تحقيق المباني الأصولية
شیخ الدقاق

003 - المقصود بالمكلف المجتهد والعامي معاً

تحقيق مباني الأصولية

  • الكتاب: مصباح الأصول
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

الامر الثاني انه هل المراد من المكلف المذكور في كلام شيخنا الاعظم الانصاري قدس سره هو خصوص المجتهد او الاعم منه ومن المقلد.

انتهينا بحمد الله عز وجل في الدرس السابق من الامر الاول من التنبيهات التي ذكرها السيد الخوئي في حدية القطع، الامر الاول اتضح ان القطع ليس مسألة اصولية ولكنه قد يكون نتيجة للمسألة الاصولية، والسر في ذلك ان المسألة الاصولية هي ما تتوسط في اثبات النتيجة والحال ان القطع بنفسه قطع بالنتيجة لا ان القطع يتوسط لاثبات النتيجة، هذا خلاصة الكلام في قطع الطريقي.

واما القطع الموضوعي فالكلام فيه واضح جداً اذ ان القطع الموضوعي لا ينشأ الحكم وانما اخذ في موضوع الحكم كما اذا قال الشارع اذا قطعت بالخمر فهو حرام فالحكم وهو الحرمة يترتب على موضوع مؤلف من جزئين الجزء الاول القطع والجزء الثاني بالخمرية، فكما ان موجب للحرمة ليس هو الخمر وليس هو القطع وانما الادلة الدالة على حرمة الخمر، كذلك اذا كان الشارع اذا قطعت برؤية الهلال وجب عليك التصدق على الفقير فالحكم وهو وجوب التصدق يترتب على موضوع مؤلف من جزء، الجزء الاول القطع والجزء الثاني برؤية الهلال والذي اوجب وجوب التصدق ليس هو القطع وليس رؤية الهلال الذي دل على وجوب التصدق الادلة الدالة على وجوب التصدق والتي علقت وجوب التصدق على القطع برؤية الهلال.

ومن الواضح ان الادلة الدالة على حرمة الخمر او على وجوب التصدق هي من المسائل الاصولية الادلة التي دلت على حرمة الخمر والقواعد التي استخدمت في الادلة الدالة على وجوب التصدق هذه الادلة وهذه القواعد من المسائل الاصولية، لكن القطع الذي اخذ كجزء في موضوع وجوب التصدق او موضوع حرمة الشرب هذا القطع ليس من المسائل الاصولية هذه تتمة بقيت من الامر الاول.

الامر الثاني هل المراد من المكلف في كلام الشيخ الانصاري في الرسائل حينما قال اعلم ان المكلف اذا التفت هل المراد بالمكلف في كلمات الشيخ الانصاري هو خصوص المجتهد او مطلق المكلف سواءً كان مجتهداً او عامياً، الاقوال في المسألة يوجد قولان:

القول الاول ان المراد هو خصوص مجتهد وهو صريح عبارة صاحب الكفاية والميرزا النائيني والمحقق العراقي رضوان الله عليهم اجمعين، وتبعهم جملة من طلاب السيد الخوئي كالشيخ محمد اسحاق الفياض في دورته المباحث الاصولية في الجزء السابع صفحة 35 فليراجع المبحث.

القول الثاني المراد بالمكلف مطلق المكلف سواءً كان مجتهداً او كان عاميا هذا القول يوافق مقتضى اطلاق عبارة الشيخ الاعظم الانصاري في الرسائل وقد نص على ذلك تلميذه المحقق الاشتياني في الجزء الاول من بحر الفوائد، وعلى هذا القول الاطلاق السيد الخوئي رحمه الله وجملة من تلامذته المحققين كالشهيد الصدر رضوان الله عليه في بحوث علم الاصول تقرير السيد محمود الهاشمي الجزء الرابع.

