علم السياسة
شیخ الدقاق

019 - المبحث الخامس الأمة

علم السياسة

  • الكتاب: علم السياسة ؛ تجديد من وجهة نظر إسلامية
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

المبحث الخامس الأمة

التعريف السائد للأمة أنها مجموعة من الأشخاص يشتركون في مشاعرهم القومية فاعتبر علماء السياسة وفقا لهذا التعريف أن العنصر القومي هو الأساس في تكوين الأمة فليس الدين ولا الثقافة ولا التاريخ ولا الإقليم هو الأساس في تكوين الأمة وإنما الأساس كل الأساس هو خصوص المشاعر القومية والعرقية التي تجعل هذه الأمة أمة واحدة في مقابل بقية الأمم فتقول الأمة التركية والأمة الكردية والأمة العربية والأمة الفارسية في مقابل بقية الأمم إذن في تعريف علماء السياسة للأمة السائد هو الأساس في تكوين الأمة هو الأساس القومي والأساس العرقي وتجد الآن الحركات اليمينية في أوروبا الحديثة تركز على الجانب العرقي فمارين لوبان في فرنسا تؤكد على الجانب العرقي وهكذا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ركز كثيرا على العرق الأبيض والجانب العرقي وهذا موجود هذا كردي وهذا عربي وهذا أعجمي وهذا فارسي وهذه النعرات القومية مستمرة مع الإنسان وللأسف الشديد فالأساس عندهم هو الدم والعرق والذي يوجب تأليف الأمة ويكون أساس تكوينها هو عنصر الدم والجانب العرقي والجانب القومي فالمراد بالأمة هي القوم الذين يشتركون في مشاعر يوحدها العرق والدم ولكن الصحيح بنظر الإسلام أن أساس توحيد الناس هو الدين لا فضل لعربي على أعجمي ولا أعجمي على عربي ولا أسود على أبيض ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى، قال تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) فالتعريف السائد للأمة يركز على المشاعر القومية والمشاعر القومية أعم من العرق واللغة والثقافة والدين والتاريخ فالأمة هي عبارة عن مجموعة من الأشخاص يشتركون في مشاعر تجمعهم وهي تكون مشاعر عرقية والتعريف الصحيح للأمة بنظر المصنف هي مجموعة من الأشخاص يجمعهم انتماء واحد هذا الانتماء قد يكون ديني وقد يكون سياسي وقد يكون تاريخي وقد يكون لغوي وقد يكون عرقي وهكذا فالمراد بالأمة مجموعة من الأشخاص يجمعهم انتماء واحد.

