تحقيق المباني الأصولية
شیخ الدقاق

010 - الدعوى الثانية من الوجه الثالث للجهة الثانية من المقام الاول لحرمة التجري

تحقيق مباني الأصولية

  • الكتاب: مصباح الأصول
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

الدعوى الثانية من الوجه الثالث من المقام الاول من الجهة الثانية من المقام الاول الذي طرحه السيد الخوئي رحمه الله قلنا السيد الخوئي بحث مباحث التجري في مقامين:

المقام الاول مؤلف من جهتين الجهة الثانية فيها ثلاثة وجوه، الوجه الثالث من الجهة الثانية ذكر فيها السيد الخوئي رحمه الله دعويين، الدعوى الاولى كانت بمثابة الصغرى وهي قبح الفعل المتجرى به عقلاً وقال لا مناص من التسليم بهذه القضية، الدعوى الثانية وهي بمثابة الكبرى وهي دعوى الملازمة يعني قبح الفعل عقلاً يستلزم حرمته شرعاً وحسن الفعل عقلاً يستلزم وجوبه شرعاً لقاعدة الملازمة.

في الدرس السابق انتهينا بحمد الله عز وجل من بحث الدعوى الاولى التجري قبيح عقلاً اليوم ان شاء الله نتناول الدعوى الثانية التي بمثابة الكبرى وهي انه اذا قبح الفعل عقلاً حكم الشرع بالحرمة واذا حكم العقل بالحسن عقلاً حكم الشرع بالوجوب فهل توجد ملازمة بين قبح الشيء عقلاً وحرمته شرعاً؟ وهل توجد ملازمة بين حسن الشيء عقلاً ووجوبه شرعاً او لا؟

السيد الخوئي رحمه الله يناقش هذه الملازمة وينكر هذه الملازمة ويقول هذه الملازمة غير تامة اولاً واجنبية عن المقام ثانياً والصحيح ما ذهب اليه السيد الخوئي رحمه الله تبعاً للمجدد الشيرازي رضوان الله عليه.

المجدد الشيرازي صاحب ثورة التنباك ومطبوعة تقريراته اربعة اجزاء تحقيق مؤسسة آل البيت لأحياء التراث فرق بين ما هو في سلسلة علل الاحكام الشرعية وبين ما هو في سلسلة معلولات الاحكام الشرعية فقال ان دعوى الملازمة انما تتم لو قيل بها في خصوص سلسلة علل الاحكام الشرعية ولا تجري دعوى الملازمة لو قيل بها في سلسلة معلولات الاحكام الشرعية اذاً عندنا ما هو في سلسلة العلل وعندنا ما هو في سلسلة المعلولات، مثلاً المصالح والمفاسد رتبتها رتبة العلة للحكم فالمصلحة الاكيدة علة للوجوب والمفسدة الاكيدة علة للحرمة اذاً المصالح والمفاسد الواقعية هي في رتبة علل الاحكام الشرعية ولكن حسن الطاعة قبح المعصية هذه تقع في سلسلة معلولات الحكم الشرعي اولاً يثبت الوجوب ثم بعد ذلك يثبت حسن الطاعة اولاً يثبت التحريم ثم بعد ذلك يثبت قبح المعصية فاذا اثبتنا الوجوب او الحرمة اولاً بعد ذلك يثبت عنوان الطاعة اذا ترك الحرام وفعل الواجب والمعصية اذا ترك الواجب وفعل الحرام.

اذاً حسن الطاعة وقبح المعصية يندرجان في مرتبة معلولات الاحكام الشرعية لا في مرتبة علل الاحكام الشرعية.

