الحقائق في محاسن الأخلاق
شیخ الدقاق

008 - الفصل الثامن العلم النافع وعلاماته

الحقائق في محاسن الأخلاق

  • الكتاب: الحقايق في محاسن الأخلاق ، قرة العيون في المعارف والحكم ويليه مصباح الأنظار
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    536

30

2023 | ديسمبر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

درس الأخلاق

كتاب مختصر جامع السعادات

تدريس: الشيخ عبد الله الدقاق

الدرس (الثامن): الفصل الثامن العلم النافع وعلاماته

العالم في الفكر الإسلامي ليس هو الشخص الذي يحفظ مجموعة من المعلومات الدينية والإسلامية هذا يتوفر في الكمبيوتر والموبايل والهارديسك الآن الآرشيف والسيرفر ما شاء الله في معلومات كثيرة لا يقال له عالم، العالم في الفكر الإسلامي هو الذي تتجسد فيه معالم الإسلام.

هذه المعلومات إذا انعكست على قوله وسلوكه فهذا عالم، إذاً ليس العالم في مدرسة أهل البيت هو الإنسان الذي يحفظ مجموعة من المعلومات هذا يتوفر في صندوق العقل وصندوق الكمبيوتر، العالم هو الذي تنعكس العلوم الإسلامية على محياه وشخصيته.

في قول الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ في شرح قوله تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء، قال: <يعني بالعلماء من صدق فعله قوله، ومن لم يصدق فعله قوله فليس بعالم>.

عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ : <اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار وتواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم>، التجبر والتواضع أمور عملية تتحقق في الميدان لا في المفاهيم الذهنية فقط.

عن الرضا ـ عليه السلام ـ : <إن من علامات الفقه الحلم والصمت> وليس المراد بالفقه علم الفقه والأحكام الشرعية مراد الفقه عن الفهم علامات الفقه يعني من فهم الدين يعني العالم الفقيه يعني العالم الفاهم للدين، الصمت والحلم، كلما زاد العلم نقص الكلام وكلما زاد الجهل كثر الكلام، لماذا؟

كلما زاد علم الإنسان اكتشف المجهولات التي يجهلها أكثر من المعلومات التي يعرفها فيسعى للاستزاده ولا تكون عنده استطالة لكن إذا كان جاهل وعلم معلومة يتصور أن ما أحد غيره يعلم بهذه المعلومة يمشي ويتكلم فيها يمشي ويتكلم فيها فيكثر كلامه لجهله.

لذلك العالم إذا حضر بمحضر عالم يصمت ما يتكلم يقول هذا عالم يحاول يتعلم منه، الجاهل إذا حضر بمحضر عالم يتكلم ويخرج يتباهى، أنا سكتت العالم الفلاني وأمام المرجع الفلاني قلت: كذا وكذا ويأخذ بالتباهي والتفاخر لجهله.

عن الصادق ـ عليه السلام ـ قال: <قال: أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ألا أخبركم بالفقيه حقّ الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤمنهم من عذاب الله ولم يرخص لهم في معاصي الله ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علمٍ ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة لا فقه فيها، ألا لا خير في نسك لا ورع فيه>.

المرحوم الفيض الكاشاني المولى محمد المرتضى المعروف بالفيض الكاشاني من أدق وأقوى علمائنا في ضبط متن الحديث أولاً وفهم متن الحديث ثانياً، لذلك موسوعة الوافي معروفة في ضبط السند وضبط النص، وإذا ترجع إلى معجم رجال الحديث للسيد أبو القاسم الخوئي إذا يذكر الرواية الموجودة في الوسائل أو الكتب الأربعة يقول: وفي الوافي كذا وفي الوافي كذا لأن كتاب الوافي للفيض الكاشاني ضبط السند والمتن بشكل دقيق ولا يشرح أكثر الروايات لكن إذا يشرح الرواية يكون الشرح دقيق ووافٍ، عميق الفيض الكاشاني خبير بالأخبار.

