طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
شیخ الدقاق

023 -طالب العلم قد يبتلى بداءين

طلب العلم و المسيرة العلمية و العملية

  • الكتاب: طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

جاء في الرواية الشريفة عن رسول الله الأعظم "صلى الله عليه وآله" أنه قال (إن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) صدق رسول الله "صلى الله عليه وآله".

عنوان هذه المحاضرة الأخيرة من سلسلة طالب العلم والمسيرة العلمية والعملية هذه المحاضرة تحت عنوان طالب العلم واجتناب الغرور والحسد

طالب العلم لاسيما إذا كان ناجحا ولم يكن خاملا قد يبتلى بأحد داءين:

الداء الأول الغرور والخيلاء

الداء الثاني الحسد

أما الداء الأول لو افترضنا أن طالب العلم أصبح موفقا في حياته العلمية أصبح من المدرسين البارزين عنده طلاب ما شاء الله عرف بالدقة والعمق عرف بالبيان عرف بحسن الأخلاق وصار عنده طاقم من الطلبة خرج أفواجا أو أصبح مؤلفا لديه تأليفات قيمة أو أصبح خطيبا مصقعا معروفا فإنه قد يصاب بالغرور يقول صحيح أنا وصلت إلى هذا المقام بفضل ذكائي وجدي واجتهادي وأتعابي وتحصيلي فيصاب بالغرور.

يقال إن أحدهم رأى الشيطان فقال له اذهب أيها الشيطان فإن العالم الفلاني عاكف على تأليف كتاب لفضحك ولبيان وساوسك أيها الشيطان وإذا بالشيطان يقول العالم الفلاني لم يكتب ذلك الكتاب إلا بأمري فتعجب قال له كيف بأمرك وهو عن وساوسك يقول جئت له وسوست له قلت له اكتب عن مكان وحي للشيطان حتى يقول الناس إن فلان عالم قد جاهد نفسه انظر إلى كتابه الفلاني كيف تطرق إلى حبائل الشيطان وحيل الشيطان فلابد أن يكون هذا العالم قد وصل إلى ما وصل حتى اكتشف حيل الشيطان ومكامن الشيطان، والطالب أحيانا قد يبتلى يصاب بالغرور والعياذ بالله.

احد الخطباء خطيب معروف مصقع حتى أنه جاء إلى البحرين في يوم من الأيام كان عنده مجلس عامر لعله في حرم الحسين أو حرم أحد الأئمة يقول وكان الحضور كبير جمع غفير وتأخرت يقول دخلت انشق الناس سماطين يقول داخلني شيء في نفسي هؤلاء لم يأتوا إلا مكانة قراءتي لقوة مجلسي يقول الشيخ احمد مال الله "الله يرحمه" ينقل هذه القضية يقول جلس على المنبر أراد أن يتكلم لم يستطيع انعقد لسانه والناس تنظر إليه يريد أن يتكلم نسى كل شيء فوقع من على المنبر مغشيا عليه إذن طالب العلم بحاجة إلى طلب التسديد من الله تبارك وتعالى بحاجة إلى طلب التأيد إذا حصل عنده طلاب صارت إليه مكانة اجتماعية صار عنده أتباع في هذه الحالة بحاجة إلى سجدة الشكر بحاجة إلى الصلاة شكرا لله "عز وجل" بحاجة إلى التقرب إلى الله أكثر فأكثر وإلا انتم سمعتوا قضية ذلك العالم الذي أصبح معروفا بالدقة وبالبيان وعنده طلاب كثيرين يوم من الأيام أصبح الصباح أراد أن يتوضأ لم يشخص يده اليمنى من اليسرى كادت الشمس أن تخرج أيقظ زوجته هاتان يداي أيهما اليمنى وأيهما اليسرى قالت تلك اليمنى وتلك اليسرى سبحان الله أراد الله "عز وجل" أن يؤدبه قد تصل إلى ما تصل لكن الله "عز وجل" هو مفيض الوجود هو مفيض المواهب لكن الإنسان أحيانا يعتريه الغرور فالطالب بحاجة إلى طلب التسديد من الله "عز وجل" دائما، (إلهي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا) هذا الأمر الأول الغرور إذا صار ناجح وصار بارز ولذلك الطالب لازم يلاحظ روحه يمكن يذهب مجتمع جماهيري يأتون يقدمون إليه هدية يقدمون إليه وردة أو يصير معروف يدرس وتنتشر أقراصه ويتصلون به من مختلف البلدان وتأتيه الرسائل ربما ينتابه الغرور إذا ما يلتفت إلى نفسه ربما ينتكس انتكاسة لا يقوم بعدها أبدا.