بحثنا في قبح التجري وحسن الانقياد قبح التجري وحسن الانقياد هذا البحث يجري بعد ثبوت الاحكام الشرعية يعني اذا قطع العبد بتكليف وخالفه او قطع العبد بتكليف وامتثله وانكشف خلاف الواقع هنا يكون منقاد اذا امتثل ومتجرياً اذا خالف اذاً حسن الانقياد وقبح التجري فرع ثبوت الاحكام الشرعية لكي نرى ان هذا الانقياد لم يكن مطابقاً للواقع وهذا التجري على حكم مخالف للواقع قاعدة الملازمة اذا قطع العقل بحسن شيء قطع الشرع بوجوبه اذا قطع العقل بقبح شيء قطع الشرع بحرمته هذه الملازمة انما تتم في سلسلة العلل يعني اذا قطع العقل بالمصلحة اذا قطع العقل بالمفسدة ولا تتم في سلسلة المعلولات اذا قطع العقل بحسن الطاعة او قطع العقل بحرمة المعصية او قطع العقل بقبح التجري او قطع العقل بحسن الانقياد، اذاً اولاً الملازمة اجنبية عن بحث التجري والانقياد لأن التجري والانقياد قبح التجري وحسن الانقياد انما هما في مرتبة سلسلة معلولات الحكم الشرعي وليس في سلسلة علل الاحكام الشرعية والملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع انما تجري في سلسلة العلل لا في سلسلة المعلولات هذا اولاً، اذاً الملازمة اجنبية عن بحثنا.

ثانياً لو قلنا بجريان الملازمة او في نفس مورد جريانه سلسلة العلل والمعلولات هل الملازمة تامة او لا؟ الجواب الملازمة غير تامة لأنه اولاً لابد ان نحرز المصلحة الاكيدة ثانياً لابد ان نحرز عدم وجود مزاحم للمصلحة الاكيدة هذا في الوجوب وهكذا في الحرمة لابد ان نحرز المفسدة الواقعية الاكيدة الملزمة ولابد ان نحرز عدم وجود مزاحم لهذه المفسدة الملزمة واما للعقل ان يطلع على المصالح والمفاسد الواقعية اولاً وثانياً ان يطلع على عدم وجود مزاحم للمصلحة الملزمة او المفسدة الملزمة.

اذاً العقل لا يدرك نعم لو استطاع العقل ان يدرك المصالح والمفاسد الواقعية وان يدرك عدم وجود مزاحم لها في هذه الحالة تتم الملازمة ولكن قد يندر ان يدرك العقل او يستحيل ان يدرك الحقل اذاً خلاصة البحث الى هنا المراد بحكم العقل ادراك العقل وبحث الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع انما يتم فيما اذا ادرك العقل ما هو في مرتبة علل الاحكام الشرعية ولا تجري الملازمة في مدركات العقل التي هي في مرتبة معلولات الاحكام الشرعية وما نحن فيه وهو قبح التجري وحسن الانقياد انما هو في مرتبة المعلولات الاحكام الشرعية اذاً بحث الملازمة اجنبي عن بحث قبح التجري وحسن الانقياد.

وثانياً بالنسبة الى مورد جريان الملازمة وهو سلسلة العلل للاحكام الشرعية نقول الملازمة غير تامة لأن جريان الملازمة فرع ادراك المصالح او المفاسد الملزمة اولاً وثانياً ادراك عدم وجود مزاحم للمصالح او المفاسد الملزمة وانا للعقل ان يطلع على المصالح والمفاسد الواقعية فصغرى هذه الكبرى غير متحقق او نادراً جداً لأن العقل لا يفيد بالمصالح والمفاسد الواقعية والنفس امرية والجهات المزاحمة لها لذلك ورد في الروايات الشريفة ان دين الله لا يصاب العقول وانه ليس شيء ابعد عن دين الله من عقول الرجال، طبعاً في المستدرك ان دين الله لا يصاب بالعقول الجزء السابع عشر صفحة 262 ابواب صفات القاضي الباب السادس الحديث 25 الرواية الاخرى الموجودة في الوسائل جزء 27 صفحة 292 في ابواب صفات القاضي الباب الثالث عشر الحديث 41 الموجود في الوسائل هكذا ليس شيء ابعد من عقول الرجال من تفسير القرآن.

