مختصر جامع السعادات
شیخ الدقاق

48 - الغدر والخيانة

مختصر جامع السعادات

  • الكتاب: مختصر جامع السعادات
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

01

2024 | فبراير

9 جمادى الآخر 1445

23 ديسمبر 2023

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

(الغدر والخيانة)

لا زلنا نتكلم في آفات القوة الشهوية من آفات القوة الشهوية أكل الحرام ومن آفات القوة الشهوية الغدر والخيانة، الخيانة إما أن تكون في المال وإما أن تكون في العرض وإما أن تكون في الجاه، الخيانة في المال كان يخون الشريك شريكه، أو يخون العامل رب العمل، الخيانة في العرض كان يخون الزوج زوجته أو تخون الزوجة زوجها وتزني والعياذ بالله، الخيانة في الجاه كما لو كان يعمل عند رئيس أو مولى أو زعيم ويرتكب أمور خلاف رئاسة هذا الرئيس أو هذا الزعيم، هذه خيانة.

المحقق النراقي عنون هذه الآفة بعنوان الغدر والخيانة، والتحقيق أن الغدر يختلف عن الخيانة، الغدر لا يتعلق بالمال أو العرض أو الجاه، الغدر عبارة عن نقض العهد ويقابله الوفاء بالعهد.

قال تعالى: «وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً»، قال تعالى: «والموفون بعهدهم إذا عاهدوا، والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون».

إذاً الغدر أي نقض العهد عدم الوفاء بالعهد في مقابل الوفاء بالعهد، إذاً كان ينبغي للمحقق النراقي  أن يذكر عنوانه العنوان الأول الغدر وهو المتعلق بنقض العهد في مقابل الوفاء بالعهد، والعنوان الثاني الخيانة التي تكون في المال أو العرض أو الجاه.

قال المحقق النراقي ـ رحمه الله ـ : «الغدر والخيانة في المال أو العرض أو الجاه، ويدخل تحته الذهاب بحقوق الناس خفيةً وحبسها» يعني تضييع حقوق الناس مثل ماذا؟ البخس في الكيل أو الوزن ينقص في المكيل والموزون هذا خيانة خيانة في المال.

«وبالغش بما يخفى» يجعل البرتقال والتفاح الجيد في الأعلى والخايس في الأسفل وغير ذلك من التدليسات المموهة التي توجب الاشتباه والتلبيسات المحرمة يتقدم إليها لخطبتها وهي قرعاء لا شعر لها فتضع لها باروكة وشعر تتزين، ليلة الخطبة يشوفها امرأة أخرى أو ما بعد الخطبة.

«وكل ذلك من خباثة القوة الشهوية ورذائلها ومن الرذائل المهلكة وخبائثها، وقد ورد في ذمّ الخيانة بأقسامها» خيانة المال، خيانة في العرض، الخيانة في الجاه، أخبار كثيرة وجميع ما يدل على ذم الذهاب بحقوق الناس وأخذ أموالهم بدون رضاهم يدل على ذمها» ذم الخيانة.

جاء أحد الزنادقة وقال: يدٌ، دخل على الشريف المرتضى قال: يد بخمس مئين عسجد فديت ما بالها قطعت في ربع دينار؟! يعني دية الكف خمسمئة دينار، في الديات هكذا كل ما فيه اثنان ففيه الدية، الكفان دية كاملة ألف دينار وفي الواحد نصف الدية خمسمئة دينار، رجلان ألف دينار قطع رجل واحدة خمسمئة دينار.

يقول: يد بخمس مئين عسجد فدي يعني هذه الكف إذا تقطع تفدى بخمسمئة دينار عسجد يعني ذهب ما بالها قطعت في ربع دينار يعني إذا تسرق ربع دينار يقطعونها نفديها في الدية بخمسمئة دينار لكن إذا تسرق ربع دينار تقطع.

فقال الشريف المرتضى: عزّ الأمانة اغلاها وارخصها ذلّ الخيانة فافهم حكمة الباري، يعني هذه اليد إذا يد أمانية تصير غالية خمسمئة دينار وإذا يد خيانة تصير رخيصة بربع دينار نقطعها.

«وضد الخيانة الأمانة وقد وردت في مدحها وعظم فوائدها أخبار كثيرة كقول الصادق ـ ـ عليه السلام ـ ـ : إن الله عزّ وجل لم يبعث نبياً إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البر والفاجر» هذا بحث يبحث في الأخلاق العملية يقال هناك اصول أخلاقية قد تبانا عليها العقلاء من لدن آدم إلى الخاتم وما بعده، منذ أن خلق الله البشر إلى يوم يبعثون هذه أصول عقائدية بعضهم لعله أحصاها سبعة عشر اتفق عليها العقلاء مثل ماذا؟

حسن الصدق وقبح الكذب، حسن الأمانة وقبح الخيانة هذا موجود عند كل الشرائع، موجود عند كل الأقوام هذا ما يختص بدين دون دين، هذا موجود عند كل الديانات، عند كل العقلاء.