الفيض الكاشاني يشرح هذه الرواية هذه الرواية موجودة في العديد من الكتب، يقول: لماذا الإمام استعمل عقد السلب؟ لا لا كذا لا كذا لا كذا في بيان علامات العالم استخدم أسلوب السلب يعني الذي كذا ليس بعالم الذي كذا ليس بعالم الذي كذا ليس بعالم ولم يستعمل عقد الإيجاب، قال العالم: من يكون كذا والعالم من يكون كذا، فالإمام الصادق ـ عليه السلام ـ استخدم عقد السلب ولم يستخدم عقد الإيجاب، فلماذا؟

الجواب: يقول الفيض الكوشاني: كان أيام الإمام الصادق عدة فراق كلامية ومذهبية، والإمام الصادق ينفي عن هذه الفرق صفة العلم والعالم، فكل نفي ناظر إلى فرقة أو فرقتين من هذه الفرق الإسلامية.

الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ استخدم السلب أربع مرات في كل سلب يشير إلى فرقة أو فرقتين لاحظ السلبي الأول قال ـ عليه السلام ـ : <من لم يقنط الناس من رحمة الله> هذا إشارة إلى ابطال مذهب المعتزلة القائلين بإيجاب الوعيد وتخليد صاحب الكبيرة في النار وإبطال مذهب الخوارج الذين ضيقوا التكاليف الشرعية.

هناك مبحث كلامي اسمه الوعد والوعيد أي أن الله عزّ وجل وعد المطيع بالجنة وتوعد العاصي بالنار إذا هناك وعد بالجنة ووعيد بالنار، سؤال: هل يجوز أن يخلف الله وعده بالجنة؟ وهل يجوز أن يخلف الله وعيده بالنار؟

ذهب المعتزلة وهم أتباع واصل بن عطاء الذين اعتزل الأشعري وغيره وصار هذا الاتجاه العقلي مذهب المعتزلة، قالوا: اعتزلنا واصل، فسموا بالمعتزلة.

المعتزلة قالوا: ببطلان خلف الوعد والوعيد يعني الله ما يصير يخلف بإدخال المؤمن والمطيع الجنة وما يصير يخلف وعيده بإدخال العاصي النار، وذهبت الإمامية إلى بطلان وعدم إمكان خلف الوعد لكن يمكن خلف الوعيد الله عز وجل إذا وعد المطيع دخول الجنة ما يصير يخلف وعده الله لا يخلف وعده يدخله الجنة ما يدخله النار.

لكن إذا توعد العاصي بالنار ولكن شملته شفاعة الشافعين الله يمكن يخلف وعيده ويدخله الجنة، هنا الخلف بالوعيد ليس فيه عيبٌ ولا يوجد إشكال عقلي بل يوجد رجحان هذا تفضل من الله عزّ وجل أن يخلف وعيده ويدخله الجنة.

لكن المعتزلة قالوا: كما لا يجوز الخلف بالوعد بالجنة كذلك لا يجوز الخلف بالوعيد بالنار.

يا أخي أنت إذا تقول: الله ما يجوز يخلف الوعيد بعد ذولا الذين ارتكبوا كبار بعد ما يتوبون يقنطون من رحمة الله يذنبون وخلاص بعد ما يتوبون لأنه راح يدخلون النار، فهنا قول الصادق ـ عليه السلام ـ : <من لم يقنط الناس من رحمة الله> ناظر إلى ضرب المعتزلة الذين قنطوا الناس من رحمة الله بقولهم حرمة خلف الوعيد.

بعد ذهب الخوارج إلى كفر مرتكب الكبيرة ليس أنه فاسق، المعتزلة قالوا: من يرتكب الكبيرة فاسق لكنه مسلم، أما الخوارج قالوا: من يرتكب الكبيرة فهو كافر، إذا أنت كفرته بعد قنطت من رحمة الله بعد لماذا يعمل الطاعات ما دام هو كافر؟! شوف دقة الفيض الكرشاني وإلمامه، طبعاً هذا الفرق تريدونه تراجعون كتاب دراسات في العقيدة الإسلامية للشيخ محمد جعفر شمس الدين يذكر الفرق الكلامية.

إذا قوله ـ عليه السلام ـ <من لم يقنط الناس من رحمة الله> ناظر إلى نفي سمة العلم والعالم عن المعتزلة الذين قالوا بحرمة خلف الوعيد بالنار وإلى الخوارج الذين قالوا: بكفر مرتكب الكبيرة.

بعد يا أخي يا أخي يا يا أخي لا إفراط ولا تفريط الخوارج، قالوا: من يرتكب الكبيرة كافر، والمعتزلة قالوا: من يرتكب الكبيرة فاسق، جاء المرجئة، وقالوا: يا أخي يا أخي هم ما قالوا يا أخي أنا اقول لك يا أخي يا أخي لا تحكم على الناس أرجئ الحكم وآخر الحكم إلى الله، أنت شنو الله تحكم عليهم؟! لا تحكم على مرتكب الكبيرة بالكفر كما حكم الخوارج، ولا تحكم على مرتكب الكبيرة بالفسق كما حكم المعتزلة والإمامية، بل أرجئ الحكم إلى الله آخر إلى الله.

