تحقيق المباني الأصولية
شیخ الدقاق

008 - الكلام في الجهة الاولى والثانية من المقام الاول(حرمة التجري)

تحقيق مباني الأصولية

  • الكتاب: مصباح الأصول
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

قال السيد الخوئي في مصباح الاصول صفحة 19 اما الكلام في الجهة الاولى فهو انه قد يقال بحرمة الفعل المتجرى به.

كأن الكلام في بحث التجري قلنا ان السيد الخوئي رحمه الله قسّم الكلام في بحث التجري الى مقامين:

المقام الاول في البحث عن حرمة الفعل المتجرى به وعدمها

المقام الثاني في البحث عن ان تجري هل يوجب استحقاق العقاب من جهة كونه هتكاً لحرمة المولى او لا؟ والمقام الثاني ذكر فيه جهتين:

الجهة الاولى البحث عن حرمة التجري بنفس ملاك الحرام الواقعي اي بنفس اطلاقات ادلة الاحكام الاولية

والجهة الثانية البحث عن حرمة فعل المتجرى به لا بملاك الحكم الواقعي يعني الحكم الاولي وانما بحكم ثانوي وهو ملاك التمرد على المولى.

اذاً السيد الخوئي رحمه الله تناول بحث التجري في مقامين وفي المقام الاول تطرق الى جهتين، لكن الصحيح في المنهجية وفي منهجية بحث التجري ان يتناول بحث التجري من ثلاث جهات او ثلاث مقامات:

المقام الاول البحث في قبح التجري، هل التجري قبيح او لا؟

البحث الثاني استحقاق العقاب عقلاً على التجري

البحث الثالث حرمة التجري شرعاً

من الناحية المنهجية ومن الناحية المنطقية لابد من التفكيك بين هذه المقامات الثلاثة او الجهات الثلاثة لكننا نلاحظ ان السيد الخوئي رحمه الله لم يبحث النقطة الاولى، التجري قبيح او لا لم يبحثه، رأساً بحث حرمة التجري وفي بحثه لحرمة التجري لم يفصل بحث استحقاق العقاب عقلاً وبحث حرمة التجري شرعاً الا ان شهيد العصر السيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه في تقريره بحوث في علم الاصول للسيد محمود الهاشمي الشاهرودي فرّق بين هذه المقامات الثلاثة.

في الجزء الرابع صفحة 36 بحث قبح التجري وفي صفحة 53 بحث العقوبة على التجري عقلاً وفي صفحة 55 بحث حرمة التجري شرعاً، اذاً هذه مقامات ثلاثة لابد من بحثها وبما ان بحثنا مبني على الاختصار حتى لا نتوسع كثيراً في مصباح الاصول نقتصر على فهرست الابحاث والمبنى المختار ثم نقرر كلام السيد الخوئي رحمه الله.

اما بالنسبة الى النقطة الاولى وهي البحث عن قبح التجري هل التجري قبيح او ليس بقبيح؟ توجد فيه اقوال ثلاثة اشار اليها الشيخ محمد اسحاق الفياض في كتابه المباحث الاصولية الجزء السابع صفحة 68 والشيخ الفياض في اشارته كان تابعاً للسيد الشهيد الصدر في بحوث في علم الاصول صفحة 38.

المبنى الاول للشيخ الاعظم الانصاري في فرائد الاصول صفحة 5 الشيخ الانصاري يرى ان التجري ليس قبيحاً لكنه يكشف عن سوء سريرة المتجري وخبث باطنه، اذاً الشيخ الانصاري لا يرى التجري قبيحاً فضلاً عن حرمته او استحقاق العقاب عليه لا تصل النوبة الى المقام الثاني او المقام الثالث استحقاق عقلاً وحرمة التجري شرعاً، هذا هو القول الاول.