«وقوله ـ عليه السلام ـ كان أبي يقول: أربع من كن فيه كمل إيمانه وأن كان من قرنه إلى قدمه ذنوباً لم ينقصه ذلك وهي» يبين هذه من الأربع من سبعة عشر التي توافق عليها العقلاء وهي «الصدق وأداء الأمانة والحياء وحسن الخلق».

هذا تمام الكلام في الغدر والخيانة.

قال: «ومنها» يعني ومن رذائل القوة الشهوية «أنواع الفجور» العهر والفجور، مثل ماذا؟ الزنا، اللواط، السحاق، بعد الاشتغال بالملاهي الرقص الغناء، هذا كله من آفات القوة الشهوية.

التفتوا يا إخوة نحن إلى هنا نتكلم عن الرذائل المختصة بالقوة الشهوية فقط سيأتي فيما بعد إن شاء الله تشترك فيها القوة الشهوية والغضبية أو تشترك فيها القوة الشهوية والغضبية والوهمية، نحن الآن نبحث الرذائل الخاصة بخصوص القوة الشهوية، ما هي القوة الشهوية البطن والفرج؟ قال: «ومنها» من رذائل القوة الشهوية الخاصة «أنواع الفجور من الزنا واللواط وشرب الخمر والاشتغال بالملاهي تعاطياً أو سماعاً» استماع الأغاني يغني يرقص «فإن كل ذلك من رذائل القوة الشهوية، وكذلك لبس الذهب والحرير للرجال فإنه محرم على الرجال. نعم، لبس الحرير يجوز عند الضرورة» مثل ماذا القتال في الحرب؟ فإن ربطه في اليد يورث الشجاعة.

«وقد وردت في ذم كل واحد منها بخصوصه أخبار كثيرة» يعني خصوص لبس الذهب للرجال خصوص لبس الحرير للرجال خصوص شرب الخمر، الزنا اللواط كلها ورد فيها ذمّ كثير «ولا حاجة إلى ذكرها لشيوعها واشتهارها» هذا واضح.

«ومنها الخوض في الباطل» سؤال: هل الاغتياب والنميمة والسخرية والاستهزاء يقال له خوض في الباطل أو لا؟ سؤال آخر الغيبة والنميمة والبهتان والسخرية والاستهزاء والكذب باطل أو ليس بباطل؟ باطل، هل يصدق على الاغتياب والبهتان والنميمة والكذب خوض في الباطل؟ الجواب: لا، والسرّ في ذلك: إن هذه العناوين كالغيبة والنميمة عناوين خاصة محرمة هي باطل وعناوين محددة ومعينة ومخصوصة نصّ عليها الشرع المبين، لكن عنوان الخوض في الباطل هو عبارة عن التحدث عن ارتكاب هذه المحارم، وهذا قوة من القوى الشهوية، مثل ماذا؟

يجلس يا جماعة يقول: ما شفتون ذاك اليوم؟ جاني فلان ومسخرته تمسخر سويته ما يسوى بيزه خليته هو والأرض واحد هذا خوض في الباطل، ليس الخوض في الباطل نفس عملية السخرية والاستهزاء، التحدث عن السخرية والاستهزاء، حكاية السخرية والاستهزاء.

وهكذا اغتاب فلان هذا لا يقال له خوض في الباطل، لكن يأتي المجلس عادة في الدكان أو القهوة، وينكم يا جماعة؟ ما شفتون فلان أتكلمت عليه من وراه ما خليت كلمة الله يحشمكم، هذا خوض في الباطل.

النميمة أن ينقل فلان إلى فلان ما تدري فلان وش قال عنك قال عنك كذا كذا هذه نميمة ثم يروح إلى القهوة أو الدكانة أو المجلس، ما تدرون وش سويت؟ نقلت كلام فلان إلى فلان وسويت بينهم معركة، هذا خوض في الباطل.

إذاً الخوض بالباطل هو الحكاية عن الباطل الذي قام به، يقول الإمام السجاد ـ عليه السلام ـ في دعاء أبي حمزة الثمالي: «مالي كلما قلت قد صلحت سريرتي وقرب من مجالس التوابين مجلسي عرضت لي خطيئةٌ أزالت قدمي وحالت بيني وبين خدمتك سيدي لعلك عن بابك طردتني» إلى أن يقول: «أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني».

