كتاب علم التاريخ
شیخ الدقاق

009 -اتجاهات تفسير التاريخ

علم التاريخ

  • الكتاب: علم التاريخ واتجاهات تفسيره
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    200

07

2023 | مايو

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى أبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين وصلِ اللهم على سيدنا ونبينا محمّد وآله الطيبين الطاهرين.

الفصل الثالث اتجاهات تفسير التاريخ من شاء الحكم على المستقبل فليبدأ باستشارة الماضي.

هذا الكتاب الكريم علم التاريخ واتجاهات تفسيره مؤلف من 160 صفحة تقريبا قد أخذنا منتصفه قرابة 80 صفحة في الجزء الأول من العنوان علم التاريخ عرفنا معنى العلم معنى  التاريخ والعلوم المساعدة على معرفة التاريخ اليوم نشرع في بيان القسم الثاني من تعريف الكتاب واتجاهات تفسيره الكتاب كله مؤلف من أربعة فصول الفصل الأول ما التاريخ، الفصل الثاني آليات علم التاريخ وكلا هذين الفصلين يبحث العنوان الأول علم التاريخ، الفصل الثالث اتجاهات تفسير التاريخ والفصل الرابع مذاهب نقدية في تفسير التاريخ وهذان الفصلان الثالث والرابع يبحثان القسم الثاني اتجاهات تفسير التاريخ وهو البحث الأهم والبحث الشيق والممتع.

يذكر المصنف ثمانية اتجاهات في تفسير التاريخ:

الاتجاه الأول اتجاه التعاقب الدوري وأبرز القائلين به أفلاطون وابن خلدون وفيكو.

الاتجاه الثاني الاتجاه البطولي في تفسير التاريخ وأبرز القائلين به فردريك نيجه.

الاتجاه الثالث الاتجاه الديني في تفسير التاريخ وأبرز القائلين به رواد التوراة والإنجيل والقرآن.

الاتجاه الرابع الاتجاه المثالي في تفسير التاريخ وأبرز القائلين به فردريك هيكل.

الاتجاه الخامس الاتجاه المادي في تفسير التاريخ وأبرز القائلين به كارل ماركس.

الاتجاه السادس الاتجاه النفسي مدرسة التحليل في تفسير التاريخ وأبرز القائلين به فرويد.

الاتجاه السابع الاتجاه البيولوجي في تفسير التاريخ وابرز القائلين به اشبنكلر.

والاتجاه الثامن الاتجاه الحضاري وابرز القائلين به آرنولد توين بي.

نشرع في بيان الاتجاه الأول اتجاه التعاقب الدوري في تفسير التاريخ.

التعاقب الدوري يعني يرى أن هناك دورات ومراحل تتعاقب في التاريخ فالتاريخ يتحرك كتحرك نقط الدائرة فإنك تبدأ بنقطة وتدور إلى أن تصل إلى نفس النقطة وفي كل حقبة هناك مرحلة من هنا يقولون التاريخ يعيد نفسه، التاريخ يعيد نفسه مقولة للاتجاه الأول لا جميع الاتجاهات أكثر شيء تصدق في الاتجاه الأول اتجاه التعاقب الدوري فالاتجاه التعاقب الدوري يرى أن التاريخ يسير في دورات متتالية ومتتابعة ومتشابهة بحيث تعود الأحداث السابقة بوجه جديد وبأشكال متقاربة وتترتب عليها نفس النتائج ويرى هذا الاتجاه أن التاريخ له أدوار كأدوار الليل والنهار، الليل يعقب النهار والنهار يعقب الليل وكتعاقب الفصول الأربعة تأتي عقيب بعضها البعض الربيع وبعد الربيع الصيف وبعد الصيف الشتاء وبعد الشتاء الخريف وبعد الخريف الربيع وهكذا تعاقب الفصول الأربعة إذن هناك تعاقب طبيعي ادوار طبيعية الليل والنهار نتيجة دوران الأرض حول نفسها الفصول الأربعة نتيجة دوران الأرض حول الشمس هناك تعاقب طبيعي لليل والنهار وهناك تعاقب طبيعي للفصول الأربعة كذلك هناك تعاقب طبيعي لحركة الإنسان في التاريخ فحركة المجتمع البشري في التاريخ كحركة نمو الإنسان يبدأ ضعيفا ثم يشتد عوده ويصبح شابا قويا ثم يهرم ويموت وأول من شبه الدولة بالإنسان هو ابن خلدون فهو يقول إن الدولة تمر بمرحلة الصبا ومرحلة الشباب ومرحلة الكهولة وهكذا تبدأ دورة جديدة منذ أن خلق الله البسيطة وإلى يوم يبعثون التاريخ كله دورات متعاقبة ومتتالية فهو يدور مثل دورة القمر فالقمر يبدأ هلالا ثم يتسع شيئا فشيئا شيئا فشيئا إلى أن يصبح بدرا مضيئا ثم يزول ذلك البدر ويرجع هلالا فدورة القمر هلال ثم بدر تام ثم يتوارى في الأفق شيئا فشيئا حيث يحصل الخسوف الكامل فيظهر الهلال من جديد وهكذا.