القول الثاني للمحقق النائيني في اجود التقريرات الجزء الثاني صفحة 23 الميرزا النائيني فرّق بين القبح الفعلي وبين القبح الفاعلي فقال في التجري لا يوجد قبح فعلي لكن يوجد قبح فاعلي يعني الفعل المتجرى به ليس قبيحاً لكن فاعل الفعل يعني المتجري قبيح لكن الفعل المتجرى ليس قبيح هذا القول الثاني.

القول الثالث للسيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه بحوث في علم الاصول جزء الرابع صفحة 38 يرى الشهيد الصدر ان التجري قبيح فعلاً، اذاً عندنا اقوال ثلاثة الشيخ الانصاري يقول اصلاً لا يوجد قبح فعلي توجد سوء سريرة ولم يذكر القبح الفاعلي، الميرزا النائيني نفى ايضاً القبح الفعلي لكنه اثبت القبح الفاعلي ورتب عليه اثار، السيد الشهيد الصدر بناءً على مسلكه يرى وجود القبح الفعلي وتبعه الشيخ محمد اسحاق الفياض قال الشيخ اسحاق الفياض صفحة 68، القول الثالث ان التجري قبيح والمتجري مستحق للذم والعقوبة كالعاصي فلا فرق بينهما من هذه الناحية وهذا هو القول الصحيح، الى هنا ذكرنا الاقوال بالنسبة الى المقام الاول وهو قبح التجري هل التجري قبيح او ليس بقبيح.

السيد الشهيد الجزء الرابع تقرير سيد محمود صفحة 38 يقول وفي مقابل هذا المسلك الذي سرنا عليه وهو قبح التجري يوجد مسلكان اخران احدهما مسلك الشيخ في الرسائل حيث انكر القبح رأساً في موارد التجري وانما الموجود فيها مجرد سوء السريرة المنكشفة بالفعل نظير الكلمات القبيحة الكاشفة عن معانيها القبيحة.

ثانيهما مسلك المحقق النائيني فأنه بعد تسليمه لأصل القبح حاول التمييز بين قبحين، القبح الفعلي والقبح الفاعلي وادعى ان التجري من الثاني يعني القبح الفاعلي والمعصية من الاول يعني القبح الفعلي، هذا تمام الكلام في الامر الاول وهو قبح التجري.

واما الكلام في الامر الثاني وهو استحقاق العقوبة عقلاً فقد بحثه السيد الصدر رحمه الله صفحة 53 ولابد من البرهنة عقلاً وهذا ما اشار اليه السيد الامام رضوان الله عليه، السيد الامام في تهذيب الاصول الجزء الثاني صفحة 301 اخر سطر يقول، فتلخص بما مر ان المسألة عقلية صرفة فيتضح ان السيد الامام كان ناظراً الى استحقاق العقوبة عقلاً والسيد الشهيد في بحثه تطرق الى كلام الميرزا النائيني واستاذ الميرزا النائيني وهو الميرزا المجدد الشيرازي رضوان الله عليه وتطرق الى برهان.

واما بالنسبة الى الامر الثالث وهو حرمة التجري شرعاً تطرق الى اربعة ادلة:

الدليل الاول التمسك بالاطلاقات الاولية لحرمة التجري

الدليل الثاني التمسك بقاعدة الاستلزام العقلي لحرمة التجري وهذان الدليلان اشار اليهما السيد الخوئي رحمه الله من ما يدلل السيد الخوئي في بحثه كان ناظراً الى المقام الثالث الى حرمة التجري شرعاً ولم يتناول الامر الاول والثاني، الامر الاول قبح التجري والامر الثاني استحقاق العقاب عقلاً.

الدليل الثالث الذي ذكره السيد الصدر صفحة 63 التمسك بالاجماع على حرمة التجري والدليل الرابع التمسك بالاخبار الدالة على حرمة التجري، اذاً الى هنا اتضحت ان فهرسة البحث والمنهجة انصافاً مع كلمات السيد الشهيد الصدر رضوان الله عليه.

