الحقائق في محاسن الأخلاق
شیخ الدقاق

06 - الفصل الرابع في علم الفقه والتفقه في الدين

الحقائق في محاسن الأخلاق

  • الكتاب: الحقايق في محاسن الأخلاق ، قرة العيون في المعارف والحكم ويليه مصباح الأنظار
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    536

30

2023 | ديسمبر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

درس الأخلاق

كتاب الحقائق في محاسن الأخلاق

تدريس: الشيخ عبد الله الدقاق

الدرس (السادس): الفصل الرابع في علم الفقه والتفقه في الدين

الفقه في اللغة بمعنى الفهم، تقول: <فقه الرجل الحديث> أي فهم الرجل الحديث، فالتفقه بالدين يراد به فهم الدين، وعلوم الدين ثلاثة:

1. علم العقائد.

2. وعلم الأحكام.

3. وعلم الأخلاق.

فهذه العلوم ثلاثة يطلق عليها <علم الفقه> فقه الدين أي فقه علم العقائد والكلام وفقه علم الأحكام وعلم الفقه اصطلاحاً، وفقه علم الأخلاق، هذه العلوم الثلاثة الأخروية وهي: علم العقائد والفقه والأخلاق، يقال لها <علم الدين>، يقال لها <علم الفقه>، وتعلم أحد هذه العلوم الثلاثة يقال له <التفقه في الدين>.  

قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم وخطابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إليهمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ[1] إذاً المراد بالتفقه في الدين فهم الدين فهم علم من علوم الدين كعلم العقائد الذي هو بمثابة جذر الشجرة، وعلم الفقه والأحكام الذي هو بمثابة جذع الشجرة بعد جذرها، وعلم الأخلاق الذي هو بمثابة ثمار الشجرة.

قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ لأصحابه: <عليكم بالتفقه في دين الله> ليس المراد بالتفقه خصوص علم الفقه والأحكام بالمعنى المصطلح، تفقه يعني فهم الدين.

قال ـ عليه السلام ـ : <عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعراباً فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزكي له عملاً> الأعراب جمع أعرابي والأعرابي هو الذي يسكن البادية ولا يفقه شيءً من دينه.

قال الصادق ـ عليه السلام ـ : <ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الحلال والحرام>.

وقال ـ عليه السلام ـ : <إن آية الكذاب أن يخبرك بخبر السماء والأرض والمشرق والمغرب فإذا سألته عن حرام الله وحلاله لم يكن عنده شيء>.

إذاً المراد بالتفقه بالدين تحصيل البصيرة في المسائل الدينية علمية كانت أو عملية ظاهريةً كانت أو باطنية تعلقت بالعبادات أو المعاملات، تعلقت بالعقائد أو الأحكام أو الأخلاق، كانت في الأمور الواجبة والفرائض أو في الأمور المستحبة والسنن.

والغرض هو بيان كيفية تحصيل التفقه في الدين جاء في الرواية عن رسول الله ـ ـ صلى الله عليه وآله ـ ـ : <إذا أراد الله بعبد خيراً فقهه في الدين وألهمه اليقين>.

سؤال: كيف يحصل التفقه في الدين؟ كيف الإنسان يفهم الدين فهماً صحيحاً؟.

الجواب: إن الناس كانوا على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يأخذون الدين والعلم من رسول الله مما يوحى إليه ـ صلى الله عليه وآله ـ ولكن بعد رسول اختلفوا إلى فرقتين:

الفرقة الأولى مدرسة النصّ ومدرسة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ .

الفرقة الثانية مدرسة الخلافة، الذين قالوا بالخلافة بعد رسول الله، وقالوا بالخليفة الأول والثاني والثالث وجعلوا الإمام علي ـ عليه السلام ـ الخليفة الرابع، وإن كان لم يجعل رابعاً إلا في عهد أحمد بن حنبل وإلا قبل أحمد بن حنبل كانوا يقولون الخلفاء ثلاثة.

إذاً لابدّ من دراسة معنى فهم الدين والتفقه في الدين بناء على المدرستين:

أما المدرسة الأولى مدرسة الخلافة ومدرسة أهل السنة الذين قالوا بخلافة أبي بكر بن أبي قحافة التيمي ثم خلافة عمر بن الخطاب العدوي من بني عدي ثم بخلافة عثمان بن عفان من بني أمية ثم بخلافة علي بن أبي طالب من بني هاشم هؤلاء على قسمين:

إما مجتهدون وإما مقلدون، إما خواص وهم أهل الاجتهاد والفقاهة وإما عوام وهم من أهل التقليد.

