تحقيق المباني الأصولية
شیخ الدقاق

005 - حجيّة القطع

تحقيق مباني الأصولية

  • الكتاب: مصباح الأصول
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

للقطع اربع خصائص:

الخصيصة الاولى انه امر نفساني قابع في ذات النفس الانسانية.

الامر الثاني الكاشفية فالقطع طريق الى الواقع وكاشف عنه

الثالث المحركية فمن يقطع بوجود ماء وهو ضمأن يتحرك نحو ذلك الماء

الرابع الحجية والحجية لها عدة معاني والمراد بها هنا الحجية الاصولية والحجية الاصولية لها معنيان ايضاً ونريد بها هنا المنجزية والمعذرية، اي ان القطع ينجز التكليف ويدخل التكليف في الذمة والعهدة اذا قطعت بثبوته والقطع معذر اي انه يخرج التكليف من العهدة والذمة اذا قطعت بانتفاء التكليف، هذه سمات اربع امر نفساني، الكاشفية، المحركية، الحجية.

اما الامر الاول وهو ان القطع امر نفساني فخارج عن مباحث علم الاصول

واما الامر الثالث وهو المحركية فان اريد بها المحركية التكوينية فهذا ايضاً خارج عن علم الاصول، ما يهمنا في علم الاصول تحديداً هو الامر الرابع وهو الحجية اي البحث عن منجزية ومعذرية القطع.

ولربما نحتاج الى البحث عن الامر الثاني وهو الكاشفية، من هنا عقد السيد الخوئي رحمه الله في مصباح الاصول البحث في ثلاث جهات:

الجهة الاولى في ان طريقية القطع هل هي ذاتية او جعلية، يعني انكشاف المقطوع به هل هذا الانكشاف ذاتي للقطع ام هذا الانكشاف مجعول بجعل جاعل ووضع واضع، هذه هي الجهة الاولى.

الجهة الثانية في حجية القطع اي منجزية القطع ومعذريته بمعنى ان القطع منجز للواقع في صورة المطابقة ومعذر عن الواقع في صورة المخالفة هل هذه الحجية من المنجزية والمعذرية هل هذه الحجية ثابتة بحكم العقل او هذه الحجية ثابتة بحكم العقلاء او هذه الحجية هي من لوازم العقل الذاتية، هذه مباني ثلاثة لا شك ولا ريب ان القطع حجة ولكن حجية القطع هل هي بحكم العقل ام بحكم بناء العقلاء ام ان الحجية من لوازم القطع الذاتية واللازم الذاتي لا ينفك عن ملزومه.

وقد خلط الشيخ الاعظم الانصاري رحمه الله في فرائد الاصول الجزء الاول صفحة 51 بين الامر الاول والثاني بين الكاشفية وبين الحجية، بين كاشفية القطع وبين حجية القطع قال الشيخ الاعظم رضوان الله عليه في فرائد الاصول لا اشكال في وجوب متابعة القطع والعمل عليه ما دام موجوداً هنا وجوب المتابعة ووجوب العمل بالقطع فرع كاشفية القطع او فرع منجزية القطع؟ وجوب العمل فرع الحجية حتى لو كان القطع كاشفاً اذا لم يكن حجة لا تجب متابعته، اذاً وجوب الجري على وفق القطع ووجوب العملي بالقطع فرع حجية القطع لو لم يكن القطع حجة لا يجب العمل به حتى لو كان كاشفاً.

اذاً وجوب العمل فرع حجية القطع، نعم حجية القطع هل هي فرع كاشفيته او لا هذا الذي يقع البحث فيه ولكن وجوب العمل وجوب التحرك هذا فرع منجزية والمعذرية فرع الحجية الاصولية للقطع لكن الشيخ الانصاري رحمه الله علق وجوب العمل على الكاشفية.