الان نتطرق الى الاقوال في المسألة بالنسبة الى المقام الثاني او المقام الثالث، يعني مع غمض النظر عن المقام الاول التجري قبيح او ليس بقبيح هل يستحق المتجري العقاب او لا يستحق العقاب؟

ذهب المحقق صاحب الكفاية رحمه الله في الكفاية صفحة 259 وتبعه شيخنا الاستاذ الشيخ الوحيد الخراساني كما اشار السيد علي الميلاني في تحقيق الاصول الجزء الخامس صفحة 81 ذهب صاحب الكفاية الى ان المتجري يستحق العقاب، ويستحق العقاب لا على الفعل المتجرى وانما على تجريه وعلى عزمه علّق العقوبة على عزم المتجري يعني عزمه على ارتكاب ما يعتقد انه حرام على هذا يستحق العقاب، هذا القول الاول.

القول الثاني وذهب السيد الصدر رحمه الله الى حرمة الفعل المتجرى لأنه يرى قبح ويرى انه ينافي مولوية المولى فعلى مبناه وعلى مسلكه يذهب الى القول بالحرمة وتبعه الشيخ اسحاق الفياض لأنه يرى مسلك حق الطاعة كالسيد الشهيد الصدر.

القول الثالث هو قول الشيخ الاعظم الانصاري رحمه الله وتبعه السيد الخوئي والسيد الامام الخميني من القول بعدم حرمة التجري، طبعاً في كلمات الاعلام المشهور هو حرمة التجري ولكن ذهب السيد الامام رضوان الله عليه الى عدم حرمة التجري، قال في تهذيب الاصول في الجزء الثاني صفحة 303 اخر سطر قال والذي يقوى في النفس سالفاً وعاجلاً عدم استلزامه للعقوبة سواء قلنا بقبحه او لا، يعني التزمنا ان التجري قبيح او لم يكن قبيح هذا المقام الاول، لا يلتزم باستحقاق العقوبة لأن السيد الامام ناظر الى المقام الثاني المسألة عقلية، هذا بالنسبة الى رأي السيد الامام رضوان الله عليه.

ورأي السيد الخوئي قدس ان الادلة لا تنهض بحرمة التجري واما اصل كلام السيد الصدر من ان التجري حرام لمنافاته لمولوية المولى فاصل او جذور هذا الكلام موجودة في كلمات المحقق العراقي رضوان الله عليه اذ ان المحقق العراقي اشار الى هذه النكتة انه هناك تمرد على مولوية المولى وهناك يعني قد يستحق العقوبة لا على الفعل المتجرى وانما يستحق العقوبة على انتهاك حرمة المولى.

المحقق العراقي عنده بعض الكلمات التي تشير الى هذا الامر مثلاً في نهاية الافكار الجزء الثالث صفحة 35 و36 هكذا كما ينقل الامام الخميني في تهذيب الاصول صفحة 304 ان الموضوع بحكم العقل في العصيان ليس مخالفة المولى بل الهتك والجرأة عليه او العزم على العصيان او الطغيان وغيرها مما هي جهات مشتركة وعند وحدة الملاك يسير العقاب واحداً، السيد الامام يناقش المحقق العراقي، هذا تمام الكلام في فهرسة يعني الفهرسة الدقيقة المطلوبة لبحثنا والان نرجع الى فهرسة السيد الخوئي ونقرر كلامه.

السيد الخوئي في كلامه واضح انه ناظر الى خصوص المقام الثالث يعني حرمة التجري شرعاً ناظر الى الادلة وليس ناظر الى المقام الاول قبح التجري اصلاً لم يبحثه قبيح او ليس بقبيح وفي بعض كلماته يوجد نظر الى المقام الثاني استحقاق العقوبة عقلاً.

الكلام في الجهة الاولى بناءً على الجهة الاولى من المقام الاول بناءً على تقسيم السيد الخوئي للبحث والمقام الاول هو دعوى اطلاق ادلة الاحكام الاولية للفعل المقطوع به فأدلة الاحكام الاولية تشمل ما تعلق بها القطع سواء كان موافقاً للواقع او كان مخالفاً للواقع.

