مختصر جامع السعادات
شیخ الدقاق

49 - الحسد

مختصر جامع السعادات

  • الكتاب: مختصر جامع السعادات
  • الجزء

    01

  • الصفحة  

    200

01

2024 | فبراير

15 جمادى الآخر 1445

29 ديسمبر 2023

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

(الحسد)

قال تعالى: ﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ.

تطرقنا في البحوث السابقة إلى الآفات المختصة بالقوة الشهوية أي الآفات التي تنشأ من قوة واحدة فقط، اليوم إن شاء الله نشرع في بيان الآفات التي تنشأ من قوتين كالقوة الشهوية والقوة الغضبية، أول الآفات التي قد تنشأ من قوتين هي آفة حسد، فما هو معنى الحسد؟ وما هو الفارق بين الحسد والغبطة؟ وما هو الفارق أيضاً بين الحسد وبين الغبطة وبين أمر ثالث شبيه بالحسد والغبطة؟

إذاً بحثنا اليوم حول الحسد.

أولاً ما هو معنى الحسد؟

الحسد: هو عبارة عن تمني زوال نعم الله عن أخيك المسلم مما له فيه صلاح، هذا هو الحسد.

فيه ثلاثة أمور:

أولاً تمني زوال النعمة.

ثانياً أن تكون هذه النعمة ثابتةً للأخ المؤمن والمسلم.

ثالثاً أن يكون في ثبوت هذه الصفة للمؤمن خيرٌ وصلاح.

إذا اتضحت هذه القيود الثلاثة نشرع في بيان الفارق بين ثلاثة مفاهيم:

المفهوم الأول الحسد.

المفهوم الثاني الغبطة.

المفهوم الثالث الغيرة.

أما الفارق بين الحسد والغبطة فهما يشتركان معاً في شيء ويختلفان في شيء آخر.

أما نقطة الافتراق فهي أن الحاسد يتمنى زوال النعمة، والغابط لا يتمنى زوال النعمة.

وأما جهة الاشتراك فهي تمني النعمة.

مثلاً: فلان أستاذ قدير، فلان عابد متهجد، وفي هذه الصفة صلاحٌ له، فإن تمنيت هذه النعمة لك أن تكون أستاذاً قديراً وأن تكون عابداً متهجداً من دون أن تتمنى زوال هذه النعمة من أخيك المسلم فهذه غبطة وهذه منافسة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

لكن إذا تمنيت هذه النعمة لك وفي نفس الوقت تمنيت زوالها من أخيك المسلم فهذا حسد.

هذا تمام الكلام في الفارق بين الحسد والغبطة، واتضح أن الفارق بينهما في أن الحاسد يتمنى زوال النعمة والغابط لا يتمنى زوال النعمة.

الفارق الثاني ما الفارق بين الحسد والغيرة؟

الجواب: هذه الصفة التي يتمني زوالها قد يكون في ثبوتها صلاح للمسلم فهذا حسن، وقد يكون في ثبوتها لا يوجد صلاح للمسلم فهذه غيرة.

مثلاً: تاجر وجد صاحبه التاجر الآخر قد رزق بمال، عنده مال وفير، تارة هذا المال فيه صلاح له لدنياه ولآخرته يبني مساجد حسينيات مشاريع خيرية، فهذا التاجر يتمنى زوال هذه النعمة من أخيه التاجر المسلم الآخر والحال إن هذه النعمة فيها صلاح لأخيه التاجر فهذا حسدٌ.

وأحياناً يتمنى زوالها، ولا يوجد فيها صلاح لأخيه التاجر الآخر فهذه غيرة.

إذاً الحسد والغيرة يجتمعان ويلتقيان في تمني زوال النعمة، ويفترقان في أن النعمة التي يتمني زوالها عند الحسد يوجد فيها صلاح للطرف الآخر، وعند الغبطة لا يوجد صلاح.

لذلك بين الضرات إذا واحد متزوج ثنتين ثلاث أربع إما يقع الحسد وإما يقع الغيرة.