والنكتة المهمة في هذا البحث ان المقصود بالالتفات ما هو؟ هذه النقطة ينبغي تحريرها، شيخ الانصاري رحمه الله يقول وطبعاً اصل المسألة كلام الشيخ الانصاري وبعد ذلك تعليق للمحقق صاحب الكفاية على كلام الشيخ الانصاري، شيخ الانصاري هذا نص عبارته في فرائد الاصول الجزء الاول صفحة 25 نقرأ نص عبارة الشيخ الانصاري، اعلم وفي نسخة اخرى فأعلم ان المكلف اذا التفت الى حكم شرعي فإما ان يحصل عليه الشك فيه او القطع او الظن فأي مكلف يراد اذا قطع او شك او ظن هل هو خصوص المجتهد كما عليه الميرزا النائيني او هو مطلق المكلف كما عليه السيد الخوئي رحمه الله، النكتة الاساسية والمحورية في بحثنا تنقيح المعنى المقصود من لفظ الالتفات وقد اشار الى هذه النكتة الشيخ محمد اسحاق الفياض في المباحث الاصولية الجزء السابع صفحة 35.

هل المراد بالالتفات مطلق التوجه في مقابل الغفلة يعني هذا المكلف ملتفت ومتوجه الى انه قد توجهت اليه احكام الزامية فهذا المكلف متدين مهتم بدينه وليس غافلاً عن دينه، هذا المعنى الاول الالتفات بمعنى مطلق التوجه في مقابل الغفلة ليس بغافل ليس كالمجانين او البهائم.

المعنى الثاني او المراد بالالتفات الالتفات التفصيلي خصوص التوجه التفصيلي، ان قلنا ان المراد بالالتفات مطلق التوجه في مقابل الغفلة يعني ان لا يكون غافلاً فمن الواضح ان الالتفات ينطبق على مطلق المكلف سواءً كان مجتهداً او كان عامياً، واما اذا حملنا الالتفات على خصوص الالتفات التفصيلي فمن الواضح ان المراد بالمكلف هو خصوص المجتهد لأن المجتهد هو الذي يلتفت الى تفاصيل المسائل وخصوصيات تطبيقات المسائل، فأما للعامي ان يلتفت الى وجود يقين سابق وشك لاحق وتوفر شرائط الاستصحاب هذه تتوفر للمجتهد الفقيه.

السيد الخوئي رضوان الله عليه كما سيتضح في ثنايا بحثه هكذا يستفاد من كلماته سواءً حملنا الالتفات على مطلق التوجه او حملنا الالتفات الى خصوص الالتفات التفصيلي فان المراد بالمكلف هنا هو مطلق المكلف وليس المراد خصوص المجتهد خلافاً للميرزا النائيني والمحقق العراقي، هذا تمام الكلام في عرض الاقوال في المسألة.

ولكي نلج في صميم البحث نقرأ اولاً عبارة الشيخ الاعظم الانصاري في الرسائل ونقرأ ثانياً عبارة صاحب الكفاية في الكفاية ثم نتطرق الى ادلة الاختصاص، اولاً دليل الميرزا النائيني ثانياً دليل المحقق العراقي مع مناقشة يسيرة لكل منهما ثم بعد ذلك نتطرق الى رأي السيد الخوئي واستدلال السيد الخوئي هذا مقتضى الاختصار في البحث والا لو اردنا التوسع في الكلام النائيني درس وفي كلام المحقق العراقي درس وهكذا.

اولاً كلام الشيخ الانصاري في الفرائد الجزء الاول صفحة 25 (اعلم ان المكلف إذا التفت إلى حكم شرعي، فإما أن يحصل له الشك فيه، أو القطع، أو الظن) طبعاً هذه التعاريف موجودة في كتاب تحقيق الاصول على ضوء ابحاث الشيخ وحيد الخراساني لسماحة السيد علي الحسيني الميلاني الجزء الخامس صفحة 11 واللطيف في كتاب تحقيق الاصول ان كلمات الاعلام يذكرها بنصها لذلك سأعتمد عليه حتى لا اجمع يعني اتي بجميع التقارير يأتي بالناس لا يذكر ما يفهمه وانما نص العبارة وهذا جيد يسهّل علينة المهمة فنعتمد عليه في ذكر الاقوال لا في تحقيق المسائل نستفيد من نفي ذكر كلمات الاعلام ومن تحقيقه ايضاً.