السيد الخوئي ذكر على لسان القوم دليل مركّب من مقدمات المقدمة الاولى متعلق التكليف لابد وان يكون مقدوراً لاستحالة التكليف بغير المقدور، المقدمة الثانية ان الدافع للعبد هو القطع بالنفع والزاجرة للعبد هو القطع بالضر والضرر اذاً القطع هو المحرّك للعبد وليس مطابقة الواقع مفاد المقدمة الثانية خلاصتها ان الدافع والمحرّك للمكلف انما هو القطع بالمنفعة والمصلحة كما ان الزاجر والمانع للعبد انما هو القطع بالمفسدة وبالمضرّة ولا دخل لمطابقة القطع للواقع وعدم مطابقة للواقع في تحريك العقل فالانسان انما يتحرك بوجوده العلمي لا بوجود الاشياء الواقعية.

المقدمة الثالثة ان التكليف انما يتعلق باختيار المكلف يعني الامور التشريعية تتعلق بالامور الاختيارية للمكلفين لا الامور الاضطرارية للمكلفين ومن الواضح ان القطع من اختيارات المكلفين بخلاف مطابقة الواقع وعدم مطابقة الواقع فليست من اختيارات المكلفين فتحصّل النتيجة نجمع المقدمات الثلاثة.

اولاً يستحيل التكليف بغير المقدور ومطابقة الواقع وعدم مطابقته ليست مقدوراً

ثانياً ان المحرك للمكلف هو القطع بالمنفعة والزاجر له القطع بالمفسدة وليس مطابقة الواقع وعدم مطابقته

ثالثاً المحرك التكاليف انما تتعلق بالافعال الاختيارية لا الافعال الاضطرارية وبالنتيجة متعلق التكليف هو القطع سواءً اصاب او لم يصب الكلام مطلق متعلق التكليف القطع مطلقاً طابق الواقع ام خالف الواقع، بالتالي المتجري يستحق العقاب، الجواب عنه اجاب بجوابين، الجواب الاول نقضي والجواب الثاني حلّي.

الجواب الاول النقضي نقض بالواجبات لانه هذا المبحث كما يشمل المحرمات يشمل ايضاً الواجبات فلو فرض ان الواجب المستفاد من قول المولى صل في الوقت هو القطع بالصلاة في الوقت فلو قطع المكلف بدخول الوقت وصلى قاطعاً انه في الوقت فانكشف الخلاف انه صلى قبل الوقت صلى خارج الوقت بناءً على هذا يلزم القول بالاجزاء لأنه الموضوع قد تحقق موضوع التكليف القطع بالتكليف وهو قاطع بالتكليف مع انه لم يلزم احد من الفقهاء باجزاء الصلاة اذا جاء بها خارج الوقت حتى لو كان قاطعاً بالتكليف.

واما الجواب الحلّي الجواب الحلّي الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفساد الموجودة في متعلقاتها وليست تابعة للقطع، التكاليف ليست تابعة للقطع القطع منجز للتكليف او معذر عنه، مثلاً قوله عز من قائل ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر يستفاد منه ان الاثار وهي الانتهاء عن الفحشاء والمنكر موجود في الصلاة وليست موجودة في القطع بالصلاة، اذاً المبنى والمسلك المشهور عند الاصوليين ان الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية الموجودة في متعلقاتها وليست تابعة للقطع بالمصالح والمفاسد، نعم القطع بالمصلحة محرّك القطع بالمفسدة زاجر اذاً القطع منجز للتكليف ومدخل للتكليف في العهدة ومعذراً عن التكليف اذا قطعت بالعدم.

