منية المريد
شیخ الدقاق

35 - لا يقول للأستاذ أنه فهم قبل أن يفهم واقعاً

منية المريد

  • الكتاب: مُنية المريد في آداب المفيد والمستفيد
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

01

2024 | فبراير

18 جمادى الآخر 1445
1 يناير 2024

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

لا يقول للأستاذ أنه فهم قبل أن يفهم واقعاً

الثالث والثلاثون: إذا قال له الشيخ أفهمت؟ فلا يقول: نعم، قبل أن يتضح له المقصود اتضاحاً جلياً.

الكلام في آداب المتعلم مع شيخه المعلم ذكر الشهيد الثاني زين الدين الجبعي العاملي ـ رحمه الله ـ أربعين أدباً ينبغي أن يتأدب بها المتعلم أما محضر شيخه الأستاذ المعلم.

هذه الأربعون أكثرها واضحة يمكن قراءتها ويمكن ذكرها وإحالة القراءة إلى ما بعد الدرس، لكنني أثرت أن اذكرها وأقرأها لأن الشهيد الثاني أو غل في المصاديق وذكر الكثير من الأمثلة فلعل الطالب يلتفت إلى الضابطة الكلية لكنه يشتبه في التطبيق وأكثر ابتلاءات الناس في الصغريات لا الكبريات.

فمثلاً: مفهوم الكرام أو احترام هذا واضح لدى الجميع لكن هذا السلوك هل هو كرم أو إسراف؟ هذا السلوك هل هو احترام أو خلاف الاحترام؟ فأكثر الناس تختلف في التطبيقات وفي الصغريات والإنسان أن نبيه واللبيب هو الذي يتقن الكليات والجزئيات هو الذي يتقن الضوابط العامة ويتقن تطبيقاتها ومصاديقها.

إذاً أكثر هذه الآداب الأربعين عبارة عن أمثلة ومصاديق يذكرها الشهيد الثاني.

الثالث والثلاثون هنا إذا الأستاذ قال للطالب: افهمت، هنا الطالب إذا فهم مئة في المئة، يقول: نعم، أما إذا لم يفهم أو يحتمل أنه غير فاهم ينبغي أن يقول للأستاذ: لم افهم أو يقول له: وضح لي أكثر.

هنا في إقراره فائدة عاجلة وفائدة آجله الفائدة العاجلة أن يسلم من الكذب لأنه لو لم يفهم وقال نعم أو يجهز راسه أنه فهم وهو مو فاهم هذا يلزم منه الكذب.

بعد يلزم منه خيانة الأستاذ الأستاذ يعتقد بورع الطالب وحرصه على التعليم وجده واجتهاده، ففي قوله: نعم فهمت خيانة لثقة الأستاذ.

هذا بالنسبة إلى الفائدة العاجلة.

وهناك فائدة آجلة وهو أن يكون قد فهم الدرس وفهم الفكرة.

نقرأ:

«الثالث والثلاثون: إذا قال له الشيخ: افهمت؟ فلا يقول: نعم، قبل أن يتضح له المقصود اتضاحاً جلياً واضحاً لأن لا يكذب ويفوته الفهم، ولا يستحي من قوله: لم افهم لأن استثباته» الهمزة والسين والتاء تدل على الطلب استحمام يعني طلب الحمام، استثبات يعني طلب الثبات، يعني الطالب يطلب ثبات الفكرة في ذهنه، يقول: «لأن استثباته» يعني استثبات يعني طلب تثبت المتعلم «يحصل له» للمتعلم «مصالح عاجلة وآجلة، فمن العاجلة حفظ المسألة وسلامته الكذب والنفاق بإظهار فهم ما لم يكن فهمه، واعتقاد الشيخ اعتناؤه ورغبته» يعني اعتناء الطالب ورغبة الطالب «وكمال عقله وورعه وملكته لنفسه» يعني الشيخ الأستاذ يعتقد أن الطالب يملك نفسه وما تغلبه أهوائه، ويقول: نعم، أنا فهمت وهو لا يفهم حذراً من الحرج ومخافة أن يظهر أنه لا يفهم الأستاذ يعتقد الطالب يملك نفسه ولديه الجرأة على أن يقول: أنا لم افهم المسألة.