لاحظ عبارة الشيخ الانصاري قال لا اشكال في وجوب متابعة القطع والعمل عليه ما دام موجوداً قال لانه بنفسه طريق الى الواقع وليس طريقيته قابلة لجعل الشارع اثباتاً او نفياً، من هنا قال السيد الخوئي رحمه الله ان الشيخ الانصاري قدس الله نفسه الزكية قد خلط بين الامر الاول وهو الكاشفية وبين الامر الثاني وهو الحجية.

الجهة الثالثة بعد ان فرغنا عن حجية القطع هل يمكن للشارع ان ينهى عن العمل بالقطع او لا؟ هل يمكن للشارع ان يردع عن العمل بالقطع او لا هذه مباحث ثلاثة لجهات ثلاثة الاولى كاشفية القطع، الثانية حجية القطع، الثالثة ان كان الردع عن العمل بالقطع.

اما الجهة الاولى وهي كاشفية القطع فاكثر اعلام العصر يرون ان كاشفية القطع ذاتية وعليه رأي الاعلام الخمسة الشيخ الاعظم الانصاري والاخوند الخراساني والمحقق النائيني والمحقق الاصفهاني والمحقق الشيخ آقا ضياء الدين العراقي، وهكذا اكثر اعلام العصر بل هو المشهور بين الاصوليين وعليه السيد ابو القاسم الخوئي والسيد الشهيد السيد محمد باقر الصدر وخالف في ذلك الامام الخميني رضوان الله عليه في تهذيب الاصول الجزء الثاني صفحة 294.

وهكذا في جواهر الاصول تقرير السيد اللنكرودي الجزء الخامس صفحة 18 فقال الامام الخميني رضوان الله عليه ان الكاشفية ليست ذات القطع واستدل على ذلك قال القطع قد يُخطئ وبالتالي من خطأ القطع نكتشف ان القطع لا يساوي الانكشاف التام فما اكثر القاطعين الذين اكتشفوا خطأ قطعهم وفيه، ان المراد ان القطع كاشف بنظر القاطع فالقاطع يرى ان قطعه كاشف تام عن الواقع وان لم يكن في الواقع كاشفاً تاماً وبالتالي القطع قد يطابق الواقع وقد لا يطابق الواقع، اذاً بحثنا عن القطع بنظر القاطع وليس مطلق القطع لذلك نقول القطع قد يطابق الواقع وقد لا يطابق الواقع.

السيد الخوئي رضوان الله عليه يقول الصحيح ان حقيقة القطع نفس الانكشاف فذات القطع هو ذات الانكشاف لأن استاذه الميرزا النائيني رضوان الله عليه له قولان:

القول الاول في دورته الاولى فوائد الاصول تقريب الشيخ محمد الكاظمي ذهب الى ان الكشف لازم للقطع فالطريقية والكاشفية من لوازم القطع وليست هي عين القطع بينما ذهب في دورته الثانية التي قررها السيد الخوئي رحمه الله في اجود التقريرات الى ان القطع هو عين الانكشاف وليس الانكشاف من لوازم القطع.

اذاً الميرزا النائيني في دورته الاولى جعل الطريقية من لوازم القطع يراجع فوائد الاصول الجزء الثالث صفحة 6 وفي دورته الثانية جعل الطريقية عين القطع يراجع اجود التقريرات الجزء الثاني صفحة 12.

طبعاً الميرزا النائيني في دورته الاولى فوائد الاصول اشار الى ان الطريقية والكاشفية من لوازم القطع ثم ترقى بل عين القطع يعني ذكر ايضاً القول الذي ذهب اليه في الدورة الثانية، لذلك السيد الخوئي يقول اما الجهة الاولى فالصحيح فيها ناظر الى هذا القول اذا قال فالصحيح يعني هناك خلاف بين الاعلام استاذه له قولان السيد الخوئي يقول ان الكاشفية والطريقية هي عين القطع وليست من لوازم القطع الذاتية فحقيقة القطع عين الانكشاف وذات الانكشاف والذاتي لا يعلل ولا يكون قابلاً للجعل لا بالجعل البسيط ولا بالجعل المركب والمراد بالجعل البسيط مفاد كان التامة والمراد بالجعل المركب مفاد كان الناقصة تقول كانت الشمس يعني وجدت الشمس ظهرت الشمس واحياناً تقول كانت الشمس مشرقة هذا جعل توليفي كما يقولون يعني عندنا الشمس المجعول الاول والثاني الاشراق.