اذاً القطع مفيد في مقام الامتثال وليس في مقام التشريع في مقام التشريع والتقنين اذا اردنا ان نصدر تكليفاً او تشريعاً هذا التكليف وهذا الحكم وهذا التشريع تابع للمصالح والمفاسد الواقعية الموجودة في متعلق هذا التكليف، نعم القطع يفيد في مقام الامتثال اما مدخل للتكليف ويكون منجزاً او مخرجاً للتكليف فيكون معذراً.

وبهذا اتضح انه يصح العقاب على التمرد في خصوص صورة المطابقة للواقع لأنه جاء بمتعلق التكليف ولا يصح العقاب على التمرد في صورة المخالفة لانه لم يرتكب شيئاً في الواقع ما ارتكب لم يأتي بالمتعلق، هذا تمام الكلام في الجهة الاولى البحث عن حرمة التجري بنفس ملاك اطلاق وشمول ادلة الاحكام الاولية للفعل المتجرى به ولو كان مخالفاً للواقع.

ثم يقع الكلام في الجهة الثانية وهي البحث عن حرمة الفعل المتجرى به لا بملاك الحرام الواقعي بل بملاك التمرد على المولى.

الجهة الثانية فيها وجوه ثلاثة ذكرها السيد الخوئي رحمه الله:

الوجه الاول يقول ان القطع قد تعلق بانطباق عنوان ذي مصلحة على شيء او بانطباق عنوان ذي مفسدة على شيء فالشيء بما هو هو قد يكون مباحاً فاذا تعلق به عنوان فيه مصلحة اصبح واجباً واذا تعلق به عنوان فيه مفسدة اكيدة اصبح حراماً.

اذاً تعلق القطع بانطباق عنوان ذي مفسدة على شيء يوجب حدوث المفسدة فيه وانطباق عنوان ذي مصلحة على شيء يوجب حدوث الوجوب فيه فالفعل المتجرى وان كان مباحاً بعنوانه الاولي الا انه صار واجباً او حراماً بعنوانه الثانوي وفيه ان المصلحة والمفسدة من العناوين التكوينية الواقعية وليس من العناوين الجعلية الاعتبارية فاذا جعلت السم ماءً يبقى السم قاتلاً واذا جعلت الماء سماً واعتبرت الماء سماً لا يصبح الماء قاتلاً فالاعتبار اولاً لا يلغي الاثار التكوينية لذات الشيء وثانياً لا يضيف اثار تكوينية جديدة لذات الشيء يبقى شيء على ما هو عليه وبما ان الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية وليست الاعتبارية المصالح والمفاسد الواقعية الموجودة في المتعلق فيبقى المتعلق على ما هو عليه من الاباحة وان كان انطبق عليه عنوان فيه مفسدة او عنوان فيه مصلحة، القطع دخيل في التنجيز او التعذير ولا دخل للقطع في ايجاد المصلحة او ايجاد المفسدة ولا دخل للقطع في الغاء المصلحة او الغاء المفسدة.

اذاً الاحكام والاثار تترتب على المصالح والمفاسد الواقعية الموجودة في المتعلق، والقطع لا يوجد المصالح والمفاسد الواقعية وانما يونجز التكاليف او يعذر عن التكاليف اذا حصل القطع بعدمها، اذاً الوجه الاول من الجهة الثانية ليس تعمم.

الوجه الثالث ان التجري كاشف عن سوء سريرة العبد وخبث باطنه كما يقول الشيخ الانصاري وكون هذا العبد في مقام الطغيان والتمرد على المولى وهذا يوجب قبح الفعل المتجرى عقلاً اذاً هذا ناظر الى المقام الثاني استحقاق العقوبة عقلاً بخلاف الان نناقش ومن ثم نفهرس كلام السيد الخوئي رحمه الله.