الى هنا اصل المطلب طرحناه وهو ان بحث الملازمة يجري في ادراك العقل لما هو في مرتبة علل الاحكام الشرعية ولا يجري بحث الملازمة في مدركات العقل التي هي من قبيل معلولات الاحكام الشرعية فإن حسن الطاعة وقبح المعصية وكذلك حسن الانقياد وقبح التجري هذا الحكم العقلي فرع ثبوت الحكم الشرعي المولوي وبالتالي قاعدة الملازمة تكون اجنبية اذاً لا دليل على ان حكم العقل بقبح التجري الذي سلم به السيد الخوئي في الدعوى الاولى يستلزم الحرمة الشرعية ثم يترقى السيد الخوئي ونعم ما ترقى قال لنا دعوى اخرى نحن لا ننكر الملازمة ونقول انها اجنبية بل ندعي عدم امكان جعل حكم شرعي مولوي في المقام يعني لا يمكن جعل حكم شرعي مولوي بحرمة التجري ولا يمكن جعل حكم شرعي مولوي بحسن الانقياد او وجوب الانقياد لماذا؟ يذكر امرين:

الامر الاول يقول لو كان حكم العقل بحسن الانقياد وقبح التجري وهكذا حكم العقل بحسن الطاعة وقبح المعصية لو كان حكم العقل يكفي في اتمام الحجة على العبد اذاً لا حاجة لجعل حكم شرعي مولوي لأنه يكفي حكم العقل تلزم اللغوية اذا كان الحكم العقلي بحسن الطاعة والانقياد بحرمة المعصية او التجري لو كان هذا الحكم العقلي تاماً وكافياً في اقامة الحجة على العبد واتمام الحجة على العبد يعني في بحث العبد نحو العمل وفي زجره عن العمل في هذه الحالة لا حاجة الى جعل حكم شرعي مولوي آخر وان لم يكن الحكم العقلي كافياً في اتمام الحجة على العبد فلا حاجة ايضاً الى حكم شرعي آخر لأن الحكم العقلي غير تام بالنسبة الى هذا العبد فيكون جعل الحكم الشرعي المولوي لغواً ويستحيل صدور اللغو من الحكيم جل وعلى لذلك الاحكام الشرعية نحملها على الارشاد الارشاد له حكم العقل بحسن الطاعة او الانقياد وكذلك ارشاد الى حكم العقل بقبح المعصية او التجري، هذا تمام الكلام في الدليل الاول.

خلاصة الامر الاول لو كان الحكم العقلي حسن الانقياد او قبح التجري يكفي في اتمام الحجة على العبد لما كانت هناك حاجة لاثبات الحكم الشرعي المولوي فيكون اثباته لغواً وان كان الحكم العقلي غير كافي في اتمام الحجة فجعل حكم آخر لا فائدة في ذلك لأن الحجة غير تامة هذا الدليل الاول.

الدليل الثاني يقول السيد الخوئي ابسط لكنه ادق دقيق ولكن اذا تتوجه له يكون اقوى من هذا الدليل الذي ذكرناه دليل على عدم امكان جعل الحكم الشرعي المولوي بالنسبة الى حرمة التجري ووجوب الانقياد، طبعاً قبل ذلك يأتي بمنبه يشير الى ان القبح الذي يدعى ثبوته للتجري هذا القبح ليس مختصاً بالتجري بل هذا القبح كما يشمل التجري ايضاً يشمل المعصية كما ان الحسن كما يشمل الطاعة يشمل ايضاً الانقياد لماذا؟ يقول حكم العقل بحرمة التجري يعني بحرمة مخالفة القطع المخالف للواقع ملاكه واحد هو هتك حرمة المولى هتك الحرمة كما يصدق على مخالفة القطع المخالف للواقع يصدق ايضاً على مخالفة القطع المطابق للواقع وهكذا بالنسبة الى الوجوب والانقياد يعني الطاعة والانقياد ملاكه واحد على الثواب هو ماذا الامتثال الانقياد هذا الامتثال والانقياد كما هو موجود بالنسبة الى الطاعة ايضاً موجود بالنسبة الى الانقياد لأن الملاك واحد وهو الحفاظ على هيبة المولى التمسك بمولوية المولى.

الدليل الثاني على انه العقل اذا حكم بقبح التجري هنا يستحيل جعل التحريم المولوي الدليل الاول ذكرنا الدليل الثاني جداً لطيف.