«ومن الآجلة: ثبوت الصواب في قلبه دائماً، واعتياده هذه الطريقة المرضية والأخلاق الرضية» بعد يعود نفسه أنه إذا شيء ما يفهمه يقول لم افهمه إلى أن يفهمه.

«قال الخليل بن أحمد العروضي ـ رحمه الله ـ» من هو الخليل بن أحمد العروضي؟ الخليل بن أحمد الفراهيدي أحد أعلام الشيعة وهو واضع العروض، العروض علم القافية الأبيات الشعرية هو الذي وضع لها القوافي، سمي بالعروضي لوضعه علم العروض.

«وهو واضع أول كتاب في اللغة العربية كتاب العين في اللغة العربية» ذهب إلى البراري وسمع من العرب في البادية وكتب كتاب العين.

«منزلة الجهل بين الحياء والأنفة».

سؤال ما المراد بالحياء؟

المراد هنا الخجل يعني الحياء في غير موضعه، يقال له: خجل، وأما الحياء في موضعه فيقال له: حياء.

سؤال ما المراد بالأنفة؟

عزة النفس يعني الطالب بين إفراط وبين تفريط، هذا الطالب إذا يخجل يستحي ما يسأل وما يتعلم أو إذا عنده عزة نفس وعنده تكبر بعد ما يسأل يخشى أن يسأل ويتضح أمام الطلبة أنه ما يفهم أو أنه جاهل.

«جاء في كتاب أدب الدنيا والدين صفحة ثمانية وخمسين قال الخليل بن أحمد: يرتع الجهل» يعني يستقر الجهل «بين الحياء والكبر على العلم والكبر في العلم» الذي يتكبر وتأخذه عزة النفس ما يتعلم وكذلك الذي يخجل ولا يسأل.

«الرابع والثلاثون أن يكون ذهنه حاضراً في جهة الأستاذ بحيث إذا أمره بشيء أو سأله عن شيء أو أشار إليه لم يحوجهه إلى إعادته ثانياً بل يبادر إليه مسرعاً ولم يعاوده فيه» بعد ما يضطر الأستاذ أن يعيد.

الخامس والثلاثون هذه الأمور أنا احاول أقراها نحاول نكمل اليوم الأربعين لذلك إذا منعلق كثير ما نخلص جيد.

إذا يناول الأستاذ شيء يناول الأستاذ بيده اليمنى، إذا يأخذ من الأستاذ شيء يأخذ بيده اليمنى، إذا يناول الأستاذ قلم يكون يجهز القلم يفتح القلم من المغطاة في ذلك الزمن كان له  سنان إذا السنان ملتصقان يفرج بينهما، إذا يناول الدوات المحبرة يجعلها مفتوحة، إذا يناول الأستاذ السكين ما يناول السكين والطرف الحاد في بطن الأستاذ وفي قلبه بل يناول السكين والطرف الحاد إلى جهة الطالب، ولا يمسك السكين من جهة الطرف الحاد بل يمسك السكين من طرف النصل بحيث الأستاذ يستطيع أن يمسك هذه السكين.

«الخامس والثلاثون إذا ناوله الشيخ شيئاً تناوله باليمنى، وإذا ناوله هو شيئا ناوله إياه باليمنى فإن كان ورقة يقرأها أو قصة مثلاً نشرها ثم دفعها إليه» ما يعطيه الورقة وهي مطوية أو عليها أتربة يعطيه الورقة وهي مفتوحة ومنشورة وصافية من دون غبار، والأستاذ إذا أعطاه ورقة ويأخذ الورقة ويكفسها ويكرفسها ويعفسها لا يحتفظ بها منشورة بكل أدب واحترام ثم بعد ذلك إذا خرج يمكن أن يطوي هذه الورقة.

