آداب المتعلمين
شیخ الدقاق

010 - الفصل الخامس في بداية السبق وقدره وترتيبه

آداب المتعلمين

  • الكتاب: آداب المتعلمين
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    500

20

2023 | نوفمبر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

درس الأخلاق

كتاب آداب المتعلمين

تدريس: الشيخ عبد الله الدقاق

الدرس (العاشر): الفصل الخامس في بداية السبق وقدره وترتيبه

النقطة الثامنة والعشرون وقت الشروع

السبق مصدر سبق قال الراغب في المفردات: <أصله التقدم في السير ثم يتجاوز به في غيره من التقدم، ويستعار لإحراز الفضل والتبريز>.

المراد بالسبق في كلام الخواجة نصير الدين ـ رحمه الله ـ هو الدرس لأن الدرس هو منشأ للسبق وإحراز الفضيلة والرفعة فالدرس سببٌ والسبق مسببٌ، الدرس علة والسبق معلولٌ تسمية للسبب باسم المسبب.

ما هو السبب؟

الدرس، هذا الدرس الذي هو السبب وعله نسميه باسم المعلول والمسبب.

إذا الدرس سبب والسبق مسبب نطلق المسبب وهو السبق على السبب وهو الدرس، فنقول: السبق بمعنى الدرس السبق بمعنى الدرس السبق هو في الواقع معلول ومسبب لسبب وهو الدرس.

فأحيانا هكذا في اللغة العربية يطلق المسبب على السبب تسمية للسبب باسم المسبب.

إذا  عنوان هذا الفصل في بداية السبق يعني في بداية الدرس، وقدره أي مقدار الدرس وترتيبه يعني ترتيب الدرس والسبق.

أول نقطة من هذا الفصل وهي النقطة الثامنة والعشرون من هذا الكتاب الشريف فيه ستون نقطة آداب المتعلمين للخواجة نصير الدين الطوسي وقت الشروع.

في بعض الروايات الشريفة <إن الله عزّ وجل خلق النار في آخر أربعاء من شهر صفر> لذلك الشياطين يتكثف جهدها في الأربعاء الأخيرة من شهر صفر بل ليلة الأربعاء يتكثف جهد الشياطين، وهذا مطلب خارج هذا الكتاب.

من يبتلى بالجن ومس الجان يتأذى كثيراً ليلة الأربعاء.

من لديهم خبرة بشؤون الجن والتلبس دخول جان في الإنس أو المس أحياناً شياطين أو الجان يمس الإنسان يؤذيه يتضاعف عمله ليلة الأربعاء بخلاف ليلة الجمعة، ليلة الجمعة، ليلة الأحد، ليلة الثلاثاء من أفضل الليالي يعني بخلاف أيضاً ليلة الخميس بخلاف ليلة الأربعاء وليلة السبت ليلة السبت ليلة اليهود وليلة الأربعاء هي يوم الأربعاء خلق الله عز وجل النار في آخر أربعاء من شهر صفر.

بحثنا ليس في الجن ولا في الغيبيات أو المغيبات بحثنا في الدرس وقت شروع الدرس.

يا أخي! النار خلقت النور أيضاً خلق يوم الأربعاء بما أن الشياطين شغلهم مكثف ومضعف يوم الأربعاء أيضاً أنت لكي تحصن نفسك ينبغي أن يكون عملك مضاعفاً حتى تحصن نفسك وتواجه هذه الشياطين لذلك الأفضل تشرع يوم الأربعاء.

لاحظ عبارة الخواجة نصير الدين الطوسي قال:

<ينبغي أن تكون بداية السبق ـ أي الدرس ـ يوم الأربعاء كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : <ما من شيء بدء في يوم الأربعاء إلا وقد تم>. قيل: كل عمل من أعمال الخير لابدّ أن يوقع يوم الأربعاء وهذا لأن يوم الأربعاء يوم خلق فيه النور وهو يوم نحس في حقّ الكفار فيكون مباركاً للمؤمنين>.

جيد.

روى ابن طاووس عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ قال: <أما الأربعاء فيوم خلقت فيه النار>.[1].

روى ابن طاووس في الدروع الواقية[2] عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ أنه سئل عن سبب الصوم يوم الأربعاء في وسط الشهر، فقال: <لأنه لم يعذب قوم قطّ إلا في أربعاء في وسط الشهر فنرد عنا نحسه>.

عن كتاب علل الشريعة للحسين بن علي بن شيبان القزويني عن الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ قال: <الأربعاء يوم نحس مستمر لأنه أول الأيام و آخر الأيام التي قال الله عزّ وجلّ: ﴿سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا[3]>.