يا إخوة يا أحبة أحياناً حتى في بعض المدارس المدارس العلمية أحياناً تصير مجالس مجالس باطل بس بسطة وسوالف، والبسطة والسوالف قال فلان وراح فلان وسويت كذا وعملت كذا هذا إبليس يغويك.

سؤال: لماذا هذا من رذائل القوة الشهوية؟ ابليس يشهيك تتحجى لا تعلم نفسك دائماً تحب تحشي، لذلك نقول: كثيرٌ من الناس يستطيع الكلام لكنه لا يستطيع السكوت، خاصة إذا تصير مسؤول اتعلم تعرف تصمت لأن أنت مسؤول الناس تجي تحكي ليك وتحكي ليك عن مشاكلها، إذا أنت الذي تنبى تسولف ما تخليهم يسولفون يطرحون مشكلتهم عند من؟!! أتعلم الإنصات أتعلم الاستماع الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

قال المحقق النراقي:

«ومنها الخوض في الباطل، وهو التكلم في المعاصي والفجور وحكايتها» والعياذ بالله، راح زنا، لا يجي يتكلم عملت كذا وعملت كذا، أو والعياذ بالله شخص لاط أو زنى يروح يتكلم يقول ما شفتون فلان عمل كذا عمل كذا كذا هذا كله من تحت عنوان الخوض في الباطل.

«وهو التكلم في المعاصي والفجور وحكايتها كحكايات أحوال النساء» يجلس ويوصف المرأة فلانه طويلة قصيرة كذا كذا «وتنعم الأغنياء وتجبر الملوك ومراسمهم المذمومة وأحوالهم المكروهة وأمثال ذلك، فكل ذلك من رداءة القوة الشهوية وخبائثها» هذه مجالس كثير من المجالس الملوك والمترفين كله خوض في الباطل.

«ثم لما كانت أنواع الباطل غير محصورة» يا أخي الباطل قليل الباطل غير محصور كذلك الخوض في الباطل ليس بمحصول «ثم فلما كانت أنواع الباطل غير محصورة لكثرتها فالخوض فيه أيضاً كذلك غير محصور وتكون له أنواع غير متناهية ولا يفتح باب كلام إلا وينتهي إلى واحد منها» من هذه الأمور الباطلة «فلا خلاص منه إلا باقتصار الكلام على قدر الحاجة من مهمات الدين والدنيا».

سؤال كيف تتعلم الصامت؟ وكيف تتعلم عدم الخوض في الباطل؟

الجواب: في البداية علم نفسك أنه الشيء حتى لو كان هذا الشيء كلامك إذا تكلمت مفيد لكن ليس ضروري ما تتكلم، ما تتكلم إلا إذا وجب عليك، إذا كان الكلام ضروري ولازم، أما إذا الكلام ليس بلازم ما تتكلم مع مرور الزمن ستتعلم الصمت.

أما إذا تعلم نفسك الثرثرة، شهوة الكلام، تحب تتكلم تحب تعبر عن مشاعرك سباق هذا يسولف وهذا يسولف هنا مع مرور الزمن ربما تخوض في الباطل.

قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «أعظم الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضاً في الباطل، وكان رجل من الأنصار يمر على مجالس الخائضين في الباطل، فيقول لهم: توضؤوا فإن بعض ما تقولون شر من الحدث».

«ثم الخوض في الباطل هو ذكر محظورات سبق وجودها بمجرد شهوة النفس من دون حاجة داعية إليه فلا مدخلية له» يعني للخوض في الباطل مثل الغيبة والنميمة والفحش والمراء والجدل وأمثالها، ويدخل فيه الخوض في الحكايات البدع والمذاهب الفاسدة» هذه الدعاوى الباطلة بتتكلم فيها هذا خوض في الباطل «فإن الحديث عنها خوض في الباطل وورد النهي عنه.

ومنها التكلم بما لا يعني أو بالفضول» سؤال ما الفرق بين التكلم بما لا يعنيه وبين الفضول؟

التكلم بما لا يعني يعني التكلم في الشيء الذي لا تحتاج اليه شيء لا يعنيك ولا يخصك تتكلم عنه/ هذا في كثير من مجتمعات العوام والقرى موجود هذا الشيء، فلان ثوبة طويلة وفلان ثوبة قصيرة، فلان بيته كبير وفلان بيته صغير، وفلان سيارته كذا.. هذا شي ما يخصك هذه حياته الخاصة، فلان اليوم لابس لونه كذا اليوم لابس كذا، هذه كلها عبارة عن كلام ماذا؟ لا يعني، شيء ما يخصك.