لاحظ الأدب «فإن كان ورقة يقرأها أو قصة مثلا نشرها ثم دفعها إليه ولا يدفعها إليه مطوياً إلا إذا علم أو ظن إيثار الشيخ لذلك» مثلا هذه ورقة خاصة والشيخ يحبذ أن تكون مطوية لكي لا ينظر أحد إلى الخصوصيات فيها.

«وإذا أخذ من الشيخ ورقة بادر إلى أخذها منشورة» يعني مفتوحة «قبل أن يطويها أو يتربها» يعني التتريب أن يكون الغبار والتراب على الشيء، «ثم يطويها أو يتربها هو» بعد ذلك بعد أن يأخذها من الأستاذ يمكن أن يطويها وأن يتركها في مكان بحيث قد يصير عليها الغبار أو التراب، ولكن ما يجعلها في موضع يكون عليها التراب أمام وجه الأستاذ.

«وإذا ناول الشيخ كتاباً ناوله إياه» هذا هذا المقطع يذكرنا بدرس شيخنا الأستاذ سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ـ حفظه الله ـ درسنا عنده في المسجد الأعظم على يمينه يوجد أحد الطلبة إذا قال: هذه المسألة فيها خمس روايات رأساً يقف هذا الطالب ويفتح كتاب الوسائل على الصفحة ويضع اصبعه على أول رواية فلا يتعب الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.

البعض إذا يعطوا الأستاذ الكتاب يعطيه الكتاب مقلوباً أو يعطيه مغلقاً ينبغي أن يعطيه مفتوحا بحيث يقرأ وأن يشير إلى الموضع بحيث لا يتعب الأستاذ ولا يجعل الأستاذ بأي عناء كان طوال سنوات حضرنا عند الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ما يحمل كتاب الوسائل تلميذه الوفي يحمل كتاب الوسائل، ويحتفظ بمسافة مو يصير في حضن الشيخ وحضن الأستاذ يترك مسافة، ولا يضع يده على كتف الأستاذ أو على ثوب الأستاذ أو على يد الأستاذ وبدنه كله رعاية للاحترام.

قال: «وإذا ناول الشيخ كتاباً ناوله مهيئاً لفتحه والقراءة فيه من غير احتياج إلى إدارته» أن يدير الكتاب كما لو كان مقلوباً «فإن كان للنظر في موضع معين فليكن مفتوحاً كذلك ويعين له المكان» يعني مكان النظر موضع الرواية وموضع الشاهد.

«ولا يرمي إليه الشيء رامياً من كتابه من كتاب أو ورقة أو غيرهما» يقولون: جاء ابن سينا ورمى جوزة على ابن مسكويه، قال: قم واحسب أبعاد الجوزاء الطول في العرض والارتفاع، قال: والله إنك لاحوج إلى الأخلاق من معرفة أبعاد هذه الجوزة.

«ولا يمد يده إليه إذا كان بعيداً ولا يحوج الشيخ إلى مد يده أيضاً لأخذه منه وإعطاءه بل يقوم إليه قائماً ولا يزحف زحفاً» يعني الأستاذ جالس والتلميذ واقف.

«وإذا قام أو جلس بين يديه لشيء من ذلك فلا يقرب منه كل القرب ولا يضع رجله أو يده أو شيئاً من بدنه أو ثيابه على ثياب الشيخ أو وسادته ونحوهما كما تقدم».

كان أحد طلابنا يوم من الأيام زار أحد المراجع، التفت أن هذا المرجع متأذي ومتألم ولكن لا يتكلم فالتفت وإذا به قد وضع رجله على رجل ذلك الشيخ الكبير، ولكن هذا المرجع لأدبه لم يتكلم ولم يقل شيئاً.

«السادس والثلاثون إذا ناوله قلماً ليكتب به فليعده قبل إعطائه إياه للكتابة» يفتح القلم «ويتفقد أوصافه» هذا القلم يكتب أو ما يكتب «ويفرق بين سنيه إن كانتا ملتصقتين» هذا كان القلم الذي يكتب بالقصب فيه سنان بحيث يكتبون بالعرض وأحيانا بالطرف.

