طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
شیخ الدقاق

018 -طالب العلم والزواج المبكر

طلب العلم و المسيرة العلمية و العملية

  • الكتاب: طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

جاء في الرواية الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (ما استفاد امرئ من بعد تقوى الله "عز وجل" أفضل من زوجة صالحة إذا نظر إليها سرته وإذا غاب عنها حفظته) وجاء في رواية عن رسول الإنسانية "صلى الله عليه وآله" (تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة) صدق رسول الله "صلى الله عليه وآله".

عنوان هذه المحاضرة طالب العلم والزواج المبكر

فهل الزواج يمنع التحصيل العلمي أم أن الزواج يسند التحصيل العلمي؟ هذه مقولتان فالبعض يقول إن الزواج المبكر يضر التحصيل العلمي حتى قال بعضهم لو كلفت ببصلة ما حفظت مسألة هذه مقولة مشهورة بين القوم ويستشهد بذلك بتأخر زواج أمير المؤمنين "صلوات الله وسلامه عليه" فقد تزوج في سن السابعة والعشرين ويستشهد لذلك بتأخر الكثير من علمائنا مثلا السيد الإمام في سن السبعة وعشرين الشيخ محمد أمين زين الدين في سن الثانية والثلاثين والشهيد مطهري وفلان وفلان وفلان فأكثرهم قد تأخر زواجهم رغبة منهم في التحصيل العلمي وبالتالي الأفضل لطالب العلم أن يؤخر زواجه لكي يتقدم في التحصيل العلمي، هذا رأي.

الرأي الآخر يقول لا الأفضل لطالب العلم الزواج المبكر، فالزواج لا يضر التحصيل العلمي فالوقت الذي يصرفه الأعزب في تغسيله ملابسه وطهي طعامه وكنس مكانه وما شاكل من ذلك تكفيه مؤنته المرأة بل إن الروايات تشير إلى ما يشبه السكن العاطفي الذي أشارت إليه المباركة (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).

فقد جاء رجل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقال (يا رسول الله إن لي امرأة إذا خرجت شيعتني وإذا قدمت استقبلتني وإذا رأتني مهموما مغموما قالت ما بك يا ابن العم إن كنت مهموما لآخرتك فزادك الله هما وإن كنت مهموما لرزقك فقد تكفل به غيرك فقال يا رسول الله ما أجرها؟ قال بشرها بالجنة وقل لها إنك عاملة من عمال الله)، إذن أي المقولتين أوفق هل الزواج المبكر أفضل لطالب العلم أم أن الزواج المتأخر هو الاوفق لطالب العلم؟

طبعا قلنا هناك رأيان بالتالي لابد أن ترجح واحد، أنا رأيي الشخصي أن الزواج المبكر لطالب العلم أفضل الإشكالية لا تكمن في نفس الزواج الإشكالية تكمن في عدة أمور منها كثرة الإنجاب هناك التزامات بالنسبة إلى كثرة الأولاد طبعا أنا أشجع على الزواج وعلى كثرة الأولاد والدين يشجع على ذلك وليس أنا رسول الله يقول (تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم) لكن هناك التزامات من يتزوج هناك عنده التزامات تجاه الزوجة ومن يكثر من الإنجاب أيضا هناك التزامات تجاه الأولاد فالذي يتزوج ويؤخر الإنجاب مثلا سنة سنتين أو أفضل شيء في بداية زواجه يأتي بالثمرة وينجب ولد ويتأخر كم سنة بحيث يعطي الولد حقه يعطي الزوجة حقها ويعطي أيضا الدرس حقه لن يجد أن الزواج عالق هذا واحد.

اثنين المشكلة الأساسية فيما قبل الزواج يعني الكثير من الطلاب متى يأتي يدرس ينتظر ينهي الثانوية ويذهب إلى الجامعة يدرس بكلوريوس أو ماجستير على الأقل دبلوم يمكن يذهب يشتغل ما يأتي إلى الحوزة إلا تعبان وبالتالي لا يلقي باللوم على الزواج يلقي باللوم على تأخره في الدراسة أنت لاحظ أكثر حتى الطلاب الآن الذي وصلوا إلى مرحلة الاجتهاد أسألوهم أكثرهم من صغرهم يدرسون بعضهم حتى ما كمل المدرسة من صغره يدرس من الإعدادية (العلم في الصغر كالنقش في الحجر) ليس معناه أنا ضد الثانوية بس أقول لك الواقع هو هذا، يكمل الثانوية ويكمل الجامعة ويروح يشتغل إذا وصل خمسة عشرين ثلاثين سنة يأتي ويدرس هو الآن الأعمار خمسين وستين سنة الذي يعمر جدا يصير عمره سبعين سنة هذا سبعين يعني ما شاء الله معمر في هذا الزمان إذا هو جاء إلى الحوزة وعمره ثلاثين كم يدرس في الحوزة؟ إذا يريد أن يصير محصل أقلها عشر سنوات صار عمره أربعين بقى له ثلاثين سنة إن شاء الله يزكيها في طلب العلم وفي تبليغ العلم، إذن الإشكالية في هذا الأمر.