يمكن أن نذكر هذا الإيقاع الدائري في ثلاث مراحل نعبر عنها بعدة تعبيرات:

التعبير الأول البداية النمو النهاية

التعبير الثاني الميلاد، الشباب، الشيخوخة

التعبير الثالث النمو، الصعود، الهبوط

أهم ما يوجه إلى هذه النظرية وإلى هذا الاتجاه أنه اتجاه عقيم لا يأتي بالجديد وكأنما الحياة الدنيا ثابتة لا تغير فيها ولا جديد فيها بل أحداث تتكرر على مدى التاريخ من دون أن يسير التاريخ إلى الأمام وأهم من يمثل هذه النظرية ثلاثة:

الأول أفلاطون

الثاني ابن خلدون

الثالث فيكو

وسندرس آرائهم فيما يتعلق بالاتجاه الدوري تباعا اليوم نأخذ نظرية أفلاطون، أفلاطون من أعلام القرن الخامس قبل الميلاد المسيح عليه السلام كان في أثنا أوروبا اليونان وهو تلميذ الحكيم سقراط لكن لما أعدم سقراط جاءته ردة فعل وترك اثنا وترك اليونان.

أفلاطون ولد سنة 428 قبل ميلاد المسيح عليه السلام وتوفي سنة 348 قبل ميلاد المسيح، أفلاطون فيلسوف يوناني قديم طبعا الأشهر سقراط، سقراط هو الذي واجه موجة السفسطة والتشكيك لكن التراث الذي وصلنا، وصلنا تراث تلميذه أفلاطون وتلميذ تلميذه وهو أرسطو وإلا أبرز الأعلام ثلاثة المؤسس سقراط الحكيم الذي واجه موجة السفسطة وسميت الفلسفة نسبة إليه لأنه أسمى نفسه فيلاسفوس ثم عربت فيلسوف أي محب الحكمة فانتزعت من فيلسوف لفظة الفلسفة نسبة إلى سقراط ثم جاء تلميذه أفلاطون ثم جاء تلميذه أرسطو طاليس ينسب المنطق إلى أرسطو طاليس لأنه هو الذي وضع أصول وقواعد المنطق وتنسب الفلسفة الاشراقية إلى أفلاطون والفلسفة المشائية إلى أرسطو.

أرسطو أحد أعظم الفلاسفة الغربيين حتى أن الفلسفة الغربية اعتبرت ما هي إلا حواشي لأفلاطون وعرف من خلال مخطوطاته التي جمعت بين الفلسفة والشعر والفن كانت كتاباته على شكل حوارات مطبوعة ستة أجزاء المجموعة الكاملة، كلها حوارات أول مجلد الجمهورية، جمهورية أفلاطون أول كتاب الجمهورية ستة أجزاء.