إذا كانت النار خلقت يوم الأربعاء فلماذا نبدأ يوم الأربعاء؟! لذلك يكره السفر يوم الأربعاء وجه كراهة سفر يوم الأربعاء تصدقت تسافر لأنه يوم خلقت فيه النار ويكره السفر يوم الاثنين لأنه يوم مات فيه رسول الله وقتل فيه الحسين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .

ورد في مساند الرضا مرفوع إلى أمير المؤمنين الرواية مرفوعة إلى أمير المؤمنين <إن رجلاً قام إليه، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله وأي يومٍ هو؟

فقال ـ عليه السلام ـ : آخر أربعاء في الشهور وهو المحاق وهو يوم قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الأربعاء ألقي إبراهيم في النار> إلى آخر الحديث الحديث طويل ذكر فيه الإمام أربعة وعشرين حادثة وقعت يوم الأربعاء.

إذا  كان يوم الأربعاء يوم نحس أو يوم خلقت فيه النار فلماذا نبدأ الدرس يوم الأربعاء؟

الجواب البدء به جنة يدفع به ما في هذا اليوم كما أن الصدقة تدفع البلاء أيضاً الدرس والتدريس لدفع البلاء.

جيد هذا تمام الكلام في بداية السبق.

الآن إلى الآن متعارف في الحوزة العلمية يبدأون يوم الأربعاء أو يبدأون يوم الأحد.

النقطة التاسعة والعشرون مقدار الدرس وتكراره

قبل أن نقرأ كلام الخواجة نصير الطوسي هناك حكمة تقول: <قليل دائم خير من كثير منقطع> يعني الآن إذا  الطالب شهرياً له راتب ولو قليل أفضل من هدية كبيرة لكن مرة وحدة في العمر، فيقول: قليل دائم شهرياً أعيش عليه خير من كثير منقطع.

أحياناً طالب العلم يدرس دروس كثيرة وكلها ما يفهمها يصير عليه ضغط ما يفهم الدروس أحياناً يحضر درس واحد ويكرره كثيراً يكرره عشر مرات عشرين مرة فيفهمه فلا ينبغي للطالب أن يدرس دروس كثيرة، كما لا ينبغي له بحجة أنه حتى يفهم يدرس درس واحد فقط.

لذلك هناك مقولة مأثورة عن السيد الإمام الخميني ـ رضوان الله عليه ـ في البحث الخارج يقول: <درسان كثير ودرس قليل> يعني لا تحاول تكثر الدروس ربما نقول درسان في البحث الخارج كثير لكن إذا  تقتصر على درس واحد قليل يعني درسان فقط لا تجعلهم ثلاثة دروس هذا في بحث الخارج.

لكن في المقدمات ممكن ثلاثة أربعة دروس بالكثير خمسة بعضهم في اليوم ثمانية دروس عشرة دروس.

أتذكر يوم من الأيام ذهبت إلى مستشفى الطبّ النفسي في البحرين رأيت شخص هكذا، قلت ما خطبه؟ قالوا: هذا ذكي جداً ومجد جداً ضغط على نفسه حتى في الصيف ما عطل أراد يخلص دراسة خمس سنوات في سنتين ما شاء الله عليه خلال ستة شهور أصيب بمرض نفسي وخسر الدراسة.

تأخذ درس واحد درسين ثلاثة تجتهد فيهم تكررهم مرتين ثلاث إلى آخره.

قال الخواجة نصير الدين الطوسي:

<وأما قدر السبق في الابتداء> يعني مقدار الدرس في بداية الدرس والتحصيل للعلمي <فينبغي أن يكون قدر السبق للمبتدأ قدر ما يمكن ضبطه بالإعادة مرتين بالرفق والتدريج> بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره بعض الناس يستطيع درس واحد فقط بعض الناس يستطيع درسين بعض الناس يستطيع ثلاثة دروس، الناس تختلف ذهنياتهم قدراتهم مؤهلاتهم في الفهم في الحافظة المهم أنه يأخذ درس أو درسين بالمقدار الذي يرفق بنفسه ولا يضغط عليها ولا يشد عليها.

لكن لا يكتفي بدرس واحد ويكرر عشر مرات عشرين مرة بعدين يصير غبي يصير ذهنه بطيء.