والانتماء الصحيح في الإسلام هو الانتماء الديني الإسلام في مقابل الكفر قال تعالى (وإن هذا صراط مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) في تصوري لو المصنف ركز على الشعب لكان أفضل لأن بحثنا هو في الدولة الحديثة ومفاهيم الدولة الحديثة ومفاهيم الدولة الحديثة تركز على الشعب لا الأمة نعم الأمة مفهوم إسلامي أصيل وقد ورد في القرآن الكريم (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) (كلما دخلت أمة لعنت أختها) إذن مفردة الأمة مفردة إسلامية أصيلة ولم ترد مفردة الشعب في القرآن أو المفاهيم الإسلامية هذه مفردة حديثة وبالتالي إما أن نبحث مفردة الأمة في الفكر الإسلامي وإما أن نبحث مفردة الشعب في المصطلح الحديث لذلك ركز المرحوم سماحة آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين "رحمه الله" في كثير من محاضراته وكتبه على هذه المفاهيم له كتيب اسمه الأمة والدولة والحركة الإسلامية يعني ما هو الفارق بين مفهوم الأمة وبين مفهوم الدولة وبين مفهوم الحركة الإسلامية فقد توجد دولة فيها أمم كثيرة مثلا الصين فيها أمة وثنية كافرة وفيها أمة إسلامية لكن الكل شعب صيني، الهند فيه أمة هندوسية وأمة مسيحية وأمة إسلامية والكل شعب هندي وأحيانا أمة واحدة في دول متعددة فالدول الإسلامية الدول العربية كلها إسلامية وهي اثنين وعشرين دولة كما أن الدول الإسلامية كثيرة في إفريقيا وآسيا والقرآن يشير إلى أن الأمة الإسلامية أمة واحدة (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فعبدون) إذن أشار إلى ملاك توحيد الأمة عبادة الرب الواحد توحيد الإلهي، إذن مفردة الأمة يختلف عن مفردة الشعب في المصطلح الحديث ليس المراد الشعب في المصطلح اللغوي بمعنى القوم لذلك حينما تناولنا الدستور هناك علقت قلت المفروض يقول الشعب لا الأمة لأنه نحن نبحث الدستور في المصطلح الحديث ونبحث الدولة في المصطلح الحديث، في المصطلح الحديث لا يقولون أمة يقولون شعب مثل كما سيأتي فيما بعد مصطلح مواطن هذا مصطلح حديث ليس مصطلحا قديما وبالتالي ينبغي أن تبحث هل الإسلام يقبل مبدأ المواطنة الحديثة أو لا مثل الآن الوطن في المصطلح الحديث يختلف عن الوطن في المصطلح الشرعي، الوطن في المصطلح الشرعي يعبر عن مسقط الرأس أو ما تتخذه وطنا لك وموطنا لك ما يعم كل المنطقة المكان الذي تجلس فيه لذلك من تبتعد عن حدوده ولو ضمن الدولة يبدأ حساب مسافة السفر فيراد بالوطن في المصطلح الشرعي البلدة والمدينة التي أنت ولدت فيها أو استوطنتها بينما الوطن في المفهوم الحديث ليس هذا الوطن في المفهوم الحديث يراد به القطعة الجغرافية التي لها سلطة تمارس السيادة عليها وتحكم الشعب فيها يختلف تماما فلا ينبغي الخلط بين المفهوم في المصطلح الشرعي وفي المصطلح الغربي أو المصطلح الحديث.

ما هي أسس التصنيف للأمة؟ ما هو أساس ومعيار وملاك تكوين الأمة؟ توجد عدة أسس يذكر المصنف أربعة أسس:

الأساس الأول الأساس الطبقي وهو ما تذهب إليه الماركسية طبقة البرجوازيين تعبر عن أمة الملاك والإقطاعيين والمستأثرين بالسلطة فهذه أمة وطبقة العمال والفلاحين والكادحين التي هي طبقة اللبروليتارية تعبر عن أمة إذن توجد أمتان في المفهوم الماركسي أمة البرجوازيين وأمة اللبروليتارية أساس التقسيم طبقي.

الأساس الثاني الأساس العلمي وهذا ما هو موجود في الدول الغربية يقولون توجد عندنا دول صناعية حديثة الدول الصناعية سبع وتوجد عندنا دول لا يقولون متخلفة يعبرون بتعبير مؤدب دول نامية ويقصدون متخلفة ولكن يقولون دول نائمة وينبغي أن تنام ويقولون إن الأمة المتقدمة صناعيا ينبغي أن تكون لها الريادة والسلطة والسيطرة وينبغي أن تكون الدول النامية والنائمة تابعة لكن هم يعبرون تعابير فيها لطف ظاهرها لطيف وباطنها خبيث مثلا مفردة الاستعمار السيد الإمام الخميني ما يستخدم مفردة الاستعمار يستخدم مفردة الاستكبار وهذا مصطلح قرآني فيه علو واستعلاء وتكبر أما مصطلح استعمار الهمزة والسين والتاء تدل على الطلب تقول استحمام يعني طلب الحمام، استعمار يعني طلب العمران هذا ورد في القرآن (واستعمركم فيها) الله خلقكم في الأرض واستعمركم يعني مو احتلكم، استعمركم يعني خلاكم تعمرون الأرض فمفردة الاستعمار من ناحية لغوية مفردة لطيفة وإن كان من ناحية خارجية وواقعية مفردة أصبحت قبيحة هم أيضا في الاستعمال يقسمون الاستعمار إلى عدة أقسام:

القسم الأول استعمار عسكري مثل استعمار ايطاليا إلى ليبيا استعمار عسكري، استعمار بريطانيا إلى العراق استعمار عسكري.