فالذاتي لا يكون قابلاً للجعل بجميع انحاء الجعل لا بالجعل البسيط مفاد كان التامة وهو الجعل المتعلق بمفعول واحد ولا بالجعل المركب وهو الجعل المتعلق بمفعول ما يعبر عنه بالجعل التأليفي مفاد كان الناقصة ايضاً هذا الجعل لا بالاستقلال ولا بالتبع لأن ثبوت الشيء لنفسه ضروري والماهية هي هي بنفسها كما تعلمون في الفلسفة الماهية ما يقال في جواب الما هو الماهية هي هي بنفسها لا بجعل وبالتالي لا يتصور الجعل في الذات والذاتيات يعني لا يتصور جعل الذات او جعل جزء الذات في الذاتيات فما معنى لجعل الانسان انساناً وهذا جعل الانسان انسان هذا جعل بسيط او مركب هذا بسيط مفاد كانت تامة كان انسانٌ ولا الجعل المركب تقول كان الانسان ناطقاً كان الانسان حيواناً كجعل الحيوانية للانسان اوجعل الناطقية للانسان، الحيوانية هذا جنس من ذاتيات الانسان الناطقية هذا فصل من ذاتيات الانسان.

يصح تعلّق الجعل البسيط بوجوده هذا معنى ما اشتهر من ان الله عز وجل ما جعل المشمشة مشمشة جعل المشمشة مشمشة هذا جعل بسيط او مركب؟ هذا جعل بسيط المقولة المشهورة ان الله ما جعل المشمشة مشمشة بل اوجدها يعني يمكن للمولى القدير ان يوجد القطع يعني يوجد عين الانكشاف كما ان المولى العرفي يمكنه أن يوجد ايضاً القطع بايجاد معداته ومقدمات القطع، فاذا اوجد المولى العرفي مقدمات القطع تحقق القطع هذا لا يعني انه اوجد الانكشاف في القطع بل بمعنى انه حقق القطع اوجد القطع اوجد الانكشاف لا بمعنى انه اوجد الانشكاف للقطع هذا تمام الكلام في الجهة الاولى.

واما الجهة الثانية وهي لب البحث وهي الاهم في بحثنا الاصولي البحث عن حجية القطع يعني كون القطع منجزاً ومعذراً، وربما يعبر عن هذه الحجية او المنجزية والمعذرية بوجوب متابعة القطع الكثير من ابحاث الاصولية مثل البحث للسيد الامام رضوان الله عليه يعبر وجوب متابعة القطع،الاقوال فيها ثلاثة:

القول الاول للمحقق الاصفهاني وعليه مشهور الفلاسفة، الفلاسفة يقولون عندنا كبرى وهي الحسن والقبح العقلائيين فالفلاسفة لا يرون ان الحسن والقبح عقليين بل يرون ان الحسن والقبح من المشهورات العقلائية يقولون ان القضايا العقلية هي القضايا البرهانية والقضايا البرهانية تكمن في مواد البرهان من القضايا الاولية التي ذكرها الشيخ المظفر في بداية الجزء الثالث من كتابه المنطق.

فما لم تكن مواد القياس اولية لا يصدق على هذا البرهان انه برهان وبالتالي قد تكون من القضايا المشهورات التي تبانا عليها العقلاء، وبالتالي هذه الكبرى عند الفلاسفة الحسن والقبح ليس عقلياً وانما عقلائي فالعقلاء اشتهر بينهم قضايا وقد تبانا عليها وبالتالي حجية القطع صغرى لكبرى التحسين والتقبيح العقلائيين.