مثلاً: واحدة منهم جميلة جداً أو مطيعة جدا أو ذكية جداً، ضرتها لماذا تسمى ضرة؟ لأنها أدخلت الضرر عليها، حينما كان متزوجاً واحدة فقط ليلية ينام معها دائما وياها، من يتزوج الثانية ليلة هنا وليلة هناك، من أتزوج الثالثة ليلتين وترك، فأدخلت الضرر عليها فتسمى ضرة.

هنا هذه الضرة في الغالب إلا من عصم الله تتمنى زوال تلك النعمة، تقول: عسى وجهها يحترق وروح جمالها، إن شاء الله يصيدها سرطان ويتوقف ذكائها.

هنا الضرة تتمنى زوال النعمة من الضرة الأخرى تتمنى زوال جمالها ذكائها طاعاتها، هنا إن كان في ثبوت هذه النعمة لها صلاح هذه امرأة مؤمنة الذكاء جيد إليها، الطاعة جيدة لها، الجمال جيد لها، فهذا حسد، وإن كان ثبوت النعمة لها ليس فيه صلاح إذا عندها جمال يصيدها غرور، إذا عندها ذكاء أو طاعة يصيدها اعتداد بالنفس وتتفاخر، فهنا تمني زوال هذه النعمة التي ليس فيها صلاح للأخت المؤمنة هذه غيرة.

الخلاصة: عندنا ثلاثة مفاهيم:

المفهوم الأول الحسد.

فيه ثلاثة قيود:

أولاً تمني زوال النعمة.

ثانياً أن تكون هذه النعمة ثابتة للمسلم لا الكافر.

ثالثاً أن يكون في هذه النعمة صلاحٌ للمسلم.

والفارق بين الحسد وبين الغبطة: أن الحاسد يتمنى زوال النعمة، والغابط يتمنى أن تثبت له النعمة لكن لا يتمنى زوال النعمة من أخيه المسلم.

والفارق بين الحسد والغيرة: أن الحاسد يحسد نعمة في ثبوتها صلاح للمسلم، والغيران يغار من نعمة في ثبوتها لا يوجد صلاح للمسلم.

يشترك الحاسد والغابط أولاً في تمني زوال النعمة، يختلفان في أن هذه النعمة هل فيها كما في الحسد أو ليس فيها صلاح كما في الغيرة.

جيد، إذاً الحاسد يتمنى زوال النعمة.

سؤال: ما هو الباعث والداعي لزوال النعمة وتمني زوال النعمة؟

يوجد احتمالان قد يجتمعان.

الاحتمال الأول تمني التحلي بالنعمة، يعني هذا الحاسد يتمنى أن يكون جميل، أن يكون ذكي، أن يكون مطيع، وتارة الباعث على تمني زوال النعمة الحقد على الطرف الآخر، الحقد على المحسود، ما يتمنى يشوفه ذكي، ما يتمنى يشوفه جميل، ما يتمنى يشوفه مطيع.

فإن كان الباعث على الحسد مجرد تمني التحلي بالنعمة والتمتع بالنعمة فيصير الحسد من آثار القوة الشهوية يشتهي يكون ذكي أو جميل، وإن كان الداعي لتمني زوال النعمة هو الحقد على الطرف الآخر وتمني أن لا تكون فيه صفة جميلة فهذا يكون من آثار القوة الغضبية يعني غضبان عليه الضرة غضبانة على ضرتها تحقد عليها لماذا هي جميلة أو ذكية أو مطيعة؟!

وإذا اجتمع الأمران، هو يشتهي يكون جميع وما يشتهي صاحبه يكون جميل، هو يحب أن يكون ذكياً ولا يحب أن يرى غيره ذكياً فهنا يكون باعث الحسد من قوتين: الأولى الشهوية والثانية الغضبية.

القوة الشهوية تحركه نحو الملائم يعني تحركه نحو تمني الجمال والذكاء والعبادة والطاعة، والقوة الغضبية تدفع ما لا يلائمه بما أنه يحقد على المحسود ما يتمنى أن يكون المحسود فيه صفة كمال كالجمال والتعبد والتهجد وغير ذلك.