يا أخي إذا تقول بهذا الكلام كل واحد بيروح يذنب بعد لا هو فاسق ولا كافر يأخذ راحته يفسق ويرجع الحكم إلى الله يقول الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ : <بادروا أبناءكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة> هذه فرقة كانت أيام الإمام الصادق يخربون الناس خلهم يفسقون يأخذون راحتهم وارجئ الحكم إلى الله لا تحكم عليهم.

لذلك الإمام الصادق قال: <من لم يقنط الناس من رحمة الله> هذا ناظر إلى المعتزلة والخوارج <ومن لم يؤمنهم من عذاب الله> ناظر إلى المرجئة، المرجئة آمنوا الناس من عذاب الله ارجئ الحكم آخر الحكم إلى الله.

قال ـ عليه السلام ـ <ولم يرخص لهم في معاصي الله> هذا ناظر إلى الحنابلة والأشاعرة ومن يشبههم كأكثر المتصوفة، المتصوفة عندهم رسوم بعض فرق المتصوفة قد هذه الطرق والحركات تصل إلى رقص وغناء وطرب.

يمكن أنتم ما شفتونهم أنا شفتهم في تركيا دخلت مسجد في تركيا يقعد يدور يدور أو سبحان الله هكذا يهتز هذا ليس من الإسلام في شيء أنت تجي ترخص الرقص أترخص الغناء، قال: <ولم يرخص لهم في معاصي الله>.

ثم قال: <ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره> هذا إشارة إلى من إلى جماعة أبو حنيفة القائلين بالقياس وإلى المتفلسفة الذين أعرضوا عن القرآن وذهبوا إلى المباحث العقلية من اليونان وغير ذلك وتركوا كتاب الله، فهذا تعريض هذا القيد الرابع <ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره> يعني عزوفاً عن القرآن إلى غيره كالفلسفة والعرفان والقياس وهذا مذهب الحنفية القائلين بالقياس والاستحسان أو بعضهم الذين ذهبوا إلى كتب فلسفية أو كتب عرفانية من كتب القدماء.

عن الباقر ـ عليه السلام ـ وقد سئل عن مسألة فأجاب فيها، فقال الرجل: إن الفقهاء لا يقولون هذا>، الإمام باقر يقول هكذا وذاك يقول أن الفقهاء لا يقولون هذا، فقال: <يا ويحك فهل رأيت فقيهاً قط؟! إن الفقيه حقّ الفقيه الزاهد في الدنيا، والراغب في الآخرة والمتمسك بسنة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ > يعني الإمام يريد أن يقول له أنا المصداق البارز للفقيه متمسك بسنة النبي وزاهد في الدنيا وراغب في الآخرة هذا ما أشار إليه أمير ويحك هذا القرآن الصامت وأنا القرآن الناطق.

هذه رواية طويلة لكن مهمة مذكورة في أصول الكافي فيها عبارات غريبة صعبة نقرأها ونشرحها تبين لك أن العلماء ثلاثة العلماء ثلاثة:

واحد القسم الأول يطلب العلم للجهل والمراء والجدل والمكابرة والمفاخرة.

القسم الثاني يطلبه للاستطالة والختل والخداع.

الأول ما يريد يخادع لكن يريد يتباهى يفوشور يريد يصير مشهور، القسم الأول يطلب العلم للجدل والشهرة.

القسم الثاني ما يطلبه إلى الجدل والشهرة يطلبه للخداع يقص على الناس.

القسم الثالث يطلبه لله عزّ وجل.

كل واحد له علامات عن الصادق ـ عليه السلام ـ قال: <طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم، صنفٌ يطلبه للجهل والمراء> أي الجدل، <وصنفٌ يطلبه للاستطالة والختل>، يعني ماذا الختل؟ المكر، <وصنف يطلبه للفقه والعقل> الفقه يعني الفهم يفهم ويقوى عقله.

الآن يبين الأصناف الثلاثة <فصاحب الجهل والمراء> يعني الجدل <مؤذي مماري> يعني مجادل <متعرض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم> دائماً يحضر المجالس ويناقش حتى يبرز أنه عالم وأنه حليم، طلباً للشهرة.