المحذور الثاني الحسد الرواية عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" تقول (إن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) عدو كل شخص من مهنته يعني الآن إذا عندنا محلة فيها دكان وفيها خباز وفيها قصاب كلما تتعدد المهن الأخرى أفضل إذا جاء واحد فتح نجار يمكن جاء واحد إلى النجار يشتري خبز ويشتري لحم يشتري من الدكان إذا واحد يصير حداد وواحد يصير مال ألمنيوم جيد لكن إذا جاء خباز يفتح في وجه الخباز يطير الشراء يقول أنت تقطع رزقي إذا يأتي قصاب يفتح بجانب قصاب عدو كل شخص من مهنته.

أحيانا طالب العلم لا يستطيع أن يكتشف إخلاصه إذا كان في قرية أو مدينة أو منطقة وهو لوحده ربما لا يستطيع أن يشخص أنه مخلص أو لا متى يشخص أنه مخلص؟ إذا في منطقته عدة علماء وعدة شيوخ ربما يبتلى بالحسد لأن هذا من مهنته وخاصة بين الأقران إذا كلاهما في سن واحد أو في مدرسة واحدة أو في صف واحد ربما واحد يكون أذكى من الثاني وأجد من الثاني يرجعون إلى البلد يصير الأقل جدية أكثر محبوبية عند الناس في هذه الحالة يشتغل الحسد في طالب العلم.

اذكر لكم قصتين قصة حول عالم السوء الذي لم يربي نفسه وقصة حول عالم الصلاح الذي ربى نفسه وأكثر قصص علمائنا في جانب الصلاح نذكر لكم قصة واحدة في جانب السوء هذه القصة يذكرها آية الله الشيخ حسين مظاهري في كتابه عوامل السيطرة على الغرائز في حياة الإنسان.

السيد محمد رضا الكلبايكاني "رضوان الله عليه" كان عنده صديق قيل له هذا الصديق في حالة الاحتضار ذهب السيد الكلبايكاني لعيادة ذلك الفقيه الذي هو في حالة الاحتضار دنا من سريره سلم عليه قال كيف حالك؟ قال لست بخير إن الله ظالم وليس بعادل استغفر الله كيف؟ قال له سيدنا أيام الدراسة أيهما كان أذكى أنا أم أنت؟ قال أنت أيهما أكثر جدية أنا أم أنت؟ قال كيف أنت تصبح مرجع وأنا لا أصير مرجع آتني بالقرآن فبصق في ذلك القرآن ومات، لاحظ العاقبة السيئة إذا الإنسان يبتلي بالحسد هو الحسد تعرفون ما هو الحسد؟ تمني زوال نعمة الغير الفرق بين الحسد والغبطة، الغبطة تتمنى نعمة الغير مع بقاء نعمة الغير ذلك عالم إن شاء الله أصبح عالم مثله والله يوفقه وأما الحسد تمني نعمة الغير مع تمني زوال النعمة من الغير.

أنا اذكر لكم هذه قصة التي تكشف عن نفسية الحاسد وروحيته، يوم من الأيام الحجاج بن يوسف الثقفي قال لجلاوزته اذهبوا إلى خارج السوق واحضروا لي بخيلا وحسودا جاءوا بالبخيل والحسود قال الحجاج أي واحد منكم يطلب طلب ألبي له ذلك الطلب لكن للثاني ألبي ضعف الطلب إذا واحد طلب دينار أعطيه دينار لكن الثاني أعطيه دينارين إذا واحد طلب بيت أعطيه بيت الثاني أعطيه بيتين زوجة ذاك أعطيه زوجتين فصمت البخيل والحسود مدة كل واحد يعالج طلعة روحه إلى أن تكلم البخيل يقول ما يصير ذلك يأخذ أزيد مني والحسود أنا ما استطيع أن أتحمل أرى ذلك أحسن مني إلى أن تكلم الحسود قال أيها الحجاج أفقع عيني قال له اطلب بيت اطلب أموال قال أيها الحجاج إذا طلبت المال صار أفضل مني طلبت البيت صار أفضل مني طلبت الزوجة صار أفضل مني وأنا ما أتحمل أراه أفضل مني احسده أتمنى زوال نعمته لكن إذا فقعت عيني سأصبح أعورا فستفقع له عينين وسيصبح أعمى وأكون أفضل منه.