نقرأ هذا المقدار:

«فمنها» قال المحقق النراقي فمنها يعني من الصفات الذميمة التي يكون منشأها قوة أن كالقوة الشهوية الغضبية وليس منشأها قوة واحدة فقط كالقوة الشهوية فقط أو القوة الغضبية.

«الحسد وهو تمني زوال نعم الله تعالى عن أخيك المسلم مما له فيه صلاح، فإن لم ترد زوالها عنه ولكن تريد لنفسك مثلها فهو غبطة ومنافسة، فإن لم يكن له فيها صلاح وأردت زوالها عنه فهو غيرة، ثم إن كان باعث حسدك مجرد الحرص على وصول النعمة إلى نفسك فهو من رداءة القوة الشهوية، وإن كان باعثه محض وصول المكروه إلى المحسود فهو من رذائل القوة الغضبية، ويكون من نتائج الحقد الذي هو من نتائج الغضب، وإن كان باعثه مركباً منهما» يعني يريد النعمة لنفسه ولا يريدها لغيره «فهو من رداءة القوتين الغضبية والشهوية، وضد النصيحة» يعني ضد الحسد النصيحة «وهي إرادة بقاء نعمة الله على أخيك المسلم مما له فيه صلاح».

النصيحة على معنيين:

المعنى الأول تمني بقاء النعمة على الأخ المؤمن والمسلم.

المعنى الثاني إرشاد الأخ المسلم، هذا المعنى الثاني وهو إرشاد المسلم لازم من لوازم المعنى الأول تمني الخير والنعمة، ما تكون النصيحة إلا بعد ـ النصيحة الصالحة عن صدق ـ لا تكون إلا بعد تمني الخير والنعمة.

إذاً ضد الحسد النصيحة، الحسد تمني زوال النعمة، النصيحة تمني بقاء النعمة، ويلزم من هذا المعنى للنصيحة وهو تمني بقاء النعمة يلزم المعنى الثاني للنصيحة وهو إرشاد الأخ المسلم، فالإرشاد والنصيحة والهداية فرع تمني الخير وتمنى النعمة للأخ المسلم.

الآن نتكلم عن آفة الحسد، الحسد من أسوأ الرذائل؟ لماذا؟ لأنه اعتراض على الله، الله خلق الناس وابتلاهم وميز بعضهم عن بعض، الله فضل الناس بعضهم على بعض، أنت تجي وتتمنى زوال هذه النعمة، قال تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) أنت اطلب الفضل من الله بدل أن تطلب زوال هذه النعمة من أخيك المسلم.

بعد يا أخي الشر ما يعود، يعني أنت لما تتمنى زوال النعمة من أخيك المحسود، أخوك المحسود لا يتضرر أنت تتضرر، أنت ما تعيش الراحة يصير عندك هم وغم حاط في بالك فلان عسى ينكسر فلان إن شاء الله يتشوى وجهه فلان إن شاء الله يصير غبي فلان أنت الذي تعيش الهم، لذلك لا راحة لحسود لذلك قيل الحسود لا يسود ما يصير سيء الحسود ما يصير سيد أبداً لأن منشأه خبث ذاتي يحقد على الآخرين ما يتمنى يشوفهم أحسن منه.

قال المحقق النراقي ـ رحمه الله ـ :

«والحسد من أشد الأمراض وأصعبها وأسوأ الرذائل وأخبثها ويؤدي بصاحبه إلى عقوبة الدنيا وعذاب الآخرة لأنه في الدنيا لا يخلو لحظة عن الحزن والآلام إذ هو يتألم بكل نعمة يرى لغيره ونعم الله تعالى غير متناهية لا تنقطع عن عباده فيدوم حزن الحسود وتألمه، فوبال جسده يرجع إلى نفسه» تشوف كله مريض الحسود ما مرتاح نفسياً.

«ولا يضر المحسود أصلاً بل يوجب ازدياد حسناته ورفع درجاته من حيث إنه يعيبه ويقول فيه ما لا يجوز في الشريعة فيكون ظالماً عليه فيحمل بعضاً من أوزاره وعصيانه» يجي يوم القيامة يشوف صحيفة أعماله هذا الحاسد صحيفة أعماله فاضية ما فيها شيء والمحسود يكدها تنتقل إلى حسنات الحاسد.