صاحب الكفاية في الكفاية صفحة 275 هذه عبارته (فأعلم ان البالغ الذي وضع عليه القلم غير لفظ المكلف الى البالغ الذي وضع عليه القلم لماذا؟ لأن تعبير المكلف مشتق والمشتق ظاهر في من تلبس بالمبدأ يعني اصبح تكليف فعلي المكلف اللا تكليف فعلي يعني توجه اليه احكام الزامية ما يشمل الاحكام الترخيصية من استحباب وكراهة واباحة المكلف يعني المكلف فعلاً بحكم الزامي من وجوب او حرمة اذا هو مكلف فعلاً اذاً لا معنى لعبارة اذا التفت وصاحب الكفاية فراراً من التلافي بين لفظ المكلف الظاهر في فعلية التربص وبين لفظ الالتفات قال البالغ الذي وضع عليه القلم البالغ الذي وضع عليه القلم يعني توجه له حكم اما بالاباحة اوبالوجوب او الحرمة او الاستحباب او الكراهة يشمل الاحكام الخمسة وايضاً من جهة اخرى غير ظاهر في فعلية التربص ان الدرس ليس كفاية ان هذا الكفاية فعلم ان البالغ الذي وضع عليه القلم اذا التفت الى حكم فعلي كلام الشيخ الانصاري ليس فيه تعبير الحكم الفعلي صاحب الكفاية خصصه بالحكم الفعلي هذا اذاً من مواطن الخلاف قد يقال حكم فعلي او حكم انشائي.

النقطة الاخرى واقعي او ظاهري هذا اذاً نقطة خلافية شيخ اسحاق الفياض يرى خصوص الواقعي وعدم الشمول للظاهري صاحب الكفاية السيد الخوئي يرى الشمول للواقعي والظاهري، الشاهد هنا متعلق به او بمقلديه من عبارته متعلق به او بمقلديه هذا صريح بأن صاحب الكفاية ناظر الى خصوص المجتهد وغير ناظر الى عموم المكلف الا ان السيد محمد الروحاني في منتقى الاصول الجزء الرابع له بعض التخريجات لعبارة صاحب الكفاية لكنها قد تكون خلاف ظاهر العبارة فتراجعهما يقول فإما ان يحصل له القطع به او لا وعلى الثاني الى اخر العبارة.

الى هنا ذكرنا عبارة صاحب الفرائد وعبارة تلميذه صاحب الرسائل، الان نتطرق الى القول الاول وهو اختصاص المكلف بخصوص المجتهد.

الدليل الاول للميرزا النائيني هو الدليل الثاني للمحقق العراقي، الدليل الاول للميرزا النائيني خلاصته عدم شمول الادلة لغير المجتهد يعني دليل لا تنقض اليقين بالشك في الاستصحاب وغيره ناظر الى خصوص المجتهد لأن الذي يوجب الاستصحاب هو المجتهد فهو الخبير بشرائط جريان الاستصحاب اذاً لب الدليل الاول عدم شمول ادلة الاصول لغير المجتهد هي خاصة بخصوص المجتهد.

واما المحقق العراقي رضوان الله عليه طبعاً هذا ميرزا النائيني هذا الكلام تجده قصور الادلة عن الشمول لغير المجتهد فوائد الاصول الجزء الثالث صفحة 3 وصفحة 4 نوقش بعدة مناقشات منها ان الادلة كما تشمل المجتهد تشمل غير المجتهد من فضلاء الحوزة ومن طلاب العلم فإن طالب العلم المحصّل يلتفت الى الادلة الفقهية والاصولية وان لم يبلغ مرتبة الاجتهاد وهو عامي ومناقشات كثيرة تراجع في تحقيق الاصول صفحة 15.