أما مجتهدوا مدرسة الخلافة ومدرسة الخلفاء فالتفقه في الدين عند الخاصة منهم عبارة عن استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالعلوم الدينية أصولية كانت أو فرعية لأن الظن والقياس والاستحسان حجة عند أهل السنة فيكفي تحصيل الظن بالعلوم الدينية.

وأما مقلدوا مدرسة الخلافة فالتفقه في الدين عبارة عن الأخذ من المجتهد مما استنبطه سواء استنبط عن طريق الآيات والروايات أو عن طريق الرأي والظن والقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وغيرها مما يذكر في علم الفقه وأصول الفقه عند أهل السنة ومدرسة الخلفاء.

أما المدرسة الثانية مدرسة النصّ مدرسة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ الذين قالوا بأن الخليفة بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ينص عليه وقد نصّ النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ على إمامة الإمام علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ومن بعد الإمام علي الحسن والحسين ثم التسعة المعصومين من صلب الحسين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .

أولهم علي بن أبي طالب، الأئمة اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم محمد بن الحسن القائم المهدي ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ هؤلاء هم أهل الذكر قال تعالى: <فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ>، قال تعالى: <يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ>.

مدرسة أهل البيت أيضاً فيها مجتهدون وفقهاء وفيها مقلدون.

المجتهدون يأخذون من الكتاب والسنة الشريفة يأخذون من منبع الواحي ولا يأخذون بالظن والاستحسان والقياس وردت عدة روايات في ذمّ القياس وأن أول من قاس إبليس وإن السنة إذا قيست محق الدين.

إذاً هؤلاء هم أهل الذكر والفقهاء يستنبطون الحكم الشرعي من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

قد تقول نجد أن بعض يجتهدون ويأخذون بالإجماع ويأخذون بالعقل والفيض الكاشاني صاحب كتاب الحقائق في محاسن الأخلاق من الأخبارية الذين يرون أن الأدلة الشرعية هي الكتاب والسنة فقط دون الإجماع والعقل بينما ذهب بعض الأصوليين إلى أن مصدر التشريع أربعة: <الكتاب والسنة والإجماع والعقل>.

الفيض الكاشاني يجيب يقول: علماؤنا الأصوليون وعلماؤنا الذين ذكروا العقل كحجة وذكر الإجماع كحجة هؤلاء جروا على هذا المسلك لشبهة جرت فيهم من مخالفيهم.

ثم يحاول أن يؤول ذلك يقول: يحتمل أن يكون سبب حدوثه فيهم أولاً مصلحة رأوها ومماشاة مع مخالفيهم راعوها لأن لا يزعموا أن دقائق العلوم ليست فينا ثم صار ذلك شبهة لمن تأخر عنهم جرت فيهم.

مثلاً إذا ترجع إلى كتاب المبسوط للشيخ الطوسي سبب تأليف كتاب المبسوط للشيخ الطوسي يقول: إن جملة من مخالفينا عيرونا، وقالوا: ليس لديكم مصنف تفريعي فيه تفريع للفقه تفريع للمسائل فكتب المبسوط.

فهنا الفيض الكاشاني يقول: علمائنا حينما استدلوا بمثل هذه الأدلة وحينما فرعوه لكي يثبتوا للخاصم ولكي يثبتوا لمدرسة أهل السنة والخلافة أن الشيعة الإمامية أيضاً لديهم هذه القدرة وإن لم يلتزموا بمثل هذا الاستدلال وهذا الاستنباط.

ثم يشير إلى نكتة مهمة جداً يشير إلى ما ورد في سورة آل عمران ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيات مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ إذاً القرآن الكريم ينص على أن هناك أمور محكمة أي واضحة آيات واضحة مثل: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ هذه ظاهرة في الوحدانية وهناك آيات متشابها يعني فيها قد يحصل في فهمها اللبس والإيهام كقوله تعالى: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْديهِمْ، هل لله يدّ صورية مادية أم المراد باليد كنا عن القدرة؟؟

﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا هل مجيء الله بقدمين كما هو مجيء الإنسان أو مجيء الدواب على قدمين أو أربع أو ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ يعني وجاءت رحمة ربك هناك مضاف محذوف وهو الرحمة الإلهية.

﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ هل المراد الساق المادية الظاهرية؟ كما ورد في بعض الروايات العامة يضع الله رجله في أن النار، فتقول: حسبي قط قط؟! أو المراد يوم يكشف عن ساق يعني قدرة الله لأن الساق كناية عن قيام الشيء بنفسه وقدرته.