«فيكون ظالماً عليه فيحمل بعضاً من أوزاره وعصيانه، وتنقل صالحات أعماله» أعمال الحاسد «إلى ديوانه» يعني إلى ديوان المحسود «فحسده» يعني حسد الحاسد «لا يؤثر فيه» يعني لا يؤثر في المحسود «إلا خيراً ونفعاً، ولأجل هذا كله قيل البيتان:

إني لارحم حاسدي لحر ما ضمت صدورهم من الأوغار

نظروا صنيع الله بي فعيونهم في جنة وقلوبهم في نار

لا ذنب لي قد رمت كتم فضائلي فكأنما برقعت وجه نهاري

إلا سعوا سعي الكرام فأدركوا أو سلموا لمواقع الأقدار

يقول أبو الطيب المتنبي: «واذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود».

ولنذكر لكم هذه القصة في يوم من الأيام الحجاج بن يوسف الثقفي قال لجلاوزته: اذهبوا إلى السوق وائتوني بحسود وبخيل، فجيء له بالبخيل والحسود، التفت إليهما الحجاج بن يوسف الثقفي فليطلب واحد منكما طلباً وسأنفذه له ولكن سأعطي لصاحبه ضعف ما طلب، فمن يطلب ألف دينار سأعطيه ألف دينار لكن سأعطي صاحبه ألفي دينار، ومن يطلب جارية سأعطيه الجارية لكن بشرط أن أعطي صاحبه جاريتين وهكذا، الذي يطلب بيت نعطيه بيت لكن الثاني نعطيه بيتين.

فصمتا مدة طويلة، البخيل يتمنى هو يحصل أكثر هو يأخذ البيتين، لماذا يأخذها الحسود؟! الحسود ما يتمنى يشوف البخيل أحسن منه وعنده بيتين.

سكتا مدة طويلة إلى أن تكلم أحدهما من الذي تكلم أولا البخيل أو الحسود؟

الحسود، ماذا قال الحسود؟

قال: أيها الحجاج افقأ عيني.

قال: ماذا تقوم؟ اطلب مالاً، اطلب جارية، اطلب بيتاً.

قال: إذا طلبت المال أو الجارية أو البيت سيكون أفضل مني، ولكن إذا فقأت عيني سأكون أعوراً لكنه سيصبح أعمى، وأنا لا أتمنى أن أراه أفضل مني.

هذه نفسية الحسود إذا نشأ الحسد من خبث ذاتي سيأتي أحياناً العزة تأخذه، أحيا التكبر، ستأتي سبعة أسباب للحسد، أحياناً النفس مريضة، أجارنا الله واياكم، فهذا الحاسد يعاند الله يعاند رب الأرباب، الله فضل عباده بعضهم على بعض وقسم بينهم معايشهم هذا الحاسد عنده اعتراض.

«ومع ذلك يكون في مقام التعاند مع رب الأرباب وخالق العباد إذ هو الذي أفاض النعم والخيرات على البرايا على الخلق الذين برأهم وخلقهم كما شاء، وأراد بمقتضى حكمته ومصلحته فحكمته الحقة الكاملة أوجبت بقاء هذه النعمة على هذا العبد والحاسد المسكين يريد زوالها فهل هو إلا سخط قضاء الله في تفضيل بعض عباده على بعض وتمنى انقطاع فيوضات الله التي صدرت عنه بحسب حكمته وإرادة خلاف ما أراد الله على مقتضى مصلحته، ولذا ورد به الذم الشديد في الآيات والأخبار.

قال الله سبحانه في معرض الإنكار: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب»، وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : قال الله عزّ وجل لموسى بن عمران: « يا ابن عمران لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي، ولا تمدن عينيك إلى ذلك، ولا تتبعه نفسك فإن الحاسد ساخطٌ لنعمي، صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي، ومن يكو كذلك فلست منه وليس مني».

وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ : «إن لنعم الله أعداء، فقيل ومن هم؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله».

