منية المريد
شیخ الدقاق

37 - الخامس أن يذاكر محفوظاته ويديم الفكر فيها

منية المريد

  • الكتاب: مُنية المريد في آداب المفيد والمستفيد
  • الجزء

    -

  • الصفحة  

    -

01

2024 | فبراير

25 جمادى الآخر 1445
8 يناير 2024

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا وقائدًا وناصرًا ودليًلا وعينًا حتى تسكنه أرضك طوعًا وتمتعه فيها طويلًا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الخامس أن يذاكر محفوظاته ويديم الفكر فيها

الخامس من آداب المتعلم أن يذاكر محفوظاته ويديم الفكر فيه

العلم حرفٌ وتكراره ألفٌ، العلم وحشي إن ترك يمشي، العلم فرار فاستعينوا عليها بالمدارسة، ويقولون: التكرار يعلم الشطار.

إذاً العلم لا بدّ من دوام مدارسته، فلا تكفي بمجرد الفهم ومجرد الحفظ فإنك إن لم تدم دراسة وتكرار ما حفظته فإنه سيفر، لذلك عليك بالكتابة فإنه ما حفظ فر وما كتب قر.

«الخامس بعد أن يرتب الأهم فالأهم في الحفظ والتصحيح والمطالعة ويتقنها فليذاكر بمحفوظاته ويديم الفكر فيها، ويعتني بما يحصل فيها من الفوائد» يعني الفوائد التي تنتج ينبغي أن يعتني بها ويلتفت إليها، جيد الطالب أن يجعل له دفتر للفوائد، يسميه "الفوائد والفرائد" يعني كل نكته علميه، أنا لاحظت بعضهم دائماً في جيبه ورقه وقلم إذا ذهب إلى أي مجلس منبر حسيني، محاضرة، درس، واستفاد فائدة دون هذه الفائدة.

أتذكر درست المنطق المظفر قبل 25 سنة أو أكثر عدة دورات في إحدى الدورات لما انتهيت من كتاب المنطق المظفر فقال أحد السادة من القطيف، قال: الحمد لله شيخنا اكتمل الفهرست.

قلت: وما الفهرست؟

قال: فهرست الكشكول.

قالت: وما الكشكول؟

قال: شيخنا أنت في درس المنطق دائماً تذكر قصص وأنا كنت أدونها على حواشي الكتاب، اليوم خلصنا المنطق المظفر وخلصنا كتاب آخر كشكول القصص التي ذكرتها في المنطق المظفر.

قلت: جيد، أنا ما أحفظ هذه القصص الآن كلها مدونة عندك.

بعد يا أخي يا أخي اسمع يا أخي هناك عدة طرق للقراءة والمطالعة، واحدة من هذه الطرق طريقة الشهيد مرتضى مطهري طريقة القلم والورقة، الشهيد مرتضى مطهري إذا يقرأ كتاب يقرأ الكتاب بعقلية الناقد والمحاكم للكتاب، أي كتاب يقرأه يعلق عليه في الحواشي والأطراف، ينقد الفكرة، يحاكم الفكرة، وفي نهاية الكتاب يكتب فهرس التعليقات.

فإذا أراد أن يلقي محاضرة أو ندوة لا يحتاج أن يذهب ويطالع أفكار المفكر الفلاني والفيلسوف الفلاني، لأنه منذ زمن بعيد قد قرأ أفكار المفكر الفلاني والفيلسوف الفلاني وناقشه، فقط يرجع إلى الفهرس ويراجع الموطن الذي يحتاجه ويعطي محاضرة.

لذلك أنت تتعجب أن في محاضرة الشهيد مطهري ربما طرح عشرين رأياً أو أراء لعدة مفكرين وناقشها، ما هو الوقت الذي يستوعبه في المطالعة؟ هذا كله في البرمجة، كلما يكون الطالب منظم ومبرمج فإنه سيعصر الوقت ويستفيد إن شاء الله من الفواصل الموجودة في الوقت.