«قبل إعطائه إياه للكتابة.. يتفقد أوصافه ويفرق بين سنيه إن كانتا ملتصقتين وإن وضعا بين يديه دواة» محبرة فلتكن مفتوحة الأغطية مهيئة للكتابة منها «وإن ناوله سكيناً فلا يصوب إليه شفرتها» مكان الحاد «ولا نصابها ويده قابضة على الشفرة ولا نصابها» يعني فلا يصوب إليه شفرتها الطرف الحاد ولا النصاب ويده قابضة على الشفرة بل يكون عرضاً يعطيه السكين بالعرض «وإن كان ولا بعد يضع طرف الشفرة إلى طرفه وطرف النصل إلى طرف الأستاذ، بل يكون عرضاً وحد شفرتها إلى جهته قابضاً على طرف النصاب مما يلي الناس جاعلاً نصابها على يمين الآخر» دائما من باب التيمن يعني يعطي الأستاذ السكين من طرف يمين الأستاذ لا من طرف يسار الأستاذ.

«السابع والثلاثون إذا ناوله سجادة ليصلي عليها نشرها أولاً والأولى منه أن يفرشها هو عند قصد ذلك» يعني التلميذ يفرش السجادة لأستاذه بطرف القبلة.

«قال بعض العلماء: وإذا فرشها وكان فيها صورة تحرى به القبلة إن أمكن، وإن كانت مثنية» يعني هي غير مفروشة مثنية «جعل طرفيها إلى يسار المصلي» لماذا يجعلها إلى يسار المصلي؟ لكي يتيمن هذا المصلي يتيمن يعني لكي يمسكها بيده اليمين ويفرشها.

«ولا يجلس في حضرة الشيخ على سجادة» هذا في زمن الأول الاعيان والأكابر إليه سجادة الناس العاديين ليس لهم سجادة إذا كذلك لا ينبغي هذا الطالب أن يصلي على سجادة.

الآن مثلاً في المساجد المصليات مثلاً إمام المسجد يصلي على سجادة المأمومين يصلون على فرش عادي هنا هذا الطالب لا يميز نفسه على أستاذه إلا إذا كان الكل يصلي على سجادة.

قال: «ولا يجلس بحضرة الشيخ على سجادة ولا يصلي عليها إذا كان المكان طاهراً إلا إذا اضطردت العادة باستصحابها واستعمالها» هذه عادة مطردة عاد متعارف عليها الكل يلبس عباية والكل يصلي على سجادة هنا لا بأس.

«بحيث لا يكون شعاراً على الأكابر والمترفعين» يعني لا يكون الجلوس على سجادة شعار للأكابر والمترفعين كما يتفق ذلك في بعض البلاد.

«الثامن والثلاثون إذا قام الشيخ بادر القوم إلى أخذ السجادة إن كانت مما تنقل له وإلى الأخذ بيده أو عضده إن احتاج إليه» قد يكون الشيخ كبير في السن بعد تحمله «وإلى تقديم نعله إن لم يشق ذلك على الشيخ ويقصد بذلك كله التقرب إلى الله تعالى بخدمته والقيام بحاجته.

وقد قيل أربعة لا يأنف الشريف منهن: وإن كان أميراً، قيامه من مجلسه لأبيه، وخدمته للعالم الذي يتعلم منه، والسؤال عما لا يعلم، وخدمته للضيف.

«التاسع والثلاثون أن يقوم لقيام الشيخ ولا يجلس وهو قائم ولا يضجع» ينام وهو يعني الشيخ قائم أو قاعد «بل لا يضجع بحضرته مطلقاً» ما ينبطح وينام أمام الشيخ أبداً سواء كان الشيخ منبطح قائم قاعد «إلا أن يكون في وقت نوم ويأذن له والأجود حينئذ أن لا ينام حتى ينام الشيخ إلا أن يأمره بالنوم فيطيعه».