اذاً المسلك الاول للمحقق الاصفهاني يقول حجية القطع ثابتة ببناء العقلاء ابقائاً للنوع وحفظاً للنظام يعني لكي يبقى نوع الانساني ولكي نحفظ النظام الاجتماعي للناس هناك قضايا اتفق عليها العقلاء وتبانو عليها فتكون حجية القطع من القضايا المشهورة مصطلح منطقي، هذا البناء الذي تبانا عليه العقلاء كان بمرئى ومسمع من الشارع المقدس ولم يردع عنه اذاً امضى بما ان الشارع امضى بناء العقلاء اذاً يجب اتباعه.

خلاصة الرأي الاول للمحقق الاصفهاني ومشهور الفلاسفة ان حجية القطع ثابتة ببناء العقلاء لا بحكم العقل، السيد الامام رضوان الله عليه بالنسبة الى الكاشفية انكرها انكر انها ذاتية الى القطع بالنسبة الى حجية القطع قال ان القطع حجة ببناء العقلاء يعني السيد الامام تبع المحقق الاصفهاني في نهاية الدراية الجزء ثلاثة صفحة 17 تبعه في حجية القطع.

اذاً سيد الامام انكر ذاتية الكشف للقطع في الجهة الاولى وانكر ذاتية الحجية للقطع وهو قول السيد الخوئي الحجية لازم ذاتي للقطع وقال ان الحجية ثابتة للقطع لكنها ببناء العقلاء تبعاً للمحقق الاصفهاني ومشهور الفلاسفة.

القول الثاني للمحقق العراقي رضوان الله عليه في نهاية الافكار الجزء الثالث صفحة 3 المحقق العراقي يرى ان حجية القطع انما هي بحكم العقل فالحجية ثابتة للقطع بإلزام من العقل وبسبب حكم العقل التنجيزي.

القول الثالث للآخوند صاحب الكفاية والميرزا النائيني وتبعهما السيد الخوئي رحمه الله ان حجية القطع من اللوازم العقلية للقطع لازم ذاتي للقطع واختار هذا الكلام صاحب الكفاية صفحة 258 حيث قال وتأثيره في ذلك لازم وصريح الوجدان به شاهد وحاكم الى هنا اخذنا ثلاثة اقوال، القول الاول حجية القطع ثابتة ببناء العقلاء للمحقق الاصفهاني، القول الثاني حجية القطع ثابتة بحكم العقل وهو قول المحقق العراقي، القول الثالث حجية القطع لازم ذاتي للقطع لازم عقلي واختار هذا القول صاحب الكفاية والميرزا النائيني والسيد الخوئي فما هو الصحيح في المسألة؟

وسيتضح ان الشهيد الصدر رضوان الله عليه اسس لهذا القول الرابع لكن جذور هذا القول موجودة في كلمات المحقق العراقي رضوان الله عليه حينما قسّم حكم العقل الى قسمين حكم العقل التعليقي وحكم العقل التنجيزي يمكن مراجعة مقالات الاصول للمحقق العراقي الجزء الثاني صفحة 3 وايضاً يمكن مراجعة نهاية الافكار للمحقق العراقي تقرير الشيخ محمد تقي البروجردي الجزء الثالث صفحة 7 هذا عناوين بحث الدرس القادم.

الان نقرر ما افاده المحقق الخوئي رحمه الله ونحن معه في مناقشة القول الاول والثاني ولكن نختلف معه في تربيحه للقول الثالث ونميل الى ما مال اليه الشهيد السيد محمد باقر الصدر.

اما القول الاول وهو ان حجية القطع ثابتة ببناء العقلاء وهو قول المحقق الاصفهاني استاذ السيد الخوئي ففيه اولاً ان حجية القطع ولزوم الحركة على طبق القطع ثابتة في كل زمان ومكان ولو لم يكن فيه الا بشر واحد وهو ادم عليه السلام نبينا ادم على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام كان القطع عنده حجة مع انه النوع الانساني ما كان موجود اذا جعلنا حجية القطع فرع بناء العقلاء يعني لابد من وجود مجتمع عقلائي ثم يتبانى هذا المجتمع على حجية القطع والحال ان حجية القطع وجدانية امر وجداني لا يحتاج الى بناء العقلاء وكان موجوداً مع عدم وجود المجتمع ولم يوجد الا بشر واحد فلم يكن في هذا المجتمع عقلاء حتى يتبانا على حجية القطع ولم يكن هناك نوع انساني حتى يجتمع العقلاء لحفظ هذا النوع الانساني هذا اولاً.