<قد تسربل بالخشوع> يعني ماذا قد تسربل بالخشوع؟ السربال اللباس، قد تسربل بالخشوع يعني قد لبس لباس الخشوع، كيف يعني؟ يتمظهر بمظاهر الخشوع تشوفه يبسبس أنت تتكلم (.. .. .. ) يعني أنت تذكر الله وهو شنو يسبح شنو على إبليس طبعاً الذكر مطلوب ولكن بعضهم يتظاهر بالتمتمة، الذكر ودوام الذكر مطلوب، ولكن بعضهم تسربل بالخشوع يعني لبس لباس الخشوع لا أنه خاشع.

<وتخلى من الورع> بعضهم أنا اعرفه دائماً يبسبس بس تذكر له اسم فلان في نفس الوقت يغتابه ما عنده ورع، ما هو الورع؟ اجتناب الشبهات والتقوى اجتناب المحرمات، هذا لا عنده لا تقوى ولا وراء يعني لا يجتنب المحرمات ولا يجتنب الشبهات.

<فدق الله من هذا خيشومة وقطع منه حيزومة> دقّ، ما المراد بالدق؟ الدقاق والدقيق، دق يعني صغر سميت دقاق ودقاقاً لأنه يدق الحنطة يعني يجعل حبة الحنطة دقيقة وطحين وصغيرة، دق يعني صغر، الخيشوم أعلى الأنف، دق الله من هذا خيشومة إذا ترجمة حرفية يعني صغر أعلى أنفه يعني جعله صغيراً، لأن الأنف قوام الوجه استقبال الوجه الأنف، مو تقول رغماً عن أنفك، دق الله من هذا خيشومة يعني جعله صغيراً.

وقطع منه حيزومة، سؤال: ما المراد بالحيزوم؟ الحيزوم هي أنسجة أعلى الصدر، فإذا الأنسجة المحيطة بالقلب وبالصدر قطعت يعني ماذا؟ هلك الإنسان وقطع منه حيذومه يعني قطع عمره وقطع أجله، يعني هذا الذي يتظاهر بالخشوع ويتجادل الله عزّ وجل يعجل بإزالته من الدنيا يموت بسرعة، أولاً ما يصير إليه قدر عند الناس يصير صغير عند الناس، وثانياً يستعجل الرحيل ما يطول هذا المغرور الذي درس له كم كلمة وأخذ يتباهى ويتفاخر اعملوا .. أولاً يصير صغير بين الناس ما يعلى شأنه وبسرعة يخرج من الدنيا كلام الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ .

الصنف الثاني <وصاحب الاستطالة والختل> الختل يعني الخداع، ذو خب وملق، ذو خب، ما المراد بالخب؟ الخداع والمعكر، <يستطيل على مثله من أشباهه> يعني يتسلط يطلب الاستطالة، على مثله من أشباهه يعني يتسلط على أقرانه، تشوفوا يترفع على أقرانه هذه علامته، المخادع مغرور يشوف نفسه أرفع من أقرانه ومن طلاب العلم ويتواضع للأغنياء من دونه تشوفوا صغير أمام التجار يرقص أمام التاجر والسلطان.

<فهو لحلوائهم هاضم> يعني الحلاوة هذه كناية عن الأموال يعني يريد أن يأخذ الأموال من الأغنياء <ولدينه حاطم، فأعمى الله على هذا خبرا> وفي نسخة <خيرا، وقطع من آثار العلماء أثره> لا تأمل منه خير لا يصل منه خير وينقطع ذكره، ما لهم ذكر هؤلاء الذين هم الخداع والمكر، يدرس طلباً للوصول إلى منصب، طلباً للخداع والمكر، هؤلاء ينقطع ذكرهم من بين العلماء.

الصنف الثالث <وصاحب الفقه والعقل ذو كآبة وحزن وسهر، قد تحنك في برنسه> سؤال ما المراد بالبرنس؟ مو البرنوص عند البحارنة يعني البطانية، البرنس قلنسوة يعني قحفية يلبسها العباد والزهاد، العباد والزهاد والعرفاء لهم قلنسوة خاصة، يقال لها بورنس.