التمسك بالآيات المحكمة واضحٌ لا غبار عليه عند السنة والشيعة، لكن هل يصح التمسك بالآيات المتشابهة من دون إرجاعها إلى الآيات المحكمة؟

الجواب هذا لا يصح.

والآيات المتشابهة إنما يصح العمل بها بعد الرجوع إلى الراسخين في العلم لأن تأويل القرآن الكريم وتأويل الآيات المتشابهة لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم.

إذاً الآيات القرآنية إما أن نقسمها إلى قسمين وإما أن نقسمها إلى ثلاثة أقسام، تقسيمها إلى ثلاثة أقسام بأن نقول:

القسم الأول آيات محكمة واضحة يمكن فهمها والعمل بها.

القسم الثاني آيات متشابهة لا يمكن فهمها بنفسها بل يمكن فهمها بالرجوع إلى الراسخين في العلم فتكون حجة علينا.

القسم الثالث آيات متشابهة مبهمة نعمل بها من دون الرجوع إلى أهل الذكر من دون الرجوع إلى الراسخين في العلم، إذا عملنا بها بإرجاعها إلى المحكمات مباشرة من دون الرجوع إلى أهل العلم يصير عندنا قسمين:

القسم الأول الآيات المحكمة.

والقسم الثاني الآيات المتشابهة التي نرجعها إلى المحكمة من دون الرجوع إلى أهل الذكر.

تصير النتيجة: كل آيات القرآن يمكن فهمها والعمل بها من دون حاجة إلى الرجوع إلى أهل الذكر والراسخين في العلم.

أما الآية المحكمة فهي واضحة ويمكن العمل بها.

وأما الآية المتشابهة فيمكن العمل بها من خلال إرجاعها إلى الآية المحكمة من دون الرجوع إلى الراسخين في العلم، وهذا المذهب قد يذهب إليه بعض علماء أهل السنة.

يقول الفيض الكاشاني: هذا العمل لتقسيم الآيات إلى قسمين فقط مخالف لما أراده الله عزّ وجل، الله عزّ وجل عنده حكمة من تنزيل الآيات المتشابهة، يقول لك: أيها المكلف هذه الآية المتشابهة أنا اعلم بتأولها والراسخون في العلم فقط، أنت إن علمت بها من خلال ما علمتك ومن خلال ما علمك الراسخون في العلم اعمل بهذه الآيات المتشابهة، وإن لم اعلمك وإن لم يعلمك الراسخون في العلم فارجعها إليه.

لذلك عندنا مسلك في فقه الحديث عند فقهائنا إذا لم نفهم الرواية يقول للفقيه هكذا: <يرد علمها إليهم صلوات الله عليهم>.

إذا الآيات المتشابهة على قسمين:

قسم يمكن فهمه من خلال ما علمنا الله والراسخون في العلم.

وقسم لا نفهمه فنرجعه إليهم ـ صلوات الله عليهم ـ .

هذا هو الصحيح.

وأما الجدل والولوج في ظنيات وقياس واستحسانات فهذا لا يغني من الحقّ شيئاً، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : <الأمور ثلاثة أمرٌ بين رشده فيتبع وبين غيه فيجتنب ومتشابهات بين ذلك يرد حكم إلى الله وإلى الراسخين في العلم العالمين بتأويله>[2].

قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ حينما سئل عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به، قال: <إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وإلا فالذي جاء بكم به أولى به> هذه روايات العرض على كتاب الله هناك معايير في أن الروايات المتعارضة العرض على كتاب الله هذا طريق.

طريق ثاني الأخذ بما اشتهر بين الأصحاب.

الطريق الثالثة والعلامة الثالثة الأخذ بما خالف العامة.

في الرواية عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ : <كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخره>.

ثم ذكر الفيض الكاشاني بعض المباحث استطراداً لا داعي لذكرها والإطالة فيها، مثل: بحث أدلة السنن الرواية عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كذلك عن الإمام الصادق: <من سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه له أجره وإن لم يكن على ما بلغه> يعني إذا جاءكم حديث في سنة من السنن مستحب، مثلاً: عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ <من فعل كذا كان له كذا> وأنت عملت بهذه الرواية من دون أن تدقق في صحة سندها الله عزّ وجل يعطيك ثواب هذا العمل لأنك عملت به ابتغاء قول النبي وإن كان النبي لم يقله هذا بحث في علم الأصول يقال له: <التسامح في أدلة السنن> أدلة السنن يعني أدلة المستحبات نتسامح ونتساهل في أدلتها لا نشترط أن تكون الرواية صحيحة السند حتى لو الرواية ماذا؟ ضعيفة السند وتعمل بها الله عزّ وجل يعطيك الثواب.