وثانياً الاوامر الشرعية ليست كلها لحفظ النظام الاجتماعي بعضها يتعلق بحفظ النظام الاجتماعي مثل مباحث الحدود والتعزيرات والديّات والامور المالية من خمس وزكاة لكن بعض الاحكام الشرعية لا دخالة لها في حفظ النوع الانساني فالصلاة التي هي عمود الدين لا دخل لها في حفظ النظم الاجتماعي فكيف يقال ان حجية القطع من المشهورات ومن بناء العقلاء لحفظ النوع الانساني والنظم الاجتماعي اذاً في المناقشة الاولى نفيّنا وجود النوع الانساني وبقيت حجية القطع وفي الامر الثاني نفيّنا حفظ النظم الاجتماعي عن بعض الاحكام هذا تمام الكلام في مناقشة القول الاول للمحقق الاصفهاني رضوان الله عليه في نهاية الدراية الجزء الثالث صفحة 17 و18.

واما القول الثاني وهو قول المحقق العراقي رضوان الله عليه ان حجية القطع ثابتة بإلزام العقل وبحكم العقل يرد عليه هذا الاشكال السيال الذي ذكره المحقق الاصفهاني وسار عليه مشهور المعاصرين واكثر من تأخر عنه من ان الحكم من شأن الحاكم والعقل ليس من شأنه الحكم وانما من شأنه الادراك فالحكم انما يكون لصاحب السلطة والهيمنة والعقل لا سلطنة لهم وانما يدرك الاشياء ويكشف حقيقة الاشياء فيرد على القول الثاني من ان حجية القطع بإلزام العقل وبحكم العقل العقل يدرك كاشفية القطع ولا يلزم بالجري على وفق القطع فالعقل شأنه الادراك ليس الا واما الالزام والبحث التشريعي فهذا من شأن المولى.

الانسان يتحرك نحو الشيء اذا وجد فيه نفعه والدافع له والمحرك له حب النفس فإذا وجد نفعاً تحرك نحوه واذا وجد ضرراً احجم عنه فالانسان يتحرك نحو المنفعة ويحجم عن المضرة ليس لإلزام العقل وانما المنشأ فيه حب النفس وارادة النفس وهذا لا اختصاص له بالانسان بل الحيوان بفطرته يحب نفسه ويتحرك الى ما يراه نفعاً له ويتجنب ما يدرك ضرره وبالتالي حب النفس وان كان يحرّك الانسان الى ما ينفعه لكن هذا التحريك تحريك تكويني وليس تحريكاً تشريعياً وبحثنا في المحركية التشريعية وليس في المحركية التكوينية ولذلك قلنا في بداية الدرس اذا كان المراد بالمحركية المحركية التكوينية فهذا خارج عن بحثنا في الاصول لذلك كما خرج الامر الاول اما القطع امر نفساني يخرج الامر الثالث المحركية لكن هذه الثلاثة تبحث في الاصول لان المراد المحركية التشريعية فيبحث كاشفية القطع اولاً ومحركيته ثانياً وحجيته ثالثاً، هذا تمام الكلام في مناقشة القول الثاني.