الدليل الثاني للمحقق العراقي وقد ذكره في نهاية الافكار القسم الاول من جزء الثالث الصفحة 2 يقول على فرض شمول الادلة وعمومها لغير المجتهد فان شرط الحجية غير متوفر لغير المجتهد ما هو شرط الحجية؟ الفحص عن المعارض ولا يتاتى للعامي ان يفحص عن المعارض للخبر او الاصل فان هذا من خصوصيات المجتهد.

وفيه ان عدم قدرة العامي على الفحص لا يسقط التكليف عن كاهله فيتوجه التكليف الى هذا العامي واذا لم يتمكن العامي من الفحص وجب عليه الرجوع الى المجتهد لكي يفحص من باب رجوع الجاهل الى العالم، وثانياً يأتي الجواب الذي اجبنا به على الميرزا النائيني وهو ان الفحص كما يتأتى للفقيه ايضاً يتأتى لغير الفقيه من طلاب العلم وفضلاء الحوزة، هذا تمام الكلام في ادلة القائلين باختصاص المكلف بخصوص المجتهد.

واما ادلة القائلين بالعموم فإن هذا القول اولاً مقتضى اطلاق كلام الشيخ الانصاري رضوان الله عليه مقتضى اطلاق لفظ المكلف هو شمول المكلف بالمجتهد ومطلق العامي وقد نص على ذلك ايضاً المحقق الاشتياني في كتابه بحر الفوائد ومن المعلوم دقة المحقق الاشتياني لأن المحقق الاشتياني رحمه الله حضر الدورة عند الشيخ الانصاري وهو في ريعان شبابه وضبط كل شاردة وواردة في كلمات الشيخ الاعظم الانصاري وهو من ادق المصادر في فهم كلام الشيخ الانصاري رحمه الله، يبقى الكلام الان في رأي السيد الخوئي رضوان الله عليه.

السيد الخوئي طبعاً لا بأس بالاشارة الى هذه النكتة في المنهج البحث الاصولي يوجد منهجان:

المنهج الاول منهج تحقيق الاقوال والادلة وهو منهج استاذنا الشيخ حسين الوحيد الخراساني ومنهج السيد علي الحسيني السيستاني عرض الاقوال في المعارض ادلة الاقوال مناقشة ادلة الاقوال وبعد ذلك النتيجة التي يصل اليها، ففي مسألة واحدة قد يتعرض الى عشرة اقوال او عشرين قول هذا منهج وهذا يطول.

المنهج الثاني منهج السيد الخوئي رضوان الله عليه هو منهج تحقيق المطلب المهم هو تنقيح وتحقيق المطلب الاقوى واذا اتضح المطلب الاقوى لا داعي لبحث سائر الاقوال، وهذا منهج السيد الخوئي وتبعه تلميذه الوفي استاذنا الميرزا جواد التبريزي شيخ جواد الله يرحمه كان يقول انا لا يهمني فلان قال وفلتان ماذا قال المهم عندي هو بيان الحق في المسألة وعرض اقوالاً وادلة وتحقيقا واظهاره بمظهر قوي فإذا ظهرته بمظهر قوي بان بقية المسائل وبقية الاقوال واتذكر مرة في الدرس اشكل عليه احد الحضّار فلم يعر الميرزا جواد اهتماماً ثم كرر الاشكال ثلاث خمس مرات فتوقف الميرزا جواد واضطر ان يجيب عليه وقال انت تقصد كذا وتشير الى كذا في الكتاب الفلاني قال هذا الدرس ليس اقرأ شيء واتي والقي هذا الدرس اعطيك خلاصة عمري وخلاصة ما توصلت اليه اما فلان ماذا قال وماذا يرد عليه ليس من خصوصيات هذا الدرس لذلك تجد السيد الخوئي في هذا البحث المراد خصوص المجتهد او العامي لم يتطرق الى استاذه الميرزا النائيني يعني خصوص المجتهد  وانما اكتفى ببيان وعرض الادلة التي يمكن ان تقام على ان المراد به مطلق العامي ومطلق المكلف سواءً كان عامياً او مجتهداً.