قال الخواجة نصير الدين الطوسي:

<فإذا طال السبق في الابتداء> طال الدرس في بداية دراسته <وأحتاج إلى الإعادة عشر مرات فهو في الانتهاء أيضاً كذلك> يعني يحتاج عشر مرات لأنه يعتاد ذلك يتعود أنه لازم يكرر عشر مرات عشرين مرة لا يعود نفسه على الكسل فإنه يقوده إلى الفشل.

<ولا يترك تلك العادة إلا بجهد كثير> إذا  عود نفسه أنه لازم يراجع عشر مرات يتعود على هذه العادة الغير صحيحة.

<وقد قيل: الدرس حرف وتكراره ألف> ليس المراد أن يتكرره ألف مرة المراد كثرة التكرار أتعلم الشطار.

النقطة الثلاثون الشروع بالمتون الصغار

بعض الطلبة أول ما يدرس يدرس متن طويل ومعقد، تسأله لماذا؟ يقول: أنا إذا  فهمت المتن المعقد سأفهم المتن البسيط هذا صحيح لكن هذا مع التقدم في الدراسة في بداية الدراسة يحسن أولاً أن يكون المتن موجزاً وصغيراً، ثانياً مبسوطاً يعني سهلاً وبسيطاً.

يا أخي أنت في بداية الدراسة ازرع في قلبك عشق الكتاب وحبّ المادة العلمية والإنسان عدو ما يجهل إذا أخذت لك متن طويل متى تخلص، ثانياً معقد النتيجة ستتعقد تكره الدرس تكره الكتاب أنت لابدّ أن تأتي بمشوقات ومحببات للعلم فلابد أن تستشعر لذة العلم ولذة الفهم متى تستشعر في البداية لذة العلم والفهم؟ إذا  كان المتن سهلاً بسيطاً ومختصراً.

والحمد لله خلصت هذا الكتاب وهذا الكتاب وهذا الكتاب.

لذلك بدأنا معكم بمتن آداب المتعلمين للخواجة نصير الدين الطوسي لأنه متن مختصر وبسيط.

قال الخواجة نصير الدين الطوسي ـ رحمه الله ـ :

<ينبغي أن يبتدأ بشيء يكون أقرب إلى فهمه والأساتيد كانوا يختارون للمبتدئ صغار المتون المبسوطة لأنها أقرب إلى الفهم والضابط> المراد بالمتون المبسوطة المتون الصغيرة الواضحة العبارات لما فيها من البسط والتفصيل.

النقطة الحادية والثلاثون كتابة

يا أخي يا أخي شيئان اجتنبهما شيئان اجتنبهما:

أولاً كتابة ما لم تتيقن من فهمه.

اثنين تدريس ما لم تتيقن من فهمه.

إذا  معلومة فيها غموض عندك فكرة غير واضحة لا تدرسها ولا تلقيها ولا تكتبها لأن التدريس والكتابة يرسخ الفكرة فإذا كانت الفكرة مشوشة ومبهمة عندك وكتبتها أو القيتها سترسخ الفكرة المبهمة والمغلوطة والمشوشة في ذهنك، بعد ذلك رفع الفكرة المشوشة إلى الفكرة الصحيحة ستجد فيه صعوبة.

لذلك أنت في الدرس يستحسن أن تعلق ما المراد بالتعليق؟ الحاشية على الكتاب إذا  شيء ما فهمته لا تكتبه لا تعلقه إذا كتبت حاشية في شيء أنت تظن أن الأستاذ هكذا يقصد مو متأكد هذه إذا كتبتها بتصير أنت متأكد أن الأستاذ هكذا يقوم.

من الآن في حياتكم العلمية لا تعلق ولا تكتب حاشية إذا فكرة أنت ما متأكد منها تظن أنا أظن أنها صحيحة لا اكتب الشيء الذي تتأكد من صحته.

قال الخواجة نصير الدين الطوسي ـ رحمه الله ـ :

<وينبغي أن يعلق السبق> يعلق السبق السبق يعني الدرس يعلق من التعليق والمراد بالتعليقة الحاشية كتابة الحاشية والتعليق على أطراف الكتاب والدرس وينبغي أن يعلق السبق يعني وينبغي أن تكتب حواشي على الدرس لكن بعد الضبط والإعادة كثيراً.

فقهائنا ومراجعنا في مجلس الاستفتاء قبل ما يكتبون مثل مجلس الاستفتاء السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ تطرح المسألة فقهاء موجودين الله يرحمها أستاذنا الميرزا جواد التبريزي، السيد علي البهشتي، الشيخ محمد إسحاق الفياض الآن كلهم مراجع يتداوى إذا  تمخضت الفكرة وتمحضت الفتوى ثم بعد ذلك يقولون اكتب.