يا أخي أنت اطلب من الله الله راح يعطيك لاحظ يعني كيف الحسود عينه ضيقة يتمنى زوال النعمة.

«والأخبار والآثار في ذم الحسد أكثر من أن تحصى، وما ذكرناه يكفي لطالب الحق ثم ينبغي أن يعلم أنه إذا أصاب النعمة كافر أو فاجر وهو يستعين بها على تهييج الفتنة وإيذاء الخلق وإفساد ذات البين فلا مانع من كراهتها عليه وحب زوالها منه» الحسد تمني زوال النعمة من المسلم، الكافر إذا تتمنى زوال النعمة منه التي يستعين بها على محاربة الدين كالكافر الحربي هذا ليس بحسد، هذا تمني خلع مادة الفساد «فلا مانع من كراهتها عليه وحب زوالها منه من حيث أنها آلة للفساد لا من حيث أنها نعمة».

تارة أنت تعترض على الله لماذا أنعمت على الكافر؟ هذا مشكل أنت تعترض على حكمة رب العالمين؟! أحياناً تتمنى زوال هذه النعمة لا من حيث أنها نعمة بل من حيث أنها آلة فساد يستعين بها هذا الكافر.

«فصل المنافسة والغبطة»

الحسد حرام وممقوت، الغبطة مطلوبة المنافسة مطلوبة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وإن كان أهل الطاعة حتى في الغبطة ما يقعون لأنه لا ينظر إلى غير الله، أهل الطاعة لا يرى شيء إلا الله ما يحتاج يطالع أخاه ويقول يا رب كما رزقته ارزقني.

«فصل المنافسة والغبطة

قد علمت أن المنافسة هي تمني مثل مال المغبوط من غير أن يريد زواله عنه وليس مذمومة بل هي في الواجب واجبة» يعني المنافسة في الشيء الواجب واجبة «وفي المندوب مندوبة» يعني المنافسة في الشيء المندوب والمستحب مستحبة «وفي المباح مباحة» المنافسة مطلوبة من باب وسارعوا إلى مغفرة من ربكم.

«قال الله سبحانه: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وسبب الغبطة حب النعمة التي للمغبوط، فإن كانت أمراً دينياً فسببها حب الله وحب طاعته، وإن كانت دنيوية فسببها حب مباحاة الدنيا والتنعم فيها، والأول لا كراهة فيه بوجه، بل هو واجب أو مندوب إليه» ما هو الأول؟ الأمر الديني مطلوب.

والثاني الأمر الدنيوي «وإن لم يكن حراماً إلا أنه ينقص درجته في الدين» يعني ذاك عنده بيت يا رب عطني بيت، ذاك عنده كذا يا رب أعطيني كذا من أمور الدنيا «هذا يحجب عن المقامات الرفيعة لأنه ينافي الزهد والتوكل والرضا» أهل الله وأهل الطاعة لا ينظر إلى غير الله.

نعم، فيما يتعلق بالأمور الدينية حتى المتصلة بالأمور الدنيوية، كلما دخل عليها زكريا المحراب مريم ـ عليها السلام ـ وجد عندها رزقا، قال: يا مريم أنى لك هذا، قالت: هو من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب، هنالك دعا زكريا ربه، قال: رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباه ولم أكن بدعائك رب إلى آخره سورة مريم.

زكريا سنين يرى مريم ما دعا بالولد لأنه لم يرد الولد لذات الولد، لكن لما رأى مقام الولد مقام مريم والمائدة تنزل عليها من السماء، هنالك ادعاء زكريا ربه صار غبطة هنا، مثل ما منيت على عمران وأعطيته أعطيت عمران مريم من علي وأعطاه الله يحيى.

هذا تمام الكلام في الحسد، البحث الذي يأتي من أهم المباحث، فصل بواعث الحسن أسباب الحسن يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

00:00

01

2024
| فبراير
جلسات أخرى من هذه الدورة 55 الجلسة

01

فبراير | 2024
  • الكتاب: مختصر جامع السعادات
  • الجزء

    01

  • 200

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
55 الجلسة