«وأما الكلام بالفضول يعني الشيء الزيادة» أتذكر يوم من الأيام قتل لأحدهم تكلم، قال: الكلام كثير إذا تغربلت تجعله في غربال ومنخل تنخل الكلام القليل منه مفيد ومهم والباقي زائد.

الكلام بالفضول يعني شيء زائد، سؤال أيهما أعم الكلام بالفضول أو الكلام بما لا يعنيك؟

الجواب: الكلام بالفضول هو أعم، يعني كلام زائد قد يخصك أو ما يخصك كلام زائد، فالحديث بما لا يعنيك ولا يخصك هذا أخص، والحديث بالكلام الزائد وفضول الكلام هذا في عموم يعم ما يخصك وما لا يخصك.

قال: والمراد بالأول الكلام بما لا يعني التكلم بما لا فائدة فيه أصلا ًلا في الدين ولا في الدنيا، والثاني أعني فضول الكلام أعم منه».

مثال لماذا؟ يوم من الأيام النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ رأى تجمع، الناس اجتمعوا حول شخص، قال: من هذا؟ قالوا: علامة، قال: وما العلامة؟ قالوا: اعلم الناس واعرفهم بكلام العرب وحكاياتهم، فقال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ هذا علم لا ينفع من علمه ولا يضر من جهله، فقالوا: يا رسول الله وما العلم؟ قال: إنما العلم آية محكمة أو سنة قائمة إلى آخر كلامه ـ صلى الله عليه وآله ـ يعني هذا كلام زايد فضول من الكلام لا حاجة لنا به.

«والمراد بالأول التكلم بما لا يعنيه التكلم بما لا فائدة فيه أصلاً لا في الدين ولا في الدنيا، والثاني أعني فضول الكلام أعم منه إذ يتناول الخوض فيما لا يعنيه والزيادة فيما يعني على قدر الحاجة، فإن من يعنيه أمرٌ ويتمكن من تقريره وتأديته بكل كلمة واحدة مثلاً: ومع ذلك يذكر كلمتين فالثانية فضول زيادة في الكلام».

طبعاً أحياناً يزيد من باب التقرير كما لو كان يدرس إما لا يدرس ولا يحاضر يعيد ويكرر يعيد ويكرر هذا كلام بالفضول «أي فضل على الحاجة ولا ريب في أن التكلم بما لا يعني وبالفضول مذموم وإن لم يكن فيه إثم» إذا تجيب كلام لا فائدة فيه هذا ليس فيه لكن مذموم، لماذا مذموم؟ لأنه يضيع الوقت هذا الوقت المفروض تذكر الله فيه هذا الوقت يمضي من عمرك بدل ما تذكر الله تهر تجيب كلام زايد ما في فائدة هذه هي المشكلة.

يقول: «ولا ريب في أن نتكلم بما لا يعنيه وبالفضول مذمومٌ وإن لم يكن فيه إثم وهو ناشئ من رداءة القوة الشهوية إذ الباعث عليه ليس إلا مجرد تشهي النفس وهواها، والسر في ذمه أنه يوجب تضييع الوقت والمنع من الذكر والفكر فمن ترك ذكر الله والفكر في عجائب قدرته واشتغل بمباح لا يعنيه وإن لم يأثم إلا أنه قد خسر فاته الربح بذكر الله وفكره، فإن رأس مال العبد أوقاته ومنها صرفها إلى ما لا يعنيه ولم يدخر بها ثوابا في الآخرة فقد ضيع رأس ماله على أن الغالب تأدية الخوض ما لا يعني وفي الفضول إلى الخوض في الباطل» بل قد يؤدي إلى المحرمات اللسانية كالكذب.

«ولذا ورد في ذمه ما قد ورد روي أنه تكلم رجل عند النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ فأكثر، فقال له النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : كم دون لسانك من حجاب؟» يعني كم حاجب قبل لسانك؟ فقال: «شفتاي وأسناني، فقال: أفما كان في ذلك ما يرد كلامك؟» يعني لو أغلقت الشفتين والأسنان لردوا لسانك وكفيتنا مؤونة الكلام الزائد.

«وقال بعض الأكابر: من كثر كلامه كثر كذبه» هذه رواية «من كثر كلامه كثر خطأه، ومن كثر خطؤه قل ورعه، ومن قل ورعه دخل النار» فصلٌ علاج الخوض فيما لا يعنيه.

قلنا يوجد علاجان: علاج علمي وعلاج عملي، العلاج العلمي يتفكر في فضائل الصمت، ويتفكر في مساوئ كثرة الكلام والثرثرة.