وما المراد بالحنك؟

الحنك طرف العمامة، إذا تصلي مثلاً يستحب أن تأخذ طرف العمامة، وتضعه على حنكك، الحنك بعد على الحلق، هو يقول: <التحنك في برنسه> يعني طرف العمامة جعله داخل القنلسوة، هذه كناية يعني هو دائم التهجد لأن هذا القلنسوة متى يلبسونها؟ عند العبادة والتهجد العرفاء والزهاد والعباد يلبسون القلنسوة عند الصلاة والتعبد والتهجد، والعرب دائماً يلبسون عمامة اللباس العربي هو العمامة، الإمام يقول: <قد تحنك في برنسه> يعني جعل يعني دائما طرف العمامة في ايه؟ في القلنسوة يعني دائم التهجد دائم التعبد.

قال ـ عليه السلام ـ : <قد تحنك في برنسه، وقام الليل في حندسه> يلا يعني وش الحندس؟ الحندس ظلمة الليل الشديدة يعني عند الظلمة الشديدة لا ترى يدك لا ترى شيء الناس تنام هو في هذا الوقت يحي الليل يتهجد.

قال: <وقام الليل في حندسه يعمل ويخشى، وجلاً، داعياً، مشفقاً، مقبلاً على شأنه، عارفاً بأهل زمانه، مستوحشاً من أوثق إخوانه> يعني ثقته بالله عنده وحشة من الخالق، عنده أنس بالله فقط.

<فشد الله من هذا أركانه وأعطاه يوم القيامة أماناً> الله يشد أركانه يعني يكون في الدنيا له مقام عظيم أركانه قوية ومحكمة واقعه قوي وأيضاً يوم القيامة له الأمان من الله.

عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : <العلماء رجلان، رجلٌ عالم أخذٌ بعلمه فهذا ناجٍ، وعالم تاركٌ لعلمه فهذا هالك، وإن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه، وإن أشد الناس ندامة وحسرة رجلٌ دعا عبداً إلى الله فاستجاب له وقبل منه، فأطاع الله فأدخله الله الجنة، وادخل الداعي النار بتركه علمه وإتباعه الهوى، وطول الأمل، أما إتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل ينسي الآخرة> أجارنا الله.

عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : <منهومان لا يشبعان طالب دنيا وطالب علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم، ومن تناولها من غير حلها هلك إلا أن يتوب أو يراجع> يعني يرجع <ومن أخذ العلم من أهله وعمل بعلمه نجا، ومن أراد به الدنيا فهي حظّه>.

بعد أمير المؤمنين يقول: <حبّ الدنيا رأس كل خطيئة>، التعلق بالدنيا خذّ حظّك من الدنيا لكن لا تتعلق بها.

عن السجاد ـ عليه السلام ـ : <مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم> يعني أتعلم واعمل أتعلم واعمل أما تتعلم كثير، وما تعمل ما الفائدة؟!

كان بعضهم يجيء إلى الشيخ بهجت، يقول: شيخنا أعطني ورد، يقول له: أنا الذي أعطيتك إياه سابقاً هل عملت به؟! أول اعمل به بعد ذلك نعطيك الورد الآخر.

يقول الإمام السجاد: <فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلا كفراً، ولم يزدد من الله إلا بعداً>.

وعن الباقر ـ عليه السلام ـ : <من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس فليتبوأ مقعده من النار> فليتبوأها يعني ماذا؟ يعني يعين موقعه من النار <إن الرياسة لا تصلح إلا لأهلها>.

وعن الصادق ـ عليه السلام ـ : <العلم مقرونٌ بالعمل فمن علم عمل، ومن عمل علم، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل عنه>.

وعن الصادق ـ عليه السلام ـ هذه مسك الختام هذه الرواية: <إذا رأيتم العالم محباً للدنيا فاتهموه على دينكم، فإن كل محبّ لشيء يحوط ما أحب>.

والخلاصة:

التعلق من يتعلق قلبه، والمؤمن والمرء مع من أحب، إذا يتعلق قلبه بهذه الدنيا الله عزّ وجل يحشره مع الأشياء التي أحبها، أما إذا أحب الله وأولياء الله، حشره الله مع أوليائه.

الفصل التاسع في آداب المعلم يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

00:00

30

2023
| ديسمبر
جلسات أخرى من هذه الدورة 8 الجلسة

30

ديسمبر | 2023
  • الكتاب: الحقايق في محاسن الأخلاق ، قرة العيون في المعارف والحكم ويليه مصباح الأنظار
  • الجزء

    01

  • 536

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
8 الجلسة