وهكذا أنا شفت مجلس استفتاء أستاذنا الميرزا جواد التبريزي يطرحون المسألة يتناقشون ثم بعد ذلك هو يملي المرجع يملي ويكتبون، ما يكتبون وبعد ذلك يتناقشون أولاً يتناقشون يخضون اللبن زين لين ما تطلع الزبدة بعدين تنتزع الزبدة.

قال:

<وينبغي أن يعلق السبق بعد الضبط والإعادة كثيراً ولا يكتب المتعلم شيئا لا يفهمه فإنه يورث كلالة الطبع> بعد بعد ذلك يكتب كل شيء إلي يفهمه وإلي ما يفهمه.

من خطّ خطاً ولم يفقه كتابته ارسل له علفاً يرعى مع الغنم

<فإنه يورث كلالة الطبع ويذهب الفطنة ويضيع أوقاته>.

مداخلة..

الكلالة في مقابل الفطنة، الفطنة يعني النباهة الكلالة يعني بلادة الذهن.

أتذكر أيام ما كنا ندرس شرائع الإسلام قبل ثلاثين سنة كان معنا أحد الطلبة يقول: أنا قرأت جواهر الكلام بالكامل ثلاثة وأربعين مجلد زين فهمته؟ قال: نعم، فهمته، قلت له جيد أنت تفهمه.

أستاذنا الميرزا جواد التبريزي يقول: أنا مرة سهرت إلى الصبح في عبارة لصاحب الجواهر وما فهمتها وهو مرجع وهذا توه طالب يقول فهم الجواهر كامل ضيع عمره قراه كامل. أنت اقرأ اللي تفهمه بحسب مرحلتك.

النقطة الثانية والثلاثون فهم الدرس

يا أخي! أنت لا تروح تدرس كثير وما تفهم ادرس الذي تفهمه، يقول الشيخ محمد جواد مغنية في كتابه تجارب محمد جواد مغني الذي طبع بعد وفاته يقول: أول ما ذهبت إلى النجف الأشراف حضرت درس واحد فقط متن الأجرومية تفرغت له وأصبح فقيه وأصبح قاضي في لبنان.

لا تستعجل!!

يقول المرحوم الشيخ محمد مهدي شمس الدين ـ رحمه الله ـ : <مشكلة الإسلاميين يستعجلون حرق المراحل> لا تحرق المرحلة أنت لاحقّ على تلك المرحلة.

النقطة الثانية والثلاثون فهم الدرس

يقول خواجة نصير الدين الطوسي ـ رحمه الله ـ :

<وينبغي أن يجتهد في الفهم عن الأستاذ أو بالتأمل والتفكر وكثرة التكرار فإنه إذا قلّ السبق يعني قلّ الدرس وكثر التكرار والتأمل يدرك يدرك ويفهم> يعني يدرك الدرس ويفهم.

درس واحد اثنين نتفرغ إليهم يتأمل وتكرر أفضل من عشرة دروس وما تراجعها.

<وقيل: حفظ حرفين خيرٌ من سماع ورقين> يعني تستمع كلمتين تحفظهم أفضل من تقرأ ورقتين وما تفهم شي.

<وفهم حرفين خير من حفظ وقرين> الوقر: هو عبارة عن الحمل الثقيل، يعني تحفظ شيئين ثقيلين يعني خزانتين من الكتب تحفظهم لكن ما تفهمهم يصدق على قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا.

<وإذا تهاون في الفهم ولم يجتهد مرة أو مرتين يعتاد ذلك> بعد يتعود أنه مو مشكلة ما فهمنا نمشي نمشي الموضوع هذا غير صحيح لازم ما يعود نفسه أن يمشي مطلب ولا يفهمه.

<فلا يفهم الكلام اليسير بعد ذلك فينبغي أن لا يتهاوان بل يجتهد ويدعو الله تعالى ويتضرع إليه فإنه يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاءه>.

يقول السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ هكذا يقول:

كنت احضر الدرس الصباح وادرس نفس الدرس العصر بحث خارج يحضر درس الميرزا النائيني الصبح يدرسه العصر زملائه يحضرون عنده.

قيل له: ألا تخاف أن يشكل عليك بإشكال لا تستطيع الإجابة عليه.

قال: لو كان هناك إشكال لورد الصبح ولم يرد العصر.