لاحظ نفسية الحسود كيف تكون إذا واحد تعود على الحسد لا يتمنى واحد يصير أفضل منه بخلاف الإنسان المؤمن الإنسان المؤمن ينشد الحقيقة رحمة الله على السيد حسين الكوهكمري "رضوان الله عليه" كان يدرس كتاب المكاسب حرم أمير المؤمنين "سلام الله عليه" يوم من الأيام تقدم قبل الطلاب بربع ساعة نصف ساعة رأى واحد يدرس لكن درسه جيد كان الشيخ الأنصاري وهو ما يعرفه قال هذا يدرس نفس المادة وفي نفس الوقت حضر اليوم الثاني أيضا قبل طلابه حتى يسمع ذلك الأستاذ سمع أن ذلك الأستاذ أيضا أفضل جاء الطلاب سيدنا الدرس قال لا من اليوم فصاعدا أنا زميلا لكم وندرس عند الشيخ الأنصاري هذه النفسية أنت كيف تتنزل تكون مدرس تالي تصبح زميل لطلابك عند واحد يدرس نفس المادة في نفس الوقت وما كان مشهور الشيخ الأنصاري.

يقال إن أحد علماء البحرين درس احد الطلاب هذا الطالب خرج ذهب إلى النجف صار عالم رجع هذا الأستاذ صار تلميذ عند تلميذه قال له أنت كنت تدرس عندي لأنه أنا كنت أعلم منك الآن أنت اعلم مني ادرس عندك هذه تحتاج إلى نفسية كبيرة الشيخ الأعظم الأنصاري "رضوان الله عليه" كان يدرس الفقه والأصول عنده تلميذ أخلاقه جيدة عنده قال درسني أخلاق قال ما يصير أنت أستاذي قال أنا أستاذك في الفقه والأصول لا يمنع أن تكون أستاذي في الأخلاق هذا يحتاج إلى شخص اوحدي نحن نأتي لكم بالقصص لكن ليس بالضرورة نستطيع أن نطبقه صعب الكلام شيء والواقع شيء آخر.

في يوم من الأيام خرج الشاه مع عالمين عظيمين وهما الشيخ البهائي "رضوان الله عليه" والميرداماد كليهما علماء كبار في ذلك الوقت على الحصان والخيل الشيخ البهائي كان ضعيف وقصير الميرداماد كان سمين فبالتالي من الذي تقدم الركب؟ الشيخ البهائي في البداية يمشي بالحصان إلى الإمام، الميرداماد سمين حصانه آخر حصان في الوسط الشاه، الشاه قال أنا أريد أن أجرب هؤلاء علماء أو لا، تقدم إلى الشيخ البهائي قال له شيخنا هذا الشيخ السمين لا يتحرك أخرنا كثيرا نريد أن ننطلق فقال الشيخ البهائي "رضوان الله عليه" أيها الشاه يعني الملك أنك لا تعرف ما يعرف الحصان، الحصان مثقل بثقل علم الميرداماد ما يستطيع يتحمل ثقل علم الميرداماد ولذلك اعذر الحصان يحمل كنزا من الكنوز تأخر الشاه عن الشيخ البهائي ذهب إلى الميرداماد قال له أيها الميرداماد ما لهذا الشيخ مغرور ما يتنزل يمشي معنا دائما في أول الركب ما يمشي معنا لماذا أصبح هكذا مغرورا وإذا بالميرداماد يقول أيها الشاه إنك لا تعلم ما يعلم الحصان إنه جدا فرح ومسرور بالعالم الذي يحمله ولذلك من شدة فرحته ما متمالك نفسه إلا يسرع الخطى يقول أرباب التاريخ إن الشاه نزل من على صهوة جواده وسجد لله شاكرا قال إذا الأمة حصلت على هكذا علماء فنعم هذه الأمة.

حسن الظن بالآخرين حسن الظن بأخيك الطالب يا أخوة حاولوا أن تربوا أنفسكم يكون عدكم حسن ظن مع بعضكم البعض تصلون جماعة مع بعض تقدم أخيك إلى الصلاة لا يصير أنه أنا ما أصلي إذا صلى فلان إذا صلى المدير أو صلى فلان أو صلى فلان أنا أتي وأصلي جماعة غيره لا لا يا أخي علموا أنفسكم تصلون ما يصير هذا العرف أن الشيخ ما يصلي خلف الشيخ هذا العرف إذا موجود نريد أن نكسره بالعكس طالب العلم المفروض من أشد الناس مواظبة على صلاة الجماعة ممن يتخلص من الحسد ممن يتخلص من الحقد.

نسأل الله "عز وجل" أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى اللهم لا ترفعني في الناس درجة إلا وقد حططتني عند نفسي مثلها كما يقول الإمام السجاد في دعاء مكارم الأخلاق، نسأل الله التوفيق والعفو والعافية وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

07

مايو | 2023
  • الكتاب: طلب العلم والمسيرة العلمية والعملية
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
24 الجلسة