يوم من الأيام جاء المرجع الكبير سماحة آية الله العظمى المرجع الأعلى السيد حسين البروجردي ـ أعلى الله في الخلد مقامه ـ إلى مجلس الدرس، هو باني المسجد الأعظم في قم، أستاذ الإمام الخميني وكثير من المراجع كالسيد الگلپايگاني وغيرهما، جاء متأخراً إلى الدرس، فاعترض بعض الطلبة، قال: سيدنا! لماذا تأتي متأخراً يضيع وقتنا.

فقال له: لما لا تحفظ القرآن في هذا الوقت؟! قال: أنا حينما كنت شاباً استطيع أن أتي على رأس الوقت، ولكن لما ابتليت بأعباء المرجعية أحياناً أتأخر، وحينما كنت شاباً وكنت أدرس، كان أستاذنا قد ابتلى بأعباء المرجعية وكان يتأخر في المجيء علينا، وكنت اجلس واحفظ القرآن فاستطعت أن احفظ القرآن بأكمله في هذا الوقت الضائع الذي كنت أقضيه في انتظار الأستاذ.

الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، البدار البدار ذاك يبيع الثلج ويقول: ثلج ثلج ثلج ويصرخ، فقال له أحدهم: لم تصرخ؟! فقال: أخشى أن تخرج الشمس وتذيب الثلج ويذهب رأس مالي.

البدار البدار الوقت الوقت إذا ظهرت الشمس وغربت ذهب رأس مال عمرك فانتهز الفرصة باستثمار هذا العمر الثمين.

«بل يذاكر بمحفظوظاته» أي يذاكر في محفوظاته «ويديم الذكر فيها» يعني يديم التفكير فيها.

كان الشهيد الصدر كما يقول الشيخ محمد رضا النعماني في كتابه "الشهيد الصدر سنوات المحنة وأيام الحصار" كان يشتغل في التحصيل العلمي عشرين ساعة من يومه بين تدريس وقراءة ومباحثة وتفكير وكان أكثر وقته يستغرقه في التفكير، والتفكير في المسألة العلمية مهم جداً، تعرف كيف أن التفكير مهم؟

يقال: إن شخصاً من الأشخاص وضع في قبضة يده شيئاً، وقال: ما هذا الشيء الذي في يدي؟ يوجد شيء أصفر أو برتقالي في يدي، فما هو؟

فقال: المسؤول إنها طاحونة وفيها جزرة، فقال: لو فكرة قليلاً لاستوعبت أن هذه القبضة لا تسع الجزرة ولا تسع الطاحونة.

التفكير مهم جداً في معرفة الجواب.

«ويعتني بما يحصل فيها من الفوائد، ويذاكر فيها بعض حاضري حلقة شيخه، كما سيأتي تفصيله» هذا تمام الكلام في الأمر الخامس.

نرجع إلى الأمر الأول، أسألكم سؤال في المتن، نسألكم هذا السؤال إن شاء الله تجاوبون، كان في الأمر الأول «بل يتعهد دراسته وملازمة ورد منه» من الدرس «كل يوم ثم أيام ثم جمعةٍ دائماً أبداً» سؤال: ما المراد بالجمعة؟ في الدرس السابق قرأناها ثم جمعه دائماً أبداً وقلنا أنه يجمع هذه العلوم، الصحيح في القراءة ثم جمعةٍ دائماً أبداً، ما المراد بالجمعة؟

كل أسبوع، ليس المراد بالجمعة يوم الجمعة، المراد أسبوع، يعني هل تذاكر كل جمعة؟ هل تزور الحسين كل جمعة؟ يعني كل أسبوع.

فهنا يشير الشهيد الثاني أنه أنت تتعود تذاكر يومياً، ثم كل يوم، ثم كل أسبوع.

«السادس أن يقسم أوقات ليله ونهاره على ما يحصله» يا أخي هناك ورد في العبادة وهناك ورد في التعليم.

يقول سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت في حقّ أستاذه المحقق الكبير آية الله العظمى الشيخ محمد حسين الأصفهاني الكمپاني، قال: لو نظرنا إلى برنامجه اليومي وعبادته لقلنا لا شغل له من طلوع الشمس إلى آخر الليل إلا العبادة، ولو نظرنا إلى برنامجه العلمي اليومي لقلنا لا شغل له من أول الفجر إلى آخر الليل سوى التعليم والدرس.