يشترط في صحة التكليف الالتفات وفي موارد التجري بمجرد الالتفات ينتفي الموضوع حال التجري حال النسيان يقولون يستحيل تكليف الناسي يستحيل توجيه الخطاب الى الناسي لأن الناسي اذا وجّه اليه خطاب على انه ناسي والتفت ارتفع نسيانه فلو قال المولى ايها الناسي يجب عليك اذا نسيت كذا اذا هو التفت انه ناسي اذاً ما يجب عليه كذا لأن الموضوع قد ارتفع كذلك بالنسبة الى التجري اذا قلت للمتجري هكذا يا من تجريت اذا قطعت بقطع وكان قطعك مخالفاً للواقع اذا التفت ان هذا القطع مخالف للواقع اذاً انتفى في هذه الحالة التجري.

اذاً يشترط في صحة التكليف والالتفات وبالتالي في عالم الامتثال يقولون هكذا من مبادئ قدرة المكلف على التكليف ومن مبادئ قدرة المكلف على امتثال التكليف هو الالتفات الى الموضوع كيف يمتثل المكلف وكيف يكون امتثال المكلف لفعل صحيحاً اذا لم يكن ملتفتاً الى الموضوع والالتفات الى هذا العنوان قطعاً مخالف للواقع مساوق لزواله مثل الالتفات الى النسيان وبالتالي كما لا يمكن توجيه التكليف الى الناسي بعنوان الناسي اذ الالتفات شرط للتكليف ومع الالتفات الى كونه ناسياً ينقلب النسيان الى ذكر يصير ذاكر وليس ناسي وينتفي الموضوع كذلك لا يمكن تكليف القاطع بعنوان مخالفة قطعه للواقع مع عدم الالتفات لا يصح التكليف ومع الالتفات الى مخالفة قطعه للواقع يزول القطع اذا التفت انه قطعك يا فلان مخالف للواقع فاذا التفت الى انه قطعه مخالف للواقع صار هذا ليس قطع صار وهم لماذا اصبح وهم؟ بعد ينتفي عنوان التجري لأن عنوان التجري هو الانقياد اذا قطع بحرمة شيء وكان قطعه مخالفاً للواقع واقتحمه ما هو الانقياد اذا قطع بحرمة شيء او وجوب شيء وامتثله وكشف خلاف الواقع فاذا قلت له هذا القطع مخالف للواقع يعني القطع ليس بقطع هذا وهم وهذا نسيان.

النقطة الاولى السيد الخوئي يقول بحث الملازمة يجري في مدركات العقل التي هي في مرتبة معلولات الحكم الشرعي لا يجري فيها وانما يجري في حكم العقل ومدرك العقل الذي هو في مرتبة سلسلة علل الاحكام الشرعية هذا النقطة الاولى.

النقطة الثانية قال بالنسبة الى مورد بحثنا قبح التجري وحسن الانقياد هذا من مدركات معلولات الحكم الشرعي يقول نحن لا نقول ان قاعدة الملازمة لا تجري فقط بل يستحيل جعل الحكم المولوي لأن اولاً جعل الحكم المولوي لغو هذا الدليل الاول الدليل الثاني جعل الحكم المولوي معنا انتفاء الموضوع لأن من شروط امتثال المكلف للتكليف الالتفات الى الموضوع فاذا التفت المكلف الى ان قطعه مخالف للواقع زال هذا القطع كتكليف الناسي فاذا التفت الى انه ناسي زال النسيان وجاء الذكر.

السيد ذكر دعوى انه اذا كان ادراك العقل اذا كان المدرك العقلي في مرتبة معلولات الحكم الشرعي لا تصح الملازمة لماذا؟ ذكرت دليل الان يذكر الدليل وهذا هو كلام المجدد الشيرازي وهو لزوم التسلسل كلام المجدد الشيرازي موجود في الحلقة الثانية للشهيد الصدر وفي الحاشية حاشية السيد علي اكبر الحائري على الحلقة الثانية في بحث الملازمات العقلية يذكر مبحث الرأي المجدد الشيرازي رضوان الله عليه.