الآن أغلب العلماء والفقهاء المعاصرين لا يرون التسامح في أدلة السنن يعني حتى في ثبوت المستحبات لابدّ أن تكون الرواية صحيحة السند لا يكفي أن تكون رواية ضعيفة.

الخلاصة:

نعمل بالتوقيع الشريف عن الإمام المهدي ـ عجل الله تعالى فرجه الشريف ـ : <وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم>.

هذا تمام الكلام في الفصل الرابع.

الفصل الخامس في النهي عن المناظرة والمجادلة

المراء والجدال ممقوت مطلقاً، في واحد ديدنه المراء والجدال يحب يجادل الجدال يقسي القلب وممقوت وخصوصاً الجدال في الدين، الحجج واضحة يجادل، اثنين مشوا رأوا من بعيد شبح أسود، فقال الأول: هذه شاة سوداء، قال الثاني: هذا غراب أسود، اختلفا مشيا بعد فترة هذه الغمامة السوداء طارت، قال الثاني: ألم أقل لك إنه غراب أسود؟ انظر قد طار، فقال الأول: عنزة ولو طارت، هذه شاة حتى لو تطير، قلت لك شاة يعني شاة.

قال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : <يا معشر شيعتنا والمنتحلين ولايتنا إياكم وأصحاب الرأي> من يقولون برأيهم وظنهم <فإنهم أعداء السنن تفلتت منهم الأحاديث أن يحفظوها، واعيتهم السنة أن يعوها، فاتخذوا عباد الله خولاً وماله دولاً فذلت لهم الرقاب، وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب، ونازعوا الحق وأهله فتمثلوا بالأئمة المعصومين الصالحين الصادقين وهم من الجهال الملاعين، فسألوا عما لا يعملون، فاتقوا أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون، فعارضوا الدين بآرائهم وظلوا فأضلوا، أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما>.

عن الباقر ـ عليه السلام ـ : <من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث أحل وحرم فيما لا يعلم>.

عن الصادق ـ عليه السلام ـ أنه قيل له ترد علينا أشياء لا نعرفها في كتاب ولا سنة فننظر فيها؟ قال: <لا أما إنك لو أصبت لم تؤجر وإن أخطأت كذبت على الله>.

هذا ما ورد في اختلاف الفتيا تفتي الناس لابدّ أن يكون بعلم من كتاب أو سنة لا من جيب الصفحة الظن والاستحسان.

عن الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : <اعلموا عباد الله أن المؤمن ما استحل عاماً أول ويحرم العام ما حرم عاماً أول وإنما أحدث الناس> يعني ما أحدثوه يعني البدعة <وإنما أحدث الناس لا يحل لكم شيئاً مما حرم الله عليكم ولكن الحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله>.

عموماً هذا الفصل الخامس في النهي عن المناظرة والمجادلة في الدين يعني الإفتاء بغير علم عن طريق الظن والقياس، رواية لطيفة الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ جاء بعصا رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ فلما علم أبو حنيفة النعمان أنها عصا رسول الله انحنى يقبل العصا، فكشف الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ عن يدّه قال: <هذه عصا رسول الله جماد وهذا دم رسول الله هذا أولى بالتقبيل> هذا نسل رسول الله ذرية رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ .

هذا تمام الكلام في الفصل الرابع والخامس إلى انتهينا من علم الفقه ثم نأتي إلى علم العقائد ننتهي منه نتفرغ إلى علم الأخلاق اليوم أكملنا الحديث في الفروع والأغصان علم الفقه، الدرس القادم في الجذر وهو علم الكلام وعلم العقائد ثم بعده يقع الكلام في علم الأخلاق.

الفصل السادس في علم الكلام يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

 

[1] سورة التوبة، الآية 122.

[2] أصول الكافي، ج 1، ص 68.

00:00

30

2023
| ديسمبر
جلسات أخرى من هذه الدورة 8 الجلسة

30

ديسمبر | 2023
  • الكتاب: الحقايق في محاسن الأخلاق ، قرة العيون في المعارف والحكم ويليه مصباح الأنظار
  • الجزء

    01

  • 536

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
8 الجلسة