يعني كان المحقق الأصفهاني ـ رحمه الله ـ مقسم أوقات يومه بين التعليم والعبادة، يعني العبادة يحتاج إلى ورد والتعليم أيضاً يحتاج إلى ورد.

في يوم من الأيام دخل رسول الله أبو القاسم محمد إلى المسجد فرأى حلقتين حلقة تتبعد وتتهجد، وحلقة تتعلم، فقال: كلاهما إلى خير، ثم قال: بالتعليم بعثت فذهب وجلسة في حلقة التعليم.

أنت لا بدّ تنظم وقتك تسوي لك وقت، هذا الوقت للتدريس، هذا الوقت لدرس، هذا الوقت للمباحثة، هذا الوقت للقراءة والمطالعة، تنظم وقتك.

مثلاً: من الساعة 7 الصبح إلى الساعة 12 الظهر هذا تدرس فيه، تصلي تتغدى تستريح قليلاً جاء وقت المباحثة وقراءة الدروس التي درستها يعني مراجعة ما درسته، من الغروب إلى الليل في الليل هذا وقت المذاكرة ومراجعة الدروس الجديدة، كلما تنظم وقتك ستنتج أكثر، في كل شيء.

الإمام القائد الخامنئي منظم جداً عنده كل يوم في هذه الساعة لقاء مع فلان وفي تلك الساعة لقاء مع فلان، في يوم من الأيام صلى جماعة، بعد صلاة الظهر جاءه أحد المستشارين العسكريين، قال سيدنا: كذا، قال: اليوم ليس يومك أنت موعدنا معك في اليوم الفلاني الساعة الفلانية، إذا شيء ضروري نعم، إذا غير ضروري نرجئه لوقته.

السيد الإمام الخميني كان يدرس في مسجد سلماسي قرب الحرم الشريف، دقيق جداً، يدرس الساعة 3 الظهر، إذا يفتح الباب الطلبة يعدلون ساعاتهم وفقاً لفتح الباب، يعني يفتح الباب الساعة 3 بالضبط لا يتقدم دقيقه ولا يتأخر دقيقه، منظم جداً على عقارب الساعة.

الطالب ينبغي أن يكون ورده الدراسي هكذا.

«السادس أن يقسم أوقات ليله ونهاره على ما يحصله فإن الأوراد توجب الازدياد ويغتنم ما بقي من عمره فإن بقية العمر لا قيمة لها، وأجود الأوقات للحفظ الأسحار» الأسحار السحر ساعة أو ساعتين قبل صلاة الصبح.

«وللبحث الأبكار» يعني التبكير أول اليوم يعني بعد صلاة الفجر، هذه أبكار اليوم.

«وللكتابة وسط النهار» يعني قبيل أذان الظهر وبعيد أذان الظهر.

«وللمطالعة والمذاكرة الليل وأواسط النهار» هذه أفضل الأوقات.

«ومما قالوه» والقائل الخطيب البغدادي في تذكرة السامع صفحة ثلاثة وسبعين، «ودلت عليه التجربة أن حفظ الليل أنفع من حفظ النهار» إذا تريد تحفظ مثلاً تريد تحفظ القرآن، تريد تحفظ أبيات، تريد تحفظ معادلة رياضية كررها كثيراً عشر مرات عشرين مرة ثم عن ظهر قلب، ثم نم، طبعاً هذه النومة تصير كلها رياضيات أو كيمياء أو أحياء أو فقه أو أصول أو حفظ قرآن، إذا استيقظت في الصباح حاول أن تعيد ما حفظته في الليل عن ظهر قلب، سترسخ المحفوظات في قلبك إن شاء الله تعالى.