نحن نحاول ان نمزج احياناً منهج تحقيق ذلك يطول كثيراً ذلك الشيخ الوحيد دورته 22 سنة الدورة الاصولية الواحدة، السيد الخوئي رضوان الله عليه يقول الصحيح هو ان المراد بالمكلف مطلق المكلف طبعاً وهو الصحيح عندنا كما سيتضح من خلال الادلة سواءً حملنا الالتفات على مطلق التوجه او الالتفات الى الالتفات التفصيلي ستكون النتيجة ان المراد بالمكلف هو مطلق المكلف سواءً كان مجتهداً او عامياً.

اولاً هذا هو مقتضى الاطلاق في كلام الشيخ الانصاري وثانياً المهم هو تنقيح المطلب بقطع النظر عن عبارة الشيخ الاعظم الانصاري رضوان الله عليه.

توضيح المقام يستدعي بيان ثلاث امور وثلاث مقامات:

المقام الاول في بيان حكم المجتهد بالنسبة الى تكليف نفسه

المقام الثاني في بيان حكم المقلد بالنسبة الى تكليف نفسه

المقام الثالث والاخير في بيان حكم المجتهد بالنسبة الى تكليف مقلديه

اما المقام الاول حكم المجتهد بالنسبة الى تكليف نفسه، لا شك ولا ريب ان المجتهد اذا التفت الى حكم شرعي متعلق بنفسه فأما ان يحصل له القطع واما لا يحصل له القطع اذا حصل له القطع فهو حجة في حقه اذا لم يحصل له القطع اما يقوم عنده دليل معتبر او لا يقوم عنده دليل معتبر ان قام عنده دليل معتبر فهو حجة في حقه ان لم يكن عنده دليل معتبر فهو شاك لا يكون مجرى للاصول العملية.

اذاً المجتهد له ثلاث حالات، الحالة الاولى القطع بالحكم الحالة الثانية قيام دليل معتبر على الحكم الحالة الثالثة لا يوجد لديه قطع ولا دليل معتبر على الحكم فيكون مجرى للاصول العملية.

اذاً الحالات الثلاث من قطع وشك وظن تشمل المجتهد بلا اشكال، انما الكلام في المقام الثاني وسيتضح ان المقلد كالمجتهد تماماً المقلد قد يقطع بالحكم الان مقلد الا يقطع ان الصلاة واجبة ولذلك يقولون لا تكليف في ضروريات الدين فالمقلد اذا قطع بالحكم ثبت الحكم في حقه واذا لم يقطع بالحكم لكن قام لديه دليل معتبر على الحكم فهو ايضاً حجة في حقه، ولكن يوجد فارق بين الدليل المعتبر عند المجتهد وبين الدليل المعتبر عند العامي الدليل المعتبر عند العامي والمقلد هو فتوى المجتهد والدليل المعتبر عند المجتهد هو ظواهر الكتاب والسنة.

والحالة الثالثة للمقلد ان لا يقطع ولا يقوم لديه دليل معتبر فيكون فاكاً فيكون مجرى للاصول العملية مثلاً لو كان على يقين من فتوى المجتهد السابقة وشك في تغييرها ولم يقم لديه دليل على تغييرها ما قامت عنده بيّنة على تبدّل رأي المجتهد فللمقلد يوجب الاستصحاب فيستصحب الفتوى السابقة لمرجع تقليده.

اذاً كما ان المجتهد في المقام الاول لديه حالات ثلاث وهي قطع او شك او ظن كذلك العامي لديه حالات ثلاث قطع او شك او ظن القطع اذا قطع بالحكم الظن اذا كان لديه دليل معتبر الشك اذا لم يقطع ولم يكن لديه دليل معتبر.