هكذا ينبغي أن يكون الطالب، لذلك ورد مضمون الرواية <رواية تدريها خير من ألف رواية ترويها> رواية تدريها يعني تدري مضمونها تعرف مضمونها خير من ألف رواية ترويها ترويها وأنت ما تفهمها، لذلك ورد <وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه> حامل الفقه يعني حافظنه إلى من هو أفقه منه.

اسمعوا هذه القصة جاء حافظ مئة ألف حديث إلى فقيه الفقهاء، قال له: مولانا كم حفظت من الأحاديث حتى صرت فقيهاً؟

قال: لم احفظ شيء.

قال: عجيب! أنا احفظ مئة ألف وما اصير فقيه وأنت ما تحفظ أي حديث وبتصير فقيه؟!

قال: أعطني حديثاً من المئة ألف.

قال: روى فلان عن فلان عن فلان عن فلان عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أنه قال: كذا.

لما ختم الحديث قال الفقيه يقع الكلام في مقامين:

المقام الأول في بحث السند.

المقام الثاني في بحث الدلالة.

أما السند الراوي الأول فلان وثقه النجاشي ضعفه الشيخ الطوسي ولكن بناء على مبنى كامل الزيارات يمكن توثيقه وبناء على مبنى تفسير القمي يمكن توثيقه لكنه معارض بالمبنى الكذائي، وهذا الراوي من مشايخ الإجازة فإن قلنا بوثاقة مشايخ الإجازة يمكن توثيقه.

أخذ يتكلم كلام كثير والحافظ ينظر إليه ينظر فقط اللحية تتحرك.

هذا الراوي الأول ثم وكمل رواة السند كامل قال: بناء على توثيق إبراهيم بن هاشم تكون الرواية صحيحة بناء على عدم توثيقه والقول بحسنه تكون الرواية حسنة، وبناء على كذا تكون الرواية موثقة.

ذاك ينظر إليه هذا تمام الكلام في المقام الأول البحث السند.

وأما البحث الدلالي الرواية ورد فيها لفظ <التراب> التراب إذ استظهرنا أنه ظاهر في مطلق وجه الأرض إذا  يصح التيمم بالحجر والمدر وغير ذلك وإن قلنا أنه ظاهر في خصوص التراب الخالص قلنا أنه لا يجزئ الوضوء إلا بخصوص التراب الخالص ويمكن أن تكون قرينة على إرادة التراب الخالص خصوص لفظة كذا وأخذ يرجح.

لما انتهى من الكلام ساعة كاملة.

قال: مولانا من وين جت كل هذا الكلام؟

قال: هذا هنا في القلب والعقل.

قال: عجيب! ثم التفت هذا الفقيه إلى ذلك الحافظ إذا  وجدنا رجلاً يجمع بيني وبينك هذا خوش فقيه هم حافظ وهم شنو؟ فاهم.

لاحظ الروايات الشريفة الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ يقول: <خبر تدريه خير من ألف ترويه>.

قال الصادق ـ عليه السلام ـ : <عليكم بالدرايات لا بالروايات>.

قال الصادق ـ عليه السلام ـ : <رواة الكتاب كثير ورعاته قليل فكم من مستنسخ للحديث مستغش للكتاب والعلماء تجزيهم الدراية والجهال تجزيهم الرواية>.

جاء في الرواية عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: <كونوا دراة ولا تكونوا رواة حديث تعرفون فقهه خيرٌ من ألفٍ حديث تروونه>.

عن ابن مسعود مرفوع: <كونوا للعلم رعاة ولا تكونوا رواة>.

روى الماوردي عن النبي قوله: <همة السفهاء الرواية وهمة العلماء الرعاية>.

لاحظ هذا الشعر الحلو يا حلو:

إن الرواة على جهل بما حملوا

مثل الجمال عليها يحمل الودع

لا الودع ينفعه حمل الجمال له

ولا الجمال بحمل الودع تنتفع

كالعيس في البيداء يقتلها الظما

والماء فوق ظهورها محمول

الوديعة يعني ما يودع الوديعة التي تستودع يعني الحمل وديعة من الودايع.

النقطة الثالثة والثلاثون المباحثة والمذاكرة

يأتي عليها الكلام وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

 

[1] الدروع الواقية، السيد ابن طاووس، ص 85.

[2] الفصل الثامن، ص 58.

[3] سورة الحاقة، الآية 7.

00:00

20

2023
| نوفمبر
جلسات أخرى من هذه الدورة 19 الجلسة

20

نوفمبر | 2023
  • الكتاب: آداب المتعلمين
  • الجزء

    01

  • 500

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
19 الجلسة