«إن حفظ الليل أنفع من حفظ النهار ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع» البطنة تذهب الفطنة، والمكان يا أخي أنت تريد تحفظ تريد تدرس تروح مكان شلالات وأمطار ورياح وأماكن خضراء تشغلك هذه، وضوضاء وازدحام، أنت تحتاج إلى مكان هادئ حتى هذا المكان الهادئ لازم يكون خالي، في غرفة فيها مزهرية وفيها ألوان هذا يشغلك، كل ما تقلل الشواغل ينشد انتباهك إلى الكتاب.

ومن خواطر العذوبية قبل ثلاثين سنة كانت قم أيام البرد تنقطع عنها الكهرباء كثيراً مثل ما الآن في سوريا والعراق ولبنان، فإذا جاء البرد خصوصاً البرد والرياح تنقطع الكهرباء، ففي ذلك اليوم وفي إحدى الليالي انقطعت الكهرباء عنا في المجمع العلمي البحراني والمكان مظلم، دخلت على زميلي وقد فتح كتاب مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام وكان مخطوطاً، ومخطوط على شكل مزهرية ومثلث ومربع ومستطيل ومتفرع الكتاب هكذا، ووضع شمعة وهو ينظر في الكتاب هكذا كعلماء السلف الصالح.

قلت: يا فلان! ماذا تصنع؟

قال: دقاق الآن أنا فهمت كيف علماء السلف أصبحوا علماء.

قلت: كيف؟

قال: كل المكان مظلم والشمعة تضيء للكتاب فأنا لا أتوجه إلى أي شيء إلا للكتاب، ولكن في هذا الزمن أصبح الذهن مشتتاً التلفاز والمذياع وفي هذا الزمن الموبايل وفي ذلك الوقت لم يكن هناك موبايل.

فكلما يتشتت الذهن يتشتت الذهن والخاطر.

«والمكان البعيد عن الملهيات كالأصوات والخضرة والنبات والأنهار الجاريات، وقوارع الطرق التي تكثر فيها الحركات» قوارع جمع قارعة قارعة الطريق «لأنها تمنع من خلو القلب وتقسمهم على حسب تلك الحالات» تقسم القلب وفق تلك الحالات.

«السابع أن يبكر في درسه، في الخبر «بورك لأمتي في بكورها» يعني بكور الأيام» الله يصف النبي، شهر رمضان وهو يعد لغزوة بدر الكبار، قال: (وإذ غدوت من أهلك تبوء للمؤمنين مقاعد للقتال) يعني النبي قبل أذان الفجر كان يخرج ويحدد للمؤمنين أماكن قتالهم ومقاعد قتالهم، نشاط، لذلك التبكير للدرس، مو ينام الصبح يسهر الليل وينام الصبح، أفضل الأوقات الأسحار وأول الفجر.

«ومن الخبر: «أغدوا في طلب العلم»» من الغدر «فإني سألت ربي أن يبارك لأمتي في بكورها»، ويجعل ابتداءه يوم الخميس» يبدأ بالدرس يوم الخميس «عن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : «إذا أراد أحدكم حاجة فليبكر فيها يوم الخميس فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: اللهم بارك لأمتي في بكرتها يوم الخميس» وفي رواية: يوم السبت أو الخميس، وفي خبر عنه ـ صلى الله عليه وآله ـ : «اطلبوا العلم يوم الاثنين فإنه ييسر لطالبه وفي نسخة: يتيسر لطالبه»» بعض الروايات العامية أن النبي ولد يوم الاثنين ولذلك يبارك في يوم الاثنين، طبعاً يوم الاثنين عندنا مكروه السفر، لماذا؟ لأنه قتل فيه الحسين ومات فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ .

«وروي في يوم الأربعاء خبر: «ما من شيء بدء يوم الأربعاء إلا وقد تم»» ولكن لا يوجد في المصادر هذا الخبر، «وربما اختار بعض العلماء الابتداء يوم الأحد ولم نقف على قائل به» يعني مصدره.

الآن المتعارف في الحوزات العلمية يبدؤون يوم الأحد أو الأربعاء هذا هو المتداول والمتعارف.

«الثامن أن يبكر في استماع الدرس ولا يهمل الاشتغال به وعلومه» سماع الحديث، أول شيء ركز على القرآن الكريم، الأمر الثامن يركز على دراسة السنة المطهرة حديث رسول الله والأئمة الأطهار عليهم السلام.