«الأربعون والأخير إذا مشى مع شيخه» يا أخي أنت تصير فدائي للشيخ إذا هذا الطريق فيه مزالق فيه حفر فيه بركة فيه وحل أنت تتقدم، إذا الطريق سالك وفيه إنارة أنت تتأخر، إذا تمشي تمشي على يمين الشيخ إذا مشى اثنان مع الشيخ وحصراه يعني واحد على يمينه وواحد على يساره، عباس باليمنه وأبو سكنه بالشمال في هذه الكبير يكون على اليمين والصغير يكون على اليسار، وإن لم يحصراه يعني في جهة واحدة إما على يمينه أو على يساره الأفضل يتقدم الكبير ويتأخر عنه الصغير.

«التاسع والثلاثون أن يقوم لقيام الشيخ.. الأربعون إذا مشى مع الشيخ فليكن أمامه بالليل ووراءه بالنهار» لأن الليل ظلام وبالنهار يوجد ضياء «إلا أن يقتضي الحال خلاف ذلك لزحمة أو غيرها، فبالتالي دائماً يكون أمامه لكي يدفع عنه الزحام أو يأمره الشيخ بحالة فيمتثلها» الشيخ يقول له امشي أمامي فهنا يقولون الامتثال خير من الأدب «ويتعين أن يتقدم عليه في المواطئ المجهولة» يعني مواطئ جمع موطئ وهو ما يوطأ يعني المكان الذي يطأه بقدمه وهو مجهول قد يكون فيه وحل قد يكون فيه حفرة.

«يتعين أن يتقدم المتعلم على المعلم في المجهولة الحال لوحل أو حوض مثلاً والمواطئ الخطرة ويحترز من ترشيش ثياب الشيخ» يعني مو يمشي قدامه ويتطفر الماي ويرش الشيخ رشاً، «وإذا كان في زحمة صانه عنها بيديه إما من قدامه أو من ورائه وإذا مشى أمامه التفت إليه بعد كل قليل، فإن كان وحده والشيخ حالة المشي وهما في ظل فليكن عن يمين الشيخ كالمأموم مع الإمام، ويخلي له الجانب اليسار لعله يبصق أو يتمخض.

وقيل: عن يساره» يمشي عن يسار «متقدماً عليه قليلاً ملتفتاً إليه يراعى شيخ كل ما يمشي قليل يلتفت إلى الشيخ ويعلم الشيخ بمن قرب منه أو قصده من الأعيان إن لم يعلم الشيخ به» يعني يقول هذا فلان الشيخ فلان ابن فلان.

هذه الآداب أكثر شيء خصوصاً مع الشيخ الكبير في السن بحاجة إلى مثل هذه الآداب.

«ولا يمشي إلى جانبه إلا لحاجة أو إشارة منه» دائماً يمشي خلفه مثل مشي الولد مع والده «ويحترز من مزاحمته بكتفه أو بركابه إن كانا راكبين» يعني يمشي ويضرب في كتفه أو الحصان ماله يضرب في حصانه يضرب في ركابه.

بعد «وملاصقة ثيابه ويؤثره بجهة الظل في الصيف وبجهة الشمس في الشتاء، وبجهة الجدار في الرصافات ونحوها» ما هو المراد بالرصافات؟ لسان العرب لابن منظور الجزء التاسع صفحة مئة وعشرين مادة رصف، الرصف حجارة مرصوف بعضها إلى بعض، إلى أن يقول: الرصفة بالتحريك واحدة الرصف وهي الحجارة التي يرصف بعضها إلى بعض في مسيل فيجتمع فيها ماء المطر، يعني أشبه بالسور الذي أعد لتجمع ماء المطر، في هذه حالة إذا مشى مع الأستاذ قرب هذه الرصافة، فماذا يعمل؟

في هذه الحالة يخلي الأستاذ جهة الجدار حتى لا يقع في مستنقع المطر لأن هذا السور وهذا الجدار يحول بين وقوع الأستاذ في مجمع الأمطار «ونحوها وبالجهة التي لا تقرع الشمس فيها وجهه إذا التفت إليه» يعني إذا التفت إلى الطالب والحال أنه مثلاً نفترض الشمس على يسار الأستاذ هو يجي يمشي إلى اليسار فالأستاذ من يطالع ويتجه بوجهه إلى التلميذ تكون الشمس في وجهه فحينئذ لابد هذا الطالب يأتي إلى يمين الأستاذ.