القسم الثاني استيطان مثل إسرائيل استوطنت فلسطين المحتلة.

القسم الثالث استعمار انتداب ووصاية يعني هناك دول ضعيفة كيف أنه في البحر توجد اسماك قرش وحوت وتوجد حراسين واسماك صغيرة يبتلعونها فهذه السمكة الكبيرة تكون وصية على السمك الصغيرة حتى لا تأتي السمكة الكبيرة الأخرى وتأكلها هناك قوى كبرى الاتحاد السوفيتي وأمريكا قوى كبرى دول المحور ودول الحلفاء دول الحلفاء بريطانيا وفرنسا بعد ذلك صارت معهم أمريكا والاتحاد السوفيتي ودول المحور هي ألمانيا وايطاليا واليابان هؤلاء يتنازعون النفوذ في العالم، فرنسا أنت خذي سوريا ولبنان هذا انتداب فرنسي ليس بالعسكر وبريطانيا خذي الخليج، روسيا تتدخل في دول الخليج؟ أبدا تدخلت في سوريا لأنها منطقة انتداب، الآن ثورة البحرين صار موقف إلى روسيا عن دولة البحرين؟ كلا لأن هذه منطقة أمريكية بريطانية منطقة غربية يعني هناك تقسيم لدول العالم ولثروات العالم فيصير الاستعمار البريطاني لدول الخليج انتداب ووصايا يعني نفس هذه الدول طلبت من القوى العظماء والكبرى احضروا مندوبا وجاء البريطانيين هذاك الوقت بحجة محاربة القرصنة في الشواطئ هو طمع في الثروات والسيطرة على العالم بس العنوان مختلف هنا استعمار استيطان هنا استعمار عسكري هنا استعمار انتداب ووصاية.

كلامنا في أساس تقسيم الأمة الأساس الأول الأساس الطبقي وهذا في المفهوم الماركسي، الأساس الثاني الأساس العلمي وهذا في المفهوم الغربي الرأسمالي وبالتالي الدول الصناعية الكبرى لها السيادة ولها الوصايا على الدول النامية بل النائمة بل المتخلفة.

الأساس الثالث الأساس العرقي وإلى اليوم توجد سياسات ترى أن أساس الأمة العرق اليمين المتطرف الآن في نمو في فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

الأساس الرابع الأساس التوحيد العقائدي والإسلام يرى أن الأساس الوحيد للأمة وللانتماء إلى الأمة هو الإسلام إن الدين عند الله الإسلام وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فعبدون.

مناقشة الأسس المادية

يرفض الإسلام تقسيم الناس على أساس اللغة واللون والعرق والمكان وغير ذلك بل الأساس هو الدين ويرفض الإسلام الفواصل الطبقية والفواصل الطبيعية ويرفض الإسلام أن أساس الصراع هو عبارة عن التناقض بين وسائل الإنتاج وطرق توزيع الثروة بل يرجع الإسلام أساس الخلاف إلى أساس أخلاقي والمحتوى الداخلي للإنسان (ميدانكم الأول أنفسكم فإن قدرتم عليها فأنتم على غيرها أقدر) وكلما تهذبت الأمة ونمت وارتقت في نفسيتها فإنها ستصل إلى مدارج الكمال في البعد الفردي والبعد الاجتماعي وليس الأساس مادي طبقي هذا هو الفارق بين الحضارة الإسلامية والحضارة المادية، الحضارة المادية تلحظ جانب مادي الحضارة الماركسية تلحظ التفاوت الطبقي الحضارة الرأسمالية تلحظ الثروة والتقدم العلمي والمالي والصناعي والإسلام يلحظ التقدم الأخلاقي.