«الثامن أن يبكر باستماع الحديث» يعني مو يدرس عشر سنوات عشرين سنة ويهمل دراسة علم الحديث، للآسف الآن هناك إهمال لدراسة فقه الحديث ودراسة رجال الحديث، ودراسة دراية الحديث، في الخبر «رواية تدريها خير من ألف رواية ترويها» سؤال: ما المراد برواية تدريها؟

ليس المراد علم الدراية التي تقسم به الأحاديث وغيرها، تقسم فيه الأحاديث إلى موثقة وحسن وضعيف، الصحيح ما كان جميع رجال سنده عدولاً إماميه، الموثق ما كان فيه واسطة على الأقل ثقة إلا أنه ليس بإمامي، الحسن ما كان فيه واسطة على الأقل إمامي لكنه لم يوثق لكنه مدح قال هذه الرواية حسنة، والضعيف ما كانت إحدى حلقاته أو إحدى الوسائط في سلسلة السند لم توثق ولم تمدح.

هذا التقسيم الرباعي للحديث، كان القدماء يقسمون الحديث إلى قسمين: صحيح وضعيف، الصحيح ما اعتضد بقرائن تفيد الوثوق والاطمئنان بصدوره، والضعيف ما لم يعتضد بقرائن تفيد الاطمئنان بوثوقه وصدوره، هذا يدرس في علم الدراية.

هنا رواية تدريها يعني تفهمها، كما يقول رسول الله: «ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» يعني أنت تحفظها ما تفهمها تروح لواحد يفهمها.

خذوا هذه الخاطرة:

جاء أحد حفاظ يحفظ مئة ألف حديث إلى فقيه من كبار الفقهاء، قال له: مولانا أنت تحفظ كم حديث حتى تصير فقيه؟ قال: لا أتذكر ولكن احفظ أحاديث معدودة بعدد الأصابع.

قال: عجيب أنا احفظ مئة ألف حديث ما أصير فقيه، وأنت لا تحفظ إلا أحاديث بعدد الأصابع وتصبح فقيهاً؟!

قال: نعم، قال: اتني بحديث من مئة ألف حديث التي تحفظها.

قال: عن فلان، عن فلان، عن فلان، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : كذا وكذا وكذا.

الفقيه يشرع في التفريع، يقع الكلام في مقامين: المقام الأول البحث السندي، المقام الثاني البحث الدلالي، أما البحث السندي فأول واسطة فلان وثقة النجاشي ضعفه الشيخ الطوسي في الفهرست، الواسطة الثاني فلان، وأخذ في البحث السندي وهذا حافظ الحديث ينظر بعينين مفتحتين تكشف عن تعجبه وينظر إلى الفقيه.

يقول هذا تمام الكلام في البحث السندي، بناءً على هذا المبنى تكون الرواية صحيحة، وبناءً على هذا المبنى تكون الرواية موثقة، وبناءً على هذا المبنى تكون الرواية حسنة وبناءً على هذا المبنى تكون الرواية ضعيفة، والصحيح عندنا أن الرواية كذا هذا تمام الكلام في البحث السندي.

يقع الكلام في المقام الثاني البحث الدلالة، وردت لفظت كذا، إن استظهرنا منها كذا كانت النتيجة كذا، وإن استظهرنا منها كذا كانت النتيجة كذا، وجلس ساعة يتكلم الفقيه.

تعجب الحافظ من الفقيه، فالتفت إليه الفقيه، فقال: يا فلان! إذا وجدنا فقيه يجمع بيني وبينك يصير خوش فقيه هم حافظ وهم فاهم، «رواية تدريها خير من ألف رواية ترويها».

«الثامن أن يبكر بسماع الحديث ولا يهمل الاشتغال به» والحديث «وبعلومه» علوم الحديث: رجال، دراية، فقه الحديث «والنظر في إسناده» إسناد الحديث، يعني سلسلة الرواة الواردين في سند الحديث «ورجاله» يعني رجال الإسناد، «ومعانيه» معاني الحديث يعني متن الحديث ومعناه ودلالته «وأحكامه» أحكام الحديث «وفوائده ولغته وتواريخه» تاريخ الحديث «وصحيحه وحسنه وضعيفه» بينا معنى الحديث الصحيح والحسن والضعيف.