فبحكم الملازمة التي تدرس في بحث الملازمات العقلية في علم الاصول اذا قطعنا بقبح شيء عقلاً قطعنا بحرمته شرعاً، يعني توجد ملازمة بين حكم العقل القطعي وحكم القطع الشرعي، يعني اذا قطع العقل قطع الشرع، الاحكام الشرعية لا تنافي الاحكام العقلية القطعية فإذا قطعنا بقبح التجري عقلاً قطعنا بحرمة التجري شرعاً.

السيد الخوئي يناقش اولاً هذه الكبرى ننكرها نحن لا نلتزم بالملازمة العقلية، وهذه احدى الفوارق بين الاصوليين والاخباريين، الاصوليين يرون الملازمة العقلية الاخباريين ينكرون يقولون ان دين الله لا يصاب بالعقول وان كانت الرواية اجنبية عن هذا البحث وتفصيله في رسائل الشيخ الانصاري.

الاصوليون المشهور بينهم قبول الملازمة العقلية، الاخباريين مشهور بينهم عدم قبول الملازمة العقلية، قال صاحب الحدائق لو كان هذا العقل فطري الذي لا تشوبه شائبة الاوهام والذي هو قليل في الانام يمكن القول اذا قطع العقل حكم الشرع.

اذاً المناقشة الاولى السيد الخوئي ينكر الملازمة العقلية والمناقشة الثانية من قال ان كون الفعل كاشف عن سريرة المكلف والعبد هذا يعني انه يسري القبح من الفاعل الى الفعل هذا اول الكلام، القبح الفاعلي لا يكشف عن القبح الفعلي فلا توجد سراية من قبح الفاعل وسريرته الى قبح الفعل وقبح الفعل المتجرع به، هذا تمام الكلام في الوجه الثاني.

الى هنا اتضح السيد الخوئي رحمه الله كان ناظر الى ماذا، اما بالنسبة الى الجهة الاولى من المقام الاول الذي ذكر فيها ثلاثة مقدمات، متعلق التكليف لابد ان يكون مقدوراً، المقدمة الثانية المحرك للمكلف هو القطع بالنفع والقطع بالمضرة والمقدمة الثالثة التكليف يتعلق بالافعال الاختيارية دون الافعال الاضطرارية من الواضح هذه الجهة الاولى السيد الخوئي ناظر الى المقام الثالث استحقاق العقاب عقلاً، هذا بالنسبة الى المستدل المستدل ناظر الى استحقاق العقاب عقلاً.

ولكن السيد الخوئي في الجواب النقضي لما نقض بالواجبات كان ناظراً الى حرمة التجري شرعاً وحتى في الجواب الحلي عندما ذكر ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، اذاً السيد الخوئي في الجهة الاولى من المقام الاول كان ناظر الى حرمة التجري شرعاً بالنسبة الى الجهة الثانية من المقام الاول الوجه الاول هو تعلق القطع بعنوان فيه مصلحة او مفسدة يسري الى الفعل، هنا السيد الخوئي هذا الوجه الاول وجوابه ناظر الى استحقاق العقاب عقلاً ان المقام الثاني لانه فرق بين المصلحة قال المصلحة والمفسدة من الامور التكوينية والقطع دخيل في التنجيز هذا ناظر الى الاحكام العقلية.

الوجه الثاني التجري كاشف عن سوء سريرة العبد والقبح الفاعلي يسري الى القبح الفعلي، السيد الخوئي في انكاره لبحث الملازمة كان ناظر الى المقام الثالث، حرمة التجري شرعاً وناظر في عدم سريان القبح الفاعلي الى القبح الفعلي ناظر الى الامر الثاني استحقاق العقاب، اذاً الخلاصة كلام السيد الخوئي رحمه الله ناظر في الاساس الى المقام الثاني.

الى هنا بحمد الله والمنة انتهينا من الجهة الاولى من المقام الاول ومن الوجه الاول والوجه الثاني من المقام الثاني، يبقى الكلام في الوجه الثالث من المقام الثاني، الوجه الثالث يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمد وآله الكرام.

 

 

 

 

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 11 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: مصباح الأصول
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
11 الجلسة