ملاحظات ونتائج يذكر المصنف عدة ملاحظات على ما ذكره الماديون ونتائج تترتب على النظرية الإسلامية النتيجة الأولى إن الذي يتحكم في الإنسان هو ذاته وليست ثروته فلا الطبقة مؤثرة ولا الاقتصاد مؤثر بشكل أساسي التأثير الأساسي الأول هو للذات قال تعالى (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر لكم دينكم ولي دين) (إن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فعبدون) يعني الإسلام يرى نظرية العامل الإنساني لا العامل الطبيعي بخلاف النظرية الغربية ترى العامل الطبيعي الاقتصاد والثروة وكذلك النظرية الرأسمالية ترى العامل الطبيعي وهو التفاوت الطبقي.

الملاحظة الثانية إذا كان أساس توحيد الأمة هو الجانب الأخلاقي لا الجانب الاقتصادي فأساس التوحيد هو الدين لأن المتكفل بسمو الأخلاق ورفعتها هو الدين لا المادة والاقتصاد.

الأمر الثالث بناء على أن الجانب الأخلاقي والديني هو الأساس فإن الأمة لا تتحدد بحدود الدولة وإنما تتحدد بحدود المعتقد والفكر.

النقطة الرابعة كما تؤمن النظرية الإسلامية بأن الدولة ليست شرطا في تكوين الأمة ولا في وحدة الأمة كذلك تؤمن النظرية الإسلامية أن أساس الأمة الواحدة هو العقيدة الواحدة حتى لو حكمت الأمة عدة سلطات وتوزعت في دول وهذا ما يغيض الكثير من السلاطين يقول الشيعة ولائهم لمراجعهم وليس ولائهم لأوطانهم هذا كلام غير صحيح ولائه للدين يقتضي ولائه لمرجع الدين ولكن انتمائه إلى الأرض التي يعيش فيها أيضا له مقتضيات لكن هذا الحاكم مسكون بأن الملاك ليس المواطنة الملاك هو الولاء للحاكم الظالم فهو مسكون بفكرة الولاء فيصور أي شيء بتصوير الولاء فيقول الشيعة ولائهم إلى مراجعهم وليس ولائهم لدينهم دائما يصور الولاء للوطن بمعنى الولاء للحاكم ومن قال أنه ملازمة بين الحاكم والوطن يمكن التفكيك شخص يحب بلده لكن هذا الظالم خائن لبلده ما يحب هذا الظالم هكذا تربى الشيعة أحرار.

أساسان في المفهوم الإسلامي للأمة:

الأساس الأول اعتبار الإنسانية وحدة واحدة (كلكم لآدم وآدم من تراب) (الناس سواسية كأسنان المشط) قال تعالى (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) يعني مو احتلكم استعمار بمعنى احتلال، واستعمركم فيها يعني طلب أن تعمروا هذه الأرض، استعمر يعني طلب عمران هذه الأرض على أيديكم إذن الأساس الأول في المفهوم الإسلامي للأمة هو اعتبار الإنسانية وحدة واحدة.

الأساس الثاني تقييم الإنسان على أساس الأخلاق والأسس الأخلاقية إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا، الأساس المعيار الأخلاقي، قال تعالى (لا تجدوا قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) المؤمن الذي تشبع بنور الإيمان لا يمكن أن يلتقي مع الكافر (تلقون إليهم بالمودة) لا يستطيع أن يلقي بمودته إلى الكافر المحارب، هذا تمام الكلام في مفهوم الأمة وأساس الأمة يبقى الكلام في كيفية نشأة الأمة، كيف نشأة الأمم؟ الإنسان خلق فرد، خلق الله "عز وجل" آدم وحواء فكيف تشكلت الأمم وكيف تشكلت الأقوام وكيف حصلت القومية كمذهب وما هي الأسس والأصول في تقويم الأمة ومتى أصبحت القومية موقفا سياسيا وكيف ننقد القومية السياسية هذا ما سيأتي في الدرس القادم، نشأة الأمة تاريخيا يأتي عليها الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الكرام

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 26 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: علم السياسة ؛ تجديد من وجهة نظر إسلامية
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
26 الجلسة