القول الثالث وهو ان حجية القطع لازم عقلي ذاتي للقطع وان العقل يدرك حسن العمل بالقطع وقبح مخالفة القطع ويدرك العقل صحة عقاب المولى لعبده المخالف لقطعه ويدرك العقل ايضاً عدم صحة عقاب المولى للعامل بقطعه اذا انكشف ان قطعه مخالف للواقع، ادراك العقل لحجية القطع لا يكون بجعل جاعل لأن الحجية لازم ذاتي ولا يكون ببناء العقلاء فالحجية للقطع ليست من الامور المجعولة ولا من القضايا المشهورة بل من الامور الواقعية الازلية كما هو الحال في سائر الملازمات العقلية، هذا تمام الكلام في الجهة الثانية حجية القطع اختار السيد الخوئي القول الثالث وسيتضح ان الصحيح هو القول الرابع الذي اختاره شهيد العصر السيد محمد باقر الصدر واختاره ايضاً الشيخ محمد اسحاق الفياض في الجزء السابع من المباحث الاصولية صفحة 49 ولكن لم يشر الى الشهيد الصدر وذكر بيان اخر ولكن روح كلام الشيخ الفياض المرجع المعاصر حفظه الله وكلام الشهيد الصدر وان كان كلام الشهيد الصدر ادق واكثر تفصيلاً وجذر كلام الشهيد الصدر موجود في كلمات المحقق العراقي وسيتضح من خلال الابحاث الاتية ان الكثير من آراء السيد الصدر رضوان الله عليه اصلها موجود في كلمات المحقق العراقي وتجدها ايضاً في كلمات السيد محمد الروحاني في كتابه منتقى الاصول ولكن توجد بنحو الاشارة ولكن السيد الصدر طرحها كنظرية مع التفصيل والتحقيق والتدقيق رحمة الله عليهم.

الجهة الثالثة والاخيرة بعد كون القطع من اللوازم العقلية بعد كون الحجية من اللوازم العقلية الذاتية للقطع امتنع المنع عن العمل به ولا يمكن للشارع المقدس ان يمنع ويردع عن العمل بالقطع لأنه يلزم منه اجتماع الضدين والمراد باجتماع الضدين اجتماع الضدين في الاصول وليس في المنطق اجتماع الضدين في الاصول يشمل الضدين المنطقيين والنقيضين المنطقيين.

تقول هكذا اذا قطعت بوجوب الجمعة فهي حرام عليك كيف يقطع بوجوب الجمعة ويقطع بحرمة الجمعة هنا اذا هو قاطع بوجوب الجمعة لا يعتقد بحرمة الجمعة واذا هو قاطع بحرمة الجمعة لا يعتقد بوجوب الجمعة سواء كان قطعه مسيباً للواقع او مخالفاً للواقع فمن حيث اعتقاد القاطع يلزم اجتماع الضدين مطلقاً سواء طابق الواقع او خالف الواقع، ولكن اذا لم ننظر الى اعتقاد القاطع ونظرنا الى مطابقة الواقع يلزم اجتماع الضدين في صورة المطابقة للواقع لا في صورة المخالفة.

اذاً نقول هكذا يلزم اذا فككنا بين الحجية وبين القطع يلزم اجتماع الضدين في اعتقاد المتكلمي مطلقاً يعني سواء طابق القطع الواقع او خالفه، ويلزم اجتماع الضدين بلحاظ الواقع اذا خالف الواقع يعني في خصوص صورة مطابقة الواقع دون صورة مخالفة الواقع، السيد الخوئي ذكر هنا عبارة صاحب الكفاية قال هكذا الجهة الثالثة اذ بعد كون الحجية من اللوازم العقلية للقطع امتنع المنع عن العمل بالقطع مع انه يلزم منه اجتماع الضدين اعتقاداً مطلقاً، مطلقاً يعني في صورة مطابقة القطع للواقع وفي صورة مخالفة الواقع، ومطلقاً في صورة الاصابة يعني يلزم منه اجتماع الضدين مطلقاً في صورة الاصابة للواقع لا في صورة مخالفة الواقع، فمع القطع بوجوب شيء لا يعقل المنع عن تركه، هذا تمام الكلام في تقرير كلام السيد الخوئي واتضح انه يرى عدم جواز الرد عن العمل بالقطع لبيانه هو وهو ان الحجية لازم ذاتي بالقطع وسيتضح ان شاء الله عدم الجواز الرد عن العمل بالقطع لبيان اخر على تفصيل يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمد وآله الكرام.

 

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 11 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: مصباح الأصول
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
11 الجلسة