وأما العلاج العملي العلاج العملي يعود نفسه ما يتكلم، العرفاء عادة ما يتكلمون، لماذا العارف صامت؟ في الغالب العارف صامت لماذا؟ يقول اخشى أن اتكلم بكلمة فتجرح من أتحدث معه، فأقع في محذور إيذاء المؤمن وإيذاء المؤمن حرام، لذلك العرفاء ما يتكلم إلا بمقدار الحاجة ما يتكلم كلام زائد.

العلاج أن تعود لسانك على ترك ما لا يعنيه أي شيء ما لا يعنيه زائد فضول ما تتكلم هذا العلاج العملي.

«فصلٌ علاج الخوض فيما لا يعني

سبب الخوض فيما لا يعنيه وفي فضول الكلام» ما هو السبب؟ الحرص على معرفة ما لا حاجة هذا موجود تحصله عند النسوان وعند الفاضلين والفارغين يريد يعرف ويش السالفة؟ ويش صار؟ ما هي القصة؟ علمت أو ما علمت نفس الشيء يعني الفضول حبّ الفضول.

«أو المباسطة بالكلام على سبيل التودد» المباسطة يعني مفاعلة، المفاعلة تقوم باثنين مثل المقاتلة يعني هذا يريد يبسط الكلام يطول، وهذا يريد يطول الكلام حتى تصير مودة بين الاثنين يريد يتكلم معه حتى تصير مودة.

«أو تزجية الوقت» تزجية الوقت يعني سوق الوقت بحكايات بحكايات أحوال لا فائدة فيها «وكل ذلك من رداءة قوة الشهوة وعلاج ذلك من حيث العلم أن يتذكر ذمّه كما مرّ ومدح ضده أعني الصمت وتركه كما يأتي ويعلم أن الموت بين يديه، قال تعالى: «وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» وأنه مسؤول عن كل كلمة وأن أنفاسه رأس ماله وأن لسانه شبكة يقدر أن يقتنص بها الحور العين فإهماله وتضييعه خسران».

هذا من حيث العلم العلاج، العلاج من حيث العمل قال: «ومن حيث العمل أن يعتزل عن الناس مهما أمكن» لكن لا تصيرون صوفية يا جماعة، كل واحد.. لكن أحيانا الذي يبعث على كثرة الكلام كثرة الاختلاط كثرة المخالطة، يعتزل مدة بسيطة لن يستطيع أن يتكلم كثيراً.

قال: «ومن حيث العمل أن يعتزل عن الناس مهما أمكن ويلزم نفسه السكوت عن بعض ما يعنيه ليتعود لسانه ترك ما لا يعنيه، وأن يقدم التأمل والتروي على كل كلام قبل ما تتكلم» أوزن كلامك أوزن ما تريد أن تقوله احسبه بالقيراط.

«والتروي على كل كلام يريد أن يتكلم به فإن كان فيه فائدة دينية أو دنيوية تكلم به وإلا تركه» يقولون: رحم الله امرئ تكلم فغنم أو صمت فسلم، «وكان بعضهم يجعل في فمه حجراً خوفاً من التكلم بالفضول وما لا يعنيه» لكن لا تخلون حجارة بعد نبتلي هذه علاجات.

«ثم إن ضد التكلم بما لا يعنيه وبالفضول تركه إما بالصمت أو بالتكلم فيما يعنيه مما يتعلق بدينه أو دنياه وفوائد الصمت ومدحه يأتي في موضعه» يقول الرضا ـ عليه السلام ـ : «الصمت باب من أبواب الحكمة».

«وقد وردت أخبار في المدح على خصوص ترك ما لا يعني وفضول الكلام، كقول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وقيل للقمان: ما حكمتك؟» يعني خلاصة حكمتك.

«قال: لا اسأل عما كفيت» يعني إذا كفيت مؤونة شيء لا اسأل عنه، «ولا أتكلف ما لا يعنيني» يعني لا اكلف نفسي معرفة شيء لا يعنيني ولا يخصني.

هذا كله إلى هنا المساوئ المختصة بخصوص القوة الشهوية، يبقى الكلام في الرذائل التي تتعلق بشيئين أو أكثر بالشهوية والغضبية، الشهوية والغضبية والعاقلة منها الحسد، الحسد فيه شهوة وفيه غضب.

فمنها الحسد، يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.

00:00

01

2024
| فبراير
جلسات أخرى من هذه الدورة 55 الجلسة

01

فبراير | 2024
  • الكتاب: مختصر جامع السعادات
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
55 الجلسة