طبعاً هذا كله في الحكم الواقعي وفي الحكم الظاهري، ذكرنا امثلة للحكم الظاهري استصحاب فتوى المجتهد السابقة وهكذا اذا دار الامر بين المحظورين افتى احدهما بالوجوب والاخر بالحرمة مقتضى ذلك التخيير وهكذا اذا احد المجتهدين افتى بالقصر والاخر بالتمام مقتضى ذلك وجوب الاحتياط التكرار الا اذا التزمنا بقيام اجماع على عدم وجوب الاحتياط وقد نسبه السيد الخوئي الى الشيخ الانصاري وفي هذه النسبة تأمل.

الخلاصة لا يوجد فارق بين المجتهد والمقلد الا في الطرق والامارات فان الطرق والامارات الفقيه والمجتهد هو الكتاب والسنة ظاهر الكتاب والسنة وطرق وامارات العامي فتوى المجتهد هذا تمام الكلام في المقام الثاني وهو المهم في بحثنا والمقام الثالث حكم المجتهد بالنسبة الى تكليف مقلديه.

المجتهد قد يلتفت الى حكم ليس ناظر اليه وانما ناظر الى مقلديه مثل احياناً هذا الحكم بجميع مراتبه ليس ناظر للمجتهد كما اذا كان المجتهد ذكراً وهو يريد ان يبحث مباحث الحيض والنفاس والاستحاضة اذاً جميع مراتب الحيض والاستحاضة والنفاس ناظرة الى النساء، او لا هذا الحكم يشمل المجتهد بنحو الانشاء لكن لا يشمله على نحو الفعلية كاحكام الحج اذا كان المجتهد غير مستطيع يقولون السيد شهاب الدين المرعشي النجفي لم يحج ما كان مستطيع ما راح الى الحج وبحث احكام الحج في رسالته العملية منهاج المؤمنين فهنا ايضاً المجتهد يبحث المسائل الحج مع انها غير فعلية في حقه متوجهة الى مقلديه.

او احكام الزكاة اذا كان فقير ما توفرت عنده النصاب او احكام الخمس، هنا قد يستشكل في الرجوع الى الاصول الامر الاول القطع واضح اذا قطع بالحكم الامر الثاني اذا كان دليل معتبر واضح انما الكلام اذا شك يعني لم يحصل لديه قطع ولا ظن معتبر وشك فكيف يرجع المجتهد الى الاصول العملية والحال ان ظاهر الاصول العملية تحقق الشك من نفس المكلف لا من مرجع المكلف لا من مجتهد المكلف.

الشيخ الانصاري رضوان الله عليه اجاب عن هذا الاشكال في فرائد الاصول الجزء الثاني 545 يقول المجتهد نائب عن المقلد في اجراء الاصل العملي فيكون الشك من المجتهد بمثابة الشك من المقلد لأنه نائب عنه.

السيد الخوئي يناقش ونعم المناقشة يقول لا دليل على الشك النيابي ادلة الاصول العملية لا عموم لها بالشك النيابي خاصة اذا تراجع صحيحة زرارة لأنك كنت على يقين من وضوئك فشككت وليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ظاهراً توجه الى نفس المكلف المبتلى بالمسألة هو الذي يوجب الاستصحاب اذاً لا عموم لادلة الاصول العملية بالشك النيابي.

ما هو مقتضى التحقيق السيد الخوئي يقول مقتضى التحقيق ان الفقيه او المقلد هذا المقلد اما ملتفت الى الحكم او غير ملتفت الى الحكم شقان لا ثالث لهما اما ان يلتفت الى الحكم او ما يلتفت، اذا المقلد التفت الى الحكم المجتهد يستطيع ان يجري الاصول اما بلحاظ نفس المجتهد واما بلحاظ المقلد، واما اذا كان المقلد غير ملتفتاً اصلاً غافل غير ملتفت ففي هذه الحالة الفقيه يجري الاستصحاب بلحاظ نفسه فقط لا بلحاظ مقلده.