يلزم التسلسل كيف يلزم التسلسل؟ المقدمات التي توجب التسلسل ما هو بحثنا قبح التجري، قبح التجري عقلاً ماذا يستتبع؟ الحرمة شرعاً الحرمة شرعاً ماذا تستتبع؟ حسن الطاعة وقبح المعصية هنا ايضاً مخالفة الحكم الشرعي قبيح هنا من قبح مخالفة الحكم الشرعي يستلزم القبح يعني عندنا في المرتبة الاولى هكذا التجري قبيح عقلاً مقدمة الثانية القبح العقلي يستلزم الحرمة الشرعية عصيان هذه الحرمة قبيح عقلاً هذا القبح العقلي يستلزم الحرمة الشرعية الحرمة الشرعية مخالفتها قبيح هذا القبح العقلي يستلزم الحرمة الشرعية الحرمة الشرعية للتجري مخالفتها قبيحة عقلاً القبح العقلي للتجري يستلزم الحرمة الشرعية فيلزم الدور او التسلسل الى ما لا نهاية، لذلك يقولون المدرك العقلي الذي هو في سلسلة معلولات الاحكام الشرعية لا تجري فيه الملازمات العقلية الدور او التسلسل.

خلاصة التسلسل هو التجري قبيح عقلاً القبح العقلي للتجري يستلزم الحرمة الشرعية مخالفة هذه الحرمة الشرعية قبيح عقلاً القبح العقلي للتجري يستلزم الحرمة الشرعية الحرمة الشرعية مخالفتها قبيح عقلاً والقبح العقلي يستلزم الحرمة الشرعية وهكذا.

النتيجة الخلاصة خلاصة هذه القضية الثانية التي هي بمثابة الكبرى للوجه الثالث حكم العقل بقبح المعصية وقبح التجري وكذلك حكم العقل بحسن الطاعة وحسن الانقياد لا يستلزم حكماً شرعياً مولوياً لدليلين، الدليل الاول لزوم اللغوية والدليل الثاني انتفاء الموضوع بمجرد الالتفات بل لا يمكن جعل الحكم الشرعي المولوي لذلك حمل الاوامر الدالة على وجوب الطاعة والنواهي الشرعية الدالة على حرمة المعصية حملوها على الارشاد قالوا هذه اوامر ونواهي ارشادية وليست اوامر ونواهي مولوية هذا تمام الكلام في المقام الاول ومنه يعرف الكلام في المقام الثاني، الى هنا في المقام الاول وصل السيد الخوئي الى انه الفعل المتجرى ليس قبيحاً شرعاً صحيح هو قبيح عقلاً لكن ليس قبيح شرعاً وليس حرام شرعاً قال لا يعقل جعل الحرمة الشرعية الان في المقام الثاني يبحث هذه النقطة.

الفعل المتجرى لو كان من ناحية اولية مباح لأنه لا يعقل جعل الحرمة شرعاً فمن ناحية شرعية هو مباح وليس بحرام هل يعقل جعل الحرمة له بملاك ثانوي؟ وهو هتك حرمة المولى والتمرد على مولوية المولى اذاً المقام الثاني يبحث السيد الخوئي هذه النقطة، هل التجري يوجب استحقاق العقاب لكن من جهة كونه جرأة على المولى وهتكاً لحرمته مع بقاء الفعل المتجري على ما هو عليه من الاباحة وغير ذلك يعني يبقى الفعل بما هو هو محبوباً او مبغوضاً على ما هو عليه لكن يصبح حراماً من جهة ثانوية اذاً في المقام الثاني نبحث الحكم الثانوي مع غمض النظر عن الحكم الاولي فالحكم المتجرى به يبقى على ما هو عليه سابقاً من المحبوبية او المبغوضية لان القبح العقلي للتجري لا يستلزم الحرمة الشرعية ولكن هل يثبت استحقاق العقاب من ناحية ثانوية وهي هتك حرمة المولى والجرأة عليه السيد الخوئي رحمه الله يقول اتضح مما ذكرنا ان القبح العقلي وان لم يكن مستتبعاً للحكم الشرعي لكنه يستلزم حكم العقل باستحقاق العقاب على نفس التجري بمعنى ان العقل يدرك كون المتجري مستحقاً للعقاب للتعدي على المولى وهتكه وخروجه باسم العبودية وهذا شيء مشترك بين التجري وبين المعصية كما ان المنقاد يستحق الثواب لرعايته مولوية المولى وان كان ما قطع به مخالف للواقع.