الأمر الثالث بعض الناس لا يستطيع أن يحدد مستقبله ومصيره هو ماذا يريد؟ يريد أن يعمل؟ يريد يدرس دراسة أكاديمية؟ يريد أن يدرس دراسة دينية؟ ما يدري دائما في حالة تردد يأتي الحوزة يدرس سنة سنتين بعدين يقول أنا إذا أذهب إلى الجامعة أفضل يذهب إلى الجامعة كم سنة يقول الظاهر أنا لا حوزة ولا جامعة يذهب ويشتغل يقول لا أنا الاجار لا يصلح أسوي تجارة وهكذا يدور في حلقة مفرغة فلا يحصل هذا ولا يحصل ذاك ولذلك طالب العلم المفروض من البداية يحدد مساره هو يريد أن يواصل طلب العلم الديني أو يريد أن يواصل الدراسة الأكاديمية أو يريد أن يعمل.

الذي ما يحدد أو متردد هذا إذا يتزوج تصيبه إرباكات فالزواج له متطلبات يصرف على الزوجة هناك التزامات مثلا عنا من الفقر يقول تدري نحنا غلطنا خل نترك طلب العلم ونذهب نشتغل، اشتغل صار وضعه زين يقول أنا ضيعت حياتي الآن كونت نفسي خل أرجع إلى طلب العلم حتى العائلة تعيش عدم الاستقرار فلا يعيش الهدوء والسكن لكن طالب العلم إذا درس مبكرا من صغره يدرس وأيضا حدد مستقبله الدراسي أيضا مبكرا هذا إذا يتزوج ما يتزوج بداية حياته الدراسية ما يتزوج وهو دارس متن الاجرومية هذا يتزوج وهو درس لمعة وما فوق اللمعة في هذه المرحلة هو قد استقر حدد مستقبله العلمي وأيضا قطع شوط علمي فيكون الزواج أفضل له.

أعجبني مقطع قرأته في كتاب ملائكة الغيب قادمون، هذا الكتاب يتكلم عن قصة مفادها أن واحد ذهب إلى الغرب وكذا وكذا إلى أن الله "عز وجل" هداه فصمم أن يذهب إلى الحج ذهب إلى مكتب أحد المراجع وجد أن المعمم الموجود في ذلك المكتب صغير السن تفاجئ أنه أيضا متزوج قال عجيب هذا الصغير متزوج فأجابه صاحبه قال هؤلاء العلماء يسدون أبواب الشهوة في بداية ميثاقها أول ما يبلغ وتتفتق الشهوة يحاول يشبعها يتزوج ويخليها في الحلال وما يفكر في الحرام ذهنه بعد ما يفكر ويذهب إلى طرق ملتوية ويغلفها بغلاف وإطار شرعي بخلاف الشخص عمره خمسة عشر يوصل إلى ثلاثين سنة ما متزوج يعني خمسة عشر سنة يعيش صراع مع النفس وما أدراك ما النفس أعدى عدويك نفسك التي بين جنبيك لكن الذي يتزوج زواج مبكر من البداية يقمع الشهوة من البداية يقمع مثيرات الغريزة فتلخص أن طالب العلم الذي حدد مساره منذ البداية ودرس مبكرا فالأفضل له أن يتزوج مبكرا لكي يتجنب مثيرات الشهوة ويحقق السكن النفسي والعاطفي وإن شاء الله يوفق ويرزق ذرية صالحة وعلم صالح.

أحيانا شخص جاء متأخر وإلى الآن متردد إلى الآن ما يدري يدرس ما يدرس يقول نجرب نفلح ما نفلح هذا إذا يتزوج في هذه اللحظة يصيده إرباك لأنه ما حدد مستقبله وأما الذي حدد مستقبله وهو من أول يوم وضع قدميه ويعرف أنه ما يرفعها لماذا يؤخر زواجه إلى متى؟ هذه نقطة.

النقطة الثانية أحيانا شخص لا يجد ما يتزوج لا يجد المال الذي يعينه على الزواج أو عنده المال لكن ظروف أهله وعائلته صعبة هذا ليس من الصحيح أن يفكر في الزواج أو يتكلم كثيرا في الزواج، رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول (من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) بالتالي طالب العلم الذي يمكن أن يتزوج عنده المال ومدوه بالخيل والرجال ما باقي يدور إلا أم العيال وما هو المانع، لكن إذا واحد ينقصه المال أو ظروفه الاجتماعية لا تساعده على ذلك فلا داعي أن يقحم نفسه في التفكير في الزواج لا راح يتزوج ولا راح يصير محصل تحصيلا علميا جيدا.

على العموم أنا أقول الذي يتمكن أن يتزوج وقطع شوط في الدراسة لا يتردد في الزواج لكن يا أخوة أصابع يدك ليس واحدة يمكن تتزوج واحدة وتطلع سيئة لا تقول فلان دمرني يوم نصحني ويمكن واحد يتزوج وحدة تطلع إليه درة ليس كمثلها ذرة هذا ما يصير يمشي وينصح في الناس يا ناس تعالوا وتزوجوا، والزواج ليس كله نعيم يعني الآن أتينا لكم بكم رواية ليس معناه أن الزواج دائما سكن ودائما سعادة لا لا الزواج معيشة بين اثنين قد يتفاهمان وقد لا يصيرون على وئام مع بعضهم، كيف حلل الله الطلاق لأنه قد لا يكون هناك وئام وقد يكون هناك انفصال لكن بمقتضى الطبيعة الإنسانية الإنسان يميل إلى الجنس الآخر الرجل يميل إلى المرأة والمرأة تميل إلى الرجل، نسأل الله "عز وجل" أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى وأن يجعل لنا من أزواجنا وأولادنا قرة أعين ويجعنا للمتقين إماما وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

07

مايو | 2023
  • الكتاب: طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
24 الجلسة