المقلد اما يلتفت اما غير ملتفت اذا التفت الى الحكم هنا المجتهد يستطيع اجراء ادلة الاصول بلحاظ نفس المجتهد ويستطيع ان يجري ادلة الاصول بلحاظ المقلد واما اذا كان المقلد غير ملتفت اصلاً فهنا الفقيه لا يجري ادلة الاصول بلحاظ المقلد لأنه غير ملتفت وانما يجري ادلة الاصول بلحاظ نفس المجتهد لماذا؟ اما بالنسبة الى الصورة الاولى اذا التفت المقلد هنا الشك كما يحصل من المقلد يحصل ايضاً من المجتهد فالمجتهد له ان يجري الاستصحاب والاصول العملية بلحاظ نفسه لأنه هو نفس المجتهد شاق وايضاً بلحاظ المقلدين لماذا؟ لأن المقلدين عدم تمكنهم من الفحص وتنقيح الشرائط لا يسقطع عنهم التكليف، اذاً لابد ان يفرغوا ذمتهم اما بفحصهم او الرجوع في فحصهم الى المجتهد الجامع للشرائط من باب رجوع الجاهل الى العالم.

واما في الصورة الثانية اذا لم يلتفت المكلف فالفقيه لا يجري الاصول بلحاظ المقلدين ولكن بلحاظ نفسه لأن المجتهد هو الذي التفت ولكن للمجتهد ان يجري هذا الاستصحاب او الاصل بلحاظ نفسه ويرجع اليه المقلد من باب رجوع الجاهل الى العالم، اذاً هذا على مقتضى القاعدة وقد اتضح من هذه المقامات الثلاثة ان القطع بالحكم او الظن بالحكم او الشك بالحكم كما يحصل للمجتهد يحصل ايضاً للعامي هذا بلحاظ الشمول الان هنا السيد الخوئي ناظر الى كلمات الميرزا النائيني قصور الادلة عن الشمول.

الان السيد الخوئي يتطرق الى اشكال المحقق العراقي لو سلمنا بشمول الادلة فإن المكلف غير قادر على الفحص لذلك في صفحة 7 يقول وقد يستشكل ايضاً بأنه لا يجوز الرجوع الى الاصل العملي الا بعد الفحص عن الدليل والمقلد عاجز عن الفحص فكيف يفتي له بوجوب العمل بما ادى الاصل مثلاً البرائة العقلية قبح العقاب بلا بيان من اين لهذا العامي ان يفحص عن البيانات وهي دقيقة لكي يعرف ان هذا البيان ثبت او لم يثبت حتى يعرف انه فعلاً البرائة تجري هنا لعدم وجود البيان ولعدم وجود الدليل او لا تجري؟

السيد الخوئي يجيب يقول المجتهد يفحص ويحقق الصورة للمقلد ولا مانع من رجوع المقلد الى المجتهد من باب الرجوع الى اهل الخبرة لأن الفقيه اهل خبرة خبرة عندة في الفحص والمقلد ليست لديه خبرة فلا مانع من رجوع المقلد الى المجتهد من باب رجوع غير اهل الاختصاص الى اهل الخبرة والاختصاص والخلاصة في جميع الموارد اتضح اولاً ان الادلة غير قاصرة عن الشمول للعامي بل هي شاملة للعامي اغلب الادلة مطلقة ولله على الناس حج البيت، اقيموا الصلاة اتوا الزكاة الايات والروايات مطلقة ناظرة الى المجتهد وغير المجتهد.

وثانياً الاشكال بعدم تأتي الفحص يمكن التغلب عليه برجوع المقلد الى المجتهد من باب الرجوع الى اهل الخبرة فتحصّل من جميع ذلك انه لا وجه للالتزام باختصاص المكلف بخصوص المجتهد بل الادلة تامة وهي مطلقة كما تشمل المجتهد تشمل العامي والله العالم، واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 11 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: مصباح الأصول
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
11 الجلسة