطقة اللاشعور قام يتكلم روسي فعرفوه أن هذا جاسوس روسي.

على العموم أيضا طالب العلم إذا من نعومة أظافره يعلم روحه يشوف الذهنيتان يأتي واحد تعطيه مبلغ تعطيه ألف دينار تقول له ماذا تفعل بها يقول لك أنا احتاج اشتري بها ثياب ثيابي تلفت واحتياج أيضا غرفتي فراشها يحتاج إلى تعديل واحتاج أن اعزم أصحابي إلى المطعم هذا ذهنه دائما استهلاك عقليته استهلاكية في واحد تقول له أنا أعطيك ألف دينار ماذا تعمل؟ يقول إذا ما استطيع أن أفتح دكان اعمل بسطية أمام البيت، إذن هذا ذهنيته ذهنية استثمارية ليست ذهنية استهلاكية.

كذلك من يصل إلى موقع القرار قد تأتيه الأموال إذا ذهنيته خدماتية لا يعلم الدرهم المضروب صرتنا لكن يمر عليها وهو منطلق ولذلك أحد العلماء حصل أحد التجار وكان تجار بخير قال له أنا ؟؟؟ طلاب العلم فعمل مدرسة في إحدى الحوزات وكانت أقوى الرواتب بعد فترة مات هذا التاجر صارت أفقر مدرسة ما فيها رواتب فهذا العالم قال أيام ما كان صاحب الخير موجود كنا نمد تأتينا الأموال فنمد الآن بالعكس نقترض هذا السر أنه فكّر أنه يأتي بدكاكين ويجعلها أوقاف بحيث تدر الأموال على المدرسة وتستمر تلك المدرسة، نسأل الله "عز وجل" أن يوفقنا لتنظيم أمورنا وأن يجعلنا ممن يؤسس المؤسسات لخدمة دين الله تبارك وتعالى إنه على كل شيء قدير وبالإجابة حقيق جدير وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

07

مايو | 2023
  • الكتاب: طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
24 الجلسة