يقول لا فرق بين المعصية والتجري من ناحية هتك حرمة المولى فيستحق العقاب ولا فرق بين الطاعة والانقياد من ناحية رعاية شأن المولى.

صاحب الفصول رضوان الله عليه جاء بأمثلة لبيان ان هناك فارق بين التجري وبين المعصية يقول مثلاً لو شخص اراد ان يقتل ابن المولى قتله انكشف انه ليس ابن المولى وانما شخص اجنبي هنا المولى يتعامل معه كما لو كان فعلاً قتل ابنه يقول فرق بينما اذا قطع ان هذا ابن المولى وقتله وانكشف في الواقع ان ابن المولى بعد المولى يقتله في هذه الحالة بخلاف ما اذا قتل شخصاً وقد قطع انه ابن المولى وانكشف انه ليس ابناً للمولى السيد الخوئي يقول هذا بلحاظ تشفي المولى بلحاظ تشفي الاب يصير فارق بين اذا قتل ولده ولم يقتل ولده ولكن الملاك فيهما واحد من ناحية هتك الحرمة ومن ناحية الانقياد الملاك واحد.

خلاصة السيد الخوئي اولاً قبح التجري ثانياً استحقاق العقاب على التجري ثالثاً ثبوت الحرمة شرعاً، السيد الخوئي في النقطة الاولى قبح التجري يقول لا شك ولا ريب ان التجري قبيح النقطة الثانية والثالثة استحقاق العقاب على نفس التجري وثبوت الحرمة الشرعية لنفس التجري يقول هذا غير ثابت اصلاً لا يعقل جعل حرمة مولوية ثم يأتي بأمر اخر يقول هذا بالنسبة الى الامر الاولي يعني من ناحية اولية المتجري لا يستحق العقاب على ذات الفعل المتجرى به ولا تثبت الحرمة الشرعية على ارتكاب ذات الفعل المتجرى به لعدم امكان جعل الحرمة الشرعية جعل المولوية ولكنه يستحق العقاب من جهة ثانوية من جهة تمرده على مولوية المولى وهذا عين كلام المحقق العراقي رضوان الله عليه في نهاية الافكار الجزء الثالث صفحة 35.

المحقق العراقي يرى ان العقاب انما هو على هتك حرمة المولى وليس على ذات الفعل المتجرى به والصحيح ما ذهب اليه امام الامة السيد روح الله الموسوي الخميني وقبل ان نقرأ كلمات السيد الامام رضوان الله عليه نوضح الامر لأنه وجداني والوجدان لا يحتاج الى برهان الان كوجدان نترك نحن عبائر الاصوليين وتدقيقات المنطقيين والفلاسفة نرجع الى وجداننا العرفي.

اذا مكلف قطع بحرمة الخمر وقطع ان هذا خمر وشربه فانكشف انه خل وليس بخمر انكشف انه ماء هنا توجد عندنا ثلاثة امور:

اولاً هل هذا الارتكاب قبيح او لا؟ الجواب نعم قبيح بلا شك انه قبيح.

ثانياً هل يستحق العقاب على ذات الفعل المتجرى به وهل تثبت الحرمة على ذات التجري او لا؟

والثالث هل تثبت الحرمة على عنوان التمرد على مولوية المولى وهتك حرمة المولى او لا؟ ولكي نجيب على هذين الامرين لابد ان نفرّق بين مقامين:

المقام الاول المدح والثناء ولزوم الثواب، الذم والعتاب ولزوم العقاب.