جيد إذا الأستاذ يمشي يا واحد ويتحدثون يتناقشون يسولفون ما يمشي بينهم ويبتعد عنهم حتى ما يسمع قال: «ولا يمشي بينه وبين من يحدثه ويتأخر عنهما إذا تحدثا أو يتقدم ولا يقرب ولا يستمع ولا يلتفت فإن ادخلاه في الحديث فليأت من جانب آخر ولا يشق بينهما.

وإذا مشى مع الشيخ اثنان فاكتنفاه» ما المراد اكتنفاه؟ يعني حصراه واحد على اليمين وواحد على اليسار فالأولى أن يكون أكبرهما عن يمينه ويكون الأصغر عن يساره «وإن لم يكتنفا» ما حصروه مشو إما على يمينه أو على يساره تقدم أكبرهما وتأخر الأصغر.

«وإذا صادف الشيخ في طريقه بدأه بالسلام» هو يبدأ التلميذ يبدأ الأستاذ بالسلام «ويقصده إن كان بعيداً» ولا ينادي من بعيد يناديه أستاذ كأنه في السوق «ولا يسلم عليه من بعيد ولا يسلم عليه من ورائه بل يقرب منه ثم يسلم ولا يشير ابتداء بالأخذ في طريق حتى يستشيره» هو يمشي الأستاذ يقول للأستاذ يلا نمشي منه يلا نذهب إلى هنا كأنما هو القائد والأستاذ مقود لا بد يستشير الأستاذ.

«ولا يشير ابتداء بالأخذ في طريق حتى يستشيره» يستشير المعلم «ويبادر» المتعلم «فيما يستشيره يستشير المعلم فيه مطلقاً بالرد إلى رأيه» يعني بمجرد أن الأستاذ يقول نذهب إلى هذا المكان يذهب إلا إذا كان الأستاذ جاهل بالطريق فهنا بأسلوب حسن يبين أن هذا الطريق لا يوصل وهذه الجادة لا توصل.

«إلا أن يلزمه بإظهار ما عنده» يعني إذا الأستاذ قال له أي الطرق أفضل؟ أظهر ما عندك، في هذه الحالة يظهر هذا التلميذ «أو يكون ما رآه الشيخ خطأ فيظهر التلميذ ما عنده بتلطف وحسن آداب، كقوله: يظهر أن المصلحة في كذا، ولا يقول: الرأي عندي كذا» كأنما في مقابل الأستاذ «أو الصواب كذا أو نحو ذلك» إذا الصواب كذا يعني الخطأ عند الأستاذ.

يعلق في الختام الشهيد الثاني يقول:

«واعلم أن هذه الآداب» هذه آداب ومصاديق كثيرة «مما دل النص على جملة منها» يعني بعض النصوص نصت على هذه الآداب «بل على أشرفها وأهمها» مثل ماذا؟ أن لا تقول أمامه، قال: فلان، وقال: فلان.

والباقي من المصاديق والـمثلة التي ذكرها الشيخ مثل يتمخط إلى آخره يقول: «مما يستنبط منه من النص بإحدى الطرق التي تبني عليها الأحكام التي أحدها مراعاة العادة المحكمة في مثل ذلك والله الموفق» هذا تمام الكلام في القسم الثاني آداب المتعلم مع شيخه المعلم أربعون أدباً.

القسم الثالث آداب المتعلم مع المعلم في درسه وقراءته وما يعتمده مع شيخه ورفقته، أمور مهمة جداً، يأتي عليها الكلام وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

00:00

01

2024
| فبراير
جلسات أخرى من هذه الدورة 41 الجلسة

01

فبراير | 2024
  • الكتاب: مُنية المريد في آداب المفيد والمستفيد
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
41 الجلسة