أفلاطون ولد في أسرة ارستقراطية ـ أصحاب النفوذ في الدولة ـ في اثنا وكان أفلاطون من أنجب طلاب سقراط وتعلق به كثيرا لكن سقراط أعدم بالسم وتأذى كثيرا أفلاطون وتجلى هذا الأذى والتأثر في كتابات أفلاطون بعد إعدام سقراط غادر أفلاطون اثنا عاصمة اليونان وكان ساخطا على الحكومة الديمقراطية آنذاك ومعظم كتابات أفلاطون حوارات البطل الرئيس في هذا الحوار أستاذه سقراط الحكيم وهذا سقراط الحكيم كان يمثله أفلاطون في كتاباته، هذه المحاورات بين سقراط والناس ويصور أن الناس يفهمون وأن سقراط ما يفهم فسقراط يسأل الناس والناس تجيب ولكن حينما يجيب عليهم سقراط يتضح أن سقراط هو الذي يفهم والناس لا تفهم واتخذ أفلاطون طريقة التحليل لمتابعة مسيرة أستاذه سقراط الحكيم لأن جذر المشكلة  التشكيك وهو عدم إيمان الناس بالمقاييس العقلية فحاول أفلاطون أن يضع فلسفة ترد الاعتبار إلى العقل وذلك عن طريق إيمانه بالمثل التي اشتهر بها فقيل المثل الأفلاطونية أو نظرية الاستذكار الأفلاطونية فما هي نظرية الاستذكار؟

يقول أفلاطون الإنسان مؤلف من شيئين روح وبدن والروح كانت مخلوقة قبل أن ترتبط بالبدن وهذه الروح كانت في عالم الأرواح والنفوس وفي عالم الأرواح والنفوس لأنها عوالم مجردة كان عندها معلومات كثيرة ولكن حينما ارتبطت هذه الروح المجردة عن المادة بالجسم الإنساني المادي نست المعلومات وبعد مرور الزمن كلما تمر حادثة تستذكر الروح المعلومات تستذكر المُثل التي كانت فيها وعرفتها وعاينتها فهذه نظرية المُثل الأفلاطونية نظرية الاستذكار الأفلاطونية يعني النفس الإنسانية كان فيها مثل ومبادئ ومعلومات هي من سنخ عالم المجردات حينما كانت في عالم التجرد عن المادة كانت هذه النفس فيها معلومات فلما اتصلت بالروح نست هذه المعلومات لكنها أخذت تتذكر المعلومات والمُثل شيئا فشيئا أنت أحيانا تقول كأن هذا الموقف صار لي من قبل طبعا نحن في الفكر الإسلامي نقول هذا في عالم الذر أفلاطون يقول هذا في عالم المُثل، إذن خلاصة فكرة أفلاطون في مثله الأفلاطونية أن الإنسان حينما جاء إلى عالم الدنيا نسى ما عرفه من الحقائق في عالم المُثل والأرواح وهو بحاجة إلى المنبهات الخارجية لكي يتذكرها فإذا تذكرها فهو ليس بحاجة إلى مزيد من الأدلة يكفي أن يتذكرها.

بحثنا الآن في التعاقب عند أفلاطون وقد ذكر أفلاطون أن هناك أربع دول تتعاقب كالترتيب التالي:

الأول الدولة الفلسفية أو العقلية

الثاني الدولة العسكرية

الثالث الدولة الأرستقراطية

الرابع الدولة الديمقراطية

ثم تزول الدولة الديمقراطية وتأتي الدورة من جديد الدولة الفلسفية العقلية ثم عسكرية ثم الأرستقراطية ثم الديمقراطية ولكن كيف تتعاقب هذه الدول؟ يقول في البداية يحكم أهل العقل ومن لديهم نزعة عقلية وحكمة وفلسفة وفضيلة المجتمع بحاجة إلى أهل العقل والحكمة والفضيلة فهم يحكمون يرجع الناس في مشاكلهم إلى ذو العقول الراجحة والأفهام الصحيحة فتكون دولة الحكمة دولة العقل والفهم والدراية والتدبر ومع مرور الوقت يتدهور الحكم المثالي عن طريق زيجات غير لائقة، أحيانا الإنسان هو عقلية لكن زوجته وأولاده يدمرون حاله فهذه الدولة العقلية والحكومة الفلسفية ترتبط بزيجات غير مناسبة ينتج عنها نسل ضعيف هذا النسل الضعيف غير موهوب فإذا صار النسل غير موهوب تنمو الروح العسكرية وأهل القوة والنفوذ الذي يملكون النفوذ في الدولة الجيش فيأتي حكم الدولة العسكرية إذا جاءت حكم الدولة العسكرية تنشأ نزعت حب التسلط وحب الرئاسة فتنشأ الدولة الأرستقراطية لأن الدولة الأرستقراطية هي دولة أصحاب النفوذ والسلطة والسطوة إذا جاءت دولة أصحاب النفوذ والسلطة والسطوة على حساب الشجاعة، الشجاعة والقوة في الدولة العسكرية بعد ذلك إلا يصير ذكي وكيف ينفذ حتى لو هو جبان لكن كيف يلعب سياسة فإذا ساد أصحاب النزعة والسلطة والحذوة ظلموا الناس فقامت مظاهرات شعبية وتأسست الدولة الديمقراطية بانتخاب الناس ثم بعد ذلك بعد سيادة الدولة الديمقراطية تتفشى الفوضى والفساد ويصير الذين يستطيعون الوصول إلى السلطة كأرباب أموال هم المهيمنون فظاهر الدولة الديمقراطية حريات سياسية وانتخاب وباطنها استبداد وسيطرة أرباب رؤوس الأموال فيسود الفساد وتسود الأنانية وحب التملك للفرد فيضج الناس من هذا الاستئثار والظلم وتسقط الدولة الديمقراطية ويطمحون في دولة مثالية نموذجية فيرجعون إلى العقلاء لتكوين الدولة العقلية والدولة الفلسفية فترجع الدولة الفلسفية والعقلية من جديد.

الفلاسفة يبتلون بزيجات غير مناسبة إذا ابتلوا بزيجات غير مناسبة صارت الدولة مائعة سيطر العسكر إذا سيطر العسكر تسود نزعة حب التملك فيذهب دور الشجاعة والقوة يأتي دور أصحاب النفوذ فتصير الدولة الأرستقراطية إذا سادت الدولة الأرستقراطية وأصحاب النفوذ ثار الناس ضدها لحكم الشعب للشعب صارت الدولة الديمقراطية يسود الفساد المالي وتنمو الأنانية.

الخلاصة هناك أربعة أدوار متتالية ومتلاحقة أولا الدولة العقلية الفلسفية ثانيا الدولة العسكرية ثالثا الدولة الأرستقراطية رابعا الدولة الديمقراطية فجعل أفلاطون أنواع الدول مرتبة بحيث يتولد الواحد منها على فساد الآخر يعني تفسد الدولة العقلية فتأتي الدولة العسكرية وتفسد الدولة العسكرية فتأتي الدولة الأرستقراطية وتفسد الدولة الأرستقراطية فتأتي الدولة الديمقراطية فهي تتطور سلبا عدا مرحلتها الأخيرة تطور إيجابي يعني من تفسد الدولة الديمقراطية وتأتي الدولة العقلية هذا تطور إيجابي تقدم أما الباقي تطور سلبي يعني انحدار من الدولة العقلية إلى الدولة العسكرية ومن الدولة العسكرية إلى الأرستقراطية ومن الأرستقراطية إلى الديمقراطية هذا كله انحدار إذن من الدورة الرابعة إلى الأولى هذا تقدم هذا تطور.

إلى هنا أخذنا نظرية التعاقب الدوري وأن التاريخ يمر بادوار ومراحل فحركته حركة دائرية يبدأ وينتهي من حيث بدأ وإلى هنا أخذنا رؤية أفلاطون في دوله الأربع وهي الدولة العقلية ثم العسكرية ثم الأرستقراطية ثم الديمقراطية يعني لم يؤيد أفلاطون الديمقراطية يؤيد دولة حكومة جمهورية أفلاطون، هذا تمام الكلام في بيان رأي أفلاطون، أبن خلدون يأتي عليه الكلام.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 16 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: علم التاريخ واتجاهات تفسيره
  • الجزء

    -

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
16 الجلسة