«ومسنده ومرسله» الحديث المسند الذي جميع الوسائط مذكورة، الحديث المرسل الذي سقطت فيه بعض الوسائط مأخوذ من إرسال الدابة، الدابة إما معقودة أي مربوطة، وإما مرسلة إذا فلتت ذلك الحبل، الحديث أيضاً مقيد أي مقيد بالسند، فالحديث المسند مقيد، إذا بعض الحلقات الواردة في السند محذوفة يقال له: حديث مرسل.

«وسائر أنواعه، فإنه» علم الحديث «أحد جناحي العالم بالشرعية والمبين للأحكام» والجناح الآخر هو القرآن الكريم.

«ولا يقنع من الحديث بمجرد السمع بل يعتني بالدراية أكثر من الرواية» أي فهم الحديث «فإنه» دراية الحديث «المقصود من نقل الحديث وتبليغه» ليس المقصود مجرد الحديث، المقصود فهم الحديث.

«التاسع أن يعتني برواية كتبه» يا أخي يا أخي أنت الآن درست عند أستاذ وأعطاك إجازة في الرواية، وأجزت له أن يروي عني ما صحت لي روايته من الكتب الأربعة: الكافي لثقة الإسلام الكليني، والتهذيب والاستبصار لشيخ الطوسي، ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق.

يا أخي أنت بعد لما بعدين تدرس اعمل إجازة رواية لتلامذتك.

الآن إذا أنتم تقرؤون كتاب الأربعون حديثاً للسيد الإمام الخميني عنده سند الإمام الخميني يروي حديث الجهاد الأكبر أن النبي بعث بسرية فلما بعث قال: قال مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قالوا: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس.

السيد الإمام الخميني عنده سند منه عبر الشيخ عباس القمي صاحب مفاتيح الجنان يصل إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ أنت أيضاً اهتم بعلم الحديث ودرس الحديث وخذ رواية من أساتذة الحديث ثم فيما بعد أنت أعطي تلامذتك إجازة في الحديث حتى يتبرك اسمك يصير واسطة ضمن سلسلة السند وإلى رسول الله والأئمة ـ عليهم السلام ـ .

هذا الآن مندثر ما موجود لا بدّ من إحياء هذه السنة دراسة الحديث وإجازات الحديث.

«التاسع أن يعتني برواية كتبه التي قرأها أو طالعها سيما محفوظاته فإن الأسانيد أنساب الكتب» أنت كيف تستطيع تنسب كتاب؟ كيف تستطيع تثبت أن المفيد كتب كتاب الإرشاد؟ من خلال سلسلة السند التي توثق فعلاً أن الشيخ المفيد كتب كتاب الإرشاد.

«وأن يحرص على كلمة يسمعها من شيخه أو شعر ينشده أو ينشأه» ينشد يعني للغير ينشأ يعني الشاعر الأستاذ شاعر «أو مؤلف يؤلفه، ويجتهد على رواية الأمور المهمة» يصير عنده رواية، يروي عن أستاذه أشعار، جيد يكون عنده ورقة وقلم أو دفتر أي شيء يسمعه من أستاذه يدونه.

«ومعرفة من أخذ شيخه عنه» يعني الشيخ أستاذه أخذ هذه الحادثة هذه القصة هذا الشعر هذه الرواية أخذها من من من أساتذته؟ «وإسناده» إسناد الأستاذ ونحو ذلك.

العاشر يأتي عليه الكلام، وصلى الله على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.

00:00

01

2024
| فبراير
جلسات أخرى من هذه الدورة 41 الجلسة

01

فبراير | 2024
  • الكتاب: مُنية المريد في آداب المفيد والمستفيد
  • الجزء

    -

  • -

    الصفحة
جلسات أخرى من هذه الدورة
41 الجلسة