العرف بالنسبة الى التجري يرونه قبيح وبالنسبة الى الانقياد يرونه حسن هذا اولاً، ثانياً يرون حسن مدح المنقاد وحسن الثناء على المنقاد ويرون لوم المتجري وذم المتجري هذا ايضاً واضح انما الكلام في الامر الثالث، هل يرى العرف لزوم عقاب المتجري وهل يرى العرف لزوم ثواب المنقاد؟ لا هذا اول كلام، العرف بوجدانها الخاص لا يرى لزوم الثواب لا على الفعل المنقاد ولا على رعاية المولى العرف يرى حسن الثواب ولا يرى لزوم الثواب وهكذا بالنسبة الى التجري العرف لا يرى لزوم العقاب وانما يرى رجحان العقاب اما يلزم العقاب هذا اول الكلام، العرف لا يرى لزوم العقاب لا على ذات الفعل المتجرى ولا على هتك حرمة المولى من قال انه دائماً تحصل هتك والسيد الامام يذكر منبه وجداني شرعي يقول العرف يرى حرمة اقتحام الحرام ولا يرى حرمة اقتحام مقدمات الحرام مع انه قبيح اقتحام مقدمات الحرام لكن ما تثبت الحرمة اذاً فرق كبير بين ثبوت القبح للتجري وبين ثبوت الذم واللوم للمتجري وبين استحقاق العقاب، من قال يستحق يعني يلزم عقابه هذا اول الكلام لذلك نذهب الى ان المتجري لا يستحق العقاب كما ان المنقاد لا يستحق الثواب نعم المنقاد يرجح ثوابه والمتجري يرجح عقابه ولكن لا يلزم اللزوم هذا يحتاج الى دليل.

السيد الامام في تهذيب الاصول الجزء الثاني صفحة 302 الجهة الثانية في استحقاق المتجري العقوبة وعدمه يقول ولا يخفى ان مجرد قبحه عقلا لا يستتبع الحرمة اذا لا ملازمة بين قبح شيء واستلزامه العقوبة فإن ترجيح المرجوح قبيح ولا يستحق العقاب وكذا كثيرون من القبائح العقلية او العقلائية اذا لم يرد فيها نهي او لم ينطبق عليها عناوين محرمة او لم يدرك العقل صحة عقوبة مخالفته فإن قلت يمكن ادعى الملازمة بين القبح والعقاب فيما اذا ارتكب قبيحاً يرجع الى دائرة الاولية والعبودية ولا شك في ان ارتكاب ما لا يجوز ارتكابه العقل في تلك الدائرة فيما لا يجوّز ارتكابه العقل في تلك الدائرة ويعد تركه من شؤون العبودية يستلزم العقوبة.

قلت غاية الامر كون ذلك موجباً لللوم والكشف عن سوء السريرة واما العقاب فلا وبهذا لم يحكم العقلاء بصحة العقاب على مقدمات الحرام زائداً على نفس الحرام ولا على الحرام مرتين تارة للتجري واخرى للمخالفة كما يأتي الكلام فيه.

ايضاً صفحة 306 يقول نعم لو قلنا بسراية القبح الى العمل الخارجي الكاشف عن وجود هذه المبادئ في النفس فلا بأس بالقول باجتماع الحكمين لاجل اختلاف العناوين ولا يصير المقام من باب اجتماع الضدين فإن امتناع اجتماع الضدين يرتفع باختلاف المورد وقد وافاك بما لا نزيد عليه بأن مصب الاحكام وموضوعاتها انما هو العناوين والحيثيات فلا اشكال لو قلنا بإباحة هذا الفعل اعني شرب الماء بما انه شرب وحرمته من اجل الهتك والتجري والطغيان في النهاية يتفق كلامه مع الكلام السيد الخوئي رضوان الله عليه.

هذا تمام الكلام في بحث التجري يبقى الكلام في تنبيهات التجري، التنبيهات التنبيه الاول يأتي عليه الكلام وصلى الله على محمد وآله الكرام.

 

00:00

07

2023
| مايو
جلسات أخرى من هذه الدورة 11 الجلسة

07

مايو | 2023
  • الكتاب: مصباح الأصول
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
11 الجلسة